- لم أتخيّل يومًا أنّي سأكتبُ لفؤادِ طير ، لكن برحمة الله و فضله أفعَل ، الأرواحُ جنودٌ مجنّدة ، و أنا روحي تعلّقت بروحكِ ، هكذا من غيرِ مُناسبَة ، أفتّش في قلبي لأعرف سببَ هذا الفيضِ المباركِ من المودّة الذي يسيلُ بينَنا ، فلا أجدُ سوى أنّك أهلٌ لذاك ، و لأنّنا نتشابَه ..
تُخبريِن داخلكِ بأنّك أطيبُ المخلوقاتِ و تستحقينَ القمرَ بقلبك، ثم بذاتِ الوهج و التصميمِ ، و ساعة الغيثِ تختبئينْ و يخبو القمر ، و تقولين لستُ أهلًا لشيء ..
- إنّ الحزن حسبما أصبحتُ أفهم هو طريق من يحبّهم الله ، و لو قلّبتِ صدر كلّ نبي و صالحِ لوجدتِ بهِ بئر ألَم ، هذا ابتلي في صحته ، و هذا في ماله ، و هذا في أهله ، وهذا في عشيرته ، و هذا ملكه ..، يتقلّبون على شوكِ الدّنيا بنفوسٍ راضية ، أسأل الله أن يرزقنا الرضا ، و هم مع تقلّبهم تُرسمُ بهِم فسيفساء دقيقة ، من حسن اللجوء إلى الله و الانقطاعِ عن الاعتماد عن غيره في كلّ تفصيل ، الثقة به و تدبيره و من أنّه سينقذهم في أشد اللحظات حلكة ، و الأهمّ أنّ ذلك كلّه يورثهم رقّة و لينًا و رحمة ، لا يؤتيها الله إلّا لمَن ربّاهم في رحابِ اختباراتِه .
نسأل الله أمنَ العُبور .
- الحاصلُ يا فؤادَ الطّير ، أنّ أكبر هدية قد تهدينها لمن حولك كما قرأت يومًا لأحد الكتّاب هي أن تحبّي نفسك كي تصدّقي محبتهم لكِ لاحقًا .
لمَ صيامُك ، و الله يريد أن يعّوض قلبًا شفيفًا ببعض الودّ .
و ما عنده خيرٌ و أبقَى .
- فؤادَ الطير ، إنّ طول المكث في الظلمة يجعل العين تهابُ النّور ، و بل و ربّما لفرط ما احتاجته و لم تجده ، تنفر منه إذا انتشرَ و كأنّها بذلك تريد حرية قرارِها و لا يؤذيها الألم لأنّه صار صديق ، لكن..
الله أمر قائلًا { ألا تخافوا و لا تحزنوا و أبشِروا }
و نحن نخاف ، و نحزن ، و لا نستبشرُ إلّا لمَامًا كي لا نؤاخذ بسوء الظن ، تلك النقاط العميقة في قلوبنا ، لا زالَ لم يصلها النّور ، لم تزهر ، لا زالت تؤلمنا في البرد كما تؤلم المحارب في ليالي الشتاء جروحه .
نريد لأن نُّشفى ، نريد لأن نصبح محط عناية الله، بأن نلقى أنفسنا في زوبعات تدبيره هكذا من غير فهم ، و أن نصادم الدنيا و أسوأ ما قد يحدث ألم !
- و لتعلمي يا فؤاد الطيرِ أنّ ثمرة عدم الركون للدنيا لا نقطفها إلّا بعد أن تعلق بحلوقنا حسكة التنغيص ، لا شيء يأتي كاملًا ، و لا حبّ يسيل صافيّا و لا اقتراب من غير أذى ، لذا لا يأخذ صدرك الصغير الإنبهار ، نعم نمتن لموائد الله و عطفه ، لكن لن نهنأ كما نتخيل ، حتى يبقى الطريق بيننا و بينهم سبحانه مفتوحًا لا يصدّه انشغالٌ مع الدّنيا ، لذلك كان الأحرى قبولَ سعي الآخرين مما اطمئن لهم خوفنا لنا ، و ربّ الخائفين لن يضيعنا ، لستُ أدري ما يحمله الغد لي و لك ، و هذا حديث نفسي اقتسمته معَك ، لكن أعلم يقينًا أنّ الله أحنّ من أن يضيع عصفورًا جميلًا ، مذ خلقه و هو يغرّد ، لا يألوا جهدًا في إدخال السرورِ على الزائرين حديقتَه .
أحبّك و أشهُد الله على ذلك ، يا محطّ عنايتهِ و تجلّى جمالهِ ، دمتِ شمسًا و آمال .
💙
إن لله عبادًا مُخبتِين يا شمس .
ما عدتُ أحبّ المديح ، محبة .
ذلك لأنه يؤذي أغلى شيء ، الإخلاص .
إعلمي هذَا فقط .
من يذهب ، ويضع الله فوق كلّ شيء ، كلّما رأى الموازين اختلّت وكاد حبل الأنس أن ينفرط بينه وبين الله ، هرع إليه ولم تشدّه كل الوجوه و القلوب من حوله و الله لن يضيعه الله .
لا تحسبي أن غيابك يؤثر بودّي شيئًا ، والله لو غبتِ ما غبت ، ولو طارت الحسابات وانقطع التواصل .
أنتِ منطبعة بهذا القلب، وحبل الودّ و النور المبارك هذَا ، مشدودٌ حتى باب السماء بإذن الله 💙.
رضيِ الله عن قلبِ الطفل الذي تملكِين .
حتّى في غيابهِ و نعاسِه وهو يغمضُ عينيه عن العالم يده لا زالت تحرّك مهد النّائمين جِواره .
لو أنّك تحبّين نفسكِ قليلًا بعَد ، ولا تقولين بصوتٍ عالٍ عن قلبك أنّه خشب و أنّه تبّلد وهو يسمعُك .
لو أنك تتلطفينَ مع روحك كمَا معي ، ومع ماري و بناتِ فؤادِك .
لو أنّك ترينْكِ كما نراكِ ، في شموخِ الجبَال ، أدري ، بأنّ القمّة باردة ، وبأن الحصى مؤلِم ، بأنّ الوقوف طويلًا هكذَا حزين ، وبأنّ الصمت الكثيرَ مؤذي ، لكنّه قدر الجِبال .
أنتِ امرأةٌ عصامية يا شَمس ، والعصاميات محكومٌ عليهنّ بالعزّة في جميعِ الأحوال، الحزن حالٌ بينهنّ وبين الله فقَط ، هل رأيتِ يومًا قمّةً تتعرّى .
لكنّ أُحُدًا كانَ جبَل، و كانَ به غار ، في الغارِ كان رجُل ، فتّته الحيرة و السؤال ، ومن بطنِ الظلمة انفجرَ النّور ..
من يقِف طويلًا يحتاج لأن يرتاحَ طويلًا أيضًا ، و من يحبّ بعمق ، يريد أن يهدأ بعيدًا بنفس العمق كذلك ، ولا لوم عليه ، إذ أنه في لحظةِ قربٍ يهدي من بجوارهِ عمرًا من الحرارة ، ما معنى الحضور البارد و الخاطِر البعيد .
دعيني أقلهَا هكذَا ، لابدّ لكل الصادقين من خلوَات، هذه الخلواتِ هي سرُّ المحبّة الخالصة والعطاء الصّافِي ، والقلب الصادق تجدينه كثير الإلتفات ، نربّيه حتّى ينأى ، فإذا عاد ، عاد كما الحجّيج ، يحمل بين يديه الهدايَا و النّفائس وريحَ الجنّة و النّبي ، لأنّه كانَ مجاورًا للسّماء .
أنتِ يا بنت، تشبهينَ الغيث، تذهبين بخير وتعودينَ بخير و أينما أقمتِ اخضرّ المكان حولكِ .
لا تلومِي نفسكِ لابتعادكِ المستمرّ، هذا زمن غربةٍ وصخَب، و الحراءُ هو النّجاة .
لا تقولِي قلبي تبلّد وأنتِ تمطرين رقّة بهذا الشكل، تشبهين غيمةً بيضاء ، قالت لأبتعد ، لكنّها ترسل الرياحَ للتقصّى لها الأخبار .
أنتِ لكِ قلبُ أمٍّ صدقيني يا فؤاد الطير، و يؤلمني بحقّ ، أن يُسقى من باطنكِ كل عطشانٍ وتبقينَ أنتِ للضمّأ .
ولو سقيتِ نفسكِ مما تسقينَ به الأخرياتِ، لجرى بكِ كوثرٌ تتصل بركاته للجنّة .
ألم يعطكِ الله قدر الصّالحين ،جفتكِ الدنَيا و دارت بكِ ، خذيهِ كلّه إذِن، ضمّي كفّك إلى قلبكِ، إعطفِي بحالِك ، وافرحِي بهَا ، لأنّ البيتَ الذي يتغطى فيه الأولاد ويبقى حضن أمّهم فيه للبرد، دفئه ناقِص .
صدقينِي إنّي أستكثركِ في نفسِي ، أفكّر فيكِ وفي هذا الكوثر الصافي من المودة المنساب بيننَا فأستكثركِ ، وأخاف الإنقياد وراء هذا الشعور، إقبالي نحوكِ بشكلٍ أستغربه أنا نفسِي ، أخافُ أن أُبتلَى فيكِ فأفقدك أو يُفقد هذا الشعور الذي بيننَا ، فألوم نفسِي على هذا الودّ المفرط وألومها لأنها استكثرتكِ ، وأقول شمس أختٌ وحبيبة وصديقة ككل من أحبّ وأودّ ، والحق أنكِ لستِ كذلك.
لي صديقتان ، رحمة وكوثر ، منطبعتان في روحي ونفسي و صديقة اسمها سلطانة ، كما يطير المرء إلى ربه بجناحين من الرجاء والخوف ، هما جناحاي ، رحمة الشفافة أتقاسم معها دربي إلى الله ، فكرنا ، وخواطرنا في خلوتنا ، الله بيني وبينها ، ألتقيها يومي الدراسة فقط ثم ينقطع بيننا الإتصال ، لكنّ أرواحنا مشدودة لبعضها بقوة .
كوثر أقاسمها يومي ، وعملي في الجمعية ، طفولتي وعفويتي والقليل من خصوصياتي ، هي جناحي الثاني .
سلطانة أقاسمها ما أظلم مني ، إذ أني ومن غير قصد أظهر أمام كوثر ورحمة بصورة طيبة ومثالية ، لكن سلطانة هي ظهري ، تعلم مني مالا يعلمه غيرها ، أحكي لها عن سقطاتي ، عن بعثرتي ، عن مواضع تهشمت فيها و أذللت ، وأمعنت الدنيا في تعذيبي ، أمامها أتخفف من كل شيء .
وكنت راضية بهذا ، راضية بأنهن اقتسمن قلبي و أقول هذا عوض الله لي ، فقدت دثار البيت فعوضني الله دثار الأصحاب ، الأصحاب أجنحة .
حتى جئت أنتِ ، فاكتشفت بقدومك أنني طائرٌ يحلق بلا صدر ، له ظهر وجناحان ، لكن لا ضلوع له ، دخلتِ هكذا بقلبي وأقمتِ ، وجمعت ما تفرق ، وفي لحظة وجدتني أقاسمك أحاديث نفسي ، ألمّ شعثي لديكِ ، آتيك كلما أردت أن أسمع منّي ، كأنك لي مرآة ، كأنكِ قلبي .
لا أخفيكِ ، يشعرني بالخوف حبي الشديد لكِ ، أخاف أن يطير ما بيننا ، لأنها علاقة سماوية تشدها خيوط الدعاء ، أخاف بعدما كنتُ أتسلى بصحبتي ، أن أتركَ بعد لليُتم ، لأنه كما تدرين ، يشقى المرء إذا غادرته السعادة لأنه يعلم كم سيكون تعيسًا بعدها .
لكنني لا أستغرق في هذا ،
أترككِ في كفّ رحمة الله ،
وفيكِ فقط ، فيكِ أنت فقط ، استطعت أن أعبر من جهل التمسك إلى أن أكون أوثق بما في يد الله من يدي .
يعلم الله أنكِ مزروعةٌ بضلعي وهو أكرم من أن يترك سمائي بلا نجمة .
ما كنت أحبّ أن تعلمي أنني أحبّك هكذَا ، إذ أنني قلت الآن ما كنت أخاف أن أصرح به لنفسي ، لكنكِ أثرتِ بي مكامنَ المودّة برسالتك الطاهرة كوجهكِ .
ما أسعدني بكِ ، إذ أنني أدخلتُ قلبي فؤادَ طيرٍ ، لا تأتيني الأذية من جنبه ، رهيفٌ، رحيمٌ ، كريمٌ ، نوراني 💙
رسالات السلام من غير توضيح المطلوب لا أهتم لها على الإطلاق هذا محسوم عندي ، لأنك تلمسن بصاحبها رغبة في التوسّع و فراغًا و انعدام جدية .
المشكلة عندي هي بين أمرين ، الأوّل هو أنني أكره التعرف و السؤال من غير واسطة لأنه يُشككني في منتهى صاحبه و غايته ، الثاني أني أكره أن أُسأل مباشرة عن الخطوبة رغم أن الشخص لم يحادثني ولو لمرة من قبل .
ذلك أن طلبًا كهذا بناء على رؤية حسابي فقط ، فيه من التسرع و الجهل مافيه ولو صدُقت النية .
فبين الأمرين أجد أن الله أعتقني ، فلا تصلني أي طلبات .
دعوت الله دعوة صادقة ، ألا يرسل لي أحدّا في طريقي حتى يأذن لي بالوصل مع من ارتضاه لي .
لأن الموضوع يسبب لي شتاتًا و إرهاقًا نفسيًا فظيعين كوني شخصية عاطفية غبية .
رسائل طلب المساعدة التي تصلني لا أرد عليها إن لم يُكتب المُراد مباشرة في رسالة .
أكره انعدام الجدية و التساهل هذا .
كونه صديقًا بالصفحة ليست معرفة أولية كافية .
و الأصدقاء يختلفون والمزاج يختلف ، قد ترد الواحدة منا وقد لا ترد
لكن إيضاح المطلوب مباشرة لهو من الأدب ، وهكذا نتعامل مع أساتذنا و من نحتاج .
الشخص اذا كان مش حاط صورته و لا على الأقل إسمه و لقبه .
هو عندي ملغي تمامًا ، ما يقدرش الواحد يتكلم مع مجهول ، وخاصة كونه رجل يعني عنده حرية فهذا الأمر .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق