السبت، 14 نوفمبر 2020

أشراف ومرابطين

 أشراف ومرابطين!!


سألتني قائلة:هل أنتم شرفة؟

ونظرا لصغر سني وسذاجتي كطفلة فقد كان عمري آنذاك عشر سنوات فقط، لا أدري حينها لمَ تبادر الى ذهني "شرفة منزلنا"، ولأنني انتقلت للعيش إلى هذه المدينة منذ بضعة أيام فقط ..فقد اكتشفت أنني أجهل الكثير من أمور الحياة.

شرفة؟ ماذا تقصدين بالتأكيد لدينا شرفة لكن صيغة السؤال خاطئة كان ينبغي أن تقولي هل لديكم شرفة ؟لا أن تقولي هل أنتم شرفة ؟

انفجرت صديقتي بالضحك لفترة غير قصيرة وعندما استعادت جديتها قالت لي بهدوء المشفق المعلم رغم أنها كانت طفلة مثلي :شرفة معناه أننا من جنس وقبيلة محددة، نحن أشراف والأشراف هم أعلى الناس مرتبة.

- أعلى الناس مرتبة، ولكن لماذا؟

قالت ببراءة الطفولة فرغم معرفتها بالكثير من الأمور التي كنت أجهلها إلا أن عقلها الصغير كان عاجزا عن الشرح الدقيق:

- لا أدري, هكذا.. حق لنا أن نكون خير الناس منزلة!!

ثم أسهبت، الذي أعمله أن الناس يقدمون لنا الولاء ويخافون منا، واذا تقدم أحدهم الى خطبتنا من العرب فلا نقبل به، انظري مثلا لدي أختان جميلتان تقدم الى خطبتهم الكثير من العرب، لكننا رفضناهم لأنهم ليسوا شرفة؟

- شرفة...عرب....لماذا تتحدثين هكذا وهل الشرفة أوربيون مثلا ؟

قهقهت مجداا ثم أردفت قائلة:

- لا...لا...أنت لاتفهمين شيئا.

أطرقت رأسي خجلا، ومنعني كبريائي من طرح المزيد من الأسئلة، حتى لا أنعت بالجاهلة، فقد كنت الى ذلك الحين طفلة معتدة كثيرا بنفسها وتعليمها وذكائها، ولم يكن أحد من أقراني يجرؤ على نعتي بهذا النعت.

وفي الليل وعند طاولة العشاء سألت أبي وأمي عن الأمر.

- بابا، مامعنى شرفة ؟

أجاب أبي بتساؤل هو الآخر فقد كان أستاذا للغة العربية؟

- هل تريدين شرحا أدبيا ولغويا مفصلا يا ابنتي, فلا يعقل أنك لاتعرفين معنى كلمة شرفة فأنا أعرفك ذكية وتدركين المعنى البسيط جيدا ..ثم أردف يشرح من دون أن يترك لي مجالا للاعتراض 

الجمع : شُرُفات و شُرْفات و شُرَف

الشُّرْفَةُ : أعلَى الشيءِ

- لا...لا يا بابا، كذلك أنا فهمت الأمر عند سؤال صديقتي فوزية، هي تقول بأن الشرفة جنس وقبيلة متميزة عن الآخرين وقالت كلاما آخر لم أفهمه .

حينها فقط أدرك والدي كنه السؤال وحقيقته فأجابني قائلا:

- هؤلاء الناس الذين تنتمي لهم صديقتك وغيرهم كثير يعتقدون أنهم من نسل فاطمة وعلي رضي الله عنهم، ولذلك ينتهي نسبهم إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، لذا فهم يعدون أنفسهم أحفاد الرسول صلى الله عليه وسلم ويلقبون أنفسهم بالأشراف أو "الشرفة" باللكنة العامية، أو المرابطين.

ويقولون أن من مميزاتهم الشعر الأشقر والعيون الزرقاء والبشرة البيضاء، وهاته الأوصاف في حقيقتها أبعد مايكون عن أوصاف الرسول صلى الله عليه وسلم.

والرجل من الشرفاء أو الشرفة كما يتم نطقها محليا يعتبر نسلا راقيا، و بالتالي رجالهم لهم الحق في الزواج من أي من بنات الطبقات الأخرى -الأدنى- في حين بناتهم لا يمكن نكاحهم إلا من نسل الشرفة -هذا اعتقادهم- وهو باطل طبعا !!!

والشرف شرف الأخلاق يابنيتي وليس شرف النسب فالرسول صلى الله عليه وسلم قال : «إنما أهلك الذين قبلكم، أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد،وأيم الله ،لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها» [رواه البخاري]

وقَالَ عليه الصلاة والسلام أيضا: ( يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ ، لاَ أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا ، يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ لاَ أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا ، يَا عَبَّاسُ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لاَ أُغْنِي عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا ، وَيَا صَفِيَّةُ عَمَّةَ رَسُولِ اللَّهِ لاَ أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا ، وَيَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَلِينِي مَا شِئْتِ مِنْ مَالِي لاَ أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا ) رواه البخاري (2753) ومسلم (206)


هذه الأعراف العرجاء، والعنصرية المقيتة، أفرزت منطقا جديدا غاية في التعقيد و التعصب لا يفهم خباياه إلا من عاشه و عاينه عن قرب يابنيتي.

وهذا معناه أن الشرف شرف الأخلاق والتمسك بحدود الله وليس شرف النسب فالنسب لايغني عنك شيئا يوم القيامة.


مرت أعوام على تلك الحادثة، وبدأت أكتشف الأمر أكثرفأكثر، من ذلك أن فتاة من حينا رمت بنفسها من الطابق الثاني وماتت من فورها وكانت ابنة صيدلي مشهور جدا، وحينما انتشر الخبر انتشر معه سبب فعلتها تلك وهي أنها فتاة فاتها قطار الزواج، بسبب تلك التقاليد البالية التي ما أنزل الله بها من سلطان، فقد كانت عائلتها شريفة النسب كما يدعون ورفضوا تزويجها مرارا، بشباب عرب غير أشراف على حد زعمهم، لم تستطع أن تحيا وحيدة بقية حياتها يقتلها اليأس والفراغ، فقامت بفعلتها تلك ووضعت حدا لمعاناتها.

ومما سمعته أيضا أن النقاش استعر بسبب تلك الحادثة، وازداد جنون الأشراف وتمسكهم برأيهم أكثر وكان مما سمعته أن أحدا منهم قال :"لأن تفر ابنتي مع أحدهم و تزني وتأتي بطفلها بين ذراعيها لأربيه وأرعاه، أحب إلي من أن أذل شرفي وأقبل بنسب العربي.

أُفَضِلُ أن تقوم بذلك من وراء ظهري على أن أعترف للعرب طواعية !!!

فأي جهل قمئ هذا ؟؟؟

هذا اضافة الى أنهم لا يطعمون الطعام ولا يتصدقون، وبعضهم كانوا في حقبة الاستعمار الفرنسي حركى ...في منطقنا شخص مشهور جدا وذو نفوذ من هؤلاء الذين يدعون الشرف -والشرف منهم براء- يناديه كافة أبناء المنطقة بالحركي وينادون أبنائه بأولاد الحركي ليس مسبة أو تجنيا فقد عرف أنه كان حركيا وأباه كان حركيا من قبله، لتلتصق هذه المعرة بأولاده إلى أبد الآبدين ومع ذلك يتبجح هو وقبيله وأولاده بنسبه الشريف !!

أما آخرون فيناديهم أبناء المنطقة بأولاد القايد ولا فرق بين الحركي والقايد إلا في كونها رتبا صنفها لهم المستعمر، هي ألقاب كانت تمنحها قوات الاحتلال لفئة من أهل البلد تختارهم بعناية ليكونوا همزة وصل مع أهل البلد ويدها الضاربة لهم...

و اختيار قوات الاحتلال لم يكن أبدا على الكفاءة و حسن الخلق و إنما على الولاء المطلق لها و لأوامرها، لذلك جل هؤلاء يعلون في الأرض استعلاء ويوزعون على أهل البلد و بالوكالة عن قوات الاحتلال البطش و الاحتقار و الظلم.

 المهم فأي شرف هذا الذي قادهم إلى خيانة الوطن والدين؟

والعجب كل العجب أن الناس عندنا يبجلونهم رغم هذا كله، ويدعون أن لعنة من السماء قد تحل عليهم إن هم قاموا بإغضابهم، مما زاد من غطرستهم وتعنتهم وتماديهم، والأعجب من ذلك أنهم استولوا على أراض زراعية كثيرة بسبب هذا التبجيل من الناس وسخفهم وسذاجتهم وحبهم لآل الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم، ولايزال الكثير منهم يحظون بالشهرة والتبجيل إضافة الى المراكز المرموقة التي حاز عليها أذناب فرنسا عقب خروجها فهم أيضا أصحاب الحل و الربط و التجار وملاك الأراضي و العقارات و مصادر المياه !!!

لا أدري كيف عبث المستعمر بالعقول الجاهلة آنذاك واستغل هاته النقطة الحساسة بالضبط، ليجيرها لنشر الفساد والإفساد، فهؤلاء لايمتون بصلة الى الرسول الأكرم الذي نبذ هذه الصفات وحاربها وأفنى عمره في مجابهتها، وحتى لو فرضنا جدلا أنهم من نسب قرشي قح، فالشرف الحقيقي هو شرف الفعال والأخلاق أولى وأهم، فهذا بلال الحبشي في جنة الفردوس وأبو لهب وأنتم تعرفون نسب كل واحد منهم... برأيي هذه تفرقة وعنصرية، فكل العرب والمسلمين أشراف وشرفاء إن حافظوا على سنة الرسول صلى الله عليه وسلم بيضاء نقية، والفضلَ لِمَن جَمع اللهُ له بين شرِف الإيمانِ وشرَف النَّسَب. فكل من هو على ملة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فهو منه.

وشرَفَ النَّسَب تابعٌ لشرَف الإيمان، ومَن جمع اللهُ له بينهما فقد جمع له بين الحُسْنَيَيْن، ومَن لَم يُوَفَّق للإيمان، فإنَّ شرَفَ النَّسَب لا يُفيدُه شيئاً...


وقد قال الله عزَّ وجلَّ: { إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ }، وقال صلى الله عليه وسلم في آخر حديث طويلٍ رواه مسلم في صحيحه (2699) عن أبي هريرة رضي الله عنه: ( ومَن بطَّأ به عملُه لَم يُسرع به نسبُه).


روى كثير بن عبد الله المزني ، عن أبيه ، عن جده : أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم خط الخندق عام حرب الأحزاب ، حتى بلغ المذاحج ، فقطع لكل عشرة أربعين ذراعا، فاحتج المهاجرون : سلمان منا ، وقالت الأنصار: سلمان منا. فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم : " سلمان منا آل البيت "رواه الحاكم في المستدرك (3/598) ، والطبراني (6/261)


ومما يناسب إيراده في هذا المقام ما لبعضهم :


لعمرك ما الإنسان إلا ابن دينه * فلا تترك التقوى اتكالا على النسب

فقد رفع الإسلام سلمان فارس * وقد وضع الشرك الحسيب أبا لهب


#شمس_الهمة


كيف تؤلف كتابا؟!

 

كيف تؤلف كتابا؟!(إعادة نشر)

أجدادنا لم يقصروا في شيء، ولقد وصفوا لنا حال عصرهم و رجال بلدانهم ،حتى أنهم دونوا التافه من أخبارهم، و الغث من من كلامهم و سجلوا أخبار عبيدهم، و إمائهم و عقلاءهم و مجانينهم، و صالحيهم و طالحيهم كما وصفوا و عرفوا بجميع البقاع و الأماكن من الوطن العربي، و نحن في عصر الادب و الفن لم نصنع شيئا، سيأتي جيل بعدنا لا يعرف حتى أسماء البلدان ناهيك عن تاريخنا وو و ...
أظنهم سوف يعرفون عن الغرب أكثر من بلادهم او حتى قراهم، سيقولون لم لم يتكلم الشعراء و الأدباء و المثقفون، ربما تكون الإجابة كانوا مشتغلين بالحب و قصص الغرام و النساء و الزواج و السباحة في خيالاتهم ....!

تعالوا بنا نؤلف كتابا:
تعريف التأليف الجمعي:
قبل التطرق للتعريف أنصح الجميع بقراءة كتاب كيف تؤلف كتابا، وكتاب كيف تصبح كاتبا بارعا، ليسهل لنا التفريق بين التأليف الإبداعي عن التأليف الجمعي.
يقال التأليف سبعة: 
- شيء لم يسبق إليه فيؤلّف، 
- أو شيء ألِّف ناقصاً فيكمَّل، 
- أو خطأ فيُصَحّح، 
- أو مشكل فيُشرح، 
- أو مطوّل فيُختصر، 
- أو مفترق فيُجتمع، 
- أو منثور فيُرتب. 
فالتأليف الجمعي:
هو ما يعمل عليه بعض المؤلفين من جمع شتات موضوع معين في كتاب واحد،مثل أن تجمع قصص المعلمين أو التائبين، ومثل ذلك ما جمعه ابن الجوزي في كتابه الأذكياء ونحو ذلك.
أمثلة معاصرة:
كتاب مائة من عظماء الاسلام غيروا مجرى التاريخ.
كتاب عظماء بلا مدارس.
كتاب أيتام غيروا مجرى التاريخ.
********
لكن الصعوبة تكمن في إلزامية وضع مراجع القصص التي نسختها من مظانها الأصلية وليس من كتب المعاصرين ...
هذا النوع من الـتأليف أصبح نادرا وغير موجود علما أننا بحاجة ماسة الى من يؤصل ويؤرخ لأشياء مهمة نحتاجها في عالمنا المعاصر وهاته الأمثلة كثيرة .
تشعر بحاجة إلى كتاب ميسر حديث في الفقه دون تعقيد ؟
تشعر إلى أن ما هو متوفر من كتب لا يسد الحاجة إلى مواجهة حجج الملحدين؟
تشعر أن "المكتبة" ينقصها الكتب في هذا الرف أو ذاك؟
أنت محق.
لكن لا تنتظر أن يقوم أحد ما بتأليف هذه الكتب.
كرس حياتك لكي تنتج ما يسد هذا النقص...
لا تنتظر الفرج !
فهو لا يأتي قط لمن يكتب الطلبات..وينتظر تحققها.

فكرة الكتاب:
تكون مشتركة، يعمل على تحقيقها مجموعة أشخاص، ويتولى أحدهم مهمة التجميع والتنسيق والإخراج.
أو فردية: لصاحبها، لكننا نساعده بعناوين الكتب أو قصص جاهزة سمعناها أو قرأناها من قبل.

الهدف من الكتاب:
نشر الثقافة الجزائرية والتعريف بها.
نشر التجارب الإيجابية وترويجها.
إثراء الساحة الأدبية والعلمية.
وربما كانت تلك الكتب مرجعا للهواة والكتاب الجدد ومادة خام تساعدهم في كتابتهم القصصية والروائية.

بعض الأفكار:
- تلح علي جدا فكرة كتاب يحكي قصص الجزائريين إبان العشرية السوداء لتعريف الجيل الجديد، والتأريخ لتلك المرحلة، كما أنه سوف يساعد الكتاب الجدد في كتاباتهم القصصية والروائية، فلطالما وجدت الكثير منهم يسأل عن عناوين كتب تحكي فترة العشرية السوداء.
توجد كتب في المجال، ولكنها تركز على الساسة أكثر، ما ينقصنا عن تلك الفترة هو المجتمع الجزائري، كيف كان، وكيف أصبح، وكيف كان يفكر، وبماذا كان يحس.
- فكرة كتاب آخر تلح علي، وهي فكرة كتاب عن قصص الحياء الخالدة لدى النساء.
الحياء نوع من أنواع الأناقة كما يقال، بل هو قمة الأناقة ورأس مال جمال الأنثى، اذا فقدته فقدت كل معاني الجمال.
ولأنه يكاد يندثر من مجتمعاتنا، فكرت في إحياء قصص الحياء عبر تاريخنا الإسلامي وحتى تاريخ الشعوب والأمم الأخرى،
فقد قرأت مثلا أن سبب اختراع السماعات الطبية هو حياء فتاة.كما أن رواية الفضيلة من الأدب الأجنبي لمترجم، تحكي وتخلد قصة وفاة فرجيني بسبب خلق الحياء.
- فكرة كتاب آخر أيضا بدأت بها ولم أكملها، هي بصمة الأستاذ المتميز، كما نلاحظ فمستوى التعليم في بلادنا يتراجع ويتقهقر للأسوء، لكن مع ذلك هناك تجارب مضيئة وناجحة، تركت بصمة وأثرا، لماذا يلجأ البعض لحائط مبكى، ويكثر التذمر والشكوى، بينما ينجح آخرون، ويتألقون؟!
كنت في مجموعة تضم الأساتذة وقد جمعت الكثير من القصص الإيجابية التي تستحق أن تحتذى لأنها بمثابة السراج وسط الظلام الحالك، فبدل لعن الظلام أوقد شمعة.

لدي أفكار كثيرة شرعت فيها لكن لم أتمها، لأنني أضحيت بلا حاسوب، شخصيا لا يهمني النشر الورقي ولا أسعى إليه، ولا يهمني المال أيضا.
هدفي الوحيد هو نشر الوعي والايجابية في المجتمع، وترك صدقة جارية علها تنفعنا في يوم تسود فيه وجوه وتبيض وجوه.

#شمس_الهمة

الأربعاء، 28 أكتوبر 2020

الحجاب ياسين اعمران

 لا يتوفر وصف للصورة.

ياسين إعمران

١ سبتمبر ٢٠١٨

سؤال الحجاب في البيئة الأوروبية ..


مُشكلة الحجاب في الغرب تتجدد بين الفينة والأخرى بمشاريع قوانين تمنع وصدام لا ينتهي .. في رأيي ابتداء أن الغرب يتعامل بازدواجية مستفزة مع موضوع الحجاب عنده ومفهوم الحرية .. الحجاب في قراءتي الخاصّة لا يُحارب في الغرب من منطلق ديني عدائي للإسلام بل من منطلق اقتصادي مادّي .. لأن الحجاب هو وحده ما يقف أمام تغوّل موضة الملابس النسوية .. مبيعات الملابس النسوية في العالم تفوق مبيعات الرجال بمائتي مليار دولار حسب تقارير غربية .. وهو رقم لا يستهان به .. الموضة المتوحشة لكل فصل والتي تأتي بجديد في كل سنة تجعل الإنسان يسقط في دائرة استهلاكية لا تنتهي .. هذا التغوّل وهذا التوحّش الرأسمالي حاول ولا يزال أن يخترق فكرة الحجاب الذي يعزل قيمة المرأة عن فكرة " اللباس " و " الجسد " .. ولكن لباس المرأة مثلما يقول المفكر الراحل بن نبي (يرحمه الله) يدلّ على دورها في المجتمع .. ولهذا نحن نقول أن الحجاب ليس له شكل معيّن بل أوصاف وشروط .. ودون الغوص في البعد الفقهي لهذه القضية إلا أن نوع الحجاب الذي يحاول البعض تصويره على أنه الصورة " الحصرية " للحجاب مغالطة يجب أن ندركها جيّدا .. المرأة في الغرب أكثير ديناميكية من نظيرتها في العالم العربي .. ولباسها بصورة أو بأخرى يعبّر عن هذه الديناميكية ويجعل الحجاب الذي نشاهده يؤدّي معنى آخر .. لنضرب مثالا توضيحيا عن " الحايك " .. هذا اللباس النسوي الجميل عندنا ذو الأصل الأندلسي كان يعبّر في الماضي عن الدور المنوط بالمرأة .. امرأة متفرّغة للبيتوتة وحركتها في الفضاء العام والحياة العامة قليلة أو شبه منعدمة .. لكن المرأة اليوم في مجتمعنا تكاد تحضر في كل الميادين وهي تشكل أغلبية في بعضها الآخر .. هل يُمكن أن نتصور المرأة الطبيبة أو المعلمة وغيرها تمارس وظيفتها وهي ترتدي الحايك ؟! .. إن هذا غير ممكن .. لأن الحايك هو حجاب كان يعبّر عن دور معيّن للمرأة في زمن مضى .. واليوم حجاب المرأة ينبغي أن يكون مناسبا ومعبّرا عن ديناميكيتها وأدوارها المنوطة بها دون الإخلال بالشروط والمواصفات الدينية لهذا اللباس .. فالمسألة ليست بالجمود الذي نتصوّره واللباس النسوي الخليجي أو السعودي ليس هو حكرا ما يمكننا وصفه باللباس الشرعي .. إنه لباس تقليدي في بيئة ثرية المرأة لا تحضر فيها بقوة .. وهناك ترابط بين البيئات البترولية وانخفاض نسبة المشاركة النسوية الاقتصادية كما يقول مايكل روس في كتابه (نقمة النفط) .. فالمرأة الخليجية لا تعيش الظروف المزرية التي تعيشها المرأة الجزائرية أو المغربية أو التونسية أو المرأة المسلمة في أوروبا .. واللباس الخليجي يكاد يحمل مفهوم تقليديا أكثر منه مفهوما دينيا .. فقد رأيت في الكويت نساء يرتدين البرقع ويدخنّ الشيشة على الملأ .. فالمسألة عندهم ليست دينية خاصّة كما ننظر إليها .. أتصوّر أن هناك شكلا معيّنا من الحجاب لا يناسب البيئة الأوروبية وديناميكيتها ودور المرأة المنوط به فيها .. مع كل الاحترام مني للباس المرأة المتحجبة أيا كان شكله .. فقط أرى أن هناك صورا من الصدام نحن في غنى عنها وهي لا تخدم الإسلام بقدر ما تعزّز من عزلته في البيئة الأوروبية .. الحجاب فكرة اجتماعية وثقافية وحضارية أوسع من صورة جامدة لا نقبل بالتفكير حيالها .

سؤال الحجاب والحياة

 سؤال الحجاب والحياة:



الحجاب هو فرض على المرأة المسلمة شأنه شأن الصلاة والصيام وسائر الفروض، وهو يمثل قضية هوية بالنسبة للفتاة المسلمة، فلا يمكنها التفريط به أو التنازل عليه، وقد شرعه الله لحماية المرأة وصونها وتكريمها، بحيث يتم تقييمها على أساس عقلها وفكرها وليس شكلها، فلا يترك فرصة لأصحاب الغرائز لامتهانها بسبب جسدها وشكلها بطريقة استعبادية أضحت تمثل رقا معاصرا، تمتهن فيه المرأة فترة شبابها ثم يلقى بها إلى الشارع.


الحجاب الساتر بشروطه الشرعية لا يمثل عائقا للأنثى للانطلاق في الحياة، ولا يقيد حركتها ولا يعيق عملها، إلا ما كان مبالغا فيه كما يحاول بعض المتشددين إفهامنا أن الحجاب السعودي أو الخليجي هو الشكل "الحصري" ، فيبالغون في تغطية جسم المرأة وعينيها وقدميها بطريقة من لا يزال ينظر للمرأة بطريقة غرائزية كما ذكر مالك بن نبي حين قال أن الصنف الذي يحاول تعرية المرأة والصنف الذي يبالغ في حجبها وتغطيتها، كلامها ينطلق من فكرة غرائزية تعتبر المرأة مجرد جسد، مع إهمال لعقلها ومواهبها وملكاتها.

والعري والستر المبالغ به كلاهما، يولد في بيئة قتلتها الرفاهية والفراغ.


ويقول صاحب كتاب (ثقافة العري أو عري الثقافة) أنه حينما لا يكون العمل جادا تبرز التبرج والزينة، ويفكر كل واحد في هندامه وشكله.

وحينما يكون الحديث عن العمل والإنتاج، يختار النساء والرجال الهندام البسيط ويقل لديهم الاهتمام بالتنسيق والتزويق.

فكلما كان المجتمع أكثر جدية، كانت المرأة أكثر احتشاما.


فالمبالغة في البهرجة والزينة واقتناء الملابس الباهضة والماركات العالمية دليل تخلف وليس دليل تحضر

ففي كتاب علي شريعتي "مسؤولية المثقف" ذكر الكاتب أن النساء العربيات يرتدين ملابس أفخم من النساء الغربيات، وأن العمارات الحديثة بدول كالبرازيل والكويت أكثر فخامة وأسطورية بحيث قد لا نجد لها نظائر في أوربا كلها.

وذلك بسبب مركب عقدة النقص الذي نعاني منه في مجتمعاتنا المتخلفة، ولا مفر أن تفضي عقدة التأخر إلى الإفراط، الإفراط في التقدمية وإظهار التقدم.


والحايك الجزائري كما اللباس السعودي ليسا عمليين فهما يناسبان امرأة متفرّغة للبيتوتة، ولا تعمل خارجا، ولا تسهم في المشاركة المجتمعية بمجالاتها الواسعة كالتطبيب والتمريض وغيرها...فالمرأة اليوم في مجتمعنا تكاد تحضر في كل الميادين.

فهل يُمكن أن نتصور المرأة العاملة المعاصرة ترتدي الحايك، و تمارس وظيفتها وهي ترتدي لباسا غير عملي ؟! .. إن هذا غير ممكن .. 


 واللباس النسوي الخليجي أو السعودي ليس هو" النموذج الوحيد" لما يمكننا وصفه باللباس الشرعي .. إنه لباس تقليدي في بيئة ثرية المرأة لا تحضر فيها بقوة ..  فالظروف المزرية التي تعانيها المرأة في البيئات الفقيرة كالجزائر ومصر ووو ، والمناطق الريفية، تختلف تماما عن ظروف النساء الخليجيات المرفهات خلف المشربيات. 

 ‏

لماذا يتهجم على حجاب المسلمات في كل حين؟


أما الدول الأوربية فهجومها على الحجاب ينطلق من عدة أسباب، سبب إيديولوجي و عقائدي، فهم يمقتون الرمز الذي يمثل الإسلام بشدة، ويحقدون على المسلمين من أيام الحضارة الإسلامية الزاهرة التي يخافون عودتها بقوة.


وسبب اقتصادي، فالحجاب يشكل خسارة كبيرة للشركات الرأسمالية التي وجدت في المرأة رواجا لسلعها، وفي هذا يقول المدون ياسين إعمران:

 (( ذلك لأن الحجاب هو وحده ما يقف أمام تغوّل موضة الملابس النسوية .. مبيعات الملابس النسوية في العالم تفوق مبيعات الرجال بمائتي مليار دولار حسب تقارير غربية .. وهو رقم لا يستهان به .. الموضة المتوحشة لكل فصل والتي تأتي بجديد في كل سنة تجعل الإنسان يسقط في دائرة استهلاكية لا تنتهي .. هذا التغوّل وهذا التوحّش الرأسمالي حاول ولا يزال أن يخترق فكرة الحجاب الذي يعزل قيمة المرأة عن فكرة " اللباس " و " الجسد " .. 


أما الذين يهاجمون الإسلام من بني جلدتنا فغالبيتهم منهزمون فكريا وثقافيا، ويقلدون الأمم الأخرى في القشرة الخارجية، في الملبس والمأكل، تقليد المغلوب للغالب بسبب عقدة الانهزامية، ظنا منهم أن هذه الأمور هي التي تصنع الحضارة.


لذا ‏ فالحجاب فكرة اجتماعية وثقافية وحضارية أوسع ممن يضع لها صورة نمطية معينة.


#شمس_الهمة

أزمة فرنسا

 أزمة فرنسا كشفت عن أزمات تحتاج حلا:



حين أقرأ خطابات الوسط الدعوي بشأن أزمة فرنسا، ورفضهم القاطع لأي شخص يستدرك، أو يستثني، أو يحاول التساؤل، أفاجأ بردات فعل عنيفة وغاضبة تقول لهكذا شخص فلتذهب أنت وعقلك وفلسفاتك إلى الجحيم.

وهذا مرده كما يقول غوستاف لوبون في كتابه سيكولوجية الجماهير (الجماهير الثائرة تغلب عليها العاطفة لا العقلانية ولذلك فإنها لا تتفاعل مع المجادلات العقلية بل تتوق إلى من يوقد فيها الحماس عبر الشعارات والعبارات الرنانة).

لذلك لا أتوقع أن تفوز أي محاججة عقلية في هذا الظرف، وسيتعرض أي شخص غير مقتنع، أو يحاول طرح تساؤل مشروع إلى التهكم والسخرية والهجوم.


والسبب الثاني أن غالبية المشايخ والدعاة ينتمون لجيل عاطفي بامتياز، ويمكن ملاحظة ذلك في طريقة تفكير والدي ووالدك وأستاذي وأستاذك، وأكاد أجزم أن شبابنا المعاصر أكفأ في هذا الجانب، فذلك الجيل في غالبه جيل عاطفي مع الأصول، لكنه يفتقر إلى المنهج والرؤية على المستوى الفكري.


وجيل الشباب المثقف والواعي اليوم يناقش، ويدلي بآراءه وينتقد المشايخ، وكشباب نقرأ تعليقات الشباب فتحاصرنا الأسئلة في كل مكان، (فالسلفي مثلا يتفق والعلماني والمثقف العادي) في نقطة (لا ضرر ولا ضرار)، ويطرح أمامك مسائل تفوق في تعقيدها مسائل الرياضيات فيقول لك(ماذا عن خسائر صاحب المحل، ورأسماله المكون من السلع الفرنسية؟ وكيف نعوضه لأننا إن قاطعنا السلع، خسر المسكين خسارة فادحة، ويقول آخر: هذا مشكلته هينة فمبلغ عشرة ملايين يهون لأجل المصطفى صلى الله عليه وسلم، لكن ماذا عن بائع الجملة، تخيل الخسارة التي ستناله، وماذا عن بائع قطع الغيار وووو....وماذا عن الأدوية؟ .....و القائمة طويلة).


لكن ما لاحظته عن الشباب الملتزم، أنه لا يفكر مثل أقرانه، وردات فعله وأقواله هي نفسها ما يرددها مشايخه، ولا جرم أن المؤسسات الدينية والمشايخ يصنعون أتباعا لا قادة، ومقلدين لا مفكرين.


والمفروض في شباب اليوم أن يثور ويتمرد على تلك الأفكار، أو على الأقل ينفضها عن نفسه قليلا، 

أو يخالفها بأدب.

هل تعرفون لماذا؟

لأن طبيعة ديننا أنه متجاوز لتفكير الكبار، جاذب للصغار والشباب.

وهذا ما حصل زمن الرسول صلى الله عليه وسلم

لماذا؟

لأنه دين ثوري بطبيعته، يثور على التقاليد والأفكار البالية، ودين إصلاحي، يصلح أحوال الناس عن طريق المقاومة، ونفض المعتقدات الخاطئة، دين يقاوم الفساد، ويقاوم التخلف والجمود.


ختاما:

أنا مع المقاطعة، لكن تمنيت أن تكون مقاطعة مدروسة.

قد يقول قائل أن الفعل المفاجئ جلب ردات فعل آنية غير مدروسة، ولا يجب أن نستعمل العقل في هذا الظرف.

هنا أتفق مع هذا القول، لو كانت هذه الحادثة هي الأولى في زماننا المعاصر.

لكن بما أننا شاهدنا سيناريوهات مشابهة من قبل ولم نفد شيئا، ولم نتعلم من أخطائنا، ولم نتجهز لهكذا أمر وقد وقع من قبل، ولم نقم بكتابة مراجعات على الأحداث السابقة نفيد منها اليوم، ولم نقم بتشكيل هيئات أو لجان تقوم بتوجيه العاطفة والمقاطعة توجيها صحيحا.

فهنا اللوم علينا كأمة، وبالأخص على النخب، فالمؤمن كيس فطن، ولا يلدغ من جحر مرتين.

والرسول صلى الله عليه وسلم، شاور الصحابة في أموره كلها، ولم يسمح للعاطفة أن تكون هي الموجه للصحابة، بل كان عليه الصلاة والسلام يقوم بدراسة الأمر ومشاورة أصحابه ومن ثم يقوم بتوجيه العاطفة في الاتجاه الصحيح.


#شمس_الهمة


الأربعاء، 21 أكتوبر 2020

هل تتمنى العيش في الزمن الغابر؟!

 

هل تتمنى العيش في الزمن الغابر؟!

هل تتمنى أن تعيش في زمن الأمويين، أو قصور العباسيين، أو تتمنى لو يرجع بك الماضي لزمان الأندلس؟
اطمئن، لست الوحيد، فعدد كبير إن لم أقل الغالبية من المسلمين يحلمون بهذا.
طيب لماذا؟!
ببساطة لأننا علّمناه أن المجد والعزة والسعادة كانت فقط في الماضي!
شخصيا لست ممن يتمنون العيش في الماضي، ولن أكون من هؤلاء، أقرأ الماضي وأحن إلى سلفنا الأولين، لكنني لا أتمنى البتة العودة إلى الماضي، ولم يراودني حلم العيش في حقب زمنية غابرة.
حقيقة لا يروقني البتة طائفتان في مجتمعاتنا العربية، واللذان يتعاملان مع الماضي بطريقة الإنكار أو الانبهار.
فطائفة منهم يصيحون غاضبين ولسان حالهم يقول بأنهم خدعوا وأنه لا يوجد شيء اسمه الحضارة الاسلامية.(التاريخ المثالي المزيف، الأبطال الوهميون طلعوا ماسونيين... وووو. وعادة يتكلم هؤلاء بلكنة منفعلة تصلك ذبذباتها السلبية من وراء الشاشات والصفحات.
وهذا الكلام الذي يرددونه خيانة للموروث الاسلامي، وتنكر لحضارة شهد لها الأعداء قبل الأصدقاء.
أما الفريق الثاني فهو مبهور يعيش في الماضي يتكلم بالفخر وأمجاد الماضي قرير العين، يردد القصائد، والمعلقات، والمرثيات، ويبكي على الأطلال، ويحلم بتقلد السيف، والرمح، وامتطاء الحصان، وخوض الحروب، وللأسف هذه الأحلام اللذيذة تفعل فعل المخدر وتقعد بنا عن العطاء والتقدم.
وللأسف السواد الأعظم من كتاب البلاد العربية أو الناطقة بالعربية ينقسمون لهذين الفريقين !
يقول أحد الكتاب: "نحن العرب أمة «ماضوية» تنظر قليلاً أمامها وتنظر طويلاً وراءها.
نحن شعوب ماضوية للأسف، نتعامل مع التاريخ كما يتعامل المدمن مع إبرة الكوكايين، نحن لا نقرأ التاريخ لنفهم الواقع ونستلهم التجارب للمستقبل.

هذا التعلق المرضي بالماضي يؤدي بطبيعة الحال إلى الانكفاء على الذات ونبذ العالم والانكماش في التعاطي والتعامل معه وكذلك يؤدي لكره كل مختلف لا ينتمي لذات المنظومة وذات الثقافة ونفس الماضي الذي انتمى إليه.
سنظل نعيش في الماضي وحلم العودة إلى الماضي، تاركين الحاضر وذاهلين عن المستقبل وغائبين عن الوعي فى حالة أشبه ما تكون بحالة المتعاطي للمخدر بكثافة فصلته عن الواقع وغرّبته عن الحاضر المحيط.
نعيد الماضي ونستعيده، ونعيش فيه عيشاً تاماً، ولا نغادره البتة
ذلك الماضي الذي يحجب عنا الحاضر ويغيب عنا الواقع ويغرقنا في أحلام وذكريات لن نفيق منها إلا ونحن مفارقون للحياة وراحلين عن الحياة، بدون بصمة المسلم في الوجود.

أتعلمون بم يجب أن نحلم؟!
وماذا يلزم أن نتمنى؟!

أنا لا أفتأ أقلب النظر في واقعنا وآمل أن أفهمه، حتى أتمكن من التغيير فيه بإيجابية.
ولا أفتأ أعيش مخيالا يحلق بي في عالم المستقبل، فأراني تارة أكتب رواية خالدة تعالج قضية إنسانية أو وجودية، وتحمل للعالم رسالة الإسلام التي تخلصه من الشقاء الذي جلبته حضارة المادة.

كما لا يروقني حقيقة منظر أم تعلم ابنها طرائق الزهد وبغض المال، بقدر ما أتمنى أن أرى أما تفتح آفاقا من الفكر لأطفالها فتعلمهم أن المال قوة وبإمكاننا التغيير في العالم إذا كنا نملك المال، فنشتري الملاعب ودور الأزياء، ومؤسسات الصحافة والإعلام. وما تجارب اليهود منا ببعيدة، ولعلي أذكر مثالا قريبا عن دول الخليج التي يتساقط عليها المال كما تتساقط الأمطار، وإذ أساء هؤلاء القوم استعمال المال فلن نعدم أجيالا تخرج من أصلابهم تغير واقع الحال، ورغم ذلك تأبى السنن إلا أن تفعل فعلها، أتذكر قصة مدير لأحد أشهر الأندية الرياضية الذي أسلم عقب زيارته لإحدى دول الخليج وذلك بعد أن أصبحت ملكية النادي لدولة خليجية. وقال أنها أول معرفة له بالإسلام والمسلمين.
متفائلة أيضا باستضافة قطر لكأس العالم، والتي ستجلب هؤلاء القوم من أقاصي الأرض، إلى دولتنا العربية المسلمة، وكم من الفعاليات التي ستكون موجودة للتعريف بالإسلام.
أحلم بمخرجين عرب وصانعي أفلام يؤثرون في العالم وينقلون له رسالة الإسلام.
بقدر ما أخاف التكنولوجيا والتقنية الحديثة، بقدر ما يدفعني هذا لا لإلغاءها من حياتي والانزواء في عالم ما قبل التكنولوجيا، إنما أحلم أن يبدع المسلمون في هذا المجال فيتفوقون على شركتي غوغل وفيس بوك، وحتى اليوتيوب، ثم تقنينها لتناسب الأخلاق الإسلامية وفرض قوانين أخلاقية ليصبح هذا العالم آمنا لكافة الإنسانية.
باختصار أحلم بأن نملك المال والإعلام والقوة، ونطور العلوم الفكرية والإنسانية.

ختاما:

كثيرون يمقتون هذا الزمان، ويتشائمون منه، ولا يستشفون منه سوى سواده، لكنني صدقا أعتبرني محظوظة لأن الله اختارني لأعيش في هذا الزمن، ولمعرفة السبب ينبغي معرفة كيف تكون دورة الحضارة(نشوء فازدهار فأفول)، ولا أجمل من أن تعيش زمان النشوء لأي حضارة خصوصا إذا كانت حضارة أمتك، (والأولون الأولون أولئك السابقون)، ولا جرم أن الجيل الذي يعايش فترة النشوء هو الجيل المكلف بالتغيير والجهاد والثورة والنضال، وتحمل الآلام والمتاعب والمصاعب على غرار خطى الأنبياء والمصلحين.ذلك الجيل الذي يشكل الانعطافة الحقيقية وحجر الزاوية الذي يغير مسار الأمم والتاريخ، و هو الجيل المبشر بأفضل الثواب والأجر.
لا أجمل من أختم خواطري المبعثرة بمقولة سيدنا علي رضي الله عنه وأرضاه حين قال:
(( لا تربوا أولادكم كما رباكم آباؤكم ،، فقد خُلقوا لزمان غير زمانكم))
ولهؤلاء المخدرين بمخيال الماضي أقول ما قال الشاعر العربي:
ليس الفتى من يقول كان أبي*** إنما الفتى من يقول ها أنذا

#شمس_الهمة

عدم الزواج ليس نهاية العالم، ولماذا قد تتوقف حياة الفتاة إذا لم تتزوج؟

 عدم الزواج ليس نهاية العالم، ولماذا قد تتوقف حياة الفتاة إذا لم تتزوج؟


هذا الخطاب الذي يقلل من شأن الزواج هو ردة فعل عكسية على الخطاب التقليدي والنظرة العتيقة المبالغة في اللهاث خلف الزواج، من دون تهيئة مسبقة.

وكلاهما مضر.

أما الترغيب في الزواج والحث عليه فسنة مستحبة.

والضرر الأكبر لمن يوهم المرأة أو الرجل بسهولة الاستغناء عن الطرف الآخر.

وغالبا أصحاب هذا الخطاب إما متزوجون، إما عزاب وعازبات عابثون، لديهم طرق أخرى للاشباع الجنسي والعاطفي والنفسي.

إما صنف نسويات يكرهن الرجال، أو ذكوريون يكرهون المرأة.

إما أشخاص لم يجربوا ولم يعرفوا العزوبية والعنوسة بكل آلامها وتداعياتها.

 لا يستطيع الرجل العيش من دون زواج، ولا تستطيع المرأة ذلك

صحيح هنالك نماذج نادرة من السلف ماتوا عزابا ، وهنالك قصة امرأة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، سألته حقوق الزوج وحين عدد لها ذلك، قالت لن أتزوج، وذلك لأنها لا تستطيع القيام بتلك الحقوق.

لكن هذه نماذج نادرة وشاذة والشاذ لا يقاس عليه.

الله تعالى خلق فينا هذا النقص الذي لا يكمله إلا الطرف الآخر، وقلقا واضطرابا ووحشة لا تسكن إلا بالزواج.

فكيف يملك هؤلاء القول أن الشاب أو الفتاة يمكنه العيش من دون زواج؟

لا أدعي عدم وجود من يستطيع العيش من دون الزواج، لكن الله هيأ لهؤلاء، الظروف والأسباب التي تعينهم على العزوبية، لحكمة هو يعلمها سبحانه لاستخدامهم في خدمة أعظم تملأ عليهم حياتهم، لكن الغالبية لا يمكنها العيش من دون شريك، فلماذا نستخف بآلامهم، ورغبتهم؟!

مارلين مونرو، داليدا وغيرهما فنانات وممثلات قتلن أنفسهن بسبب الوحدة.

فعقب مسيرة حافلة وصاخبة، من رعود التصفيق وبروق المصورين التي كانت ترسم لهم عالما من السراب، انقشع بعد فترة قصيرة وتركهم في ظلمات المنفى والوحدة والسكون.

الفنانة داليدا وبالرغم من أنها كانت تغير العشاق كما تغير الأحذية، إلا أنها صرحت قبل وفاتها أنها كانت تحتاج إلى الحب، وإلى زوج تسكن إليه، وأن الوحدة قاتلة.


فهل بعد هذا نجرؤ على القول أن الانسان يمكنه أن يحيا وحيدا، وندفعه لذلك دفعا؟!


#شمس_الهمة

العيد

 تلك اللحظات الحرجة قبيل يوم العيد، ذلك التعب، والضغط، تلك الأمور التي أنجزت نصفها والنصف الآخر ينتظر منك اتمامه حالا، ذلك التوتر، وتلك الأع...