زاوية حدية:
عندما نشرت الدكتورة عابدة منشورا عن استنكارها لعادة تكنية النساء بدل مناداة المرأة باسمها، في بعض البلدان العربية، بسبب الخجل باسم المرأة والاحتكام إلى العادات البالية والتقاليد، تهجم عليها الوسط الدعوي بشراسة وكأنها نطقت بالكفر بالبواح، واتهموها بالنسوية، ونشروا مقالتها تلك على أوسع نطاق، مع أن المسألة لا تستدعي كل ذلك اللغط، والجدال. فمسألة إخفاء اسم المرأة وتكنيتها بدلا من ذكر اسمها، عادة منتشرة بعدة بلدان عربية كالأردن، والسعودية والخليج، (في الجزائر لا نشكو من هذا والحمد لله، لكن هناك اتجاه نحو هذا الأمر) لاعتقاد الناس أنه من الغيرة والشهامة والدين.
والمعيار الذي اتبعته الدكتورة في المقارنة هو معيار السلف والصحابيات -رضوان الله عليهن- فلو أن تكنية النساء كانت الأصل في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم لما وصلتنا أسماء الصحابيات وأمهات المؤمنين( خديجة، عائشة، سمية ....).
فهل هاته المسألة تستدعي كل ذلك التجهم والاتهام؟ لا طبعا.
لكن عودة لمواقف الدكتورة عابدة مؤخرا نجدها صارت تطالب بإلغاء حق الطاعة للزوج، وكذا الاستئذان وقالت أن كل أحاديث الطاعة ضعيفة ومنكرة( وهي مصيبة جزئيا في هذا، ولعلي لا أخوض في الأمر فله أهله المتخصصين).
وقالت أن الزواج شراكة بين الزوجين ولا يجب أن يكون هناك رئيس ومرؤوس.
وأحد فيديوهاتها كان جل كلامها تضع الرجل كمعيار وتقارن بينه وبين المرأة(ليه هو بيحقلو، والمرأة ما بيحقلها؟)
لماذا تغير خطاب الدكتورة وجاوز الاعتدال إلى التفريط؟
هاهنا مشكلة كبيرة ومعقدة
لأن الوسط الدعوي صار يرفض المجددين، بالتهجم وإساءة الظنون والاتهام بالنسوية، والندية في الطرح، وكذا عدم اعترافهم بالحق وعدم انصافهم ورغبتهم ببقاء المرأة في الوضع التقليدي.
وأمام هذا الوضع، تزيد حدة الاحساس بالظلم وعدم الانصاف مما يؤدي إلى التطرف في الطرح إلى طرف النقيض
وللأسف الشديد جل الوسط الدعوي يرحم ويتعاطف ويبرر للمتشدد ويحسن الظن به ولا يحسن الظن بالطرف الآخر .
والغلو هو الذي سبب التمييع وهو الذي يسبب الإلحاد
الغلو أشد سوءا
وقد قال عليه الصلاة والسلام (هلك المتنطعون) ثلاثا
بسببهم ضاع الدين
((لا يلوم أحد أولئك الذين يدافعون عن الدين، حتى لو كانوا قد فهموا ما قيل بالمقلوب، فهناك دوما نية ناصعة البياض في قلوبهم، ستبرر لهم كل ما يفعلونه، حتى لو بلغ الشتم والإساءة والخوض في الأعراض)). اقتباس
التعسف في استخدام الحق الشرعي من قبل الرجال في تعاملهم مع المرأة(أما أو زوجة، أو اختا)
والتترس خلف الفقه، وفتاوى العلماء الذين يقفون معهم ضد المرأة دون فهم عقلية المجتمعات وظروفها وأحوالها هو ما يسبب موجة التمرد النسوي.
- الزواج المبكر أو زواج الصغيرات حلال مثلا، لكن يتم استخدام هذا الحق في مصر والأردن ودول عربية أخرى لبيع بناتهن بعجائز وشيوخ في السبعين وابنته لا تزال طفلة في عمر 13.
- الجزئية في حديث (وصلاتها في بيتها خير) يستعملها الرجال لمنع النساء من الصلاة في المسجد.
- التعدد حلال لكن يستخدمه رجال اليوم استخداما مشينا.
-وقضايا أخرى كثيرة.
لذا تجد النساء أنفسهن محاصرات بتعسف الرجل، ووقوف الفقه إلى جانبه عن طريق فتاوى العلماء، ولا تعرف كيف تأخذ حقوقها، ولا إلى من تشتكي الظلم الواقع عليها، مما حذا ببعض الداعيات إلى محاولة نقض أصل تلك الحقوق.
وأمور أخرى تزيد الطين بلة كوقوف المرأة ضد المرأة بغية إرضاء الرجل، والندية تكون بالهجوم اللاذع والانتقاد الشديد وإساءة الظنون
وعدم إنصاف المظلوم من قبل الدعاة والعلماء يعمق الهوة بين المتحاورين فيتخذ كل واحد طرف النقيض.
تغييب نصوص على حساب نصوص أخرى خدمة للهوى والتقاليد مما يفاقم موجة النسوية ويذكيها أكثر.
والحل هو طاولة حوار هادئ تضم العلماء والدعاة المحافظين والمجددين، والإعتراف بالخطأ والإنصاف، حينها فقط سيلتقي جميع الأطراف في نقطة الوسط، والحق المبين.
#شمس_الهمة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق