وظيفة الكاتب
بعض الأصدقاء والمتابعين، يريدون حصرك في زاوية معينة؛ أو الوصاية على عقلك وأفكارك؛
اكتبي عن التبرج..وفساد البنات..
لماذا لم توضحي موقفك من هذه القضية، أو هذا الترند؟
تجنبي حديث السياسة فستتضررين جراء ذلك..
لا تكتبي عن حقوق النساء سيحقد عليك الرجال..
إحداهن قالت لي لماذا لا تكتبين عن سوريا؟
أخرى طلبت مني الكتابة عن ليبيا...
حقيقة أشكر كل هؤلاء على اقتراحاتهم، وأفكارهم، وأثمن نصائح من يراسلني رسالة محب مشفق..
لكن مع ذلك أقول نحن لا نختار المواضيع التي نكتبها...في الغالب هي من تختارنا.
أتنفس حرفا، ومع ذلك أقمع نفسي من التفكير، أقوم بوأد أفكاري في مهدها دوما، ولا أسمح لها بأن ترى النور...
أمارس عليها عمليات إعدام كل يوم، وأتفرج بمرآها تلفظ آخر أنفاسها..
أما تلك الحروف التي تتفلت من بين يدي، وتتمرد علي، وتناضل للبقاء، أنشرها هنا وهناك على صفحات الفبس بوك، فإن كانت أهلا للبقاء ستبقى وتفيد
وإن لم تكن أهلا لذلك فالأحسن أن تختفي وتباد.
أما بالنسبة للضرر الذي قد يطالنا من وراء الحروف، فهو موجود، وأيما شخص تصدر لخدمة العامة فلا ريب سينال الناس من عرضه...
نحن نتعرض للتصنيف تارة والاتهام تارة أخرى..نتعرض للتبديع والتجريح..
والكاتب يدرك ذلك الضرر ويعيشه، يتألم منه تارة، ويتعذب تارة، وتارة أخرى يستمتع بذلك العذاب حين يحتسب كل ذلك عند الله...ويكتب الحق ولا يخاف فيه لومة لائم..
ولسان حاله يقول ما قاله الصحابي عثمان بن مضعون حين فُقِئَتْ عينه في سبيل الله، فضحك منه المشركون، فقال: (إنّ عيني الصحيحة لفقيرة إلى مثل ما أصاب أختها في الله) ...
هنالك قوة داخلية تدفعنا للكتابة حتى لو حصل الضرر من وراءها..
يقول أحد الكتاب«من أحكم الأشياء التي يدور عليها تقدم النوع الإنساني ويؤكد حسن مستقبله هذه القوة الغريبة التي تدفع الإنسان إلى نشر كل فكرة علمية أو أدبية متى وصلت إلى غاية نموها الطبيعي في عقله، وأعتقد أنها تساعد على تقدم أبناء جنسه، ولو تيقن حصول الضرر لشخصه من نشرها، تلك قوة يدرك سلطانها من وجد في نفسه شيئاً منها، يشعر أنه إن لم يسابقها إلى ما تندفع إليه ولم يستنجد بقية قواه لمعاونتها على استكمال ما تهيأت له غالبته إن غالبها وقاومته إن قاومها وقهرته إن عمل في قهرها، وظهرت في غير ما يحب من مظاهرها، كأنها الغاز المحبوس لا يكتم بالضغط، ولكن الضغط يحدث فيه فرقعة قد تأتي على هلاك ما حواه.»
الكتابة لا تخضع للضغوط، أو إملاءات الجماهير، و القلم قد لايطاوع صاحبه حين يود أن يكتب تحت الطلب..
ومن يرزقه الله قلما، لا ينبغي أن يكون عبدا لما يفرضه الجمهور..
الكاتب لا يكتب لتصفقوا له، ولا لينال الإعجاب على حساب دينه وقضاياه وما يؤمن أنه الحق.
الكاتب لا يهدهد القراء، ولا يجاملهم ليرضى عنه الذكوري والفيمينست، والمتشدد والكيوت ووو
وظيفة الكاتب لا تتمثل في الكتابة عما يوده القراء ويرغبون في سماعه، وظيفة الكاتب أن يكتب ما يحتاجه الناس لا ما يحبونه.
#شمس_الهمة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق