همسة وعي:
البارحة نشر الأستاذ والكاتب المبدع (ك.ش)، مشكلة شخصية تؤرقه، مفادها أن امرأة من الأردن بعثت له برسالة تطلب فيها أن يتزوجها، فردها بأدب وأوضح لها أنه متزوج وله أطفال، فألحت أكثر، فقام بحظرها.
مرت الأيام وفي اعتقاده أنها مراهقة تظن به الكمال، فلكل شخصية مشهورة معجبون.
لكنها لم تتوقف عند هذا الحد، بل قامت بملاحقته، ومطاردته طيلة ثلاث سنوات عن طريق رسائل لأصدقائه، وقرابته، تقوم فيها بتهديده إن لم يتزوج بها.
ووصل الأمر بها أنها استطاعت الوصول إلى مقر سكناه أين يقيم بمصر.
وحين تواصل مع أبيها وأخيها عرف أنها فتاة منتقبة، وقالوا هي مريضة نفسيا، وعجزنا معه، والأمر لك.
غير أنهم رجوه أن لا يبلغ عنها.
ذلك أنهم بالأردن مجتمع ذكوري، يخافون الناس والمجتمع والفضيحة أكثر من خوفهم من الله.
وأنا أقرأ المنشور والتعليقات وردود الأستاذ عليها، أيقنت كم أن الإنسان ضعيف من دون عون الله.
ذلك الأستاذ القدير والكاتب المبدع، والمستشار النفسي والملهم الروحي لكثير من الشباب، يتوسل اليوم نصيحة من متابعين كان هو لا يتوانى عن تقديم النصح لهم وتوجيههم.
ذلك الكاتب الذي قرأت جل كتبه، وكان له فضل علي كبير بعد الله، فهو معلمي وملهمي، وكنت لا أراه إلا قامة تتسامق نحو السماء بما من الله عليه من الثقافة والعلم والفهم، أراه اليوم كسيرا، ضائعا، يكبله العجز والخوف على أسرته وأطفاله.
فتراه بسذاجة طفل صغير يرد على تعليقات الأخصائيين( طب أشتكي في مصر ولا الأردن؟)، ( طب لو بلغت عنها حكون خالفت وصية والدها!) ،( طب هل سترتدع لو تم الحجر عليها، وما الذي يضمن؟)
وأمام هذا كله أقرأ التعليقات، فأجد ما يندى له الجبين، والمشكلة أن تعليقات من أتابعهم ممن يحسبون على النخب تشكك بالقصة، وتلوم الأستاذ الضحية، وبعضهم يتذاكى فيرسل تعليقات توحي بأنها لعبة حاكها الأستاذ لمزيد من الشهرة، فربما تباع كتبه بعد القصة المفبركة ووو.
مما يثبت جهلهم المكعب، وهوسهم بنظرية المؤامرة، والرغبة في التحليل وإبراز الذكاء.
وفرضا كان هذا صحيحا، ماذا استفدت أيها الفهامة من سوء ظنك في هاته الحالة؟ والتي لن تضرك ولن تضر المسلمين، بل أول ما تضر تضر صاحبها؟
ولماذا نستعمل حسن الظن في أمور تتطلب النباهة والحيطة، ونستخدم سوء الظن مع اخواننا المسلمين؟
والبعض الآخر ممن استفادوا من كتب الأستاذ راحوا يشمتون ويضحكون، حتى أن فتاة علقت التالي( يعني انت الأستاذ اللي عمال تنصح الناس، تطلب النصح اليوم!!)
كل هذا في كفة والتعليقات التي طلبت منه الزواج منها، والطبطبة على مشاعرها في كفة أخرى.
وهو دليل على جهل الناس بالأمراض والاضطرابات النفسية على اختلافها، كما يدل على أننا أمة العاطفة بامتياز.
أما عن هذا المرض فتقول أختي نقلا عن الدكتور أوكالي رحمه الله( فيسمى بالاريتومانيا، وهو عشق الشخصيات المشهورة، أو تلك التي تحظى بتقدير في المجتمع، وتمر الحالة بثلاث مراحل:
المرحلة الأولى هي مرحلة ((الأمل)): تعيش فيه الشخصية عالما من الأوهام والأحلام، فتعتقد أن تلك الشخصية المشهورة ستعجب بها، ويتفاقم الأمر إذا قامت تلك الشخصية المشهورة بالثناء على الشخصية المريضة، أو النظر اليها، أو اهداءها شيئا، أو شكرها على معروف، لتوقن الشخصية المريضة وتتأكد أن ذلك المشهور معجب بها، وأحيانا لا يتم كل هذا ومع ذلك تتوهم المريضة).
المرحلة الثانية هي مرحلة(( الخيبة)):
لا تكتفي الشخصية المريضة بتلك الأوهام والأحلام، بل تلجأ لإثباتها، وهنا تخطو خطوة جريئة وتقوم بالوصول للشخصية المشهورة، والاعتراف لها، فتقابل بالرفض طبعا، فتتعرض لصدمة وخيبة، وتتعذب بسبب هذا الأمر وتعاني الكثير.
المرحلة الثالثة مرحلة ((الانتقام)):
لا ترضى الشخصية المريضة بالرفض، ولا تتقبله، لذا تلجأ للانتقام عبر ارتكاب جريمة، أو فعل مخل بالحياء.
وغالبا يقومون بالقتل، الحرق سواء منازل الضحايا أو الأشخاص، أو أعمال أخرى أخطر..
والدواء لهكذا مرض لا يوجد لحد الساعة، فالمريض يمنح مهدئات، وتعمل له جلسات لتغيير تلك الأفكار عبر الحوار وتبادل الحديث لا غير.
عادة هكذا مرضى لا يمكن اكتشافهم، فيظهرون كما الأسوياء، لأنهم في الواقع أشخاص ناجحون، منجزون، يصلون، ويصومون، ويحفظون القرآن، ويعملون ووو.
لكن بعد اكتشاف الناس لحقيقتهم، تبدأ أعراض أخرى بالظهور كالغضب والهياج وغيرها لأنهم كانوا ولا يزالون يعتقدون أنهم على حق، وأنهم يستحقون ما يريدون، وأنهم أسوياء وليسوا مرضى.
فالله الله في الناس..
الله الله في المبتلين..
فلتقل خيرا أو لتصمت..
واسألوا الله العافية...
واسألوا الله أن يرفع عن أستاذنا وأهله هذا البلاء
وأن يشفي الفتاة ويعافيها.
#شمس_الهمة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق