الثلاثاء، 26 أكتوبر 2021

قصة غرق

 التقيته في الخدمة العسكرية، شابا خلوقا طيبا لكن به مسحة حزن عميق جدا، وهو إلى ذلك انطوائي لا يكاد يجلس معك لهنيهة حتى يغادر فورا ليختلي بنفسه.

كانت ليلة مقمرة هادئة حين توليت نوبة الحراسة الليلية وكان هو شريكا لي بتلك المناوبة.

تجاذبنا أطراف حديث عميق لأول مرة، حكى لي فيها سبب وجوده بالخدمة العسكرية، وسبب حزنه الدفين ذاك.

قال انظر للقمر، وأشار بإصبعه نحو السماء.

هل ترى جماله؟ لقد كان مثل القمر تماما

- من؟! سألته مستغربا

فأجاب: ضياء كان اسمه، ابن لأختي البكر 

كان حبة القلب ومهجة الفؤاد...كنت أحبه حتى إني لأمرض إذا غاب عني أسبوعا واحدا، طفل بهي في الرابعة من عمره.

ثم جاء ذلك اليوم المشؤوم...أردت الذهاب إلى البحر وراودت أمه وأباه لأخذه معي.

وافق أبوه، وامتنعت أختي.

ولازلت بها حتى أقنعتها...

يومها كان بجانبي، رن هاتفي فملت على جيبي ثانية واحدة لالتقاطه.

وفي جزء من الثانية، أعدت رأسي لوجهته، فلم أجد الصبي.

بحثت وبحثت وبحثت بلا جدوى.

-لقد كان هنا، من ثانية فقط كان هنا

-ماذا حدث بعدها؟ سألته مستفسرا

وجدوه بعد مدة، بعد أن لفظه البحر، جثة هامدة.

التحقت بالخدمة العسكرية فرارا من تأنيب الضمير، لكن الاحساس بالندم والذنب يلاحقانني أينما ذهبت.

أنام بالمهدئات، وأكاد أفقد عقلي.

(قصة حقيقية) رواها أخي على لسان صديقه

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

العيد

 تلك اللحظات الحرجة قبيل يوم العيد، ذلك التعب، والضغط، تلك الأمور التي أنجزت نصفها والنصف الآخر ينتظر منك اتمامه حالا، ذلك التوتر، وتلك الأع...