الجمعة، 13 أغسطس 2021

أبناء جيل الصحوة

 قبل أن تتهمني بالمبالغة، وتقدح في نواياي، وبأن ما نشرت اصطياد في المياه العكرة..

قبل ذلك كله افتح عينيك وتعال معي في جولة قصيرة...

على الأرجح لم تشاهد بعد عائلتك الهانئة وقد نهشها البلاء.

ولم تشاهد بعد إلحاد أخيك، ابن أمك وأبيك.

لم تشاهده وهو يسب الذات الإلهية والرسول صلى الله عليه وسلم

لم تراه وهو ينشر الشبهات، وينطق بالكفريات.

هذا وقد نشأ في مغرس كريم

وكان يضرب به المثل في الاجتهاد والأدب والخلق والدين.

وعلى الأرجح أنك لم تشاهدي صديقتك وتوأم روحك وقد نزعت الحجاب

وأضحت تنشر صورها شبه العارية على الفيس

وصديقتك هذه كانت كثيرة التهجد والقيام، ونشأت في أسرة معروفة بالالتزام

فوالدها شيخ ذو شيبة قضى عمره بالتدريس

ووالدتها طبيبة وامرأة ذات لطف وكرم ودين.

وعلى الأرجح أنك لم ترى صديقك ابن الطبيب الوحيد الملتزم في البلدة

وقد شب عن الطوق، ودخل الجامعة، وعاد منها يرتدي الأساور والأقراط

ويلبس المقطع من الثياب.

ويصبغ شعره، ويطلق بصره.

ويأكل نهار رمضان.

وعلى الأرجح أنك لم تجرب شعورك وأنت طفل وتشاهد قصصا تشيب لها رؤوس الولدان.

تشاهد أبناء الآخرين يعيشون بسلام، وأبناء الملتزمين يفشلون وينحرفون

ولم تجرب شعور الخوف، والحيرة، واهتزاز اليقين، والوساوس التي تقول لك أن هذا ليس عدلا.

لماذا يحدث هذا مع الآباء الصالحين؟

كل هذا حدث مع كثيرين من أبناء جيل الصحوة.

عشته كله، وجعلتني تلك القصص عجوزا قبل الأوان.

في طفولتي كنت معتدة بتربتي كثيرا، وكنت أعتقد أنني محظوظة.

بعدها كبرت قليلا وصرت أعتقد أننا نحن أبناء جيل الصحوة سيئو الحظ ربما.

وكذا كنت أظن أن سياسة بيتنا وأسلوب تربية والدي، هي الوحيدة المتشددة في هذا الكوكب.

لكن مع الوقت عرفت أننا محظوظون ربما لأننا مررنا بتلك التجربة...

حتى لا نكررها مع أبناءنا مستقبلا..

وحتى نوجه هذا الكم الهائل من متديني اليوم كي ينتبهوا ولا يكرروا نفس الخطأ...

وإذا كان تدين جيل الصحوة أشد رسوخا من تدين أجيال اليوم، ومنضبط بأسس ومرجعيات واضحة، إلا أن الملاحظ أن تدين جيل اليوم هش للغاية ومذبذب، ويفتقر لمرجعيات واضحة في ظل مشكلات وسائل التواصل وتصدر من هب ودب، وانتشار آفة التجريح ونهش لحوم العلماء وإسقاط القدوات، فكيف سيكون حال الأجيال المقبلة ياترى؟!


#شمس_الهمة


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

العيد

 تلك اللحظات الحرجة قبيل يوم العيد، ذلك التعب، والضغط، تلك الأمور التي أنجزت نصفها والنصف الآخر ينتظر منك اتمامه حالا، ذلك التوتر، وتلك الأع...