الثلاثاء، 7 يونيو 2022

عن الغش في المدارس

 


عن الغش في المدارس:

كان يعمل مدرسا بإحدى الثانويات في إحدى المدن، وكان غريبا عن هذه المدينة..لكنه استقر بها بحكم العمل..
استيقظ باكرا، أخذ حماما خفيفا..تناول فطور الصباح رفقة زوجته..داعب طفله الصغير قليلا.
ثم توجه نحو محفظته ورتب أوراقه..فاليوم يتوجه لحراسة طلاب البكالوريا في أول يوم لهم..وعليه أن لا يتأخر.
ساعدته زوجته في تسوية ربطة العنق..
فتح التلفزيون على الأخبار وهو واقف يستعجل الخروج..
بعدها توجه للحمام لإلقاء النظرة الأخيرة قبل المغادرة..ورش بعض العطر..
ثم تغيرت ملامحه فجأة وبدا عليه الذهول..
- ماذا حدث لوجهي؟!
أنكر الأمر..هز رأسه وأغمض عينيه..ثم أعاد النظر إلى المرآة من جديد..
- لا يمكن..منذ قليل فقط كنت في أفضل حال..
نادى زوجته وطلب منها أن تنظر لصفحة وجهه..كان يتأمل ان تكون المرآة كاذبة..أو حدث شيء ما عطلها..لكن ملامح زوجته ومنظر شفتيها التي انيحب منها الدم فأصبحت بيضاء..قال الكثير.
لقد تعرض لشلل نصفي في وجهه..عين مائلة تكاد لا تبصر..حنك معوج..وشفة مائلة..
اضطر للذهاب إلى المؤسسة قبل الوقت..قدم عذر الغياب..وغادر.
وبدأت رحلته مع الأطباء..
لكنهم لم يجدوا علاجا لحالته...وكان حزينا لأجل ذلك..ويسكنه خوف أنه سيبقى هكذا طيلة حياته..وزاره وسواس من الشيطان يجزعه.."لماذا أنا فقط من دون الناس؟"
كان وسيما جدا..وأجزعه ما ثار عليه شكل وجهه..لدرجة أنه اصبح يخفي وجهه عن الناس..لتجنب نظراتهم..وأسئلتهم في كل مرة..

بعد فترة ظهرت نتائج البكالوريا..وظهرت معها كارثة عرفتها تلك المؤسسة..إذ تواطأ مراقبوها وأساتذتها على تغشيش (مساعدة)"أبناء مدينتهم"..وكانت العلامات مضخمة بشكل كارثي جدا..وتسرب الخبر..وانتشر انتشار النار في الهشيم..وتعرضت تلك المؤسسة ومراقبوها للمساءلة والعقاب الجماعي..وتم نفي كل الأساتذة المشاركين إلى مدن بعيدة للعمل هناك..
ونجى "هو" من كل ذلك..ولم يتعرض للعقاب..ولم يشارك بالجريمة...وشفي من مرضه بعدها..
وعلم أن ذلك المرض رحمة مهداة..وأن الله أراد به خيرا، وجنبه السوء..

{ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا ۚ كَذَٰلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا نُنجِ الْمُؤْمِنِينَ}

********
أستحضر هذه القصة في ذهني كلما قرأت موضوعا عن الغش..وهذه أول مرة أكتب عنها.

https://www.facebook.com/100022246957832/posts/pfbid02yacSU6KWzdKPsYKC7Z44VcXBw1yrRqs2yXeYbwkk5ab4EDySnUuYVuTcTbtUk5kpl/?app=fbl

#شمس_الهمة

أتذكر ان أخي الصغير سأل والدي يوما..لماذا لست مثل بقية جيراننا الذين يدرسون بعيدا في مدن مختلفة..بعضهم يغيب اسبوعا عن أهله لانه لا يملك سيارة..بعضهم يغيب طول اليوم وحين يعود يستقبله أطفاله بحب..(وكأن تفرد والدي عن بقية الآباء يومها بالتدريس بالمؤسسة القريبة جدا لبيتنا..لم يرق اخي الصغير..فقد كان يتوق لبعض الحرية في غياب والدي..ويريد تجربة الشعور بالاشتياق واستقبال والدي بعد غياب مثل اولاد الجيران)
وكان أبي يبتسم لذلك السؤال، ويكتم الأمر، ويترقرق الدمع بعينه..ويقول (احمدوا الله)

حين كبرنا قليلا..أخبرتنا والدتي بالقصة بعد استغرابنا الأمر(أن كل الأساتذة يعملون في مؤسسات بعيدة ماعدا والدي)..كنا وقتها في سن المراهقة، لذا كان الأمر بمثابة الصدمة لنا..هل "عمو فلان" غشاش؟ والآخر الذي يدرس العلوم الشرعية..والآخر الذي كنا نظنه به خيرا..ووو
أسئلة كثيرة هجمنا بها على والدي..لكن والدي كان متحفظا جدا..ويعذر هذا وذاك..ولم يغتب منهم أحدا..ولم تتغير نظرته تجاههم..قال أن منهم من ضعف..منهم من خاف...منهم من تواطأ..ومنهم من سكت..لكن العقاب لم يميز بين هذا وذاك..

أتذكر أيضا أننا انتقلنا لمدينتنا معسكر...لكن والدي اختار مدينة أخرى للتدريس..وكان يستقيظ من آذان الفجر ولا يعود حتى الساعة السادسة مساء..رغم ان العروض كانت تأتيه تباعا للعمل بمدينته وولايته..لكنه آثر التعب والبعد...وكانت حجته دوما " هنا الناس تعرفني..هذا سيتوسل نقطة لابنه..وذاك سيتودد لأجل ان أساعد ابنته، والمدير سيضغط علي لأجل معارفه ووو"
كان يفضل الابتعاد مخافة الوقوع في الغش والظلم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

العيد

 تلك اللحظات الحرجة قبيل يوم العيد، ذلك التعب، والضغط، تلك الأمور التي أنجزت نصفها والنصف الآخر ينتظر منك اتمامه حالا، ذلك التوتر، وتلك الأع...