عقل للبيع!!
بوكتيوبر عربية كنت أتابعها، فمراجعاتها للكتب متفردة، ولديها حس نقدي لافت، فهي فتاة ذكية جداا، محجبة وطالبة متفوقة بكلية طب الأسنان.
قناتها للكتب وعن الكتب فقط، ومراجعاتها في القمة.
لفتني أنها حين تقرأ كتبا دينية، لا تسلم بكل المكتوب فيها، فهي تنتقد وتناقش بعض الجزئيات بمهارة فائقة، وهذا أمر غير مذموم فكل يؤخذ من كلامه ويرد.
تابعت لها مراجعات انتقدت فيها الشيخ علي الطنطاوي في جزئية محددة.
فيديو آخر انتقدت فيه الشيخ ابراهيم السكران في جزئية معينة.
فيديوهات أخرى كثيرة مماثلة.
حقيقة راقني حسها النقدي، وآراؤها المستقلة المتوازنة بعيدا عن التسليم المطلق.
لكن!!
تابعت لها مراجعات أخرى حول الكتب والروايات الغربية، فوجدت أن ذلك العقل النقدي اختفى تماما، وظهر بدلا منه كائن مستسلم لكل ما يقول به الغربي، ليس هذا فحسب انما كائن منبهر، تابع، وكأنها منومة مغناطيسيا، كائن سلم عقله تماما.
ولست هنا أفتري أو أتجنى عليها، ولي على ذلك شواهد كثيرة.
فقد تابعت مراجعتها لرواية (طعام، صلاة، حب) فوجدت انبهارا بالرواية، وانتظرت ملاحظات ذكية حولها كما عودتنا في مراجعاتها للكتب الدينية، فلم أفز بشيء، والرواية لمن قرأها يعرف تماما أنها تجسد الشقاء والضياع الذي يعاني منه الإنسان في الحضارة المادية، الرواية تبحث فيها صاحبتها التي لم يكن ينقصها شيء، وكانت تعاني اكتئابا مزمنا، وفراغا رهيبا لا تجد شيئا يملأه.
لدرجة جعلتها تسافر حول العالم بحثا عما ينقصها من روحانية، وسكينة.
وبالنهاية تخرج علينا بأن الحياة ملذات ومتع كالبهائم، طعام، جنس، وتمارين اليوغا الوثنية التي تسميها صلاة.
ليس هذا الكتاب الوحيد الذي حكمت على الفتاة بسببه، فالكثير الكثير من مراجعاتها للكتب الغربية لا تخرج عن نمط الانبهار بدون حد أدنى من الحس النقدي المطلوب.
فمراجعتها لرواية غاتسبي العظيم كانت مجرد الانبهار فقط، والرواية وإن أحدثت ضجة عالمية، وتم التهليل لها على أنها من الروائع، غير أنك حين تقرأها لا تجدها تحمل قيمة أخلاقية، أو فكرة فلسفية، فهي مجرد وصف لحقبة تاريخية معينة في حياة الأمريكيين والتي تجسد انحطاط المنظومة الأخلاقية عندهم.
حينها تذكرت اقتباسا يشخص الأمر بدقة، يقول فيه صاحبه:
”أشفق على من يقول: لن أسلم عقلي لرجال الدين، وهو منبهر بشقاشق الفلاسفة التي لا يفهم منها شيئاً! هل قال لك أحد: سلم عقلك؟! لكنك غافل في الحالين!“
ختاما:
عدو نفسه من ينكب على الأدب الغربي فلا يميز فيه بين النافع والضار.
والأحرى بوصف القطيع من استسلم للتيار التغريبي الجارف الذي تسانده وسائل الإعلام بكل قوة .. أما من ثبت فهو أولى بوصف الاستقلال.
#شمس_الهمة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق