عطفا على المنشور السابق، وحديثي عن نمط الشخصية(المتعاطفة empathy)
سأحاول تقريب الصورة، والتفكير معكن بصوت مسموع، لمعرفة ذواتنا أكثر وكيفية التعامل مع النفس والآخرين..
ففهم الذات، ونمط الشخصية هو الخطوة الأولى لحياة هادئة ومتزنة..
سأتحدث عن حلقة من أحد المسلسلات السورية، شخصت هذا النوع من أنماط الشخصية بدقة لامتناهية..في نص بديع جدا وقصة إنسانية، جسدت مشاهدها تفاصيل النفس البشرية وعذاباتها وغرابتها..
في قصة بطلها الممثل مكسيم خليل، تكون له في البداية خطيبة تضطرها ظروف ما للسفر، فتفسخ الخطبة، ويكون هو قد تعلق بها.
وليخرج من هذا الحالة يعيش حياته ويقرر نسيانها، ثم يخطب فتاة أخرى.
هذه الفتاة وسأسميها مجازا(مسكينة) لأني نسيت اسمها، ولأنها شخص نرجسي اعتمادي يحاول العيش في دور الضحية دائما.
توفي والدها فحزنت بشدة عليه، وتأثرت لفقده، ودخلت في نوبة اكتئاب..حتى جاء مكسيم خليل خاطبا فتشبثت به بقوة.
شخصية مكسيم خليل طيبة متعاطفة، متسامحة إلى أبعد الحدود..
أما شخصية الفتاة فأنانية نرجسية واعتمادية، وكذا غيورة وشكاكة إلى أبعد حد..
ولأنها نرجسية كانت تستغل طيبة مكسيم خليل على الدوام..
بعدها ضاق بها ذرعا، من شكها وتصرفاتها...وأراد فسخ الخطبة فتمسكت به بقوة..
قامت بمحاولة انتحار لأنه تركها ...فشعر بالندم ورجع ٱليها ثانية...
وعادت إلى نفس سيرتها الأولى...وكان يصبر على تصرفاتها..
إلى أن فاض به الكأس بعد موقف شك، أهانته فيه أمام الناس..
هنا فسخ عقد القران بلا رجعة..
وقرر عدم العودة إليها ولو بكت الدم بدل الدموع..
الفتاة لم تحتمل ذلك...وأخذت تبعث له المراسيل لإرجاعها..
وحين علمت أنه مصمم على رأيه...ولأنها تعرف طيبته...استغلت هذا الأمر وبعثت صديقتها بتحاليل وأشعة كاذبة تزعم فيها أنها مريضة سرطان، وفي أيامها الأخيرة..وترجوه من باب إنساني أن يعود لها مؤقتا...
يفكر هو كثيرا في الأمر، ويحتار...ولا ينام لأيام...
ذات صباح استيقظ مرهقا لعمله بعد أن جافاه النوم ليلة كاملة..
وبينما هو متوجه لعمله مستعجلا، ناداه جاره المعاق لحاجة...فأشار له بيده أنه مستعجل ومشغول ومضى..
وحين عاد في المساء، وجد سيارة إسعاف وجمهرة من الناس عند باب جاره..
وحين سألهم عن الأمر، قيل له أن جاره توفي لأن قارورة الغاز انفجرت بوجهه..
فدخل في نوبة اكتئاب، ولازمه تأنيب ضمير كبير، وأحس بأنه المسؤول عن وفاة جاره.
مرت أيام وأسابيع...وأصبح يفكر بخطيبته السابقة، وسيطر عليه هاجس أنها ستموت..
وأنه سيحس بعدها بالمسؤولية وتأنيب الضمير كما حدث له مع جاره..
لم يتحمل الأمر، لم يتحمل فكرة أن يتعذب بعدها طيلة حياته بسبب تأنيب الضمير.
لم أتناول القصة بالشكل الجيد الذي جسدته القصة في مشاهد معاناة مكسيم خليل..وعذاباته...
قلقه الدائم، حيرته، هواجسه ومخاوفه، طيبته وحنانه، في مقابل معاناته...
تخبطه، وحيرته، وتردده..
الربط بين مشهد موت جاره، ومشهد خطيبته المصابة بالسرطان...
التوقيت الحساس الذي جعله يتخذ قرارا مصيريا يضحي فيه براحته وسكينته في مقابل سعادة ورضا شخص آخر..
قصة أخرى واقعية مماثلة تقول فيها صاحبتها أنه تقدم بها العمر ولم تتزوج، وذات مرة تقدم لخطبتها رجل سكير شرير...فضغطت عليها والدتها للقبول...أم كباقي الأمهات تتمنى رؤية ابنتها عروسا قبل أن تموت، ويسيطر عليها القلق بشأن مستقبل ابنتها...ولا تحتمل فكرة أن تبقى أمامها بلا زواج..
لذلك صارت تضغط عليها...والفتاة تبكي وترفض الأمر...وحصلت بينهما مشادة كلامية...ارتفع على اثرها ضغط الأم وشعرت بدوخة خفيفة..
تقول الفتاة أنها طيبت خاطر والدتها، وقبلت بالعريس...لا لشيء ، سوى لإرضاء والدتها، ومخافة أن يحدث لها مكروه، الفتاة باتت ليلتها عند قدمي والدتها، تتحسس إن كانت تتنفس أم لا...
قبلت بالعريس السيء، مخافة تأنيب الضمير..
هذا هو شعور الشخصيات المتعاطفة، وهكذا يتخذون قراراتهم المصيرية في الحياة...
هذا النمط من الشخصيات سيء للغاية، تلك الطيبة وذلك الضعف والهشاشة يجلبون الشقاء لأصحابها..
يستغلهم الجميع، يستغلون طيبتهم ولطفهم..لا أحد يرحمهم..ولا هم يرحمون أنفسهم..
ألا ما أقساه من شعور، وما أسوأه من عذاب.
أكتب هذا لأنه يلزم فهم ذواتنا، لنحسن التعامل معها..والسلام
#شمس_الهمة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق