عن مشكلات الزواج في الجزائر(من وجهة نظر البنات):
الكلام الذي سأكتبه، ليس قاعدة ولا نظرية، ولا قانونا، هو مجرد رأي شخصي، انبثق عن تجارب شخصية، وملاحظات ومشاهدات من الواقع والبيئة المحيطة، إضافة لوسائل التواصل الاجتماعي ونقاشات الفيس بوك المختلفة من مواضيع الخطبة والزواج وأبجديات الحياة، وألفباء العيش الطبيعي المشترك.
جميل أن نحلم، ونتمنى، ولكن الأجمل منه أن نفهم محيطنا، حتى لا تصطدم أمنياتنا على صخور الواقع المر الأليم.
موقع المجتمع الجزائري مع نظراءه العرب:
كنت ولا زلت أردد مقولة قد يغضب البعض لدى سماعها ألا وهي( الجزائر متخلفة بسنوات ضوئية ليس فقط عن الغرب، إنما عن أشقائنا العرب)، طيب لماذا؟! وما هي الأسباب؟!
وهل هذا التخلف بأيدينا؟
الجواب: قطعا لا، لسنا المتسببين عن هذا الوضع.
فالجزائر ليست مثل بقية الدول العربية فقد عانت البلدان العربية انتدابا وحماية، بينما عانت الجزائر أسوء احتلال عرفته شعوب العالم، دام لقرن ونيف، عمد فيه المستعمر لمحو هوية الشعب، وطمسها، وقام بتجهيل أهله، ومنع كل وسائل لنهضته.
ثم تحررت الجزائر، وحاولت النهوض من جديد، فإذ بمأساة أخرى تضرب هذا البلد المنهك، ألا وهي العشرية السوداء، التي تسببت بعودتنا لنقطة الصفر أو ماتحت الصفر، فأيامها تدهور التعليم والحركة الثقافية، ومنع الدعاة والعلماء، وضيق عليهم.
الحركة الدينية والثقافية في المجتمع الجزائري:
أثناء حقبة العشرية السوداء عمدت الحكومة للتضييق على التجمعات الثقافية و الدينية ومنعت الحريات، وضيقت على الدعاة والعلماء، وكذا فعلت مع دور النشر والكتاب والمؤلفين والأدباء، فأقفرت الساحة من النخب الموجهة للعوام، ومن الدعاة والعلماء المربين، وتقهقر المستوى وانحدرت الأخلاق وعم الجهل.
وحين انقشعت تلك الغمامة السوداء، عمدت الحكومة لمخطط خبيث آخر ألا وهو نشر مذهب مرجئة العصر وغلاة الطاعة وتقديس الحاكم(المدخلية)، لضمان بقاء المسؤولين في كراسيهم دون رقابة أو محاسبة، وكان من آثار نشر المدخلية والسماح لها دون غيرها من الحركات الدينية متعمدا للأسباب المذكورة، بينما تم التضييق على الآخرين.
وجلب هذا المذهب التشدد والتنطع وأخلاق البداوة الخاصة بالمجتمع السعودي، فأصبحنا نرى نماذج تدين شوهاء.
ولأن المجتمع كان متعطشا لسماع الدروس والمحاضرات وكلام العلماء الذي حرم منه لعقود، فإن أول معرفة له بالمدخلية ظن معها أنها هي الإسلام الحقيقي، وكان أشد لصوقا واعتقادا، وتمسكا بها، وتمكن الفكر المدخلي من الشاب الجزائري وتغلغل في مساماته.
والسبب كما يقول الشاعر:
أتاني هواها قبل أن أعرف الهوى **** فصادف قلبا خاليا فتمكنا
وأكثر ميزة للفكر المدخلي هي بث الفرقة بين أبناء المسلمين، التعصب، وعدم إعمال العقول، أو فتح القلوب، وانعدام المرونة، وسوء الأدب والأخلاق مع المخالفين والمذاهب الأخرى وكذا العلماء.
لذلك هو فكر هادم تعطيلي ولا يعول عليه لنبني فردا ولا مجتمعا ولا أمة.
إضافة لتضييقه على المرأة، وممارسة التسلط، وتغليب الهوى، وتحريم الدراسة والعمل والاختلاط.
ونظرة عامة في البيئة والمحيط ووسائل التواصل الاجتماعي ستقودك أن نصف الجزائريين يعتنقون هذا الفكر، والنصف الآخر يعتنقون الفكر الغربي، وإذا بحثنا عن نموذج المسلم المعتدل الحق فسنكون كمن يبحث عن إبرة في كومة قش، قد يستغرب البعض هاته النسبة لكن الكثير من الشواهد تؤكدها منها أنك إذا أردت أن تسأل جزائريا أن يذكر لك مرجعية دينية واحدة في الجزائر فسيتلعثم، وربما ذكر لك أنه يأخذ دينه عن الشيخ رسلان أو ربيع المدخلي وفي أحسن الأحوال سيقول لك الشيخ فركوس، ومع احترامي للشيخ لكنه يمثل تيار المدخلية بالجزائر، وكون الشعب لا يعرف شيخا غيره فإن هذا مؤشر على غياب المرجعيات الدينية المعتدلة في الجزائر، ولحد الساعة لا يعرف الناس أسماء علماء الجزائر من غير الشيخ فركوس.
وهذا الفكر تلبس الجزائريين كتلبس الجن دون غيرهم وهذا بشهادة نخب وأفاضل من السعودية ومصر وغيرها، وقالوا أنه لم يعشش في بلداننا لأننا نملك دعاة وعلماء ومشايخ مؤثرين عكس الجزائريين.
لذلك أحد المشاكل التي تواجه الفتاة الجزائرية إن حلمت بزوج دين ملتزم أنها ستصطدم مع شخص يأخذ دينه عن ربيع ورسلان وستقابلها عند الخطبة أو بعد الزواج هذه الأشياء وعليها أن تستعد لها وتتوقعها( ممنوع الدراسة لأن الاختلاط حرام، الجامعة حرام، العمل حرام، الذهاب إلى المسجد سيقول لها صلاتها في بيتها خير، الفيس بوك حرام وووو).
لذلك من لها أحلام وردية بإنجاب الفاتح ونصرة الإسلام ووووو فأبشرها أن هذه الأمور تتحقق لامرأة حرة، لا جارية أو محضية كل حظها من الحياة الانعزال والأكل والشرب والنوم.
كيف للمرأة أن تربي جيلا وهي حبيسة المنزل لا تعلم شيئا عن معارك الحياة؟!
كيف تربي جيلا قويا وهي لا تعرف كيف هي أحوال الدنيا وتقلباتها؟!
الوظيفة و العلم والدراسة وغيرها من أي دور تأخذه المرأة خارج بيتها، برأيي واجب شرعي في زمن أصبح فيه لزاما أن ننهض بأمتنا، وحتى نفعل ذلك يجب أن نفعل دور المرأة في المجتمع
دراسة لطبيعة وعقلية وتركيبة المجتمع الجزائري:
المجتمع الجزائري مجتمع يغلب عليه الأمية والجهل، للأسباب المذكورة آنفا في المنشور السابق.
لذلك أي مقارنة بين عائلة جزائرية وعائلة عربية أخرى ستكون غير متكافئة، ذلك أن المجتمعات العربية الأخرى تجاوزت الجهل والأمية بمرااااحل، ويظهر ذلك من خلال أسلوب الحياة (life style).
فالمتأمل للمسلسلات العربية وكذا الأدبيات والكتابات الروائية المعاصرة يلمس هذا الشيء، وأبسط شيء يتفوق فيه علينا الأشقاء العرب قضية السكن الشرعي المستقل، اتمام المرأة المتزوجة لتعليمها الجامعي ووو.
هذه الأمور تقريبا تجاوزها الأشقاء العرب، لأنهم ببساطة ناضلوا قبلنا، النضال أكيد لا يزال مستمرا في بعض مناطق الظل، لكن نتكلم بشكل عام هم سبقونا في هذا الأمر، بينما لانزال نحن نخوض معارك السكن المستقل(داري وحدي) مثلا. بينما تجد العائلة المصرية أو السورية قد تجاوزت الأمر ويسمح للزوجين الشابين بالاستقلال بمنزل منفرد.
وأكثر ما يميز أسلوب حياة العائلات الجزائرية هو عقلية (الحوانة أو العائلة الكبيرة)، ليس بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة فقط، فهي عامل مهم، لكن السبب الأكبر هو الجهل، وانعدام الثقافة الدينية فلا علماء قاموا بتربية الشعب، ولا نخب كتبت عن الأمر ولا مسلسلات سلطت الضوء على هذا المشكل العويص.
لذلك فالآباء والأمهات يتمسكون بالأبناء ولا يسمحون لهم بالاستقلال، ويغضبون أشد الغضب لمجرد فتح الموضوع.
أما الشباب فيعتقد للأسف أن هذا من البر والدين، وأن الاستقلال ببيت مستقل هو عقوق وذنب عظيم.
ولا يخفى على عاقل ما تجلبه العائلة الكبيرة من مشاكل وانعدام للخصوصية والهناء والعيش في كنف الهم والغم وبالتالي انكماش الأحلام، وتبخر الإبداع، وتراجع مستوى الزوجين الفكري والثقافي، وبالتالي تردي مستوى الأبناء كنتيجة حتمية.
والأنكى أن الكثير من الشباب المتعلم والمتدين-للأسف-يرفض الاستقلال ببيت منفصل، ويعتبر الأمر منكرا من القول وزورا.
حقيقة لم أكن أستغرب ردود الشباب من العوام حتى صعقت حين وجدت بعض الشباب من المتدينين يسخر ممن تقول (داري وحدي).
واستغربت أكثر من تجارب شخصية عاينتها، فهذا طبيب يشترط على الزوجة العيش مع أهله، ويرفض قطع الحبل السري عن أمه، وهذا شرطي لا يعرف من الدين غير اسمه اشترط على خطيبته ارتداء الجلباب في البيت لأنه يسكن رفقة أخيه الوحيد، وكونها تعلم أن لهما طابقين طلبت أن يخصص لها طابق فيه مطبخ وحمام ولأخيه الطابق الآخر، فرفضت والدته الأمر وقالت هذه الحرباء تود التفريق بين أطفالي* عفوا أبنائي.
وهذا شاب آخر ذو مستوى أكاديمي مرموق فهو (بروفيسور) بالجامعة، طالت فترة عزوبيته، واستغرب الجميع أنه لم يجد فتاة تلائمه، فهو شاب طيب ذو أخلاق، وكل زميلاته والفتيات المحيطات به يتمنينه زوجا، ثم وأخيرا تزوج بمن اختارتها والدته، فتاة من الريف، لا تملك مؤهلا دراسيا، ولا تعلم عن الحياة والتكنولوجيا شيئا، وحين سأل عن ذلك، وكونه لم يختر من تليق به ثقافة وفكرا، قال بالحرف( أعجبت بأكثر من فتاة لأدبها وأخلاقها وثقافتها)، لكنهن لا يناسبن عقلية أمي التقليدية، ولا يقبلن العيش ضمن العائلة الكبيرة وأنا لا أود اغضاب والدتي.
شاب آخر كان يميل إلى زميلته في العمل، وكانت هي تلحظ ذلك، وتتمناه زوجا، وبعدها تزوج بأخرى انتقتها والدته، وفي يوم زفافه هاتف زميلته في العمل وترك زوجته لوحدها في يوم فرحها، والسبب أهله لا يريدون فتاة تعمل.
وهكذا للأسف يضطر الشاب الجزائري إلى الزواج بمن تختارها أمه، عوضا عن تلك التي يختارها قلبه وعقله.
حجج يستعملها هؤلاء لهضم الحق الشرعي للزوجة المتمثل في المسكن الشرعي:
كثير من الشباب يثور ويرغي ويزبد إذا أثير موضوع السكن المستقل، وبعضهم يتفهم بأنه حق ولكنه يعطي تبريرات واهية، يحاول بها إرغام الزوجة، ووضعها أمام خياربن أحلاهما مر، وأن الزوجة الصالحة بنظرهم هي من تضحي وتتنازل وتقبل بالعيش في كنف العائلة الكبيرة لقلة ذات اليد وأزمة السكن وغيرها من الأسباب التي تكون في غالبها واهية.
وذلك لأن هؤلاء يخادعون الفتاة، فأغلب هؤلاء الشباب لا يفكر بالمنزل المستقل بينما يبذر أموالا طائلة تفوق المائة مليون سنتيم لإقامة حفل الزفاف التي يدعو لها ثلاثة مائة صديق!!
ولم يفكر بضيق ذات اليد حين أقام كورتاجا يضم أسطولا من السيارات.!!
ولم يفكر بضيق ذات اليد حين أقام مهرناجا ليليا من المفرقعات والدي جي والفرقة الموسيقية!!
ولم يفكر بضيق ذات اليد حين أقام حفلة زواجه بصالة الأفراح المكلفة!!
سأجيبكم لماذا لم يكتف بحفلة عائلية صغيرة، ووليمة بسيطة؟
سأخبركم لماذا لم يخطر السكن المستقل بباله؟!
ببساطة الجهل بالدين والأحكام هو السبب الأول، فلو كان عالما بالشرع ملتزما به لكان المنزل أولوية تسبق الأمور الأخرى.
طبعا أنا لا أدعو للتمرد، والعصيان وعدم تقدير الأحوال والظروف، والأسر النووية لها ايجابيتها وسلبياتها، كما لبيت العائلة الكبير ايجابيات وسلبيات، لكن لنتفق ونناضل من أجل ترسيخ مفهوم أن المسكن المستقل والخصوصية حق شرعي للزوجة، حين نحقق هذا يمكن للمرأة أن تضحي أو تتنازل عن طيب خاطر.
عن مشكلات الزواج في الجزائر(من وجهة نظر البنات):
الزواج والخطوبة عبر وسائل التواصل الاجتماعي:
يتكلم الشباب غالبا أنهم لا يجدون الزوجة الصالحة، المصلحة، المثقفة وووو بينما هي أمامهم ومن حواليهم طول الوقت، سواء زمالة الدراسة أو العمل، أو فتيات الفيس بوك.
ولأن الخطبة مسؤولية الرجل، فإن الكثير منهم لا يفعل، ولو كان الأمر بيد الفتاة لانتقت من يعجبها بسهولة ويسر.
طيب لماذا؟!
لأنهم ببساطة يرغبون بمواصفات نعجة وليس زوجة صالحة أو مصلحة كما كانوا يتغنون، وحين تفاجئهم باستقلالية فكرها، ورفضها العيش في قمقم الطاعة الذي رسموه انطلاقا من عادات بالية يصرفون عنها النظر.
فالصالحات موجودات في كل زمان ومكان وكذا الصالحين، وإن كانت توجهات المجتمعات مؤخرا نحو الفردانية التي قطعت سبل التواصل وقزمت العلاقات الاجتماعية، وهذا انعكس سلبا على الشباب والبنات وصعب على كل طرف الإلتقاء بالشبيه، غير أن وسائل التواصل الاجتماعي اليوم وفرت هذا التعارف والالتقاء بسهولة ويسر، ولا أقصد هنا التعارف من خلال علب الدردشة والرسائل والشات المحرم، إنما من خلال إلتقاء العقول وتعارفها التي وفرتها صفحات ومجموعات التواصل الاجتماعي اليوم، من خلال مجموعات القراءة والنقاشات الفكرية والأدبية الراقية.
فمجموعات التخصص الواحد لطلبة الجامعات وموظفي أي قطاع، توفر لهم معرفة ببعضهم البعض من خلال مختلف المواضيع المتناقش حولها، فقد يرى الطالب على أرض الواقع الفتاة من نفس تخصصه الجامعي فتعجبه، لكن لا يعرف طريقة تفكيرها ورغباتها وميولاتها، وآراءها في مختلف القضايا الفكرية والدينية، على عكس لو عرفها في مجموعة الاختصاص على الفيس بوك، و الذي بطول العشرة والاحتكاك في مجموعة واحدة يمكن لكل طرف معرفة الشبيه، فهنا مكان التقاء العقول والأفكار، وأي زواج يكون بهذه الطريقة فسيكون ناجحا وهذا بشهادة خبراء، فالشاب لم يختر جسدا، والفتاة لم تختر بنكا، إنما التقت عقولهما على نفس الأرضية الفكرية المشتركة وبالتالي ائتلفت أرواحهما.
لكن حتى مع هذا يحجم الجزائري فلا يختار الشبيه، ويعمد إلى الزواج بطريقة تقليدية.
طيب ما هي الأسباب؟!
هناك أسباب كثيرة، ولعل أبرزها انعدام النضج العقلي والعاطفي في هذا الباب، وذلك لانعدام المستشارين والمتخصصين والحصص والبرامج التوعوية وكذا الدورات التأهيلية للمقبلين على الزواج في الجزائر، عكس الدول العربية الشقيقة الذين سبقونا في هذا الباب.
جانب آخر تتسبب به الفتاة الملتزمة الناضجة، وهي رفضها الزواج عن طريق الفيس خوفا من الأهل، أو استخفافا بهكذا نوع من الزيجات، واعتباره مغامرة ومقامرة غير محسوبة.
بينما في الحقيقة هي تضيع على نفسها الفرصة الأمثل للفوز بالشبيه، الشبيه الذي يفهم طريقة تفكيرها، ويشاركها نفس الأرضية الفكرية والدينية المشتركة.
ربما ما يحكمنا في هذه المسألة وغيرها تمثلات تسربت إلى أذهاننا من تجارب الآخرين، وأصبحت توجهنا إقداما وإحجاما، وكأننا نريد الشيء المأمونة نتائجه، فلا نلتفت إلى أننا بذلك نحرم أنفسنا من نعمة الاختيار واتخاذ القرار.
ففي أرض الواقع لا أحد يعرف الآخر حقيقة المعرفة مثلما يعرفه على الفيس.
وفي الواقع قد تكون الفتاة في بيئة معزولة كمدينة صغيرة أو قرية أو ماشابه، بحيث تتضاءل أو تنعدم فرصة عثورها على الشخص الكفء المناسب وذلك لانعدام وجود هكذا نماذج في البيئات المنغلقة التي يعشش فيها الجهل والتخلف وتحكمها العادات البالية.
والزواج صحيح بيد الله، لكنه رزق أيضا، والرزق لا ينزل هكذا من السماء، وقد ورد في كتب السلف عن الصحابيات جملة( التعرض للخطاب للتزوج يبتغين رزق الله).
والزواج عبر مواقع التواصل أصبح واقعا وضرورة في ظل الفردانية، وقطع صلة الأرحام، وانعدام علاقات اجتماعية سوية.وهذا الزواج ينطبق عليه ما ينطبق على الواقع من شروط وضوابط شرعية من ضرورة وجود وسيط (أنثى) تكلم الفتاة، لا أن يكلمها بنفسه كي لا يستدرجمها الشيطان إلى ما لا يحمد عقباه.
فعلى أرض الواقع قد يلتقي الشاب فتاة في السوق، أو إحدى المحلات فتعجبه من خلال انضباطها وسمتها وحياءها، فيعمد فورا إليها لطلب عنوانها(وهذا خطأ* فسيكولوجية الأنثى ترفضه بسبب الخجل)، أو يقوم بمراقبتها عن كثب حتى يعرف منزلها، ثم يتقدم لها.
ووسائل التوصل الاجتماعي اليوم لا تختلف عن الواقع ففيها شوارع ومجمعات، وملتقيات تكفل للشباب المعرفة الأولية.
سلبيات الزواج عبر مواقع التواصل:
لكل أمر سلبياته وإيجابياته، ووسائل التواصل الاجتماعي مما استحدث مؤخرا، لذلك لا يملك الناس المعرفة اللازمة عنها، وفقه التعامل معها.
لهذا ينبغي القراءة والبحث مطولا في الأمر ومعرفة خباياه ومزاياه.
وأكثر شيء يواجه الطرفان اللذان عرفا بعضهما عبر الفيس هو مدى تطابق الحقيقة مع الخيال.
فيضع كل طرف صورة متخيلة عن الطرف الآخر، فيتخيل حركاته وسكانته، صوته وسماته الخارجية
وحين يلتقيان في الواقع عند الرؤية الشرعية، قد تحدث المفاجأة والصدمة لكلا الطرفين وخصوصا الرجل، كونه بصريا ويركز في اختياره على الشكل والظاهر كأولوية.
وكثيرة هي القصص التي حدثت أثبتت أن المرأة في الغالب لا تصدم كثيرا حال الرؤية، لأن المرأة تعشق سماعا عن طريق الأذن فيؤثر فيها الكلام الحسن، أو الكتابة بينما يعشق الرجل الصورة الظاهرة.
ولكن لجهل البنات بسيكولوجية الرجل، فإنهن يعتبرن هذا السلوك عيبا كبيرا بالرجال، وسطحية، لدرجة أنهن ينعتنه بأنه تفكير غرائزي حيواني.
إلا أن الحقيقة والعلم والشرع تقول أن هذا ليس معيبا، والزواج ليس شفقة ولا طبطبة على مشاعر أحد، إنما هو حياة كاملة، لا ينفع معها مداراة الحقائق وكتمانها.
والرسول صلى الله عليه وسلم قال للصحابي (انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما).
لذلك من حق الرجل أن يرفض الاستمرار بالأمر إن لم تعجبه الفتاة، فقد يصدم بشكلها، أو قوامها، أو صوتها حتى.
كما يحق للمرأة أيضا الرفض بالاستمرار حالما يثبت لها أن الصورة الحقيقية لم تتوافق مع مرغوبها.
وقد قيل أن هذا يؤذي الفتاة ومشاعرها لأنها كائن رقيق، ومع أني أوافق هذا الكلام غير أني أقول ءنه لا يختلف عن الرؤية الشرعية حال الخطبة التقليدية، فالخاطب في كلتا الحالين قد يقبل وقد يرفض.
وأي فتاة لم يتعلق قلبها بالطرف الآخر، لأنها لم تحادثه، ولم تراسله، لذلك سيكون الرفض بردا وسلاما عليها، دون غيرها من فتيات الشات والمراسلات اللواتي شكل لهن الأمر صدمة حياتهن بسبب التعلق الحرام.
وهنا أذكر تجربة شخصية حدثت معي، فتاة هي صديقة معي على الفيس بوك، كانت تحبني جدا، وتتواصل معي بشكل يومي، ذات مرة بعثت لي بصورتها في الرسائل، فكرهت ذلك بشدة، ذلك أن أحاديثها اليومية معي ومنشوراتها أوحت لي بصورة وهمية فتخيلتها فتاة ناعمة شقراء، وحين رأيت الصورة قابلني أنفها المدبب من نوعية أنوف الأشخاص الأشرار والعصبيين.
فتاة أخرى بعثت لي رسالة صوتية، وقد كنت من قبل أعتقد أنها فتاة قوية الشخصية، إلا أن صوتها كان موسيقى حقيقية، يتدفق عذوبة ورقة وجمال.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق