لماذا تحب البنات ال (bad boys)، ولماذا يحب الرجال ال(bad girls)؟
الجزء الأول:
صديقتي
طبيبة، تروي لي يومياتها دوما، وصادف أن أخبرتني مرة أن زميلا لها خطبها لكن والديها
رفضاه، لكنه رغم ذلك لم يقطع الأمل، وكان متمسكا بها، ويتحدث عنها دوما.
مرت
سنوات على ذلك الأمر، لكنها كانت تنفر منه، وعلى العكس من ذلك مال قلبها لطبيب سيء
ومغرور ذي فكر ذكوري متسلط، خصوصا في قضايا المرأة، وهو يجهر بأفكاره تلك، ولا يخفيها
فيقول(زوجتي وان كانت طبيبة فسأمنعها العمل، المرأة مكانها المطبخ، زوجتي يلزم أن تكون
مثل أمي و...)
استغربت
كثيرا بيني وبين نفسي سلوك صديقتي، وذلك لعلمي بأنها تكره هذا الفكر، واستغربت كيف
نفر قلبها ممن يحمل لها الكثير من الود، في مقابل شخص ينظر لها من فوق أنفه.
وحين
سألتها عن السبب، قالت أن فلانا الخاطب الأول، طيب زيادة عن اللزوم، أحسه مثل أختي،
ولا أجد فيه عنفوان الرجل وقوته.
والمحصلة
تزوجت الفتاة بنموذج آخر من ال (bad boy)، رغم أنه عذبها
وسبب لها الأسى في فترة الخطوبة.
صديقة
أخرى خطبها فتى مجتهد، من نموذج الفتيان المثاليين، فرفضته وقالت لي إنه فتى غير رياضي،
ولا أتخيل نفسي زوجة لفتى لا يصرخ مع كل مباراة كرة قدم كما يفعل الشباب، فهذا المنظر
يحببني بالرجل، فما الفرق بين شاب لا يتابع مباريات كرة القدم والفتيات؟
في كتاب حيونة
الإنسان ص (61) قال الكاتب :"وقد جاء في كتاب "تاريخ الشيطان"
لوليام وودز," وفي كل مرحلة من مراحل التاريخ كان الرجل الشرير يجذب النساء
أكثر بكثير مما يجذبهن الرجل الطيب"
وانتشر
مؤخرا نماذج كثيرة لشباب قالوا أن البنات يحببن الرجل السيء، وأصبح هذا الأمر ظاهرة،
طيب لماذا؟!
لأن
ال(bad boy) يتميز بعدة صفات تجذب النساء، هي الجرأة، الغرور، القوة، الثقة الزائدة
بالنفس، الحماس الرجولي ...
فالباد
بوي هو شخص واثق من نفسه، لا يهمه رأي الناس في أفعاله أو شكله أو ما يقوله، للوهلة
الأولى ومع أول حديث بينكما تستطيع الفتاة ملاحظة نبرة الثقة في كلامه، ورؤيتها في
أفعاله إذا كانا يعملان في المكان نفسه, وستجده يعامل العاملين في المكان بثقة قد يختلط
بها بعض الغرور وكأنه مالك المكان.
وطبيعة
وفطرة المرأة أن تحتاج لرجل تعتمد عليه، فهي لا ترضى بالحنون والطيب والخجول، لاعتقادها
أنه شخص غير قوي، ولا يعتمد عليه، فلا تحس بالأمان.
قد تنفرالمرأة ممن يراها ويرغبها لاشعوريا, فنفسيا ذلك
الرجل الذي يحبها إن لم يملك الكاريزما وقوة الشخصية فلن تراه.
البطل الشرير الذي تنجذب له النسوة لا يعطي للمرأة اختيارات
بل يفرض عليها حبه- يهتم بها بشكل كبير- يعطيها شعور الخصوصية والتملك وهذا يغذي
أنوثتها بشكل لا يتصور.
الرجل في الحب صياد, فالفارس والصياد لا يرتاح حتى يمتلك ما
يريد.
أعتقد أن المرأة تحتاج الشعور بمن يقاتل لأجلها ويسعى لها,
من يشعرها بتميزها وفي نفس الوقت يحافظ على قوة شخصيته ولا تشعر قط أنه تذلل لها..
وأحد
أسباب أن الشاب الجيد، ينشأ انطوائيا، أو خجولا، أو ضعيفا مرده إلى التربية التقليدية
المحافظة، التي تنشئ أطفالها في جو معقم، يفقدهم قليلا من القوة و الشجاعة, وكذا الجرأة
والإقدام.
وفي
هذا الصدد صادفت وصفا لأحمد حسن الزيات يتحدث عن أثر التربية التقليدية شديدة
المحافظة فيقول في وصفه للأديب الكبير مصطفى لطفي المنفلوطي:
((المنفلوطي
صحيح الفهم في بطء، سليم الفكر في جهد، دقيق الحس في سكون، هيوب اللسان في تحفظ , وهذه
الخلال تظهر صاحبها للناس في مظهر الغبي الجاهل، فهو لذلك كان يتقي المجالس ويتجنب
الجدل، ويكره الخطابة؛ ومرجع ذلك فيه إلى احتشام التربية التقليدية في الأسرة، ونظام
التعليم الصامت في الأزهر، وفرط الشعور المرهف بكرامة النفس)).
ولعلي
عزت بيجوفيتش مقال بعنوان( هل نربي مسلمين أم جبناء؟) يتناول فيه أثر تلك التربية التقليدية
التي تقتل الطاقة في الشباب.
لكن
التجارب تقول أن ال(bad boys)، ماهرون فقط بالعلاقات قصيرة
المدى، لكن لا ينجحون في العلاقات طويلة الأمد.
لهذا
على الرجل أن يجمع بين صفات ال(bad boys)، وصفات الرجل الطيب،
فالرتابة والمثالية والطيبة الزائدة قد تنفر المرأة منه.
والمحصلة أن المرأة
تريد رجلا تام الرجولة, رجلا قويا يحمل كل عنفوان الرجولة.
الجزء الثاني:
تشتكي
الفتيات غالبا من أن غالبية الرجال يحبون المرأة السيئة فقط، ويعزون الأمر إلى التبرج
والجمال.
لكن
الملاحظ لواقع الحال، يقول أن كثيرا من الرجال ينفرون من فتاة طيبة وعاقلة ولو كانت
ملكة جمال، فيما يرتبطون مع بنات سيئات، شكلا ومضمونا، ولا يملكن ذرة جمال، ولا اعتدال
قوام.
ما الذي
يشد الشباب لفتاة سيئة، مع أنها لا تتمتع بذرة جمال، ويتركون الفتيات الهادئات العاقلات؟
وإذ
تكلمنا في الجزء الأول عن الشباب تكلمنا عن سلوكيات ظاهرة، لكن الفتاة غير مطالبة بإظهار
سلوكياتها من تغنج وميوعة فهذا محظور ومنهي عنه في الشرع، لكن هل عدم إظهار هذا هو
السبب الوحيد في نفور الرجل من الفتاة؟ لا، ليس السبب الوحيد ، فأحد الأسباب التي سنتناولها
هنا هو الصورة النمطية الشائعة.
فالصورة
النمطية الشائعة عن الفتيات المتفوقات بالدراسة والفتيات الملتزمات، أنهن بعيدات عن
الحياة، لا يعرفن كيفية التزين، ولا يمارسن الرياضة، ولا يجدن الرقص، جديات أكثر من
اللازم، ولسن مرحات.
وهذه
النظرة كانت صحيحة إلى حد ما في كثير من المجتمعات، حتى الأوروبية، فمعروف دائما أن
الفتاة المجتهدة في الدراسة لا تمتلك مهارات كالرقص والذكاء الاجتماعي والمرح و...
لكن
مع تجارب كثيرة لي مع البنات، وجدت فعلا أن الكثير من الملتزمات والمتفوقات دراسيا،
لا زلن لا يفقهن شيئا في فنون الحياة، فكثيرات اعترفن لي أنهن لا يتقن كيفية وضع الآيلاينر،
ولا المكياج، ولا يمارسن الرياضة، وأخبرتني أكثر من واحدة أنها لا تجيد الرقص ولم ترقص
في حياتها ولا مرة!
فهل
تعلم هؤلاء البنات وصايا السلف لبناتهن بالاكتحال(فأزين الزينة الكحل)، ويقوم مقامه
في وقتنا الآيلاينر الذي يرسم جمالا للعين فيكبرها أو يجعلها صغيرة أو مستطيلة أو
....
الشغف
بأمور أخرى غير الأسرة: يحب كثير من الرجال المرأة التي يشغل بالها أمور أخرى إلى جانب
أسرتها، حتى وإن بدا من بعضهم عكس ذلك، المرأة المحبة للقراءة، المرأة المتفوقة في
عملها، المرأة التي تمارس الرياضة وتهتم بنفسها قد تثير الرجل كثيرًا.
أحد
أكثر الأمور التي تجذب أي رجل إليكِ هي ثقتك بنفسك، اعرفي أن زوجك ما كان يتزوجك إلا
وقد رآكِ جميلة، لذلك لا تفقدي ثقتك بنفسك بسبب مشكلة الزيادة في الوزن، أو الإرهاق
الظاهر على وجهك، كوني واثقة من جمالك.
فالفتيات
السيئات غالبا، واثقات، نشيطات، ويملكن قدرا كبيرا من الذكاء الاجتماعي، مدهشات لأنهن
بعيدات عن الرتابة.
لذا مما بلغت المرأة
من مراتب التدين والعلم والثقافة, غير أن الرجل ينجذب لأنثى حقيقية.
ولا
أجمل أن أضع لكم اقتباسات لتتضح الصورة أكثر:
"ولعله
ما حسنهاً في عينك إلا أن طبعا من الجِّد فيك استملح طبعا من الهزل فيها، كما ترى معنًىً
مكدودا في إنسان يستروح إلى نقيضه في إنسان آخر".(الرافعي)
"
إن المرأة ظاهرة متحولة.
فهي
في تحولها كالشمس تفاجئك دائما بغروبها، مع أنك منذ عقلت تشاهدها تشرق وتغرب، لكنها
لا تفقد خاصية المفاجأة.
وكذلك
المرأة، تصحبها وقتا طويلا حتى تظن واهما أنك عرفتها، فتفاجئك كل يوم بطبع جديد وأخلاق
جديدة، ومراوغات جديدة وصبيانية وتفاهات جديدة، فلحظة التحول وعدم الاستقرار التي تطبعها
تجعلها فاتنة وساحرة، فمن ذا الذي يحب امرأة مستقرة المزاج؟!
ذاك
أتعس ما في المرأة، أجمل النساء هي تلك التي يشبه مزاجها جو بعض المدن الساحلية، حيث
تمر بك الفصول الأربعة وأنت جالس تحتسي قهوتك.
ما أسمج
الرتابة؟!"
(رواية
الحدقي لأحمد ولد الفال)