الجمعة، 14 ديسمبر 2018

ثقافة البلكونات

ثقافة البلكونات:

الجزائريون فوضويون... لا يملكون ثقافة الورد والتزيين...شرفاتنا قبيحة...المقعرات الهوائية تشوه المنظر العام..

هذا كان تقريرا صحفيا بقناة جزائرية، وكثيرا ما شاهدنا تقارير مماثلة، تجعل دوما من الغرب أنموذجا، وتقوم بجلد الذات إلى أقصى حد ، من دون آراء مختصين أو مهندسين أو خبراء.
ومن دون ذكر البدائل والحلول المرجوة.

والملام هنا ليس المواطن البسيط برأيي الشخصي، ولكن الملام هو الحكومة والمهندس الذي صمم تلك العمارات من دون الأخذ بعين الاعتبار لثقافة بلده وخصوصياته، واحتياجات مجتمعه.

فتصميم شرفات الجزائريين في الغالب ضيق حيث تمثل الشرفات معرضا للملابس المغسولة، وأخرى بها إزار ممزق، اسود لونه، واهترأ قماشه، جراء الحر والمطر...وبعضها مغطاة بـ"الباش"
الشرفة، هاته المساحة في كل مشروع، واشتراطها على المهندسين رغم عدم جدواها لدى المواطنين والأسر الجزائرية، بناء على ثقافة الحشمة التي تمنع الأسرة من الجلوس في مكان مفتوح!!
هذه الثقافة تحولت مع الزمن، ليتفنن المواطن في تغيير الشرفات، كل حسب احتياجاته، فمنهم من يضيفه إلى الغرفة(بسبب ضيق المساحة)، ويحوله إلى نافذة.
لأن القائمين على تلك المشاريع، لم يراعوا ببساطة خصوصة المجتمع الجزائري، فمجتمع يعرف بكثرة عدد أفراده، حيث يبلغ المتوسط لدى الأسرة الواحدة ستة أفراد، لا يمكنك تقييده بمساحة هي أشبه بالزنازين الإنفرداية.
فنحن نلاحظ كثيرا لدى أشقائنا العرب كيفية تصميم شقق العمارات واتساعها، في مقابل تلك السياسة المنتهجة في بلادنا، التي جعلتها أشبه بعلب الكبريت.
ومنهم من يغلق الشرفة كليا بالزجاج العاكس، دون الدخول في موضوع الأقفاص الحديدية (التي تشكل خطرا حقيقيا اذا حدث زلزال، أو شبت نيران حارقة).
الأقفاص الحديدية التي أصبحت من ضروريات كل عمارة جزائرية، بسبب انعدام الأمن والأمان، وبسبب انعدام ثقافة حارس العمارة، أو مايصطلح عليه لدى أشقائنا العرب ب(بواب العمارة).

أما عن نشر الغسيل فلا يوجد تصميم لعمارة في الجزائر، مخصص لها مكان لنشر الملابس غير الشرفة؟
فمتوسط عدد أفراد الأسرة الغربية غالبا مكون من ثلاثة أفراد، يستعملون عادة آلة الغسيل التي تتكفل بتجفيف الملابس، لذا لا تعرض ملابسهم على الشرفات. 
وأسر غربية أخرى تبعث بالملابس للغسالات العمومية التي تقوم بعملية الغسيل والتجفيف والكوي وتبعث بها لأصحابها.
اذن لا مجال للمقارنة بين الغربي والجزائري هنا.

أما المقعرات الهوائية التي تشوه منظر العمارات، فلا يوجد لها بدائل في الجزائر، وإذا وجدت فالجزائري البسيط لا يعرفها.
والمواطن الغربي لا يستعمل المقعرات الهوائية لأن الغالبية يستعملون (الأونتان) لاستقبال المحطات الوطنية التي قد تصل لمئة قناة(لذا لديهم اكتفاء ذاتي من القنوات ولا يشاهدون ثقافات أخرى كما نفعل نحن).

لذا فالحل الأنسب برأيي هو الاستقاء من المعمار الإسلامي وفن الهندسة الإسلامية، حيث نجد المشربية بديلا للشرفات المعاصرة.

والمشربيات عنصر معماري يتمثّل في بروز الغرف في الطابق الأول أو ما فوقه، يمتد فوق الشارع أو داخل فناء المبنى.

لقد قدّمت المشربيّة الحل لهذه المشاكل، حيث أنها تدخل كميّات كبيرة من الضوء غير المباشر، وتمنع الإشعاع الشمسي المباشر، المصحوب بدرجات حرارة عالية من الدخول عبر فتحاتها، وبالتالي قدّمت المشربيّة إنارة ذات كفاءة عالية دون زيادة درجات الحرارة في الداخل، ونظراً لزيادة مساحة الفتحات في الجدار، فقد ساهمت المشربية بزيادة تدفّق الهواء بنسبة عالية، وبالتالي زيادة التهوية والتبريد للغرف. 

وبالإضافة لتأثيراتها الفيزيائيّة، توفّر المشربيّة الخصوصيّة للسكان، مع السماح لهم في الوقت ذاته بالنظر إلى الخارج من خلالها.

وتكمن روعة هذا العنصر المعماري في تكامل وظيفته مع قيمته الاجتماعيّة والجماليّة، حيث أضافت المشربيات قيمة جماليّة إلى الشارع الذي تطل عليه النوافذ، دون المساس بخصوصيّة الفراغات المعماريّة خلف هذه المشربيات.

ما أحوجنا للمهندس المسلم!!
لذا حين نتكلم عن موضوع ما يلزم دراسة المجتمعات وتوفير ما يناسبها.
فإذا أردنا تغيير هذه الثقافة إلى الأفضل، يجب مراعاة خصوصية مجتمعنا وقيمنا أولا، لا استنساخ التجارب الغربية التي تناسب أقواما دون أقوام.

#شمس_الهمة


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

العيد

 تلك اللحظات الحرجة قبيل يوم العيد، ذلك التعب، والضغط، تلك الأمور التي أنجزت نصفها والنصف الآخر ينتظر منك اتمامه حالا، ذلك التوتر، وتلك الأع...