الجمعة، 26 يونيو 2020

عن المجموعات النسائية

عن المجموعات النسائية:

أما عن المجموعات النسائية، فقد كنت عضوة ولا زلت في الكثير منها، انطباعي الأولي عنها كان السطحية والتفاهة، لم أجد نفسي فيها البتة، الحديث كله عن الأكل والطبخ والنفخ، وتكبير الشفايف، وتفسير الأحلام.

كان عالم المنتديات يضم تقريبا الماكثات بالبيوت من صبايا ومتزوجات، لكنه كان عالما عاطفيا، سلبيا
وفيه انمحاء تام مع الزوج والأولاد، لم يكن لواحدة منهن موهبة خاصة، أو فكر مستقلا، أو وقت خالص لطاعاتها وعباداتها، كل يومياتهن تدور في فلك الزوج ورغباته ورغبات الأطفال.

كان الأمر مخيبا لي، وكنت أحس بغربة شديدة وسطهن، ومع ذلك رغبت في الاندماج، ونحوت طريقهن.
كنت لا أكف عن تصوير أطباقي وحلوياتي، وألج مسابقات أجمل وصفة، وأجمل طبخة.
كنت قبل ذلك أكتب الكثير من المقالات التي لم يقرأها أحد.

لكن مع اندماجي بينهن، صار بيننا حميمية وعلاقة وطيدة كانت كافية لاطلاعهن على مواضيعي، وصرن أخيرا يتفاعلن مع المواضيع الجادة والهادفة ، والجميل أنني وبمبادرة تقدمت بها للمشرفات دفعت بهن نحو عالم القراءة، والمسابقات المختلفة حولها، وأتذكر كم السعادة التي شعرت واياهن بها، فقبل ذلك الوقت، لم تكن احداهن تجرؤ على فتح كتاب.

على الفيس بوك تعرفت مجموعة عجوزتي وسلافاتي ومثيلاتها، كان الأمر مؤلما جدا في البداية، ضغط نفسي، عصبية واضحة، نقمة على الجميع، سوداوية تلبستني، يأس أحاط بي.
فقد كرهت المجتمع الجزائري، الزواج، وشخصية الرجل الجزائري أيضا.
ابتعدت عنها فترة من الزمن، ثم عدت إليها بهدف الكتابة فكل البؤس الذي كنت أقرأه هناك، كان دافعا لي لأكتب عنه أكثر، وأصحح المغلوط منه.

لم أكن أكثر الجدالات، انما فقط أقرأ القصص المبثوثة هناك، القصص الموجودة كانت صادمة لي بشكل لم أعهده في حياتي، العالم الوردي وراء أسوار نافذتي والذي كنت أود اكتشافه، صرت أمقته بشدة، وصرت أتقوقع على نفسي أكثر، وأخاف أن أواجهه يوما ما.

لكن بعد مدة اكتسبت الحصانة والصلابة اللازمين، وتأقلمت مع الوضع، وتوقفت الكوابيس والبكاء اليومي.

تلك المجموعات عرفتني حقيقة الواقع، خفضت سقف الأحلام والتوقعات لدي، علمتني كيف يتعايش الناس مع كل ذلك البؤس.
وأن الزواج في الجزائر مرادف الشقاء والبؤس إن لم يتفق الطرفان في البداية على ترسيم الحدود الشرعية.
ونظرة عامة اكتسبتها عرفت من خلالها سبب تلك المآسي، كان السبب الأول الجهل بالدين، والجهل بالحقوق لكافة أولئك النساء اللواتي يعانين الظلم.
واكتشفت من خلال قراءة تعليقات النسوة هناك حول موضوع ما، أن المرأة أكثر من يظلم المرأة، وأن ما من فتاة تطرح مشكلة إلا وتحاول الغالبية اقناعها بأنها المخطئة، وأنها تفتقر إلى الصبر وأنها انسانة متطلبة وووو.

غالبية الفتيات المثقفات والملتزمات يحتقرن ذلك العالم، ويلمن تلكم النسوة، ويتهمنهن بأنهن يكثرن الغيبة والنميمة وإفشاء الأسرار ووو.
الغالبية يفرون من تلكم المجموعات بسبب وجع الرأس.

ألا ليت شعري هل تسمى الفضفضة والبحث عن الحلول والاستشارات غيبة ونميمة؟
ثم إلى من تتجه المظلومة وقد سدت أمامها جميع الأبواب؟
وإلى من تشكو همها وما من أحد يستمع لها؟

لا أوافق طبعا على أن توضع الاستشارات في مجموعات غير المتخصصين، لأنهم لا يعرفون حيلة ولا يهتدون سبيلا، لكن لا تلام هؤلاء لأنهن لا يعرفن أصلا أين يمكن أن تحصل احداهن على استشارة لحل مشكلة ما غير هذا الفيس.

ربما لا تلام مرهفات الحس و الضعيفات، والمراهقات الصغيرات، لكن الحق أقول لكن أن الواجب على المثقفات والناضجات ولوج تلكم العوالم- كل حسب وقتها- وليس بالانغماس التام فيها طبعا، والإسهام فيها أو على الأقل اكتشافها والإحاطة بالأمور هناك، وبالتالي محاولة تغيير ما لا نرضاه عن طريق القلم، وهذا هو دور المثقف الحقيقي.

فالمثقف الحقيقي هو من يفهم مجتمعه ويعرف كيف يتعامل مع قضاياه
المثقفون الحقيقيون ليسوا مجرد متثاقفين يتناولون الثقافة بالشوكة والسكّين..يجلسون في بروجهم العاجيةٍ ويلعنون الناس المغروزين في تراب الجهل والرجعيّة والتخلّف.

 نحن من الشعب وعليه يجب أن ننظر إلى هؤلاء بعين الشفقة لا عين الإزدراء،

ولنتعامل بهذه المبادئ:
قيل في الأثر: (( أوصيك ألا تحتقرن أحدا ً أو خلقا ً من خلق الله ، فإن الله ما احتقره حين خلقه ))
فلا تدري إن كان لهذا العاصي حسنات مطمورة في بحر ذنوبه.

ويجب علينا مخالطة وتقبل جميع الناس حتى غير الملتزمين فالمسلم الحق لا يعيش على الهامش ولا ينعزل إنما يؤثر ويتأثر...

إن معاشرة المنحرفين الذين غُرِّر بهم وخُدِعوا بإتباع شهواتهم، أمر ضروري بالنسبة للمؤمنين الرساليين ، وذلك كي يعظوهم ويرشدونهم وينبهونهم الى الخطر المحدق بهم، والذي يهدد حياتهم الدنيوية والأخروية ، فمقاطعتهم دائماً قرار خاطئ ، فربما يحتاج موقف معين الى المقاطعة ، ولكن يجب أن لا تكون المقاطعة دائمة، لأنها ستفسح المجال لقادة الانحراف لجذبهم وقيادتهم الى مستقبل أكثر وحشية وضلالا.
إن بعض المؤمنين يرى الإبتعاد عن أولئك المنحرفين فيه حماية وحصانة لإيمانهم ، فالتماس بهم يعرّض إيمانهم والتزامهم الديني الى الخطر ، وهذا وإن كان أحياناً صحيحاً ، إلا أن من الممكن أن تكون معاشرتهم بشكل وكيفية يمنع التأثر بإنحراف أولئك ، من باب ( كن فيهم ولا تكن منهم )، وهذا يعتمد على ذكاء وحكمة المؤمن ، فعلى المؤمن أن يعاشر المنحرف كما يعاشر الماء العذب الماء المالح فيجعل بينهما برزخاً معنوياً يمنع من انتقال ملوحة الانحراف الى عذوبة الايمان)).

#شمس_الهمة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

العيد

 تلك اللحظات الحرجة قبيل يوم العيد، ذلك التعب، والضغط، تلك الأمور التي أنجزت نصفها والنصف الآخر ينتظر منك اتمامه حالا، ذلك التوتر، وتلك الأع...