ظلم الزوجة الثانية:(ملف منسي تماما)
كثيرون يعتقدون أن الزوجة الأولى أكثر تضررا من الزوج المعدد، وأن الزوجة الثانية شيطان، و*خطافة رجال*..وهي التي تحرض الرجل وتنسيه في زوجه وأولاده...نعم هكذا صور لنا الإعلام والمسلسلات الزوجة الثانية..
ولأنك يا ابن آدم فقير العلم، ضعيف الرأي، فإن هنالك أشياء تخفى عنك، بينما تأخذ أنت حكمك ضدها، ذلك أنك لم تحط بالأمر خبرا.
قررت البحث في هذا الملف، فصدمت لكثرة الحالات التي تعاني من الظلم..
كثيرا ما نسمع عن ظلم الزوجة الأولى، التي عدد عليها زوجها.
لكن نادرا ما نتكلم عن ظلم الزوج للزوجة الثانية، مع أن هنالك نماذج كثيرة تتألم بصمت.
والسبب أن الناس غالبا ما يتوجهون بأصابع الاتهام للزوجة الثانية، وأنها لو تكلمت فلن ينصفها أحد، وسيلقون باللائمة عليها، لأنها اختارت ذلك الوضع وارتضته لنفسها..لذلك غالبا ما تلجأ هؤلاء النسوة للصمت..
صديقتي السلفية من مدينة سعيدة، مطلقة ولها ابن، والدها متوفي، وتعيش تحت رحمة زوجة الأخ، وخادمة ذليلة عندها..بعد أن كانت مدللة في حياة والدها...ولكن الأيام جارت عليها، وأصبح هذا هو حالها بعد طلاقها ووفاة والدها...خطبها شاب سلفي متزوج، ترددت كثيرا كي لا تبني سعادتها على تعاسة غيرها، لكن الظروف أجبرتها على قبول العرض..لكن تقول لي وعدني بأن يعدل بيننا، ووعدته أن لا أحرضه على زوجته الأولى، فلست أريد المشكلات..لكن الذي حدث أني صرت أنا الضحية، فهو يمكث مع زوجته الأولى وأبناءه، ولا يزورني إلا لماما، مرة كل أربعة أشهر....العيد أقضيه وحدي ويقضيه هو مع زوجته الأولى وأولاده..أنفق على نفسي، وأشتري حاجياتي..وإذا مرضت ليلا لا أجده معي..لكني لا أستطيع الشكوى، فكلما هممت بذلك لامتني النساء، أني من جلب ذلك لنفسي بينما لا يعرفون ظروفي..
امرأة أخرى قالت: " تغير علي زوجي، بعد أن تصالح مع زوجته الأولى وأولاده لأنهم عارضوا زواجه بي...لم يعد يهتم بي كالسابق، ولا يقول كلمة حلوة، يسكت ولا يريدني أن أتكلم، وعندما أناقشه يقول: راعيني، لم أصدق أن عادوا لي عيالي، أشعر بالقهر والحزن من إهماله لي".
أخرى قالت: "حرمني من كل حقوقي الزوجية منها المبيت والمعاشرة الزوجية، لقوله إن زوجته تغار عليه كثيرا"
متصلة اتصلت بالدكتورة هالة سمير، قالت فيها أنها الزوجة الثانية ولها مع زوجها ولدان، ورغم ذلك يهملها وأطفالها إهمالا تاما، ولا يقوم على شؤونهم، على عكس الزوجة الأولى التي يدللها ويحرص على راحتها، مع أنه إمام وخطيب!!
كتبتُ من قبل ملفا حول التعدد ذكرت فيه بعض الحالات التي شرع لأجلها التعدد، وسيظل الرجال يعددون، وستظل النساء تضطر للقبول برجل متزوج.
فالتعدد لم يشرع أصلا لصالح الرجل؛ لأن التعدد بالنسبة له مسئولية وتبعات، وإنما شرع لمصلحة مجتمع النساء.
فالتعدد لم يوجد فقط لإشباع نزوة عابرة، وإنما شرع لتحقيق العدل في ميزان الحياة للفقيرات واليتيمات، والعوانس، والأرامل والمطلقات، ولا يخفى على أحد وضع الفتيات الفقيرات، ومن حرمتهن الظروف من الجمال والمال والحسب والنسب.
- مراعاة الظروف الصحية التي تمر بها الزوجة:
فقد تضعف عن القيام بوظيفتها المنزلية أو الزوجية كإصابتها بأمراض مزمنة أو عجز مرهق أو عقم دائم، فتتعرض هذه المسكينة البائسة إلى خطر هجر الزوج لها أو طلاقها، ومصلحتها تقتضي أن تظل في بيتها وتحت رعاية زوجها.
– علاج بعض المشاكل الإنسانية:
كإتاحة الفرصة أمام العوانس والأرامل والمطلقات بأن يحظين بأزواج يجدن معهم العفة، وذلك خير للمجتمع من الوقوع في مستنقعات الرذيلة.
والأم الأرملة المتوفي عنها زوجها تاركًا لها أطفالًا، فالتعدد يفيد في تلك الحالة في إعفافها أولًا، ثم رعاية وكفالة أطفالها الأيتام.
- الحب والتعلق: فكثيرا ما جمعت بيئة العمل أو الدراسة بين رجل متزوج وصبية حسناء، وحصل بينهما مشاعر الحب التي لا يملكان معها شيئا سوى النكاح..
- المرأة النابغة، العالمة، المفكرة، القائدة، الطبيبة، أو الداعية أو...أو.... والتي يحتاجها المجتمع بشدة:
لن تستطيع القيام بواجبها الكامل مع الزوج نتيجة انشغالاتها الكثيرة، فهل تبقى مع زوجها مقصرة بحقه، أو تقوم بحقه كاملا وتهمل دورها في المجتمع، أم تبقى وحيدة، أم من الأفضل أن تحظى بزوج تقاسمها أخرى اياه.
فليس كل النساء تستطعن القيام بحق الزوج، فإذا بقيت هكذا امرأة وحيدة، تعبت وتألمت، وإذا بقيت مع الزوج أضحت مقصرة بحقه، والحل هنا إما مفارقته، أو السماح له بالتعدد.
- الرجل الكفء(كالعالم، الشيخ، الداعية وووو): تحتاج النساء الارتباط بقيم حقيقي، رجل تام الرجولة، ذو مروءة وسعة علم ونبل وأخلاق، تحس معه بالأمان، وهذه النماذج قليلة ونادرة في مجتمعاتنا، لذلك لا تمانع المرأة الارتباط برجل كهذا ولو كان متزوجا، لكنها غير مستعدة للارتباط بشبه رجل، وان لم تشاركها احداهن عليه، وفي هذا أسوق عديد الشواهد:
يذكر الفيلسوف ويل ديورانت عن الملك شارلمان بأنه قد جرى على سنة أسلافه، "فاتخذ له أربع أزواج واحدة بعد الأخرى، وأربع عشيقات أو حظايا، وكانت نساؤه يؤثرن أن يكون للواحدة منهن نصيب منه على أن يكون لها رجل آخر بمفردها.
وقالت "أستاذة ألمانية في الجامعة" : "إن حل مشكلة المرأة الألمانية هو في إباحة الزوجات. إني أفضل أن أكون زوجة مع عشر نساء لرجل ناجح على أن أكون الزوجة الوحيدة لرجل فاشل تافه. إن هذا ليس رأيي وحدي بل هو رأي نساء كل ألمانيا".
أما الدكتورة عائشة الرحمن فقالت في كتاب نساء النبي:
“وفي مسألة التعدد، جانب دقيق غفل عنه كثير ممن أنكروه، ذلك هو أن الرجال ليسوا سواء، وقد تؤثر أنثى -راضية- أن يكون لها حظ النصف من رجل، على أن يكون لها غيره كاملا.”
لماذا تتعرض الزوجة الثانية للظلم أكثر من الأولى؟!
الشائع عند الناس أن الزوجة الأولى تتعرض للظلم من طرف الزوج أكثر من الثانية، وذلك لعدة أسباب منها الفرق في السن والجمال بين الأولى والثانية..والذي يجعل الرجل يميل حتما للأصغر والأجمل.
لكن الإحصائيات تقول أن الزوجة الثانية عادة ما تكون ضحية في معظم الأوقات، خاصة إذا كان الرجل قد تزوج قبلها بفترة طويلة وله أولاد كُثر وكانت الزيجة الثانية قد جاءت في ظروف غير طبيعية، وعادة ما ينظر الزوج إلى الزوجة الثانية على أنه لا حق لها، وبذلك يهملها غالباً، وهذا ظلم بيِّن ؛ لأنه يخالف شرع الله تعالى، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا بأن الرجل الذي يتزوج امرأتين ولا يعدل بينهما يجيء يوم القيامة وشقه مائل.
لذلك يغفل الناس عن سبب مهم يجعل من الزوجة الثانية أكثر عرضة للظلم من الأولى، ألا وهو تأثير الألفة، وطول العشرة والأولاد..
فالرجل الذي يريد أن يعدد وإن كان مظلوما ومتعبا من زواجه، وأنه منقوص من الحب والحنان..فإنكِ كزوجة ثانية ستكملين نقصه، ويصبح سعيدا وراضيا عن نفسه بنسبة 100٪
لكن أنت كأنثى من سيكمل نقصك واحتياجك؟
فالرجل لديه 70٪ احتياجات مشبعة داخل بيته، ومع زوجته وأولاده، وينقصه نسبة30٪ فقط.
أنت ستكملين نسبة ال30٪ التي تنقصه..لكن في المقابل أنت ماذا ستأخذين؟ لا شيء.
ليس لأنه لا يحبك...ولا نفترض هنا سوء النية..
غير أنكِ يجب أن تعلمي أن حب الأولاد وتأثيرهم، أكبر من أي حب في الدنيا..
أولاده.. علاقته بأولاده..هي من أمتن العلاقات وأقواها..وهو حب أقوى بكتير من حبه لزوجته، أو حبه لك أنت شخصيا..
محور حياته وتفكيره..قبل أن يعدد أو بعد أن يفعل ذلك، هو حرصه على المحافظة على بيته من الانهيار، وأبناءه من أن يضيعوا أو يتشردوا..
كذلك بيئته وأهله وخلانه وجيرانه...لن يتخلى عن هذا كله لأجلك..
وجودك في حياته سيكون مسكنا لآلامه مع زوجته فقط..
لذلك اذا تقدم لك زوج متزوج فكري مليووون مرة قبل الإقدام على هذه الخطوة..
ليس فقط لأجل مشاعر زوجته الأولى...لكن لأجلك أنت أيضا...أنت ضعيفة ورقيقة ومرهفة الحس، ستخسرين خسارة كبيرة..وستضحين ربما وحيدة ومهملة..
الرجل المتزوج له جاذبية عند الفتيات لأنه أنضج..فاهم الدنيا..ولأن امرأة أخرى موجودة بحياته، فنحن البشر نميل لمطاردة الشيء الذي تكون عليه "زحمة".
ويزيده إغراء للفتاة، إذا كان ناجحا وذا مركز مرموق..أو ذو مكانة علمية أو أدبية..ولا يعني هذا بالضرورة حب المال والماديات...إنما نجاح الرجل ونضجه يمنح الفتاة شعورا بالأمان..وكذا تميل الفتيات للرحل الجاهز..فالشاب اليوم وبسبب الظروف الاقتصادية المزرية..لا يحصل وظيفة ولا مالا ولا سكنا بسهولة.
النقطة الثانية التي تتسبب في وقوع الظلم أكثر على الزوجة الثانية، هي شخصيتها وشخصية الزوجة الأولى، فإذا كنتِ ضعيفة الشخصية، وطيبة لأبعد حد، او شكاءة بكاءة، فتوقعي الإهمال، ذلك أن الرجل ملول ويكره النكد والشكوى، ومتى ما وجد راحته وأنسه مع من تبهجه وتسعده صار ميالا إليها أكثر، فلا تمارسي وظيفة النكد و" الدراما كوين" وتتوقعي أنه سيعطف عليك، ويهتم بك، واعتبريها معركتك واستخدمي ذكائك، وأنوثتك وكيد النساء، لأخذ حقوقك، وحماية بيتك وزوجك دون الإضرار بالأخرى سواء كنتِ الأولى أم الثانية، فإشراقتك واعتناؤك بنفسك، هو من يجذب الزوج إليك، وليس البكاء والنكد والشكوى..
ولتكن الزوجةُ الثانيةُ وأهلُها على بصيرةٍ، فيحسنوا الاختيارَ، ويحذروا مِن الخديعة؛ فالزواجُ الثاني مباحٌ مِن غير قيْدٍ، ولكن لا بُدَّ أن تَتَوَفَّرَ في الرجل الذي يُريد التعدُّدَ عدة شروط؛ مِنْهَا: القدرةُ البدنيَّة، والماليَّة، وأَلا يَخَافَ على نَفْسِه مِنَ المَيْلِ، وعَدْمِ العَدْلِ؛ قال تعالى:﴿ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً ﴾ [النساء: 3]، فإذا آنَسَ الرَّجُلُ مِنْ نَفْسِه القُدْرَةَ البَدَنِيَّةَ والماليَّة، والقُدْرَةَ على العَدْلِ، أُبِيحَ له الزَّوَاجُ والتعدُّد.
فإن لم يكن هناك غرضٌ صحيحٌ غير شهوات الدنيا؛ والتي أكثرها شهوة النساء، فهنا مَكْمَنُ الخطر؛ لأنَّ الزوج إذا شَعَرَ بعدما حقق مأربه أنه سيخسرَ بيته الأول؛ أبناءه، وزوجته، صار يتعللُ بالموازَنة بين المفسَدة، والمصلحة، وغالبًا يضَحِّي بالزوجة الثانية، ولا يعلم مِقدار الضرر العام والخاص الذي يُسببه.
هذا: أنه - سبحانه - أحلَّ تعدُّد الزوجات، ورخَّص فيه؛ لمواجَهة ضرورات الفطرة الإنسانية، وواقعيات الحياة؛ حماية للمجتمع مِن الانحراف، تحت ضغط الضرورات الفطرية والواقعية، لبعض الرجال والنساء التي يتعذر عليها الزواج كزوجة أولى، وقيد الله تلك الرخصة بما يحمي الحياةَ الأسرية مِن الفَوْضى والظلم، ويحمي كرامة الزوجة، ولم يترك ذلك لنَزَقِ الزوج وهواه.
والرجل الذي لا يتحمل تبعات الزوجة الثانية، لا يدخلها في عدم مرجلته.
الذي يريد أن يتزوج الثانية يجب أن يكون رجلا..
يتزوج، ويبني بها، ثم تضغط عليه الزوجة الأولى مع أولادها..فيقوم بإهمالها أو يطلقها..هذا ليس برجل..
لذلك أنا ضد الزواج من ثانية زوجا اشبه بالمتعة من دون معرفة الالتزامات وكذا تبعات هذا الزواج والمسؤوليات المترتبة عليه..
يتزوج الثانية ليقضي منها وطرا ثم يقول لها ”الله معك“هذا ليس برجل..
واعلمي أن حقك في الزواج من رجل يساوي حق الأولى منه بلا نقصان. إلا في أعرافنا الفاسدة.
فلا تجعلك نظرة المجتمع الشوهاء ”للزوجة الثانية“، تتكتمين على الظلم الذي يطالك، وأن تطالبي بكل قوة بحقوقك..
ختاما:
نستنتج من كل هذا أن التعدد لا يقدر عليه إلا رجل تام الرجولة، وأن الملتزمين عادة لايعددون، ذلك أنهم يخافون الله..لكن غيرهم يفعل..وهذا ما أساء لهذه الشرعة الربانية للأسف(سوء تطبيق أفرادها).
#شمس_الهمة