الجمعة، 26 يونيو 2020

بعيدا عن المثاليات في تعاطينا مع قضايا المرأة


بعيدا عن المثاليات في تعاطينا مع قضايا المرأة:

بينما تفاعل الغالبية مع سلسلة المرأة للدكتور والداعية المتميز (اياد قنيبي) بالإيجاب، تحسرت أنا على نفسي التي لم تقنعها، ولم ترو غليلها تلك السلسلة( ومن أنا أمام الدكتور وعلمه الغزير نفع الله به)، مع أنها كانت حلقات رااائعة، متميزة، وفيها جهد مبذول أثمنه وأحيي صاحبه.
ذلك أنني بعد كثير بحث وتأمل وقراءة في هذا الباب وجدت أن الحديث وحده لا ينفع من دون تطبيق وممارسات على أرض الواقع.
سهل جدا أن نتحدث بمثاليات يخاطب فيها المسلمون الملتزمون، أما العوام فلا يجدي معهم خطابات الوعظ والتذكير دون التطبيق، ودون التطرق للواقع المرير بالتشريح، لا ينفع أبدا في محاولة الإصلاح أن نعتقد أننا بخير، أو نحاول تغطية الشمس بالغربال، أو نتعامى عن النماذج الواقعية المنتشرة بكثرة، وكل محاولة يقوم بها أحدهم فيتلهى بنتائج ومضاعفات المرض دون التطرق للأسباب التي أدت إلى ذلك، ستكون محاولة منقوصة.والدليل أن حلقة (المرأة شغالة البيت) كانت أكثر رواجا من غيرها وذلك لأن صاحبها تطرق لأول مرة لأسباب المرض (ألا وهو عدم تقدير المرأة داخل البيت)وأنصف فيها المرأة رغم أنها لم تكن شافية للغليل كما ينبغي لها أن تكون.
تلك الحلقة شكلت صدمة للرجال-المنصفين- فمن شاهد ردود أفعال الرجال المبدئي، فقد كانت ردودهم كلها اعتراف بالتقصير، وحسرة وندامة، وصلت ببعضهم لدرجة البكاء خوفا من يوم الحساب.
أما تعليقات النساء، فكانت كلها تقول بانعدام التقدير، وأنه لو تم تقديرنا بكلمة حلوة من دون حتى مساعدة فإننا سنتفانى في خدمة أزواجنا بكل حب.
وسرعان ما انتشرت الحلقة انتشار النار في الهشيم، وسارعت كل زوجة لعرض الحلقة على زوجها، وكانت ردة فعل هؤلاء للشيخ مستهجنة، ومهاجمة، ولسان حالهم يقول (إنت خراب بيوت)
ولست هنا أقول أو أنفي أن الدكتور لم يعرج على الواقع، أو غفل عنه، انما عتبي أنه لم يركز عليه تمام التركيز، فثمة ينبغي أن نركز ونعالج.
ذلك أننا وعلى مدى عقود طويلة نصفق ونهلل مع من يتناول مواضيع الحجاب والتبرج وعمل المرأة، ونؤلف فيها الكتب ونلقي المحاضرات، تستمع النساء، يتأثرن، ويصفقن، ويذرفن الدموع، ويعزمن على الاستقامة، ثم تسير كل منهن في دروب الحياة، بعيدا عن جو المدرجات والمثاليات والمحاضرات، لترتطم الفتاة والمرأة بواقع لا يرحم، واقع يقول ما لا يفعل، واقع يعرف ولا يطبق، يعرف ويظلم، ويهضم الحقوق التي قال بها الله من علياء سماءه.
ويعضد موقفي هذا ماذكره الدكتور العارف الشيخ سلمان العودة- فك الله أسره- فقال لأولئك الذين يقولون إن المرأة ليس لها قضية، وأن النساء اليوم أخذن حقوقهن وزيادة.
أن ((ما من بيت إلا فيه قضية إلا القليل)) فإما قضايا مطلقات، أو أرامل، أو من يمنعن من الدراسة، أو من اختيار الزوج وووو الكثير.
لذا فثمة حاجة ملحة إلى أن نترجم خطابنا الإنشائي عن المرأة إلى برامج عملية واقعية...انتهى كلام الشيخ.
وسأتحدث هنا عن تجربتي الشخصية مع بنات جنسي، فقد كنت ولا زلت مناهضة لعمل المرأة وتفلتها، وقد كتبت عن هذا من قبل، وعن خطورة ضياع النشء والأسرة بسبب ذلك، كنت أكتب بعاطفة دينية حارة، بمثالية حالمة بعيدة تماما عن الواقع، كنت لا أكف عن لوم البنات، واتهامهن بالسطحية وحب المظاهر وتقليد الغرب، والجري وراء المادة، ثم وبعد سجالات كثيرة ونقاشات صادقة أدركت أخيرا مرارة الواقع الأليم.
حكت لي واحدة كيف أنها كانت تعمل قبل زواجها في وظيفة إدارية تعتمد فقط على الحاسوب، وكيف أن عملها ذاك كاد يتسبب لها بعاهة مستديمة، ذلك أنها اضطرت لإجراء عملية على مستوى الكتف بلغت قيمتها ثلاثون مليون سنتيم، وكيف أنها وصلت لقناعة أن أفضل مكان للمرأة هو بيتها، وكيف كانت تلعن الوظيفة وأيامها، وأنها ودعتها إلى الأبد غير آسفة، ثم من الله عليها بزوج مقتدر وحياة أسرية هانئة في ظاهرها، لكنها وبعد مرور ثلاث سنوات ضاقت عليها نفسها، فلا خروج ولا دخول، لا جارات ولا صديقات، لا نشاطات ولا لقاءات، لدرجة سببت لها الاكتئاب وقالت أنه انعكس سلبا على زوجها وطفلها وصحتها النفسية التي باتت مهددة، وأصبحت تخاف على عقلها الجنون أو الانتحار.
وأنها تفضل العودة إلى الوظيفة على مافيها، على أن تتحمل جحيم الأسر والتشديد والتضييق والاكتئاب المزمن.
امرأة أخرى تحكي عن حياتها بعد الطلاق، حيث كان لديها ثلاثة أطفال وعادت لبيت والديها واخوتها، وتقول عن ذلك أن المطلقة تعيش الجحيم بعد الطلاق فلا المجتمع يرحمها، ولا حتى أقرب الأقربين بما في ذلك الوالدان، فمن تشديد وتضييق على الدخول والخروج، بحيث تعامل المطلقة كطفل يحتاج مراقبة دائمة، هذا ناهيك أنها ستصبح لا محالة خادمة لنساء إخوانها، وان لم تفعل اتهمت بأنها مفتعلة مشاكل، ليس هذا فحسب فحين تم تناول ملف المطلقات قالت احداهن أن لها ست شقيقات، يأتين في المناسبات لزيارة الوالدين وتقوم هي طيلة ما يزيد عن عشرة أيام بخدمة الشقيقات وأطفالهن، ولا تسمح لها والدتها بأن تتقاسم وأخواتها مسؤوليات البيت، بحجة أنهن ضيوف وأنها ليست كذلك، فلا يحق لها استئناس ولا راحة ولا استمتاع بجو حميمي طيلة تلك الأيام تظل مدفونة في المطبخ ما بين طبخ وغسيل وتنظيف وقيام على شؤونهن، فكيف ينصف المجتمع المطلقات اذا كانت الأم والأب والإخوة لا يفعلون؟!
احدى الطبيبات حدثتني عن قسم الأمراض والاضطرابات النفسية وقالت أن لديهن ثلاث طوابق مخصصة جلها للنساء في مقابل طابق واحد للرجال، قالت أن النساء في مجتمعاتنا أكثر عرضة للاكتئاب والأمراض التفسية المختلفة بسبب الظلم والمشاكل.
طبيبة أخرى حدثتني أن نسبة 90٪ من حالات تفاقم خلايا مرض السرطان لدى النساء، هو رفض أزواجهن الكشف المبكر، وبخلهم على زوجاتهم في هذا الجانب والاقتصار على العلاج المجاني.
قصص أخرى لعازبات تجاوزن الثلاثين والأربعين دون ارتباط شرعي ولا زالن يعاملن كالأطفال الذين لا يتركون وحدهم.
حياتهن معطلة ولا يسمح لهن بأي شيء، فقط ممارسة حرفة الانتظار، انتظار العريس الذي قد لا يأتي أبدا.
هذه هي الحياة الواقعية البائسة التي تنتظر غالبية النساء إن لم يدرسن ويعملن، هذه الحياة يعتبرها المجتمع شكلا طبيعيا للعيش، وكأنها إرادة الله، وليس لنا الحق في رفضها أو التصرف بها.
المرأة الماكثة عندنا غير مقدرة، سواء كانت بنتا، أختا أو زوجة، لا أحد يقدر ما تقوم به، دعونا لا نكذب على أنفسنا، أو نخدع الفتيات ونجمل لهن الأمر، لا أحد يسمح لها بارتياد المساجد والمدارس القرآنية، أو زيارة الأخوات لتبادل المعارف، لا يحق لها وقت خاص، فالكل يستبيح وقتها ويأخذ منه كما يشاء، لا أحد يقف معها إن هي مرضت مرضا مزمنا يتطلب التنقل بين المستشفيات.
لذلك كل من ناقشتهن قلن لي أن الوظيفة على مساوئها هي المتنفس الوحيد لهن، وهي الحل الوحيد للظفر ببعض الحقوق كحق الخروج، وإقامة علاقات صداقة مع البنات، بالإضافة للاحساس بالأمان الذي توفره أموال الوظيفة.
المرأة أعدت لأدوار عظيمة إن أحسنا تهيئتها لذلك، و إن كانت التربية المستقيمة لها أهم سبل التهيئة فإنها وحدها غير كافية... العلم الصالح من مصادره الطيبة و المعرفة الاجتماعية التي لا تتسنى إلا بالانتماء للمجتمع، يشكلان عاملان هامان الى جانب التربية للتهيئة السليمة للمرأة بعيدا عن كل العقد النفسية ....
المرأة دون الرجل كائن رسالي، لا يعني أن لا رسالة للرجل إنما الدور الرسالي للمرأة أعمق و أهم " المرأة مدرسة إن أعددتها أعددت شعبا طيب الاعراق"... دورها أساس في تنشئة مجتمع سليم من خلال تنشئتها للمصلحين المنشودين لذلك...
هكذا دور ألا يحتاج الى تنشئة نساء أهل لذلك : تنشئة تربوية، علمية ، معرفية ، واجتماعية؟!
للأسف لا يتأتى كل ذلك بحبسها بالبيت، لأنه أصبح من الصعب التفلت من الملهيات فيه، من أشغال يومية، و برامج تلفزيونية تبعدها عن النشأة السليمة ، أضف إلى ذلك صعوبة التعلم بدون معلم معين يساعد بشكل خاص على الانضباط، و تحديد المصادر الأهم لطلب العلم....
صار لزاما علينا الالتفات إلى ذلك، فنحن ننادي بالإصلاح و نفسد أهم حلقة فيه " المرأة".
لا ينفع أبدا التصدي لخطاب النسوية بمواضيع انشائية، ولن يجدي أبدا محاولة ثني النساء واقناعهن أن البيت جنة رحبة، وهو في الواقع ليس كذلك البتة.
هكذا محاولات ستكون بمثابة التربيت على كتف امرأة مسحوقة تحتاج دعما حقيقيا وتطبيقا عمليا لتلك الأقوال.
أي محاولة لإقناع المرأة بلزوم الجادة، وكسبها في صفوف الحرائر الطاهرات المنضبطات، هو محاولة فاشلة اذا لم نقم بالقضاء على التقاليد في مقابل تحكيم الشرع.
ذلك أن الحديث عن الحقوق شيء، وتطبيقها الفعلي في أرض الواقع شيء آخر تماما.
فما ينقصنا حقا هو تطبيق حقوق المرأة، وليس التغني بها في مؤتمرات بطريقة إنشائية بحتة.
من المؤسف حقا أن المرأة في المجتمع المسلم اليوم، لم تجن الى الآن أي فائدة من وراء كلامهم عن حقوق المرأة *المجرد عن التطبيق*.
إنما السبيل إلى ذلك يتحقق فقط من خلال اعطاء المرأة حقوقها الإنسانية والاسلامية.
فاذا منحنا المرأة حقوقها المشروعة حقا، نكون قد أعددنا أفضل عنصر قادر على مجابهة هذا الهجوم.
واذا منعناها حقوقها نكون قدمنا أجّل خدمة لهذه الدعوة المشؤومة.
لذلك نجد صنفين من المثقفين، صنف يروم الانعتاق و القضاء على التقاليد البالية، فيقوم بالقضاء على الدين معها.
وصنف آخر يروم الدفاع عن الدين فيدافع معه على التقاليد البالية.
وذلك بسبب أن التقاليد والدين صارا مزيجا متداخلا، لا يملك الطرفان التمييز بينهما.
فإذا كان علماء الدين عاجزين عن الفصل بين التقاليد والدين، فهل يرتجى ذلك من الشباب؟!
وكل هذا يجعل المرأة حين تفكر في الحرية لا تجد أمامها إلا النموذج الغربي الحاضر أمامها.
لذلك قبل محاربة النسوية، قبل محاولة وعظ النساء، نتمنى التركيز على محاربة العاهات والتقاليد التي ما أنزل الله بها من سلطان، حينها فقط ستستمع النساء وترعوي.
ختاما:
الخطاب لا يجب أن يقوم فقط بالتركيز على الحديث عن الواجبات، انما الحديث عن الحقوق وتعريف المرأة بحقوقها مقدم على توعيتها بواجباتها، فمتى ما عرفت المرأة حقوقها والطرق الصحيحة الموصلة اليها، سهل عليها أداء واجباتها.
والوعظ والتذكير لا يكون للمرأة دون الرجل.
وليت الدكتور اياد قنيبي يقدم سلسلة خاصة بالرجل كما فعل مع الأنثى، لتعتدل الكفة، فالخطاب الشرعي لا يجب أن يكون انتقائيا يركز على المرأة ويلقي عليها باللائمة ويعرفها واجباتها، ويهمل توجيه الرجل وتهذيب سلوكه.
#شمس_الهمة



كيف نعالج قضايا المرأة انطلاقا من آراء ثلة من المفكرين حول الأمر:

كيف نعالج قضايا المرأة انطلاقا من آراء ثلة من المفكرين حول الأمر:

🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸

ميز مالك بن نبي بين موقفين متقابلين من قضية المرأة: موقف المتمسكين بإبعاد المرأة عن المجتمع وإبقائها في وضعها التقليدي الذي كرسته التقاليد، وموقف الداعين إلى أن تخرج المرأة في صورة تلفت إليها الغرائز. ورأى أن موقفي هذين الفريقين يصدران عن دافع واحد هو الغريزة. وهذان الموقفان لا يساهمان في حل المشكلة، بل ربما زادا الطين بلة. وإذا كان موقف الداعين إلى التحرر على النمط الغربي واضح الأخطار على المجتمع الإسلامي بسبب ما يؤدي إليه من ترسيخ للتبعية وتبليد للحس الإسلامي وضرب الهوية الخاصة للأمة، فإن الموقف الثاني قد يكون أشد خطرا لأنه يعطي لأعداء الأمة المبررات للخوض في سمعة الإسلام والتشكيك فيه، ويجعل المرأة حين تفكر في الحرية لا تجد أمامها إلا النموذج الغربي الحاضر أمامها.
من أجل ذلك يستبعد مالك هذين الموقفين لأنه "لا أمل لنا أن نجد في آرائهما حلا لمشكلة المرأة"

- هناك امرأة من نوع ثالث، امرأة لا تقبل النموذج الموروث للمرأة، ولا تقبل النموذج المستورد الوافد من أقذر وأسوأ أعداء الإنسانية. وهي تعرف كلا النموذجين حق معرفتهما، وما يفرض عليها باسم التقاليد الموروثة لا صلة له بالإسلام.(علي شريعتي).

- وذكر أيضا أن تيار التغريب عصف بالمجتمعات الإسلامية نتيجة لتيارين، تيار المنسلخين التقدميين الذين روجوا له بين أبنائنا. وتيار المحافظين والتقليديين الذين قاوموا هذا التغريب من خلال وسائل المقاومة البدائية، والتصدي المتعجرف الذي صدر عنها.
والذي ساهم على نحو غير مباشر في تمهيد الأرضية في مجتمعاتنا لقبول الفكرة التغريبية أكثر.
وشبه ذلك كمثل بقعة بنزين اذا أريقت في موضع وشبت فيها النار.
فكلما حاول بعض السذج اطفاءها بأساليب متسرعة وغير مدروسة ازدادت اشتعالا.
وهذا هو السبب الذي جعل التصدي البدائي للغرب، غالبا ما يكون مدعاة لقبول تلك الأفكار في المجتمع، وايجاد عقد وردود لدى أبنائه يسفر عنها الترحيب بما يدعو إليه الغرب.(علي شريعتي).

رأي ماجد عرسان الكيلاني في قضايا المرأة:
- يقول ابن تيمية: "المحرمات جميعها من الكفر والفسوق والعصيان إنما يفعلها العبد لجهله أو حاجته، فإنه إذا كان عالما بمضرتها وهو غني عنها، امتنع أن يفعلها....فأصل وقوع السيئات منه عدم العلم أو الغنى".

- لذلك لا يكفي لعلاج المحرمات والبدع والضلالات أن توعظ العامة بعدم شرعيتها ليعلموا مضرتها، وإنما لا بد أن يقترن الوعظ بأهمية العدل، ومحاربة الظلم لتختفي"الحاجة" التي تدفع الناس في طريق الضلالات والبدع، وتجبرهم على الوقوع في الكفر والفسوق والعصيان.

وكثيرا ما أخطأت الحركة الإسلامية المعاصرة ممثلة بالعلماء والمفكرين حين ركزت على المظهر الديني، مع التنديد بمضاعفات القصور والمخالفة والعصيان في المظهر الاجتماعي، فهي مثلا ألقت خطبا كثيرة وألفت كتبا عن لباس المرأة وخروجها إلى العمل وتبرجها، دون أن تنتبه للسياسات التي دفعت بالمرأة دفعا إلى ذلك، ويأتي على رأس هذه السياسات اغتيال العدل، وتفاوت فرص العيش، وانعدام وسائله الكريمة، مما دفع بالمرأة للخروج بالشكل الذي خرجت به، وأجبرت على تنفيذ متطلبات التسويق ورواج البضاعة في لباسها وتبرجها.
- والغفلة عن السبب تجعل الحركة الاسلامية تدين الضحية وتنسى الجاني، وتخاصم المرأة وأبناء الطبقة العاملة وتجعلهم فريسة سهلة أمام التيار الوافد من الخارج.

- وتحتاج المجتمعات الإسلامية أن تتجاوز الحس الذي انتهى إليه ابن تيمية، إلى درجة الوعي الذي يشخص الظاهرة ويعالج بدعها وضلالاتها بتجفيف المسببات الرئيسة لها، ودواء العدل وتوزيع الثروات وصيانة الحريات، بظل التعامل معها بمنهج المحاكمة والإدانة الذي يدين" الضحية" ويتجاهل" الجاني".

- من القضايا التي يشدد عليها المنهج العلمي في البحث أمران:

الأول:هو تحديد المشكلة تحديدا دقيقا، لا التلهي بالأعراض والمضاعفات الناجمة عن هذه المشكلة.

الثاني:هو أن دراسة المشكلة لا تتوقف عند حاضرها بل لابد من الوقوف على أصولها، ثم تتبع تاريخها والتطورات التي مرت بها.

- الكتب المؤلفة لعقد من الزمان حول المرأة، تناولت المسائل العتيقة المعروفة لدى الجميع فذكر الدكتور عبد الكريم بكار:
((نظرت فيما كتب حول المرأة المسلمة عبر الخمسين سنة الماضية فوجدت أن 80% منه يركز على كيفية صونها والحفاظ عليها وبالتحديد حول حجابها وشروط عملها خارج المنزل واختلاطها بالرجال اﻷجانب. أما ال 20% فإنه يركز على تنمية المرأة!
في نظري كان الواجب هو العكس تماما فنحن في حاجة إلى اﻷفكار واﻷدبيات والمبادرات التي تساعد المرأة على أن تكون أما ممتازة وداعية مؤثرة ورائدة في العمل الخيري....
طبعاً معظم الكتابات كانت بأقلام الرجال أو بأقلام نساء يرددن ما يقوله الرجال مع أنه في نظري لا يفهم المرأة إلا المرأة.
كلي أمل أن تتغير هذه الصورة الباهتة.))

عمل المرأة (المتزوجة تحديداً) وقضائها كل تلك الساعات بعيداً عن أطفالها هو مأساة كبرى.. ‬

‫لكن المأساة الأكبر تكمن في الظروف التي تدفعها لذلك.. النظام الاقتصادي الذي يجعل راتباً واحداً لا يكفي.. أو التسلط الاجتماعي الذي يجعل استقلالها الاقتصادي أولوية مقدمة على كل شيء آخر.‬

#ديك_الجن

معارك الدعاة والعلماء، وسعي العوام بالغيبة والنميمة بينهم:

معارك الدعاة والعلماء، وسعي العوام بالغيبة والنميمة بينهم:


قبل يومين حصل همز ولمز بين ثلاثة دعاة يحسبون على الوسط الإسلامي للأسف، وثلاثتهم أقران فيهم من الخير الكثير، غير أن لكل واحد منهم أخطاءه الصغيرة أيضا والمغمورة في بحر حسناته.

الأمر كان محزنا، ومؤسفا، وصادما لكثيرين، خصوصا فئة الشباب الذي يتخذ هؤلاء كقدوات.

إلى هنا الأمر عادي، فقد تعودنا صراع الديوك والمعارك الكلامية بين المشايخ والدعاة الذين يحسبون على الوسط الملتزم للأسف الشديد.

ما لفت انتباهي مشايخ وأساتذة من خروبة، ومشايخ آخرون من مصر، وجدتهم يشاركون على صفحاتهم طعن هذا في ذاك، وكلام هذا عن ذاك، وكل يصطف مع شيخه ضد غريمه.
لم أجد من هؤلاء من يقول كلمة طيبة، أو اصلاحا بين الناس.

أما تعليقات العوام فحدث ولا حرج، يدخلون لصفحة هذا، فينقلون له كلام الآخر عنه، ويذهب بعضهم إلى آخر ويقول له بصيغة الأمر نريد ردك على ما قال فيك فلان.

ولا تسل عن النخب من إعلاميين ومؤثرين، أناس لا ناقة ولا جمل لهم، اصطفوا مع واحد ضد الآخر.

وتذكرت أن هذه الآفة كانت موجودة بشكل ما في عصور مختلفة، من ذلك أنهم نقلوا للشيخ أحمد ابن حنبل كلام شيخ آخر عنه فكان رده رحمه الله:(( ما حيلتي شيخ صالح بلي بي!)) وما زاد عن ذلك.

فانظروا إلى الأخلاق، وإلى التربية يومها، وقارنوها مع يومنا وأخلاقنا وأخلاق علمائنا الذين يذهبون مع العوام كل مذهب، فلا يجد العوام رادعا ولا عتابا.

وقد حذَّر العلماء من هذه الآفة، وبيَّنوا خطورتها، خاصَّةً إذا كانت بين العلماء.

قال ابن عباس رضي الله عنهما: استمعوا علم العلماء، ولا تُصدِّقوا بعضهم على بعض؛ فوالذي نفسي بيده، لهم أشد تغايُرًا من التيوس في زَرْبِها[12].

وقال أيضًا: خذوا العلم حيث وجدتُم، ولا تقبلوا قول الفقهاء بعضهم في بعض؛ فإنهم يتغايرون تغاير التيوس في الزريبة[13].

وقال مالك بن دينار: يُؤْخَذُ بقول العلماء والقُرَّاء في كل شيء، إلا قول بعضهم في بعض؛ فلهم أشد تحاسُدًا من التيوس[14].

والعلماء لا يحسدون بالمعنى المذموم البغيض، وإن كان ينشأ بينهم نوعٌ من التنافس، قد يجُرُّ إلى قليلٍ من الحسد، فينشأ عنه كلام سوء، وخروجٌ عن الجادة.

فالله الله في علمائنا ودعاتنا، والحذر الحذر من السعي بالغيبة المحرمة بين العلماء.


#شمس_الهمة





هل يجدي الفكر الانسحابي؟


هل يجدي الفكر الانسحابي؟!(ردا على مقال لماذا لا نحتاج إلى طبيبات؟)
قرأت قبل مدة في صفحة مسلمة خلاف الحداثة، مقالا -لا أجده اليوم- فالواضح أنه حذف، بعنوان(لماذا لا نحتاج إلى طبيبات؟)
تقول فيه صاحبته أن مهمة المرأة وأولويتها هي بيتها، زوجها، وأولادها، وأن على النساء لزوم الخدور، خصوصا أن واقع المستشفيات يفرض على المرأة المناوبات الليلية التي تقضيها غالبا مع أطباء رجال وأجانب عنها.
وأننا لن نحتاج إلى طبيبات لأن غير الملتزمات يقومون بسد هذا الثغر.
وذكرت أيضا أن الفقهاء أجازوا تطبيب الرجل للمرأة في الضرورة وحال عدم وجود طبيبات، وأن  التداوي عند رجل، آمن و أولى لنساء المسلمات من تعريضهن وتعريض شرفهن لتقضي الواحدة منهن جل أوقاتها مع الرجال.
فكيف نخاف مداواة الرجل للمرأة التي تكون رفقة محرم، ولمدة مؤقتة، ولا نخاف على بناتنا الطبيبات من واقع المستشفيات؟
وقالت أيضا، أن على المرأة أن تهتم لشأنها ونفسها، بيتها وأولادها في المقام الأول، ولا تلتفت لاحتياجات الناس.
ضعوا خطا تحت جملة لا تلتفت لاحتياجات الناس!!
واليوم قرأت للدكتور إياد قنيبي حواره الجميل اللطيف مع ابنته عندما تمنى لها أن تصبح داعية، لكنها ردت عليه بأنها تريد أن تصبح أما وربة بيت وصانعة رجال( زي ماما)، إلى هنا الأمر جميل ورائع.
لكن حقيقة مالفتني هو قوله( أعجبَتْني إجابتها وحمدت الله على سلامة فطرتها وصدقها، وأنها تريد التركيز على أولوياتها قبل التفكير في الناس).
وهنا أيضا ضعوا خطا تحت جملة (قبل التفكير في الناس).
في الجزائر يعمد فقهاء السلفية والمدخلية لتحريم وتجريم الدراسة في الجامعات لأنها مختلطة، وقد ضاع شباب وبنات من النوابغ بسبب هذه الفتاوى، وهذا بشواهد من الواقع.

خطاب الانسحاب والانعزال عن الناس، والعيش على الهامش، والاهتمام لشؤوننا الخاصة دون شؤون غيرنا من المسلمين والمسلمات أراه نوعا من الأنانية، ناهيك أنه خطاب دروشة مرضية كدروشة المتصوفة.
فالواقع السيء، وجور الحكام وغياب العدل دفع بأسلافنا إلى الاغتراب في عالم الدراويش، ورؤى السعادة المتخيلة، والنكوص عن مواجهة التحديات  وتحمل المسؤوليات.
فتنسحب منه إلى عالم ميتافيزيقي ، وتعيش معطلة الفاعلية، لا أثر لها في الأحداث ولا وزن في مجابهة الأخطار والتحديات.
وتلون ثقافتها وقيمها بالأحلام التي تتحدث عن عدل موهوم ورخاء متخيل، وعالم تعبدي ملائكي.
الإسلام دين واقعي، يراعي ظروف واحتياجات الناس، ولا يأسرهم في عالم المثاليات الزائف.
أولا ليس صحيحا ما يشاع وما يروج له من أن جامعاتنا ومستشفياتنا تعج بالفساد وانعدام الأمن والأمان لدرجة تشبه دور البغاء.
حتى ليخيل للسامع أن كل الطالبات الجامعيات أو الطبيبات معرضات بين لحظة وأخرى للاغتصاب.
هل يقول بهذا عاقل؟
هل نعيش في غابة؟
ولم جعلت ادارات للمستشفيات، وحراسة وووو؟
والعارف بكواليس العمل في المستشفيات، يدرك جيدا أن ما تتخيله عقولنا المريضة عن الوضع الليلي في المشافي أنه هدوء تام، وسكون، وخلوة، وليال حمراء بين العشاق خاطئ تماما.
فعالم المشافي في الليل لا يختلف عن النهار، فهنالك الإنارة والأضواء الساطعة، والحركية الكبيرة للمرضى، والأطباء والطبيبات والممرضين والممرضات، اضافة لأمن المشفى.
وإن كان هنالك حادثة أو اثنين فلا يدفعنا هذا للتعميم، ناهيك أن أغلب الحوادث التي حدثت كانت أغلبها برضى الطرفين، وكأي مكان في العالم يوجد الطيب والشرير، والمؤمن والعاصي ووو.
ثانيا: الإسلام مثالي بواقعيته، وعالم الصحابة لم يكن ملائكيا خاليا من الأخطاء كما نتوهم.
هنالك الكثير من القصص والحوادث والشواهد التي حصلت زمن الرسول صلى الله عليه وسلم، وعالجها عليه أفضل الصلاة والتسليم بطريقة رائعة وليس انسحابية كما نفعل اليوم.
قصة المرأة التي عمد الصائغ اليهودي إلى طرف ثوبها فعقده إلى ظهرها، فلما قامت انكشفت سوأتها، فضحكوا بها، فقام مسلم فقتله دفاعا عنها.
كيف تصرف عليه الصلاة والسلام والصحابة حيال الحادثة؟
هل قاموا بلوم المرأة، لأنها خرجت إلى السوق؟
هل قالوا لها كما يقال لنا اليوم(مكانك في المطبخ)؟
هل استصدر الرسول عليه الصلاة والسلام قانونا يجرم خروج النساء إلى الأسواق، أو قانونا يجرم التعامل مع اليهود؟
الإجابة: لا، طبعا، لم يحدث أي من ذلك
الرسول صلى الله عليه وسلم لم يحاكم الضحية، بل حاكم الجاني.وقام بحرب لأجل امرأة.
حادثة أخرى:
هي حادثة تروى عن المنافقين أو حديثي العهد بالإسلام حال الصلاة، حيث كان الواحد منهم اذا ركع نظر من تحت ابطه بسبب امرأة حسناء كانت تصلي وراء الرجال رفقة النسوة.
روى النَّسَائِيّ وَالتِّرْمِذِيّ عَنْ أَبِي الْجَوْزَاء عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : " كَانَتْ اِمْرَأَة تُصَلِّي خَلْف رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَسْنَاء مِنْ أَحْسَن النَّاس , فَكَانَ بَعْض الْقَوْم يَتَقَدَّم حَتَّى يَكُون فِي الصَّفّ الْأَوَّل لِئَلَّا يَرَاهَا , وَيَتَأَخَّر بَعْضهمْ حَتَّى يَكُون فِي الصَّفّ الْمُؤَخَّر , فَإِذَا رَكَعَ نَظَرَ مِنْ تَحْت إِبْطه"
هل قام عليه الصلاة والسلام ببناء الجدار العازل؟ وهل قام بمنع النساء من الصلاة في المساجد؟
الإجابة، لا، لم يحدث هذا، انما تم علاجه بتقنينه، وضبطه وغرس التقوى والضمير في نفوس أصحابه.
وهنالك قصص وحوداث كثيرة لا يسع المقام لذكرها كلها.
أتسائل كيف السبيل إلى تحقيق أنظمة وقوانين تساعد المسلم والمسلمة، في ظل وجود الأنظمة والقوانين الغربية؟
اذا نحن لم نندمج، ونحارب ونناضل للحصول على هذه الحقوق فمن سيفعل؟
ويحضرني هنا ما حدث مؤخرا بعد وفاة الداعية السويسرية المنقبة، كل الرجال وكل الفئات أصبحت تترحم، وتثني عليها وعلى خصالها، وأول هؤلاء كان أولئك الداعون لبقاء المرأة في البيت وتحريم وتجريم الاختلاط، والعوائق الكثيرة التي يضعونها أمام سفر المرأة وووو.
أتساءل لو التزمت تلك الداعية بتلك الفتاوى المتشددة هل كانت ستنفع الإسلام والمسلمين، هل كانت لتدرس أو تسافر أو تقوم بالدعوة؟
ثم ما هذه الإزدواجية؟
يحبون المرأة الداعية والمؤثرة، لكنهم لا يرغبون لبناتهن وزوجاتهن أن يكن كذلك؟
أتخيل لو حبس كل رجل زوجته وابنته، هل سنجد الطبيبة والداعية والمربية والمؤثرة؟
في الجزائر وفي أزمة كورونا ظهر (أخينا)، أي الشاب السلفي الملتحي، لأول مرة في التلفزة الجزائرية كمخترع، ومبدع ووو.
فأشاد الجميع به وبروحه وأخلاقه وانجازاته ووو.
طيب لو التزم هذا الشاب بدعاوى تحريم الاختلاط والدراسة في الجامعة، هل كنا سنسمع له حسا؟
والغريب أن كل ذلك الثناء كان من هؤلاء الذين يربدون العيش على الهامش، وتعطيل الحياة، وايقاف عجلتها.
ثالثا:
عمل المرأة المتزوجة(النابغة في مجال معين، والتي يحتاجها المجتمع بشدة)، وقضائها كل تلك الأوقات بعيدا عن زوجها وأطفالها هو مأساة كبرى ولاشك.
لكن الحل لا يكمن أبدا في ابعادها، وحبسها أو ثنيها عما تقوم به، بل الواجب توفير الجو المناسب لعملها، وتوفير من يقوم بالعناية بأطفالها تعليما وتأديبا.
حتى في الجاهلية كانت النسوة يدفعن بفلذات أكبادهن إلى البادية لينشأوا على الفصاحة والأدب، وبعد النظر، والمروءة والنبل والشجاعة.
فهل قال قائل منهم آنذاك لنساء تلك الحقبة أنكن تضيعن الأطفال وتهملنهم؟
ثم لدينا في موروثنا الإسلامي زمن الأمويين والعباسيين ثقافة المؤدب للأطفال، بحيث يعنى بتثقيفهم وتأديبهم بدل الأمهات.
ولعله ظل متعارفا حتى أنك حين تقرأ سيرة الشيخ عبد الحميد بن باديس ستجد أن الأسر يومها كانت تبعث بأبنائها للمؤدب.
فلماذا نستخسر نحن على المسلمات المؤثرات والقائدات ذلك، علما أن مقام المؤدب تقوم به حضانات أطفال معاصرة وراقية جداا وبعضها اسلامي؟!
وأرى أن من واحبنا تجاههن أن نوفر لهن ذلك وندعمهن في مسيرتهن، لا أن نثنيهن عن ذلك.
والأولى النضال من أجل تغيير القوانين الوضعية كي تناسب المرأة والأسرة، لا أن نحارب عمل المرأة كلية.
وفي هذا تقول(آن ماري سلوتر):
في نهاية المطاف، يتعين على المجتمع أن يتغير، وأن يقدّر الخيارات التي تُقدِّم الأسرة على العمل بقدر ما يُقدّر الخيارات التي تُقدِّم العمل على الأسرة، إذا قدّرنا تلك الخيارات بالفعل، فإننا سنُقدّر الناس الذين يتخذونها؛ وإذا قدّرنا الناس الذين يتخذونها، فإننا سنبذل كل ما في وسعنا لتوظيفهم وحمايتهم؛ وإذا فعلنا كل ما في وسعنا للسماح لهم بالجمع بين العمل، والأسرة بالتساوي مع مرور الوقت، فإن الخيارات سوف تصبح أكثر سهولة.
رابعا:
تربية الفتاة أن مسؤوليتها الأولى في الحياة، هي بيتها، زوجها، وأطفالها، وأن الفطرة الطبيعية تقتضي ذلك، أمر لا غبار عليه، ولا يتعارض البتة مع اعدادها وتهيئتها الإعداد الحسن، بالتربية والتثقيف، والحصول على الشهادة، ونفع النساء وسد ثغرة النقص في مجالها الذي تتقنه.
يجيب موقع اسلام ويب عن سؤال فتاة تقول فيه، هل يجوز لوالدي منعي من الدراسة مايلي:
من الأمور الواجبة على الوالد نحو ولده ، في كفالته ، وقيامه على شأنه ، أن ينفق عليه النفقة التي يحتاجها ، من مطعم ، وملبس ، ونحو ذلك.
والتضييع كلمة مطلقة تشمل كل ضيعة تأدبية ، أو تعليمية ، أو مالية ، أو غير ذلك من تضييع حقوق الأبناء على الآباء .
وإذا كان تقدير نفقة الزوج على زوجته وأبنائه من جهة الطعام والشراب واللباس تتغير بتغير الزمان والمكان وبحسب الوسع والقدرة ، فمن باب أولى أن يتغير مستوى التعليم الواجب ، فكان في العصور السابقة مقتصرا على تعليم الفرائض والواجبات ، وأصبح اليوم شاملا للتعليم الجامعي الضروري ، إذ كلما تقدمت الأمم وارتفع الحد الأدنى من التعليم زادت مسؤولية الوالدين في رعاية أبنائهما على هذا الصعيد ، وصار الحد الأدنى هو المعروف بين الناس ، فالعادة محكمة ، والعرف له سلطانه وتأثيره .
أتساءل دوما هل يصبح المطلوب من الفتاة التي شاء حظها ألا تولد في الخدور المرفهة أن تقبع في بيتها انتظارا للعريس الغني فلا تثقف نفسها بالتعليم ولا تكسب من عمل شريف؟ لا والله، بل تخرج وتتعلم وتعمل وتكسب ملتزمة بآدابها وحشمتها.
وأتساءل أيضا عن مصير أولئك النابغات والطاقات الهائلة التي يملكنها لخدمة المجتمع، والتي إن لم يجدن وجوها لتصريفها، عادت عليهن بالضرر الجسيم؟
فامرأة نابغة مثل زها حديد مثلا، حباها الله تلك الموهبة وذلك العقل، لتخدم به المجتمع ولم يهبها ذلك عبثا.
وغيرها كثيرات من طبيبات وداعيات ومؤثرات وعالمات ووو.
والخطر كل الخطر أن يتراجع أصحاب المواهب والقدرات والإمكانات، ليرضوا بلعب دور صغير في الحياة، تاركين الساحة لمن هم أقل منهم لقيادة الدفة.
كريم الشاذلي(عش عظيما).
إن الزاهد المنقطع في عرعرة الجبل، ينظر من صومعته إلى الدنيا، ليس بأحكم ولا أبصر ممن ينظر من آلامه إلى الدنيا.
إن الزاهد يحسب أنه قد فر من الرذائل إلى فضائله، ولكن فراره من مجاهدة الرذيلة هو في نفسه رذيلة لكل فضائله.
وماذا تكون العفة والأمانة والصدق والوفاء والبر والإحسان وغيرها، إذا كانت فيمن انقطع في صحراء أو على رأس جبل، أيزعم أحد أن الصدق فضيلة في إنسان ليس حوله إلا عشرة أحجار؟!
وأيم الله إن الخالي من مجاهدة الرذائل جميعا، لهو الخالي من الفضائل جميعا!!
#الرافعي
ختاما:
تشعر بأن مجتمعنا بحاجة إلى جامعات و مستشفيات اسلامية محترمة ؟
تشعر إلى أن ما هو متوفر من قوانين وضعية لا يساعد المرأة المسلمة ولا المتزوجة؟!
تشعر أن قانون ساعات العمل لا يخدم المسلمات؟
أنت محق.
لكن لا تنتظر أن يقوم أحد ما بتوفير هذه الأمور.
كرس حياتك لكي تنتج ما يسد هذا النقص.
لا تنتظر الفرج !
فهو لا يأتي قط لمن يكتب الطلبات..وينتظر تحققها.
والقوانين لا تتغير من تلقاء نفسها، القوانين تتغير بعد سنوات من النضال.
#شمس_الهمة

كتبنا ومؤلفاتنا لا تخرج عن نمط ردات الفعل العاطفية!!


كتبنا ومؤلفاتنا لا تخرج عن نمط ردات الفعل العاطفية!!
قبل أيام كتبت مقالا بعنوان (هل يجدي الفكر الانسحابي؟)، وذكرت ضمن المقال الجملة التالية(لنتفق أولا أن الفقه الإسلامي ليس هو الإسلام، والدعاة الملتزمين لا يمثلون بالضرورة الإسلام.)، جملة عفوية لم يدر بخلدي أنها ستسبب شبه أزمة عالمية.
فانبرى أحد الإخوة يشهر بي في المجالس ويقول انظروا تأثير الفكر النسوي، شمس تريد إلغاء آراء الفقهاء، شمس تردد ما يقوله الحداثيون ووو الكثير من هاته الاتهامات.
لن أتحدث أنه ترك المنشور كلية وركز على جملة واحدة، وبنى عليها أحكامه، واتهاماته، وأخذ يرغي ويزبد ويتنمر ووو. ولن أتحدث عن أسلوبه المنفر في الرد.
لكن راجعت مقالي بعدها، و تأملت كلامه فيما بعد، وبحثت في الأمر، فوجدت أن هذه العبارة يرددها الحداثيون والفيمينست كثيرا، لعدة أهداف منها ضرب المرجعيات، وتطويع الفقه والأحكام لصالح الحداثة وووو.
أما من أين جئت أنا بهاته الجملة، وأنا لم أقرأ للحداثيين أو النسويات من قبل، فلا أعرف.
فكرت كثيرا في الأمر، ثم تذكرت أني سألت دكتور شريعة مرة ليرشدني فقد بت لا أقتنع بكلام المشايخ، خصوصا في قضايا المرأة، وأنني أخاف على نفسي من هذا.
فأجابني أن المشايخ ليسوا هم الإسلام بالضرورة، وكذلك الفقه فهو جزء ضمن مظلة الإسلام الواسعة، أما بعض الأمور الفقهية فمن حقي وحقك أن نرفض أو لا نقتنع ببعضها، ونبحث ونسأل حتى نعثر على الحق الذي يسكت شكوكنا وأفكارنا، وذكر لي الصحابية التي لم تقتنع بحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخذت تجادله حتى أنزل الله حكما يرضيها.
ذلك الأخ لو اكتفى بتنبيه بسيط، أن هذه الجملة وراءها ما وراءها، وأن الحداثيين يستعملونها بكثرة، وحبذا لو حذفتها أو قمت بتعديلها، لكنت فعلت وعدلت المقال بمنتهى البساطة.
بحثت أكثر في الموضوع، وقرأت مقالات المشايخ والدعاة عن الأمر، لكن مع ذلك لم أراه ذلك الشيء الخطير.
فليس بالضرورة  رفض كل ما يقول به العلمانيون، وأن ليس فيه بعضا من الصحة، فالمسلم لا يرفض الحق لمجرد أنه خرج من فم علماني مع اقرارنا برغبتهم في استعمال ذلك الحق بطرق خبيثة، يهدفون من وراءها لتمييع أحكام الدين، وإسقاط القدوات وووو.
وكما يقول الأستاذ عمار جيدل: المتجرد للحق لا يتوقف عن [من] يقول، ولكنه ينظر إلى جملة [ما] يقول.
ناهيك أن الكثير من العلماء يقولون أن فقه القرون المتأخرة بحاجة إلى مراجعة، والتكلس وتقديس أقوال أئمة المذاهب أدى إلى تعطيل الفكر الإسلامي عن الإبداع، والاجتهاد
وتعطل الاجتهاد لم يكن بسبب اغلاق باب الاجتهاد بسبب العلماء كما يشاع، ولكن الاجتهاد تعطل لأن المختصين تحولوا من الاتصال المباشر مع القرآن والسنة إلى الالتزام بكلام أئمة المذاهب، والانغلاق عن التفاعل مع الآخرين، وسياسة الاقصاء للآخر فلا يتعلم شخص من آخر.
ذلك أن الاجتهاد هو ثمرة النظر في مصدرين:
أولها: ( القرآن والسنة) ومن مظاهر اعجازهما هو تجدد معانيهما بتجدد الأزمنة وتنوع الأمكنة.
ومن الطبيعي أن لا يحدث ذلك مع كتابات أئمة المذاهب، فليس لها مثل هذا الإعجاز ، فإنما هي أفهام بشرية محدودة بحدود الأزمنة التي عاصروها، والأمكنة التي عايشوها.
والمصدر الثاني هو الآفاق والأنفس أي البيئة الطبيعية والاجتماعية، وهذه انقطعت عن أتباع المذاهب بسبب التقوقع على الذات والاقصاء للآخرين فجفت أفهام الذين توقفوا عند آثار المذهبية، ولم يملكوا سوى فن الاجترار(الحواشي والمختصرات والشروح).
الملاحظ لدى فئة الملتزمين بالتحديد كلما طرحت هذه المسائل وغيرها كذكورية الفقه الإسلامي، عمل المرأة، حقوق المرأة، نقد السلف، تنقية الموروث، كانت ردات الفعل قوية وغاضبة.
وكانت الردود دوما واقعة في حقول التوتر العالي، دون أن تحظى تلك المسائل بفرصة التأمل الهادئ، والمتعقل والمنصف.
للأسف لا زالت كتاباتنا ومؤلفاتنا لا تخرج عن نمط ردات الفعل العاطفية.
قرأت قبل مدة كتيب أقيسة الاختلاطيين للشيخ ابراهيم السكران، فلم يقنعني، ذلك أن كل ماكتبه ردة فعل على دعاوى العلمانيين والحداثيين، لذلك لم تكن ردوده وسطا بل اتخذت طرف النقيض، بحيث أهمل كثيرا من القصص والمواقف والأحاديث الصحيحة التي تثبت أن المجتمع النبوي كان مجتمعا مختلطا لكن بضوابط، والدكتور يوسف القرضاوي، والمفكر محمد عمارة، وعلي عزت بيجوفيتش، كلهم يرون أن حجب المرأة ليس هديا نبويا البتة.
فنساء زمن النبوة لم يكن معزولات عن الرجال كما قال الألباني في كتابه ((الرد المفحم فيمن تشدد وألزم))
فقال:[وإني لأعتقد أن مثل هذا التشديد على المرأة، لا يمكن أن يخرج لنا جيلاً من النساء، يستطعن أن يقمن بالواجبات الملقاة على عاتقهن ، في كل البلاد والأحوال، مع أزواجهن وغيرهم، ممن تحوجهم الظروف أن يتعاملن معهم، كما كن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، كالقيام على خدمة الضيوف، وإطعامهم، والخروج في الغزو، يسقين العطشى، ويداوين الجرحى، وينقلن القتلى، وربما باشرن القتال بأنفسهن عند الضرورة، فهل يمكن للنسوة اللاتي ربين على الخوف من الوقوع في المعصية -إذا صلت أو حجت مكشوفة الوجه والكفين- أن يباشرن مثل هذه الأعمال وهن منقبات و متقفزات؟ لا وربي، فإن ذلك مما لا يمكن إلا بالكشف عن وجوههن وأكفهن، وقد ينكشف منهن ما لا يجوز عادة، كما قال تعالى:{إلا ما ظهر منها}، كما سنرى في بعض الأمثلة الشاهدة لما كان عليه النساء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم].
وقبل مدة قامت صفحة مسلمة خلاف الحداثة بنشر تغريدة آلاء حمدان تقول فيها «لماذا سمح للرجال بالعودة إلى المساجد بينما لم يسمح للنساء بذلك؟»
واعتبرت التغريدة نسوية وتدعو لتأليه الأنثى، وانظروا الفكر النسوي وووو، لدرجة جعلت متابعي صفحتها يهاجمون آلاء حمدان بشدة.
والمتأمل للتغريدة يرى أنها عادية جداا، وإن كانت صاحبتها نسوية أو تحمل نفسا نسويا.(حسب الاتهام الموجه، وليس ما أعتقده).
فما الضير أن تشتاق مدرسة القرآن للعودة للمساجد، وما الضير أن تشتاق المرأة للصلاة في المسجد؟
والأعجب الآن أن أي مسلمة تطالب بحق شرعي تصنف فورا ضمن تيار النسوية.
ليست كل امرأة تبدي رأيا أو امتعاضا، أو انتقادا نقوم باتهامها بالنسوية وبمعاداة الدين.
ولنا خير مثال في قدوتنا السيدة عائشة رضي الله عنها حين راجعت حديثا صحيحا لأبي هريرة فقالت(قالت: بئس ما شبهتمونا بالحمير والكلاب، وذكرت أنها كانت تعترض بين يدي رسول الله وهو يصلى).
وليس مبررا أبدا خوفنا من موجة النسوية التي باتت منتشرة بكثرة، أن يدعونا هذا لتغطية الشمس بالغربال، وسياسة تكميم الأفواه مخافة هذه الموجة.
ولا يجب إنكار أن مجتمعنا العربي المعاصر ذكوري، وقد اعتاد على تبني سياسات ذكورية لا تناسب المرأة ولا تراعيها.
اضافة أننا لعقود لم نتعود مراجعات المرأة لتلك المؤسسات الدينية أو العلماء أو غيرهم.لهذا أي امرأة تبدي رأيا مخالفا نقول عنها فيمينست، فقط لأنها امرأة ولأن قولها خالف ما تعودناه وان كان خاطئا.
وعدم الانصاف في مثل هذه الظروف، وسياسة تكميم الأفواه بحجة النسوية، ستزيدها وتذكي نارها وليس العكس.
وهكذا المتأمل لجميع قضايانا سيرى ويدرك تمام الإدراك أننا نتعامل بردود عاطفية غير متعقلة وغير منصفة وغير مدروسة، ناهيك أنها متسرعة جداا، وفي هذا يقول علي شريعتي:
(( تيار التغريب عصف بالمجتمعات الإسلامية نتيجة لتيارين، تيار المنسلخين التقدميين الذين روجوا له بين أبنائنا. وتيار المحافظين والتقليديين الذين قاوموا هذا التغريب من خلال وسائل المقاومة البدائية، والتصدي المتعجرف الذي صدر عنها.
والذي ساهم على نحو غير مباشر في تمهيد الأرضية في مجتمعاتنا لقبول الفكرة التغريبية أكثر.
وشبه ذلك كمثل بقعة بنزين اذا أريقت في موضع وشبت فيها النار.
فكلما حاول بعض السذج اطفاءها بأساليب متسرعة وغير مدروسة ازدادت اشتعالا.
وهذا هو السبب الذي جعل التصدي البدائي للغرب، غالبا ما يكون مدعاة لقبول تلك الأفكار في المجتمع، وايجاد عقد وردود لدى أبنائه يسفر عنها الترحيب بما يدعو إليه الغرب)).
ختاما:
الإسلام لا يخاف من الأفكار، لا يخاف من الأسئلة، لا يخاف من العلمانيين ولا النسويات.
الإسلام لا يقمع الأفكار والتساؤلات، ولا يتنمر على أصحابها، بل يحتويهم ويجيب على انشغالاتهم.
أتساءل كيف نسكت جلبة الأفكار والتساؤلات التي تسكن عقولنا؟ وماهو ذنبنا أننا خلقنا مفكرين؟
ولماذا نسعى بأنفسنا إلى طرد المسلمين والمسلمات إلى منظومات فكرية أخرى، في حين أننا قادرون على احتوائهم في منظومتنا نحن.
إذا لم نسع على نحو جاد لإصلاح شأن أبناءنا من أفق مبادئنا ومنطلقاتنا ورؤانا، فإن غيرنا سينجز المهمة وفق ما يراه، وعلينا آنذاك ألا نلوم إلا أنفسنا.
وتذكروا:
(ولا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ)
#شمس_الهمة

قوة الإعلام(ردا على مقال دعاة على أبواب هوليوود)



قوة الإعلام( ردا على مقال دعاة على أبواب هوليود):
قبل مدة قرأت مقالين للدكتور عبد الرحمن ذاكر ينتقد فيهما الدعاة والكتاب الذين لا يتورعون في صفحاتهم عن ذكر عناوين أفلام أجنبية للمتابعين، وبعضهم لا يتورع عن إخفاء أنه يتابع نتفلكس(والجميع يعلم أن نتفلكس باتت الراعي الرسمي للشذوذ).
لكن كالعادة جنح الخطاب لطرف النقيض، وزعم صاحبه أننا لا نحتاج إلى إعلام إسلامي، ولا بديل إسلامي لهوليود، طبعا مع أن الدكتور ظهر في عدة محطات إسلامية لتقديم حصص وبرامج للناس.
مشكلتنا في الوطن العربي أننا لا زلنا نتأرجح بين طرفي النقيض، إما أسود أو أبيض وقل من يتحدث عن الوسط، قل من يعدل كفتي الميزان.
كلام الدكتور عبد الرحمن عمن وصفهم بغلمان الحداثة والتنوير من دعاة يحسبون على الوسط الإسلامي صادق جداا، فبرأيي الشخصي ذلك التمييع لا يصدر إلا عن منهزمين ثقافيا وحضاريا، وحسب رأي الأستاذ الجزائري ياسين اعمران: "أن من لا يتورع عن ذكر عناوين أفلام فيها ما يخدش الحياء، ومن يذكر نتفلكس فهذا يتهم في دينه"، قد تتابع أي شيء في حياتك الخاصة، لكن لا للمجاهرة بالمعاصي(وإن بليتم فاستتروا).
أما عن قوله أننا لا نحتاج إلى إعلام إسلامي، بسبب أن القائمين هناك يضيعون الصلوات، على حد قوله، ويضحون بأوقاتهم وأعمارهم على اللاشيء، لأن جل الأعمال مميعة وضعيفة، فهنا أقول:
هل تجارب الإعلاميين السابقة والحالية التي منيت بالفشل ربما، أو انعدام الشخصية الاعلامية القوية،  والمحنكة والاحترافية، أو انعدام الرؤية الإعلامية الملتزمة بضوابط الشرع، أو اتسامها بالضعف والركاكة، يبرر لترك العمل الإعلامي؟
هل يعني هذا أن العمل الإعلامي  باطل في أساسه؟! وأن الواجب الركون والانطواء على النفس؟!
- يقول الشيخ البشير عصام المراكشي بخصوص الأمر:((إذ الخلاف حول المفهوم لا يبطله، وإلا لزم إبطال الحقائق جميعها، إذ لم تسلم حقيقة من اختلاف الناس فيها تنظيرا وتطبيقا.)).
المادة الإعلامية التركية:
في زمن ارتفع عدد الصحف والمجلات الوطنية والإقليمية والمحلية التركية إلى 6778 صحيفة ومجلة، وارتفع عدد محطات الإذاعة وقنوات التلفزيون العامة والخاصة إلى 248 قناة تلفزيونية و 1059 محطة إذاعية. وساعدت مؤشرات التطور تلك على تكريس حالة المنافسة وزيادة المواجهة بين المجموعات الإعلامية الكبرى، ذات التوجهات العلمانية من جهة، ووسائل إعلام التيار الإسلامي من جهة أخرى.
فصانعو السياسة في تركيا، يعتمدون على وسائل الإعلام كأداة أساسية للتعبير عن مواقفهم، وسياساتهم لكسب الدعم والتأييد لبرامجهم، فضلا عما تمثله من قنوات مهمة يستخدمونها في تعبئة الرأي العام، إزاء القضايا المتعلقة بالشؤون الخارجية أو الداخلية، وفي بناء البيئة السياسية وإعادة تشكيلها في ظل تواصل النزاع بين العلمانيين والإسلاميين، التجاذب بين الإسلاميين والعلمانيين تحول الآن إلى محور الصراع السياسي والفكري داخل تركيا، حيث تشكل وسائل الإعلام التركية أدوات المواجهة الرئيسة بين التيارين.
ولا يخفى على أحد أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أدرك أن توظيف الإعلام هو الوسيلة الوحيدة لكسب الرأي العام وإحكام السيطرة على البلاد، فاستخدم في سبيل ذلك كل الطرق بين الترغيب والترهيب لوسائل الإعلام ليضمن خضوعها لإملاءاته، وقد نجح في ذلك تقريبا.
فلا يخفى على عاقل الأعمال التركية الإسلامية التي ظهرت مؤخرا، والتي وصل صداها للمنطقة العربية، وقد شاهدت أعمالا كثيرة تغرس الإيمانيات، وروح الإسلام، وتدافع عن الحجاب كقضية هوية، وتعري تيارات العلمانية والماسونية التي حكمت تركيا ردحا من الزمان.
سلبيات الدراما التركيا الإسلامية على الفرد والمجتمع العربي:
الرغبة في التبعية:
كمتابعة جيدة للأعمال والمسلسلات التاريخية والدرامية التركية، لا أنكر وجود ايجابيات عديدة، لكن ذلك لا ينفي وجود سلبيات سواء على الفرد أو المجتمع.
المشاهد للدراما التركية كالمشاهد لأفلام هوليود، سيتأثر لا محالة، والتأثير هنا هو تأثير الرغبة في التبعية للنموذج التركي واعتباره النموذج المشرف الأوحد الذي يستحق أن نكون لا منافسين شرفاء، ولكن تابعين ضعفاء له، نرغب في الهيمنة التركية على بلداننا، والانضواء تحت قيادتها، كما كنا أيام الخلافة العثمانية، وهذا لا بأس به حال فرض أي نموذج إسلامي نفسه على الساحة باستحقاقه خلافة المسلمين، لكن الواقع يقول أن تركيا اليوم ليست تركيا الخلافة، فتركيا اليوم التي تبحث عن استرجاع أمجاد الماضي وهي لما تسترجع هويتها الإسلامية بعد، نموذج غير مؤهل لقيادة دفة الشعوب المسلمة.
خطر العقيدة المنحرفة:
لا يخفى على المتابع للأعمال التركية، ما يتلبسها من محاولة لإحياء الطرق الصوفية الضالة والمنحرفة، ودس هذا الأمر في ثنايا الأعمال التاريخية والدرامية ليس بريئا بالمرة كما يعتقد البعض.
في كتاب الإسلام بين الشرق والغرب، شرح علي عزت بيجوفيتش سبب بروز الصوفية أواخر الخلافة العثمانية، كتعبير عن الانفصال بين الدين والدولة( ما لقيصر لقيصر وما لله لله)، ووجود شكل روحاني يشبه روحانية الكنيسة من إعلاء قيمة الإنسان، مع تجاهل للتاريخ الأرضي الواقعي، وهو بهذا يفسر انتشار الصوفية كدين جماهيري ارتضاه الحكام والخلفاء وروجوا له، كي لا ينازعهم العامة على الحكم، ولا يقوموا بمحاسبتهم أو الثورة عليهم.
وكفتاة عقيدتها سلفية تيمية كنت سأفضل التبعية للنموذج السعودي غير أن الأخير غير مؤهل وغير مشرف أيضا، ويتخذ من المدخلية وغلاة الطاعة، وتقديس الحاكم، جمهورا ذليلا، خانعا لتثبيت دعائم الحكم، تماما كما يفعل العصملي أردوغان.(ما لقيصر لقيصر، وما لله لله).
والتدافع السلفي الصوفي” كنموذج في مسألة استحقاقات الصراع على الخلافة، نموذجان لا يستحقان قيادة دفة الشعوب العربية حاليا.ونأمل في نموذج آخر حبذا لو كان جزائري، وليس هذا من باب (أنا من غزية إن غزت غزوت)، ولكن الدول العربية الكبرى كمصر والسعودية والعراق وسوريا غير مؤهلين حاليا، والمرشح الوحيد المتبقي هو الجزائر، وأتمنى بشدة أن تضطلع الجزائر بدورها الحقيقي(مجرد حلم)😊
المادة الإعلامية الشيعية:
المتابع للأعمال الشيعية التاريخية والدرامية، يرى الفرق واضحا والبون واسعا بين إعلام الدولة السنية وإعلام الدولة الشيعية.
الشيعة نجحوا في تقديم البديل لجمهورهم، مسلسلات الأكشن، الدراما، الكوميديا، والأعمال التاريخية.
والملاحظ للأعمال الشيعية يرى بشكل لا يدع مجالا للشك كيف تكون السينما الإسلامية بحق، وكيف تكون الأعمال الدرامية.
وما يميز الأعمال الشيعية، هو الواقعية، المحافظة على تعاليم الإسلام الظاهرة، البعد عن الإثارة والجنسانية، الالتزام بضوابط الإسلام فالحجاب غير ملفت، والملاءة الإيرانية الفضفاضة حاضرة، اختيار الممثلات ليس تبعا للجمال(فشكل الممثلة دوما متوسط)، في مقابل اختيارهم لوسامة الممثلين من الرجال.
واستطاعت الأعمال الشيعية التغلغل بقنواتها ومسلسلاتها فوصلت للمواطن العربي، طفلا كان أو شابا أو شابة، ولا نستغرب مستقبلا من تحول أولادنا إلى المذهب الشيعي في حال لم ننتبه لأنفسنا.
المادة الإعلامية الأمريكية:
طبعا لا يخفى على أحد تأثير المادة الإعلامية الأمريكية وهيمنتها على العالم بأسره، واستخدامها لترسانتها الإعلامية الضخمة لحرب الإسلام والمسلمين، وإسهامها في الإسلام فوبيا بشكل كبير.
لكن ما سأتحدث عنه هنا هو لفتة مهمة ذكرها الأستاذ فاضل سليمان في برنامجه ذكرى وعبرة (الحلقة3) بعنوان (قوة الإعلام)، حيث قال أنه كان متواجدا بنيويورك أيام أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وأن المسلمين وقتها تلقوا الدعم من الشعب الأمريكي طيلة شهر كامل بعدها، فالأمريكيات ارتدوا الحجاب وذهبوا إلى المولات تضامنا مع المسلمات، والأمريكيين تعهدوا بحماية المسلمين وووو.
ثم بعد شهر بالتمام انقلب الوضع إلى النقيض تماما، حتى أن أحد الأمريكيين دفع امرأة مسلمة نحو القطار فماتت، وحين تم التحقيق معه، وجدوا أنه انسان مسالم لا سوابق له من قبل.
طيب لماذا انقلب الأمر؟
ولماذا ارتكب أمريكي مسالم تلك الجريمة؟
الإجابة يقول الدكتور فاضل سليمان تكمن في الحشد الإعلامي الرهيب، وضغط الخبر والصورة اللذان يشوهان الإسلام ويحضان على الكراهية، وبالتالي حصل ليس فقط تغييب للعقول، إنما تلويث للعقول.
بشكل أصبح فيه المواطن الأمريكي البسيط يعتقد أنه اذا لم يقتل المسلمين فسيقتلونه هم، وبالتالي معركته مع الإسلام معركة وجود.
وهذا كله بسبب قوة الكلمة، وقوة الإعلام.
ثم يردف طيب أين إعلام المسلمين؟
يقول الدكتور أن ربع أو ثلث الأطباء في أمريكا مسلمون.
من الذي يؤثر أكثر في توجيه الناس للمجتمع؟
الطبيب، أم الصحفي والإعلامي؟
الطبيب يدخل عنده 10مرضى و 20مريض. يقول لهم الطبيب(افتح بؤك، خرج لسانك، قول آااا).
انما الصحفي يكتب مقالا يقرأه ملايين القراء في يوم، وهكذا يستطيع أن يغير اتجاهات التفكير في المجتمع.
مع احترامي الشديد للأطباء، لكن من يستطيع أن يؤثر أكثر؟
الطبيب والمهندس أم الإعلامي؟
الرسول صلى الله عليه وسلم نزلت عليه سورة الشعراء، ولو كانت في زمننا هذا لسميت سورة الصحفيين.
وذلك لخطورة دور الشعراء وقتها وأنهم كانوا يوجهون الناس من خلال الشعر ، يستطيعون تغيير تفكير المجتمع، يستطيعون اشعال الحروب إذا أرادوا، ويستطيعون نشر السلام إذا أرادوا.
والشعراء يتبعهم الغاوون، فالبسطاء والعوام من الناس يميلون لتصديق كل شيء، حتى الأكاذيب والإشاعات.
كيف واجه الرسول صلى الله عليه وسلم شعراء زمانه؟ واجههم بشعر محترف وأقوى من شعر القبائل المعادية، وكان يقول لحسان ابن ثابت(اهجهم وروح القدس معك، اهج قريشا فإنه أشد عليهم من رشق النبل).
ما نحتاجه اليوم لمواجهة العالم هو قوة الإعلام، وبدل ما يقول أب لابنه عاوزك تطلع طبيب أو مهندس فأنا عاوز أشوف أب بيقول لابنه عاوزك تطلع صحفي عشان تدافع عن الإسلام.انتهى كلام فاضل سليمان.
المادة الإعلامية السنية العربية:
هنالك مقولة تقول(صاحب المشروع وإن كان ضالا أو شريرا، سيتفوق على من لا يملك مشروعا).
فللأسف لا زال العرب السنة لا يراوحون مكانهم، ولا زلنا نخوض جدليات هل السينما حلال أم حرام؟
وهل التمثيل حلال أم حرام؟
يقول الشيخ سلمان العودة:
لن ينتهي الجدل الفقهي، ولا يجب أن نحجر عليه، لكن الحياة منطلقة في أبواب الاقتصاد والسياسة والتقنية والمواصلات والفضاء والإلكترونيات بأوسع مما يقول الفقيه.
والتصحيح وارد وممكن حتى بعد ظهور الأعمال، فحركة التطور والاختيار والتحسين لا تتوقف، ومجرد الرفض لا يصنع شيئاً، وهجاء الواقع المرير لا يُقدِّم بديلاً.
ولا يلزم أن يتفق الناس على شيء ما حتى يتحقق، فنظراتهم تختلف، وقد يميل قوم إلى إغلاق الأبواب، بينما يراها آخرون مفتوحة على مصاريعها، ويرون الإسهام في الميدان بدلاً من مجرد الامتعاض أو الإنكار.
والعمل الدرامي يفترض أن يكون مواكباً لمتغيرات الساحة العربية، مستجيباً لتطلعات الشعوب وأحلامها، مدوناً لمرحلة من مراحل الحراك الإيجابي على كافة الصعد، ومنها الفنية والإعلامية، راسماً لمعاناة الفرد في حياته، راصداً لمشكلاته.
غياب هذا النوع من العمل هو أحد أسباب خداع الشعوب وتضليلها، وإظهار المجرم بمظهر الوطني المخلص المضحّي، وتصوير الوطني الصادق على أنه إرهابي أو سفّاك أو منافق أو غبي أو متخلف..انتهى كلام الشيخ.
والموقف الواجب إزاء بعض المحاولات الإسلامية وإن كانت ضعيفة، هو مناقشة المعروض ونقده نقدا بناء للتطوير، وليس محاكمته والتنفير والتحذير منه.
وكما يقول الشاطبي: (كل مسألة لا ينبني عليها عمل ; فالخوض فيها خوض فيما لم يدل على استحسانه دليل شرعي).
وكان عمر رضي الله عنه يقول(لا ينفع تكلم بحق لا نفاذ له).
فقد رأينا وشاهدنا أن كل محاولة إعلامية من ملتزمين، تقابل بالإقصاء ويكون مصيرها الفشل والإجهاض، ولعل من يحارب قنوات طيور الجنة ويفتي بتحريمها، ويدع قنوات روتانا وشبكة الأم بي سي ويتغافل عنها خير مثال على واقعنا المرير.
لسنا راضيين عن المحاولات السابقة، وغالبها لا يمثل الإسلام أحسن تمثيل خصوصا في الشكل والمظهر، عكس الأعمال الشيعية الملتزمة، ولكن من المسؤول عن هذا؟
بإمكاننا فرض قوانين صارمة على اللباس والعلاقة بين الجنسين في التمثيل على غرار ايران، فلماذا لا نفعل؟
ختاما:
الفكر الانعزالي والانسحابي ما هو إلا طوباوية، وعالم يوتوبيا يعدنا بفردوس أرضي متخيل، لكنه صعب التحقيق على أرض الواقع اليوم، والدراما كما يسميها علي عزت بيجوفيتش  تعلي من قيمة فعل مكابدة الحياة، والجهاد الحقيقي.
#شمس_الهمة

الجمعة، 12 يونيو 2020

همسة إلى الجيل الذهبي


همسة إلى الجيل الذهبي:



انتشر في الآونة الأخيرة، لدى شباب مواليد الثمانينات والسبعينات، اعتقاد بأنهم أفضل من أجيال اليوم وأطلقوا على أنفسهم –بتبجح- اسم"الجيل الذهبي":

"جيلنا كان أفضل من جيل اليوم"

"الوضع يزداد سوءا ولن ينصلح حال الأمة"

"جيل اليوم سيء للغاية"

"حتمية تدهور الأمة"

كل جيل بما لديهم فرحون, أنا لا أحب تلك الأجيال كلها ابتداء من جيل الخمسينات, لم نقدم شيئا للأمة وهذا كفيل بأن يستبدلنا الله والعياذ بالله من شر ذلك.
ما بالنا أصبحنا مثل بني إسرائيل (كلما جاءت أمة لعنت أختها)؟

في اعتقادي الشخصي أن كل زمن يذهب يفتقده الناس، لكن في رأيي ليس الزمن هو ما يتغير و إنما نفوس الناس, فنسبة الجمال واحدة في كل زمن، لكن نسبة القبح في النفوس هي المتغيرة..

وأعتقد أننا الآن في زمن خاص، حيث اجتاحت حياتنا الحداثة الكاذبة، التي خلطت علينا الكثير من الأوراق، ولم نعد نعرف من نحن، ولا ما نحن، مما يجعل الزمن لا يملك مقاييس للتفريق بين القبح والجمال أصلا.

تلك الأجيال التي تنعت نفسها بالجيل الذهبي، هم أول من بدأ هدم قصور وأكواخ الزمن الجميل..
وقاموا بوضع حجر أساس العشش التجريدية الهشة في عصرنا الحالي في كل شيء...
فتغير طعم النكهة الجميلة، وسحر الماضي الخلاب، من قيم وعلاقات اجتماعية، وصور حياتية, بداية من المدرسة القديمة، والعلاقة النقية بين المدرس والطالب.

ذلك الجيل هو جيل الانبهار بالحضارة الغربية, جيل الماديات ..
جيل التبغ والسجائر, جيل نزع الحياء, ونزع الزي العربي الأصيل( الحايك, العمامة, الكوفية, الشماغ...).

أجيال ولدت في ظل الاشتراكية ... وعاصرت التحول الشديد كزلزال جرها إلى الرأسمالية...
أجيال لم تعاصر سوى الهزائم والنكبات العربية، وكانت سببا فيها بكثرة الذنوب...
جيل النكسة المكلوم بانكسار الكرامة العربية في أسوأ صورها...
جيل أم كلثوم، وعبد الحليم حافظ، ومسلسلات الأبيض والأسود الماجنة...وعندما تذهب الأخلاق .. و تنعدم القيم .. و يموت الضمير .. فمن المؤكد أنه سيؤدى بنا الحال إلى ما نحن فيه الآن!!
وعندما توجد وسائل إعلام مخزية تبث أعمالاً مؤسفة، ترسخ في أذهان النشء، بحجة الفن والتقدم، والثقافة!!
بسبب ذلك الجيل تدنت الأخلاق و انعدم الاحترام ..

جيل استبدل القرآن والكتاتيب، بالمراقص والأوبيرات والسينما !!
الجيل الذي استبدل الكتاب والقراءة وجلسات السمر، بالجريدة والهاتف والراديو والتلفزيون ...
جيل حمى الاستهلاك، والانبهار بالغرب، ومنتجات الغرب!! والتخلي عن خدمة الأرض، وحرفة اليد، واستيراد كل شيء!!

جيل الفرقة بين المسلمين، و العصبية القوميَّة، والمذاهب المتعددة المستوردة، والتي أدت إلى تفشي الأنانيَّة والمنفعة الشخصية.

جيل تسبب في فجوة بين الجماهير دينية الفكرة والسُّلوك، والنخبة المُتعلّمة المتبنيَّة للعلمانيَّة فكرةً ومنهاجًا (فصل الدّين عن الدولة).
جيل الذُلٍ والاستكانة، والعَار والصدمات، و المصائب التي تنزفُ بالأمة، والصمت الأخرس للعرب والعجز الذلِيل للمسلِمين!!

الجيل الذي تاجر بكل مكتسبات تلك الحقبة، ليحصد اليوم:

أشباه شباب يتراقصون كالغواني في الطرقات!!
شعر مسدل وملابس مبتذلة!!
أم عن تدني القيم والأخلاق, وتفشي المخدرات، والفن المبتذل والثقافة التافهة, فحدث ولا حرج؟!

أعتقد أننا مجتمع يقدس كل ما هو قديم، بدعوى أنه الأصلح، وذلك لأننا لا نملك الحاضر ولا المستقبل، فنتعلق بكل ما هو قديم من عادات وتقاليد ، والتي يجب أن تغربل كثيراً ، ولنعترف أن الأجيال الماضية، لها الكثير من العيوب، والنواقص ، وليس كل معتقدات الجيل الحالي سيئة، أنا كأب أو أم ،يجب أن أتعلم من ابني و أعلمه، وليس علي أن أخضعه بالقوة، لمعتقداتي وعاداتي، يجب أن أكون منطقياً في نقد نفسي، ومجتمعي، وعاداتي وتقاليدي، وأميز بين المنطقي منها وبين الحشو، ومنها الكثير ما اختلط بالدين، وهذه الطامة الكبرى، فأصبحت عادات مقدسة!!

لا تخدعوا أنفسكم بالكذب على أجيال اليوم ...
تلك بضاعتكم ردت إليكم، جيل اليوم المنتقد هو نتاج أجيال الأمس فلنحسن تربيتهم ليقل انتقادهم.

الجيل الذي يحق له أن يغتبط ويسعد حقا، هو الجيل الذي يبني ويؤمن بالقيم ويتعايش..
 هو الجيل الذي يؤمن بالوسط حيث لا إفراط و لا تفريط... هو الجيل الذي يضحي من أجل الأمة ...
هو الجيل الذي يؤمن بالواقعية والعلمية...
جيل عمل وبناء جماعي....
جيل ربانية وإخلاص...
جيل نسبه الإسلام....
جيل دعوة وجهاد ..
جيل قوَّة وعزَّة...
جيل توازن واعتدال..

ذلكم هو الجيل الجدير بعمارة الأرض، وخلافتها خلافة إسلامية تقوم على توحيد الله والعدل بين النّاس..
أعتقد أن الأجيال اللاحقة هي من يحق لها أن تفخر لا نحن...
المعيار الذي يحدد الجيل الأفضل الذي يستحق عمارة الأرض، هو العمل الصالح، وعبادة الله وحده، والعيش وفق تعاليم الإسلام لا قوانين الغرب ..

ولأولئك الذين يستشهدون بحديث (خير القرون قرني ثم الذين يلونهم..), فأقول:

الحديث الشريف الذي لقنوه لنا ناقصا للأسف الشديد "خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم..."يمثل ويؤصل لحتمية التدهور التاريخي...
ومعنى هذا أن لا نعمل، ولا نسعى مادام أننا نازلون نحو القاع لا محالة.

وإذا كان هذا القياس صالحا والمقارنة صالحة فمعنى هذا أن الجيل الذي سبق عبد الحميد بن باديس كان أفضل من جيل النهضة الذي بناه الشيخ!!

ولمن يتأمل الحديث سيجد أن الرواة التزموا دقة لا متناهية، وأمانة منقطعة النظير في رواية الأحاديث، والالتزام بنقل الحديث حرفيا لا ينقص منه كلمة أو حرف حتى لا يختل المعنى.

 فعن عِمْران بن حُصَيْن رضي الله عنهما يقول: قالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خَيْرُ أُمَّتي قَرْني، ثمَّ الذين يَلُونهم، ثمَّ الذين يَلُونهم - قال عمران: فلا أدري أذكر بعد قرنه قرنَيْن أو ثلاثة.
 
فلم يقل الرواة عند نقلهم( خير الناس قرني، ثم القرن الذي يلي، ثم القرن الثالث)مثلا...
وهذا بحد ذاته إعجاز فدورة الحضارة عادة لا تقاس بالقرون، فقد تطول وقد تقصر حسب الظروف.
 
الفكرة أن الحديث عن الخيرية يشير لدورة حضارية معروفة منذ الأزل "نشوء فازدهار ومن ثم انهيار الحضارات"
و لا تنتهي الحضارات في دوامة تدهور تنتهي إلى القاع.

وفي هذا يقول الدكتور أحمد خيري العمري:
"الفكر المستند إلى هذا الحديث، يخالف نصوصا أخرى، صحيح أننا نؤمن أن الجيل الأول الذي تشرف بصحبة الرسول صلى الله عليه وسلم، هو الأفضل قطعا، لكن الحديث هنا لا يعني نفي الخيرية عن أجيال لاحقة بعيدة زمنيا.
وقد وردت أحاديث كثيرة تثني على أجيال لم تأت بعد".
قال عليه الصلاة والسلام: (أمتي كالغيث لا يعلم الخير في أوله أو آخره).
والقرآن الكريم قال عن السابقين "ثلة من الأولين وقليل من الآخرين"... لكنه لم يحصر قائمة أصحاب اليمين في الأولين" ثلة من الأولين وثلة من الآخرين"

قائمة أصحاب اليمين مفتوحة فيها أماكن فارغة كثيرة، احجز مكانك.

أنا ضد حتمية السقوط, وضد كل ما يدفع إليه أو يروج له, فالاستسلام ضد الإسلام الذي يأمر بغرس الفسيلة حتى في وقت قيام الساعة.

 

 #شمس_الهمة
فضل الصحوة .. وبقايا الجاهلية !
كنت قبل أيامٍ في جلسةٍ مع بعض كبار السنّ وبعض من هم الآن في سنّ الكهولة ودار حوارٌ حول تغيّر الأجيال وتدهورها .. حتى وصل الكلام إلى أنّ جيل ما قبل الصحوة كان أفضل من جيل الصحوة ومن الجيل الحالي !
وهذا الكلام -في الحقيقة- مكرورٌ متداول ليس في الجزائر وحدها وإنما في بلاد الإسلام على اختلافها .. وخلاصته أنّ الجيل الذهبي الذي لم يتلطّخ بالإسلام المسيّس، ولا بـ "الحراموفوبيا" كان أفضل الأجيال تربيةً وتديّناً وتعلماً وأدباً .. وما أتى بعده إلا الغثاء !
طيب، لستُ في حاجةٍ لأقول لك أنّ هذا الكلام يهدم أكثر من حقيقة ويُضلل أكثر من جيل .. على رأس الحقائق: ما كان للصحوة من خير على الأمة الإسلامية عامة والجزائرية خاّصّة .. فقد كانت أجواء المعاصي مستشريةً في تلك الأجيال ما بعد الكولونيالية: من شرب الخمور، ومقارفة الزنى، واتّخاذ الأخدان، والتبرّج المكشوف، وفراغ المساجد إلا من كبار السنّ، والجهل بالدين وأحكامه ..
ومنها: إهدارٌ لجهود المصلحين التي أثمرت "الظاهرة الإسلامية" أو "الصحوة" بدءً بالشيخ الحسن البنا رحمه الله بمصر ووصولاً إلى رموزٍ كثيرة كانت القاعدة التحتية للجيل الملتزم بعد ذلك .. من أمثال الشيخ مصباح الحويذق، والشيخ أحمد سحنون، والشيخ عبد اللطيف سلطاني، والشيخ عمر العرباوي، والشيخ الحسن البغدادي وغيرهم .. رحمة الله عليهم جميعاً ..
ولولا الله ثم تلك الجهود المباركة لكان الشعب اليوم كله يمشي بالشرت !
محمد فاضل

العيد

 تلك اللحظات الحرجة قبيل يوم العيد، ذلك التعب، والضغط، تلك الأمور التي أنجزت نصفها والنصف الآخر ينتظر منك اتمامه حالا، ذلك التوتر، وتلك الأع...