تأثير اليوتيوبرز وثقافة الاستهلاك:
فيلم سينمائي أمريكي ناجح سيبقى في الذاكرة، ليس بسبب قوته الدرامية والفنية أو شهرة ممثليه، بل لأن فكرته جديدة ومؤثرة وواقعية رغم بساطتها وسهولة لمسها في الحياة العامة.
تظهر عائلة مثالية في حي راق تشتري بيتاً جميلاً وسط جيران ميسورين، حيث أم رشيقة، وأب وسيم واجتماعي جداً مع شاب وفتاة في الثانوية هما ولداهما، وتبدأ حكاية التقرب من الجيران واستعراض الساعات الفاخرة والسيارات الرياضية وإقامة الحفلات في المنزل، ويبدأ الجيران في تقليد العائلة الجديدة، فيكدسون الكماليات في بيوتهم من مضارب التنس والغولف الفاخرة إلى تلفزيونات عملاقة، وآلات جز عشب إلكترونية، ومساحيق تعيد الشباب وأحذية تقضي على آلام الركب.. وهكذا.
التقليد والمفاخرة دفع بعض الجيران لمحاكاة جيرانهم.
وذات يوم استيقظ الحي على حادثة انتحار أحد الجيران لأنه اضطر للسرقة من الشركة التي يعمل بها وخاف أن يفتضح أمره، بعد أن أصرت زوجته على تكليفه بمصاريف خياليه لتجديد المنزل وتنظيم حفل عشاء لتظهر بمستوى العائلة الجديدة..
يتضح فيما بعد أن العائلة لم تكن عائلة أصلا، بل أربعة أفراد يعملون في تنظيم يقوم بالترويج لماركات العالمية و يحصل كل فرد على نسبة من المبيعات التي تزداد بطريقة تسويقه تلك.. باختصار يتحدث الفيلم عن ثقافة الاستهلاك الجشعة كيف تؤثر سلبا على حياة الناس..
الفيلم في النهاية عبارة عن كوميديا ساخرة تفضح مساوئ المجتمع الأميركي وأوهامه، فالعائلة لم تخرق قانوناً، ولكن أخلاقياً أصابت المفهوم الاجتماعي للتوازن في مقتل، وفي المقابل كان ضعف المرء أمام مغريات الحياة هو المرض الذي ناقشه الفيلم، فكم من متباهٍ ومتفاخر حولنا يبحث عن تميز ما وكم من مقلدٍ جرب محاكاته، ولطالما اعتبر العلماء أن شدة المفاخرة والاستعراض أمام الناس هي لتغطية نواقص أخرى في الحياة، وما أكثرها من عيوب لا يمكن للسلع الفاخرة أن تسترها.
وهكذا يفعل غالب اليوتيوبرز والمؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يروجون لنمط حياة خيالي، ولثقافة استهلاكية لاتستفيدون أنتم منها شيئا سوى مزيد من الحسرة، بينما قد تستفيد منها صاحبة صفحة على الفيس بوك، أوقناة يوتيوب تعطيها المحلات وشركات الأدوية هدايا وكتب ومكملات غذائية مقابل الترويج لهم.
لكن بالمقابل تصعب حياة الكثير من الناس نفسيا و ماديا و اجتماعيا.. هي نفس الثقافة التي تجعل الكثير من الروابط الأسرية تتفكك و الناس تخاف من بعضها لأنها لا تعيش بذلك المستوى..
#شمس_الهمة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق