اليوم سأكتب رائعتي الأدبية الأولى:
اليوم قررت أن أقرأ وأكتب، قررت أنه سيكون لي جلسة هادئة، جلسة فيها تصفو الروح والنفس، وتتأمل أخيرا.
اليوم سأتكور على نفسي مثل دودة قز، وأنسج رائعتي الأدبية الأولى.
نهضت باكرا ونشيطة كالعادة، اليوم ليس كباقي الأيام، سأبقى مع كتبي وحاسوبي، حتى تشرق الشمس.
لم يمض على حماستي سوى ثوان، لأفجأ بأمي مستيقظة ومستنفرة:
- (اشربي قهوتك سريعا...اليوم ننفض السجاد، وننظف الصالون..قبل الشروق، وقبل العاشرة نعيد ترتيب كل شيء تحسبا لضيف مفاجئ!!
أصاب بالهلع والجزع، متسائلة عن آخر موعد قمنا فيه بتنظيف الصالون ونفض السجاد؛
- علاش ننفضوا ماما، ياخي غي كيما نفضنا؟!
تجيب والدتي ساخرة:
- علاش نتي عندك الراس، اليوم كملنا شهر بالتمام ما نفضناش، ولازم اليوم ننفضوا.
- شهر كامل مر دون أن اشعر بذلك!!
ما يعني أن مهلة الثلاثين يوما لم تجد يوما للاكتمال إلا اليوم، المشكلة أن تواريخ أمي مضبوطة جداا، وأعمال التنظيف -التي لا تنتهي- مسطرة بعناية، أمري لله، سننفض اليوم وغدا أقرأ وأكتب..
أقرر أني سأقرأ وأكتب في فترة القيلولة، أتحمس لذلك، وأتمنى في سري أن لا يزورنا أحد اليوم، أو أن تتطفل احدى جاراتنا في ذلك التوقيت، أعد لهم الفطور وأغسل الأواني سريعا، نصلي صلاة الظهر ويتوجه كل منا لغرفته، أغلق علي غرفتي، وأقوم بطرح الستائر لتصبح الغرفة مظلمة فهذا الجو يساعدني على التركيز، تطرق والدتي الباب ثم تسألني قائلة:
- باغية تڨيلي؟!
- لا لا ماما، مش رايحة نقيل.
- جيد، اليوم موعد التنظيف العميق للثلاجة، أم نسيتي؟!
أصاب بالإحباط، تنظيف الثلاجة السطحي عمل روتيني يومي، لكن والدتي تصر على التنظيف العميق مرة في الأسبوع ، إنه يوم الاثنين، يا للحظ!!
حسنا مساء باذن الله، سأتفرغ للقراءة والكتابة
أصلي العصر وأقرأ أذكار المساء، تتصل أختي المتزوجة على السكايب، أضطر للتوقف عما كنت بصدده، وأجيب المكالمة، أجيب ليس شوقا أو رغبة، بل خوفا من لوم أختي وحساسيتها المفرطة، واتهاماتها لي بانعدام الاحساس والمشاعر والبرود والتكبر، كل هذا لأني أعرف أن أقل مكالمة سكايبي لأختي تستغرق أربع ساعات، وهذا بشكل يومي، لذلك أفر من مكالماتها فراري من الأسد، وأسلم التابلات لوالدتي، لكن أختي تعتبر ذلك تهربا من واجبات الأخوة، وجفاء وبرودة..
أستسلم لأحاديثها الروتينية بقلب ساه، وعقل مشغول، ورغبة مكبوتة أرجو فيها أن تقطع الاتصال( ياخي يامس حكينا كلش، اليوم مكاش الجديد)
- بعض الهدوء أرجوكم·· أريد بعض الهدوء·· أريد أن أنفرد مع نفسي وكتبي.
ضاعت الأمسية!!
لماذا تصر هذه الأمور على أن تقع اليوم؟·· اليوم الذي قررت فيه أن أكون أديبة عظيمة؟
أستيقظ من جديد، في غد جديد، أملا في واقع جديد.
أمارس تماريني الرياضية، فتقتحم والدتي علي الغرفة:
- آبنتي مكان لاه تعيي روحك اليوم بالسبور، عنا الشقا بزاف ونحتاجك ليوم.
- علاه، غي الخير ماما.
- اليوم ننظف رخام المطبخ، وكذا الفرن والخزانة!!
- عندك الحق ماما ليوم نجبدو الكوزينة، والفايونس لازم تشوفي فيه روحك، هكا يديرو الفحلات.
ضاع اليوم، وضاعت قيلولة ذلك اليوم وأمسية ذلك اليوم أيضا..
فعادة مع كل جهد عضلي أبذله، أترك كل طاقتي هنالك في المطبخ، لأستسلم بعدها لقيلولة لا أملك معها فتح كتاب أو مصحف، فحين أتعب أعجز نهائيا عن القراءة أو التفكير، كل ما أفعله هو النوم، والاستسلام للأحلام اللذيذة.
لا بأس سأتفرغ غدا.
شهر آخر، ويوم جديد آخر:
- اليوم موعد عودة أشقاءك من الجامعة، يلزم تحضير فطور دسم شهي، وحلوى مابعد العصر، وعشاء يضم وجبة تقليدية معقدة ومرهقة.
- علاش اليوم الخميس؟
- ايه الخميس.
يوم آخر هو اليوم العالمي لتصبير الجلبان، قرابة 25 كيلو يلزم تنظيفها وتصبيرها ووضعها في الثلاجة..
يوم آخر هو اليوم العالمي لتنظيف الستائر...ويوم آخر هو اليوم العالمي لغسل الأغطية..
كل موسم هنا نمارس فيه الأعمال الشاقة كما فعل المسجنون زمن روسيا القيصرية..
لا بأس فدوستويفسكي مارس الأعمال الشاقة في سيبيريا أيضا، هذا حال كل الأدباء عبر الازمان(أعزي نفسي).
- لماذا يتذكر الجميع الأيام، بينما تتخطفني دوامة الزمن وتأخذني معها إلى القعر؟!
ماذا أفعل كي أجعل مضي الزمن أقل وطأة؟
لكي اجعل مضي الزمن يواكب مضيي انا؟
لكي أتصالح والزمن؟
يا للزمان السيء هذه الأنامل خلقت لتكتب...بدي ز..و...ج..غ..ن..ي وشغالة
يعني شو كان صار لو كنت زوجة لأمير خليجي ثري؟
😄😄
#شمس_الهمة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق