الثلاثاء، 26 أكتوبر 2021

عن المسلسلات والدراما السورية:

 

عن المسلسلات والدراما السورية:

في البداية سأعترف أن متابعتي للمسلسلات السورية، والحديث عنها لا يعني الترويج لها والدعوة لمشاهدتها.
ولا يعني ذلك إقراري بالأشياء المحرمة الموجودة فيها كالعلاقات المحرمة، اللبس الفاضح، الخمور التي صارت حاضرة في كل الأعمال، الشيشة، تدخين البنات، سكر البنات وووو فضائع وسموم أخلاقية للأسف الشديد انتشرت في أعمالهم خصوصا في الفترة الأخيرة، ويقحمونها في الأعمال حتى لو لم تكن تستدعي ذلك. (وأظن الأمر لا يرجع للكتاب، إنما للمنتجين والمخرجين، لأن النصوص في قمة الروعة.)
لكن لا يعنيني من ذلك سوى النصوص، والقصص وبراعة من يكتبها...وأتابع هذه الأعمال كوني مهتمة بمجال القص، وأرغب في مزاحمة أهل الباطل بمبدأ(وداوها بالتي كانت هي الداء)، وذلك بكتابة أعمال قصصية خالدة وهادفة والله من وراء القصد.
لطالما سمعت مقولة أن سوريا اشتهرت فقط بالأعمال التاريخية، لا وربي فهذا عدم إنصاف من أشباه الصحفيين هؤلاء، فأعمال السوريين الدرامية في القمة، والدراما السورية تنتمي لمدرسة الواقعية، فلا تجد عندهم قصص حب خيالية، وأحلام وردية وسيناريوهات بوليودية كما نشاهد في الدراما المصرية والخليجية والتركية(أحيانا).أما الجزائرية فحدث ولا حرج.
ولعل أهم ميزة في الأعمال الرومانسية مثلا، الصدق والواقعية، وإلمامهم بفن العلاقات بشكل ناضج وقوي.يعني لما يرسملك علاقة بين مخطوبين، يرسمها بتفاصيل واقعية وحقيقية، لا سيناريوهات خيالية.
فيجعلك حين تود الإقبال على علاقة تدخل عارفا ومدركا وواعيا للأمر...
ولأول مرة يصدق كتاب الأعمال الدرامية فلا يصورون الإعجاب اللحظي بين الشاب والفتاة بالحب الخالد المخلد الذي ينتهي تلك النهاية الجميلة.
ومثلما قالت "هالستروم" أن الإعجاب اللحظي يختفي تماما، عندما نكتشف أن الشخص الذي أعجبنا به ليس هو الشخصية التي كنا نظن".
ويقول المدون المصري :"إن الإعجاب اللحظي تبسيط مخل ومختزل لحالة الوقوع في الحب، فمن الفراغ العاطفي ينتقل المرء إلى حالة الإعجاب اللحظي، ثم إلى التعلق المرضي، وبعدها إلى إدمان العلاقات السامة، بعدها تمتلئ العيادات النفسية والمكاتب الاستشارية بالمرضى والباحثين على التعافي.

سأحاول هنا كتابة مقتطفات لمشاهد كانت قمة في الإبداع الدرامي، ولحظات إنسانية صورتها أقلام مبدعة، حق أن ترفع القبعات لأصحابها.

القصة الأولى التي لفتتني:
قصة فتاة ظروفها مزرية، ومنعها والدها من إتمام الدراسة، وكذا منعها من الزواج بمن تحب، فاضطرت للفرار معه، والزواج في المحكمة بدون ولي.
في الغالب اعتدنا كثيرا مشاهدة هذا السيناريو في الأعمال الدرامية، واعتدنا التشجيع على هذا الأمر تحت مسوغ الحب، وأن الحبيبين ناضلا وكافحا وحين سدت الأبواب في وجهيهما فرا معا وتزوجا وعاشا في سعادة وهناء.
لكن هذه المرة غيير...فالقصة تناولت حين تفر الفتاة، مايحدث لوالديها بعد فعلتها تلك، فيشل والدها وتمرض أو تموت والدتها، وتمنع أختها من الدراسة الجامعية.
مشهد آخر يصور لك حالة الفتاة المزرية، وشوقها لوالديها، والفراغ والوحشة التي صارت تحس بهما بعد أن صارت مقطوعة من شجرة.
ثم ينتقلون بك إلى مشهد آخر، مشهد الفتاة بعد الزواج، والتي حرمها الزوج من العمل، ومن إتمام الدراسة.
وقد كان يعدها بحياة وردية قبل ذلك..
لكن بعد الزواج صار شخصا آخر، يغار عليها، يشك بها، يعنفها، ويعيرها لأنها فرت من منزل والديها.
وهكذا يسقط في يدها، وتعرف أخيرا أنه كان فعلا أحمق متهورا.
وهذا لعمري رسالة قوية للمراهقات، يفعل بعقولهن أكثر ما تفعل نصيحة، أو خطبة وعظية مباشرة.
فليت كاتباتنا الملتزمات يقتحمن هذا الفن بأعمال وكتابات ٱبداعية على هذا المنوال.

القصة الثانية:
على الثانية ليلا، زوجين عائدين من حفل زفاف...مشهد سيارة يسوقها الزوج(الممثل عبد المنعم عمايري)، ترافقه زوجته الممثلة سولاف معمار، وابنهما الصغير في الخلف.
تعرضت السيارة لكمين نصبته عصابة أشرار، جذع شجرة في منتصف الطريق، جعل الزوج يوقف السيارة لتنحيته كي يتمكن من المرور.
لتهجم عليه العصابة، ويضعون المسدس فوق رأسه، ويطلبون منه مفتاح السيارة، ومغادرة المكان، فتشل حركته تماما، ويفعل ذلك ولا يقاوم.
وحين يتقدم زعيم العصابة لسرقة السيارة، وهي تحمل زوجته وابنه.
جاء الفرج من الله بقدوم أشخاص آخرين، لقنوا الأشرار درسا قاسيا وخلصوا الزوجة وابنها من براثنهم.
عادت الأسرة للبيت، لكن حياتهما لم تعد كما كانت من قبل.
فالطفل صار مذعورا يتبول في الفراش ولم يكن يفعلها من قبل.
والزوجة أصيبت بالصدمة من موقف زوجها، ولم تستطع أن تكلمه بعدها لأنها رأت جبنه، وتفريطه بعرضه. وانشرخت روحها ولم تعد تحس بالأمان...
هذا إضافة ٱلى تفاصيل أخرى نسيتها في غاية الروووعة وقمة الٱبداع، صورت انهيار العلاقة بين الزوجين عقب الحادثة.
عن قلة حيلة الزوج، عن جبن الرجل، عن شعور المرأة، عن كيف تسقط مهابة الزوج في عين زوجه بموقف، عن كيف يذهب الحب ويحل محله الاحتقار.
هذه القصة قطعت قلبي، لم أشف منها لوقت طويل..

القصة الثالثة:
قصة حب بين مخطوبين دامت خمس سنوات...لكنها انتهت يوم الزفاف.
هل هذا معقول؟!
نعم
والسبب؟!
تكاليف الأعراس، والمشاحنة بين المخطوبين أثناء التحضيرات.
الفتاة تحب المظاهر، وتغالي في الأمر، وتريد أن يكون زفافها أحسن من زفاف فلانة..
عن عدد المعازيم، عن صحون التبولة، عن زخرفة الكراسي، عن الفندق الذي سيقام به حفل الزفاف...
عن فستان العرس....وعن أمور كثيرة.
استبدلت بها الفتاة الأدنى بالذي هو خير...
آثرت زخرف الحياة الدنيا على زوج محب عطوف.
طبعا القصة تحوي تفاصيل كثيرة نسيتها أيضا...لكنها بصدق رسالة قوية موجهة لأصحاب المظاهر.

القصة الرابعة:
جسدتها الممثلة كاريس بشار...عن كيف يصبح المجتمع بعد تولي النساء مهام الداخل والخارج..
عن الذكور والأزواج كيف صاروا أشباه رجال لا يتحملون المسؤوليات، لأن المرأة تحملتها عنهم بطيب خاطر...لا بل ناضلت من أجل أن تثبت أنها تماما مثل الرجل..السترونغ اندبنت وومن..فجلبت لنفسها الشقاء من حيث لم تعلم.
عن كيف يصبح المجتمع مختلا إذا طبقت النساء أفكار النسويات.
مجتمع تصحو فيه المرأة، فتطبخ وتكنس وتجهز الأولاد، ثم تذهب إلى العمل، ثم تذهب لجلب أولادها من المدارس، وحين تحتاج مرة لخدمات الزوج بإصلاح حنفية، أو سيارة، أو إحضار الأطفال من المدارس..يجيبها بكلمة واحدة(ماني فاضي، دبري أمورك).
هكذا تصير حياة المرأة جحيما، حين تعتدي على مهام الرجال، فيهمش دور الرجل
لأن ما من رجل يحس برجولته مع امرأة قوية ومستغنية ومدبرة أمورها.
حلقة كانت قمة في الإبداع حقيقة.

هذا ما أسعف ذاكرتي المهترئة حاليا، وهنالك حلقات يعسر تلخيصها، كونها تناقش قضايا فلسفية غاية في الروعة والجمال.
وسيكون هنالك منشور آخر باذن الله، عن قصص وحكايا أخرى حال تذكرتها.

ملاحظة: لا تسألوني عن أسماء المسلسلات، لا أريد أن أحمل أوزارا فوق أوزاري.

#شمس_الهمة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

العيد

 تلك اللحظات الحرجة قبيل يوم العيد، ذلك التعب، والضغط، تلك الأمور التي أنجزت نصفها والنصف الآخر ينتظر منك اتمامه حالا، ذلك التوتر، وتلك الأع...