الأربعاء، 21 أكتوبر 2020

هل تتمنى العيش في الزمن الغابر؟!

 

هل تتمنى العيش في الزمن الغابر؟!

هل تتمنى أن تعيش في زمن الأمويين، أو قصور العباسيين، أو تتمنى لو يرجع بك الماضي لزمان الأندلس؟
اطمئن، لست الوحيد، فعدد كبير إن لم أقل الغالبية من المسلمين يحلمون بهذا.
طيب لماذا؟!
ببساطة لأننا علّمناه أن المجد والعزة والسعادة كانت فقط في الماضي!
شخصيا لست ممن يتمنون العيش في الماضي، ولن أكون من هؤلاء، أقرأ الماضي وأحن إلى سلفنا الأولين، لكنني لا أتمنى البتة العودة إلى الماضي، ولم يراودني حلم العيش في حقب زمنية غابرة.
حقيقة لا يروقني البتة طائفتان في مجتمعاتنا العربية، واللذان يتعاملان مع الماضي بطريقة الإنكار أو الانبهار.
فطائفة منهم يصيحون غاضبين ولسان حالهم يقول بأنهم خدعوا وأنه لا يوجد شيء اسمه الحضارة الاسلامية.(التاريخ المثالي المزيف، الأبطال الوهميون طلعوا ماسونيين... وووو. وعادة يتكلم هؤلاء بلكنة منفعلة تصلك ذبذباتها السلبية من وراء الشاشات والصفحات.
وهذا الكلام الذي يرددونه خيانة للموروث الاسلامي، وتنكر لحضارة شهد لها الأعداء قبل الأصدقاء.
أما الفريق الثاني فهو مبهور يعيش في الماضي يتكلم بالفخر وأمجاد الماضي قرير العين، يردد القصائد، والمعلقات، والمرثيات، ويبكي على الأطلال، ويحلم بتقلد السيف، والرمح، وامتطاء الحصان، وخوض الحروب، وللأسف هذه الأحلام اللذيذة تفعل فعل المخدر وتقعد بنا عن العطاء والتقدم.
وللأسف السواد الأعظم من كتاب البلاد العربية أو الناطقة بالعربية ينقسمون لهذين الفريقين !
يقول أحد الكتاب: "نحن العرب أمة «ماضوية» تنظر قليلاً أمامها وتنظر طويلاً وراءها.
نحن شعوب ماضوية للأسف، نتعامل مع التاريخ كما يتعامل المدمن مع إبرة الكوكايين، نحن لا نقرأ التاريخ لنفهم الواقع ونستلهم التجارب للمستقبل.

هذا التعلق المرضي بالماضي يؤدي بطبيعة الحال إلى الانكفاء على الذات ونبذ العالم والانكماش في التعاطي والتعامل معه وكذلك يؤدي لكره كل مختلف لا ينتمي لذات المنظومة وذات الثقافة ونفس الماضي الذي انتمى إليه.
سنظل نعيش في الماضي وحلم العودة إلى الماضي، تاركين الحاضر وذاهلين عن المستقبل وغائبين عن الوعي فى حالة أشبه ما تكون بحالة المتعاطي للمخدر بكثافة فصلته عن الواقع وغرّبته عن الحاضر المحيط.
نعيد الماضي ونستعيده، ونعيش فيه عيشاً تاماً، ولا نغادره البتة
ذلك الماضي الذي يحجب عنا الحاضر ويغيب عنا الواقع ويغرقنا في أحلام وذكريات لن نفيق منها إلا ونحن مفارقون للحياة وراحلين عن الحياة، بدون بصمة المسلم في الوجود.

أتعلمون بم يجب أن نحلم؟!
وماذا يلزم أن نتمنى؟!

أنا لا أفتأ أقلب النظر في واقعنا وآمل أن أفهمه، حتى أتمكن من التغيير فيه بإيجابية.
ولا أفتأ أعيش مخيالا يحلق بي في عالم المستقبل، فأراني تارة أكتب رواية خالدة تعالج قضية إنسانية أو وجودية، وتحمل للعالم رسالة الإسلام التي تخلصه من الشقاء الذي جلبته حضارة المادة.

كما لا يروقني حقيقة منظر أم تعلم ابنها طرائق الزهد وبغض المال، بقدر ما أتمنى أن أرى أما تفتح آفاقا من الفكر لأطفالها فتعلمهم أن المال قوة وبإمكاننا التغيير في العالم إذا كنا نملك المال، فنشتري الملاعب ودور الأزياء، ومؤسسات الصحافة والإعلام. وما تجارب اليهود منا ببعيدة، ولعلي أذكر مثالا قريبا عن دول الخليج التي يتساقط عليها المال كما تتساقط الأمطار، وإذ أساء هؤلاء القوم استعمال المال فلن نعدم أجيالا تخرج من أصلابهم تغير واقع الحال، ورغم ذلك تأبى السنن إلا أن تفعل فعلها، أتذكر قصة مدير لأحد أشهر الأندية الرياضية الذي أسلم عقب زيارته لإحدى دول الخليج وذلك بعد أن أصبحت ملكية النادي لدولة خليجية. وقال أنها أول معرفة له بالإسلام والمسلمين.
متفائلة أيضا باستضافة قطر لكأس العالم، والتي ستجلب هؤلاء القوم من أقاصي الأرض، إلى دولتنا العربية المسلمة، وكم من الفعاليات التي ستكون موجودة للتعريف بالإسلام.
أحلم بمخرجين عرب وصانعي أفلام يؤثرون في العالم وينقلون له رسالة الإسلام.
بقدر ما أخاف التكنولوجيا والتقنية الحديثة، بقدر ما يدفعني هذا لا لإلغاءها من حياتي والانزواء في عالم ما قبل التكنولوجيا، إنما أحلم أن يبدع المسلمون في هذا المجال فيتفوقون على شركتي غوغل وفيس بوك، وحتى اليوتيوب، ثم تقنينها لتناسب الأخلاق الإسلامية وفرض قوانين أخلاقية ليصبح هذا العالم آمنا لكافة الإنسانية.
باختصار أحلم بأن نملك المال والإعلام والقوة، ونطور العلوم الفكرية والإنسانية.

ختاما:

كثيرون يمقتون هذا الزمان، ويتشائمون منه، ولا يستشفون منه سوى سواده، لكنني صدقا أعتبرني محظوظة لأن الله اختارني لأعيش في هذا الزمن، ولمعرفة السبب ينبغي معرفة كيف تكون دورة الحضارة(نشوء فازدهار فأفول)، ولا أجمل من أن تعيش زمان النشوء لأي حضارة خصوصا إذا كانت حضارة أمتك، (والأولون الأولون أولئك السابقون)، ولا جرم أن الجيل الذي يعايش فترة النشوء هو الجيل المكلف بالتغيير والجهاد والثورة والنضال، وتحمل الآلام والمتاعب والمصاعب على غرار خطى الأنبياء والمصلحين.ذلك الجيل الذي يشكل الانعطافة الحقيقية وحجر الزاوية الذي يغير مسار الأمم والتاريخ، و هو الجيل المبشر بأفضل الثواب والأجر.
لا أجمل من أختم خواطري المبعثرة بمقولة سيدنا علي رضي الله عنه وأرضاه حين قال:
(( لا تربوا أولادكم كما رباكم آباؤكم ،، فقد خُلقوا لزمان غير زمانكم))
ولهؤلاء المخدرين بمخيال الماضي أقول ما قال الشاعر العربي:
ليس الفتى من يقول كان أبي*** إنما الفتى من يقول ها أنذا

#شمس_الهمة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

العيد

 تلك اللحظات الحرجة قبيل يوم العيد، ذلك التعب، والضغط، تلك الأمور التي أنجزت نصفها والنصف الآخر ينتظر منك اتمامه حالا، ذلك التوتر، وتلك الأع...