الأحد، 10 مايو 2020

خبايا الإعلام القذر

خبايا الإعلام القذر، وخاطرة من كتاب في ظلال القرآن:

شهد العالم العربي مؤخرا أحداث صادمة بوتيرة متصاعدة، خصوصا في مجال الفن والإعلام، فمن صدمات نزع الفنانات المعتزلات للحجاب، إلى قضايا أخرى تمس القيم والأخلاق والدين.
ولعل موجة نزع الحجاب شهدت جدلا واسعا على وسائل التواصل الاجتماعي وتربع الكثير منها على رأس قائمة الترندات.

طبعا الكثير تكلم عن هذا الأمر، وجعل منه شغله الشاغل وكأنه قضية كونية، ومما يؤسف له أن بعض المشايخ والدعاة انزلقوا مع العوام فخاضوا في ذات الموضوع.

الجزائر أيضا لم تسلم من مفاجآت وخرجات لم يعتدها المواطن الجزائري، فمن استفزازات الإعلام من مسلسلات مثيرة للجدل إلى برامج الكاميرا الخفية الهابطة، إلى حصص قناة النهار عن الخيانات الزوجية، وأكثر قضية شغلت الرأي العام الجزائري هي قضية المسماة(إكرام) والتي ظهرت مرة تبكي على فيديو لو كان الرسول صلى الله عليه وسلم بيننا، ثم مافتئت أن ظهرت حاسرة الرأس متبرجة ومتهمة بخيانة زوجها عبد القادر.

هكذا قصص يروج لها، وتتصدر قائمة الترندات، ليست بريئة أبدا لمن له عقل.
وأول سبب يدعو للتشكيك بهاته القصص هو مدى وسرعة انتشارها في زمن تكثر فيه المواد المرئية، مما يثبت أن هنالك أطرافا وجهات معينة تقف خلف الأمر وتسهم بنشره على أوسع نطاق.
فالكثير من المواضيع التي يقذف بها دائما أمام الشعب الجزائري خصوصا والرأي العام العربي عموما مواضيع تافهة وقضايا هابطة.
يراد بها إشغال الشعب وإلهائه عن الأهم، بينما تعمل الأيدي في الخفاء لنهب ثروة الشعب ومقدراته.
كما أن الهدف الآخر لها هو ضرب القيم والأخلاق والدين، وإلا فلم تدور كل تلك المواضيع لتلتقي في فلك مشترك، حيث يتم ربطها دائما بالدين بشكل مريب يستهدف تشويهه.

حين ظهرت موجة اعتزال الفنانات وارتدائهن الحجاب، اعتقد الجميع أنها صحوة مباركة، إلا أن البعض ذكر أن تلك الموجة تزامنت مع الطّفرة الماليّة النفطيّة في المملكة العربيّة السعوديّة ودول خليجيّة أُخرى، وقيل أن تلكم الفنانات تلقين مبالغ طائلة مقابل ارتداء الحجاب.
لا أحد صدق هذا الأمر وقتها، وقيل أنها إشاعات مغرضة من أعداء الدين ومن يمقتون الحجاب.

الآن صرت لا أستغرب أن أولئك الفنانات أو بعضهن على الأقل تلقين مبالغ مالية لارتداءه ومبالغ مالية أخرى لنزعه بهدف زعزعة الإيمان، وفتنة المسلمين والمسلمات.

إكرام الجزائرية أصبحت ثرية ثراء فاحشا بعد نزع الحجاب أيضا مما يدلل على أن هنالك من نسج بدقة خيوط العنكبوت ابتداء من ارتداءها للحجاب ثم ظهورها وهي تبكي على الرسول صلى الله عليه وسلم، وصولا إلى مرحلة نزع الحجاب.

من يقف وراء هذه الأحداث؟!

في مسلسل تركي هادف وقيم اسمه(ما بعد المطر) يعرض في حلقاته خطط الماسونية في تركيا، وكيفية استخدام الترسانة المالية والإعلامية الضخمة لتشويه الإسلام وضرب القيم، وتظهر في إحدى حلقاته فنانة شابة راغبة بالشهرة والظهور يتم استخدامها كدمية في مخططات قذرة، فيطلبون منها تارة الظهور مع زوجها، وأن علاقتهما رائعة، ثم يطلبون منها الظهور رفقة شاب آخر بصور توحي أنهما عشيقان، ثم يشيعون أنها تقوم بخيانة زوجها ويحدث جدل واسع بسبب ذلك، ثم يطلبون منها أن تعود لزوجها رفقة عشيقها والزوج راض وسعيد.
كل هذا والمخططون لهذا الأمر الخبيث يضحكون وينتشون لأنهم يقومون بضرب القيم في مقتل.

وهئا اقتباس نقلته لكم من المسلسل:
((نحنا لازم نرفع من قيمة هاي الفنانة كتير، انا حابب أنو نعملها نموذج لكل بنات هذا العصر
وإذا ضفنا على تم هالفنانة العظيمة كام كلمة عن الدين، وعرفنا نتصرف، رح يتخوت الناس فيها خوت.
فنانة مؤمنة وفلتانة بحياتها عالآخر هههههه
يرد عليه صاحبه: انت لا تقلق بالمرة يا منصور هاي الفنانة رح تساوي أي شي مشان الشهرة.
- ومبعد هالشي وهي عمبتابع قصة زواجها وحيكون عندها طفل من شخص تاني(الفنانة المؤمنة بتمل  وبتصير تحكي عن مسخرة الزواج وقصصو اللي بتوجع الراس بلا طعمة، وتحت عمل جماعي منظم من حضرتنا فينا نأثر بالناس بالطريقة اللي بدنا ياها، هذا المشروع صاير ضروري يامدحت.
- ‏المجتمع بدنا نصنعو بإيدينا.
- ‏لازم يكون مجتمع متحضر وعلماني، الأخلاق القديمة الموجودة عند الناس عائق بالنسبة إلنا))انتهى

ما الهدف من كل هذا؟!

اليوم وأنا أنهي المجلد الثالث (في ظلال القرآن)، تصادفت مع معنى خطير جدا ذكره الكاتب، لم أنتبه له من قبل، وكأنني أقرأ الآية لأول مرة في حياتي، فقد ذكر الكاتب في تفسير الآية التي تقول{ وَقَالَت طَّائِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}
قال أن أهل الكتاب كانوا يأمرون أتباعهم بأن يؤمنوا أول النهار ثم يرتدوا آخره وهي طريقة ماكرة لئيمة وأن اظهارهم للإسلام ثم الرجوع عنه يوقع بعض ضعاف النفوس في بلبلة واضطراب ويفتن حديثي العهد بالإسلام وبخاصة العرب الأميين الذين كانوا يظنون أن أهل الكتاب أعرف منهم بطبيعة الديانات والكتب، فإذا رأوهم يؤمنون ثم يرتدون حسبوا أنهم ارتدوا بسبب اطلاعهم على خبيئة ونقص في الدين.

ويختم الكاتب أن هذه الخدعة لا تزال تتخذ إلى يومنا هذا في شتى الصور وشتى الأجيال وكل ذلك لفتنة المؤمنين.
فاعتبروا يا أولي الأبصار

#شمس_الهمة

الخميس، 7 مايو 2020

هل تقاس الحضارات بالمنجزات المادية والاختراعات؟


هل تقاس الحضارات بالمنجزات المادية والاختراعات؟

قالت لي إحداهن في معرض تعقيبها على موضوع الفرقة والاختلاف، أن هذه الأخيرة سبب كل بلاء، وأنها سبب تخلف العرب والمسلمين وقالت بالحرف:
 «الفرقة هي ما جعل أمتنا متخلفة حتى في وقت عزها لم تصل إلى اختراعات وتقدم كبيرين مقارنة بالمدة الزمنية التي ازدهرت فيها الحضارة الإسلامية بسبب انشغالهم بالفلسفة».

وكان هذا تعقيبي:
صحيح أن الفرقة والفساد الأخلاقي أول مؤشر لسقوط الأمم والحضارات.
غير أن هذين الأمرين من سنن الله، وليست خاصة فقط بأمة الإسلام، والسنن لا تحابي أحدا، وسيرورة الحضارة تمر عبر مراحل ثلاث لا رابع لها ألا وهي (نشوء فازدهار فسقوط) ولا تسلم حضارة ولا أمة من الأمم من هذا، ولا أي شيء أرضي مخلوق، فهذه سنة الله في خلقه، فكل شيء على هذه البسيطة يأفل ويموت ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام.
أما عن كون حضارتنا لم تحز تقدما علميا كما نراه اليوم في الحضارة الغربية، فأقول أن تقدم الحضارات لا يقاس بهذه الطريقة.
وأمة الإسلام قدمت الكثير الذي نجهله والذي استفاد منه الغرب وإن لم يعترفوا بذلك وقاموا بتغييبه.
والإنسانية مرت بمراحل، كل ما تأتي أمة تترك ميراثا للأمة التي تليها تبتدئ منه وتبني عليه، فكما أن أمة الإسلام أخذت من الأولين، فإن الغرب أخذوا هم أيضا عن الإسلام وبنوا على أسس نظرها مسلمون وسطروا لها.
ولعل مكتبات الغرب تعج بكتب إسلامية لم نسمع بها للأسف، وما نهر دجلة الذي صار أسودا بفعل لون الحبر المنبعث من الكتب التي رماها المغول إلا شاهد على حضارة أعطت وقدمت وخدمت البشرية.
أمر آخر أود الإشارة إليه أن مقياس تقدم وتحضر الأمم لا يكون فقط بكم المنجزات المادية والمخترعات، إنما تقاس الحضارات بالميراث الإنساني من علوم إنسانية ونفسية وآداب وتاريخ و....
إضافة أن حضارة الإسلام تفوقت على حضارة الغرب لاعتنائها بالجانب الإنساني والأخلاقي والروحاني الذي أهملته حضارة الغرب المادية وقامت بسحقه.

ومع هذا نقول أن جل المخترعات الحديثة كان مبدؤها المسلمون فما اختراع الكاميرا إلا من "القمرة", التي رسمها ابن الهيثم، وما يساوي علم الفلك لولا الإسطرلاب، وما تساوي الجغرافيا بدون الإدريسي و....القائمة طويلة.

ضف إلى ذلك البشرية مرت ولا تزال بمراحل، فلا تسبق مرحلة أختها، ابتدأت بمرحلة إشعال النار، ثم الزراعة فالصناعة, انتهاء إلى التكنولوجيا و العالم الرقمي.

والحق ما شهدت به الأعداء:

 في وقت تكثر فيه الأقاويل المحرضة ضد هذه الحضارة ,حيث يحاول الكثير من الغرب طمس معالم  الحضارة الإسلامية, وإنكار فضل هذه الحضارة على العالم الأوروبى بصفة خاصة والعالم الإنسانى بصفة عامة , ولكن يأبى الله إلا أن ينصر الحق في كل زمان ومكان , فنجد المنصفين منهم يخرجون من بين ظهرانيهم على فترات متتالية لينصفوا هذا الدين وتلك الحضارة التي جابت ربوع الأرض من أقصاها إلى أقصاها .

يقرر المستشرق الفرنسي جوستاف لوبون في كتاب حضارة العرب:

لم يقتصر فضل العرب والمسلمين في ميدان الحضارة على أنفسهم؛ فقد كان لهم الأثر البالغ في الشرق والغرب، فهما مدينان لهم في تمدنهم، وإن هذا التأثير خاص بهم وحدهم؛ فهم الذين هذبوا بتأثيرهم الخلقي البرابرة الصليبيين

ويقول توينبي في كتابه دراسة التاريخ, متحدثا عن طريقة انتقال الحضارة الإسلامية إلى أوروبا فيقول:

وفى عالم الفكر كانت فتوحات الصليبيين الموقوتة في الشام , وفتوحاتهم الدائمة في صقلية والأندلس محطات إرسال متعددة, أمكن عن طريقها نقل كنوز عالم الشرق المتحضر إلى العالم المسيحي الغربي, وفى مقدمة ما نقله الغرب التسامح الديني والعلوم الإنسانية التي أسرت قلوب الغربيين , ولم يستطع الغرب أن يهضم كل ما كان لدى الشرق من قيم ونظم

ويقول ” ريتشارد كوك” في كتابه “مدينة السلام

إن أوروبا لتدين بالكثير لإسبانيا العربية, فقد كانت قرطبة سراجا وهاجا للعلم والمدنية, في فترة كانت أوروبا لا تزال ترزخ تحت وطأة القذارة والبدائية, وقد هيأ الحكم الإسلامي في إسبانيا مكانة جعلها الدولة الوحيدة التي أفلتت من هصور الظلام

ويقول ليبرى

 “لو لم يظهر العرب على مسرح الأحداث لتأخرت النهضة الأوروبية عدة قرون

شمس_الهمة


مساحة خاصة فقط


مساحة خاصة فقط!!


- قالت لي و(الأمس عيد) أنهم تشاجروا مع كنتهم الجديدة التي لم تكمل 15يوما ربما، فاستغربت كثيرا
وحين عرضت سبب تلك الخلافات، كان كلها واهيا لا يستحق ذلك، من بين ذلك أن الكنة الجديدة تغلق باب غرفتها بالمفتاح حتى لو خرجت لثوان فقط، وأنهم رأوا في ذلك إهانة واتهاما غير مباشر لأفراد البيت بأنهن سحارات أو سراقات.
ستعتبرون الأمر عاديا، وربما شائعا، فالناس هنا لم تتعلم بعد معنى كلمة (خصوصية)، وأن العوام هذا ديدنهم بعيدون عن الشرع ويعملون من الحبة قبة.
لكن لا تصدقون لو قلت لكم أن هذا الموضوع أخذ أزيد من ساعتين من الجدال المتواصل، وحرمني نوم ليلة كاملة رغم تعب نهار أمس.
ما جعل الدم يغلي في عروقي ليس بداهة الموضوع وتفاهته فحسب، ولكن كونه صادرا عن فتاة ملتزمة ومتدينةو متجلببة، تعنى بدقائق المسائل الفقهية، لكنها البارحة واليوم أتعبتني في جدال عقيم خرجت منه - حضرتها- أنهم (مش راح ياكلوها اذا فتحت غرفتها، وأنهم مربيين مليح ولن يقتحموا غرفتها).

- وقبلها بأيام تجادلت مع فتاة ملتزمة أخرى وفي معرض حديثنا ذكرت أنها كانت نافسا وأن أخت زوجها(الأرملة)، قامت برعايتها أفضل من أمها، وخلال أيام تواجدها تلك عند أخيها وزوجته، وجدت هاتفا رقميا صالحا يتخذه ولدهما الصغير لعبة عنده، فسألت أخاها أن يمنحها ذلك الهاتف إن لم يكن بحاجته.
تقول لي أن زوجها رفض بشدة منحها ذلك الهاتف، وأنها أيدت قراره(هذا والزوج فاحش الثراء لدرجة تمكنه من منح 40مليون جزائري هواتف ديجيتال دون أن ينقص ذلك من ماله شيئا)
وقالت في معرض جدالنا أن الزوج غير ملزم بالانفاق على أمه أو أخته العانس أو الأرملة.
وساقت لي الآية الكريمة التي تقول(يوم يفر المرء من أخيه و أبيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه) وقالت أنها قرأت تفسير تلك الآية فوجدت أن الزوج ملزم بزوجته وأبنائه فقط.(لا يا شيخة!!)

- وقبلها وفي أحد مجموعات طلبة الشريعة، وفي معرض حديثه عن الجزائريات قال طالب الشريعة الملتزم ذاك(وهو شخص معروف جدا ويقوم بتنشيط الملتقيات الفكرية والمنتديات) قال واستهجن طلب الفتاة الجزائرية(باغية داري وحدي) معتبرا أن هذا يتنافى وخلق المرأة المسلمة(يا شيخ!!)

طبعا سأتكلم عن كل موضوع على حدى وأبسط كلام العلماء-لا كلامي أنا- فيه، إن كان في العمر بقية إن شاء الله.
لكن ما أود قوله اليوم وأنا على أعتاب الجنون وعلى حافة الانهيار أو جلطة تصيب دماغي، أن التدين ليس جلبابا أو قميصا أو اهتماما بتفاصيل المسائل الفقهية المرهقة والمختلف حولها.
((الدين المعاملة)).
وأنماط التدين المغشوش التي نراها لا تمت لأخلاق المسلم الحق.

وكل تلك النماذج لا تبشر بخير، وهم أكثر ضررا على الأمة من العوام والجهال والدهماء، كونك لا تستطيع نقاشهم أو اقناعهم، فهم معتدون بأنفسهم لدرجة التعالم والغرور، ويأخذون من الدين ما يناسب أهوائهم فقط، ولا يقفون عند حدود الله وأوامره ونواهيه.

كل ذلك ذكرني بقصة دم البعوض، عن أشخاص قتلوا سيدنا الحسين ريحانة شباب الجنة، ثم جاؤوا الإمام يستفتونه في دم البعوض!!

#شموسة

أعراس الجزائريين

أعراس الجزائريين:

حل شهر الصيف وكما يقول المثل الشعبي"الصيف ضيف" ... لما فيه من راحة واستجمام من بعد كد وجد وتعب طوال أشهر السنة الأخرى..
 فوائد الصيف متعددة ففيه يطول النهار, وتكثر فيه زيارة الأرحام, واغتنام الأوقات في تعلم شيء جديد ومفيد, وأخذ دورات في شتى المجالات والعلوم, وهو فصل تغتنم فيه الأوقات للطاعات وقيام الليل الذي يعوضه نوم قيلولة هنيئة, لايزعجك فيها أحد, وهو شهر الرياضة والرشاقة والفواكه المتنوعة والفيتامينات ...
لكن المأساة, إذا كنت تقضي صيفك في الجزائر, فلا نوم ولا راحة لا في الليل ولا في النهار,عادات جزائرية لاتراعي حق الجار ولا المريض, ولا الطالب المتمدرس، ولا الطفل الرضيع .
فشهر الصيف في الجزائر مرادف لكلمة عرس, حيث تقام الأعراس كلها وكأنها تتواطأ لتحرم عينيك لذة النوم أو الراحة ...
في الجزائر يُعدّ الناس لهذا "اليوم" أي يوم الزفاف لمدة سنة كاملة أو يزيد ويسمونها "ليلة العمر", حيث تصرف المبالغ الطائلة وتستنزف مداخيل ومدخرات كل أفراد العائلة لإنجاح هذا اليوم ...
في الجزائرصدق أو لا تصدق ...فأنت معزوم في كل الأعراس, وستحضرها رغما عنك, فأنت اذا لم تذهب إليها, تسافر هي إليك, في عقر دارك, فأصوات الموسيقى الصاخبة التي تصم الآذان, تتسلل من كل المنافذ في بيتك حتى لوكانت تلك المنافذ صغيرة بحجم منافذ دخول الهواء!!
بفضل تلك الأجهزة الضخمة الناقلة و المضخمة للصوت, والتي تنقل للجميع بدون استثناء ما يجري في تلك الأعراس من ضجيج وهرج ومرج و ألفاظ و أغاني أغلبها تحت خط الحياء…
وتعطي فكرة عن المستوى الفكري و الأخلاقي لأصحاب تلك الأعراس!!
ليس هذا فحسب , فقد انتشرت في الآونة الأخيرة, مايسمى بالمفرقعات والأبواق في حفلات الزفاف, فلو زرت الجزائر أول مرة, يخيل إليك أنك في سوريا أو فلسطين المحتلة, أوأي بلد أخرى تعاني ويلات الحروب, التي حفظ الله بلد الجزائر منها لكن الشعب الجاهل يريد تقاسم المأساة مع جيرانه المبتلين - "لا أقصد التقاسم الحقيقي الذي يظهر مدى تعاطف المسلم مع أخيه المسلم, بالطبع"-  فقد أبى إلا أن يحضر مظاهر الحرب والقصف وصوت المدافع وقاذفات الصواريخ إلى بلاده تحت مسمى "موضة الزهو بالمفرقعات النارية" ذات القوة الانفجارية الضخمة و الكبيرة, حتى تحسبها قنابل لطائرات مقاتلة في مهمات قتالية أو تدريبية أخطأت أهدافها ...
أما عن السيارات ومواكب الأعراس فحدث ولاحرج حيث أصبحت الموضة تقتضي الرقص بالسيارات في عرض الطريق متسببين بحوادث وكوارث مرورية لايدرك حجمها إلا أولو الألباب, وقد تم التفنن والعبث كل مرة بمايزيد في حجم المآسي.... ففي كل مرة يتم تطوير هذه الأساليب العجيبة ، آخر تطور حصل في هذا الاتجاه ، استعمال منبهات شبيهة لسيارات الإسعاف ومركبات الحماية المدنية في مواكب الأعراس... فأي جهل قمئ هذا !!
شعب حماه الله من الفتن والحروب وصوت سيارات الإسعاف, تجده وكأنه يسارع بجلب الفناء !!
تحدثني جارتي أنه كان لها في بيتها حمامات ترعاها, وفي أحد تلك الايام المشؤومة,التي كان بها أحد الأعراس الصاخبة, استيقظت صباحا لتجد كل الحمامات ميتة, بفعل صوت يكاد يثقب غشاء الطبلة, كان تأثيره واضحا على تلك الحمامات المسكينة, فهل وعينا مخاطر الموسيقى الصاخبة والتلوث السمعي بحق أطفالنا الصغار الرّضع ومستقبل صحتهم الجسدية والنفسية جرّاء هذا السوك المشين؟؟؟
ثم نتسائل فيما بعد لماذا تأتينا الأمراض ومن أين ؟
1- فقدان السمع.
2- التوتر العصبي.
3- الشعور بالضيق.
4- الإصابة بالصداع وآلام الرأس.
5- فقدان الشهية.
6- فقد التركيز وخاصة في الأعمال الذهنية.
7-الأمراض النفسية والعصبية
هي كلها نتائج حتمية لسلوكاتنا الهدامة وأعراسنا الصاخبة والمؤذية والمهلكة بالصحة الجسدية والنفسية والمستنزفة للمال, المتسببة بمزيد من الفقر والجوع...
الجزائر في رأس قائمة المصابين بالأمراض العقلية وعلى رأسها مرض الفصام الذي يكون منشأه الخوف والقلق, ويظهره إلى العلن الضغوط الاجتماعية والمادية ....فمن أين نشأ هذا كله؟
- طبعا الإجابة واضحة ....
وهنالك خطر آخر هو خطر التلوث السمعي الذي ينتج عنه المزيد من صمم الأطفال...فهل نعي خطورة هذا الأمر...؟؟
بالإضافة الى الإضطرابات النفسية والسلوكية الأخرى الناجمة عن هكذا سلوكات...
وفي المقابل هاته السلوكات مخالفة للعرف القانوني والإنساني والشرعي, ولكنك حين تقدم شكوى لاتجد ردعا أو نهيا أو تغريما للظالم, اشتكى والدي مرة هذا الإزعاج فأجابه ضابط الشرطة: "إنها ليلة في العمر"لوكنت مكانه لتصرفت نفس التصرف", يجب أن تصبر!!!
سبحان الله, أي ليلة في العمرهذه؟ هي* لياااااال* فكل شخص يقول أنها ليلة وليلة تلو ليلة، يذهب عمرك حسرات على صبرك عليهم!!!
الليلة الواحدة هذه صدقوني لن يذكرها أحد, ولاحتى أنت, ولن يبقى منها إلا ذكرى سداد الديون التي تراكمت عليك جراء ذلك، ولعنة المتضررين التي لن تبارحك, وغضب الله عليك وعلى زوجك, وعدة أمراض نتاج التعب والسهر والأصوات المزعجة....
المفرقعات النارية شيء جميل، لكن الدول المتقدمة تضع لها يوما بالسنة لتحتفل بها- ليس مثل مايحدث معنا كل يوم تسمعها عنوة- ويكون الإحتفال في مكان عام، بعيدا عن المناطق السكنية، لتفادي الإزعاج, والتسبب بزرع الخوف والرعب في النفوس الآمنة الوادعة للأطفال والمرضى والمسنين.... 
"لا أحد يمنعك من الفرح فهذا حقك, ولكن لتعلم أن أصوات المفرقعات والبارود وأبواق السيارات في ساعات متأخرة من الليل تؤذي المريض والشيخ والعجوز والحامل والنفساء وحتى من هو في سكرات الموت فاحذر دعوة منهم قد تذهب بركة زواجك.."


#من الأرشيف
#بقلمي شمس الهمة



تأثير البيئة والمجتمع والزمان في صناعة الفتوى:



تأثير البيئة والمجتمع والزمان في صناعة الفتوى:

(خواطر وقراءة في كتاب حجاب الرؤية لعبد الله بن رفود السفياني)

لطالما نفرت من الفتاوى السلفية -المتأخرة- حقيقة بسبب تشددها، وكنت بيني وبين نفسي أعزو سبب التشدد للبيئة السعودية الصحرواية التي تحكمها أخلاق البداوة ورباط التقاليد.
فأصبح للعادات حضور طاغي بضراوة وقوة، حتى امتلكت قدسية كقدسية الدين، بل اختلط ما هو عادة بما هو شرع ودين.

ومما زاد من يقيني بصحة اعتقادي أو جزئية صوابيته على الأقل أنني كنت أصادف لنفس القضية أو الموضوع فتاوى سلفية مصرية لكنها أرحم بكثير من الفتاوى السعودية وأسهل للتقبل وأكثر مرونة.

- من ذلك مثلا قضية ذهاب المرأة إلى المساجد للصلاة، فرغم أنه يوجد نص قاطع في المسألة ينهى عن منع المرأة من ارتياد بيوت الله، إلا أن للتشدد والتنطع حكمه وفتواه، فتجد غالب الفتاوى السعودية والخليجية تعطي الزوج الحق بمنع المرأة اذا كانت متعطرة أو كان هنالك سلوكات رجالية لا تحترم آداب المساجد، وكل ذلك تحت مسوغ سد الذرائع، وخشية الفتنة.

بينما لو تأملنا نص الفتوى ونص السائل نجد تناقضا رهيبا، فهذا الذي لا يستطيع منع زوجته من التعطر والتزين، كيف يستطيع المنع اذا كان الأمر متعلقا بالمسجد!!
هنا يتضح جليا أن العادات هي التي تحكم، وأن تلك البيئة لا تسمح للمرأة بالخروج خمس مرات في اليوم، وليس خوف الفتنة كما يدعون.

مرة أخرى أصادف نفس الموضوع للشيخ العدوي في احدى محاضراته يجيب فيها على هذا التساؤل فيقول:(( حتى المتعطرة والمتزينة نمنعها من ولوج بيت الله ليه؟يمكن تسمع لها كلمة حلوة ترقق قلبها للالتزام، فالمساجد فيها خير كثير، وهاتلي احنا حنستفاد ايه من المنع؟، بتقولي فساد في الشارع وفي أخلاق الناس اليومين دول، ايوة بتفق معاك، لكن ماهي هيا بتخرج تشتري وتخرج لأمور أخرى، بتمنعها المسجد بالذات ليه؟ ما يمكن بصلاحها يتصلح حال الأفراد والناس) انتهى نص كلام الشيخ.

- فتوى سياقة المرأة للسيارة، وماحملته من لغط كبير وسخرية واستهزاء من البعض- والتي شخصيا لا أوافقهم عليها- كانت بسبب طبيعة المجتمع السعودي، وطبيعة تفكير الرجال وشيوخ القبائل هناك، فلا يمكن بحال لمجتمع امتاز لحقبة طويلة بالبداوة وانتقل فجأة لبحبوحة مالية قفزت به قفزة كبير في عالم الحداثة والعمران أن يصبح متمدنا بين ليلة وضحاها.
وإني لأتخيل سطوة العادات والتقاليد على العلماء والمشايخ، وأوامر شيوخ القبيلة وتترسهم بالدين للاحتماء خلفه من تسارع وتيرة الحداثة على المجتمع، وخوفهم الشديد من انفلات الأمور، وهذا أمر طبيعي فلايمكن بحال مطالبة هؤلاء بأكثر مما كان، في وضع لم يكن استعدادهم كافيا، وهذا ينطبق أيضا على كل المجتمعات المتخلفة التي وجدت فجأة نفسها أمام تيار الحداثة الجارف.
ولطالما سمعت لأكثر من واحد من العلماء أنه لا يوجد نص بتحريم سياقة المرأة للسيارة، لكنها مشكلة أعراف وتقاليد ومجتمع غير مؤهل بعد.
لكن ما عابه الآخرون على علماء السعودية استخدام الفتاوى في تحريم ما لم يحرمه الله(ولعلي لا أفقه شيئا في الموضوع، لذلك لا أحب الولوج فيه).

- قصة أخرى توضج جليا تأثير البيئة على العلماء والمشايخ، ولعلي أذكر هنا مسألة تغطية الوجه بالنسبة للمرأة، والتي تجمع الفتاوى السلفية تقريبا على وجوب تغطية الوجه، بينما يخالف الألباني مع أنه سلفي ما يقول به جمهرة السلفيين، وقد حشد وهو خبير بالحديث والدليل ما يعضد موقفه ذاك، وله كتاب كامل حول الموضوع اسمه(الرد المفحم، على من خالف العلماء و تشدد و تعصب، و ألزم المرأة بستر وجهها و كفيها وأوجب، و لم يقتنع بقولهم: إنه سنة و مستحب)، طيب لماذا شذ الألباني في هذا عن جمهرة علماء السلفية؟ انها البيئة مرة أخرى، فالألباني عاش في بيئة لم تعرف نساؤها النقاب ولا غطاء الوجه، ولو عاش باحدى دول الخليج لكان له نفس رأي مشايخ السعودية ربما.
ولست هنا في معرض مناقشة وجوب تغطية الوجه من عدمه، انما أريد تبيان تأثير البيئة على العالم والمفتي.

- قصة أخرى سمعتها من أخي قال فيها واعترف لأول مرة بأننا نختلف عن المجتمع السعودي، يتداولها المداخلة والسلفيون عن الشيخ فركوس، يقول فيها أن بعض طلبة العلم المتشددين أوغروا قلب الشيخ ربيع المدخلي على الشيخ فركوس وقالوا بأنه مميع لأنه لوحظ أكثر من مرة حين يكون ماشيا رفقة الاخوة، تستوقفه المرأة للسؤال فيجيبها.
يقول أخي: أن الشيخ ربيع بعث يستفهم من الشيخ فركوس، فأجابه الأخير بأننا في الجزائر نختلف عن المجتمع السعودي الذي لم يعهد هكذا أمور، وأن المرأة في الجزائر تستوقف الشيخ بطريقة عادية ويجيبها بدون أن يثير هذا حفيظة أحد في الشارع الجزائري، لأننا مجتمع منفتح ولسنا مثل السعودية التي لا تحدث فيها هكذا أمور.

- مسألة أخرى أسوقها عن الشيخ فركوس، وهي نقاش حدث بيني وبين أخي مرة ذكرت له فيه أن الشيخ القرضاوي يجيز ذهاب المرأة إلى الحج ضمن رفقة مأمونة، فكان أخي يستنكر هذه الفتوى بشدة ويستهزئ بها وبالشيخ القائل، لأن مشايخ السعودية لا يجيزون هذا البتة.
 مرت أعوام على تلك المناقشة، ثم وقعت قدرا على فتوى للشيخ فركوس تجيز سفر المرأة للحج ضمن رفقة مأمونة، استشهد فيها بأن ابن عمر كان يحج بجاراته، وأدلة أخرى معها تعضد فتواه، وحين وضعت نص الفتوى أمام أخي اعترف بتشدد مشايخ السعودية، وأثنى على رأي الشيخ فركوس وقبل أدلته( وهنا يتضح جليا أن الأتباع انما يقدسون الشيخ، كونه لم يقبلها من القرضاوي، لكنه قبلها لأن شيخه قال بها).

- مسألة أخرى توضح تأثير البيئة على العلماء، وهي أنني قرأت الكثير من الفتاوى التي تقول بأن خدمة أهل الزوج ليست واجبة على الزوجة، وهذه الفتوى رائجة في أكثر من مذهب، وفتوى أخرى يقول فيها العلماء، لايجب على المرأة خدمة والدي الزوج المريضين وأن يقوم هو بخدمتهما أو استئجار خادم لهما.
 ‏لكن تفقدت فتوى الشيخ فركوس مثلا فوجدته يقول بأنها تخدمهم وفق العادة و ما تعارف عليه الناس.
 ‏تخيلوا معي لو أن الشيخ أفتى باستئجار خادم، هل ستكون الفتوى موضع قبول لدى الشعب الجزائري الذي لا يملك في قاموسه وأعرافه ثقافة الخدم مقارنة بدول الخليج مثلا.

- ومن ذلك أيضا فتوى تحريم الدراسة في الجامعة على الذكور والإناث بحجة الاختلاط، فتوى من أولئك الذين يوفرون ثانويات وجامعات غير مختلطة لأبنائهم وبناتهم، تصدر لنا نحن في الجزائر، حيث كل مدارسنا مختلطة، فهل راعى الفقيه ظرف البلد وضرورة العلم؟
مع العلم أن هذه الفتوى تسببت بضياع مستقبل العديد من النوابغ خصوصا الإناث، ووالله إني لأعرف شباب من الذكور كانوا من النوابغ، لم يكملوا تعليمهم الجامعي بسبب فتوى تحريم الاختلاط، وهم الآن يقاسون الويلات في سبيل لقمة الخبز، أما مستواهم العلمي فقد تهدور للحضيض بسبب اللهاث وراء البحث عن عمل يوفر لهم حياة كريمة.
فهل نعطل عجلة الحياة والتعليم فقط لأن مدارسنا مختلطة؟

ما أريد ايصاله من كل هذا افهموا مجتمعاتكم وبيئاتكم، ولا داعي للفتاوى المستوردة التي لا تناسب طبيعة مجتمعاتنا.
ولعل كتاب حجاب الرؤية لعبد الله بن رفود السفياني يوضح الأمر أكثر ويتعداه لتأثيرات السياسة والأزمنة، والفتن وووو.
وهذا وصف الكتاب(( لأننا بحاجة إلى ترشيد نظر الفقيه والكشف عن كل المؤثرات في انتاج خطابه حتى يكون خطابه أقرب إلى الوصل للحقيقة. ولأن الأخطر في تلك المؤثرات هي المؤثرات الخفيه التي ربما لا يشعر بها الفقيه نفسه والتي ربما تتسلل إلى رؤيته وتؤثر على إنتاجه للحكم دون ان يشعر.
نفسية الفقيه عاداته وعادات مجتمعه... البيئة التي نشأ فيها..السلطة التي يخضع لها...كيف تؤثر كل هذه الحجب على رؤيته وخطابه وانتاجه الفقهي؟
وكيف يمكن للفقيه أن يدرك هذه الحجب ويعترف بها؟ ثم كيف يمكنه أن يتخلص منها ويخفف من آثرها ليكون أكثر قربا لإنتاج الأحكام على الوجه الأكثر قربا من الشريعة؟
هذا البحث قراءة جديدة لهذه الحجب، ونماذج لها، ومقترحات من أجل التخفيف من آثارها.))

ملاحظة: هذه مجرد خواطر ارتجلتها الآن، ولعل سبب أنها تتناول كلها الفتاوى المتعلقة بالمرأة، أني امرأة وبالتالي طغت بحوثي أكثر على موضوعات المرأة.
ولأن فقه المرأة من أكثر الموضوعات التي التبس فيها الشرعي بالاجتماعي.

اقتباسات من الكتاب:

- الفقهاء بشر ولذلك يعتريهم مايعتري بقية البشرية من مؤثرات ونقاط تؤثر بشكل مباشر في اختياراتهم وترجيحاتهم ولمحاولة تخفيف النظرة التقديسية ووضعهم في المنزلة الملائكية وادعاء العصمة لآرائهم واختياراتهم مما هز مكانتهم عند عامة الناس.

- بين أيدينا حديث خرجه البخاري قال:( لما عرس أبو أسيد الساعدي دَعَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ فَمَا صَنَعَ لَهُمْ طَعَامًا وَلَا قَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ إِلَّا امْرَأَتُهُ أُمُّ أُسَيْدٍ بَلَّتْ تَمَرَاتٍ فِي تَوْرٍ مِنْ حِجَارَةٍ مِنْ اللَّيْلِ فَلَمَّا فَرَغَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الطَّعَامِ أَمَاثَتْهُ لَهُ فَسَقَتْهُ تُتْحِفُهُ بِذَلِكَ .

وبوَّب عليه البخاري بقوله : باب قيام المرأة على الرجال في العرس وخدمتهم بالنفس.

واذا نظرت الى هذا الحديث علمت أن المجتمع النبوي لم تكن له عادة تمنعه من ذلك، ولم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم ذلك أو أحد من الصحابة الذين حضروا الدعوة، ولكنك اذا أردت أن تطبق ذلك على زمان الناس اليوم بحجة الإباحة فقد عرضت نفسك للتصادم مع العادات والتقاليد التي عزلت المرأة عن هئا الأمر واعتبرته منكرا من القول وزورا.

-ومن أفتى للناس بمجرد المنقول في الكتب على اختلاف عرفهم وعوائدهم وأزمنتهم وأمكنتهم وأحوالهم وقرائن أحوالهم، فقد ضل وأضل وكانت جنايته على الدين أعظم من جناية ممن طبب الناس كلهم على اختلاف بلادهم وعوائدهم وأزمنتهم وطبائعهم، بما في كتاب من كتب الطب على أبدانهم.

- يقول القرافي رحمه الله في الفروق:( لا تجمد على المسطور في الكتب طول عمرك، بل إذا جاءك شخص من غير اقليمك يستفتيك فلا تجره على عرف بلدك، واسأله عن عرف بلده، وأجره عليه وافته به دون عرف بلدك، والمقرر في كتبك، فهذا هو الحق الواضح، والجمود على المنقولات أبدا ظلال في الدين، وجهل بمقاصد علماء المسلمين والسلف الماضين.)

-وعلى الذين يتذمرون من عدم تقبل الناس للخلاف، وما يحصل من ردود قوية وصاخبة، أن يتفهموا الوضع جيدا، فالمجتمعات لدينا نشأت من فترة طويلة على فكرة الاتفاق، والائتلاف والقول الواحد ردحا من الزمان، واطلاعهم على الحقيقة الجديدة هو صدمة قوية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وهم بحاجة لفترة زمنية كافية للادراك والاستيعاب، لأن الصدمات الثقافية والاجتماعية، تختلف كثيرا عن الصدمات النفسية التي قد تزول بفعل الأدوية المخصصة أو مع الزمن اليسير.

- أليس لطبيعته النفسية وسماته الشخصية من لين أو قسوة، أو انطواء أو انبساط أو انغلاق أو انفتاح أثر في اختيار ما يناسب هذه السمات والطبيعة، وأن هذا التناسب يظهره الفقيه في صورة اختيار فقهي مدعم بالدليل، وهو قبل أن يسنده دليل شرعي، ساندته الطبيعة والجبلة؟!

هذه البيئة التي يعيش فيها الفقهاء كغيرهم بنواحيها الجغرافية من سهل وجبل وبر وبحر وضيق واتساع وبرودة وحرارة، ونواحيها الاجتماعية من قيم وعادات وأعراف وتقاليد، ونواحيها الثقافية والحضارية وأنماط الفكر، والعلم وطرائقه، ألا يمكن أن تؤثر بشكل أو بآخر في تعامل الفقيه معها ومع الحياة فيها، مما يكسبه طرقا معينة في الاختيار والترجيح!!


#شموسة

فرعون صغير


فرعون صغير!!

كنت في فترة الثانوية، عندما طلب مني والدي شهادة مدرسية من الثانوية التي أدرس بها، تحمست للأمر وعقدت العزم على تنفيذ الطلب وجعلته كتحد بيني وبين نفسي آنذاك.
توجهت وصديقتي التي كان لها نفس طلبي، فكلا أبوينا كانا في سلك التعليم، وهذه الشهادات تطلب من كل المنتمين إلى القطاع الحكومي، ما جمع بين أبوينا ليس فقط قطاع التعليم، ولكن كان بعد المسافة بين مكان العمل والسكنى، مما جعلاهما يوكلان المهمة لنا نحن الأبناء.
توجهت لمبنى الإدارة المستقل تماما عن حجرات التدريس، والذي كان يشكل لغزا ويثير فضول كل الطلاب لإلقاء نظرة عابرة أو ربما أخذ زيارة خاطفة إليه.
توجهت نحو مكتب نائب المدير، فلم يكن يسمح لنا بمقابلة **سمو المدير ** شخصيا، حتى أن أحدا لم ير شكل وجهه طيلة فترة تمدرسنا بالثانوية، والتي كانت ثلاث سنوات، فقد كان الأخير نادر الظهور، كثير الغياب مثل شبح( حتى أنك تحسبه وتتخيله *المعلم الكبير * الذي كان يوجه من بعيد *مراد علمدار*، يلبس السواد دوما ولم يسبق لأحد رؤية وجهه من قبل)،
كان من بين أسباب الغياب، أنهم يوكلون إليه إدارة أكثر من مؤسسة تربوية.
 قدمت الطلب، فطُلِب مني الانتظار ليومين أوثلاثة كأقل تقدير، مضت الأيام الثلاث على حالها ولم نُستدعَى لتسلم الشهادات، فتوجهت وصديقتي إلى مبنى الإدارة ثانية، فقيل لنا أن نائب المدير غير موجود، وبالصدفة التقيت احدى العاملات بالمكتبة، والتي شكلت معها صداقة جميلة لكثرة ترددي على مبنى الإدارة، فنصحتني بعدم تصديقهم ومتابعة التقصي عن أمر الشهادة، كما أنها طلبت مني انتظار نائب المدير للتأكد من - وجوده من عدمه - .
انصعت لطلبها وبقيت مكاني، حتى خرج نائب المدير من مكتبه الخاص، فقد كان موجودا به طيلة الوقت، تماما مثلما ذكرت لنا تلك العاملة الشريفة.
نقلت إليه استفساري وطلبي، فإذا بي أفاجأ بأنه وقع كل الطلبات، وأنها برفقة البواب"شريف"!!
هكذا كان اسمه، كانت نظرتنا المسبقة عن البواب أنه شخص صادق شريف، وكنا نكن له بالغ الاحترام.
فهو لا ينتمي لطبقة أصحاب القمصان الفاخرة، والبطون المنتفخة، الذين يتلاعبون بالمساكين أمثالنا، ويجدون متعة في التعالي علينا وتعذيبنا بسبب أو من دون سبب..
توجهت وصديقتي إلى مكتب البواب، فبحث الأخير في الشهادات الموجودة أمامه بضع ثوان، ثم أردف بأن طلبنا غير موجود وأنه لم يوقع بعد، ونصحنا بالعودة خلال يومين أو ثلاثة.
- يا له من كاذب.
همست لصديقتي، أتحدث عن نائب المدير ذاك.
صدقنا البواب بنية ساذجة بريئة، وعدنا أدراجنا، تكرر الأمر لمدة أسبوع ومسلسل التعذيب مستمر،
 وأولياء الأمور يلحون علينا بضرورة إحضارها قبل الموعد المحدد لتسليمها.
في اليوم الموالي توجهت وصديقتي إلى البواب، وكلنا عزم على فض الأمر بطريقة حاسمة، أو تقديم شكوى للمدير، توجهنا نحو مكتب البواب فصرخ في وجوهنا:
 - "بالأمس فقط قلت لكن أن شهاداتكن لم تجهز بعد، واليوم لم تصلني شهادات جديدة عودوا في المساء".
- ولكن والدي لن ينتظر، قال بأنه سيتقدم بشكوى للمدير، أرجو أن تبحث ثانية.
عند سماعه لكلمة "شكوى"، ارتعدت فرائسه، ولانت لهجته قليلا، وقرر البحث من جديد، وبينما هو يقلب تلك الأوراق، وإذْ بصديقتي ترمق شهادتها، واسمها، ضمن مجموع الأوراق التي تخطاها و تجاوزها، لتصرخ بأعلى صوتها:
- شهادتي... شهادتي..رأيتها.
قلب مزيج الأوراق من جديد، وتوقف عند الشهادة المذكورة، وأخذ يهجئ الإسم بصعوبة، ففوجئنا بأنه كان شبه أمي وأوراقنا ومصائرنا كانت تحت رحمة انسان جاهل و* مستبد*.
ترى لماذا يوكل بمهمة كهذه لإنسان أمي ؟
وماهي التعليمات التي أوكلت إليه، وهل كان أمر الإهانة متعمدا؟
وما الهدف من تعذيبنا طوال تلك الفترة مع كل جموع التلاميذ المنتظرين مثلنا؟
صدق أو لا تصدق إنها الجزائر!!
قبل أن يترسم يشتكي ويبكي "المهم وظيفة "... وبعد الوظيفة يتفرعن ويعطل مصالح المواطن.
فالواقف على باب الوزير يعتقد أنه وزير.. والحاجب على باب الأمير يعتقد أنه أمير.. وسكرتير الأمين أفقد سيده الأمانة.

وأذكر هنا اقتباسا لأحدهم يقول:( لكل مسؤول «حارسه» الذي «يهش» و «ينش» ويعض أحيانا. ويأمر .. وينهى.. وينهر.. ويمارس أفعالا منكرة لا يفعلها الكبار)..
والسبب أن من يجلس على مقعده الوثير خلف الحيطان والأبواب المغلقة قد اختار أن يكون بمعزل عن قضايا الناس وهمومهم.. ومتاعبهم..

والحقيقة أنه كلما بقي هؤلاء الصغار حراسا على أبواب الأكابر زادت معاناة المواطن حيث يتفرعن هذا الصغير المتسلط، وتكبر شوكته ويقوى عوده.
فالواجب من المسؤول أن لا يمنح صلاحياته، ويحتجب عن مراجعيه.
والواجب من المواطن أن لا يخاف أولئك الصغار، أو يساهم بنفخهم برشوته، بل يفضح سلوكاتهم، ويشكوهم لرؤسائهم، فقد تجد رئيسا صالحا وتابعا فاسدا.

#شمس

مقال قديم
من الأرشيف
* * * * * *

من الذاكرة

من الذاكرة:

في فترة التسعينات كان والدي شابا متحمسا، يفيض وجدانه عاطفة لهذا الدين.
كان اخوانيا، انضم لحزب الفيس، ليس رغبة في منصب أو تعصبا لحزب، انما كان حبا للدين، فقد كانوا الممثلين الوحيدين عنه في تلك الفترة.
فاز الفيس في أول وآخر انتخابات نزيهة بالجزائر.
فرح والدي مثل أقرانه كثيرا، وذات يوم وبينما هو يحمل الزرابي من البيت للتحضير لإحدى التجمعات، أوقفته والدتي خوفا عليه، وروت له رؤيا كانت حتى ذلك الوقت من الصباح تكتمها عنه.
والدي لم يستمع لها يومها، كان مأخوذا ومنتشيا وتملأه الحماسة والعواطف، قال لها:
- مابالك يا امرأة؟! هذا حزب قانوني، والدولة سمحت بذلك، ولقد فزنا في الدور الأول
إنها لحظات تاريخية، عليك أن تفرحي وتزغردي، نحن نعيش لحظة التغيير الحقيقية، وستكون الجزائر بخير، فالغد كله لنا.
رأت والدتي فيما يراه النائم، امرأة تتوعد جارنا أبا صهيب(وقد كان رئيس حزب الفيس بتلك المدينة يومها)
ورأت جنازة مسجاة، يصلى عليها، فسألت أحدهم :
لمن التابوت؟!
فأجابها:
-الشعب الحر قتلوه.
والدتي كانت ترى الرؤى، فتأتي مثل فلق الصبح، وكانت تجيد تأويلها أيضا.
والدتي أولت رؤيا المرأة التي تتوعد جارنا بأنها الفتنة(فالمرأة فتنة بالمنام)
أما الشخص الذي كان بالتابوت فقد كان صيديليا مشهورا بمدينتنا، وقد حمل الحلم اسمه فقط، فقد ثبت فيما بعد أن كل من قتلوا كانو من الشعب، وجل المناطق التي فاز بها الفيس المحل، تعرضت لمجازر تشبه حملات الإبادة المتعمدة.
فكيف يخيل لنا اليوم إسقاط أشخاص لم ننتخبهم في الأصل؟!
وكيف نتوقع من نظام قضى على الشرعية، وخيار الشعب آنذاك، أن يقبل بخيار الشعب اليوم؟!
فقط أتسائل:لماذا لا نتعلم الدروس؟!
#شموسة
*********
الصورة المرفقة لوالد الشخص المذكور بالمنشور، ولفظ (الشعب الحر) كان يطلق على جميع أفراد العائلة، رغم أنه لم يكن اللقب الخاص بهم، ولعل لتلك التسمية قصة أجهلها.

العيد

 تلك اللحظات الحرجة قبيل يوم العيد، ذلك التعب، والضغط، تلك الأمور التي أنجزت نصفها والنصف الآخر ينتظر منك اتمامه حالا، ذلك التوتر، وتلك الأع...