الاثنين، 18 نوفمبر 2019

لماذا تنشرون قوائم الكتب التي قرأتموها؟!

لماذا تنشرون قوائم الكتب التي قرأتموها؟!

كاتب مصري مشهور من جيل الشباب كنت أتابعه، فأقرأ ما تخط أنامله، فقد كان له أسلوب بديع في الكتابة.
وجدته ذات يوم قد كتب مقالا، يستصغر فيه أولئك الذين ينشرون قوائم الكتب التي قرأوها مع نهاية كل سنة.
قال أن هذا سلوك طفولي، ومباهاة في غير لازمة، ويدل على أن أولئك الشباب مبتدئون في عالم الكتب، وأن تلك الطريقة لم تكن يوما طريقة ذوي العقول والأفهام، ولا طريقة المفكرين والعظماء والكتاب.
وقال أنها طريقة فوضوية، وأن الإنسان لا يستطيع قراءة كل الكتب التي يرغبها، ولا الإحاطة بجميع الفنون والآداب التي يريدها، ولو مكث على هذا الدهر كله، و راح يستشهد ببيت الشعر القائل:
 العلم بحر لا ساحل له *** قل أن يصل الكادح فيه آخره
وأن القارئ الحقيقي هو من يقرأ الكتاب فيهضمه، وليس من يلتهم العديد فيُنسِيَه.
وذكر في مقاله العجيب ذاك أقوالا محدثة غريبة، واستشهد بمقولات عجيبة.
فذكر أن فلانة وهي كاتبة غربية مشهورة، قالت أنها لا تقرأ كثيرا ولها عشر سنوات قرأت فيها كتابا واحدا فقط.
وذكر أن فلان الكاتب المشهور أيضا يقرأ كتابا في السنة ولربما أعاد قراءته عشر مرات في تلك السنة.
وذكر أن الفيلسوف الفلاني قال أنه قرأ ثلاثة كتب فقط في حياته كلها.
فعجبت لمقاله ذاك، وعجبت لاستشهاداته الشاذة المنكرة، ثم فهمت أنها موضة محدثة، وكاتبنا الشاب اختار أن يعتنق ذلك التوجه، لأنه يوحي بالعظمة، ويدل على العمق والعبقرية ولا شك.
((وكم أعجب من أولئك الذين يعتنقون كل توجه فكري لأنه صار موضة الأيام.
فتجد الناس مكثت دهرا تقرأ كتب التنمية البشرية لأنها موضة العصر، ومهووسين حد النخاع بقوانينها ومبادئها، ثم يأتي كتاب مارك مانسون فن اللامبالاة وغيره من الكتب فيقلب هذا التوجه الفكري على رؤوس معتنقيه، ويهدمه، ويقوض أسسه، ويأخذ منه موقف العكس والنقيض.
فتجد بعض شبابنا الذي كان مؤمنا بموضة التنمية البشرية، يودعها ويكفر بها ليعتنق مبادئ اللامبالاة، ويتشرب توجه فكر مارك مانسون، فإذا حدثته عن ضرورة الجد والاجتهاد للتميز ، اكفهر وجهه وغضب وزمجر، وضحك ساخرا من أقوالك، معتبرا أن الحياة قصيرة ويجب أن نعيشها بدون ضغط، وتفكير في الوقت، ونترك السفينة تبحر بنا في بحر الحياة من دون تجديف أو تخطيط)).
قرأت كلامه ذاك فاستغربت، ورحت أستجمع شتات أفكاري للرد، ثم ارتأيت أن أقرأ التعليقات قبل ذلك، فوجدت فتاة وقد وضعت (لقطة شاشة) لذلك الكاتب، قبل سنة يضع قائمته من الكتب التي قرأها لينتفع بها الشباب.(قبل سنة فقط كان يفعلها، واليوم يزجر من يقوم بها) فسبحان مقلب القلوب، وعجبا لزمان يصبح فيه الرجل مؤمنا ويمسي كافرا(مؤمنا أو كافرا بفكرة أقصد).
صدمت لوهلة حين رأيت قائمته لكتب السنة الفارطة، ورغبت مع ذلك في رد أنشر فيه وجهة نظري، وأوضح فيه مراحل القراءة وكيفياتها، فصدمت كرة أخرى حين ألفيته قد حذف منشوره كله بسبب الفضيحة(لقطة الشاشة التي وثقت لعهد طفولته).

**************
أولا كلنا شباب وعليه فجميعنا مبتدئ في عالم الكتب والقراءة، ودعكم من كذبة الطفولة المعهودة والسؤال الأسطوري الذي كان يطرح علينا فنجيب من فورنا بأكبر كذبة عرفها التاريخ(هوايتي المطالعة).
فكلنا يعلم حال المنطقة العربية، وكلنا يعلم علاقتنا المقطوعة مع الكتب، وتصنيفنا الأخير ضمن دول العالم.

ثانيا: فلنتفق أن أهم شيء يجب أن يلقنه أي شاب يلج هذا العالم أن يبدأ بالقراءة عن دينه وتاريخه فتتشكل له القاعدة الصلبة التي يرتكز عليها، والأرضية التي يستطيع الوقوف عليها والانطلاق منها.
فلا يعقل أن تقرأ الأدب الروسي وأنت تجهل تماما الأدب العربي!!
أو تقرأ جميع كتب العصر الفكتوري، بينما لا تعلم شيئا عن العصر الأموي أو العباسي!!

ثالثا:
كل البدايات في القراءة تكون فوضوية وتنافسية واستكشافية.
فنقرأ دون برنامج أو هدف مسطر
وهذه المرحلة مهمة للجميع، فعلى كل فرد أن تكون له نظرة شاملة لكل العلوم والفنون في البداية،
فيكون قد اطلع كثيرا في مختلف المجالات، وتشكلت له نظرة عامة يستطيع من خلالها التمييز والنقاش ويكون ملما بأساطين وعمالقة الفكر والأدب والنهضة، فيكتشف الجيد والردئ، ويمكنه التمييز بين الغث والسمين.
وهذه المرحلة ضرورية جدا لجميع الناس على اختلافهم، والتنويع مطلوب فقد روي عن يحي بن خالد بن برمك أنه قال يوما لولده:«خذوا من كل شيء طرفا، فإن من جهل شيئا عاداه.».
وهذه المرحلة مر بها جميع العلماء والعظماء والكتاب والمفكرين، فلا يعقل أن تكون شابا تمتلك موهبة الكتابة، فتعتمد فقط قراءة الروايات على حساب العلوم والفنون الأخرى، معتقدا أن قراءة الروايات وحدها ستجعل منك روائيا عظيما، فتكسبك اللغة، والأسلوب وصناعة الحبكة والتشويق.
لكن هل هذا كاف ليصنع منك روائيا عظيما، وأنت لم تقرأ الفنون الأخرى؟!
كيف ستكتب رواية سياسية وأنت لا تملك اطلاعا واسعا؟!
وكيف ستكتب رواية فلسفية وأنت لم تقرأ الفلسفة يوما؟!
هل حقا تعتقد أن كتابة رواية أمر سهل وسطحي للغاية؟!
وأنت لما تفقه العالم والثقافة الحقيقية بعد!!

رابعا:
ثم تأتي المرحلة الثانية لمن يريد اتقان فن ما، وهي مرحلة التخصص في القراءة، فيقرأ الشخص في المجال الذي سطره لنفسه بدون اغراءات العناوين أو اقتراحات الآخرين لأنه يعرف جيدا مايريد.
وأفضل وصفة ذكرها الدكتور عبد الكريم بكار ألا وهي أن تقرأ 50٪ في التخصص الذي تود أن تبرع فيه و50٪ تقسمها مرتين(25 ٪ للعلوم الشرعية، و25٪ الأخرى كتب منوعة).
وهذه المرحلة ليست مهمة لجميع الناس، انما تخص فقط من يريد التميز في مجال ما.
وعادة فئة النوابغ والمتميزين دائما ما تكون ضئيلة بالنسبة للسواد الأعظم من البشر فتكون نسبة هؤلاء 25 ٪ ونسبة الأشخاص العاديين 75٪.
لذا فلندع الناس تقرأ ما تريد، من دون فرض طريقة أو طقس معين، اللهم إلا من بعض التوجيه، لتكون القراءة واعية، وتصبح مثمرة.


خامسا:
القراءة طرائق متعددة وأنواع مختلفة، فهنالك القراءة للتسلية، وهنالك القراءة لمجرد التثقيف، وهنالك القراءة الواعية والتي تعقبها القراءة المثمرة.
أما بالنسبة لطرقها فهنالك القراءة السريعة، والقراءة المتأنية.
وقد لا أبالغ إن ذكرت لكم أن كتبا كثيرة صنفت في طرائق القراءة، فقد ثبت أن لكل طريقة فوائدها.
هنالك من يأخذ بالنصيحة الذهبية لعلي عزت بيجوفيتش حين يقول:«القراءة المبالغ فيها لا تجعلنا أذكياء، بعض الناس يبتلعون الكتب و هم يفعلون ذلك بدون فاصل للتفكير، و هو ضروري لكي يُهضم المقروء و يُبني و يُتبني و يُفهم. عندما يتحدث اليك الناس يخرجون من أفواههم قطعاً من هيجل و هايديجر أو ماركس في حالة أولية غير مصاغة جيدا، عند القراءة فإن المساهمة الشخصية ضرورية مثلما هو ضروري للنحلة العمل الداخلي و الزمن، لكي تحول الرحيق الأزهار المتجمعة الي عسل”
أما الدكتور عبد الكريم بكار فيقول أنه ليس نهما للكتب، ولا يقرأ الكثير منها، إنه يقرأ باعتدال، ويقرأ ليكتب ويؤلف.
وكلاهما يعتمد الطريقة المتأنية.

لكن نأخذ مثالين آخرين مغايران تماما للمثالين السابقين مثال الشيخ سلمان العودة الذي كتب في كتابه زنزانة:
«قلت مرة لشيخي : قرأت الكتاب ولم يعلق شيء منه بذاكرتي؟
مد لي تمرة و قال : امضغها، ثم سألني هل كبرت الآن؟ قلت : لا، قال : ولكن هذه التمرة تقسمت في جسدك فصارت لحما و عظما و عصبا و جلدا و شعرا وظفرا وخلايا!
أدركت ان كتابا أقرؤه يتقسم، فيعزز لغتي، ويزيد معرفتي، ويهذب أخلاقي، ويرقي أسلوبي في الكتابة والحديث ولو لم أشعر.»
ويقول سيوران:« هل أتذكر كل الكتب التي قرأتها؟! قطعا: لا، ولكن ما أعلمه أن تلك الكتب هي من شكلتني».

لكل هدفه من القراءة وعليه تتحدد طريقته وأسلوبه.

هنالك من يقرأ للاستجمام والترويح عن النفس فيعتمد القراءة المتأنية
وهناك من يقرأ ليؤلف ويصنف أو يلخص أو يشرح ويمحص وهذا يعتمد القراءة المتأنية أيضا.

لكننا كعرب متخلفين بسنوات ضوئية عن ركب العالم، وكما يعمد بعضنا للاستجمام بقراءة كتاب بين كل فترة وفترة، يحتاج آخرون لالتهام الكتب والعب من المعارف، واستكشاف المجاهيل، فيعمد القراءة السريعة وهنالك مراكز في الغرب تعلم فنيات القراءة السريعة ولها قواعد وتمارين خاصة.

ولنتفق على أن القراءة ضرورة وليست هواية، ضرورة وحاجة مهمة تماما كحاجتنا إلى الماء والهواء، وعلينا أن نعمل جاهدين لتنفيذ أول أمر رباني تلقاه رسولنا الكريم ألا وهو «إقرأ»، وعلينا التفكير في وسائل لتصبح القراءة سلوكا يوميا ونمط حياة لدى العرب والمسلمين.

وأفضل وسيلة لذلك هي مجموعات القراءة، ونشر اقتباسات ومراجعات الكتب، وكذا التنافس والمشاركة، ونشر قوائم القراءة.
وهذه الأخيرة تنشر الهمة، والتنافس على الخيرات، وتبصرنا بكتب كنا نجهلها، وبعناوين وأشخاص لم نكن نعرفهم، ولو لم تكن لها من فائدة سوى نشر عدوى القراءة بين الشباب لكفى.
أما مسألة الدخول في النوايا وأننا نفاخر ونرائي ونتباهى، فأقول أن الفخر كان ولا زال من شيم العرب، وأنه حق لنا أخيرا أن نفخر بأننا صرنا نقرأ، ولو لم تكن المباهاة مطلوبة لكانت في هذا الموضع بالذات مطلوبة ومرغوبة، وأتذكر هنا قصة أبي دجانة حين اعتصب عصابة حمراء وجعل ينشد الشعر ويتبختر في مشيته وسط صفوف المشركين، فما كان من رسولنا الكريم إلا الإعجاب به فقال عليه الصلاة والسلام:((إنها مشية يبغضها الله إلا في مثل هذا الموطن))
وقد كنا فيما مضى لا نسمع إلا أخبار السوء، ولا ترى أعيننا سوى مناظر الجهر بالمعاصي، وكان وقتها يقال للصىالحين الذين كانوا يخفون أعمالهم الصالحة، ماذا قدمتم للمجتمع؟! وحين صاروا يظهرونها قالوا لهم: رياء وسمعة!! ألا ما الحيلة فيهم!!

صحيح أن البعض مسخوها بصور القهوة والشكولاطة مع كتاب أو رواية، لكن ما شأننا نحن بهم، فمن راقب الناس مات هما، والمهم عندي أنهم منشغلون بتصوير المباح عن الوقوع في الحرام.

ونذكر هنا قصة ابن تيمية مع قوم من التتار ، حيث يقال أنه مر وهو في جماعة من أصحابه على قوم من التتار وهم يشربون الخمر، فأراد أصحابه أن ينهوهم فقال: دعوهم، هؤلاء إذا سكروا سلم الناس من شرهم، وإذا أفاقوا أفسدوا.

بقلم شمس الهمة

ليتني فتاة عادية



وقفة مع رواية ليتني امرأة عادية:
- ترددت كثيرا قبل كتابة هذه المراجعة، وان كنت قرأت الرواية منذ سنوات، ولكنها مكثت بذاكرتي للأبد، حتى صادفت منشورا حولها بالمجموعة.
إن من عادتي حين أقرأ شيئا فاسدا أن أطويه ولا أرويه، ذلك أن هذه الأعمال لا تستحق الوقوف عندها أصلا، ناهيك عن أن ذكرها ولو بالنقد هو دعاية مجانية لأصحابها، ولطالما عجبت من سلوك بعض العاطفيين المتحمسين حين يطرح عمل من هذه الأعمال، فيبادر فورا إلى التعليق ، لا على المضمون بنقاش واقناع، ولكن تهجما على الناشر أو الكاتب، وهذا مما يرجوه هؤلاء ويحبذونه، ويسعون إليه، لكننا بغباءنا نسهم دوما برفع منشورات التفاهة والمجون ومنشورات الإلحاد وإثارة الشبهات، بينما الواجب أن نميط الباطل بالسكوت عنه، ودواء الأهمال الإهمال، أو أن نناقش صاحب المنشور وننصحه في الخاص بدل أن نسهم برفع المنشور ليراه كل الناس.
ومن جهة أخرى لا أعرف حقا كيف يهنأ بال بعضهم وقد نشر رواية ماجنة أو تحوي شبهات فاسدة، وهو  يعلم أنه مسؤول عن كل كلمة وكل حركة من حركاته، وأن جمهور الفيس لا يضم فقط الناضجين كما يحسب، فالعقول والأفهام تتفاوت وكذلك السن، فقد لا تكترث أنت لما تنشر، بينما  قد يتلقف مراهق أو طفل ذلك ويتحدد عليه مسار حياته من بعد ذلك.
- ثانيا: ما أود قوله أن الرواية حقا لا تستحق القراءة، وأنا لا أدعو الفتيات لقراءتها، بل أدعوهن لتجنب قراءة هكذا أعمال ولهكذا أسماء.
- ‏قد تقول قائلة وما أكثر ما قيل لي ذلك: ولماذا قرأتها أنت، وتمنعين غيرك من فعل ذلك؟!
وقد تقول احداهن أنا أقرأ كل شيء، ولكل الناس لكنني لا أتأثر، وأستطيع التمييز.
سأجيب أنني لم أتعمد قراءة هذا النوع من الروايات، ولم أبحث عنه، كل ماهنالك أنني كغيري من القراء، كنت أجرب قراءة الشائع في مجموعات القراءة، والذي يلقى اقبالا كبيرا لديهم، فأصادف ذلك العنوان في أي مجموعة ألجها، مما يشكل لدي فضولا للاطلاع، ولم يكن يدر بخلدي أنه ماجن أو سيء، وإلا والله لم أكن لأقترب منه، فأنا أيضا أخاف على نفسي، ولا أعد نفسي ناضجة أو محصنة ضد خواطر شياطين الإنس والجن أو الشبهات التي يبثونها في تلك الكتب والروايات.
ولا يحسبن المرء نفسه قوية ومحصنة مهما بلغ من العلم أو الايمان.
ف“كل مؤلف تقرأ له، يترك في تفكيرك مسارب وأخاديد، فلا تقرأ إلا لمن تعرفه بعمق التفكير، وصدق التعبير، وحرارة القلم، واستقامة الضمير”مصطفى السباعي.
بالاضافة أنني لست مضطرة لالتقاط الحق من ركام الباطل بالمناقيش، فليس هناك من هو أخسر ممن يترك النبع ويرتشف من المستنقعات!!
- ثالثا:
مضمون الرواية سيء وفاسد ومفسد، فتاة تعتبر نفسها غير عادية، والنصف الأول من الرواية تنتقد فيه الكاتبة كل بنات جنسها اللواتي حصرن كل آمالهن وأحلامهن برجل، وتقول أن مجتمعنا يجعل حياة المرأة متعلقة به وتبني سعادتها وأحلامها عليه.
في حين يتمحور النصف الثاني للرواية كله حول الرجل، وعلاقتها به، وتقلبات شعورها نحوه.
‏فأي تناقض هذا؟!
‏الاختلاف أنها تريد الحرية و التمرد، كيف؟ في العلاقة مع الرجل !!!!! ‏
تقول احدى قارئات الرواية:
"تمنيت أن أرى أديبةً... كاتبةً... مفكرةً... عالمةً... مبدعة... ولكنني وللأسف لم أر إلا فتاة كل همها الخروج من تقاليدها المجتمعية لتكون مثل الفتيات الشقراوات اللواتي يطللن عليها في الجزء الآخر من الأرض..
نظرتها كانت قاصرة وظالمةً للمرأة تماماً كنظرة مجتمعها.
عدمت الحيل فنظرت إلى الجانب الأسوء من النموذج الأبعد.
لا أستطيع أن ألقي اللوم على الكاتبة لأنها تعيش في مجتمع مغلق... مجتمعها فرض عليها هذا التّفكير بدون أن يقصد... وكان الظلام الذي يفرضه عليها يجعلها تظن أن أي جُرم يضيء هو الشّمس وأنه منبع الضوء الأبديّ... حتى لو كان ذلك الجرم كوكباً مظلماً أضاءته أنوار وسائل الإعلام الأخاذة وبهارجه المزيفة"
رابعا:
كثيرات قرأن الرواية وانقسمت البنات في ذلك إلى فريقين:
الفريق الأول: هو الفريق الأكبر نسبيا، وإلا لما كانت الرواية نالت تلك الشهرة فقارئات هذا الفريق تأثرن كثيرا بالرواية حد الجنون، وقلن أنها لامستهن في الوجدان، وترجمت الكثير من مشاعرهن، وكتبتهن بين السطور.
الفريق الثاني: فتيات ناضجات مستقيمات وأغلبهن دينات، صنفن الرواية من أسوأ ما قرأن في حياتهن، واعتبرنها من العبث والمراهقة المتأخرة، ومجرد قيء يبعث على الغثيان من فتاة مكبوتة من بيئة منغلقة.
خامسا وأخيرا:
شخصيا أعتبر هذه الرواية ورواية ثانية لكاتبة خليجية أخرى من أصدق ما قرأت، (مع خبث وفساد المضمون)، وأعتبر هاتين الروايتين مرجعا لعلماء النفس والشرع والاجتماع لدراسة أسباب انحراف البنات في المنطقة العربية، وأتمنى حقا لو يتم تدارس تلكم الروايات في مجالس العلماء وطلبة العلم وربما تقريرها ضمن المقررات الدراسية لتخصصات علم النفس والشريعة والاجتماع.
ذلك أنهن نجحن في ترجمة أحاسيس المرأة العربية المضطهدة، ونقل شعورها، ومعاناتها.
هؤلاء الكاتبات كن المتفهمات الأكثر صدقا مع المرأة، والأكثر شفافية في عكس آلامها وقضاياها، وبالتالي سيكن هن البوصلة. وهذا أحد أسباب انتشار أعمالهن كانتشار النار في الهشيم.
قد تقلن لي كيف، ولماذا، ونحن كبنات لم نشعر ولم نحس بذلك، سأقول لكن ببساطة، لأن الذي يحس بلهيب الجمرة هو من داس برجله عليها.
هؤلاء الكاتبات كن صادقات في نقل معاناتهن ومشاعرهن وآلامهن، لأنهن عانين فعلا في تلك البيئات المنغلقة التي يكثر فيها التزمت ويؤدي إلى الكبت فالتمرد أو الانفجار.وهذا سبب تشترك فيه جميع البنات اللاتي التحقن بصفوف المدارس التغريبية والعلمانية، ولعلي أذكر هنا الكاتبة نوال السعداوي التي قال عنها الدكتور محمد العوضي أنه قرأ مذكراتها فاكتشف مكمن علتها، وأن شخصية جدها المتسلط الظالم، وتقاليد بيئتها المتزمتة والمتخلفة كانتا السبب الرئيس فيما أصبحت عليه بعد ذلك.
ولعلي أذكر هنا مقولة الشيخ الغزالي رحمه الله ((إن انتشار الكفر في العالم يحمل نصف أوزاره متدينون بغضوا الله إلى خلقه بسوء صنيعهم وسوء كلامهم))
ولعلي أنقل هنا بعض الاقتباسات التي تترجم بعضا من المعاناة التي عاشتها الكاتبة:
-” انطفأت الشعلة بداخلي وأصبحت معطلة، شمرتُ عن ساعدي وبدأت أهرب من البكاء والاكتئاب بأعمال المنزل، حتى تشوهت أظافري وتمزق جلدي من المنظفات.“
- ”تمنيت أني امراة لا شيء يثير اهتمامها أكثر من إعداد وجبات جديدة واختراع وصفات سرية تميز أطباقها عن الأخريات، امرأة ترى في حياتها الفارغة نوعاً من الترف والدلال. تقضي وقتها بالتسوق ومتابعة المسلسلات الدرامية، امرأة تختار أن ترهق أقدامها بالتنقل من محل ملابس لآخر ، بحثاً عن مقاس يناسب شحمها بدلاً عن ممارسة الرياضة رغم أن التعب واحد.“
 “_يولد رجالنا للعيش وتولد نساؤنا للانتظار انتظار الفرص الحب الحياة”
- ”واذا كنت امرأه قد أشقاها الانتظار، وأردت التحرر من هذا النمط المتوارث من الحياة، عوقبت "بالنــــــبـــــــــــذ "
-” لا أريد أن أكون كائناً معطلاً لا ينتج إلا الأطباق الدسمة.“
- ”امرأة كهذه يهابُها الجبناء من الرجال وتغار منها الفارغات من النساء، ليست مغرية للصداقة ولا للحب، وحيدة تثير شفقة الآخرين الذين يرون امرأة دون رجل؛ لاشيء.!!
- ”لا أحد يشعر بوجع الصبيّه العزباء التي دائما مايُستخف بأحزانها وهمومها“.
- ”بقائي عزباء طيلة هذه المدة لم ينقص من مالهم أو أعمارهم شيئا، لكنهم لا يزالون يتصرفون كما لو أنني أقف حاجزا بينهم وبين الانشغال بالحياة، وصرت محور حديث مجالس النساء، والقضية التي تسبب لهن الأرق وأولهن أمي.“
- لا تتحدث عن الملل وأنت لم تجرب البقاء بين أربع جدران، لأيام طويلة فقط لأنك سافرت قبل شهرين ويفترض أن يستمر شعورك بالفرح لمدى العمر.
- لا تتحدث عن الألم وأنت لم تجرب شعور أن تتعطل حياتك من أجل شخص لا يعرفك، وقد يكون في الطرف الآخر من العالم يعيش حياته كما يشتهي ويرغب.
- لا تتحدث عن الشعور بالوجع وأنت لم تجرب أن تتجاوز سن الثلاثين ‏دون ارتباط شرعي وتعامل كالأطفال الذين لا يتركون وحدهم.
- كنت أرى في حياتي البائسة شكلا طبيعيا للعيش، وكأنها إرادة الله، وليس لي الحق في رفضها أو التصرف بها، في كل مرة أشعر  بعدم الرضى أستغفر الله بإسراف وكأنني اقترفت ذنبا.
- لست جاحدة لنعم الله غارقة بها من رأسي حتى أخمص قدمي، منزل آمن، أسرة طيبة، غرفة أكون بها حرة، هاتف وكمبيوتر محمول، وشهادة جامعية تزين الحائط، وبعض الفساتين والمجوهرات، لا ينقصني شيء سوى أن أعود الفتاة التي كنتها، أن أعود للطمأنينة والفراغ!!
- ”هذا الاختلاف مرهق، يدفعني كل يوم لاستبدال شخصيتي بأخرى، كما أفعل مع ملابسي، مضطرة دائما لاقتصاص آرائي وكلماتي حتى تناسب من حولي، مضطرة للكذب والخداع كما أفعل الآن في هذا المكان.“
- ‏
هذه الاقتباسات تضع الإصبع على الجرح، وتبين مكمن الخلل عند هذه الفتاة، وكل فتاة أخرى انتهجت نفس الطريق، هنا يظهر جليا أن الفراغ وتقزيم دور الفتاة وحصر خياراتها في الأكل والنوم والشرب والزواج، وتقييد حريتها بالمطلق واختزالها في المنزل والغرفة بالتحديد.
فهاهي ذي في اقتباس آخر تقول:
”أقصى درجات الاستقلال لصبية مثلي هي غرفة نوم بسرير واحد وخزانة واحدة وتلفاز حيث لا سلطة لأحد علي ، فأكون حرة حتى تطأ قدماي خارج الغرفة، لأعود أسيرة حائرة بين ارضاء والدتي والآخرين، ودائما ما أهمش نفسي لأفوز برضاهم.„
تعليق:
كنت قد كتبت قبل خمس سنوات أو أكثر مقالا بعنوان” هل يقتصر دور المرأة في الزوجة والأم؟“ آخذ منه هذا الاقتباس:
((حقيقة واقع مر وجاهلية حديثة ووأد البنات المعاصر ففي الجاهلية كانت الموؤدة سرعان ما تموت تحت التراب!!!!! أما الآن فتظل الموؤدة حية تعاني ظلم الأهل لها! فأصبح الوأد الجديد أشد قسوة من الوأد القديم!!!!! ففضلاً عن الأمراض النفسية و الإنحرافات السلوكيه التى ستصيب الفتاة نتيجة عطلها فسوف تذبل زهرة عمرها وسيتلاشى حلمها بطفل تلاعبه وتكتحل عينها بروئيته....ضف الى ذلك تقبع حبيسة الجدران كل حياتها محكوم عليها بالمؤبد لا لشيئ سوى لأنها أنثى... وطبعاً الفتاة هنا مغلوبة على امرها لاتريد أن تعق والدها وتفضل الصمت الذي يصرخ بألمها وحسرتها من التوجه لشكوى تطالب فيه بحقها في عمل أو تسد به ثغرة نقص في مجتمعها ...!!! لأنهآ مآزالت تلك النظرة القاصرة للبنت.. عزلوهآ في منطقه محصوره وأفق ضيق من الناحيه الحياتيه والفكريه .. وجعلوا مجموعه من الأوصياء يقومون عليها .. ويقررون عنهآ .. وحصروا حريتها وقراراتها فقط في النوم والأكل والشرب ..؟!! تلك هي أبشع طرق الوأد))
اقتباس آخر عن مدارس البنات السعودية الصارمة هناك التي قالت عنها:”المدارس التي من المفروض أن تنشئ محاربات لا تنحني ظهورهن أمام أحد غير الله، على عكس هذا كانت تنشئ سربا من الكائنات التي ترى نفسها كتلة من الفتنة ينبغي لها أن تتعفن بين الجدران“.
وفي هئا المقام أتذكر اقتباسا للشيخ الألباني يقول فيه:((وإني لأعتقد أن مثل هذا التشديد على المرأة، لا يمكن أن يخرج لنا جيلاً من النساء، يستطعن أن يقمن بالواجبات الملقاة على عاتقهن ، في كل البلاد والأحوال، مع أزواجهن وغيرهم.....كالقيام على خدمة الضيوف، وإطعامهم، والخروج في الغزو، يسقين العطشى، ويداوين الجرحى، وينقلن القتلى، وربما باشرن القتال بأنفسهن عند الضرورة، فهل يمكن للنسوة اللاتي ربين على الخوف من الوقوع في المعصية -إذا صلت أو حجت مكشوفة الوجه والكفين- أن يباشرن مثل هذه الأعمال وهن منقبات و متقفزات؟
”أبي الرجل الطيب الذي تقوس ظهره كي يمنحني أنا واخوتي سقفا ودفئا، وخبزا وماء، الرجل الذي يحرص على أن يغلق باب المنزل بإحكام قبل أن يضع رأسه على المخدة وينام، كي يتأكد من سلامتنا من اللصوص والقتلة نسي أن يغلق باب قلبي ويحتفظ بالمفتاح ليسلمه لأول رجل يطرق الباب من أجلي، لا يعلم أبي أن اللصوص والمجرمين ليسوا في الشوارع فقط، انهم بيننا يظهرون بهيئة الملائكة والفرسان والنبلاء، يستهدفون قلوب الجميلات.
لا يعلم أبي أن الحب لم يعد يتسلل من شقوق النوافذ والأبواب، كل شيء صار يقدم جاهزا بضغطة زر.“
تعليق:
هذا الاقتباس مؤلم حقيقة للآباء الذين يشقون ويتعبون ولكنهم لا يربون ولا يعرفون أساسيات التربية ولا ركائزها ولا كيفياتها، إنهم يكتفون بإغلاق النوافذ والأبواب المؤدية إلى المحظور بحسب تفكيرهم، فيما يتناسون أن كل ذلك التزمت والمراقبة والتجسس لن يصنع طاهرة عفيفة، اضافة إلى أنها وسائل أكل عليها الدهر والشرب، فلم تعد تجدي في وقتنا المفتوح على كل شيء.
الكثير حين يقرأ الرواية سيعيبها،(كما كنت أفعل دوما بنظرة متعالية من منطلق تربتي الدينية)، لكن لن تجد أحدا يتفهم السبب وراء تفلتهن وتمردهن، ستجد فقط الألسنة الجاهزة لتوزيع الأحكام والاتهام، وما أسهل فعل ذلك، وما أكثر ما نفعله.
لن تجد التعاطف معهن ولا الانصاف لمعاناتهن ولا لأسئلتهن وحيرتهن المبثوثة بين السطور.
ولن تجد تحليلا لنفسياتهن، ولا دراسة لأسباب انتكاساتهن.
لن تجد أحدا يعتبرهن ضحايا، ستجد فقط من يصنفهن ضمن أعداء الدين والأمة.(وإن كن بأعمالهن هكذا).
لن يعتبر هؤلاء من الأبناء(وإن أخطؤوا)، انما سيصنفون فور ضمن الأعداء، في تبرؤ تام منهم على عكس منهاج التبي صلى الله عليه وسلم حين تعامل مع كفار قريش، أو عصاة المسلمين، كان دوما يعتبر قريشا أهله، وهؤلاء المخطؤون أبناء.
إنك لن تجد نظرة الرحمة ونظرة الانسان. ولا نظرة المربي أو المشفق على حالهن.
قرأت كتابا قيما كاملا حول تلك الروايات وصاحباتها، لم يفعل فيها صاحبها شيئا سوى الإشارة إلى مواطن الفساد، بينما أهمل ذكر منبع الداء.
وكتب كثيرة ألفت حول التبرج والسفور وقضايا المرأة تناولت كل تلكم المشكلات بفوقية وسطحية ولم تسع لفهم المرأة وفهم طبيعتها واحتياجاتها واعتبرت هواجسها أمرا مرعبا.
حتى أن الكتب المؤلفة لعقد من الزمان حول المرأة، تناول المسائل العتيقة المعروفة لدى الجميع فذكر الدكتور عبد الكريم بكار:((نظرت فيما كتب حول المرأة المسلمة عبر الخمسين سنة الماضية فوجدت أن 80% منه يركز على كيفية صونها والحفاظ عليها وبالتحديد حول حجابها وشروط عملها خارج المنزل واختلاطها بالرجال اﻷجانب. أما ال 20% فإنه يركز على تنمية المرأة!
في نظري كان الواجب هو العكس تماما فنحن في حاجة إلى اﻷفكار واﻷدبيات والمبادرات التي تساعد المرأة على أن تكون أما ممتازة وداعية مؤثرة ورائدة في العمل الخيري....
طبعاً معظم الكتابات كانت بأقلام الرجال أو بأقلام نساء يرددن ما يقوله الرجال مع أنه في نظري لا يفهم المرأة إلا المرأة.
كلي أمل أن تتغير هذه الصورة الباهتة.))
والكثير من كتبنا ومؤلفاتنا (خصوصا المؤلفات السعودية والخليجية، حتى أنني عزمت على أن لا أقرأ للخليحيين لأن مؤلفاتهم لم تقنعني يوما) التي تتناول القضايا المعاصرة كقضايا المرأة والتبرج والتمرد والإلحاد لم تخرج عن نمط ردات الفعل العاطفية.
فتجد كتابا كاملا عن الإلحاد، وحين تقرأه تكتشف أن الكاتب ذكر الأسباب والمسببات والنتائج وربطها كلها بالقوى الغربية والماسونية والأيادي العلمانية، والغزو الثقافي، وحين تكمل الكتاب وتطويه، تحس أنه لم يشف غليلك، لم يكن مقنعا لك بالشكل الكافي، وتحس أن هنالك حلقة مفقودة.
ذلك أن هؤلاء الكتاب غير منصفين سواء أدركوا ذلك أم لم يدركوه، وتناولنا للقضايا المعاصرة لا يزال سطحيا جدا، ستجد أولئك الكتاب وخصوصا الخليجيين يتناولون في كتبهم أو بحثهم كل شيء، لكنهم لن يتناولوا السبب الأول لذلك ألا وهو *نحن*، لا يوجد اعتراف بالقصور أو التقصير
لن يتنالوا في مؤلفاتهم منظوماتنا الدينية، قصورنا الفكري والمعرفي، سوء تطبيقنا لإسلامنا، وتغييب بعض النصوص الدينية على حساب بعضها الآخر.
التشدد، ضعف الخطاب الديني، وضعف الأهلية لدى البعض ممن يتقلدون تلكم المؤسسات.
وكل هذا يؤدي إلى ضعف الاحتواء، احتواء شبابنا وأبناءنا وتقبل أسئلتهم و أخطائهم، وتبديد حيرتهم.
فلماذا نسعى بأنفسنا إلى طرد شبابنا وبناتنا إلى منظومات فكرية أخرى، في حين أننا قادرون على احتوائهم واحتوائهن في منظومتنا نحن؟!
وأننا إذا لم نسع على نحو جاد لإصلاح شأن أبناءنا من أفق مبادئنا ومنطلقاتنا ورؤانا، فإن غيرنا سينجز المهمة وفق ما يراه، وعلينا آنذاك ألا نلوم إلا أنفسنا.
بقلمي شمس الهمة

ما هي العربية التي تحبونها؟

ما هي العربية التي تحبونها؟!

كما هو معروف أننا ابتعدنا كثيرا عن قواعد لغتنا الأم، ونقاط القوة والجمال فيها، فصرنا لا نتذوق كلام الأولين لأننا ببساطة لا نفهمه، ولا نتقنه.
فصار الكتاب العرب المعاصرون يكتبون بدون إلمام ولا اتقان، ولمس هذا جميع الفنون من نثر و شعر
فاختل الوزن والنظام، وفسد الذوق العام.

لدرجة أن شيخ العربية أبو فهر محمد محمود شاكر قال:((فمنذ وقت طويل، لم نعد نملك في أذواقنا عبقرية اللغة العربية، يمكننا أن نستبنط من موازنة أدبية نتيجة عادلة حكيمة.))

ويقول الطنطاوي ذات الشيء تقريبا عن شعر الحداثة وكتابات الكتاب المعاصرين.

لكن كمبتدئين في هذا العالم قرأنا للرافعي والمنفلوطي وغيرهما
وقرأنا لأدهم الشرقاوي والعتوم وأحلام مستغانمي ومي زيادة وغسان وغيرهم.
لكن الجميع حين يقرأ للرافعي يحس بالصعوبة والارهاق فيلتفت لكتابات أحلام مستغانمي وغسان فيجد السهولة والبساطة والجمال وانسياب الحرف متزامنا مع دفق الشعور ودقة الوصف.

لكنك ان أثنيت على فنيات وأسلوب هؤلاء المعاصرين تقابلك وجهات نظر معاكسة وعدم اعتراف بأي جمالية في طريقة كتابة هؤلاء بينما يتم الثناء فقط على الرافعي والمنفلوطي وووو

شخصيا حين قرأت للرافعي ستة مؤلفات لم ترقني سوى ثلاثيته(وحي القلم) لقد كانت العمل الخالد المجمع عليه من جميع القراء بالجمال، في حين لم ترقني كتبه الأخرى التي قرأت، وأصابتني بالارهاق والملل.

لم أكن أعرف لماذا، ولم أكن أجرؤ على قول أنها لم ترقني مثل سلسلة وحي القلم، حتى وقعت على مقال للشيخ الطنطاوي قال فيه أنه كان منبهرا لفترة بالرافعي ثم زال ذلك الانبهار بعد أن وقع على كتب المنفلوطي لأنه وجد في كتب الأخير بساطة الكلمة ودفق الاحساس في مقابل التكلف الذي كان متبعا في كتابات الرافعي. فقال عنه:((وعلى رأيي أن الرافعي قد بدلته الأيام، فلم أعد أستحسن من الأساليب إلا ما قارب الطبع وبعد عن الصنعة)).
ثم قال أنه مالبث أن زال انبهاره بالمنفلوطي حين قرأ رفائيل للزيات فوجده كنزا من كنوز النثر.

لأعترف أن كلام الطنطاوي أراحني قليلا، فأن تحس أنك بعيد جدا عن لغتك الأم ولا تحسن تذوق ما يجمع عليه الناس، يشعرك وكأن اللسان استعجم، وأن ذوقك كاسد فاسد.

غير أن القراءة لبعض الكتاب المعاصرين(الروائيين بالتحديد)، الذين ذكرت أسماء بعضهم وأتحفظ عن ذكر أسماء البعض الآخرين بسبب فساد مضامين ما يكتبون، لطالما أبهرني وسحرني واجتذبني بقوة، ذلك أن طريقة السرد والوصف رائعة، اضافة إلى رصد الأحاسيس والمشاعر والانفعلات البشرية بدقة لامتناهية، ولم أكن أعرف الفرق بين كتاباتهم وكتابات الأدباء الكبار حتى وقعت على اعتراف من الشيخ سلمان العودة قال فيه:((قراءة تلك الروايات على مافيها من مجون صارخ، عودني سهولة التعبير، وتجنب الضغط على الحروف أوالتفاصح، والتنطع في المخارج كما كان يوصي به أئمة اللغة كأبي عمرو بن العلاء والأصمعي)).
ولعلي أضيف هنا أن الزخرفة اللفظية، والاهتمام بالمحسنات البديعية لطالما كان سمة في عصور التراجع.
وبهذا ارتحت قليلا أيضا، لكنني لا أزال أحبو وأتعثر وأتعرف على كتاب جدد وأساليب وطرائق جديدة.

- أنتم ما رأيكم؟!
- ‏وأي أسلوب تحبذونه؟!
- ‏وأي كاتب تعتقدون أنه فاتنا الكثير لأننا لم نقرأ له؟!

#شموسة


كلام عن الصداقة

كلام عن الصداقة:

يجمع الخبراء والعارفون على أن الصديق لا يسمى صديقا حتى يجرب، وأن الانسان لا يعرف شخصا ما رجلا كان أو امرأة حتى يمتحنه عند الشدائد أو المواقف، وأن ما يظهر من الناس في البدايات دائما جميل، ولكن الجميع يتغير بعدها.
ولذلك كانت هنالك قواعد اتفق عليها العارفون لمعرفة الأشخاص لخصها سيدنا عمر بن الخطاب في جملة من أبلغ ما قيل، وفي معناها أنك لن تعرف المرء حتى تبايعه أو تشتري منه أو تستدين أو العكس، أو تشاركه في عمل أو تجارة، والثانية أن تصاهره ، والثالثة أن تسافر معه، ويشمل ذلك أن تساكنه الغرفة الجامعية أو غرفة مشتركة في العمرة أو الحج.
وأذكر في هذا الصدد ما قاله الشيخ الطنطاوي رحمه الله في كتابه "مع الناس"، أنه كان له صديق لم ير منه إلا كل جميل لأزيد من ثلاثين سنة، ثم قدر الله أن يسافر معه، ويشتركا بنفس الغرفة فقال أنه ظهرت  بينهما اختلافات بحجم الاختلاف بين المشرق والمغرب.
ليلة واحدة في غرفة مشتركة كشفت الكثير.
ولعل بعضهم يضيف عامل الأيام وما يعتري الناس من فقر أو غنى تجعل الأشخاص يتغيرون ويتبدلون أيضا.
غير أن هذا كله ليس ما أود قوله، فليس بجديد علي ولا أظنه بجديد على من خبر الحياة.
قصة اليوم علمتني شيئا آخر، لا يصنف مع ماذكرت آنفا.
إنها قصة روتها لي احداهن عن صديقتها، ولغرابتها وغرابة النفس والطباع البشرية وجدتني أكتب عنها.
هي قصة لصديقتين حميمتين جدا في كلية الطب، قضيا معا سبع سنوات كاملة في صحبة عايشا معها الحلو والمر وتجاوزاه معا.
كانت الفتاة (أ) تحدثني عن جمال أخلاق صديقتها(ب)، ونقاء سريرتها وحبها الكبير لها فكانت الفتاة (ب) تدافع عنها في غيبتها، ولا تقبل أحدا يتكلم عنها بسوء حتى عرف عنها ذلك بين جميع الصديقات، وغبطنها على صديقة مثلها.
قالت الفتاة (أ) أنها لم تكن مشتركة مع الفتاة (ب) بنفس الغرفة، وحدث في السنة الثالثة أن اضطرا لتشارك نفس الغرفة الجامعية، فكان أن حذرهما الجميع أنهما سيخسران صداقتهما، فتشارك غرفة يمكن المرء من اكتشاف عيوب صاحبه، ولربما أدى ذلك الاكتشاف والاختلاف إلى المشاكل فالتنافر والتباغض.
تقول الفتاة(أ) أنها كانت خائفة جدا من هذه الخطوة، مخافة أن تخسر صديقتها للأبد كما حدث مع كثيرات.
لكن لم يكن أمامها حل آخر، فقد اضطرتهن الظروف لذلك.
مضى الأمر على خير، ولم يحدث بينهما ما كان يحدث عادة بين الشركاء الجدد، وتوطدت صداقتهما أكثر فأكثر.
كانت السماء صافية، والعصافير تزقزق، والأجواء رائعة بينهما طوال ثلاث سنوات أخريات مضافات للسنوات الثلاث الأول، وبهذا تمت لهما ست سنوات كاملة من الألفة والمحبة.
ما حدث في السنة السابعة قلب كل الموازين، وكل ما تعارفه الناس في باب الصداقة، وتحولت العقدة المتينة إلى خيوط بالية انفصمت عراها إلى الأبد.
ذلك أن الفتاة(ب) تشاركت الغرفة الجامعية مع أخرى لظروف خارجة عن إرادتها، وكذا أصبحت الفتاة (أ) تتشارك غرفتها مع فتاة أخرى.
تقول الفتاة(أ) أن صديقتها بدأت تتغير عليها بالتدريج، ثم حدث بينهما خلاف بسيط كما يحدث بين جميع الأصدقاء، لكن الخلاف أصبح عداوة، ولم تفلح الفتيات في اقناع الفتاة (ب) بالصلح رغم صغر المشكلة وتفاهتها، والأعجب أنها الطرف الظالم في المشكلة حسب الشهود.
حدثتني تلك الفتاة بصدمة وحزن عميق فهي لم تتوقع يوما أن تفترق عن توأم روحها لانسجامهما وحبهما العميق تحاه بعضهما.
حدث ما حدث وتفرق شمل الصديقتان، وفشلت كل المساعي لجمعهن ثانية، واستمرت الأيام من جديد.
تقول الفتاة (أ) أنها بعد بحث وترو، و تفكير وتأمل وصلت إلى نتيجة حللت بها شخصية صديقتها فهي بها أعرف.
قالت أن صديقتها تلك هي الوحيدة لأم مطلقة، تحبان بعضهما وتخافان على بعضهما البعض فليس لهن في الدنيا أحد، وكانتا تهتمان ببعضهما أيضا.
وكانت شخصية الفتاة(ب) انطوائية، وعدوانية أحيانا مع الآخرين، ولا يعرف جمال شخصيتها إلا المقربون.
لكنها تقول أنها شخصية هشة، ضائعة، وضعيفة بحيث يلزم عليها دائما أن تسند نفسها بشخص ما فتحبه وتخلص له والأعجب أنها تذوب في شخصيته وتتبعه مثل ظله.
وما حدث معي تقول الفتاة(أ) أن تلك الفتاة كانت مجرد ظل، أو انعكاس لنفسي، أما الفتاة حقيقة فلم تكن موجودة، لقد ذابت تماما فصارت هي( أنا) الأخرى.
وما حدث بعدها أنها حين تقاسمت الغرفة مع شريكة أخرى، لعبت معها نفس الدور تماما، فأحبتها وأخلصت لها، وأصبحت مثل ظلها، لقد ذابت مجددا في شخصية صديقتها الجديدة.
#شموسة



تلك البرامج تلوث الفكر

تلك البرامج التلفزيونية تلوث الفكر!!

في أحد نقاشاتي مع ذلك الأمريكي، كنت أتعمد لغة الانتقاص منهم لكسر نبرة الغرور والتسيد المعتادة، واظهار أننا نعلم عنهم أكثر ما يعلمون عنا(كشعوب ومواطنين لا أقصد الساسة والخبراء طبعا)، فنشرت ذات مرة صورا لكافة مشاهير الإعلام لديهم كأوبرا وينفري وبرنامجها الشهير، والدكتور phil والدكتور OZ، ستيف هارفي وغيرهم الكثير.
وكذا الكثير من أشهر الطباخين كإمريل لاغاسي والمتألقة مارثا ستيوارت وغيرهم.
فكرت أنني سأحرجه اذا بينت له معرفتي بهؤلاء في مقابل أن أطلب منه المثل لأظهر عجزه وجهله.
حقيقة انطباعه الأول كان الدهشة بعض الشيء، فقد كان يتوقع أن المسلمين يرفضون الآخر جملة وتفصيلا، وأنهم متقوقعون على أنفسهم، لكنه فوجئ بالعكس.

ثم علق بكلام آخر لا أنساه، قال أنه لا يتابع تلك الحصص والبرامج، وأنه حينما تضيق نفسه قليلا ويجد فسحة في وقته المزدحم فإنه يشاهد توم وجيري والكلاسيك كارتون.

قال بالحرف أن تلك الحصص والبرامج تلوث الفكر، وتسمم العقل، وتوجه الفرد وفق ماتريد.
وأن العقل لن يكون بكامل حريته إلا اذا أعرض عنها والتفت للكتب، وقال أنه مكتف بالكتب ومدمن على القراءة.
حقيقة خجلت من نفسي يومها، فقد كنت مدمنة لبرامج التلفزيون وكنت قد هجرت مكتبة الوالد لسنوات بسبب جاذبية الفضائيات آنذاك، وكانت تلك معلومة جديدة علي تماما، قضيت أشهرا أتأمل كنهها وأتأكد حقيقتها التي ثبتت مع الأيام.

#شموسة




نعمة اليوتيوب

نعمة اليوتيوب:

الأسبوع الفائت واجهتني مشكلة تعطل آلة الغسيل، اخوتي الذكور كانوا غائبين عن البيت ما بين عمل بعيد ودراسة في الجامعة.
ووالدي كان مشغولا جدا لأمر ما، فلم يكن متفرغا لإصلاحها.
لذا ألجأتني الضرورة للبحث عن سبب الخلل بنفسي، اعتقدت أنه عطل يسير بسبب التكلس فاقتنيت مزيل الكلس، لكن الأمر لم ينفع.
لذا رحت أبحث في اليوتيوب فوجدت عدة مقاطع لمشكلات تم اصلاحها بسرعة.
قمت بتحميل ما أحتاجه من فيديوهات ورحت أعيد المشاهدة كل مرة لترسيخ الأمر.
ثم قررت المغامرة، والمحاولة على طريقتهم، وفعلا تمت العملية بنجاح وتم إصلاح الغسالة.
وأتذكر أيضا الصائفة الفائتة، اضطرني ظرف ما أنا ووالدتي فغبنا عن البيت أسبوعا وتركنا فقط الذكور لوحدهم في المنزل لأول مرة رفقة والدي.
اعتمدوا طيلة أسبوع كامل على النواشف، ولم يقوموا بتحضير أي شيء.
وفي يوم الجمعة آخر الأسبوع حين عدنا في المساء فوجئنا بصحن كسكس كبير في الثلاجة.
خمنت والدتي أن بعض جاراتنا بعثت بها لاخوتي، وحين عاد أخي سألته عمن جلب لهم الكسكسي.
فأجاب أن لا أحد، وأنه من قام بتحضيره.
لم نأخذ كلامه على محمل الجد طبعا، واعتبرناه مزحا.
لكنه أخذ يؤكد ويعيد ويحلف ويزيد.
قال أنهم هِلكوا من النواشف.
وكان المعتاد عندنا ككل الجزائريين تحضير المسكسي بيوم الجمعة، فاشتهاه وقام بتحضيره
فسألته والدتي قائلة: ومنذ متى تجيد تحضير الكسكسي، ومتى تعلمت ذلك؟
فأخبرها أنه كان يلاحظ العملية حين نقوم بها، فاكتسب الخبرة.
لكن والدتي لم تقتنع بذلك، فهي تعرف أنه لا ينتبه الينا البتة حين نقوم بعملية الطبخ، ناهيك عن أنهم في الخارج طيلة الوقت.
فأقر أنه كان يمزح، وقال لي أنه شاهد العملية في اليوتيوب، وطبقها بحذافيرها. هههههه
***********
أقول هذه المواقع بحر من الكنوز إن أجدنا استخدامها.

مشروع أصبوحة



مشروع أصبوحة:
كلنا تقريبا يعرف على الأقل أن مشروع أصبوحة لصناعة القراء، شخصيا هذا ما كنت أعرفه منذ انطلاق المشروع، ولأن برنامجهم مسطر بعناية، ويقتضي القراءة اليومية ووضع المراجعة كل يوم، دفعني هذا إلى تأجيل الالتحاق بهم كل مرة وأنا أشاهد كل يوم منشورات الأصدقاء على الفيس بوك.
إلى أن نصحني الاخوة بالمجموعة )عشاق الكتب_ الجزائر)، بالالتحاق بالمشروع، وحين قرأت شروط الالتحاق أجلت الانضمام كرة أخرى بسبب المسنجر، فعادة كي أكمل قراءة كتاب أغلق الفيس بوك بسبب ضغط رسائل الصديقات، ولأنني حين أقرأ أحبذ أن لا تلهيني وسائل التواصل الاجتماعي، ناهيك أنني لا أملك المسنجر وأكرهه جداا.
سبب آخر كان يثنيني عن الالتحاق ألا وهو اعتمادي برنامجا للقراءة المتخصصة حيث سطرت لنفسي برنامجا يضم 90٪ فقط قصص وروايات لحاجة في نفسي، ومشروع أصبوحة لا يساعدني في هذا الأمر فهو مشروع صناعة قارئ وليس كاتب، ويعتمد في برنامجه على 99٪ من الكتب المنوعة فقط، وان كان يضم رواية أو روايتين (لا أعلم بالتحديد).
والكتب المبرمجة للقراءة متواجدة برف أصبوحة وأنت لك حق الاختيار مابين الكتب الفكرية أو الدينية أو الأدبية أو غيرها.
لكن ما كنت أجهله أن لديهم خيارا آخر يتيح لك البقاء على برنامجك الشخصي في القراءة، ألا وهو ميزة (الاختيار الحر)، فتختار كتابا من رف أصبوحة وحين تنهيه يحق لك انتقاء ماتشاء وتحسب لك نقاط الاختيار الحر أيضا.، والءمر الآخر أنه يمكنك الالتحاق بدون مسنجر (وهذا ما أراحني كثيرا).
قرأت بعد ذلك عن تجربة احداهن بعد سنة من الالتحاق بأصبوحة، حيث ذكرت بأنها لم تكن تقرأ بسبب ضياع وقتها على الفيس بوك، وحين التحقت بأصبوحة التزمت بالورد اليومي المقدر بست صفحات في اليوم، وحين أكملت سنة مع المشروع أصبحت تقرأ كتابين في اليوم.
هذه التجربة حفزتني للانضمام مؤخرا، وكنت خائفة من عدم الالتزام لأن وقتي يتحكم به الآخرون إلا أنا، فيقتطعون منه ما يشاؤون، ويتحكمون به كما يرغبون، وليست لدي القدرة على الاعتراض فالمسؤوليات عادة تفرض عليك هذا.
لكنني غامرت بغية اكتشاف حسنات التجربة على الأقل، لذلك أصبحت عضوة في المشروع، واكتشفت أن الالتزام معهم سهل وميسر ويعلم الانضباط.
ناهيك أن المشروع وفكرة المشروع تناسب جدا رواد وسائل التواصل الاجتماعي، وتعتبر أنجع دواء لشتات وضياع الأوقات التي تسببت به هذه المواقع للجميع.
ففكرة المشروع ابداعية ورائدة وسباقة، لا أدري حقا كيف اهتدى صاحبها (Ahmed AlShammari) إلى هاته الفكرة العبقرية.
فكرة المشروع:
برنامج أصبوحة وكأنه جاء كخلاص لأولئك الشباب الذين يعانون ادمان الفيس، وتشتت وتسرب أوقاتهم فيه، لذا ابتكر صاحبه طريقة ميسرة وناجعة لمن التزم بها، ناهيك أنها تطبيق حرفي لوصية الرسول صلى الله عليه وسلم التي تقول:((أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل)).
ففكرة أصبوحة تعتمد القراءة المنهجية المتأنية، اختيار كتاب، وقراءة ست صفحات منه على الأقل في اليوم، وكتابة أطروحة صغيرة لما فهمته من تلك الصفحات.
حتى أن قائدتي بالفريق تسمي ما نقرأه في اليوم بالورد اليومي، وهي مسؤولة عن جمع نقاط أطروحاتنا وتنبيهنا بالاشارة اليومية لوضع وردنا اليومي من القراءة.
لفظة الورد اليومي هزتني كثيرا، كوننا نعتمدها في قراءة القرآن الكريم، ولكم تمنيت أن يخرج علينا أحد الأفاضل الملمين بعلم القرآن الكريم بهكذا مشروع(صفحات معينة من القرآن نقرأها+تفسيرها+ ونستخرج منها فائدة أو اعجازا أو مناسبة أو صورة بلاغية) تخيلوا معي لو تم لنا هذا الأمر، كم من فائدة سنجنيها، وكيف سينقلب حال الأمة بعدها؟
لعمري أن فكرة أصبوحة أثبتت فاعليتها ونجاعتها، ولا يدرك ما أقول إلا سفراءها وأعضاؤها الذين خبروا أثرها وعرفوا الآلاف الذين التحقوا بها، إنها خلية نحل بمعنى الكلمة.
أصبوحة كانت فكرة طالب بكلية طب الأسنان، عراقي اسمه أحمد الشمري في سنته الرابعة ويدرس بجامعة في الأردن، وانطلاقة المشروع ومهده كان دولة الأردن، ثم توسع ليصبح مشروع أمة.
فأي فكرة هذه؟
وأي همة؟
وأي قبول وضع له في الأرض وبين الشباب؟
ماشاء الله، تبارك الرحمن، فاللهم زد وبارك
أصبوحة الآن بفضل الله أكبر مشروع عربي لصناعة القراء، وهو يعتمد على فكرة التطوع فقط، فكل القادة بالمشروع كانوا سفراء من قبل وتمت ترقيتهم ليصبحوا قادة مسؤولين عن مجموعة من السفراء، وكلمة سفير هنا يقصد بها (القارئ الجديد المنضم حديثا للمشروع).
ولعلي أذكر طرفة حول الموضوع، هي أنني عضوة بمجموعة للقراءة لصبايا من دولة شقيقة للأردن، وكلما حدثتهم عن مشروع أصبوحة، أجدهن يجهلنه تماما فيسألنني(شو هي أصبوحة؟!، وما معنى أطروحة؟!)
بالرغم أن المشروع عملاق جداا، ولا تجد مجموعة قراءة لا تعرفه، خصوصا عندنا بالجزائر
فقد تغرس بذرة بكل مكان، لكن الحصاد قد يأتيك من أقاصي الأرض.
ولعل آخر ما أختم به، الرجاء من الجميع بأن يجربوا الالتحاق بهذا المشروع.
ورجاء آخر أن تقوموا بنشر فكرة المشروع بين أصدقائكم وأحبابكم، أبنائكم وتلاميذكم.
ولعلي هنا أذكر تجربتي الشخصية في هذا الأمر والتي تكللت بالنجاح بفضل الله، حيث أنني روجت لبرنامج أصبوحة في مدينتي النائمة، وكان أن تم إنشاء ناد للقراءة يعتمد كثيرا على أساسيات فكرة أصبوحة.
كم أتمنى حقا لو يقوم كل فرد منا بنقل تجربته إلى حيه وقريته ومدينته.
وتذكروا:
«الثورة بلا مثقف قد تسقط نظاما ولكنها لا تحقق نهضة، إن الثورة التي لا تسبقها ثورة ثقافية هي ثورة تمشي على رأسها، وهذا ما نلاحظه اليوم في وطننا العربي، كل تجارب الإنسانية قديما وحديثا تشير إلى هذه الحقيقة.» ياسين حسن
أعتقد أن الثقافة هي التي ستصنع لنا المجتمع الراقي الذي نبغيه.
#بقلم#شمس_الهمة

لا تتركوا الأمهات وحيدات

لا تتركوا الأمهات وحيدات:

حين كنا صغارا، نتحلق جميعنا حول التلفاز في الصالة الرئيسية، شاعرين بدفء أسري لاجتماعنا، ولقرب المدفأة من كل غرف البيت، والتي كانت تبعث بحرارة تعم كل أرجاء المنزل الصغير.

في حين كان والدي يقبع بغرفة مكتبه المظلمة إلا من ضوء خافت ينبع من مصباح صغير على مكتبه، عاكفا على تصحيح الأوراق، أو كتابة المذكرات التي غالبا ما كان يكورها بين يديه ويرمي بها في سلة قريبة، ليعيد كتابة أخرى.

أما والدتي فكانت تقبع في الرواق على هيدورة بجانب المدفأة، وكانت غالبا ما تضع لنا حبات الفول السوداني فوقها لتصبح مقرمشة، في حين كانت تقوم بتقليبها، ثم تعكف على حياكة كنزة أو شال صوفي لأحدنا.

كان مكانها استراتيجيا جدا، فهي ترى وتسمع كل حركاتنا وسكناتنا، وكذا حركات والدي فيشعرها ذلك ويشعرنا نحن أيضا بالقرب.
والدتي لم تحب التلفاز يوما، ولا بهارج الدنيا وزينتها، فكانت أغلب الأوقات وحيدة، مبتلاة بمرض التأمل والتفكير، تهرب من الوحدة والحزن الدفين إلى أعمال المنزل أو حياكة الملابس، وكان الدمع عندها عادة تبكي في فرح وفي أحزان.

والدتي شخص رقيق حساس جدا، لدرجة أنها تبكي دوما في قصصها الأيتام، وتحس بكبار السن وتذكرهم دوما، وتعطف على الصغار، وحتى الحيوانات والحشرات.

قلبها فياض بالرحمة والمحبة فلو دخلت ذبابة غرفتها، تفتح الأبواب والنوافذ على مصراعيها لتعود تلك الذبابة إلى النظام البيئي.
وقد حصل هذا أمام عيني مرة، فلقد كنا بالسيارة، وحدث أن دخلت نحلة وكنا قد أغلقنا النوافذ، فبقيت تطن وتدور وتدور، ففتحت والدتي نافذتها الجانبية، وساعدتها على الخروج بحركة من يديها، وخاطبتها قائلة:(لعلك تنقذينني من حر جهنم كما أنقذتك).

كنت الوحيدة من بين اخوتي التي تتسلل من مكانها لتفقد أمي، خصوصا إن كان الكرتون يضم قصة حزينة تدفعني بشدة بالاحساس بوالدتي، وكذا ان كان الكرتون مضحكا، فنستغرق في ضحكات متواصلة، أندم عليها أيضا، وأحس بتأنيب الضمير، فأذهب لتفقد والدتي.

كنت أرغب بمواساتها، ومشاركة أفكارها، وكان أملي ادخال السرور على قلبها، لكنني كنت أفشل في ذلك فشلا ذريعا، وينقلب الأمر إلى الضد من ذلك، فأسبب لها القلق والحزن.
كانت تستغرب مجيئي في غمرة انشغال اخوتي وانغماسهم، فتحاول معرفة السبب، فتأخذ في سؤالي، علها تفهم سبب سلوكي الغريب ذاك.
وكنت أنا لا أجد شيئا أدفعها به إلى البوح ومشاركتي ما يقض مضجعها ويسكن تفكيرها.
كانت تدفعني إلى الكلام، فأشاركها قصة الكرتون المحزنة تلك، وكان ذلك رغبة في جرها لكلام آخر، فكانت أسئلتي لها من قبيل( ماما لماذا هذا العالم سيء، لماذا هنالك فقد، وأيتام، وحروب، وفقر؟)
وعيوني تختزن دمعات توشك على الانفلات، وغصة في حلقي تحسها والدتي أثناء كلامي.

لكن والدتي لم تفهم يوما سبب ذلك السلوك، وكان ذلك يؤرقها ويحزنها أكثر، فلطالما سمعتها تردد لوالدي (طفلتنا هذه هشة جدا، ليست مثل بقية اخوتها، أنا خائفة عليها).

كبرنا وتفرق اخوتي ما بين عمل ودراسة، وأضحت والدتي أكثر وحدة عن ذي قبل، خصوصا مؤخرا مع أحداث الحراك، وانغماس والدي الكبير مع هاتفه خائضا حروبا وسجالات وجدالات لا يعرف أحد متى ستنتهي، وإن وضع هاتفه أدار الدفة إلى قناة الجزيرة وأشباهها.

كبرت أنا أيضا، ولا زلت كلما انغمست مع وسائل التواصل الاجتماعي، أشعر بعدها بتأنيب الضمير، ولا أرتاح إلا اذا وجدتها رفقة والدي يتجاذبان أطراف الحديث عن مستقبل الأيام، وذكريات الزمان.

اتركوا هذه الأجهزة قليلا، دونكم أمهاتكم، قبلوا أرجلهن، ودلكوا أقدامهن، فهناك تقبع رائحة الجنة.

#شموسة


انها كنز


إنها كنزي:
لا أحد يعلم أنني من هواة اكتشاف الكنوز، وكثيرة هي الكنوز التي اكتشفتها في هذا العالم.
وبحمد الله عدد ما جمعت من الكنوز يفوق ما صادفت من غير ذلك.
وبفضل الله لم أواجه المشكلات ولا الأشخاص السيئين ولا أتذكرهم ولا أتذكر أي حادثة بذلك.
ذلك أن لي نفسا تشبه النحلة، لا تحب أن تقع إلا على طيب
وفي هذا العالم الأزرق كل صويحباتي أعدهن كنوزا.
ولعل آثر كنز عندي أخفيه عن الجميع.
هل بسبب الأنا؟ هل مخافة أن يتشاركه معي غيري، أم لأنه أثمن شيء، فأنا أحفظه وأصونه عن الأعين.
انها صديقة من بلاد القبائل.كاتبة وشاعرة بلغة موليير، وخبيرة تنمية بشرية.
كيف عرفتني أو كيف عرفتها؟
صدقا بالصدفة؟
لا ليست بالصدفة، ولا أؤمن بعالم الصدف
انها هدية من الله لي.
كنز وضعه الله مقابل عيني.
هذه الصديقة يا جماعة، حطمت كل ما تعارف عليه الناس.
لم تكتف بأنها أحبت حروفي وثرثراتي.
بل كانت تشجعني وتثني علي.
وكثيرا ما عرضت علي المال وهي مجرد معلمة، بغية نشر كتابي الأول.
لقد حاولت معي كل الطرق لتحقيق هذا الأمر، ولازالت إلى اليوم مستعدة لتحقيقه.
طيب لماذا؟ وما الفائدة التي ستجنيها؟
لقد قالت لي بالحرف أريد ادخال السعادة لقلبك، أريد مساعدة أحدهم لتحقيق حلمه، أريد مشاركة السعادة مع شخص يحلم.
انها ببساطة مثال لما كان يفعله الصحابي مع أخيه المسلم، يضع التمرة في فم أخيه، فيتحسس حلاوتها في فمه.
انها كنز عثرت عليه وحدي، انها كنزي أنا فقط.
هل أحببتها لأجل المال؟ لا، قطعا.
ولكن أن تجد شخصا مؤمنا بك، أو على الأقل يقوم بتشجيعك في محيط، يحسسك أنك لا شيء كل يوم، في محيط يقتل آدميتك، فتقتنع أنك مش بنادم.
هذا والله ما لا أنساه لها، وهي من الأشخاص الذين تقابلهم لمرة في حياتك، فيسكنون ذاكرتك إلى الأبد.
ومع ذلك لي 11شهرا لم أسأل عنها ولا مرة، هي من يبادر بالاطمئنان علي كل مرة، ولكن ولا مرة قمت بذلك وبادرت.
أتراني أسوء خلق الله؟
ولم تغيرت هكذا؟
ولم أصبحت بهذا البرود والجمود؟
أدور في فلك مظلم هو (الأنا).
ما أقساني، وما أشد برودي
أحتاج دعواتكن حبيباتي
#شموسة

الاثنين، 23 سبتمبر 2019

الكتابة

همسة:


كثيرون يعتقدون أن الكتابة شيء سهل، الهام يتدفق في لحظة ما فينتج نصا، وينتهي الأمر .

يعقب ذلك سكون وربما خمول في انتظار لحظة الإلهام تلك مجددا.

الأمر ليس هكذا، فالكتابة شيء يتلبسك طوال النهار، وأحيانا يلاحقك أثناء النوم.

فالكتابة تتم في عقلك كل ثانية، وأنت تأكل، وأنت تشرب، وأنت في المطبخ، في الصالون،

وحتى عند مشاهدة فيلمك المفضل.

ذلك الذي يتلبسك لا يتوقف أبدا.

إنه لا يتركك بسلام للحظة أو ثانية.

ذلك الذي نكتبه عادة لهو أقل بكثير مما يكتب في متاهات عقولنا.

فبالنهاية أنت تكتب لإسكات صوت الأفكار والجلبة التي تحدثها في داخلك.

إنها تسبب لك كثرة الشرود والنسيان والبله، والصداع أيضا.

أنت بجسمك مع الآخرين، لكنك بفكرك تحلق عاليا.

مؤخرا وعند طي الملابس، تكرر الأمر معي أكثر من مرة، بشكل كارثي.

 تتزاحم الأفكار في عقلي، فتنشغل يداي بالعمل، بينما أستغرق كليا مع تلك الأفكار.

أنهي العمل، وأمضي لشأني.

بعد يومين:

- ماما وين راهم التقاشير تاوعي؟!

- ‏ماما التريكو لحمر ما لقيتوش؟!

- ‏سقسو اختكم ، هي من قام بطي الملابس.

يلجأ الجميع إلي، فأفاجأ أنني قمت بتخريب كل تلك الأمور.

 قميص هشام في دولاب عمر، وبنطال فيصل في دولاب أبي!!

أتنحنح في هدوء، وأقوم بحل المشكلة.

تسألني أمي فأجيبها أنني السبب (إنه الشرود مجددا).

- تقول راهم جابدين بيك المال آبنتي، عقلك وين راه؟!

تتناولني أختي هي الأخرى

- ياللي آخد عقلك يتهنى.

أتوجه صباحا لفرش أسناني، وأنا أتأمل المرآة، أقضي قرابة الساعة أمامها، فكل الأفكار تخطر ببالك وأنت تقوم بفرش أسنانك، والحمام عادة أنسب مكان لتولد الأفكار.
أخي ممتعضا:
- إنه دوري الآن!!
أنتبه من غفلتي، هنالك طعم مر بفمي، ورغوة كثيفة!!
أصرخ كالمجنونة:
- إلهي ماذا فعلت بنفسي؟!
(لقد وضعت الجال دوش بدل معجون الأسنان، تبااا😌)

- يقهقه أخي ملء شدقيه، ثم يقول ساخرا:
- ‏لازمك داوي علابالك، تريحي بصح طولي

ويستمر مسلسل الأيام على هذا النحو، لكن أحدا لن يفهم ما تعانيه.

الكتابة اجتياح، واحتلال.

#شموسة


الأحد، 22 سبتمبر 2019

لاعبنا مفتاح!!

لاعبنا مفتاح:
----------------
إنها آخر مباراة حاسمة لفريقنا الوطني، فإما فوز وإما خسارة.
إما أن نحقق النصر المؤزر بمجرد تأهل للمونديال، وإما أن نخسر خسارة لا قيام لنا بعدها، ولننتحر بعد ذلك فلم يبق لنا سبب للبقاء في هذا العالم التعيس.
صمت يطبق على المدرجات، وأفئدة تلهج بترديد نشيد "قسما"، القسم هنا ليس لفرنسا، القسم هنا لإغاظة الفرق العربية الأخرى التي تنافسنا للتأهل إلى المونديال، وبالذات فريق "داحس" الممثل عن الوطن العربي الذي بيننا وبينه أشد العداوات.
بدأت المباراة، واستعدت لها الجماهير بالهتافات، بعضهم حمل معه دواء الضغط، والآخر دواء السكري، فالقلب، فانسداد الشرايين.
فالمسألة مسألة ثأر، ولا تحتمل التهاون أو الصبر.
مرت المباراة "العنيفة" كما ينبغي لها أن تكون، ركل لأرجل اللاعبين، تمزيق القمصان، حتى العض كان حاضرا أيضا(وقدوتنا في ذلك سواريس أشهر عضاض في تاريخ المستديرة" كيف لا ونحن المحاربون، فلم يطلق علينا عبثا لقب "محاربي الصحراء".
المباراة ملحمية، لكن دون أهداف تذكر لحد الساعة.
الدقائق الأخيرة على وشك أن تنتهي، أعصاب مشدودة، معارك شرسة بين اللاعبين، شد وجذب، سب وقذف، سترى وتشاهد كل شيء إلا لعبا محترما بشكل محترف.
هاهي الدقيقة التسعون، لاعب من هنا ولا عب من هناك والكرة لا تعرف لها مكانا غير الهواء، ينجح لاعب الفريق الخصم في إعادة الكرة لحارس مرماه، ويصادف ذلك تواجد لاعبنا الأخطر المدعو" مفتاح" أمام المرمى، الكرة لامست شفر عينه اليمنى، ثم ولجت شباك المرمى، مرحى!! وأخيرا تأهلنا.
ليس المهم كيف، ولا تقولوا أنها مصادفة، قولوا بالفم الملآن أنها بطولة، وأن ذلك اللاعب الخطر، قام بما لم يقم به أحد قبله ولا بعده، لقد سجل بشفر عينه اليمنى، يا للقوة، يا للبراعة!!
هدف واحد أدخلنا للمونديال، وضربة واحدة مركزة(بالطبع ليست ضربة حظ)، من شفر عينه اليمنى أدخلته التاريخ.
الجماهير ترقص فرحا، وتحمل صور اللاعب البطل قائد الملحمة "مفتاح".
وابتدأت الجماهير تنسج حوله الأساطير*عفوا* قصدي التسريبات الصحفية، فيهم من قال أن ولادته كانت غير طبيعية، وأنه طفل معجزة، وفيهم من قال أنه بار الوالدين، وذلك كله من بركة الدعاء.
أخبار أخرى قالت أن السر يكمن في اطالته لشعره، فهو يمنحه القوة الكافية.
وأخبار أخرى تقول بأن السر في زيت الخروع، فقد كان ديدنه استعماله على شفار عينه قبل النوم.
جماهير متحمسة وصفته بالمنقذ، وأخرى بالفارس المغوار، حتى رئيس الجمهورية استقبله بالتهنئة في عقر الدار.
وعناوين الصحف تلت هذه الأخبار( مفتاح حقق ما لم يحققه أحد في العالمين، مفتاح يحطم أرقاما قياسية ويشرف الكرة العربية، ويحصد تاريخا جديدا للكرة العربية، كيف ساهم اللاعب مفتاح في تغيير نظرة الجماهير الغربية للكرة العربية)
مرت أشهر على تلك الملحمة، وهاهو ذا منتخبنا الوطني ضمن منافسات الكبار في المونديال.
ابتدأت المنافسات، وتلاشت الأساطير والكذبات، وأخذ منتخبنا في التراجع وعد الخيبات والنكبات، وارفاقها بمنوعات من الفهم الدقيق والتحليلات، لمجرى كافة الأحداث والمباريات.
( يكرهونا صديقي، الحكم جا معاهم، الرطوبة، والحرارة وووو هلم جرا).
لكن بطبيعة الحال أخبار طفلنا المعجزة عفوا أقصد لاعبنا الخطير لم تنته بعد.
بطلنا كان رجلا، ورغم ذلك بكى في الميدان، واعلموا رحمكم الله أنكم اذا رأيتم دموع الرجال، فاعلموا أن الهموم فاقت قمم الجبال.
أيام بعدها كانت الصحف والجرائد تنقل أخبار بطلنا مفتاح، فكلما عطس أو تثاءب نشرت لنا أخباره، وتبين للمغردين، ورواد صفحات التواصل الاجتماعي، أن بطلنا تعرض لأزمة نفسية، واكتئاب حاد، وينتوي اعتزال اللعب، والمباريات.
كما نشر لاعبنا صورة له رفقة كتاب "لا تحزن" لعائض القرني، مما جعل العشاق والمتابعين يحذون حذوه، ويقال أن الكتاب اختفى بعد ذلك من جميع المكتبات، وحقق نسبة مبيعات مهولة، لم يكن الشيخ عائض يحلم بها في حياته.
وعلى إثر هذه الفاجعة التي ألمت بشعبنا الكريم في بطله العظيم، تدخل رئيس الجمهورية شخصيا ومنحه تذكرتين بالسفر إلى جزر المالديف، وقامت السفارة السعودية ببادرة جميلة حينما قدمت له تذكرة مجانية لأداء مناسك العمرة.
كما قام الرسام الفلندي المشهور unknown بتخليد ذكراه في صورة بالزي العسكري رفقة صورة اللاعب الشهير كريستيانو رونالدو(حتى ميسي لم تتح له هذه الفرصة).
كما نقل عن أن الكيان الاسرائيلي يدرس جنوده تكتيكات استعمال تقنية *شفر العين* لتسجيل الأهداف، حتى أن دراساتهم كلها باءت بالفشل، ولم ينجح أحد في محاكاة التقنية الأروع في العالم، لذلك فالكيان الاسرائيلي يرتعد خوفا لهذا السبب).

نشرت وسائل الإعلام أيضا خبرا مفاده أنه وضع له مكان في أرضية نجوم هوليوود) تستطيع بكل فخر أن تجلس فوقها وتدوسها بغية التقاط الصور معها.
نسينا الخسارة الكروية، ونسينا الهزائم العلمية والمعرفية وكذا التقنية والعسكرية.
المهم الآن أن العالم يحترمنا، والكيان الصهيوني يرتجف منا، وهذا أكبر دليل على أننا صرنا أمة قوية.
#بقلم شمس
-------------------------
المقال مقتبس من كتاب " الخطط الذكية والدرر البهية في صناعة الوهم واستغباء واستحمار وتخدير الأمم الغبية حتى تعتقد أنها باتت قوية"

الأربعاء، 14 أغسطس 2019

كلام يجب أن يقال:

كلام يجب أن يقال:

عقب مقالي الأخير ذكر بعضهم أن أحلام تتناول الواقع بالتشريح في كتاباتها.
و بثينة العيسى وفي أحد لقاءاتها وصفها المضيف بالكاتبة المثيرة للجدل التي تكتب عن الطابوهات بعنف فردت عليه أن الكاتب الحقيقي ليس الذي يهدهد على القراء بل يجب أن يكتب عن الحقيقة و يسمي الأشياء بمسمياتها وأكثر.
تلكم الكاتبات يدعين أنهن يكتبون الواقع، ويضعن أيديهن على الجرح، بينما هن يضغطن بقوة لإيلامنا فقط.
وسأقسم المقال إلى شقين:
أولا:
تناول الشاذ من الانحرافات السلوكية والأخلاقية المسكوت عنها، واظهارها بمظهر الأمر الشائع والعادي لإيهامنا بأن كل العرب منحرفين.
وهذا فيه سيئتان: الكذب والافتراء على الواقع العربي، ومحبة إشاعة الفواحش والرذائل بالكلام عنها والمجاهرة بها عوضا عمن أخفاها واستتر، وكما هو معلوم في الحديث النبوى :"كل أمتي معافى إلا المجاهرين".
وحديث آخر يقول "وإن بليتم فاستتروا".
وهؤلاء يذكرونني بقنوات الصرف الجزائرية وكذا الجرائد الورقية من قبل، حيث ينشر هؤلاء كل ما خفي من أخبار الشر، ويلجون أوكار الرذيلة وينبشون أخبارها.
وهذا ليس منهاج المسلم الحق، ففي ديننا هنالك حديث "يكفيك من شر سماعه"، ولنا فلسفة إسلامية خاصة تستحب نشر الخيرات واجتناب ذكر أخبار الشر حتى لا تكثر وتشيع في المجتمع المسلم.
فلطالما تساءلت لماذا لا ينشر هؤلاء أخبار وقصص الناجحين والمبدعين والمخترعين، بينما يبرعون في اظهار التافهين والساقطين والقتلة واللصوص؟!
وفي هذا الصدد سأنقل اقتباسات من كتاب (من عبث الرواية، نظرات من واقع الرواية السعودية) لصاحبه عبد  الله بن صالح العجيري، وهو كتاب قيم عيبه الوحيد أنه يذكر أسماء تلك الروايات الماجنة وهذا بحد ذاته دعاية غير مباشرة لهؤلاء، فكان يكفيه أن يذكر الاقتباسات مع التحليل وسيعرف القراء أسماء أصحابها اذا كانوا قد قرأوا لهم من قبل، ويجنب الآخرين مغبة البحث عن تلكم الروايات.
قال:((يقدمون رواياتهم على أساس أنها مرايا تنعكس فيها صورة الواقع، لكنها في الحقيقة مرايا مشوهة ، تشوه صورة الواقع ولا تقدمه كما هو، بل تزيد وتنقص وتصغر وتكبر حسب أمزجة الكتاب وميولاتهم.))
وقال أيضا:
أنهم يجعلون الكون سوداويا فلا وجود لعفة، ولا أخلاق، ولا شهامة فكل العرب منافقون، زناة، وسراق.
باختصار الكون كله بشع ومن سلم من ذلك كله فهو(إرهابي) ينوي تدمير الكون ليقف وحده فوق أطلاله.
وقال بخصوص كلامهم عن الرجل الشرقي، وتصويرهم لمظلومية الفتاة العربية مايلي:
((حين تقرأ كلامهم تحسب لوهلة أن قائله يريد أن يكون حرصنا على الشاب بمنزلة حرصنا على الفتاة، لكن حين تتمادى في القراءة وتطوي الصفحات تفاجأ بأن المطلوب هو إفساد الفتاة كما فسد الشاب كي تتحقق المساواة بينهما.))

ويقول الرافعي:
((مالذي يمنع الفجور المتوقح أن يسمي نفسه الأدب المكشوف؟!
ولكن العجب من إبليس هذا، أتراه انقلب أوربيا؟! وإلا فما باله يخرج مجددين من جبابرة العقل والخيال في أوربا، ثم لا يؤتينا نحن إلا مجددين من جبابرة التقليد والحماقة؟!))

هذا الطوفان هو طوفان عقد نفسية وصديد بلاشك، لا أعتقد أن الصديد سائل مفيد للفكر، أو يعبر عن حرية صحية، إنه يلوث كل شيء يلمسه، وإن كان خروجه يريح صاحبه قليلا.
من تأمل قليلا وجد أن الاسهاب في خفايا الرذائل التي يندر حدوثها ويقل وقوعها كان من الأسباب في انتشارها.
من كتاب اللغز وراء السطور للدكتور أحمد خالد توفيق رحمه الله
ثانيا:
هل يكفي حقا تناول الواقع بالتشريح؟!
هل يكفي أن تغرز أصبعك مكان الجرح لتسبب لي ألما أكبر؟!
ثم هل ذكر الواقع بتلك السوداوية ينتج حلا؟!
لا أتذكر أني قرأت يوما رواية خرجت بعدها و أنا أشعر بالتفاؤل و السرور أو و أنا أقول أن العالم بخير.
و يبقى التساؤل مطروحا، أليس من الممكن أن نجد أدبا راقيا مبدعا و في نفس الوقت يبعث فينا الأمل و التفاؤل و التطلع إلى المستقبل بعين إيجابية؟ أم أن مرارة الواقع أقوى من أن تجعلنا نصل إلى هذا الهدف، و مشاكله و شخصياته بكل عيوبها؟
و هذا شيء حسن إذا كان الهدف منه وضع اليد على أصل المشكلة لمحاولة حلها، فنحن نعلم أن فهم مشكل ما يشكل نصف حله. و لكن أ يجب علينا دائما أن نقف عند هذه النقطة؟ أليس الفن و الأدب رسالة؟ أليس من المفروض أن يحاول طرح حلول لهذه المشاكل؟
إذا لم يكن مفكروا المجتمع و مثقفوه هم الذين يجب أن يبحثوا عن الحلول، فعلى من نعول إذن؟ جميل أن نقرأ فنا راقيا مبدعا و لكننا بحاجة إلى فكر بناء أيضا، فكر ينهض بالمجتمع و يرقى به، لا إلى فكر جامد يوقفنا عند المشكل و يتركنا نضيع في دوامة التساؤلات.
هل الكتابة وحدها كافية؟ هل نقل الواقع كاف في ظل الظروف التي نعيشها؟ من وجهة نظري، يجب أن نوسع دور الأدب و الفن بكل مجالاته و نجعله فنا يساهم في التغيير و النهضة.
 أتمنى أن أقرأ أدبا يعيد للدين قيمته و ينصفه و يقدم شخصيات تحاول الحفاظ على دينها و في نفس الوقت تكون إيجابية فعالة في المجتمع، خصوصا و أن هؤلاء أيضا موجودون و لكن للأسف لا يتم تسليط الضوء إلا على الآخرين.
 ‏شحصيا رواية "حبيبي داعشي" والروايات العامية المصرية على ركاكتها أفضل مما تكتبه مثيلات أحلام، فعلى الأقل تلك الروايات تتناول قضايا حقيقية رغم أن بعض كاتباتها مراهقات.
الروايات الرومنسية، هذا ما يسمى أدبا تجاريا، متى تفهمون أن هكذا أدباء يسهل عليهم كسب متابعتكم مستغلين جفافكم العاطفي، هم يعرفون تماما ما تريدون قراءته وإن كان سخيفا.
الهدف هو تحقيق الربح فقط.
تمتلك كل من بثينة وأحلام أرقاما ضخمة من حيث المبيعات!! هل هذا معيار لقياس المستوى الفكري والقيمة المعرفية؟!
#شموسة

الاثنين، 29 يوليو 2019

كيف تكسب الشخصية القوية؟!


كيف تكتسب الشخصية القوية؟!

قريبة لي أخبرتني أن أختها تود الحديث معي بأمر خاص، وقالت أنها تريد رقم هاتفي، أو لقائي شخصيا( ولأني شديدة الفضول ذهبت بي الظنون كل مذهب، صحيح أنني تعودت على الخيبات وما عدت أنتظر أمرا مفرحا في دنيا البؤس هذه، خصوصا من بني البشر، فالعربي حين يحتاجك لأمر فاعلم أنه أمر يخصه ولا يخصك، لكن لا بأس بمعرفة ماذا تريد، ولا بأس أن يسخرك الله لقضاء حوائج الناس).
 التقيتها فعرضت علي مشروعا مربحا - على حد زعمها - لإحدى الشركات العالمية، كنا في مناسبة عائلية، لذلك انفردت بي كما ينفرد الذئب بفريسة سهلة، في ركن بعيد عن الأعين والألسن والآذان المتلصصة، كانت تتحدث همسا وكأنها تخطط لجريمة، أو تسعى لوضع قنابل موقوتة أسفل المبنى، هكذا أحسست، وهكذا بدا شكلها وهي تتكلم، ثم تصمت وتتحسس الموجودات من حولنا.
حدثتني كثيرا عن ضرورة العمل بدل *الفيد* اللي راه قاتلني على حسب تعبيرها.
وقالت أن الله خلقنا للعمل، وليس للأكل والشرب والنوم كالبهائم( الواضح أنها تعلم جيدا من أختها أنني لا أفعل شيئا سوى الأكل والشرب والنوم، الواضح أنني بدوت لها إنسانة بائسة ليس لها طموح).
حدثتني عن الذهب، والملايين التي تنتظر، والمستقبل الذي يشرع جميع أبوابه.
حدثتني عن الفنادق الفخمة بخمسة نجوم، وعن الأسفار والرحلات حول العالم.
حدثتني كثيرا حتى تمنيت أن تصمت، وترحل لتدعني أنهي قراءة الفصل الأخير من رواية خيالية قتلني الفضول بشأن معرفة ما إذا كان البطلان سيتزوجان في النهاية - فهذا هو الجزء المحبب لدى جميع الفتيات ولدي أيضا- 😌.
رفضت إعطائي أبسط التفاصيل حول هذه الشركة، ورفضت إعطائي موقعها على الفيس بوك، بل رفضت إعطائي حتى اسمها.
قالت أن علي إضافتها على قائمة الأصدقاء في الفيس بوك، وستتولى بعد ذلك تزويدي بأي شيء أريد.
لم أكن متحمسة جدا، فشخصيا لا أجيد التعامل على الأنترنت، ناهيك أن أمارس التجارة أو التسويق الإلكتروني، لكنني لم أشأ مقاطعتها أو نقاشها، أولا لأنها كانت معرفة سطحية، وكان ذلك لقاءنا الأول والأخير، فلم أكن سألتقيها بعد ذلك.
أضفتها لقائمة الأصدقاء في الحين، ثم وفي الليل فوجئت بها تلقي السلام(متحمسة ماشاء الله!!)، وتبعث لي بروابط منتقاة تتكلم عن الشركة، وأنها شركة تعود لدولة مسلمة هي ماليزيا، وأن الناس كانت تتخوف منها ومن مثيلاتها في البداية، ووصل بهم الأمر إلى تحريمها، ثم اكتشفوا *حسب زعمها*، أنهم كانوا جهالا وعديمي الخبرة، وأن الشيخ شمسو أفتى بجواز التعامل معها ووووو.
وفي الأخير نصحتني بأن لا أطلع على مصادر أخرى تقول غير هذا الكلام(يا حبيبي!!)،
فهؤلاء *بزعمها*جهال، وحساد وعديمو خبرة كما أفهمتني😑.
لم أجبها حينها، ولكنني رغبت في الاطلاع على الأمر، كي أجد حجة للاعتذار بأدب.
وحين بحثت صعقت لبشاعة الأمر، شركات وهمية تعتمد نظام التسويق الشبكي أو الهرمي، أفتى فيها العلماء بفتاوى قاطعة ولايوجد من أفتى بجواز التعامل معها سوى الشيخ شمسو، ضحايا بالآلاف، وأناس خسرت مافوقها وما تحتها.
بحثت كثيرا ونوعت المصادر فوجدت إجماعا بأنها شركات احتيال، تستغل سذاجة الناس واحتياجهم وفاقتهم.

***************
النقطة الأولى المهمة التي أود التحدث عنها هو التحذير من هذه الشركات، وأن أصحابها يلتحقون بدورات تدريبية وكورسات مكثفة لتعلم (الهف والخداع والتحايل).
الفئة التي يستهدفونها هي فئة السذج (النية)، والأغبياء والطماعين.
أكثر كلامهم متشابه، وهو أن يعزف على وترك الحساس( فقرك، مرضك، طموحك وأحلامك).
وينتا دير لافونير؟!
وينتا تتزوج؟!
أمك خاصها عمرة، دوك تموت وهي في قلبها.
ووووووو الكثير من هذا الكلام.

*************
النقطة الثانية هي فضفضة ارتجالية وتنفيس عن الغضب، والحزن، وطلب للنصح.
- صدمتي بما وجدت كانت أقل بكثير من صدمتي بالفتاة وأختها، فعادة أحسن الظن بالناس، وأتعامل بطيبة مع الجميع، خلق بعض الناس لتوزيع الأحكام المسبقة على الناس، وبالتالي تصنيفهم في خانة الأعداء أو الأشخاص غير المحببين من أول نظرة، لكنني لست من هذا النوع، فمنذ طفولتي أحب جميع الناس وجميع الألوان، وجميع الأصناف، لم يكن لدي بالمطلق تلك الأحكام المسبقة، فكل الناس بنظري طيبون ويستحقون الحب والاحترام من أول فرصة.
قريبتي تلك كانت قريبة لقلبي، ولم تر مني إلا كل خير.
الغريب أنها إختارتني أنا بالذات لأكون الضحية القادمة وما أكثر ضحاياهم.
لا أدري حقا ما الذي جذبها في شخصي حتى هيأ لها أنني إنسانة غبية بلهاء وبائسة يسهل خداعها، وبالتالي اعتبرتني فريسة سهلة ؟!
أهي طيبتي الزائدة؟!
أم إحسان ظني؟!
أم تبسمي في وجهها؟!
أم ليونة واحترام أبديهما لجميع الناس؟!
أم نظرات عيني الذابلة والتي لا تقوى على النظر المباشر أمام محدثي؟!
لا أدري حقا لماذا يمتلك الناس مظاهر توحي بالقسوة، ونظرات كفيلة بإرعابك، بينما لا أمتلك شيئا من ذلك؟!
أمنية أن أصبح تلك القوية، فهل سيتحقق هذا يوما؟!

*************
لم أشأ أن أرد على رسالتها وأخبرها برأيي الصريح حول الموضوع، فالفتاة تعمل أستاذة، وتفرق جيدا بين الحلال والحرام، لذا فإن أي فعل تقوم به سيكون غير قابل للنقاش والجدال.
إضافة أن داء الخجل منعني من مصارحتها، ناهيك عن تمثل دور الناصحة أو الواعظة.
تركت طلبها معلقا لعدة أسابيع، لأفاجأ برسائلها اللحوحة اليوم، استجمعت شجاعتي وصارحتها بحقيقة ما وجدت، وبكونه قناعة يعسر الخوض فيها.
لكنتي اكتشفت أنني لا أجيد المواجهة حتى مع الفيس بوك، كانت تمطرني بوابل من الرسائل في حين اكتفيت بسطرين يتيمين، لطالما عرفت بردودي وتعليقاتي القوية والمفحمة، لكنها بهتت أمامها، هل كان بسبب معرفتي بها، أم بسبب الخجل، أم بسبب معرفتي أنها ليست من النوع الذي يقتنع، حقيقة لا أعلم.
لكن ما أعلمه أن رسائلها مزجت بين الجرأة والوقاحة، لقد كانت تقول(ني خايفة يجي نهار وتندمي، أنا بغيتلك الخير، لا تصدقي كل ما يقال على الفيس واليوتيوب من معلومات وووو)، يا شيخة!!
الأمر كان سهلا نوعا ما على الفيس بوك، فلو التقيتها بالواقع لتلعثمت ونسيت جل ما أود قوله.
لا أدري حقا هل أنا مصابة بانفصام الشخصية، تماما كتلك الكاتبة من رواية Nim's Island
التي تزج ببطلها في مغامرات شتى، وجل رواياتها من نوع التحدي والمغامرة.
رواياتها كانت تتكلم عن الشجاعة والمغامرة والإقدام، في حين كانت الكاتبة تعاني من فوبيا الخروج من المنزل، تخاف الليل والحشرات والناس والأماكن العامة.
لست مريضة فصام ولله الحمد، لككني اكتشفت أنني مجرد ثرثارة إلكترونية، وفي الواقع كتلة خجل مبتسمة.
فنحن نكتب عن الشجاعة لأننا غير ذلك، ويكتب  البعض عن الحب لأنه غير موجود في عالمهم، ويكتب البعض عن الأمان لأنهم يفتقدونه.
بالنهاية الكاتب يكتب عن الأمور التي يفتقدها في الواقع.
ما أجمل العالم الافتراضي، وما أقبح الواقع!!
ما أجمل أسماءنا المستعارة، وتسترنا خلفها وتترسنا بها، وما أقبح حقيقتنا!!
*************
أريد عناوين كتب لتطوير الشخصية، وتكون من قبيل:
- كيف ترعب خصمك من نظرة؟!
- ‏أو كتاب كيف تجعل عينك تفيض بالحمرة ؟!
- ‏أو كتاب كيف تكسب مظهرا كمظهر سيف النار؟!
- ‏أو كيف تغضب مثل كورابيكا، وتكسب عيونا تلتهب كجمرة؟!

#شمس الهمة

الجمعة، 12 يوليو 2019

الفتاة القارئة حتما لا تجيد الطبخ!!

الفتاة القارئة حتما لا تجيد الطبخ!!
الفتاة المثقفة، القارئة، أو الكاتبة لا تجيد الطبخ!!
هذه الفكرة أصابتني بالتخمة من كثرة ترداد الشباب لها، وخصوصا أنها باتت رائجة جدا في أوساط المثقفين، فحقيقة مادفعني لكتابة هذه السطور، أنني وجدت هذا الموضوع متناقشا فيه بين طلبة الطب تحديدا.
أولا مغالطة كبيرة أن يظن شباب اليوم أن المرأة المثقفة أو الكاتبة أو القارئة لا تجيد فنون الطبخ أو فنون معاملة الزوج أو فنون العشرة الزوجية ومتطلباتها مع حماتها، أو أخوات زوجها وأقاربه.
لا أدري لم يربط الشباب بين العلم والفكر وسعة عقل المرأة بنقصانها في فن الطبخ والتدابير المنزلية والخياطة والكروشي وووو؟! حقا لا أدري من أين جاءهم هذا الربط الغريب؟!
لا أدري حقا لماذا المرأة الذكية والمثقفة القارئة أو الكاتبة بنظرهم متمردة بالضرورة، وشرسة، ولا تجيد شيئا سوى الثرثرة.
سيدي المرأة القارئة ليس مفروضا عليها أن تبسط لكم أطباقها وتعدد لكم طبخاتها وتصورها لكم على الفيس لتقتنعوا أنها طباخة ماهرة، وتنفع لتكون أما وزوجة وربة بيت ممتازة.
المرأة فطريا وغزيريا تميل إلى الطبخ والمطبخ والتزين والتطيب والحلي والجواهر( أو من ينشأ في الحلية، وهو في الخصام غير مبين)
فتراها وهي طفلة صغيرة تطعم دميتها، دبدوبها وعرائسها، وتزين لهم البيت وتضع له ديكورا ولمسة خاصة بها.
والمرأة القارئة أو المثقفة ليست بدعا من النساء حتى لا تتعلم الطبخ أو غيره، وثقافتها تدفعها دفعا للتميز في هذا المجال لأنها تقرأ بالضرورة عن سيكولوحية الرجل وأن الأكل باب من الأبواب لخطف قلبه ونيل مرضاته.
وقبل ذلك هي تدرك أن تعلمها الطبخ هو جزء يسير لبر والديها وإسعاد أمها وأبيها، حتى أنني صادقت فتاة على الفيس بوك وتحدثنا عن موضوع العجن والخبز، فقالت أنها تعجن يوميا لأن والديها يضعان (طقم الأسنان) والخبز الذي يشترى من السوق يؤذيهما، لذا فإنها تدرس بالجامعة وتعجن يوميا شفقة وبرا بهما، وكم أثر موقفها ذاك في أيما تأثير، وحزنت أن الفتاة الجزائرية متهمة دوما ومن بين تلك الأحكام المسبقة أنها لا تجيد الطبخ، كم أحزن حقا للتعميم الجائر، وتلك الأحكام السطحية.
وسأضيف أن المرأة القارئة والمثقفة والذكية متميزة بالضرورة وتحب التميز في عدة فنون ولعلها تتفوق على كثيرات ممن عقلهن محدود ولم يقرأن كتابا بحياتهن، ولعل المثقفة تحرص أيما حرص على تعلم فن الطبخ الصحي، لحماية زوجها وأطفالها من مخاطر الأكل السريع والمعلب، بصفة لا تدركها ولا تعيها أخريات ممن يخيل اليكم أنهن خلقن للبيت والزوج فقط.
فقد تقرأ كتب ابن النفيس، وتجيد تحضير الرفيس.
وقد تقرأ كتبا لدوستويفسكي وتجيد معها تحضير الكسكسي.
ببساطة لا متناهية قد تنهي قراءة سيرة أبو منصور الحاجب وتذهب بعدها لتعد المحاجب.
هي قادرة على إنهاء الإخوة كامارازوف، وبعدها تنتقل لإعداد البوزلوف.
بإمكانها إن كانت مهندسة أن تصمم مبنى على طريقة زها حديد، وبذات الوقت تعد أطباقا من قناة أم وليد.
بإمكانها ببساطة التهام كتب ابراهيم السكران، لتقوم من فورها لتعد البرزڨان.
أنا أؤمن أن القراءة والتثقيف للفتاة، هو أهم ألف مرة من تعلمها للجلي والطبخ وكيف تدقّ الثوم بطريقة عصرية حسب قناة فتافيت، لكن مهما وصل درجة العلم و التعلم عند الجنسين (الرجل و المرأة)تبقى الأدوار الفطرية هي أدوارهما في الحياة..
إن المرأة المثقفة تدرك مع الوقت، أن جزءا من كونها أنثى كاملة هو العناية بأهل بيتها لأنه تعبير عن حبها لهم
***********
هذا أولا.
أما عن الطبخ والأكل وثقافة البطون، وهذه الفكرة التي تمجد هذا الأمر وتعطيه الأولوية على الدين والفكر والعقل، فهذا برأيي قصور في الفكر، وضعف في الهمة، لدى شبابنا المعاصر المتدينين منهم و العوام لأنني وجدت الفكرة رائجة بشكل فضيع.
أولوية الأولويات يا سيدي هو خلق المرأة ودينها وسعة عقلها وتعدد مداركها وكثرة مطالعاتها.
فإن ظفر المسلم بهكذا امرأة وجعل هذه الأمور من أولوياته ضمن خط حياة مستقيم يبتدئ في الحياة الدنيا بمودة وسكينة وتفاهم، فإنجاب ذرية مستقيمة، ولعل الأخطر أنه يحدد نهايتك ومآلك في الحياة الآخرة.
الزواج يا سيدي لم يجعل للأكل والإنجاب وإلا فهذا تزاوج ولم يحقق معنى كلمة زواج.
هو تزاوج كما تتزاوج الأنعام، وكل الكائنات، فأكل ونوم وشرب.
ثم هل سمعنا قط عن أحد من السلف سأل مخطوبته أو أهلها هل تجيد الطبخ والنفخ والأكلة الفلانية والوصفة العلانية؟!
هل تعلم يا سيدي أن أمنا عائشة رضي الله عنها، كانت تعجن العجين وتنام جنبه؟!
فقد ثبت في حادثة الإفك أن الرسول صلى الله عليه وسلم سأل خادمة السيدة عائشة عن أخلاقها فقال:
"أي بريرة، هل رأيت من شيء يريبك من عائشة؟" فقالت بريرة: والذي بعثك بالحق، إن ما رأيت عليها أمرًا قط أغمضه عليها أكثر من أنها جارية حديثة السن تنام عن عجين أهلها، فتأتي الداجن (الدواجن) فتأكله.
وهل تعرف يا سيدي أن أسماء بنت أبي بكر تزوجت بالزبير واشتغلت بسياسة فرسه، وسقي الماء، والخرز والعجن، ولكنها لم تحسن الخبز، وكانت لها جارات من الأنصار يخبزن لها، وكن نسوة صدق.
صدقا أصبحنا أمة الأكل والنوم، وما يؤيد هذا كتاب چينيس للأرقام القياسية الشاهد على منجزاتنا التي اختزلناها في حجم أطباقنا، فمن أكبر صحن كبسة إلى أكبر حبة كبة إلى..........والقائمة طويلة.
ولعل هذه المقولة تلخص الأمر وتشرحه:
((الإنسان نصفان ، نصف أعلى ونصف أسفل ، النصف الأعلى فيه العقل والقلب (العلم والإيمان) والنصف الأدنى فيه البطن والفرْج (الشهوات) ... فإن تحرّك النصف الأعلى هدأ النصف الأسفل، وإن اشتغل النصف الأدنى تعطّل النصف الأعلى !
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شيخنا عبد الرحمن السنوسي حفظه الله نقلًا عن شيخه
عبد الرّزاق عفيفي رحمه الله
*****************
ولعلي أذكر في الأخير أن الشباب الجزائري يحب المرأة الذكية والمثقفة، لكنه لا يقترب منها ولا يتزوجها.
إنه لا يريد مواصفات زوجة، إنه يريد مواصفات تنطبق على نعجة، فيتزوج أخونا فإذا به يجد بدل النعجة كبشا أقرنا.
فلا هو حظي بالمودة والسكينة، ولا بالأطفال النجباء الفاتحين، ولا بالأكلة الطيبة الهنيئة المريئة.
بقلمي شمس الهمة

السبت، 4 مايو 2019

ماذا حدث للمجتمع الجزائري؟!



ماذا حدث للمجتمع الجزائري؟!
قبل سنوات، بالتحديد في مكة المكرمة كانت والدتي تؤدي مناسك العمرة، فالتقت هنالك بشابة مصرية تبدو عليها سيماء الثقافة والنضج، وتبادلتا حديثا جميلا كان من ضمنه سؤال والدتي عن أحوالهم وأحوال بلادهم، ثم سألتها سؤالا مباشرا؟!
- من الأفضل برأيك لرئاسة مصر، مرسي أم السيسي أم مرشح آخر؟!
فأجابت الفتاة حينها:
المشكلة ليست فيمن يتولى حكم مصر، المشكلة في الشعب، ثم استطردت:
- الشعب المصري منقسم نصين، ومش متفقين على رئيس معين، لذلك اضطر الجيش للتدخل وحسم الخلاف.
تناقشت بعدها وأخي فقال أن النظام المصري عمل طيلة عقود على علمنة الشعب المصري (السينما، الروايات، الكتب، المجلات، وحتى المسلسلات).
الإخوان ظنوا أنهم سيكسبون أصوات ورضى غالبية الشعب مثل حركة الفيس بالجزائر، ومثل اخوان تركيا، لكنهم أغفلوا أن النظام عمل على تقسيم المجتمع وتقوية الشق العلماني منه.
في تونس عمل النظام ذات الشيء بتونس، فبورقيبة قام بالدور على أقذر وجه.
قال أخي يومها، الجزائر استثناء، لا تزال الرجولة، النيف، النخوة، والغيرة على الاسلام والمبادئ والقيم.
لا أحد يرضى بأفكار بنو علمان، والفيمنيزم وووو
لكن الحراك الحالي واللافتات المرفوعة، وشت بالكثير.( التبرج والسفور، الرقص في الشارع على أنغام الراي، التحرش، الفيمينيزم، المثلية، وووو)
فجيل اليوم الذي انتفض بلا وعي ثوري، وحراكه الذي تغيب فيه الايديولوجيا أو الفكرة التي تمثل الفعل الثوري، هو جيل مائع.
وقد ساهم النظام في إنشاء هذا الجيل غير المؤدلج عبر استئصال القيم الإسلامية، للقضاء على أي محاولة تحاكي تجربة حركة الانقاذ، لضمان استقرار مستقبله السياسي.
وهذا بنزع أنياب الحركات الإسلامية، وتقليم أظافرها، والحجر على نشاطاتها.
وعمل على تقزيم دور الأئمة والمصلحين والتضييق عليهم باستعمال قانون الطوارئ.
وقد استعمل المنظومة التربوية في هاته العملية، وكذا سلاح الإعلام الموجه.
ولا ننسى استعماله للمداخلة، وتقويته للتيار المدخلي في حرب المسلم ضد أخيه أيضا.
فأكثر من أساء للاسلاميين والدعاة والعلماء بالجزائر هم المداخلة للأسف، عبر الطعن من الخلف، وموقف المداخلة من الحركات الإسلامية(وإن أخطأت) ليس أسوء من موقف الملاحدة وأعداء الدين ان لم يكن أشد لأنهم اذ يتهمون هذه الحركات يتهمونها تحت مسمى الغيرة على الدين وهذا يلبس على العوام ويخلط الكثيييير.فقد مزقوا الأمة شر ممزق، وأفقدوها الثقة في الكثير من العلماء والمصلحين وتجرؤوا عليهم وجرأوا الناس أيضا.
ولا أدافع هنا عن الاخوان أو غيرهم، فهم مسلمون اجتهدوا وأخطأوا، وكان لديهم من الاندفاع والحماس مقرونا بالغباء السياسي وعدم النضوج الكثير.
ويقول البشير عصام المراكشي في هذا الصدد:
هل اختلاف الجماعات الإسلامية العاملة لاسترداد عز الأمة، دليل على أن العمل الإسلامي باطل كله، وأن الواجب الركون والانطواء على النفس.
ويتكلم عنهم الشيخ ابراهيم السكران في كتابه ماجريات التالي:
حيث تكلم الكاتب عن الحركات الاسلامية، وبين أنها انحرفت قليلا عن المسار الحقيقي ألا وهو التصفية والتربية.
وذكر أمثلة مؤيدة لموقفه لا حصر لها، استشهد مثلا بموقف الشيخ البشير الابراهيمي الذي قسم السياسة إلى لباب وقشور.
كما استشهد بموقف مالك بن نبي الذي سمى الانشغال بالمطالبة بالحقوق، دروشة سياسية.
وذكر الكاتب أمثلة أخرى لا حصر لها عن الندوي وفريد الأنصاري وعبد الوهاب المسيري، وكلهم كانت لهم نظرة متشابهة.
والخلاصة من الأمر أن الكاتب يريد منا ومن الحركات الاسلامية تصحيح المسار فقد أهمل الجميع أهم وأقوى عنصر في عملية التغيير ألا وهي بناء تدين المجتمع.
وذات الشيء يقول به الشيخ محمد عيسى في مقاله المعنون(من يمثل الأمة؟!):
((من يمثل الأمة لا يمكن أن يولد كبيرا ..ولا هو ممن يصلحه الله في ليلة.
في سنة 1926 كتب الشيخ العربي التبسي رحمه الله مقالا بعنوان " أزفت ساعة الجماعة وتصرم عصر الفرد".....
ونتيجة لذلك العمل يستطرد فيقول : ولما جاءت أوقات الحاجة بعدها وجدت الأمة الألسن الناطقة باسمها..)))
لهذا قلت سابقا ولا زلت أظن أننا لسنا مؤهلين بعد، علينا أولا بناء تدين المجتمع لينصهر في بوتقة واحدة وروح واحدة، أو يكون لنا ممثل كفء يقوم بعملية الإصلاح تلك، لكننا في المرحلة الحالية نفتقد الاثنين للأسف.
#شموسة

ما رأيت أحدا تمدخل أول النهار


بحثي عن الحق وأصول الفرق والخلاف لم ينتهي ولم يبدأ مؤخرا، فأخي مدخلي وأبي اخواني ولي باع مع النقاشات والبحث والتنقيب في الأمر.
وما رأيت أحدا تمدخل أول النهار إلا وتعصب وحمل الضغينة لاخوانه المسلمين آخر النهار.
وفي هذا يقول ابن العثيمين رحمه الله أن العامي في تدينه أحسن وأفضل من طلبة العلم الشرعي وحدثاء الأسنان الذين اشتغلوا بخلاف الفرق، و يحملون في قلوبهم الضغينة ضد اخوانهم المسلمين.
وليس أدل على أن التحزب والتعصب يسلب المرء لبه مما يحدث في السعودية من فسق ومجون ولا أحد منهم ينكر ذلك وكأن على رؤوسهم الطير.
نسأل الله أن يجعل سهامنا مصوبة على أعداء الدين، لا على اخواننا المسلمين.
ومع هذا آخذ منهم الحق ولا أبالي عمن أخذت، فهم وان كانوا مخطئين الا أنهم أخذوا عن السلفية، ولنا معهم أمور مشتركة كثيرة.

فاتح روميا

الى ابني المستقبلي:

أي بني (فاتح روميا) الذي لم يأت بعد، اعلم أن أمك الحالمة، لم تدخر جهدا ولا وقتا في سبيل أن تراك فاتحا.
وأن هذا الحلم استولى على لبها وفكرها ويقظتها وأحلامها وسكناتها وحركاتها فاستوطنها حتى النخاع.
وأنها في سبيل ذلك باعت الدنيا وزينتها، وكرست وقتها وشبابها لذلك.
وأنها كانت تضن على رفيقاتها وكل المحيطين بهذا الحلم، فلم تبح به لأحد قط، مخافة أن يحوز السبق ويسبقها في الظفر والأجر.
وأنها لأجلك حاولت تعلم الايطالية ، ودرست جغرافية روما وأحوال سكانها.
قرأت عنها الروايات والكتب والمقالات، وقرأت في مقابل ذلك كتب تربية الأبناء.
قرأت كيفية إعداد القادة، وسير وصفات العظماء.
وقرأت عن المعلوماتية والقرصنة وأرادتك فاتحا لا بالسلاح ولكن بالأنترنت.
أرادت منك التغلغل والتمكن لتؤسس موقعا توصل به اليهم رسالة الإسلام.
وقرأت من أجلك التاريخ، والعلوم الشرعية وأحوال الأمم، وأسباب النصر و كيف تكون السنن.
ثم بدا لها آخر عمرها أن تقرأ في السياسة، فلا فتح ولا رياسة بلا سياسة.
بني فلتنظر اليها الآن، وقد أصابها الساسة وتحليلاتهم بالغثيان.
وزادها البحث والتعمق والاطلاع حيرة فوق حيرتها، وضبابية فوق ضبابية كانت تعيق رؤيتها.
أي بني وإنها اكتشفت بعد هذا كله أن القراءة لهؤلاء ستجعل منها كتلة غباء ولاريب.
فهم لا يثبتون على موقف أو رأي، ولا يستطيعون استشراف مستقبل ولا شيء بسبب كثرة العي.
#شموسة

الموت القادم إلى الشرق:


الآن سأكون في الصفوف الأولى:
كلنا شاهد ربما المسلسل السوري (الموت القادم إلى الشرق)، وبعد الربيع العربي في المنطقة، تناقشت وأخي حول المسلسل، وقال أنه لم يكن عبثا، وأنه كان لحاجة في نفس يعقوب من أصحابه، لتهيئة المنطقة العربية للربيع العربي.
وقال أيضا أن التسمية(الموت القادم إلى الشرق)، مشبوهة ومشؤومة ومنذرة بالموت لشعوب الشرق الأوسط.
وإلا هل انقرضت العناوين حتى يختاروا عنوانا يحمل الموت، لماذا لم يتسمى مثلا الربيع القادم إلى الشرق، أو الفتح القادم أو غيرها من العناوين التفاؤلية؟!
تناقشنا كثيرا حوله، ووافقته حينها في شؤم العنوان وكونه مبهما.
وبحثت حول الموضوع، فوجدت بعضهم يحمل نفس وجهة نظر أخي، ونفس تحليله، ووجدت اتهامات للمخرج نجدة آنزور بأنه ماسوني، حتى أنني راجعت جميع مسلسلاته، فوجدتها تحمل رسائل إلى العرب، الكثير منها يدعو إلى الثورات.
وبعيدا عن نظريات المؤامرة، وعن نوايا أصحاب المسلسل، بدا لي المسلسل رائعا، عدا نقطة العنوان.
وما أريد التركيز عليه في هذا المقال، هو مسألة أن يكون لكل ثورة قيادة أو زعامة أو أطراف محركة ومستفيدة.
الثورة في المسلسل قام بها كما أذكر القائد المتمرد والفار قصي(فرد شريف من الجيش)، وكذا الأميرة شمس (فرد شريف من الدولة)، ولا طرف منهما كان يعلم بالآخر فالقائد قصي كان يقوم بحرب العصابات واختطاف الجنود وقتلهم، والأميرة شمس كانت تقوم بالتنكر هي وخادمتها، وتقوم بعملية التحريض للشعب.
الأميرة علمت فيما بعد من يقود حرب العصابات، وتحالفت معه.
ومن ثم يظهر عنصر آخر الشاب الذي قتل والده (سيف بن الصافي)، والذي تدرب لسنوات على يد أمهر وأشجع الفرسان في غابات (وادي الذئاب)، ألا وهو أبو الركاب.ليتولى عملية اغتيالات منظمة لأفراد العصابة.
ورغم أن جبلة (شاب معروف بالجبن) حين رأى ثورة الشعب، وتمرده على السلطة، وكسره حاجز الخوف الذي كتم أنفاسه لسنوات طويلة، سأل صديقه أبا الركاب كيف حدث هذا للناس فجأة؟!
ليرد عليه أبو الركاب بإجابة لا أنساها لأن والدي يكررها دوما مذ شاهد المسلسل، ويتمنى حدوثها أيضا، ألا وهي عبارة ((إنه التراكم يا جبلة))
ما أود قوله أن ثورة الشعب في المسلسل لم تكن بسبب التراكم وحده، ولم تكن من تلقاء الشعب وحده، ولكن الأميرة شمس والقائد قصي استغلا *استعداد* الشعب ووصوله لمرحلة الحنق، وقامو بتحريكه من خلف الكواليس، ونجحت الثورة لأن القيادة واضحة فالشعب كان يعلم من فرد الى آخر أن شمس تؤيد التمرد.
أذكر جملة قبل بداية الحراك للمدون مصطفى عثمان يقول فيها:(لاتخرج إلى الشارع بدعاوى مجهولة، لا تخرج إلى الشارع بدعاوى أشخاص لا يعول عليهم).
وقال أيضا: ومن النذالة الدعوة إلى التظاهر والمزايدة على من هم داخل الوطن وأنت خارجه.
شخصيا كنت أرى أن ثورتنا تحرك بأيادي مجهولة وتفتقد لزعيم يقودها، وليس لنا نخبة عرفت بنضالها ومواقفها، وتحظى بشبه إجماع من الشعب، نعول عيها فيما بعد اذا تم اسقاط النظام، ونطمئن لحسن تسييرها.
فالتوانسة مثلا كان لهم شخصيات ذات وزن على اختلاف مشاربهم، إلا أنهم شرفاء ومناضلون ويحظون بثقة الشعب.(منصف المرزوقي، راشد الغنوشي وغيرهم كثير).
والمصريون كان لديهم مرسي والاخوان وشخصيات أخرى.
ولكن كي تنجح الثورة هل تكفي أن تكون القيادة واضحة وشريفة فقط؟!
- لا
فنحن نعلم ما حدث للمصريين والتوانسة بعد ذلك.
الزعيم أو القائد الذي يقود الثورة لا يكفي أن يكون من الشرفاء والطيبين، فلا بد أن تتوفر فيه شروط أخرى كالدهاء والحنكة، وينبغي أن يكون قد أسس أو ضمن دعم بعض مؤسسات الإعلام، وأرباب المال، أو أن يكون قد ضمن وقوف الجيش، فالقوة ضرورية أيضا.
اليوم و هنالك أنباء تتحدث عن ثورة الشرفاء في الجيش، وأنهم هم من قام بإخراج الشعب، وتحريكه من خلف الكواليس.
وأن النقيب شوشان يؤيد خطوة الجيش، ويصف من يعارض توجهاته في هاته الفترة بالعميل.
ولاحظنا كيف انقلب بنو علمان على الجيش، وشخصيا أي طرف يؤيده أبناء فرنسا، فيجب أن نحاربه.
وأي طرف يعارضونه فلابد أن فيه خيرا كثيرا.
وتبقى هذه فقط تكنهات وسيناريوهات، فلا أحد يملك الصورة الكاملة.
فهل هي ثورة الشرفاء في الجيش حقا؟!
ولقد قلت سابقا، اذا اتضح زعيم كفء للثورة فسأكون في الصفوف الأولى.
هذا المنشور كان منذ أيام وحذف بسبب العنوان(قيل أنه مستفز).
#شموسة

عرسان آخر زمان(يتنحاو ڨاع):قصة



عرسان آخر زمان(يتنحاو ڨاع):
حدثتني صديقتي طالبة الطب حديثا له ماله وعليه ماعليه، فتأملت حديثها طويلا، ولم أدر حقا هل أضحك أم أبكي، ولسوف أكتفي بسرده لكم، وهدفي من ذلك التذكرة والعبرة، و ما سأكتبه لا يعبر عن وجهة نظري بالضرورة، فهو كلام الأخت بدون تحريف، مع تغيير أسماء الشخصيات لأنها حقيقية. تابعوا معي:
تقول صديقتي بدأ الأمر حين حزت شهادة البكالوريا بامتياز، كانت فرحة أسرتي كبيرة، وكذلك فرحتي فأخيرا تكللت الجهود وسهر الليالي بالنجاح، تلاها رحلة إلى تركيا، كانت فيها سعادتي لا توصف.
بعدها خطوت أول خطواتي كطبيبة، أو على الأقل كما اعتقدت آنذاك، فقد ظننت دراسة الطب أمرا سهلا، وأنني ضمنت لقب الدكتورة بأول دخول جامعي لي.
مرت الأشهر على جميع الطلبة شاقة عسيرة، بعضهم ترك الدراسة، بعضهم انتحر، وبعضهم فقد عقله مع بداية الاختبارات والتي كانت الأسئلة فيها وكأنها من كوكب آخر، وبعضنا استمر رغم الألم.
حينها قررت أنا وصويحباتي حضور حفل تخرج طلبة السنة النهائية، لنرفع من معنوياتنا قليلا، ونعيش اللحظة، ونعمل لأجلها.
لكننا فوجئنا بطلبة وطالبات أشبه بالعواجيز، ضعف وتعب جلي في العيون، هالات سوداء، أكتاف محدودبة، عضلات ضامرة، وأجسام نحيلة وكأنها لمرضى السل، مع أن أصحابها يفترض أنهم أطباء، رؤوس صلعاء، وبعضها زاره الشيب فعلا.
على هذا هبطت المعنويات إلى الصفر، وصرنا نهمهم ونتمتم، ونتخيل أشكالنا بعد سبع سنين.
حينها استدارت لنا صديقة ايجابية، وميزة الايجابيين أنهم يرون النصف الممتلئ من الكأس دوما.
لمعت عيناها، وافتر ثغرها عن ابتسامة صغيرة، ثم طلبت منا التدقيق في أصابع الذكور والإناث من المتخرجين، وقالت أنها أتتنا بالخبر اليقين.(الدبلوم والأوم).
قالت جل هؤلاء ما بين مخطوب ومتزوج، وان كانت هناك من حسنة في دراسة الطب هو أن سبع سنوات كفيلة بتوأمة الأفكار، وذوبان الاختلافات، واكتشاف معدن الآخر، وهؤلاء كما ترون جمعت بينهم سنون من التعب والألم، ألفت بين عقولهم وقلوبهم، ووطدت أواصر الأخوة والزمالة والصداقة، وكان نتاجها أن تلك الأيام تمخضت عن خطوبات وزواج.
كان لكلام صديقتنا تلك أثر السحر، غابت عقولنا، ونسينا معوقات الدراسة ومنغصاتها، وحلقنا عاليا بأحلامنا.
قررنا بعد ذلك أن نضع جل الذكور ممن يدرسون معنا تحت مجهر الاختبار، فنقيس تدينهم وأخلاقهم، ونقوم بشطب كل من لا يصلح ليكون زوجا مستقبليا، لذا ركزوا معي جيدا في مراحل الاختبار.
أول أمر يجب أن تعرفوه قبل الاختبار أن كل الألقاب التي أطلقناها على أولئك الشباب كان فكرة تلك الصديقة، وطبعا أصيلا فيها، حاولنا كثيرا تنبيهها أن التنابز بالألقاب غير جائز، لكنها سحبتنا معها حتى صرنا نفعل فعلها ذاك.
الأمر الثاني الذي ينبغي أن تعرفوه أن مدرجنا للسنة الأولى كان يحوي زهاء 500 طالب وطالبة أو يزيد الى النصف أو يقارب 600.
جل الطلبة كانوا إناثا، وعدد الذكور لا يتجاوز الثلاثين.
عشرة منهم كانوا أرادنة(طلبة من الأردن)، وطالب يمني، وقرابة العشرة من مدينة وهران(أصحاب الأرض)، وزملاء آخرون سيأتي ذكرهم تباعا.
على هذا كان احتمال الفوز بعريس ضئيلا جدا، وأشبه بالفوز بجائزة يانصيب.
أول من قمنا بشطبهم فريق الأرادنة، والطالب اليمني (والسبب الأول أن أيا منا لم تكن مستعدة لتغادر الجزائر)
- الأرادنة طلبة كثيروا الحفظ، قليلو الفهم، بالاضافة إلى ضعفهم باللغة الفرنسية، يدخنون الشيشة، والسجائر، وحتى الشمة لا يستغنون عنها، يصادقون أي فتاة تقترب منهم، بحكم أنهم لم يدرسوا بمدارس مختلطة، لكن بالرغم من كل سلبياتهم كانوا يحفظون القرآن كاملا مع الأحكام، وصوتهم شجي بالتجويد، ولايتأخرون عن صلاة الجماعة بالمطلق(وهذا هو الفرق بيننا وبين المشارقة، وحرص الأولياء هناك على التركيز على الصلاة والقرآن منذ الصغر، لذا فأبناؤهم وان تميعوا وفسدوا، وتمكن منهم الطيش إلا أنهم سرعان ما يسارعون الى التوبة والرجوع إلى أحضان ايمان رضعوه مع الحليب).كان من ضمن هؤلاء الطلبة، طالب وحيد ملتزم وملتحي واذا اقتربت منه الفتيات أشاح بوجهه، واستغفر وحوقل.
- الطالب اليمني كان عاشقا للجزائر، وحين رأى الدراسة مجانا وحتى الطعام والايواء، قال أنه ذهل واعتبر أن الجزائر أم الدنيا وليس مصر كما يدعون.
- ‏أصحاب الأرض: أو شلة الصايعين كما كنا نسميهم، كانوا شبابا من أرباب النعمة والثراء، ولدوا وملعقة ذهب بأفواههم، يضعون السلاسل والأقراط، يسبغون شعورهم وينفشونها كأعراف الديكة، ويلبسون المقطع من الجينز، ليت هذا فحسب، فقد كانوا يحضرون للدراسة في الشورت نعم الشورت صدقوا أو لا تصدقوا، لم يكن أحد يتكلم معهم فهم أبناء فلان وعلان، الوحيدون الذين يتقنون الفرنسية بطلاقة، بعضهم كان يمضي الليل في سهرات ماجنة، ويقوم بتصويرها رفقة قارورة الخمر على الفيس بوك.
لم يكونوا يختلطون بالطلبة الآخرين( أبناء العامة)، وكانوا يكتفون بصحبة البنات من نفس مستواهم الاجتماعي، يعرفون بعضهم جيدا من فترة الثانوي، ولا تميز اذا اجتمعوا معا بين شاب وفتاة، فقد تجد فتاة بشعر قصير جدا، وشابا بتسريحة الديقرادي الطويلة.وكانوا اذا تقابلوا في الصباح يسلمون على بعضهم على طريقة الافرنج، وكل ذلك أمامنا.
- ‏the genious العبقري أو هكذا كنا نسميه، كان صاحب أعلى معدل لشهادة البكالوريا في الجزائر، ظهر في التلفاز، وتم تكريمه، والتقى بالوزراء، قمنا بشطبه من على اللائحة هو الآخر، فلم يمض شهرا معنا حتى انتقل لدراسة إدارة الأعمال في لبنان، وكان يعود للجزائر فترة الامتحانات فقط، كما أنه أعلن خطبته على صفحته على الفيس بوك من صديقته المتبرجة.
- الديليقي أو مسؤول الدفعة كان في السنة الأولى شابا عاديا عديم التأثير والفاعلية، ولا تعرف له أخلاق ولا مواقف ولا يمكنك التكهن بما يحمله عقله أو ثقافته، وكان أينما حل أو ارتحل يصحب زميلة له فكانت مثل ظله، بعضهم قال أنهما خطيبان، وبعضهم قال أنهما مجرد زميلان، ولا أحد يعرف ماهية تلك العلاقة الى الآن.
كان عاديا حتى تم انتخابه مسؤولا بالاجماع، حينها تغير الطالب 180درجة، واجتهد للقيام بواجباته على أكمل وجه، ونجح في كسب الطلبة والطالبات واخماد روح العداوات وعدم التفاهم التي كانت السمة المميزة لدفعتنا، أوصل مطالب الطلبة، ورفع عنهم الغبن، وساعد الجميع في أمورهم، فحاز اعجاب وثقة الجميع، نضجت شخصيته في عام واحد فقط، أصبح كثير الصداقات، ومحط اعجاب الطلبة والدكاترة. يطالع الكتب، ويشارك بالنقاشات، ويؤدي الصلوات جماعة، أعفى لحيته، وهذب سلوكه، حتى أنه قام بأداء عمرة.
لكن الشيء الوحيد الذي لم يستطع التخلص منه، تلك الفتاة التي كانت تمشي برفقته مثل ظله.
لذا أطلقنا عليهما لقب(الملك والجارية)، وكنا اذا رأيناه قادما نهمس لبعضنا هاقد أتى الملك، فتسأل احدانا:هل هو برفقة الجارية؟! فنجيب أن نعم، ثم نستغرق في ضحك لا ينتهي.لذلك تم شطبه هو الآخر.
- "كل يوم تصديرة كي الخالات": هو لقب أطلقناه على شاب آخر يكبرنا ومن غير دفعتنا كان لافتا بسبب طريقة اهتمامه بثيابه وشعره وحتى بشرته، ولكنه لم يكن الوحيد فأمثاله متواجدون في كل مكان.
- ‏باسل والوصيفات: هو لقب أطلقناه على زميل آخر، لم يكن يخطو خطوة إلا وهو محاطا بأربع على يمينه، وخمس أو ست على شماله(وأقصد البنات طبعا)، فلم يكن له صداقات من الذكور على الاطلاق، معتدا بنفسه، وذكائه، ويظن أن فعله ذاك، علامة على الرجولة، بينما كان الجميع يتقزز منه، وكنا لا نميزه عن تلكم الفتيات، ولا تظهر لنا ذرة رجولة فيه.لذا تم شطبه بنجاح.
- ‏أخينا: هو لقب أطلقناه على زميل سلفي أو هكذا اعتقدنا في البداية، إلا أن نقاشاته وملاسناته مع زميل اخواني في المجموعة الخاصة بنا على الفيس بوك، أظهرت لنا جليا أنه بعيد كل البعد عن منهج السلف، وفيه غلو لشيخه لذا فهو مدخلي، أول احتكاك لنا معه في بداية الدراسة، كان بخطأ جسيم ارتكبته احدى صديقاتنا، اذ أنها غرزت قلما بظهره فقد كان يجلس أمامها، راغبة في طرح استفسار بشأن الدراسة.
أخينا هذا لم يرقه الأمر، فاستدار لها وعينه تقدح شررا، ورمقها بنظرة غاضبة، ثم استدار لشؤونه.
أمام الموقف لم تملك صديقتنا سوى الانكماش على نفسها شاعرة بالهلع والخجل.
أخبرناها بعد ذلك أنها من أخطأت، وأن سلوكها كان خاليا من كل ذوق، إلا أنها أصرت على الغضب على أخينا وشتمه وسبه طول الوقت، حتى أنها قالت أنه وجب شطبه، ولو بقي في الكون سواه فلن أتزوج أمثاله.
- لا أدردش: هو لقب أطلقناه على شاب اخواني يكبرنا بثلاث سنوات، كان يدير ناديا علميا وكنا أعضاء في ذلك النادي، كان يجيد الإدارة جيدا، دبلوماسي ومتحدث جيد، يعمل من أجل رقي النادي لكن درجاته الدراسية كانت في الحضيض.
كان يضع لحية خفيفة على طريقة الاخوان، ويلبس من الثياب ضيقها، حتى أنني وصديقتي كنا نقول عنه وعن أمثاله (الجيل الجديد متميعة الاخوان).
كان يضع عبارة (لا أدردش) أسفل اسمه الشخصي على الفيس، ثم اكتشفنا أنه دعشوش مغشوش، وأنه لا يجيد شيئا كإجادته الدردشة مع البنات في الخاص، حتى أنه سألنا اضافته على الفيس لمدارسة مستجدات أمور النادي، لكننا أجبناه بأن مجموعة النادي على الفيس كفيلة بذلك، وأننا لا نضيف الذكور ولا ندردش، لذا استغربنا جدا سبب بقاء تلك العبارة وهي تزين بروفايله الشخصي.لذلك شطبناه على الفور.
أبو زبيدة شاب اخواني يضع لحية خفيفة، كان يكبرنا بحوالي ثلاث أو أربع سنوات، أول احتكاك لنا معه، كان بالمصادفة، أعقبها تتبعه لحركات صديقتنا لمياء، طالبة حسناء فائقة الجمال، أظن أنه درس سلوكاتها وتحركاتها مدة تزيد عن الشهر، ثم قرر خطبتها بنفسه على الفور، فاستوقفها ذات مرة وعرض عليها الأمر، لكنها كانت خجولة جدا، ولم تدر ماذا تفعل، ففرت من أمامه.لذلك كانت كلمة السر بيننا إذا رمقناه (أبو زبيدة) قادم، لنتأهب لتغيير طريقنا.
- غوغل للترجمة(google translation):التسمية لسبب خاص، لا يمكنني ادراجه، والا عرف صاحبه، كان شابا ملتزما بلحية، متفوقا على أقرانه، له مبادرات ايجابية كثيرة، واسع الثقافة، يقرأ كثيرا، ويكتب مقالات في القمة، وله صفحة تعنى بشؤون الطلبة كان يديرها، وكنا نتفاعل معها، كان هذا النوع المفضل للجميع.
كان جل طلبة الطب يتفاعلون في صفحته، ويثمنون مبادراته، فركبه الغرور، وتمكن منه فيروس حب الظهور، وصارت له قناة خاصة يبث فيها أفكاره وانشغالاته، كانت مدة الفيديو تستغرق قرابة النصف ساعة يقترب فيها من الكاميرا فلا يظهر إلا رأسه، مع اضاءة قوية تمكنك من عد المسامات على وجهه، ناهيك عن البثور، نصف ساعة يارجل؟! حتى أنس تينا لم يفعلها، نصف ساعة من الجمود، لا روبورتاجات ولا حركة سوى حركة رأسك وشفتيك وأحيانا منخريك.
ذلك الغرور تغاضينا عنه، فالبنهاية هو يقوم بخدمات جليلة، لكن ما لم نتقبله أنه كان يمسح التعليقات المخالفة، واذا كانت بها حجة قوية يمسح كامل المنشور، كان متغطرسا لا يقبل آراء الآخرين، ولا يقدس سوى آراءه، لذلك قمنا بشطبه هو الآخر من القائمة، كيف للحياة الزوجية أن تستمر مع ديكتاتور كهذا؟!
- شخصية أدهم من رواية اكتشفت زوجي في الأتوبيس: هو طالب من غير دفعتنا سمعته مثل المسك، شاب خلوق ومهذب، متفوق دراسيا، يعفي لحيته، حافظ للقرآن، وكثيرون استمعوا لتلاواته في مصلى الجامعة وغيرها.
دمث وطيب من غير ضعف، لا يكلم الفتيات ولا ينظر اليهن، وليس له الوقت لفعل ذلك، يمارس الكثير من الأعمال التطوعية، واذا سألته عن شيء في الدراسة، فستجد لديه الاجابة المفصلة.
كان سبب التسمية أنه كان يحمل كل مواصفات أبطال الروايات الملتزمة، على غرار اكتشفت زوجي في الأتوبيس، الرجل ذو اللحية السوداء، زواج مع وقف التنفيذ،  لكن الاختلاف أنه كان بطلا حقيقيا، وليس مجرد مجاز.
- نواقض الوضوء: هو شاب من مواليد الثمانينات، عملت معه صديقتنا لمياء في نفس الفريق أثناء تربص السنة النهائية، ويبدو أنه أعجب بها، فكان يسألها كل يوم أسئلة غريبة يختبرها بها، لكن البلهاء، لم تكن تعرف أن الأسئلة كانت لذلك السبب.
وأول سؤال سأله اياها بعد نقاش ديني كان:- ماهي نواقض الوضوء؟!
صديقتنا استحت من الاجابة، وغيرت الموضوع ثم فرت من أمامه.
تلاها بعد ذلك أسئلة عن معنى التوحيد، وأسئلة أخرى كثيرة.
حين أخبرتنا بذلك، انفرطنا من الضحك، معقول!!
وتم وضع اللقب كختم تعريفي له، وصار كلمة السر بيننا.
الظاهر أنه مدخلي متلبس في ثياب الأناقة، فقد كان أنيقا، جذابا، ووسيما أيضا.
(الألقاب ليست لللاستهزاء، ولست مسؤولة عنها، فلا ترهقوني بتعليقات بلا طعمة)
على هذا أصبحت فرصة الحصول على عريس مسلم مستقيم، ضربا من الخيال، وحلما من الأحلام.
فقد تم شطب الجميع تقريبا من اللائحة ولم يتبق سوى أدهم بطل الروايات.
قبل أن أتحدث عنا كبنات، يجب التنويه في البداية أننا كصديقات لم نكن جميعنا أترابا، فقد صادقنا بعد ذلك فتيات من مستويات مختلفة.
شلة البنات في البداية كانت تحوي فتاتين ملتزمتين فقط، فصديقاتنا الأخريات كن يرتدين السراويل، يضفن الشباب على الفيس بوك، يستمعن الى الأغاني، ويدمن مشاهدة المسلسلات التركية.لكنهن للأمانة كن بعيدات عن العلاقات المحرمة.
تعاهدنا بعدها على التناصح، واستطعنا اقناعهن بترك لبس السراويل، وحذف الحسابات التي تحوي أصدقاء ذكور، وأن نلتفت للدراسة فقط، ثم سجلنا بمدرسة قرآنية وعزمنا على اغتنام السبع سنين لحفظ القرآن.
- احدى صديقاتنا لم تكن تحيط بأدنى المعلومات في دينها، ثم وفجأة قررت ارتداء الجلباب، وقالت أنها ارتدته حتى يعصمها من عادة قبيحة في عائلتها الكبيرة وأبناء عمومتها وأخوالها، فقد كانت لديهم عادة السلام بالتقبيل وكانت تشمئز من ذلك وتريد تغييره.
صديقتنا هذه عكفت على تعلم أوامر ربها، وكرهت الدراسة وكانت تحلم بتكوين أسرة، وكانت لا تخفي رغبتها تلك أمام جميع صديقاتها.حتى أنها توقفت عن الدراسة في السنة الثالثة.
الشيء الجميل أنها تزوجت من ذلك السلفي الذي وخزته بقلم في ظهره، نعم الشخص الذي حلفت أن لا تتزوجه حتى لو كان الرجل الوحيد في الكون.
والسبب أنها بعد قراءاتها صارت تميل للفكر السلفي، وأخينا استبشر خيرا بمجرد رؤيته للجلباب، فتقصى أمرها من أصدقائه الذين سألوا عنها زميلاتهم.
أخينا نضج بعد ذلك وأصبح سلفيا على الجادة، ناقش كثيرا طوال تلك السنون، وقرأ كثيرا، وكان الأول على الدفعة.
- صديقة أخرى تغير سلوكها في السنة الأخيرة، حذفت حسابها الذي كان يجمعنا بها، وأنشأت حسابا آخر لا نعرفه.
كانت من "الشرفة" الأشراف يعني، ولديها أخت بلغت الأربعين ولم تتزوج بسبب أنهم كانوا يرفضون تزويج بناتهم للعرب الآخرين، ورغم أن والدها شخص جامعي مثقف، الا أنهم ألمحوا لها أنهم لن يقبلوا تزويجها من عربي، الا اذا كان غريبا عن مدينتها، لذا فرسالتهم المبطنة كانت أن اختاري لنفسك زوجا بعيدا لا يعرف الناس في مدينتهم أصله وفصله.
كانت كثيرة القراءة، وترتاد مجموعات مناقشات الكتب، لذلك عمدت على التعرف على عضو انسجمت معه في الأفكار، ولربما يعزمان على الزواج.
- صديقة أخرى من بلدية متخلفة، وأهلها يعيشون بعقلية الخمسينات، يأتيها كل مرة خطاب كثيرون لا يحملون شهادة ولم يكملوا التعليم، أمها كانت تضغط عليها كثيرا لتوافق وإلا (حصلت في راسها)، فإما أن تقبلي بمول الكاميون، وإما أن تقبلي بمول الغنم، أو صاحب التراكتور.( هذه المهن شريفة وليس هذا الأمر للسخرية، انما السبب الرئيس المستوى الفكري والتعليمي).
تلك الصديقة كانت تعاني لوحدها تلك الضغوط، كانت فتاة ناضجة عاقلة وجميلة أيضا.
لكنها ارتكبت بعد ذاك غلطة عمرها، فقد قررت في السنة الأخيرة أن تتزوج عن طريق النت، هكذا عشوائيا تعرفت على أحدهم وبعثت له بيانتها كاملة، فما كان منه إلا أن بعث صديقه ليكلم أخاها، ويطلب موعدا، ثم مالبث أن أخلف موعده ذاك، وسبب لها مشكلة كبيرة، فبدأ التحقيق والسين والجيم، حتى اكتشف أخوها الأمر برمته، وقام بضربها وتحطيم هاتفها والتهديد بإطلاع والده.
وحين أخبرتنا بفعلتها صعقنا من الأمر، وطلبنا منها الاعتراف بالخطأ والتوبة ومصارحة أخيها بمخاوفها وضغط والدتها لعل وعسى يتفهم الأمر، وفعلا سامحها شقيقها وأخذ منها عهدا أن لا تعود لمثلها، وأنه سيكون الى جانبها دوما.
- لا أدردش: تزوج مع فتاة تعرف اليها عن طريق الدردشة، لأننا سألناها وثبت لنا ذلك.
- ‏غوغل خطب صديقة نعرفها فرفض أهلها بحجة أنها صغيرة، فقام بحظرها من على صفحته، ثم خطب ممرضة.
- صديقتنا لمياء الحسناء، عقب خطبة أبو زبيدة لها في السنة الأولى، لم تستطع مفاتحة والديها في الأمر، رغم أن كلاهما جامعي مثقف، فقدت الشهية إلى الطعام، وضعف جسمها، وكثر شرودها، فاكتشفت الأم بفطرتها أن هنالك أمرا ما، صارحتها الفتاة لكن الأم رفضت الفكرة قائلة(ماشي مازال الحال على هاد الموضوع؟!) ونسيت أو تناست أنها حين كانت بمثل سنها كان لها فتاة بعمر السنتين، وأخرى في بطنها.
ظل أبو زبيدة يلاحقها، ويبعث لها العصائر وقت الحر، ويدفع المال اذا كانا بنفس الحافلة، لكنها كانت تشمئز من تلك الأفعال وتعتبرها تجاوزات.
صرنا نعمل بعد ذلك مع أبو زبيدة، واكتشفنا أنه طيب مع الجميع، ولا يضع حدودا في تعاملاته مع البنات، لذلك صارت صديقتنا تنفر من سلوكاته كثيرا.
وصارت تعقد مقارنة بينه وبين (نواقض الوضوء)، فيبدو لها أبو زبيدة مميعا والآخر متشددا
أبو زبيدة كالنساء، والآخر مكتمل الرجولة والغيرة.
وصار تفكيرها متأرجحا بين القبول بأحدهما أو شطب كليهما.
مع أنها للأمانة تنام عن صلاة الفجر، فلها سلوك الخفافيش الدراسة بالليل، والنوم في النهار، وقد عجزنا معها لتغيير عادتها تلك.
- كل يوم تصديرة كي الخالات: تغير كثيرا، عملنا معه فلمسنا تغييرا في هندامه، ورجولة في أقواله وأفعاله، تعاملاته مع المرضى من الأطفال والعجائز كانت مذهلة، كان في قمة الانسانية.
- تبقى أدهم بطل الروايات، كان مطمح الجميع، ومحط أنظار كل الفتيات ملتزمات ومتبرجات.
فالمرأة تمقت الرجل الذي يركض خلف كل النساء، بينما يطمحن للرجل العزوف العيوف الذي يركض خلف هموم أمته، وتركض كل البنات خلفه.
حاولت بعضنا أن تقنعنا بأن نحاول لفت انتباهه، لأنه عملة نادرة، وفرصة لا تتكرر، فغضبنا جداا من تفكير بعض البنات اللواتي يحاولن إفساد الشاب الملتزم.
وأن لو كان الأمر بلفت الانتباه لكان فراره من محاولة لفت انتباه أحد، هو ما جعله محط أنظار واعجاب الجميع.
وأن محاولة اغواء المتدين أكثر جرما من فعلها مع غيره.
ولأن أدهم كان نسيجا وحده، والأول على دفعته، ومحط أنظار الجميع، فقد توفي بعد ذلك في مصلاه وهو يناجي ربه.
فالعين حق وهي تدخل الجمل القدر وتدخل الرجل القبر.
مات أدهم فرصتنا الوحيدة،  لقد كان ملاكا يمشي فوق الأرض، ولعله بات ليلته تلك مناجيا ربه أن ينجيه من القرية الظالم أهلها.
توفي وقد أقيمت له خيمة عزاء بقلب كل فتاة عرفته متبرجة كانت أو محجبة.
نحن الآن أنا وصديقتي لمياء بالسنة السابعة، نحافظ على قلوبنا من العبث، وعلى أنفسنا من المداصرة والاختلاط، وقد فقدنا الأمل تماما بخصوص موضوع الفوز بعريس موافق لشروط المسلم الحق.
#تمت
بقلمي شمس الهمة

العيد

 تلك اللحظات الحرجة قبيل يوم العيد، ذلك التعب، والضغط، تلك الأمور التي أنجزت نصفها والنصف الآخر ينتظر منك اتمامه حالا، ذلك التوتر، وتلك الأع...