سؤال الحجاب والحياة:
الحجاب هو فرض على المرأة المسلمة شأنه شأن الصلاة والصيام وسائر الفروض، وهو يمثل قضية هوية بالنسبة للفتاة المسلمة، فلا يمكنها التفريط به أو التنازل عليه، وقد شرعه الله لحماية المرأة وصونها وتكريمها، بحيث يتم تقييمها على أساس عقلها وفكرها وليس شكلها، فلا يترك فرصة لأصحاب الغرائز لامتهانها بسبب جسدها وشكلها بطريقة استعبادية أضحت تمثل رقا معاصرا، تمتهن فيه المرأة فترة شبابها ثم يلقى بها إلى الشارع.
الحجاب الساتر بشروطه الشرعية لا يمثل عائقا للأنثى للانطلاق في الحياة، ولا يقيد حركتها ولا يعيق عملها، إلا ما كان مبالغا فيه كما يحاول بعض المتشددين إفهامنا أن الحجاب السعودي أو الخليجي هو الشكل "الحصري" ، فيبالغون في تغطية جسم المرأة وعينيها وقدميها بطريقة من لا يزال ينظر للمرأة بطريقة غرائزية كما ذكر مالك بن نبي حين قال أن الصنف الذي يحاول تعرية المرأة والصنف الذي يبالغ في حجبها وتغطيتها، كلامها ينطلق من فكرة غرائزية تعتبر المرأة مجرد جسد، مع إهمال لعقلها ومواهبها وملكاتها.
والعري والستر المبالغ به كلاهما، يولد في بيئة قتلتها الرفاهية والفراغ.
ويقول صاحب كتاب (ثقافة العري أو عري الثقافة) أنه حينما لا يكون العمل جادا تبرز التبرج والزينة، ويفكر كل واحد في هندامه وشكله.
وحينما يكون الحديث عن العمل والإنتاج، يختار النساء والرجال الهندام البسيط ويقل لديهم الاهتمام بالتنسيق والتزويق.
فكلما كان المجتمع أكثر جدية، كانت المرأة أكثر احتشاما.
فالمبالغة في البهرجة والزينة واقتناء الملابس الباهضة والماركات العالمية دليل تخلف وليس دليل تحضر
ففي كتاب علي شريعتي "مسؤولية المثقف" ذكر الكاتب أن النساء العربيات يرتدين ملابس أفخم من النساء الغربيات، وأن العمارات الحديثة بدول كالبرازيل والكويت أكثر فخامة وأسطورية بحيث قد لا نجد لها نظائر في أوربا كلها.
وذلك بسبب مركب عقدة النقص الذي نعاني منه في مجتمعاتنا المتخلفة، ولا مفر أن تفضي عقدة التأخر إلى الإفراط، الإفراط في التقدمية وإظهار التقدم.
والحايك الجزائري كما اللباس السعودي ليسا عمليين فهما يناسبان امرأة متفرّغة للبيتوتة، ولا تعمل خارجا، ولا تسهم في المشاركة المجتمعية بمجالاتها الواسعة كالتطبيب والتمريض وغيرها...فالمرأة اليوم في مجتمعنا تكاد تحضر في كل الميادين.
فهل يُمكن أن نتصور المرأة العاملة المعاصرة ترتدي الحايك، و تمارس وظيفتها وهي ترتدي لباسا غير عملي ؟! .. إن هذا غير ممكن ..
واللباس النسوي الخليجي أو السعودي ليس هو" النموذج الوحيد" لما يمكننا وصفه باللباس الشرعي .. إنه لباس تقليدي في بيئة ثرية المرأة لا تحضر فيها بقوة .. فالظروف المزرية التي تعانيها المرأة في البيئات الفقيرة كالجزائر ومصر ووو ، والمناطق الريفية، تختلف تماما عن ظروف النساء الخليجيات المرفهات خلف المشربيات.
لماذا يتهجم على حجاب المسلمات في كل حين؟
أما الدول الأوربية فهجومها على الحجاب ينطلق من عدة أسباب، سبب إيديولوجي و عقائدي، فهم يمقتون الرمز الذي يمثل الإسلام بشدة، ويحقدون على المسلمين من أيام الحضارة الإسلامية الزاهرة التي يخافون عودتها بقوة.
وسبب اقتصادي، فالحجاب يشكل خسارة كبيرة للشركات الرأسمالية التي وجدت في المرأة رواجا لسلعها، وفي هذا يقول المدون ياسين إعمران:
(( ذلك لأن الحجاب هو وحده ما يقف أمام تغوّل موضة الملابس النسوية .. مبيعات الملابس النسوية في العالم تفوق مبيعات الرجال بمائتي مليار دولار حسب تقارير غربية .. وهو رقم لا يستهان به .. الموضة المتوحشة لكل فصل والتي تأتي بجديد في كل سنة تجعل الإنسان يسقط في دائرة استهلاكية لا تنتهي .. هذا التغوّل وهذا التوحّش الرأسمالي حاول ولا يزال أن يخترق فكرة الحجاب الذي يعزل قيمة المرأة عن فكرة " اللباس " و " الجسد " ..
أما الذين يهاجمون الإسلام من بني جلدتنا فغالبيتهم منهزمون فكريا وثقافيا، ويقلدون الأمم الأخرى في القشرة الخارجية، في الملبس والمأكل، تقليد المغلوب للغالب بسبب عقدة الانهزامية، ظنا منهم أن هذه الأمور هي التي تصنع الحضارة.
لذا فالحجاب فكرة اجتماعية وثقافية وحضارية أوسع ممن يضع لها صورة نمطية معينة.
#شمس_الهمة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق