صباح الخير يا جاري، انت فحالك وأنا في حالي!!
قدم رجل وزوجته وطفليه لبلدة جديدة، ومكث فيها مدة لم يتعرف فيها على جيرانه، ولم يتعرفوا عليه، تماما كما يفعل جيران هذه الأيام.
وذات ليلة من الليالي، كانت زوجته حبلى ففاجأها ألم المخاض في منتصف تلك الليلة، فطلبت من زوجها أن ينقلها للمستشفى.
وكان له طفلان صغيران، أحدهما يحبو والآخر يمشي.
فكر الرجل بينه وبين نفسه، أيترك الطفلين نائمين، أم يوقظهما ويأخذهما معه إلى المستشفى، أم ماذا يفعل بالضبط؟!
نقل الزوج انشغاله لزوجته المنهمكة بآلامها، فأشارت عليه بأنها لن تستطيع الانتظار وأن المستشفى قريب وسيعود إليهما سراعا قبل استيقاظهما.
خرج الزوج وزوجته تاركين أطفالهم نائمين، أغلق عليهم الباب بالمفتاح وانطلق وزوجته بالسيارة إلى المستشفى.
أدخل زوجته إلى قسم الولادة، وقام بكل الإجراءات اللازمة، ونقلت زوجته إلى غرفة الولادة، وحين أتم أموره كلها، انصرف مسرعا إلى بيته فهو يعلم تماما أنهما لوحدهما والباب مغلق دونهما.
فالزوج لم يخبر أو يعلم أحدا من جيرانه، ولم يوصي أحدا منهم بأطفاله.
انطلق مسرعا بالسيارة، واذ به يتسبب بحادث سير أودى بحياته.
حضرت الشرطة ورجال الحماية المدنية، وكذا الإسعاف، تم إزاحة السيارة عن الطريق، ونقل جثة الرجل إلى ثلاجة حفظ الموتى.
بقيت الزوجة في غيبوبة إثر التخدير الكامل لمدة يومين كاملين، أفاقت الزوجة بعد ذلك، ونقلت إلى غرفة عامة هي ومولودها الجديد.
استغربت الزوجة عدم اتصال زوجها، فليست تلك عادته، فقد كان السباق دوما للسؤال عنها في الأفراح والأحزان.
لم تكن تعلم أن الزوج ميت، والأطفال تركوا لوحدهم في الشقة.
يقال أنهما عطشا، ويقال أنهما اختنقا من الحر، صرخوا وصرخوا وصرخوا، بكوا وبكوا وبكوا لكن لا مجيب.
بعد فترة غير يسيرة من الصراخ والبكاء توفي الطفلان.
تحمل مولودها مسرورة، لكنها استبطئت زوجها ولعبت برأسها الخواطر والأفكار.
انتظرت كثيرا، وتضايقت من الأمر فأرسلت من يسأل لها موظفي الاستقبال، وقدمت لهم المعلومات الكافية حول اسم زوجها ولقبه وموعد زيارته الأولى، وقالت أنهما تركا طفليهما لوحدهما في الشقة.
لم يجد مسؤولو المستشفى من يدلهم على الزوج فالهاتف لا يجيب، وأمام هذا الوضع قالوا لها أنه لايوجد حل سوى السؤال عنه في قسم الحوادث.
وبالفعل تم الاتصال وتقديم المعلومات الكافية، فكان الجواب بعد رحلة بحث طويلة أن الزوج توفي بحادث سير تلك الليلة، وأن جثته محفوظة في ثلاجة حفظ الموتى، تنتظر من يتعرف عليها ويأتي لاستلامها وإكرامها بالدفن الذي يليق.
أخبرت الزوجة بذلك فشرعة في البكاء المرير، ثم تذكرت أطفالها فأرسلت من يأتيها بالخبر اليقين.
ذهبوا لتفقد الشقة فإذا الطفلان قد توفيا جوعا أو عطشا أو خوفا الله وحده يعلم ظروف وسبب الوفاة الحقيقي.
لا الجيران عرفوا بأمرهم، ولا الأقارب، ولا أحد كان يعلم شيئا.
حملت جثة الطفلين، وضمت لجثة والدهما، وأتى الأهل والأعمام والأخوال وأتى الجيران، وحين سئلوا قالوا أنه جار جديد جاء منذ شهر، لم نتعرف إليه ولم يتعرف إلينا.
فانتبهوا يا عباد الله، بعضنا صار يقول أنني لا أحتاج أحدا من الحيران.
أملك المال والعيال ومستغن عن العباد.
أعيش كالسلطان في بيتي فلا أخالط جارا ولا بشرا
أبتعد عن المشاكل والناس فلا أريد أن أسبب الصداع لنفسي؟!
انتبهوا واحرصوا على الصلاة جماعة في جامع الحي
الجامع سمي الجامع لأنه يجمع الناس.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق