الجمعة، 14 ديسمبر 2018

هل تصدق كل ما تقرأ؟!

هل تصدق كل ما تقرأ؟!

في الثانوية تم تلقيننا على منهجية واحدة يرددها الجميع مثل ببغاوات تتعلم النطق لأول مرة.
ففي تحليلك للنص الأدبي لا يجب أن تخرج عما ذكره الأستاذ، أو تتجاوز الحدود المرسومة.
الأفكار متسلسلة، والنص يتميز بسلاسة الألفاظ، وترابطها، وغناها بشتى الصور البيانية البديعة كالجناس الناقص والتام، والطباق، والسجع الذي أضفى عليه نغمة موسيقية تخلب الألباب.
عاطفة الشاعر: جياشة، وصادقة، ومليئة بالمشاعر والأحاسيس الفياضة.
لذلك لا عجب أن نجد غالب القراء إلا من رحم ربي، يقرأ للموضة، ويقرأ فقط ليقال عنه قارئ.
فتجد غالب المراجعات على نسق ببغائي واحد.
الرواية قصيرة وممتعة، وأسلوب الكاتب رائع ومشوق وممتع.
الأفكار كانت متسلسلة، وألفاظها منتقاة، والكاتب أجاد السرد والوصف، و النسج والحبك.
الخاتمة لم تكن متوقعة، والنهاية كانت مبدعة ووووو .
لا تجد أبدا من يسأل، لا تجد أحدا لم يفهم ذلك الكتاب أو تلك الرواية أو تلك الخاتمة جيدا.
لن تجد في مراجعاتهم ملاحظات عن شبهات تضمها الرواية، لن تجد غيرة على الدين أو القيم.
أنت لن تجد سوى المديح أو التقديس.
الغرض من القراءة هي اكتساب قريحة مستقلة وفكر خاص بك.
الغرض هو التفكر والتدبر والسؤال.
والأنكى أنك تجدهم يقدمون مراجعات كل رواية قرأوها، صالحة كانت أو طالحة.
من دون مراعاة أن الناس ليسوا سواسية من حيث العقول أو الأعمار، فهنالك الطفل والمراهق والناضج.
وكل أولئك الذين شاهدوا مراجعاتك، أو تلك العناوين،  أنت عنهم يوم القيامة مسؤول.
فان كانت الرواية تحمل شبهات وفسادا وفلسفات إلحادية، فما موقفك أمام الله وأنت تساهم بنشرها وترويجها؟!
كثيرا ما صادفت عناوين يتناقلونها، وحين قراءتها صدمت أنها كارثة، وهادمة للقيم، وتزرع الشبهات.
مؤخرا قرأت رواية لكاتبة خليجية، أعشق قلمها لدرجة الجنون، ولكنني لا أقر المضامين، قلت لعل وعسى أن تكون هذه الرواية جيدة فهي تحكي قصة طفل تائه، وكل القراء أشادوا بذلك العمل.
الرواية كانت صادمة لي ولم أشفى منها إلى الآن، فالرواية وإن تناولت قصة حقيقية لطفل اختطف من مكة أثناء أداء مناسك الحج، وأوضحت بالدليل وجود شبكات متخصصة في اختطاف الأطفال، تقوم بها عدة دول كمصر ولبنان وبعض البلدان الافريقية، ويقومون ببيع الأعضاء لإسرائيل.
 إلا أنها تعمدت زرع الشبهات كالعادة، حتى أنها تسلخك من إيمانك ويقينك سلخا، من المؤكد أنك بعد قراءتها ستتغير، لكنك ستتغير نحو الأسوء، بالإضافة أنك ستكره شعيرة الحج، وحج الأطفال.
 ‏الكاتبة معروف عنها ذلك في جميع كتاباتها، ولكن أسفي حقا على القراء الذين لا يملكون غيرة على الدين، ولا خوفا على شباب الإسلام من تلك الكتابات.
 ‏رواية أخرى لكاتب أفغاني يتناولها الجميع بالمديح على أنها رائعة الروائع، متغافلين عن كم الأفكار الإلحادية التي صبها صاحبها صبا، ليس هذا فحسب، فالكاتب مع إلحاده، لم ينس أصوله الشيعية، فطوال مدة قراءتك ستكتشف لمزه للسنة، وتصويرهم بمظهر الظالم والمستعبد والمذل لطائفة الشيعة، في فترة لم تكن تلك الحساسيات قائمة البتة.
 ‏روايتان أخريان تصوران التشدد الخليجي، وظلم المرأة، لكنهما بسبب ذلك تدعوان إلى التفلت كردة فعل على تلك السلوكات، يتعامل معها القراء بسطحية تامة، مع أنها تحكي وتصور واقعا أليما، ينبغي مناقشته وعدم التقليل من شأنه، لا اعتبار تلك الأعمال تمثل أصحابها فقط، بينما تتعاطف معها شريحة كبيرة من نسائنا، لأنها تحاكي واقعهم ببساطة.
 ‏أمر آخر هو تقديس بعض الكتاب، لدرجة أنك لو قلت عن كتابات أدهم الشرقاوي أن بعضها منشورات فيس أو تغريدات تويترية منقولة، فسيهاجمك الجميع بضراوة.
 ‏ولا يمكنك التعبير عن شعورك الصريح أن عملا من أعماله، لم يرقك، كما حدث معي عند قراءتي لروايته "نبض"
 ‏فأدهم الشرقاوي يقول مرة أنهم علمونا في الطفولة أن فلة تعيش مه سبعة رجال في بيت واحد، وأن الأميرة النائمة لا تستيقظ الا بعد قبلة، يخالف أقواله تلك، في روايته نبض التي تعلم شبابنا الاختلاء بحبيباتهم في الأمكنة الخربة المهجورة!!
 ‏لست أسعى في مقالي هذا لتقمص دور الناقد الأدبي، ولا يوجد لدي لذة في انتقاد الكتاب والناجحين.
 ‏ولكنها دعوة لإعمال الفكر قليلا.
 ‏دعونا نتسائل، نستفهم، أو نبدي رأيا حقيقيا مستقلا حول تلك الأعمال.
 ‏لن أقول لا تقرؤوا، ولكن بالله عليكم، لا تمتدحوا كل ماتقرؤونه.
 ‏يقول الرافعي:
((ليكن غرضك من القراءة اكتساب قريحة مستقلّة، وفكر واسع، وملكة تقوى على الابتكار، فكل كتاب يرمي إلى إحدى هذه الثلاث فاقرأه)).

 ‏#شموسة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

العيد

 تلك اللحظات الحرجة قبيل يوم العيد، ذلك التعب، والضغط، تلك الأمور التي أنجزت نصفها والنصف الآخر ينتظر منك اتمامه حالا، ذلك التوتر، وتلك الأع...