ولماذا أنشر في المجموعات؟
ولماذا المجموعات المختلطة؟
هذه أسئلة كثيرا ما طرحت علي سواء في التعليقات، أو في الخاص من البنات، ولا أخفيكم أني كنت أغضب كثيرا لهكذا أسئلة، خصوصا ما تعلق منها بموضوع تطويل النصوص، وقد كنت أجيب بغضب أن الانسان القارئ لن يعجزه قراءة منشور طويل، بل سيعتبره بمثابة السندويش، وكل من يتحجج بطول النص انسان سطحي وتافه.
لكن تراجعت عن ذلك كله، وتلك النظرة المثالية التي كنت أعتقد بها، وجدت أنني شخصيا لا أطبقها، فأنا أيضا أنفر من النصوص والمقالات الطويلة، لأن الانسان لا يأخذ ثقافته الحقيقية من الفيس بل من الكتب، والفيس يستعمل للتصفح الخفيف، لذا فقراءة منشور طويل يشكل صعوبة على الجميع.
لماذا أكتب المنشورات الطويلة اذن؟
حقيقة منشوراتي على الفيس مرت بمراحل، في البداية مجرد أسئلة، ثم تطورت لتصبح منشورات خفيفة فمتوسطة، والآن هي للأسف طويلة.
لماذا أصبحت طويلة؟
ذلك أني كنت أنشر المنشور، فأتلقى سيلا من التعليقات التي تعتبره منقوصا، وغير محايد، ولم يتناول المسألة الفلانية، ولم يعرج على الجانب الآخر ووو، بالإضافة إلى سوء الفهم، أو عدم وضوح الفكرة، أو شموليتها،ووو
فأضطر لقضاء وقت مضاعف في الرد على سوء فهم هذا، والشرح للآخر، والامتنان لمن قام بالاضافة ووو فيستنزف هذا الكثير من وقتي وجهدي، لدرجة أني كنت أخرج بعد كل نقاش مرهقة جدا، ضعيفة جدا، وأشيخ مع كل سطر أكتبه، ويرتفع ضغطي وتتلف أعصابي مع كل تعليق مخالف فيه اتهام، أو جدال، أو تسفيه.
وكثيرا ما قضيت الليل بطوله أبكي من مجرد تعليق، وأنتحب من تعليق جارح، أو يحوي سوء ظن.
لذلك أحاول الآن عند كتابة مقال توقع كل الآراء المخالفة، والأفهام السطحية، فأسهب في الموضوع والتوضيح والاستدلال، وهذا جنبني الكثير من تلكم التعليقات، واختصر علي الوقت والجهد.
لماذا أنشر بالمجموعات؟
كنت قد كتبت سابقا منشورا عن هذا الأمر ثم فقدته، النشر في المجموعات مع مافيه من تضييع وقت في الجدالات والخصومات، وتحمل الاتهامات، وسوء الأدب، والعنف اللفظي، والذي ينعكس سلبا على صحة الانسان النفسية، خصوصا اذا كان ضعيفا، هشا، حساسا ومرهفا، والأمر أكثر صعوبة للمرأة بالتحديد.
فما نتحمله على هذا الفضاء من اساءات وعنف لفظي، لم نجابهه يوما في حياتنا الواقعية، إلا فيما ندر.
طيب لماذا لا أكتفي بالنشر في صفحتي، وللبنات المؤدبات الرقيقات اللواتي يجاملنني ويحببن قلمي؟
لماذا لا أكف عن ولوج هذه المجموعات، واقتحام المعارك والسجالات؟
لماذا ببساطة لا أريح رأسي من صداع النقاشات؟
لاحظت كثيرين وكثيرات استسلموا ويئسوا من محاولات التغيير لكم الجهل المنتشر وكذا الغباء.
فآثروا النشر بصفحاتهم بعد اكتساب المتابعين والأصدقاء.
فتجد الواحد منهم متربعا على عرش مملكته الفيسبوكية، وكلما عطس أو تثاءب، صفق له المتابعون والمعجبون وهللوا.
وهذا لعمري مفسدة ما بعدها مفسدة، فالمديح دوما مهلكة، اضافة لتضخم الأنا واكتسابها العند والجمود والغرور، فيضحى صاحبها لا يقبل نقدا ولا اختلافا، وبالتالي يتضرر فكره ويجمد عقله ويقنع فقط برأيه.
النشر بالمجموعات على ما فيه من سيئات، يكسب قلمك وفكرك وعقلك ومقالك الكثير.
أول حسنة للنشر في المجموعات أن عدد الأعضاء يصل إلى الآلاف، وصفحتك الشخصية مها بلغت لن يشاهد منشورك فيها ذات العدد الكبير فيما لو قمت بالنشر في المجموعات، وبالتالي يتم الانتفاع بالفكرة أفضل وانتشار الوعي على نطاق واسع.
وأعضاء المجموعات لا يجاملونك كما يجاملك الأصدقاء والمتابعون.
المجموعات مقر لتلاقح العقول والعصف الذهني الذي ينتج من فكرة واحدة أفكارا جديدة.
وهو إلى ذلك يسلط الضوء على مواطن الظل لمنشور ما، ربما لم تسمح مساحة المنشور بإبرازه، أو حتى قصر فكر صاحبه فغاب عنه ذلك. لأن العقول والأفهام والمدارك تتفاوت.
فقد يأتي القارئ فيجلي ما أهمله الناشر، فتعم الفائدة.
وقد يأتي أحد أولئك الذين يهملون مقاصد المنشور وصاحب المنشور ليعلق على جزئية صغيرة فيه، أحيانا يزعجنا الأمر، وفي أحايين كثيرة يكون إلهاما لنا للكتابة عن ذلك الموضوع، اذا نحن تعاملنا بصدر رحب وسخاء وذكاء مع الحريات ولم نقم بإعدام التعليقات أو التقليل من أصحابها.
فالمنشور الجيد هو ذلك الذي يحرك عقول القراء ويدفعهم للتفاعل والتساؤل والبحث، فيجد كل شخص نفسه فيه مما يجعل المنشور يلامس شريحة كبيرة من الجمهور.
والكاتب الحقيقي لا يعدم آراء القراء بل يجعلهم محل مشاركة معه في جهاده ضد الجهل والتعصب.
لماذا المجموعات المختلطة؟
يقال لي كثيرا بتجنب النشر في المجموعات المختلطة، لأن هذا محرم، واتهم دوما بأن لا هم لي سوى جمع الجامات من الجنس الآخر، ووصلت الوقاحة ببعضهن ان اتهمتني بخطف عقل حبيبها، وأخرى بأني أرمي سهامي لصيد عريس، وأخرى لا تتوقف عن عد القلوب لمنشور من منشوراتي، وأخرى تتبع كل حركاتي وسكناتي فتسألني من أين تعرفين هذا الشخص؟ ولماذا أشرت لفلان بالتحديد في موضوع ما وووو الكثير الكثير من الكلام القاسي والمؤذي والجارح والوقح من فارغات العقول، فارغات الأوقات، ولولا ذاك لما كان هذا حالهن أو منتهى تفكيرهن.
ومع ذلك أتحلم وأتصبر، وأظهر لهن الود، ولا أقابلهن بالند.
ذلك أني شخص مضغوط ومشغول على الدوام، وحين أضع هدفا نصب عيني، فإنني لا أتلفت حوالي ولا أتلفت ورائي، فأضيع في هذا الكلام والسخف أوقاتي.
شخصيا أميل للنشر في المجموعات النسائية، وفي مقابل كل عشرة مجموعات نسائية توجد مجموعة مختلطة.
لكن تجربة النشر في المجموعات النسائية لوحدها، أكسبت قلمي الجمود، والعاطفية.
فطريقة تفكير الإناث تختلف عن طريقة تفكير الرجال.
وبالتالي هي رغبة أن أكسب قلمي بعض العقلانية في الطرح.
وكذا بعض المنشورات التي أكتبها، هي بحد ذاتها رسائل للجنس الآخر فكيف يمكن لرسالتي أن تصل وأنا أقصرها على جنس معين؟
والله جعلنا في كوكب واحد، ولو شاء لأسكننا بكوكب والرجال بكوكب آخر كما يرغب البعض.
وذلك حتى نتبادل المنافع والأفكار ونرتدع برادع الأخلاق والضمير والايمان وليس برادع الجدار العازل والقوانين وووو.
في الأخير:
ما اكتسبه قلمي مؤخرا ليس منبعه الكتب أو القراءة الكثيرة، انما ما كان خيرا فهو من توفيق الله وحده، ثم حسنة هذه المجموعات، وخيرة تلك العقول التي ناقشتها فاستفدت منها.
وماكان في قلمي من خلل وقصور فهو من نفسي ومن الشيطان.
ممتنة للعدو قبل الصديق، وللمخالف قبل الموافق.
#شموسة