ويعلمكم الله:
حين عرض علي تجميع مقالاتي في كتاب ورقي، نظرت في ما كتبت فلم أجد شيئا يستحق النشر.
فجل كتاباتي ظرفية، ومناسبة لحدث أو توقيت معين...لكنها لا تصلح لأن تكون كتابات مطبوعة في كتاب لأن غالبا يكون وقتها قد انتهى مع انتهاء ذلك الظرف أو الحدث الطارئ.
فغالب الكتابات توعوية تربوية تخص حدثا معينا، وكما قيل إنما تربى الأمم بالمواقف والأحداث.
ساءني وأحزنني أني لست شيئا يذكر، وأني لا أستطيع ترك ميراث يشفع لي عند الله وينفع أمة الإسلام.
لطالما دعوت الله أن يستخدمني ولا يستبدلني، وأن يجعلني على ثغر عظيم من ثغور الإسلام.
لطالما تمنيت كتابة قصص خالدة، أو روايات أصل بها ٱلى العالم أجمع وأريهم جمال رسالة الإسلام.
روايات تؤثر بالعالم، وتغير في شكله..وتنفع قضايا الإسلام والمسلمين...والقيم التي يدعو ٱليها هذا الدين.
وقتها بكيت كثيرا فشلي، وخيبتي..ولسان حالي يقول ما قاله الحجر الصغير في قصيدة إيليا أبي ماضي:
كان ذاك الأنين من حجر في السد … ّ يشكو المقادر العمياء
أيّ شأن يقول في الكون شأني … لست شيئا فيه ولست هباء
لا رخام أنا فأنحت تمثا … لا، ولا صخرة تكون بناء
لست أرضا فأرشف الماء ، … أو ماء فأروي الحدائق الغنّاء
لست دُرًّا تنافس الغادة الحســـ … ـــناء فيه المليحة الحسناء
لا أنا دمعة ولا أنا عين، … لست خالا أو وجنة حمراء
حجر أغبر أنا وحقير … لا جمالا ، لا حكمة ، لا مضاء
فلأغادر هذا الوجود وأمضي … بسلام ، إني كرهت البقاء.
بعدها ساق الله إلي نصا، قالت ماري عنه أنها أول مرة تصادف هذا المفهوم...وقلت لها ذات الشيء.
فقد اكتشفته مؤخرا أنا الأخرى..
الله ساقه إلي ليسري عني فشلي وعجزي الذي كنت أحس به.
أترون كم يعلمنا الله؟
إشكالية كنت أجدها كثيرا عند قراءتي للكتب القديمة التي كانت تناقش قضايا معينة في وقتها.. هذه الكتب قد تكون في وقتها واحدة من الطفرات التقدمية الثورية.. لكنها بمقاييس العصر الآن تعتبر "خارج التاريخ"..
كتب كثيرة قرأتها على هذا المنوال.. كيف إذن أقيمها ؟؟ هل أقيمها باعتبار الظروف الاجتماعية في وقتها أم أقيمها وحدها بمعزل عن أي اعتبارات أخرى؟
ثم وجدت الإجابة أخيرا:
فى كتاب أمين معلوف "الهويات القاتلة" ينهى معلوف سطور كتابه بأمنية ، يقول معلوف إنه على الرغم من إن الطبيعى للكاتب أن يتمنى بقاء كتابه لمئات السنين إلا إنه هو(معلوف) يتمنى العكس تماماً لكتابه هذا ف يتمنى أن (بنص قوله) "يكتشفه حفيدى يوماً، و قد أصبح راشداً ، مصادفة فى مكتبة العائلة فيتصفحه و يقرأ بعض صفحاته، ثم يعيده فوراً الى الرف المغطى بالغبار حيث تناوله، مستخفاً و مندهشاً للحاجة إلى قول هذه الأمور فى الزمن الذى عاش فيه جده". مفهوم جديد و جميل لفت أمين معلوف نظرنا إليه ، و هو إن عدم اكتراث القارئ بعض الأحيان بما كُتب فى كتاب مرت عليه عشرات السنين احيانا لا يكون سوى دليل على نجاح هذا المفكر او المصلح الإجتماعى ، هو و معاصريه بالطبع، على دفع المجتمع الى الامام و تغيير مفاهيمه و تحويلها إلى مفاهيم بالية .
غير أن الفرق هو أن مقالاتي ظرفية قصيرة جدا.
يعني ليست بالتي تجمع في كتاب لانصراف الناس عن الجدل حول تلك المسألة أو غيرها بعد فترة قصيرة جدا
لا يشترط الشيء الملموس لنحس بالنجاح، ولا يشترط أن تذكر فهناك أقوام قدموا الكثير وخفي عنا ذكرهم.
#شمس_الهمة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق