رسالة وصلتني بعلبة الصراحة(لم أستطع تجاهلها)، أتمنى ردودكن حول الموضوع:
قالت لي احداهن أنا دكتورة، وتقدم شاب لخطبتي عبر إحدى معارفي واستأذن في الحصول على حسابي على الفيس بوك، لنتعارف قبل الإقدام على أي خطوة، فوافقت..
تقول أنه من خلال حديثه بدى شابا جيدا، يعمل بتجارة الأحذية، فعائلته مشهورة بهذه الحرفة أبا عن جد، ويكمل دراسته الجامعية بعد أن توقف عنها بسبب ظروف، ودراسته آداب..
من خلال النقاش وجدته ملما جدا بشتى المعارف ومثقف بشكل أذهلني، وواضح أنه نمى عقله جيدا..محافظ على الصلوات كما يقول عن نفسه، ولا يفوت صلاة الفجر..
ثم أراد رؤيتي، فدللته على مقر عملي، ذلك أن والدي طلب مني ذلك، فقد أرهقنا الخطاب للرؤية الشرعية، رغم أني أخرج للعمل ويمكنهم رؤيتي من قريب أو بعيد دون تلك الزيارات.
قدم إلى مقر عملي رفقة صديقه، فوجدته شابا مقبولا، لكن للأمانة لم يرضني هندامه كثيرا..فهو يهمل أناقته قليلا..
كتمت الأمر، وقلت أن العقلية أهم من ذلك كله...وربما حين أتزوج أغير فيه قليلا..
على الفيس كلمني أنه رضي بشكلي، ثم ذكر تفصيلا لم يذكره من قبل، استشطت له غضبا...ألا وهو أنه يسكن بالريف..وحين لمته على ذلك قال أنه لم يتوقع أن أكون متكبرة وأحمل تلك النظرة الشائهة حول الريف..فوضحت له أني أكره القرى الصغيرة، بسبب عقلية الناس هناك...لا أستطيع قيادة سيارتي..لا أتمكن من زيارة مدرسة قرآنية، ولا صالة رياضية..أولادي لن يكون لهم فرصة الالتحاق بمسبح أو فريق رياضي ووو..
بعدها هدأ، وتفهم موقفي، وقال أن قريته لا تبعد عن مركز المدينة كثيرا، ويمكننا فعل أي شيء نرغب به..والناس عندهم متفتحون...فليست قريته من مناطق الظل المعزولة..أو النائية..فقبلت بالءمر اطلاقا من تلكم المعلومات التي أخبرنيها.
بعد أسبوعين جاء لزيارة ثانية مفاجئة، ليسأل عني الناس بمدينتي، حتى يقدم على خطوة جادة..
وفوجئت به يزورني في مقر عملي..بنفس ثيابه التي جاء بها المرة الأولى..(بعد أسبوعين).
وحين خرجت من عملي، كانت هنالك شاحنة صغيرة من نوع (Toyota) تتبعني إلى باب منزلي..اكتشفت بعد ذلك أنها تخصه، وكان رفقة ابن خالته يتبعونني للحصول على عنوان بيتنا..
فانقبض صدري لذلك السلوك..ونفرت من الأمر..
وحين تحدثنا قال أنها سيارته، وأنها توقفت بهم في منتصف الطريق حتى حل الظلام..
فعقبت أنها سيارة مناسبة لفلاح أو خضار، وليست مناسبة للسفر الطويل، ولا للعائلة..
فغضب كثيرا، واعتبر ذلك تكبرا، وقال أنني حين أصبح زوجته سيقلني بها إلى العمل، وسألني إن كنت أقبل بهذا..فأجبته أنني أفضل المشي على أن أركب شاحنة خضر..
فأسمعني موشحا من الانتقادات، وقال أن الأوربيات يركبن مثلها ونحن الفتيات العربيات نتكبر..
وأنه لن يسمح لي بالذهاب إلى عملي ماشية، مادامت السيارة موجودة..
فغضبت وصدمت لطريقة تفكيره تلك..تفكير بدائي يحرم المرأة من المشي فقط لأن السيارة موجودة..
وماذا عن السعرات الحرارية بجسمي، وماذا عن فائدة المشي لصحتي؟
كيف يعقل أن أمنع من المشي، فقط لأن السيارة موجودة؟
وماذا عن بريستجي، ومقامي، كيف لدكتورة أن تركب شاحنة خضر؟
فقال أن هذه هي عقليته، وأنه يحب البساطة، لا الزوخ والفوخ..وأنه يملك المال، لكنه يفضل سيارته تلك على أن يقتني غيرها..ووو الكثير من هذا الكلام..
هذا علما أنني لم أشترط عليه نوع سيارة محدد، انما قلت له أفضل المشي على ركوب سيارة خضر.
وافترقنا لهذا السبب التافه.
فهل حقا أنا مخطئة ومتكبرة؟ وهل حقا البساطة تعني القبول بسلوكات بدائية؟
************
من وجهة نظري الشخصية:
لست مخطئة، وأنتما تنتميان لبيئتين مختلفتين..لذا هذه المشكلات متوقعة جدا.
تذكرت في هذا الصدد صحفيا سعوديا من الأثرياء، تزوج بفتاة أوربية، ويقوم بتصوير حياته اليومية معها، وتعريفها بثقافتنا، وعاداتنا...ما لفتني في الموضوع أنها تظهر معه بثياب مكشوفة جدا(ترتدي الشورت).
ولم يجد شيئا يعلمها إياه من عاداتنا، سوى أنه ألغى اسمها بالكامل، وقام بتكنيتها(أم تركي)، وعلمها أن تأكل الطعام بكلتا يديها بطريقة بدائية جدا، بدون شوكة ولا ملعقة..
تقززت كثيرا للأمر، كيف ترك تعليمها الحشمة على الأقل، (والتي هي من صميم عاداتنا)، وراح يعلمها أمورا تسيء لنا كعرب وتظهرنا بمظهر المتخلفين..
في إحدى حلقات برنامج سوار شعيب، أيضا قام المذيع "شعيب" باستضافة عارضة أزياء أوربية، وأجبرها على تناول الطعام بشراهة بكلتا يديها، وهو يقول (نعلمها عاداتنا، عاداتنا) طيب ما لقيت من العادات الحميدة سوى عادة أكل الطعام باليد؟ سبحان الله!!
(كملاحظة صغيرة لجناب المفتيات*ريحولي جمالكن*، لسنا بصدد مناقشة حكم الأكل باليد، وأنه موجود في الإسلام، إنما تقززت من الطريقة يضع الطعام براحة يده، ثم يقوم بضمها لتخرج بحجم البيضة، ثم يفتح فاه على مصراعيه مثل ثور في البرية، ويدخل اللقمة العملاقة إلى فمه بشراهة).
وتذكرت أيضا قريبة لي، حين قلت لها أنها تهمل نفسها، ونظافتها، فقالت أن زوجها يكره أن تتزين له، ويكره المكياج، ويحب البساطة، يحب رائحتها حين تكون معبقة برائحة دخان(الكوشة تاع العرب)، وحين تعصب رأسها مثل جداته..ووو الكثير من هذا الكلام الذي يعتبره هذا الزوج بساطة وأصالة.
قصة أخرى حدثت لوالدي حين انتقلنا إلى مدينة برتبة (دائرة)، كانت تعاني انقطاعات طويلة ومتكررة لمياه الشرب، لذا قام والدي بالتحدث مع الجيران لتقديم شكوى حول الأمر، لكنهم رفضوا تقديم الشكوى مبررين أنهم في الماضي كانوا ينقلون الماء فوق الدواب لمسافات طويلة، لذلك يجب أن نحمد الله على نعمة الحنفية، وكتر خير الدولة!!
قصة أخرى ترويها طبيبة قالت أنه عند الرؤية الشرعية جاء رفقة والدته التي جلبت كيلوغراما من السكر، لا ورد ولا شكولا، ولا باتيسري..تخطب طبيبة بكيلو سكر!!
وحين رفضت اتهمت بالتكبر!!
ربط البساطة والأصالة بالسلوكات المتخلفة والبدائية، دليل على عقل مكعب، وذهنية متخلفة، وهو غير مقبول البتة..هذا دليل أننا أخذنا قشور الحضارة، ونعيش بقيم جاهلية..فالانسان المتحضر يرتقي بأفعاله وسلوكه..والتحضر مطلب دعى له الرسول صلى الله عليه وسلم.
وربط التواضع بالرضى بالذلة، واستصغار النفس، والرضى بالدون من العيش خطأ فادح..
وفي هذا يقول شريعتي أن الفقر، ونمط العيش السهل المريح الخالي من التحديات والتعقيد، في أحايين كثيرة خيار وليس قدرا محتوما:
”الزهد نوع من الاستحمار، لأنه يأمر الانسان ان يترك حقوقه الاجتماعية ،وحاجاته الطبيعية جانبا، ويقطع حبل الأمل منها جميعا ، ويبقي الانسان مرتبطا بحاجات بسيطة جدا ، لا تتجاوز حاجات الحيوان".*طبعا لا يقصد هنا الزهد بمعناه المحمود.
#شمس_الهمة