السبت، 1 يناير 2022

ما سبب ضعف الرواية الإسلامية؟!

 ما سبب ضعف الرواية الإسلامية؟


كما هو معروف أننا ابتعدنا كثيرا عن قواعد لغتنا الأم، ونقاط القوة والجمال فيها، فصرنا لا نتذوق كلام الأولين لأننا ببساطة لا نفهمه، ولا نتقنه.

فصار الكتاب العرب المعاصرون يكتبون بدون إلمام ولا اتقان، ولمس هذا جميع الفنون من نثر و شعر

فاختل الوزن والنظام، وفسد الذوق العام.


لدرجة أن شيخ العربية أبو فهر محمد محمود شاكر قال:((فمنذ وقت طويل، لم نعد نملك في أذواقنا عبقرية اللغة العربية، يمكننا أن نستبنط من موازنة أدبية نتيجة عادلة حكيمة.))


ويقول الطنطاوي ذات الشيء تقريبا عن شعر الحداثة وكتابات الكتاب المعاصرين.


لكن كمبتدئين في هذا المجال، قرأنا للرافعي والمنفلوطي وغيرهما

وقرأنا لأدهم الشرقاوي والعتوم وأحلام مستغانمي ومي زيادة وغسان كنفاني وبثينة العيسى وغيرهم.

لكن الجميع حين يقرأ للرافعي يحس بالصعوبة والإرهاق فيلتفت لكتابات أحلام مستغانمي وغسان فيجد السهولة والبساطة والجمال وانسياب الحرف متزامنا مع دفق الشعور ودقة الوصف.


لكنك إن أثنيت على فنيات وأسلوب هؤلاء المعاصرين تقابلك وجهات نظر معاكسة وعدم اعتراف بأي جمالية في طريقة كتابة هؤلاء بينما يتم الثناء فقط على الرافعي والمنفلوطي وووو


شخصيا حين قرأت للرافعي ستة مؤلفات لم ترقني سوى ثلاثيته(وحي القلم) لقد كانت العمل الخالد المجمع عليه من جميع القراء بالجمال، في حين لم ترقني كتبه الأخرى التي قرأت، وأصابتني بالارهاق والملل.


لم أكن أعرف لماذا، ولم أكن أجرؤ على قول أنها لم ترقني مثل سلسلة وحي القلم، حتى وقعت على مقال للشيخ الطنطاوي قال فيه أنه كان منبهرا لفترة بالرافعي ثم زال ذلك الانبهار بعد أن وقع على كتب المنفلوطي لأنه وجد في كتب الأخير بساطة الكلمة ودفق الاحساس في مقابل التكلف الذي كان متبعا في كتابات الرافعي. فقال عنه:((وعلى رأيي أن الرافعي قد بدلته الأيام، فلم أعد أستحسن من الأساليب إلا ما قارب الطبع وبعد عن الصنعة)).

ثم قال أنه مالبث أن زال انبهاره بالمنفلوطي حين قرأ رفائيل للزيات فوجده كنزا من كنوز النثر.


لأعترف أن كلام الطنطاوي أراحني قليلا، فأن تحس أنك بعيد جدا عن لغتك الأم ولا تحسن تذوق ما يجمع عليه الناس، يشعرك وكأن اللسان استعجم، وأن ذوقك كاسد فاسد.


غير أن القراءة لبعض الكتاب المعاصرين(الروائيين بالتحديد)، الذين ذكرت أسماء بعضهم وأتحفظ عن ذكر أسماء البعض الآخرين بسبب فساد مضامين ما يكتبون، لطالما أبهرني وسحرني واجتذبني بقوة، ذلك أن الكتابة شاعرية، وطريقة السرد والوصف رائعة، إضافة إلى رصد الأحاسيس والمشاعر والانفعلات البشرية بدقة لامتناهية.


ولم أكن أعرف السبب، سبب أني أنجذب لكتابات الروائيين-غير الملتزمين- بينما أنفر وأستثقل روايات الملتزمين(أستثني هنا الروائي أيمن العتوم)، حتى وقعت على اعتراف من الشيخ سلمان العودة قال فيه:((قراءة تلك الروايات على مافيها من مجون صارخ، عودني سهولة التعبير، وتجنب الضغط على الحروف أوالتفاصح، والتنطع في المخارج كما كان يوصي به أئمة اللغة كأبي عمرو بن العلاء والأصمعي)).


ثم عثرت على مقولة لقاسم أمين يقول فيها:((الكاتب الحقيقي يتجنب استعمال المترادفات فلا يأتي باسمين مختلفين لمعنى واحد في مكان واحد، لأن ذلك يكون حشوا في الكلام مستهجنا، ودليلا على فقر في الفكر والخيال، ولكن إذا كان المقال يستدعي ذكر عدة معان متقاربة يجمعها معنى واحد، فاستعمال المترادفات الموضوع لها حسن، وقد يكون مطلوبا إذا كان لازما لتسهيل فهمها أو إظهار الفروق التي بينها، كذلك الكاتب المجيد لا يضع صفة بجانب الاسم إلا إذا اقتضى الحال أن يميزه بصفة مطابقة للواقع، على أن الاعتماد على ذكر الصفات والمبالغة فيها بقصد التأثير هو أقل درجات فن الكتابة، ويفضلها بكثير طريقة الغربيين الذين يعولون في الوصف على ذكر الوقائع وشرح ظروفها وتحليلها تحليلا دقيقا، أو تشريح الإنسان وفتح جوفه وكشف ما خفي من أعصابه، وسبر غور أحشائه، والتسمع على نفسه لإدراك ما يدب فيها من النزعات والخواطر والأميال والحركات، ويوصف منظر الشي بهيلكه التام بأجزائه كلها ليحدث في نفس القارئ والسامع صورة كاملة وشعورا تاما، وأثرا باقيا.))


ويجيب الأديب الكبير فايز محمد عن هذا الإشكال بقوله:((الكتابة الروائية هي كتابة فنية...والكاتب الروائي لابد أن يكون فنانا.

هنالك نوعان من الكتاب، الكاتب الفنان والكاتب الباحث الدارس المفكر العالم...هذا الأخير أعني الكاتب المفكر الدارس الباحث لا بصلح للكتابة الروائية...لأنه لا يمتلك الملكة الفنية...

الكتابة الروائية فن....يتطلب ملكة فنية...وليس كل من كتب رواية فنانا...كما أنه ليس كل من كتب قصيدة أو ديوانا شاعرا...الفن نقل للأحاسيس والانفعالات...وليس نقلا للمعاني والأفكار مجردة من الإحساس والانفعال...

و الأمر يشمل الكتاب الإسلاميين بشكل خاص.

غالبيتهم يستعمل المواد التاريخية والرسالة الوعظية بطريقة مباشرة تقتل الرواية.

لا بد من التنبيه إلى أن الرواية ينحط مستواها الفني....إذا ما دخلها التعليم والوعظ...اللهم إلا إذا كانا غير مباشرين وغير مكثفين...

وهذا ما يغيب عن ذهن الكثير من الكتاب الملتزمين حين يكتبون فن الرواية...

فتأتي أعمالهم إما تعليمية أو وعظية بحتة وجافة.

مكتظة بالتعليم والوعظ المباشرين الصريحين..))


أنتم ما رأيكم؟


#شمس_الهمة







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

العيد

 تلك اللحظات الحرجة قبيل يوم العيد، ذلك التعب، والضغط، تلك الأمور التي أنجزت نصفها والنصف الآخر ينتظر منك اتمامه حالا، ذلك التوتر، وتلك الأع...