السبت، 9 أبريل 2022

مشهد مصغر من مشاهد يوم القيامة نراه اليوم على شاشاتنا:

 


مشهد مصغر من مشاهد يوم القيامة نراه اليوم على شاشاتنا:


كل مرة أشاهد حلقة تلفزيونية لإحدى البرامج التي تعرض المشكلات الاجتماعية، يحزنني هذا الأمر ويؤرقني بشدة؛ حين يقومون باستدعاء (المعني)، لفضحه، ومواجهته، وربما استسماحه، ونادرا جدا استدعاؤه لتكريمه.. 

ما يلفتني هنا، هو أن كل النماذج حين يتم سؤالها:(من تتوقع أنه استدعاك؟ ولماذا)، (وهل يوجد بينك وبين أحد ما مشكلة أو مظلمة؟)، يجيب غالبية هؤلاء، أنه ما من مشكلات لهم مع أحد، هم أشخاص طيبون محبوبون، ليس لهم أعداء، ويتوقع هؤلاء تبعا لذلك ، أن شخصا ما.. يود تكريمهم، على معروف صنعوه.


ثم تظهر شاشة صغيرة، ليفاجأ (الضيف المعني)، أن وراء الشاشة يجلس ذلك الشخص المجهول الذي طلب مقابلته، ويكون غالبا شخصا مقربا جدا..أحد أفراد عائلته(أبا، أما، أخا، زوجة، زوجا، ابنا، ابنة ...) 

ثم يقدم هذا الأخير مظلمته أمام الملايين من المشاهدين ضد ضيف البرنامج.


طبعا الضيف يصاب بالدهشة، ينعقد لسانه، وتبدو عليه أمارات الغضب، والخجل، ومشاعر أخرى مختلفة..

لن تتمنى هذا الموقف لعدوك، فضيحة علنية أمام الملايين من المشاهدين، ومواجهة على الهواء، يذكرون فيها ظلمك وتقصيرك، ويعددون فيها مساوئك وعيوبك، وسلسلة أخطاءك..


قد تكون بعض القصص مفبركة، وبعضها مجرد تمثيل، لاستمالة المتابعين، وزيادة عدد المشاهدات، وقد تكون غالب القصص حقيقية...الله أعلم


لكن الأمر لا يفتأ يشعرني بالرعب، مجرد تخيل نفسي مكان أحدهم..يبعث في جسمي قشعريرة، وتدب في أوصالي صعقة كما الكهرباء.. وترتعد للأمر كل فرائسي..

والمرعب أكثر أن تلك المشاهد قريبة جدا لمشهد يوم القيامة، ويوم الحساب..

تستدعى أمام الناس كلهم، باسمك ولقبك، يؤتى بسجلك، وتعدد أفعالك وأخطاؤك..فضائح بالجملة..لم يكن الناس يعرفونها عنك من قبل، يكشف المستور، وذنوب الخلوات، ومعاص ارتكبتها سترها الله في حياتك..لكنك مع ذلك تماديت..

يؤتى بك، وأنت تظن عن نفسك كل الخير، تظن كما ظن هؤلاء*المدعوون*، أنك شخص مسالم، طيب، وليس لك ذنوب كثيرة كما العصاة..كنت ابنا بارا،َ أبا رائعا، وأخا رائعا..وجارا رائعا أيضا..لم تكن مقصرا مع الناس من حولك..هكذا تعتقد عن نفسك..

ثم يؤتى بأخيك ابن أمك وأبيك، يشكو مظلمة..وتأتي شقيقتك أيضا..ثم زوجك.. وأولادك..ابنتك التي اعتقدت أنك كنت تدللها..وابنك الذي كان نور عينك..

كل فرد من هؤلاء جاء يقتص منك..كل واحد من هؤلاء ظلمته يوما ما في أمر ما..وجاء اليوم لمحاسبتك..


في تفسير قوله تعالى { يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه}.

قيل: يفر منهم حذرا من مطالبتهم بالتبعات، يقول الأخ: لم تواسني بمالك، والأبوان: قصرت في برنا، والصاحبة: أطعمتني الحرام وفعلت وصنعت، والبنون: لم تعلمنا ولم ترشدنا، ويشعر بذلك ما أخرج أبو عبيد وابن المنذر عن قتادة قال: ليس شيء أشد على الإنسان يوم القيامة من أن يرى من يعرفه مخافة أن يكون يطلبه بمظلمة. ثم قرأ: يوم يفر الآية.


اللهم سلم، سلم.


#شمس_الهمة


 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

العيد

 تلك اللحظات الحرجة قبيل يوم العيد، ذلك التعب، والضغط، تلك الأمور التي أنجزت نصفها والنصف الآخر ينتظر منك اتمامه حالا، ذلك التوتر، وتلك الأع...