معاركي اليومية:
خطبنا لأخي فتاة مدخلية، حسناء بهية، تقول للقمر غادر لأجلس مكانك.
كلفت أنا بالمهمة، وحين تجاذبنا أطراف الحديث تبين لي أنها التزمت منذ عام ونيف ومن قبل كانت متبرجة مثلي، صعقت أنا لكلمة متبرجة ورحت أبحث في عباءتي الفضفاضة وخماري عن معنى التبرج، ثم تفقدت وجهي هل وضعت كحلا وحمرة دون أن أدري.
تجاوزت الأمر وسألتها عن مشايخها وعمن تأخذ دينها فقالت أنها مولعة بالمدخلي والرسلان.
ابتلعت ريقي ومسحت حبات العرق عن جبيني، ثم واصلنا تبادل الحديث.
وكان أن حذرتني من جماعة الإخوان المفلسين، قالت يبدو أنك عامية(ونية) ولا تعرفين أصول الاعتقاد وأسماء الفرق، وأن فرقتنا هي الفرقة الناجية وماعداها في النار، وهؤلاء الإخوان مفلسون ضالون مضلون
وهم الخوارج كلاب أهل النار، وهم أخطر علينا من اليهود والنصارى.
وأن الخروج عن الحاكم حرام، والأولى التقديس والطاعة.
شهقت وشرقت ياسادة وكاد ريقي يسبب لي اختناقة، وصاحت بها والدتها فأسعفوني بالماء.
وليتهم ما أسعفوني، وتركوني لحال سبيلي فالموت أرحم لي مما سمعت ومما صرت أسمع.
وحين هممنا بالخروج قالت لي والدتي "همسا"- ما رأيك بها؟ الفتاة حسناء ممتلئة ترى هل ستنال إعجاب أخيك.
وكذلك سأل والدي حين ولجت إلى السيارة فقصصت عليه خبرها، فضرب كفا بكف وأخماسا بأسداس ثم قال:(تالله لقد وافق شن طبقة؟!)
ودخلت أنا في غيبوبة، وتمنيت أن تدوم غيبوبتي أمدا طويلا، غير أني استفقت على الحقيقة بعد شهرين....
فقد حصل بينهما القبول، وتم الزفاف.
وبعد شهر العسل زارتنا العروس، وقضت معي يوما كاملا لغياب زوجها لعمل طارئ.
وكعادتي أحب مجالس البنات، انتحيت بها ناحية معزولة تضمنا لوحدنا.
ولأني ساحرة شريرة، أمتلك تأثيرا خفيا على البنات، رحت أحدثها بحديث يشبه السحر، وهي فاغرة فاها، وتنصت باهتمام.
خلال يوم واحد فقط كنت قد عبرت القرون الأربعة عشر، التي تفصل بيننا وبين زمن السلف.
وطفت خلالها بتاريخ الملوك والسلاطين، وسردت لها أسباب اختلاف المسلمين، وكيف نشأت الفرقة في الدين.
وتابعت كلامي وكأنني آلة تسجيل تعيد سرد الوقائع، وترسم الشخوص والأحداث والفجائع.
وحين أنهيت فوجئت بها تسمرت وكأنها تمثال على النيل. وغارت عيناها وسافرتا إلى حيث لا أعلم وفغرت فاها ولم تستطع أن تتكلم.
في الغد زارنا أخي فوجد زوجة غير التي تركها، ومن بين الجميع حدق بي وعيناه تقول:(إنه من كيدكن إن كيدكن عظيم).
وأشحت بوجهي ووليت مدبرة فرارا من نظراته التي أحسست أنها اخترقت ظهري.
هل ياترى سيستمر التأثير؟
ولمن ستكون الغلبة؟
وإن كنت أجزم أنه أقوى تأثيرا، لطول مكثه معها من جهة، وللحب الذي تكنه له من جهة أخرى.
فهل ستسألينني يا ماري مجددا عما استجد من أحداث، وعن يوميات أبو عبيدة ومعارك الشيخ جراح؟
وأنا هاهنا أخوض معارك لا يعلم بها إلا الله؟
ولا أعرف كيف أنجو منها، وكيف السبيل إلى الخلاص؟
#شمس_الهمة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق