الأربعاء، 10 نوفمبر 2021

ثقافة البالة:

 ثقافة البالة:


انتشرت مؤخرا فيديوهات، وعدة منشورات على الفيس بوك تتحدث عما يسمى بثقافة(البالة)، أي الثياب المستعملة.

هذه الفيديوهات والمنشورات كلها تدعو الشباب إلى اعتماد ثقافة البالة، وعدم الخجل بها، وتعدد لهم إيجابياتها المتمثلة بالأسعار الزهيدة، الماركة الأصلية، القماش القطني الممتاز، نوعية الجلد الرفيع في الأحذية، الصنعة المتقنة، توفر المقاسات التي لا تتوفر عادة في الملابس الجديدة....)

وذكروا إيجابيات أخرى تتمثل في كون ثقافة الاستهلاك من البالة هي بمثابة إعادة تدوير وحفاظ على البيئة من منتجات جديدة أخرى تستنزف الموارد الطبيعية)...


لنكون صرحاء، غالبية الشعب الجزائري يلبس من البالة، ويخفي ذلك، بينما تجده يسخر ممن يعترف صراحة بأنه اقتنى ثيابه من البالة.

ونعلم جيدا الظروف الاقتصادية، ومحدودية الدخل لدى الفرد الجزائري التي تدفعه لاقتناء ثيابه من البالة.

وشخصيا لا أحبذ من ينتقد الناس أو يقوم بتصنيفهم على حسب ماركات ثيابهم.


غير أنني لا أقر أبدا ثقافة البالة، ولا أتمنى انتشارها، وسأنتقد من يدعو إليها ويرغب بها.

ليس لأنني ضد الفقراء، وليس لأنني ضد ترشيد الاستهلاك، وليس لأنني ضد الحفاظ على البيئة

ولكن هنالك سبب واحد يجعلني أنفر وأتقزز من هذه الثقافة، وأعافها وتشمئز نفسي منها..

ليس بسبب الأمراض والفيروسات التي قد تحملها هذه الثياب، وليس بسبب رائحة الموت والكافور ولا الطاقة السلبية التي تنبعث منها، فقد تكون هذه الثياب لأموات قضوا.

وليس بسبب أنني أعاف ثوبا لامس جلد شخص ما قبلي...

ليس كل ذلك..

إنما السبب أنني لا أحبذ للجزائري المسلم أن  يلبس فضلة أقوام آخرين، لأن له انعكاسا على النفس البشرية، لأن هذا السلوك يحسسك بالضعف والعجز والمهانة..

النفس غالية وعزيزة لا يجب أن ترخصوها...


أتذكر مشاهد من أفلام ثورية، تؤكدها جدتي فيما ترويه أنهم كانوا يبيتون جوعا تتضور بطونهم الفارغة، ولا يقبلون رغيفا ولا صدقة من مستدمر، فترى الطفل الجائع يحمل الرغيف بين يديه، ويقبله احتراما ((للنعمة))، ثم يضعه بمكان مرتفع لا تدوسه الأقدام ويفر هاربا، وهو أحوج ما يكون إليه.

وتخبرني جدتي كيف كانوا وهم أطفال لم يتذوقوا في حياتهم لوح شكولاتة لذيذة، يقدم لهم الضباط الفرنسيون الحلوى والشكولا فيرفضون تناولها، أنفة وعزة.


وأتذكر الرئيس هواري بومدين ومن قبله أحمد بن بلة، حين أصدرا مرسوما يمنع مهنة ماسح الأحذية،  ومن قرارات الرئيس بن بلة "الانتقامية" من إذلال فرنسا الجزائريين بمهن وضيعة، أيضا، منع "البقشيش" في المطاعم والمقاهي والفنادق، ومنع سائقي سيارات الأجرة من أن يقلّوا راكبًا في المقعد الخلفي إذا كان المقعد الأمامي خاويًا، فلقد كانت هذه علامة من علامات الإذلال التي رفضها الجزائريون في عهد الحرية، حيث بات "لا سيّد فوق هذه الأرض إلا الشعب"، على حدّ تعبير شهير للرئيس الراحل هواري بومدين.


إن فرنسا "سعت من خلال تشغيل الأطفال الجزائريين في مسح الأحذية إلى إهانة هذا الشعب الذي وجدته كريمًا عزيز النفس متعلمًا".

 "أرادت فرنسا أن يركع هذا الشعب وأبناؤه لحذاء الرجل الفرنسي والأوروبي عموما.. أرادت أن تجعله لا يرى شيئًا سوى حذاء الجندي.. وألا يرفع رأسه إلى السماء أبدًا".


لذلك أرى أن الترويج لثقافة البالة هو قابلية للاستعمار، والذل والمهانة، وتراجع خطير ينزل بنا دركات في هوة سحيقة من التخلف والانحطاط.


وكلامي هذا موجه للنخب التي تروج لهذه الثقافة وليس المواطن البسيط محدود الدخل مغسول الدماغ.

النخب عندما تروج لهكذا ثقافة فمعنى ذلك أننا مستلبون منهزمون ودعوات هؤلاء تفاقم المشكلة وتزيدها...

فعوض أن يشجعوا الإنتاج المحلي، والحرف اليدوية، والمنتوج الوطني...

يسوقون لخردة الأمم؟


ألا فرفقا بهذه الأرواح والأنفس التي بين جنباتنا فإن لنا عليها حقا، فكيف بنا نتجاهلها عمدا، وندوس بكل جرأة على آخر نبض يبشر بأنه ثمة حياة.


#شمس_الهمة


من السبب في قطع صلة الأرحام(النساء أم الرجال)؟

 من السبب في قطع صلة الأرحام(النساء أم الرجال)؟


طرح هذا الموضوع في إحدى الصفحات الجزائرية، وعزى الرجال السبب في قطع صلة الرحم إلى المرأة.


كامرأة لا أبرئ نفسي، ولا أبرئ معشر النساء، فكثيرا ما اعترفنا نحن بذلك، واعتبرنا المرأة هي السبب الأول.


لكن حين يقولها رجل، فهاهنا يلزم وقفة، إذ كيف يعقل أن تلقى كل المشكلات الكونية على المرأة، ويخرج علينا الرجل منتصرا بريئا قديسا كل مرة، ولا يجرؤ على الاعتراف أو تحمل الخطأ أو على الأقل تقاسمه مناصفة مع المرأة.


وهذا إن كان فرضا صحيحا، فمعناه يدلل على انقراض معاني الرجولة واختفائها، وأيما رجل يقول بذلك فلهو دليل قاطع على ضعفه وقلة رجولته.


🌸🌸🌸🌸🌸🌸


برأيي الشخصي أن أول سبب لقطع صلة الأرحام في زماننا المعاصر، هو مشكلات الإرث، التي فرقت 

الإخوة وشتتت الأسر، ولا يخفى أن المتسبب في هذا هو الرجل.


أما الأمر الثاني فمرجعه لعدم احترام الخصوصيات، وعدم الإلمام بفن العلاقات والمعاملات، وكذا عدم احترام مسافة الأمان.


الفردانية وهذا الموقف المتطرف هو رد فعل عكسي على التدخل في الخصوصيات والتسلط، وتتبع الأخبار و....

مؤخرا اختلط الحابل بالنابل وفقد المسلمون فنون العلاقات والتعاملات حسب الأصول المقررة في الكتب الأدبية ومورثنا الزاخر، وحسب الشرع وتوصياته.

الإسلام فصل لنا كل شيء، حتى فنون العلاقات والمعاملات

وعندك آيات كاملة عن آداب الاستئذان مثلا مذكورة في القرآن..

لكن الناس اليوم لا تلتزم بالآداب الاسلامية ولا الايتيكيت العالمي..

ممكن جدا يطرق بابك وقت القيلولة، أو في ساعات الفجر الأولى، ممكن يفعل ذلك في منتصف الليل... وبدون سبب حقيقي...

التدخل في أمورك الشخصية...

تتبع أخبارك...

عدم احترام آداب عيادة المريض مثلا...

الكثير...الكثير...

أظننا مجتمع بحاجة لإعادة تأهيل من جديد..


🌸🌸🌸🌸🌸


النساء عاطفيات وحساسات جدا، ممكن موقف صغير تعمل من الحبة قبة وتبكي وتشتكي لزوجها، لأن طبيعتها هكذا.

لكن الرجل يحكم عقله أكثر، ويميل للاتزان، والابتعاد عن سفاسف الأمور وصغائرها.

وهنا الدور المنوط به أن يلجم عاطفة المرأة، ويردها لعقلها ويفهمها ويبصرها، ولا يذهب معها المذاهب كلها في العداوة أو المقاطعة..

هذا هو الرجل الحقيقي. وهذا هو التصرف الصحيح اللازم.

لكن اليوم نرى العكس، فالرجل يستعمل العاطفة للأسف.

الأمر الثاني:

 غالبية الرجال عقلانيين باردين وفيهم جفاء..

بمعنى لا يسألون، لا يهتمون، يفتقدون للعاطفة والحنان.

وبسبب هذا قد يمكث الرجل أسابيع لا يسأل عن والديه -بدون تحريض الزوجة- وأشهر بدون أن يسأل عن أخيه أو أخته.

وهذه الطبيعة عامة عند الرجال، وسمة غالبة لديهم.

والمرأة هنا أما أو أختا أو زوجة هي اللي تحنن الرجل على أهله، والديه، اخوته، أقاربه وهكذا...

اذن فتبعات المسألة يتحملها الجميع.

اللهم اجمع كلمة المسلمين وأبعد عنهم الفرقة والشتات والجفاء.


#شمس_الهمة

بعض المشايخ والدعاة اللامعين اليوم على وسائل التواصل الاجتماعي(ولن أذكر أسماء)

 

بعض المشايخ والدعاة اللامعين اليوم على وسائل التواصل الاجتماعي(ولن أذكر أسماء)،  قلوبهم على الأمة، وأشخاص عاملين، ويبذلون مجهودات نسأل الله أن تكون في ميزان حسناتهم يوم القيامة.
وعادة الناس أنها تنتقد العاملين، ونعوذ بالله أن نكون منهم.
حقيقة ترددت كثيرا في كتابة رأيي الشخصي كي لا أزهد الناس في المشايخ والدعاة...
لأن المتلقي لا يميز، فربما زهد في ذلك الشيخ بسبب موقف أو اثنين، ويلجأ بعضهم للشطب الفوري.
لكنني شخصيا إذ أنتقد، أنتقد جزئيات فقط، وبدون تجريح...وحقيقة أثمن جهودهم وأحترمهم، وآخذ عنهم الكثير وأتمنى لهم الخير والتوفيق...بمعنى أنا أرفض المجرحين الذين يجرحون الناس، وأرفض المقدسين أيضا.

لكن للمرة الألف بخصوص قضايا المرأة، وتناولهم ل(النسوية)، سأقول أن الخطاب قاصر ومجحف، ولن يأت بنتيجة.
وهو موضة قديمة وعتيقة لم تعد تؤثر بالنساء اليوم.

الدعاة لا يزالون يتلهون بالأعراض، عوض بحث السبب الرئيس لتمرد النساء ونزعهم الحجاب وربما الإلحاد.
السبب هو الذكورية ببساطة وقمع المرأة.

الأردن كنموذج:

هؤلاء المشايخ ولا مرة نصحوا الرجال، ولا مرة تناولوا ذكورية المجتمع المقيتة، ولا مرة تحدثوا على سراء غريب، ولا مرة تحدثوا على جرائم الشرف...في الأردن هذه هي الأسباب الحقيقية لتمرد النساء...لو قاموا بعلاجها لاختفى المرض.

تعليقات نساء صادفتها على مواقع التواصل الاجتماعي لداعية أردني مشهور:

احكي عن جرائم الشرف بالمجتمع، والعنف الذكوري، والتسلط والدكتاتورية الأبوية والعشيرية، ليش ما حدا بجيب سيرة هذا الموضوع من رجال الدين؟

تكلموا عن الذين أساءوا القوامة واستعبدوا المرأة بدل ما بس بتتكلموا عن دورها في الزواج والأسرة والإنجاب والتكاثر والأمومة وطاعة الزوج.

أرجو أن تفهم السيدات أن من أساء لهم من الرجال، ليس بطاعتهم لأوامر الدين، ولكن بسبب بعدهم عنه، وإن كنت ألقيت الضوء على جانب النسوية فمن المنصف إلقاء الضوء على جانب الذكورية، حتى تتضح الصورة كاملة لمن لا ترى بعد، وحتى لا يصبح من ينادي بأن النسوية لا تليق بمجتمعاتنا إنسان ظالم ذكوري، فالواجب تصحيح الخطأ من كلا الطرفين.

لم تفسد النساء ولم تبتعد عن الدين إلا بعدما فسد الرجال، واستخدموا الدين لإذلال المرأة داخل البيت، واحترموا الأنثى التي في الخارج وابتسموا لها.طبعا إلا من رحم ربي.

انتهى.

تخيلوا مرة صادفت تعليق لفتاة تقول فيه...أنا كنت بدعي على المشايخ لأنو ولا واحد كف ظلم الرجال اللي بنعانيه...

وتخيلوا أنو نيكولاس خوري مقدم برنامج السليط يتعاطف ويوجه رسائل أحسن من الدكتور (فلان)، ويتكلم بحرارة ويقول عقود وانتو بتحكوا عن المرأة...بظن صار لازم تربوا ولادكم الشباب هلأ.

كنت أتمنى أسمع هذه المقولة من شيخ...موش من شاب مسيحي

الناس كي تشوف واحد كيما نيكولاس يهدر بحرارة ويرفض الظلم ويقولهم ربوا ولادكم...أكيد رح يتابعوه ويتابعو الفكر اللي حاملو...بدل ما يتابعو المشايخ

والله حقيقة مأساة...المنهجية غائبة تماما عند أغلب المشايخ إلا من رحم ربي...

كلام كتبته ولم أرغب بنشره

#شمس

مراجعة الفيلم الوثائقي (the true cost):

مراجعة الفيلم الوثائقي (the true cost):


حين تشاهد الفيلم كاملا ستبكي كثيرا على نفسك, على الأمة وعلى الإنسانية جمعاء.

قطعة الملابس التي نشتريها, وراءها سواد حقيقي..

أين تصنع, ومن أين تستخرج المواد الخام, من يقوم بخياطتها وتحويلها لقطعة أنيقة, وكم يكسب أولئك من المال, حتى ننعم نحن بشراء ثوب بثمن بخس؟

كل هذه الأسئلة وغيرها يجيب عليها هذا الفيلم, من خلال رحلة بحث واستقصاء في المصانع المنتجة للملابس.

الملابس يتم إنتاجها في مصانع الدول الفقيرة مثل الهند و بنجلادش وغيرها بأسعار زهيدة جدا, العمال الذين يعملون في هذه المصانع هم أناس فقراء بسطاء من ذوي الدخل المحدود جدا, نساء, أطفال, شباب وعجائز أيضا.

المصانع والظروف التي يعملون بها لا تتوفر على أدنى شروط العمل المتعارف عليها دوليا...المصنع مظلم, مهترئ, الكهرباء والإنارة فيه غير ثابتة أو منعدمة..

الرطوبة, انعدام التدفئة, ساعات العمل اللامحدودة, الأجر الزهيد في مقابل تعب يوم كامل...انعدام الراحة والتأمين ووو

الكثير الكثير من الظروف المزرية..

الحوادث في المصانع كثيرة جدا, الانهيارات فوق رؤوس العمال, جثث وضحايا, أسر تفقد بعضا من أفرادها, نساء تترمل, أزواج يفقدون زوجاتهم...

مآسي كثيرة وحقيقية وموثقة عرضها الفيلم, يندى لها الضمير الإنساني الحي..

ولكن مات الضمير والإنسانية للأسف..

صناعة الأزياء هي السبب الثاني في تلوث الأرض:

صناعة الموضة, وعاداتنا الشرائية, تؤذيان كوكب الأرض وتفاقمان أزمة المناخ.


وتسهم صناعة الأزياء بنحو 10 في المئة من الإجمالي العالمي لانبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، وتنتج نحو 20 في المئة من مياه الصرف عالميا، وتستهلك كمية من الطاقة تفوق ما يستهلكه قطاعا الطيران والنقل البحري معا.

لا شك أن معظم السلع الاستهلاكية تؤثر سلبا على البيئة، لكن صناعة الأزياء تسبب أضرارا بيئية عديدة بسبب الوتيرة المتسارعة التي تتغير بها الموضة من موسم لآخر، والتي تغري المستهلك على الشراء لمواكبتها.

فظهور الfast fashion يلعب دورا كبيرا في كم الدمار البيئي الذي سيطال كوكب الأرض, فبدل وجود قطع ملابس مستدامة, أصبح لدينا ملابس ترمى بشكل متسارع لأن الموضة تتطلب الأحدث دوما..

عندما ينتهي الأمر بالملابس في مكبات النفايات، يمكن للمواد الكيميائية الموجودة في الملابس، مثل الصبغة، أن تتسبب في أضرار بيئية من خلال ارتشاح المواد الكيميائية...وكمثال على ذلك تحولت صحراء أتاكاما شمال تشيلي إلى مقبرة مليئة بأكوام من الملابس غير المرغوب فيها وهي تستخدم كمكب نفايات للملابس المستعملة.

فحسب وسائل الإعلام فإن حوالي 39000 طن من الملابس المهملة تراكمت في صحراء أتاكاما.

لكن ولا أحد مهتم بالأمراض التي ستصيب سكان هذه المناطق على أي حال.

 تأثير صناعة الأزياء على نفسية الإنسان:

وسائل الإعلام والشركات تروجان للاستهلاك وتمارس على المشاهد حيلا بصرية, عن طريق إيهامه أن شراء الملابس يجلب السعادة ويحل المشكلات.

اليوتيوبرز ومشاهير السوشل ميديا أسهموا بشكل كبير في نشر ثقافة استهلاكية, والترغيب في حمى الاستهلاك. 

جوهر عمليات التسويق هو التلاعب بنفسية الإنسان الذي يملك مجموعة من الاحتياجات الثابتة مثل احتياجنا للحب والتميز واحتياجنا لأن نشعر بأننا بشر مقبولون اجتماعيا..

يستخدمون فكرة تعريض المشاهد بشكل مكثف لقوالب معينة من البشر المثاليين الجذابين...وضغط الصورة اليومي الذي نتعرض له كفيل بإحداث شتى الأزمات النفسية لدى البشر بغية الكمال..

وأسوق هنا اقتباسا دقيقا لبثينة العيسى تقول فيه:

"وهذه الشاشة الكريهة تمارس كل يوم عبر روتانا وميلودي وستار أكاديمي إرهابا جسديا علي..فأنا لا أستطيع أن أواكب أجسادا كهذه..."

لا يمكننا الفرار اليوم من ضغط الصورة والإرهاب التي تمارسه على عقولنا, لأننا محاطون تماماً بكل زاوية بحياتنا على الانستغرام والفيسبوك والمؤثرين والمروجين وواجهات المحلات التجارية، وتطبيقات التسوق أون لاين والإعلام والقنوات التلفزيونية.

وقد تكون الطريقة المثلى للحد من تأثير الاستهلاك المجنون على البيئة هو شراء الملابس التي نحتاجها وننوي الاحتفاظ بها فقط.

ونحاول الابتعاد عن الأماكن المليئة بمغريات الشراء، مثل مراكز التسوق وكذا متابعة المشاهير..

وإذا شعرت أنك لم تعد تحتاج لبعض الملابس، فمن الأفضل أن تعطيها لأصدقائك أو ترسلها إلى المؤسسات الخيرية، لكن لا تحاول إخلاء مساحة في خزانة ملابسك لشراء ملابس جديدة.

وقد يتطلب الحد من الأثر البيئي للأزياء إحداث الكثير من التغييرات على مستوى الشركات والصناع والمستهلكين, والقرارات الواعية التي نتخذها كمستهلكين قد تسهم في الحفاظ على البيئة، ليس هذا فحسب، بل أيضا في تغيير قطاع الأزياء برمته.

ختاما:

انقلبت فكرة أن السوق موجود لخدمة البشر إلى النقيض من ذلك, لأننا فعليا نحن من يتم استغلاله لخدمة السوق.

فهدف الشركات الرأسمالية الجشعة ليس سعادة الإنسان ولا راحته هي موجودة فقط لزيادة رؤوس أموال شركات معينة لأشخاص لا يهتمون إلا بزيادة أموالهم على حساب الأيدي العاملة والمستهلكين والبيئة والكوكب !

ولنتعلم كيف نتقبل أشكالنا, ونتصالح مع ذواتنا, ونعي أننا نستحق الحب والانتباه بدون استخدام هذه السلع, فليست الملابس من تحدد قيمة الإنسان لأنّ قيمته محفوظة.


#شمس_الهمة

صباح الخير يا جاري، انت فحالك وأنا في حالي!!قصة

 


صباح الخير يا جاري، انت فحالك وأنا في حالي!!


قدم رجل وزوجته وطفليه لبلدة جديدة، ومكث فيها مدة لم يتعرف فيها على جيرانه، ولم يتعرفوا عليه، تماما كما يفعل جيران هذه الأيام.

وذات ليلة من الليالي، كانت زوجته حبلى ففاجأها ألم المخاض في منتصف تلك الليلة، فطلبت من زوجها أن ينقلها للمستشفى.

وكان له طفلان صغيران، أحدهما يحبو والآخر يمشي.

فكر الرجل بينه وبين نفسه، أيترك الطفلين نائمين، أم يوقظهما ويأخذهما معه إلى المستشفى، أم ماذا يفعل بالضبط؟!

نقل الزوج انشغاله لزوجته المنهمكة بآلامها، فأشارت عليه بأنها لن تستطيع الانتظار وأن المستشفى قريب وسيعود إليهما سراعا قبل استيقاظهما.

خرج الزوج وزوجته تاركين أطفالهم نائمين، أغلق عليهم الباب بالمفتاح وانطلق وزوجته بالسيارة إلى المستشفى.

أدخل زوجته إلى قسم الولادة، وقام بكل الإجراءات اللازمة، ونقلت زوجته إلى غرفة الولادة، وحين أتم أموره كلها، انصرف مسرعا إلى بيته فهو يعلم تماما أنهما لوحدهما والباب مغلق دونهما.

فالزوج لم يخبر أو يعلم أحدا من جيرانه، ولم يوصي أحدا منهم بأطفاله.

انطلق مسرعا بالسيارة، واذ به يتسبب بحادث سير أودى بحياته.

حضرت الشرطة ورجال الحماية المدنية، وكذا الإسعاف، تم إزاحة السيارة عن الطريق، ونقل جثة الرجل إلى ثلاجة حفظ الموتى.

بقيت الزوجة في غيبوبة إثر التخدير الكامل لمدة يومين كاملين، أفاقت الزوجة بعد ذلك، ونقلت إلى غرفة عامة هي ومولودها الجديد.

استغربت الزوجة عدم اتصال زوجها، فليست تلك عادته، فقد كان السباق دوما للسؤال عنها في الأفراح والأحزان.

لم تكن تعلم أن الزوج ميت، والأطفال تركوا لوحدهم في الشقة.

يقال أنهما عطشا، ويقال أنهما اختنقا من الحر، صرخوا وصرخوا وصرخوا، بكوا وبكوا وبكوا لكن لا مجيب.

بعد فترة غير يسيرة من الصراخ والبكاء توفي الطفلان.

تحمل مولودها مسرورة، لكنها استبطئت زوجها ولعبت برأسها الخواطر والأفكار.

انتظرت كثيرا، وتضايقت من الأمر فأرسلت من يسأل لها موظفي الاستقبال، وقدمت لهم المعلومات الكافية حول اسم زوجها ولقبه وموعد زيارته الأولى، وقالت أنهما تركا طفليهما لوحدهما في الشقة.

لم يجد مسؤولو المستشفى من يدلهم على الزوج فالهاتف لا يجيب، وأمام هذا الوضع قالوا لها أنه لايوجد حل سوى السؤال عنه في قسم الحوادث.

وبالفعل تم الاتصال وتقديم المعلومات الكافية، فكان الجواب بعد رحلة بحث طويلة أن الزوج توفي بحادث سير تلك الليلة، وأن جثته محفوظة في ثلاجة حفظ الموتى، تنتظر من يتعرف عليها ويأتي لاستلامها وإكرامها بالدفن الذي يليق.

أخبرت الزوجة بذلك فشرعة في البكاء المرير، ثم تذكرت أطفالها فأرسلت من يأتيها بالخبر اليقين.

ذهبوا لتفقد الشقة فإذا الطفلان قد توفيا جوعا أو عطشا أو خوفا الله وحده يعلم ظروف وسبب الوفاة الحقيقي.

لا الجيران عرفوا بأمرهم، ولا الأقارب، ولا أحد كان يعلم شيئا.

حملت جثة الطفلين، وضمت لجثة والدهما، وأتى الأهل والأعمام والأخوال وأتى الجيران، وحين سئلوا قالوا أنه جار جديد جاء منذ شهر، لم نتعرف إليه ولم يتعرف إلينا.

فانتبهوا يا عباد الله، بعضنا صار يقول أنني لا أحتاج أحدا من الحيران.

أملك المال والعيال ومستغن عن العباد.

أعيش كالسلطان في بيتي فلا أخالط جارا ولا بشرا

أبتعد عن المشاكل والناس فلا أريد أن أسبب الصداع لنفسي؟!

انتبهوا واحرصوا على الصلاة جماعة في جامع الحي

الجامع سمي الجامع لأنه يجمع الناس.

صناعة الرجال:

 صناعة الرجال:


التقيتها صدفة في الشارع، حينما زرت عمتي، عجوز في السبعين من العمر أو تزيد عليها قليلا، قصيرة القامة ، جميلة المحيا، كانت تتصبب عرقا، ووجهها تشوبه حمرة قانية، قد عصر عصرا لفرط الجهد المبذول.

كانت تحمل كيسين ثقيلين تتمايل معهما يمنة ويسرة.

سألتني أن أساعدها في حمل الأثقال، عفوا أقصد في حمل الأكياس...فسارعت منتشية كفتاة يعتمد عليها أخيرا في شيء ذا قيمة.

قبلت جبينها، وسألتها عن الوجهة، فتبين أنها جارة عمتي ، وأن منزلها يبعد عنا بضع خطوات...

أصرت علي أن تحمل هي كيسا وأنا كيس، ولكنني رفضت وكابرت ، فكيف يعقل أن تقدر هي على حملهما مسافة طويلة، بينما تعجز مثلي عن ذلك لبضع خطوات متبقية!!

استلمت الكيسين وأحسست أنني بقوة "جون سينا" وليتني ما فعلت، فقد عاد الي الاحساس بأنني فتاة مسكينة. لبثت مدة من الزمن أحاول حلحلتهما من الأرض، واستطعت ذلك بعد جهد جهيد، وحرج شديد...وفقرات عمودي الفقري تعاني التهديد..

تأملت لوهلة محتوى الكيسين، يبدو أنه مؤونة شهر كامل، مضافا اليه رأس بقرة أو ثور كبير ربما ( البوزلوف)!!

سألتها مستغربة:

- الحاجة ماعندكش ولاد؟!

أجابت بشيء من الخجل، يغلفه يأس وقنوط ومرارة.

- لا لا يا بنتي، عندي خمسة ذكور وبنتين…وزوجي توفاه الله.

- وين راهم، علاش الحاجة انتي اللي تقضي ، خدامين؟!

- لا لا يا بنتي، ولاد دروك قاع كيف كيف، كيلو بطاطا ما يجيبوهش، يا حسراااه، الرجال كانوا بكري، ولاد دروك ما يحمو ما يبردو.

وصلنا للعنوان المطلوب، قبلتها مجددا وأغدقت علي هي دعوات مباركات أنستني آلام الظهر و الفقرات.

قفلت راجعة و زفراتي تلعن أشباه الرجال، واستنفرت خلايا دماغي، تستحثني و تغدق علي بالخواطر والأفكار لكتابة موضوع عن تخنث هؤلاء ولا مبالاتهم...

حدثت عمتي بشأنها، فوجدت لدى العمة خبرها.

قالت عمتي لا تحكمي على الأشياء من ظاهرها،

ولو أنك نظرت الى مبتدأها لأدركت حقيقة منتهاها.

ثم استطردت عمتي تقول عن جارتها تلك:

ذلك المخنث تربى في حجرها، هي من كانت تغطيه صغيرا ليستمتع بسباته مثل دب الكوالا صباحا، بينما تبعث ابنتها الصغيرة لابتياع الخبز مع أول خيوط الصباح.

يستنكر الزوج ويمتعض قليلا، ويسألها لماذا لا تكلف تلك السباع الممددة على الفراش بدل قطته المدللة...لكنها تدافع عنهم كل مرة بعذر أقبح من غيره.

تكبر الفتاتان ولا تزال مهمتهما التسكع في الأسواق، أما البنين فما بين بلايستيشن أو تمدد في الفراش والتمتع بمشاهدة أفلام الأكشن!!

يثور صبر الزوج مجددا، فتسكته الزوجة فورا، فالشيطان قد وجد لها مبررا.

- خليهم يشرو باش يشوفوهم لي جان ويتزوجو !!

توفي الزوج، وتزوجت البنات، وهكذا انتهى بها الحال!!

عدت للمنزل، وكعادتي فتحت موضوعها مع أخي، فحدثني هو الآخر عن مثيلتها فقال:

كوني أبيع الأواني المنزلية، جاءت جارتي الخمسينية ، امرأة عاملة، ذات عينين غائرتين، وهالات سوداء أسفل عيونها مثل دب الباندا، ووجه عليه ذبول الدنيا كلها، رسم عليه الزمن خطوط الغم والهم.

قال أنها ابتاعت خزانة بلاستيكية، دفعت ثمنها، وقفلت راجعة لمنزلها، وأودعتها عنده لحين حضور من يحملها.

قال أخي: كان الزوج جالسا أمام بيته، يضع رجلا على رجل، ويطالع الجريدة الفرنسية، والابن أقصد "السبع" لم يمض على دخوله منزله سوى ربع ساعة...

لذلك توقعت أن يكون أحدهما هو المعني الذي سيستلم الخزانة، لكنني فوجئت بقدوم ابنتيها بدلا من ذلك تحت نظرات الأب وإقراره.

فقد جاءت فتاة في عمر السابعة عشر مع أخرى تقارب الثلاثين لتقاسم حمل الخزانة الكبيرة والثقيلة نوعا ما.

يقول أخي: 

(( وكم كان ذلك قاسيا ومخجلا للغاية)).

يتابع أخي حكايته عنها فيقول:

عادت إلي مجددا، وسألتني اذا كنت أعرف سكنا للإيجار، قالت بأن سكناها بالكراء وتزيد عن عشر سنوات، ولكن صاحبها عاد إلى الوطن وينوي السكن بها.

قالت أنها لا تنام الليل، وأنها لم تذق طعم النوم لمدة تزيد عن ثلاثة أيام متتالية، وأنها تحمل هم ايجاد مسكن يأويها وأبنائها!!

استغرب أخي ثقل الهموم التي تحملها، في مقابل أريحية زوجها!!

هذه الأدوار انعكست بسبب الإعلام والسينما والتلفزيون.

والمرأة قامت من حيث لم تعلم بإلغاء دور الزوج، وكانت تحاول في كل مرة إرغامه على التنازل عن رأيه، فقط لمجرد تقليد الأخريات والظهور بمظهر المرأة العصرية المتمدنة.

فظلمت نفسها، بتعويدها لزوجها القيام بكل المهام المنوطة به في الأصل، كالتسوق وشراء مستلزمات البيت، من أثاث وثياب للأولاد وأخذهم للمدارس والطبيب، إلى غير ذلك من الأمور، وكل ذلك بحجة التحضر والمدنية وتقليد الأخريات.

وأصبحت تكثر من الخروج إلى الأسواق، فتعلمت الجرأة والتسلط ، وأضحت تعصر الرجل من هذا المدخل الذي قصّر فيه...وتهمله وتلغيه.


خاتمة:

الزوج على ما عودتيه، والابن على ماربيتيه.

الزوج اذا وجد من يريحه من هم الأولاد سيستريح، من يريد التعب؟!

وهذا موجود في الغرب أيضا، فما نراه في الدول الاسكندنافية، حيث صار الرجل هو المسؤول عن التربية وخدمة البيت والمرأة تعمل!!

وهذه البلدان عرفت على أنها أرض الفايكينغ المتوحشين، صار شبابها ورجالها مجبرون على مرافقة المرأة في كل مكان و القانون يجبرهم على عدم التضييق عليها.

في كتاب الرجال من المريخ والنساء من الزهرة، ورواية ( وقالت لي) للكاتبة دعاء عبد الرحمن نجد:

الرجل اذا وجد امرأة قوية مستغنية، لن يحس برجولته معها ولن يكون معطاء.

أما اذا أحس بضعفها واحتياجها فسيبذل لها الغالي والنفيس.و

تعلمي صنع الرجال فإننا*** في حال حرب نستزيد رجالا

**********

طالب أطفالك بالقيام بنصيبهم من الأعمال المنزلية..

في النهاية لن يكون ما تفعله من أجل أطفالك هو الءي يجعلهم أفرادا ناجحين..وإنما سيجعلهم كذلك ما علمتهم أن يفعلوه بأنفسهم...(آن لاندرز) من كتاب مميز بالأصفر.







#شمس_الهمة

#من_الأرشيف


لماذا أعتقد ببدعية الأعياد الوضعية؟!

 لماذا أعتقد ببدعية الأعياد الوضعية؟!


شخصيا لا أحبذ الاحتفال بالأعياد الوضعية كعيد الميلاد، وعيد المرأة والأم وغيرهما، ولا تلك التي تتسم بطابع ديني كعيد المولد، ورأس السنة الهجرية وغيرهما.

وفلسفتي في هذا أننا كمجتمع مسلم لنا عيدان، ومواسم أخرى للطاعات هي بمثابة الأعياد أيضا، كيوم الجمعة، وشهر رمضان، وموسم الحج وووو.

والسبب في هذا أننا لو اتخذنا كل الأيام عيدا لتشابهت عندنا الأيام وخفتت بهجة العيد.

فالعيد لا يكون عيدا وقتها بل سيكون يوما كسائر الأيام.

وهذا ما نلاحظه مؤخرا، فالناس باتت لا تحفل بالعيد ولا تحس بالفرحة فيه.

وذلك لكثرة الأعياد والمناسبات التي تسببت بفقدان العيد لبهجته.

سبب آخر يجعلني لا أحبذ تلك الأعياد والمناسبات، رغم أن البعض يعتبرها مناسبات لإشاعة البسمة والسرور وحسب.

أقله يشعرني بأن بين جوانحي مضغة بقي فيها شيء من العطف والإحساس بالآخرين، في جو أضحى ملوثا حتى ما عاد أحدنا يلفي فسحة أمل في غد أجمل..

عن عيد الأم في الجزائر ، فلا زلنا كجزائريين لا نحفل به، ولا نعتبره عيدا، ولا يوما مميزا، ولا تحتفل الأسر الجزائرية به، وأقصى ما يفعله الناس عندنا سلوك الأطفال الأبرياء، حين تتكلم المعلمة أو الأستاذ فيه عن دور الأم، وسهرها وتعبها، فيقوم الطفل بإهداء وردة برية لوالدته تعبيرا عن مدى حبه وامتنانه لها.

لكن في بعض دول المشرق العربي، أصبح هذا اليوم عيدا حقيقيا، ومناسبة تقتضي ما يقتضيه العيد من احتفال، وسؤال، وهدايا، ولمة عائلية.

فكل أم هناك يحتفى بها من قبل بناتها وأولادها، فيجتمعون ذلك اليوم عندها، ويحضرون لها الهدايا، ويقيمون مأدبة فيها ما لذ وطاب من الطعام بهذه المناسبة.

إلى هنا كل شيء يبدو عاديا ربما...

لكن دقيقة تفكر واحدة، تجعلك تحس أن الأمر لن يحمل السرور للجميع- كما نتوهم- وقد يصاحب ذلك اليوم هم وغم لبعضهم، ويستجلب لهم الأحزان ويثير فيهم الأشجان.

فماذا يقول الأب يومها، وهو يرى التكريم للأم فقط، والهدايا لها وحدها، وكذا الامتنان؟

أما عن تعبه هو وسهره الليالي، وتحمله الأسفار في سبيل تأمين لقمة الخبز فلا أحد يكترث لها من الأبناء!!

وبسبب هذا الأمر سنت احداهن عيدا للأب أيضا، فيما يسمى ب(Father's day)، فوالدها كما تقول قام بتربيتها واخوتها الأيتام الخمسة، بعد وفاة والدتها، فكان لهم الأب والأم معا.

وماذا عن الطفل اليتيم يومها، وهو يرى مظاهر الفرح لدى بقية الأطفال بأمهاتهم، في مقابل فقده، ويتمه وحزنه، وتعاسته!!

ماذا عن مشاعر شريحة من النساء لا يستهان بعددهن، هن أولئك اللائي لم يكتب لهن الزواج لسبب أو لآخر أو حتى المطلقات والأرامل اللاتي شاء القدير لحكمة ألا يكون لهن فرصة لتكوين أسرة وإنجاب أطفال. 

صراحة لا يسعني تخيل شعور تلك المرأة التي لم تصبح أما، وهي تنصت لأغنية عنوانها "ست الحبايب يامو"، أو أغنية" أحن إلى خبز أمي ...وقهوة أمي..."الأغنيتان اللتان لا تتوقف الفضائيات عن بثها في ذلك العيد السعيد - حسب اعتقادهم-.

 وتلكم المسكينة ترى بأنها لاشيء، وأن لقب *الأم* صار حلما بعيد المنال فتتكون لديها حالة من الكآبة والحزن قد لا يفارقانها ما دامت حية.

وأتذكر حلقة من أحد المسلسلات السورية، جسدت هذا الاحتفال وتبعاته، بحلقة درامية تقطع نياط القلوب، فالطفلة اليتيمة(نارا)، تجد نفسها فجأة مع بداية الصباح، حين تشغل جهاز التلفاز، مع أغاني عن الأم، تغير القنوات فتجد نفس الأغنية مكررة هناك، إنه يوم الأم العالمي!!

تغلق التلفاز بحنق، وتذهب لتناول فطور الصباح مع والدها الذي يلاحظ صمتها المطبق، وعينيها الحزينتين.

تسأله الفتاة: لماذا ماتت أمي؟ لماذا تركتنا؟ لماذا الكل سعيد هذا اليوم وباقي الأيام، إلا أنا يذبحني شعور الفقد واليتم، وحين أحاول النسيان والتأقلم، يأتي هذا العيد ليحرك مواجعي؟

تغادر الفتاة من دون تناول الفطور...يتألم الأب، يترك ما بيديه ...فنفسه سدت عن الأكل.

يغادر منزله متوجها إلى عمله...يشغل الراديو....أغاني الأم في كل الإذاعات...يمتعض لذلك، ويلعن ذلك اليوم ومن اخترعه، ويتمنى لو تم حذفه من رزمانة الأيام.


أما عيد الحب الذي يتخذه الأزواج والعشاق يوما لتبادل الهدايا، والمشاعر الرومنسية التي اختفت في متاهات الحياة، ودورة الأيام، فتحدثني صديقتي الطبيبة أنهم يستقبلون في هذا اليوم الكثير من حالات الانتحار، بقطع الشرايين، وحالات أخرى مستعجلة بسبب جرعات كبيرة من الهيروين.

وحين سألتها عن السبب، أجابت(عيد الحب)، وهؤلاء الشباب لا حبيبات لهم!!


بعيدا عن معارك الملتزمين -التي لا أقرها- ما بين مجيز ومحرم، وطريقة الإنكار التي يستعملونها...

 هل وعينا رحمة الله، وعدله، ولطائف تشريعه لنا؟!


.......


#شمس_الهمة 

العيد

 تلك اللحظات الحرجة قبيل يوم العيد، ذلك التعب، والضغط، تلك الأمور التي أنجزت نصفها والنصف الآخر ينتظر منك اتمامه حالا، ذلك التوتر، وتلك الأع...