الاثنين، 29 يوليو 2019

كيف تكسب الشخصية القوية؟!


كيف تكتسب الشخصية القوية؟!

قريبة لي أخبرتني أن أختها تود الحديث معي بأمر خاص، وقالت أنها تريد رقم هاتفي، أو لقائي شخصيا( ولأني شديدة الفضول ذهبت بي الظنون كل مذهب، صحيح أنني تعودت على الخيبات وما عدت أنتظر أمرا مفرحا في دنيا البؤس هذه، خصوصا من بني البشر، فالعربي حين يحتاجك لأمر فاعلم أنه أمر يخصه ولا يخصك، لكن لا بأس بمعرفة ماذا تريد، ولا بأس أن يسخرك الله لقضاء حوائج الناس).
 التقيتها فعرضت علي مشروعا مربحا - على حد زعمها - لإحدى الشركات العالمية، كنا في مناسبة عائلية، لذلك انفردت بي كما ينفرد الذئب بفريسة سهلة، في ركن بعيد عن الأعين والألسن والآذان المتلصصة، كانت تتحدث همسا وكأنها تخطط لجريمة، أو تسعى لوضع قنابل موقوتة أسفل المبنى، هكذا أحسست، وهكذا بدا شكلها وهي تتكلم، ثم تصمت وتتحسس الموجودات من حولنا.
حدثتني كثيرا عن ضرورة العمل بدل *الفيد* اللي راه قاتلني على حسب تعبيرها.
وقالت أن الله خلقنا للعمل، وليس للأكل والشرب والنوم كالبهائم( الواضح أنها تعلم جيدا من أختها أنني لا أفعل شيئا سوى الأكل والشرب والنوم، الواضح أنني بدوت لها إنسانة بائسة ليس لها طموح).
حدثتني عن الذهب، والملايين التي تنتظر، والمستقبل الذي يشرع جميع أبوابه.
حدثتني عن الفنادق الفخمة بخمسة نجوم، وعن الأسفار والرحلات حول العالم.
حدثتني كثيرا حتى تمنيت أن تصمت، وترحل لتدعني أنهي قراءة الفصل الأخير من رواية خيالية قتلني الفضول بشأن معرفة ما إذا كان البطلان سيتزوجان في النهاية - فهذا هو الجزء المحبب لدى جميع الفتيات ولدي أيضا- 😌.
رفضت إعطائي أبسط التفاصيل حول هذه الشركة، ورفضت إعطائي موقعها على الفيس بوك، بل رفضت إعطائي حتى اسمها.
قالت أن علي إضافتها على قائمة الأصدقاء في الفيس بوك، وستتولى بعد ذلك تزويدي بأي شيء أريد.
لم أكن متحمسة جدا، فشخصيا لا أجيد التعامل على الأنترنت، ناهيك أن أمارس التجارة أو التسويق الإلكتروني، لكنني لم أشأ مقاطعتها أو نقاشها، أولا لأنها كانت معرفة سطحية، وكان ذلك لقاءنا الأول والأخير، فلم أكن سألتقيها بعد ذلك.
أضفتها لقائمة الأصدقاء في الحين، ثم وفي الليل فوجئت بها تلقي السلام(متحمسة ماشاء الله!!)، وتبعث لي بروابط منتقاة تتكلم عن الشركة، وأنها شركة تعود لدولة مسلمة هي ماليزيا، وأن الناس كانت تتخوف منها ومن مثيلاتها في البداية، ووصل بهم الأمر إلى تحريمها، ثم اكتشفوا *حسب زعمها*، أنهم كانوا جهالا وعديمي الخبرة، وأن الشيخ شمسو أفتى بجواز التعامل معها ووووو.
وفي الأخير نصحتني بأن لا أطلع على مصادر أخرى تقول غير هذا الكلام(يا حبيبي!!)،
فهؤلاء *بزعمها*جهال، وحساد وعديمو خبرة كما أفهمتني😑.
لم أجبها حينها، ولكنني رغبت في الاطلاع على الأمر، كي أجد حجة للاعتذار بأدب.
وحين بحثت صعقت لبشاعة الأمر، شركات وهمية تعتمد نظام التسويق الشبكي أو الهرمي، أفتى فيها العلماء بفتاوى قاطعة ولايوجد من أفتى بجواز التعامل معها سوى الشيخ شمسو، ضحايا بالآلاف، وأناس خسرت مافوقها وما تحتها.
بحثت كثيرا ونوعت المصادر فوجدت إجماعا بأنها شركات احتيال، تستغل سذاجة الناس واحتياجهم وفاقتهم.

***************
النقطة الأولى المهمة التي أود التحدث عنها هو التحذير من هذه الشركات، وأن أصحابها يلتحقون بدورات تدريبية وكورسات مكثفة لتعلم (الهف والخداع والتحايل).
الفئة التي يستهدفونها هي فئة السذج (النية)، والأغبياء والطماعين.
أكثر كلامهم متشابه، وهو أن يعزف على وترك الحساس( فقرك، مرضك، طموحك وأحلامك).
وينتا دير لافونير؟!
وينتا تتزوج؟!
أمك خاصها عمرة، دوك تموت وهي في قلبها.
ووووووو الكثير من هذا الكلام.

*************
النقطة الثانية هي فضفضة ارتجالية وتنفيس عن الغضب، والحزن، وطلب للنصح.
- صدمتي بما وجدت كانت أقل بكثير من صدمتي بالفتاة وأختها، فعادة أحسن الظن بالناس، وأتعامل بطيبة مع الجميع، خلق بعض الناس لتوزيع الأحكام المسبقة على الناس، وبالتالي تصنيفهم في خانة الأعداء أو الأشخاص غير المحببين من أول نظرة، لكنني لست من هذا النوع، فمنذ طفولتي أحب جميع الناس وجميع الألوان، وجميع الأصناف، لم يكن لدي بالمطلق تلك الأحكام المسبقة، فكل الناس بنظري طيبون ويستحقون الحب والاحترام من أول فرصة.
قريبتي تلك كانت قريبة لقلبي، ولم تر مني إلا كل خير.
الغريب أنها إختارتني أنا بالذات لأكون الضحية القادمة وما أكثر ضحاياهم.
لا أدري حقا ما الذي جذبها في شخصي حتى هيأ لها أنني إنسانة غبية بلهاء وبائسة يسهل خداعها، وبالتالي اعتبرتني فريسة سهلة ؟!
أهي طيبتي الزائدة؟!
أم إحسان ظني؟!
أم تبسمي في وجهها؟!
أم ليونة واحترام أبديهما لجميع الناس؟!
أم نظرات عيني الذابلة والتي لا تقوى على النظر المباشر أمام محدثي؟!
لا أدري حقا لماذا يمتلك الناس مظاهر توحي بالقسوة، ونظرات كفيلة بإرعابك، بينما لا أمتلك شيئا من ذلك؟!
أمنية أن أصبح تلك القوية، فهل سيتحقق هذا يوما؟!

*************
لم أشأ أن أرد على رسالتها وأخبرها برأيي الصريح حول الموضوع، فالفتاة تعمل أستاذة، وتفرق جيدا بين الحلال والحرام، لذا فإن أي فعل تقوم به سيكون غير قابل للنقاش والجدال.
إضافة أن داء الخجل منعني من مصارحتها، ناهيك عن تمثل دور الناصحة أو الواعظة.
تركت طلبها معلقا لعدة أسابيع، لأفاجأ برسائلها اللحوحة اليوم، استجمعت شجاعتي وصارحتها بحقيقة ما وجدت، وبكونه قناعة يعسر الخوض فيها.
لكنتي اكتشفت أنني لا أجيد المواجهة حتى مع الفيس بوك، كانت تمطرني بوابل من الرسائل في حين اكتفيت بسطرين يتيمين، لطالما عرفت بردودي وتعليقاتي القوية والمفحمة، لكنها بهتت أمامها، هل كان بسبب معرفتي بها، أم بسبب الخجل، أم بسبب معرفتي أنها ليست من النوع الذي يقتنع، حقيقة لا أعلم.
لكن ما أعلمه أن رسائلها مزجت بين الجرأة والوقاحة، لقد كانت تقول(ني خايفة يجي نهار وتندمي، أنا بغيتلك الخير، لا تصدقي كل ما يقال على الفيس واليوتيوب من معلومات وووو)، يا شيخة!!
الأمر كان سهلا نوعا ما على الفيس بوك، فلو التقيتها بالواقع لتلعثمت ونسيت جل ما أود قوله.
لا أدري حقا هل أنا مصابة بانفصام الشخصية، تماما كتلك الكاتبة من رواية Nim's Island
التي تزج ببطلها في مغامرات شتى، وجل رواياتها من نوع التحدي والمغامرة.
رواياتها كانت تتكلم عن الشجاعة والمغامرة والإقدام، في حين كانت الكاتبة تعاني من فوبيا الخروج من المنزل، تخاف الليل والحشرات والناس والأماكن العامة.
لست مريضة فصام ولله الحمد، لككني اكتشفت أنني مجرد ثرثارة إلكترونية، وفي الواقع كتلة خجل مبتسمة.
فنحن نكتب عن الشجاعة لأننا غير ذلك، ويكتب  البعض عن الحب لأنه غير موجود في عالمهم، ويكتب البعض عن الأمان لأنهم يفتقدونه.
بالنهاية الكاتب يكتب عن الأمور التي يفتقدها في الواقع.
ما أجمل العالم الافتراضي، وما أقبح الواقع!!
ما أجمل أسماءنا المستعارة، وتسترنا خلفها وتترسنا بها، وما أقبح حقيقتنا!!
*************
أريد عناوين كتب لتطوير الشخصية، وتكون من قبيل:
- كيف ترعب خصمك من نظرة؟!
- ‏أو كتاب كيف تجعل عينك تفيض بالحمرة ؟!
- ‏أو كتاب كيف تكسب مظهرا كمظهر سيف النار؟!
- ‏أو كيف تغضب مثل كورابيكا، وتكسب عيونا تلتهب كجمرة؟!

#شمس الهمة

الجمعة، 12 يوليو 2019

الفتاة القارئة حتما لا تجيد الطبخ!!

الفتاة القارئة حتما لا تجيد الطبخ!!
الفتاة المثقفة، القارئة، أو الكاتبة لا تجيد الطبخ!!
هذه الفكرة أصابتني بالتخمة من كثرة ترداد الشباب لها، وخصوصا أنها باتت رائجة جدا في أوساط المثقفين، فحقيقة مادفعني لكتابة هذه السطور، أنني وجدت هذا الموضوع متناقشا فيه بين طلبة الطب تحديدا.
أولا مغالطة كبيرة أن يظن شباب اليوم أن المرأة المثقفة أو الكاتبة أو القارئة لا تجيد فنون الطبخ أو فنون معاملة الزوج أو فنون العشرة الزوجية ومتطلباتها مع حماتها، أو أخوات زوجها وأقاربه.
لا أدري لم يربط الشباب بين العلم والفكر وسعة عقل المرأة بنقصانها في فن الطبخ والتدابير المنزلية والخياطة والكروشي وووو؟! حقا لا أدري من أين جاءهم هذا الربط الغريب؟!
لا أدري حقا لماذا المرأة الذكية والمثقفة القارئة أو الكاتبة بنظرهم متمردة بالضرورة، وشرسة، ولا تجيد شيئا سوى الثرثرة.
سيدي المرأة القارئة ليس مفروضا عليها أن تبسط لكم أطباقها وتعدد لكم طبخاتها وتصورها لكم على الفيس لتقتنعوا أنها طباخة ماهرة، وتنفع لتكون أما وزوجة وربة بيت ممتازة.
المرأة فطريا وغزيريا تميل إلى الطبخ والمطبخ والتزين والتطيب والحلي والجواهر( أو من ينشأ في الحلية، وهو في الخصام غير مبين)
فتراها وهي طفلة صغيرة تطعم دميتها، دبدوبها وعرائسها، وتزين لهم البيت وتضع له ديكورا ولمسة خاصة بها.
والمرأة القارئة أو المثقفة ليست بدعا من النساء حتى لا تتعلم الطبخ أو غيره، وثقافتها تدفعها دفعا للتميز في هذا المجال لأنها تقرأ بالضرورة عن سيكولوحية الرجل وأن الأكل باب من الأبواب لخطف قلبه ونيل مرضاته.
وقبل ذلك هي تدرك أن تعلمها الطبخ هو جزء يسير لبر والديها وإسعاد أمها وأبيها، حتى أنني صادقت فتاة على الفيس بوك وتحدثنا عن موضوع العجن والخبز، فقالت أنها تعجن يوميا لأن والديها يضعان (طقم الأسنان) والخبز الذي يشترى من السوق يؤذيهما، لذا فإنها تدرس بالجامعة وتعجن يوميا شفقة وبرا بهما، وكم أثر موقفها ذاك في أيما تأثير، وحزنت أن الفتاة الجزائرية متهمة دوما ومن بين تلك الأحكام المسبقة أنها لا تجيد الطبخ، كم أحزن حقا للتعميم الجائر، وتلك الأحكام السطحية.
وسأضيف أن المرأة القارئة والمثقفة والذكية متميزة بالضرورة وتحب التميز في عدة فنون ولعلها تتفوق على كثيرات ممن عقلهن محدود ولم يقرأن كتابا بحياتهن، ولعل المثقفة تحرص أيما حرص على تعلم فن الطبخ الصحي، لحماية زوجها وأطفالها من مخاطر الأكل السريع والمعلب، بصفة لا تدركها ولا تعيها أخريات ممن يخيل اليكم أنهن خلقن للبيت والزوج فقط.
فقد تقرأ كتب ابن النفيس، وتجيد تحضير الرفيس.
وقد تقرأ كتبا لدوستويفسكي وتجيد معها تحضير الكسكسي.
ببساطة لا متناهية قد تنهي قراءة سيرة أبو منصور الحاجب وتذهب بعدها لتعد المحاجب.
هي قادرة على إنهاء الإخوة كامارازوف، وبعدها تنتقل لإعداد البوزلوف.
بإمكانها إن كانت مهندسة أن تصمم مبنى على طريقة زها حديد، وبذات الوقت تعد أطباقا من قناة أم وليد.
بإمكانها ببساطة التهام كتب ابراهيم السكران، لتقوم من فورها لتعد البرزڨان.
أنا أؤمن أن القراءة والتثقيف للفتاة، هو أهم ألف مرة من تعلمها للجلي والطبخ وكيف تدقّ الثوم بطريقة عصرية حسب قناة فتافيت، لكن مهما وصل درجة العلم و التعلم عند الجنسين (الرجل و المرأة)تبقى الأدوار الفطرية هي أدوارهما في الحياة..
إن المرأة المثقفة تدرك مع الوقت، أن جزءا من كونها أنثى كاملة هو العناية بأهل بيتها لأنه تعبير عن حبها لهم
***********
هذا أولا.
أما عن الطبخ والأكل وثقافة البطون، وهذه الفكرة التي تمجد هذا الأمر وتعطيه الأولوية على الدين والفكر والعقل، فهذا برأيي قصور في الفكر، وضعف في الهمة، لدى شبابنا المعاصر المتدينين منهم و العوام لأنني وجدت الفكرة رائجة بشكل فضيع.
أولوية الأولويات يا سيدي هو خلق المرأة ودينها وسعة عقلها وتعدد مداركها وكثرة مطالعاتها.
فإن ظفر المسلم بهكذا امرأة وجعل هذه الأمور من أولوياته ضمن خط حياة مستقيم يبتدئ في الحياة الدنيا بمودة وسكينة وتفاهم، فإنجاب ذرية مستقيمة، ولعل الأخطر أنه يحدد نهايتك ومآلك في الحياة الآخرة.
الزواج يا سيدي لم يجعل للأكل والإنجاب وإلا فهذا تزاوج ولم يحقق معنى كلمة زواج.
هو تزاوج كما تتزاوج الأنعام، وكل الكائنات، فأكل ونوم وشرب.
ثم هل سمعنا قط عن أحد من السلف سأل مخطوبته أو أهلها هل تجيد الطبخ والنفخ والأكلة الفلانية والوصفة العلانية؟!
هل تعلم يا سيدي أن أمنا عائشة رضي الله عنها، كانت تعجن العجين وتنام جنبه؟!
فقد ثبت في حادثة الإفك أن الرسول صلى الله عليه وسلم سأل خادمة السيدة عائشة عن أخلاقها فقال:
"أي بريرة، هل رأيت من شيء يريبك من عائشة؟" فقالت بريرة: والذي بعثك بالحق، إن ما رأيت عليها أمرًا قط أغمضه عليها أكثر من أنها جارية حديثة السن تنام عن عجين أهلها، فتأتي الداجن (الدواجن) فتأكله.
وهل تعرف يا سيدي أن أسماء بنت أبي بكر تزوجت بالزبير واشتغلت بسياسة فرسه، وسقي الماء، والخرز والعجن، ولكنها لم تحسن الخبز، وكانت لها جارات من الأنصار يخبزن لها، وكن نسوة صدق.
صدقا أصبحنا أمة الأكل والنوم، وما يؤيد هذا كتاب چينيس للأرقام القياسية الشاهد على منجزاتنا التي اختزلناها في حجم أطباقنا، فمن أكبر صحن كبسة إلى أكبر حبة كبة إلى..........والقائمة طويلة.
ولعل هذه المقولة تلخص الأمر وتشرحه:
((الإنسان نصفان ، نصف أعلى ونصف أسفل ، النصف الأعلى فيه العقل والقلب (العلم والإيمان) والنصف الأدنى فيه البطن والفرْج (الشهوات) ... فإن تحرّك النصف الأعلى هدأ النصف الأسفل، وإن اشتغل النصف الأدنى تعطّل النصف الأعلى !
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شيخنا عبد الرحمن السنوسي حفظه الله نقلًا عن شيخه
عبد الرّزاق عفيفي رحمه الله
*****************
ولعلي أذكر في الأخير أن الشباب الجزائري يحب المرأة الذكية والمثقفة، لكنه لا يقترب منها ولا يتزوجها.
إنه لا يريد مواصفات زوجة، إنه يريد مواصفات تنطبق على نعجة، فيتزوج أخونا فإذا به يجد بدل النعجة كبشا أقرنا.
فلا هو حظي بالمودة والسكينة، ولا بالأطفال النجباء الفاتحين، ولا بالأكلة الطيبة الهنيئة المريئة.
بقلمي شمس الهمة

السبت، 4 مايو 2019

ماذا حدث للمجتمع الجزائري؟!



ماذا حدث للمجتمع الجزائري؟!
قبل سنوات، بالتحديد في مكة المكرمة كانت والدتي تؤدي مناسك العمرة، فالتقت هنالك بشابة مصرية تبدو عليها سيماء الثقافة والنضج، وتبادلتا حديثا جميلا كان من ضمنه سؤال والدتي عن أحوالهم وأحوال بلادهم، ثم سألتها سؤالا مباشرا؟!
- من الأفضل برأيك لرئاسة مصر، مرسي أم السيسي أم مرشح آخر؟!
فأجابت الفتاة حينها:
المشكلة ليست فيمن يتولى حكم مصر، المشكلة في الشعب، ثم استطردت:
- الشعب المصري منقسم نصين، ومش متفقين على رئيس معين، لذلك اضطر الجيش للتدخل وحسم الخلاف.
تناقشت بعدها وأخي فقال أن النظام المصري عمل طيلة عقود على علمنة الشعب المصري (السينما، الروايات، الكتب، المجلات، وحتى المسلسلات).
الإخوان ظنوا أنهم سيكسبون أصوات ورضى غالبية الشعب مثل حركة الفيس بالجزائر، ومثل اخوان تركيا، لكنهم أغفلوا أن النظام عمل على تقسيم المجتمع وتقوية الشق العلماني منه.
في تونس عمل النظام ذات الشيء بتونس، فبورقيبة قام بالدور على أقذر وجه.
قال أخي يومها، الجزائر استثناء، لا تزال الرجولة، النيف، النخوة، والغيرة على الاسلام والمبادئ والقيم.
لا أحد يرضى بأفكار بنو علمان، والفيمنيزم وووو
لكن الحراك الحالي واللافتات المرفوعة، وشت بالكثير.( التبرج والسفور، الرقص في الشارع على أنغام الراي، التحرش، الفيمينيزم، المثلية، وووو)
فجيل اليوم الذي انتفض بلا وعي ثوري، وحراكه الذي تغيب فيه الايديولوجيا أو الفكرة التي تمثل الفعل الثوري، هو جيل مائع.
وقد ساهم النظام في إنشاء هذا الجيل غير المؤدلج عبر استئصال القيم الإسلامية، للقضاء على أي محاولة تحاكي تجربة حركة الانقاذ، لضمان استقرار مستقبله السياسي.
وهذا بنزع أنياب الحركات الإسلامية، وتقليم أظافرها، والحجر على نشاطاتها.
وعمل على تقزيم دور الأئمة والمصلحين والتضييق عليهم باستعمال قانون الطوارئ.
وقد استعمل المنظومة التربوية في هاته العملية، وكذا سلاح الإعلام الموجه.
ولا ننسى استعماله للمداخلة، وتقويته للتيار المدخلي في حرب المسلم ضد أخيه أيضا.
فأكثر من أساء للاسلاميين والدعاة والعلماء بالجزائر هم المداخلة للأسف، عبر الطعن من الخلف، وموقف المداخلة من الحركات الإسلامية(وإن أخطأت) ليس أسوء من موقف الملاحدة وأعداء الدين ان لم يكن أشد لأنهم اذ يتهمون هذه الحركات يتهمونها تحت مسمى الغيرة على الدين وهذا يلبس على العوام ويخلط الكثيييير.فقد مزقوا الأمة شر ممزق، وأفقدوها الثقة في الكثير من العلماء والمصلحين وتجرؤوا عليهم وجرأوا الناس أيضا.
ولا أدافع هنا عن الاخوان أو غيرهم، فهم مسلمون اجتهدوا وأخطأوا، وكان لديهم من الاندفاع والحماس مقرونا بالغباء السياسي وعدم النضوج الكثير.
ويقول البشير عصام المراكشي في هذا الصدد:
هل اختلاف الجماعات الإسلامية العاملة لاسترداد عز الأمة، دليل على أن العمل الإسلامي باطل كله، وأن الواجب الركون والانطواء على النفس.
ويتكلم عنهم الشيخ ابراهيم السكران في كتابه ماجريات التالي:
حيث تكلم الكاتب عن الحركات الاسلامية، وبين أنها انحرفت قليلا عن المسار الحقيقي ألا وهو التصفية والتربية.
وذكر أمثلة مؤيدة لموقفه لا حصر لها، استشهد مثلا بموقف الشيخ البشير الابراهيمي الذي قسم السياسة إلى لباب وقشور.
كما استشهد بموقف مالك بن نبي الذي سمى الانشغال بالمطالبة بالحقوق، دروشة سياسية.
وذكر الكاتب أمثلة أخرى لا حصر لها عن الندوي وفريد الأنصاري وعبد الوهاب المسيري، وكلهم كانت لهم نظرة متشابهة.
والخلاصة من الأمر أن الكاتب يريد منا ومن الحركات الاسلامية تصحيح المسار فقد أهمل الجميع أهم وأقوى عنصر في عملية التغيير ألا وهي بناء تدين المجتمع.
وذات الشيء يقول به الشيخ محمد عيسى في مقاله المعنون(من يمثل الأمة؟!):
((من يمثل الأمة لا يمكن أن يولد كبيرا ..ولا هو ممن يصلحه الله في ليلة.
في سنة 1926 كتب الشيخ العربي التبسي رحمه الله مقالا بعنوان " أزفت ساعة الجماعة وتصرم عصر الفرد".....
ونتيجة لذلك العمل يستطرد فيقول : ولما جاءت أوقات الحاجة بعدها وجدت الأمة الألسن الناطقة باسمها..)))
لهذا قلت سابقا ولا زلت أظن أننا لسنا مؤهلين بعد، علينا أولا بناء تدين المجتمع لينصهر في بوتقة واحدة وروح واحدة، أو يكون لنا ممثل كفء يقوم بعملية الإصلاح تلك، لكننا في المرحلة الحالية نفتقد الاثنين للأسف.
#شموسة

ما رأيت أحدا تمدخل أول النهار


بحثي عن الحق وأصول الفرق والخلاف لم ينتهي ولم يبدأ مؤخرا، فأخي مدخلي وأبي اخواني ولي باع مع النقاشات والبحث والتنقيب في الأمر.
وما رأيت أحدا تمدخل أول النهار إلا وتعصب وحمل الضغينة لاخوانه المسلمين آخر النهار.
وفي هذا يقول ابن العثيمين رحمه الله أن العامي في تدينه أحسن وأفضل من طلبة العلم الشرعي وحدثاء الأسنان الذين اشتغلوا بخلاف الفرق، و يحملون في قلوبهم الضغينة ضد اخوانهم المسلمين.
وليس أدل على أن التحزب والتعصب يسلب المرء لبه مما يحدث في السعودية من فسق ومجون ولا أحد منهم ينكر ذلك وكأن على رؤوسهم الطير.
نسأل الله أن يجعل سهامنا مصوبة على أعداء الدين، لا على اخواننا المسلمين.
ومع هذا آخذ منهم الحق ولا أبالي عمن أخذت، فهم وان كانوا مخطئين الا أنهم أخذوا عن السلفية، ولنا معهم أمور مشتركة كثيرة.

فاتح روميا

الى ابني المستقبلي:

أي بني (فاتح روميا) الذي لم يأت بعد، اعلم أن أمك الحالمة، لم تدخر جهدا ولا وقتا في سبيل أن تراك فاتحا.
وأن هذا الحلم استولى على لبها وفكرها ويقظتها وأحلامها وسكناتها وحركاتها فاستوطنها حتى النخاع.
وأنها في سبيل ذلك باعت الدنيا وزينتها، وكرست وقتها وشبابها لذلك.
وأنها كانت تضن على رفيقاتها وكل المحيطين بهذا الحلم، فلم تبح به لأحد قط، مخافة أن يحوز السبق ويسبقها في الظفر والأجر.
وأنها لأجلك حاولت تعلم الايطالية ، ودرست جغرافية روما وأحوال سكانها.
قرأت عنها الروايات والكتب والمقالات، وقرأت في مقابل ذلك كتب تربية الأبناء.
قرأت كيفية إعداد القادة، وسير وصفات العظماء.
وقرأت عن المعلوماتية والقرصنة وأرادتك فاتحا لا بالسلاح ولكن بالأنترنت.
أرادت منك التغلغل والتمكن لتؤسس موقعا توصل به اليهم رسالة الإسلام.
وقرأت من أجلك التاريخ، والعلوم الشرعية وأحوال الأمم، وأسباب النصر و كيف تكون السنن.
ثم بدا لها آخر عمرها أن تقرأ في السياسة، فلا فتح ولا رياسة بلا سياسة.
بني فلتنظر اليها الآن، وقد أصابها الساسة وتحليلاتهم بالغثيان.
وزادها البحث والتعمق والاطلاع حيرة فوق حيرتها، وضبابية فوق ضبابية كانت تعيق رؤيتها.
أي بني وإنها اكتشفت بعد هذا كله أن القراءة لهؤلاء ستجعل منها كتلة غباء ولاريب.
فهم لا يثبتون على موقف أو رأي، ولا يستطيعون استشراف مستقبل ولا شيء بسبب كثرة العي.
#شموسة

الموت القادم إلى الشرق:


الآن سأكون في الصفوف الأولى:
كلنا شاهد ربما المسلسل السوري (الموت القادم إلى الشرق)، وبعد الربيع العربي في المنطقة، تناقشت وأخي حول المسلسل، وقال أنه لم يكن عبثا، وأنه كان لحاجة في نفس يعقوب من أصحابه، لتهيئة المنطقة العربية للربيع العربي.
وقال أيضا أن التسمية(الموت القادم إلى الشرق)، مشبوهة ومشؤومة ومنذرة بالموت لشعوب الشرق الأوسط.
وإلا هل انقرضت العناوين حتى يختاروا عنوانا يحمل الموت، لماذا لم يتسمى مثلا الربيع القادم إلى الشرق، أو الفتح القادم أو غيرها من العناوين التفاؤلية؟!
تناقشنا كثيرا حوله، ووافقته حينها في شؤم العنوان وكونه مبهما.
وبحثت حول الموضوع، فوجدت بعضهم يحمل نفس وجهة نظر أخي، ونفس تحليله، ووجدت اتهامات للمخرج نجدة آنزور بأنه ماسوني، حتى أنني راجعت جميع مسلسلاته، فوجدتها تحمل رسائل إلى العرب، الكثير منها يدعو إلى الثورات.
وبعيدا عن نظريات المؤامرة، وعن نوايا أصحاب المسلسل، بدا لي المسلسل رائعا، عدا نقطة العنوان.
وما أريد التركيز عليه في هذا المقال، هو مسألة أن يكون لكل ثورة قيادة أو زعامة أو أطراف محركة ومستفيدة.
الثورة في المسلسل قام بها كما أذكر القائد المتمرد والفار قصي(فرد شريف من الجيش)، وكذا الأميرة شمس (فرد شريف من الدولة)، ولا طرف منهما كان يعلم بالآخر فالقائد قصي كان يقوم بحرب العصابات واختطاف الجنود وقتلهم، والأميرة شمس كانت تقوم بالتنكر هي وخادمتها، وتقوم بعملية التحريض للشعب.
الأميرة علمت فيما بعد من يقود حرب العصابات، وتحالفت معه.
ومن ثم يظهر عنصر آخر الشاب الذي قتل والده (سيف بن الصافي)، والذي تدرب لسنوات على يد أمهر وأشجع الفرسان في غابات (وادي الذئاب)، ألا وهو أبو الركاب.ليتولى عملية اغتيالات منظمة لأفراد العصابة.
ورغم أن جبلة (شاب معروف بالجبن) حين رأى ثورة الشعب، وتمرده على السلطة، وكسره حاجز الخوف الذي كتم أنفاسه لسنوات طويلة، سأل صديقه أبا الركاب كيف حدث هذا للناس فجأة؟!
ليرد عليه أبو الركاب بإجابة لا أنساها لأن والدي يكررها دوما مذ شاهد المسلسل، ويتمنى حدوثها أيضا، ألا وهي عبارة ((إنه التراكم يا جبلة))
ما أود قوله أن ثورة الشعب في المسلسل لم تكن بسبب التراكم وحده، ولم تكن من تلقاء الشعب وحده، ولكن الأميرة شمس والقائد قصي استغلا *استعداد* الشعب ووصوله لمرحلة الحنق، وقامو بتحريكه من خلف الكواليس، ونجحت الثورة لأن القيادة واضحة فالشعب كان يعلم من فرد الى آخر أن شمس تؤيد التمرد.
أذكر جملة قبل بداية الحراك للمدون مصطفى عثمان يقول فيها:(لاتخرج إلى الشارع بدعاوى مجهولة، لا تخرج إلى الشارع بدعاوى أشخاص لا يعول عليهم).
وقال أيضا: ومن النذالة الدعوة إلى التظاهر والمزايدة على من هم داخل الوطن وأنت خارجه.
شخصيا كنت أرى أن ثورتنا تحرك بأيادي مجهولة وتفتقد لزعيم يقودها، وليس لنا نخبة عرفت بنضالها ومواقفها، وتحظى بشبه إجماع من الشعب، نعول عيها فيما بعد اذا تم اسقاط النظام، ونطمئن لحسن تسييرها.
فالتوانسة مثلا كان لهم شخصيات ذات وزن على اختلاف مشاربهم، إلا أنهم شرفاء ومناضلون ويحظون بثقة الشعب.(منصف المرزوقي، راشد الغنوشي وغيرهم كثير).
والمصريون كان لديهم مرسي والاخوان وشخصيات أخرى.
ولكن كي تنجح الثورة هل تكفي أن تكون القيادة واضحة وشريفة فقط؟!
- لا
فنحن نعلم ما حدث للمصريين والتوانسة بعد ذلك.
الزعيم أو القائد الذي يقود الثورة لا يكفي أن يكون من الشرفاء والطيبين، فلا بد أن تتوفر فيه شروط أخرى كالدهاء والحنكة، وينبغي أن يكون قد أسس أو ضمن دعم بعض مؤسسات الإعلام، وأرباب المال، أو أن يكون قد ضمن وقوف الجيش، فالقوة ضرورية أيضا.
اليوم و هنالك أنباء تتحدث عن ثورة الشرفاء في الجيش، وأنهم هم من قام بإخراج الشعب، وتحريكه من خلف الكواليس.
وأن النقيب شوشان يؤيد خطوة الجيش، ويصف من يعارض توجهاته في هاته الفترة بالعميل.
ولاحظنا كيف انقلب بنو علمان على الجيش، وشخصيا أي طرف يؤيده أبناء فرنسا، فيجب أن نحاربه.
وأي طرف يعارضونه فلابد أن فيه خيرا كثيرا.
وتبقى هذه فقط تكنهات وسيناريوهات، فلا أحد يملك الصورة الكاملة.
فهل هي ثورة الشرفاء في الجيش حقا؟!
ولقد قلت سابقا، اذا اتضح زعيم كفء للثورة فسأكون في الصفوف الأولى.
هذا المنشور كان منذ أيام وحذف بسبب العنوان(قيل أنه مستفز).
#شموسة

عرسان آخر زمان(يتنحاو ڨاع):قصة



عرسان آخر زمان(يتنحاو ڨاع):
حدثتني صديقتي طالبة الطب حديثا له ماله وعليه ماعليه، فتأملت حديثها طويلا، ولم أدر حقا هل أضحك أم أبكي، ولسوف أكتفي بسرده لكم، وهدفي من ذلك التذكرة والعبرة، و ما سأكتبه لا يعبر عن وجهة نظري بالضرورة، فهو كلام الأخت بدون تحريف، مع تغيير أسماء الشخصيات لأنها حقيقية. تابعوا معي:
تقول صديقتي بدأ الأمر حين حزت شهادة البكالوريا بامتياز، كانت فرحة أسرتي كبيرة، وكذلك فرحتي فأخيرا تكللت الجهود وسهر الليالي بالنجاح، تلاها رحلة إلى تركيا، كانت فيها سعادتي لا توصف.
بعدها خطوت أول خطواتي كطبيبة، أو على الأقل كما اعتقدت آنذاك، فقد ظننت دراسة الطب أمرا سهلا، وأنني ضمنت لقب الدكتورة بأول دخول جامعي لي.
مرت الأشهر على جميع الطلبة شاقة عسيرة، بعضهم ترك الدراسة، بعضهم انتحر، وبعضهم فقد عقله مع بداية الاختبارات والتي كانت الأسئلة فيها وكأنها من كوكب آخر، وبعضنا استمر رغم الألم.
حينها قررت أنا وصويحباتي حضور حفل تخرج طلبة السنة النهائية، لنرفع من معنوياتنا قليلا، ونعيش اللحظة، ونعمل لأجلها.
لكننا فوجئنا بطلبة وطالبات أشبه بالعواجيز، ضعف وتعب جلي في العيون، هالات سوداء، أكتاف محدودبة، عضلات ضامرة، وأجسام نحيلة وكأنها لمرضى السل، مع أن أصحابها يفترض أنهم أطباء، رؤوس صلعاء، وبعضها زاره الشيب فعلا.
على هذا هبطت المعنويات إلى الصفر، وصرنا نهمهم ونتمتم، ونتخيل أشكالنا بعد سبع سنين.
حينها استدارت لنا صديقة ايجابية، وميزة الايجابيين أنهم يرون النصف الممتلئ من الكأس دوما.
لمعت عيناها، وافتر ثغرها عن ابتسامة صغيرة، ثم طلبت منا التدقيق في أصابع الذكور والإناث من المتخرجين، وقالت أنها أتتنا بالخبر اليقين.(الدبلوم والأوم).
قالت جل هؤلاء ما بين مخطوب ومتزوج، وان كانت هناك من حسنة في دراسة الطب هو أن سبع سنوات كفيلة بتوأمة الأفكار، وذوبان الاختلافات، واكتشاف معدن الآخر، وهؤلاء كما ترون جمعت بينهم سنون من التعب والألم، ألفت بين عقولهم وقلوبهم، ووطدت أواصر الأخوة والزمالة والصداقة، وكان نتاجها أن تلك الأيام تمخضت عن خطوبات وزواج.
كان لكلام صديقتنا تلك أثر السحر، غابت عقولنا، ونسينا معوقات الدراسة ومنغصاتها، وحلقنا عاليا بأحلامنا.
قررنا بعد ذلك أن نضع جل الذكور ممن يدرسون معنا تحت مجهر الاختبار، فنقيس تدينهم وأخلاقهم، ونقوم بشطب كل من لا يصلح ليكون زوجا مستقبليا، لذا ركزوا معي جيدا في مراحل الاختبار.
أول أمر يجب أن تعرفوه قبل الاختبار أن كل الألقاب التي أطلقناها على أولئك الشباب كان فكرة تلك الصديقة، وطبعا أصيلا فيها، حاولنا كثيرا تنبيهها أن التنابز بالألقاب غير جائز، لكنها سحبتنا معها حتى صرنا نفعل فعلها ذاك.
الأمر الثاني الذي ينبغي أن تعرفوه أن مدرجنا للسنة الأولى كان يحوي زهاء 500 طالب وطالبة أو يزيد الى النصف أو يقارب 600.
جل الطلبة كانوا إناثا، وعدد الذكور لا يتجاوز الثلاثين.
عشرة منهم كانوا أرادنة(طلبة من الأردن)، وطالب يمني، وقرابة العشرة من مدينة وهران(أصحاب الأرض)، وزملاء آخرون سيأتي ذكرهم تباعا.
على هذا كان احتمال الفوز بعريس ضئيلا جدا، وأشبه بالفوز بجائزة يانصيب.
أول من قمنا بشطبهم فريق الأرادنة، والطالب اليمني (والسبب الأول أن أيا منا لم تكن مستعدة لتغادر الجزائر)
- الأرادنة طلبة كثيروا الحفظ، قليلو الفهم، بالاضافة إلى ضعفهم باللغة الفرنسية، يدخنون الشيشة، والسجائر، وحتى الشمة لا يستغنون عنها، يصادقون أي فتاة تقترب منهم، بحكم أنهم لم يدرسوا بمدارس مختلطة، لكن بالرغم من كل سلبياتهم كانوا يحفظون القرآن كاملا مع الأحكام، وصوتهم شجي بالتجويد، ولايتأخرون عن صلاة الجماعة بالمطلق(وهذا هو الفرق بيننا وبين المشارقة، وحرص الأولياء هناك على التركيز على الصلاة والقرآن منذ الصغر، لذا فأبناؤهم وان تميعوا وفسدوا، وتمكن منهم الطيش إلا أنهم سرعان ما يسارعون الى التوبة والرجوع إلى أحضان ايمان رضعوه مع الحليب).كان من ضمن هؤلاء الطلبة، طالب وحيد ملتزم وملتحي واذا اقتربت منه الفتيات أشاح بوجهه، واستغفر وحوقل.
- الطالب اليمني كان عاشقا للجزائر، وحين رأى الدراسة مجانا وحتى الطعام والايواء، قال أنه ذهل واعتبر أن الجزائر أم الدنيا وليس مصر كما يدعون.
- ‏أصحاب الأرض: أو شلة الصايعين كما كنا نسميهم، كانوا شبابا من أرباب النعمة والثراء، ولدوا وملعقة ذهب بأفواههم، يضعون السلاسل والأقراط، يسبغون شعورهم وينفشونها كأعراف الديكة، ويلبسون المقطع من الجينز، ليت هذا فحسب، فقد كانوا يحضرون للدراسة في الشورت نعم الشورت صدقوا أو لا تصدقوا، لم يكن أحد يتكلم معهم فهم أبناء فلان وعلان، الوحيدون الذين يتقنون الفرنسية بطلاقة، بعضهم كان يمضي الليل في سهرات ماجنة، ويقوم بتصويرها رفقة قارورة الخمر على الفيس بوك.
لم يكونوا يختلطون بالطلبة الآخرين( أبناء العامة)، وكانوا يكتفون بصحبة البنات من نفس مستواهم الاجتماعي، يعرفون بعضهم جيدا من فترة الثانوي، ولا تميز اذا اجتمعوا معا بين شاب وفتاة، فقد تجد فتاة بشعر قصير جدا، وشابا بتسريحة الديقرادي الطويلة.وكانوا اذا تقابلوا في الصباح يسلمون على بعضهم على طريقة الافرنج، وكل ذلك أمامنا.
- ‏the genious العبقري أو هكذا كنا نسميه، كان صاحب أعلى معدل لشهادة البكالوريا في الجزائر، ظهر في التلفاز، وتم تكريمه، والتقى بالوزراء، قمنا بشطبه من على اللائحة هو الآخر، فلم يمض شهرا معنا حتى انتقل لدراسة إدارة الأعمال في لبنان، وكان يعود للجزائر فترة الامتحانات فقط، كما أنه أعلن خطبته على صفحته على الفيس بوك من صديقته المتبرجة.
- الديليقي أو مسؤول الدفعة كان في السنة الأولى شابا عاديا عديم التأثير والفاعلية، ولا تعرف له أخلاق ولا مواقف ولا يمكنك التكهن بما يحمله عقله أو ثقافته، وكان أينما حل أو ارتحل يصحب زميلة له فكانت مثل ظله، بعضهم قال أنهما خطيبان، وبعضهم قال أنهما مجرد زميلان، ولا أحد يعرف ماهية تلك العلاقة الى الآن.
كان عاديا حتى تم انتخابه مسؤولا بالاجماع، حينها تغير الطالب 180درجة، واجتهد للقيام بواجباته على أكمل وجه، ونجح في كسب الطلبة والطالبات واخماد روح العداوات وعدم التفاهم التي كانت السمة المميزة لدفعتنا، أوصل مطالب الطلبة، ورفع عنهم الغبن، وساعد الجميع في أمورهم، فحاز اعجاب وثقة الجميع، نضجت شخصيته في عام واحد فقط، أصبح كثير الصداقات، ومحط اعجاب الطلبة والدكاترة. يطالع الكتب، ويشارك بالنقاشات، ويؤدي الصلوات جماعة، أعفى لحيته، وهذب سلوكه، حتى أنه قام بأداء عمرة.
لكن الشيء الوحيد الذي لم يستطع التخلص منه، تلك الفتاة التي كانت تمشي برفقته مثل ظله.
لذا أطلقنا عليهما لقب(الملك والجارية)، وكنا اذا رأيناه قادما نهمس لبعضنا هاقد أتى الملك، فتسأل احدانا:هل هو برفقة الجارية؟! فنجيب أن نعم، ثم نستغرق في ضحك لا ينتهي.لذلك تم شطبه هو الآخر.
- "كل يوم تصديرة كي الخالات": هو لقب أطلقناه على شاب آخر يكبرنا ومن غير دفعتنا كان لافتا بسبب طريقة اهتمامه بثيابه وشعره وحتى بشرته، ولكنه لم يكن الوحيد فأمثاله متواجدون في كل مكان.
- ‏باسل والوصيفات: هو لقب أطلقناه على زميل آخر، لم يكن يخطو خطوة إلا وهو محاطا بأربع على يمينه، وخمس أو ست على شماله(وأقصد البنات طبعا)، فلم يكن له صداقات من الذكور على الاطلاق، معتدا بنفسه، وذكائه، ويظن أن فعله ذاك، علامة على الرجولة، بينما كان الجميع يتقزز منه، وكنا لا نميزه عن تلكم الفتيات، ولا تظهر لنا ذرة رجولة فيه.لذا تم شطبه بنجاح.
- ‏أخينا: هو لقب أطلقناه على زميل سلفي أو هكذا اعتقدنا في البداية، إلا أن نقاشاته وملاسناته مع زميل اخواني في المجموعة الخاصة بنا على الفيس بوك، أظهرت لنا جليا أنه بعيد كل البعد عن منهج السلف، وفيه غلو لشيخه لذا فهو مدخلي، أول احتكاك لنا معه في بداية الدراسة، كان بخطأ جسيم ارتكبته احدى صديقاتنا، اذ أنها غرزت قلما بظهره فقد كان يجلس أمامها، راغبة في طرح استفسار بشأن الدراسة.
أخينا هذا لم يرقه الأمر، فاستدار لها وعينه تقدح شررا، ورمقها بنظرة غاضبة، ثم استدار لشؤونه.
أمام الموقف لم تملك صديقتنا سوى الانكماش على نفسها شاعرة بالهلع والخجل.
أخبرناها بعد ذلك أنها من أخطأت، وأن سلوكها كان خاليا من كل ذوق، إلا أنها أصرت على الغضب على أخينا وشتمه وسبه طول الوقت، حتى أنها قالت أنه وجب شطبه، ولو بقي في الكون سواه فلن أتزوج أمثاله.
- لا أدردش: هو لقب أطلقناه على شاب اخواني يكبرنا بثلاث سنوات، كان يدير ناديا علميا وكنا أعضاء في ذلك النادي، كان يجيد الإدارة جيدا، دبلوماسي ومتحدث جيد، يعمل من أجل رقي النادي لكن درجاته الدراسية كانت في الحضيض.
كان يضع لحية خفيفة على طريقة الاخوان، ويلبس من الثياب ضيقها، حتى أنني وصديقتي كنا نقول عنه وعن أمثاله (الجيل الجديد متميعة الاخوان).
كان يضع عبارة (لا أدردش) أسفل اسمه الشخصي على الفيس، ثم اكتشفنا أنه دعشوش مغشوش، وأنه لا يجيد شيئا كإجادته الدردشة مع البنات في الخاص، حتى أنه سألنا اضافته على الفيس لمدارسة مستجدات أمور النادي، لكننا أجبناه بأن مجموعة النادي على الفيس كفيلة بذلك، وأننا لا نضيف الذكور ولا ندردش، لذا استغربنا جدا سبب بقاء تلك العبارة وهي تزين بروفايله الشخصي.لذلك شطبناه على الفور.
أبو زبيدة شاب اخواني يضع لحية خفيفة، كان يكبرنا بحوالي ثلاث أو أربع سنوات، أول احتكاك لنا معه، كان بالمصادفة، أعقبها تتبعه لحركات صديقتنا لمياء، طالبة حسناء فائقة الجمال، أظن أنه درس سلوكاتها وتحركاتها مدة تزيد عن الشهر، ثم قرر خطبتها بنفسه على الفور، فاستوقفها ذات مرة وعرض عليها الأمر، لكنها كانت خجولة جدا، ولم تدر ماذا تفعل، ففرت من أمامه.لذلك كانت كلمة السر بيننا إذا رمقناه (أبو زبيدة) قادم، لنتأهب لتغيير طريقنا.
- غوغل للترجمة(google translation):التسمية لسبب خاص، لا يمكنني ادراجه، والا عرف صاحبه، كان شابا ملتزما بلحية، متفوقا على أقرانه، له مبادرات ايجابية كثيرة، واسع الثقافة، يقرأ كثيرا، ويكتب مقالات في القمة، وله صفحة تعنى بشؤون الطلبة كان يديرها، وكنا نتفاعل معها، كان هذا النوع المفضل للجميع.
كان جل طلبة الطب يتفاعلون في صفحته، ويثمنون مبادراته، فركبه الغرور، وتمكن منه فيروس حب الظهور، وصارت له قناة خاصة يبث فيها أفكاره وانشغالاته، كانت مدة الفيديو تستغرق قرابة النصف ساعة يقترب فيها من الكاميرا فلا يظهر إلا رأسه، مع اضاءة قوية تمكنك من عد المسامات على وجهه، ناهيك عن البثور، نصف ساعة يارجل؟! حتى أنس تينا لم يفعلها، نصف ساعة من الجمود، لا روبورتاجات ولا حركة سوى حركة رأسك وشفتيك وأحيانا منخريك.
ذلك الغرور تغاضينا عنه، فالبنهاية هو يقوم بخدمات جليلة، لكن ما لم نتقبله أنه كان يمسح التعليقات المخالفة، واذا كانت بها حجة قوية يمسح كامل المنشور، كان متغطرسا لا يقبل آراء الآخرين، ولا يقدس سوى آراءه، لذلك قمنا بشطبه هو الآخر من القائمة، كيف للحياة الزوجية أن تستمر مع ديكتاتور كهذا؟!
- شخصية أدهم من رواية اكتشفت زوجي في الأتوبيس: هو طالب من غير دفعتنا سمعته مثل المسك، شاب خلوق ومهذب، متفوق دراسيا، يعفي لحيته، حافظ للقرآن، وكثيرون استمعوا لتلاواته في مصلى الجامعة وغيرها.
دمث وطيب من غير ضعف، لا يكلم الفتيات ولا ينظر اليهن، وليس له الوقت لفعل ذلك، يمارس الكثير من الأعمال التطوعية، واذا سألته عن شيء في الدراسة، فستجد لديه الاجابة المفصلة.
كان سبب التسمية أنه كان يحمل كل مواصفات أبطال الروايات الملتزمة، على غرار اكتشفت زوجي في الأتوبيس، الرجل ذو اللحية السوداء، زواج مع وقف التنفيذ،  لكن الاختلاف أنه كان بطلا حقيقيا، وليس مجرد مجاز.
- نواقض الوضوء: هو شاب من مواليد الثمانينات، عملت معه صديقتنا لمياء في نفس الفريق أثناء تربص السنة النهائية، ويبدو أنه أعجب بها، فكان يسألها كل يوم أسئلة غريبة يختبرها بها، لكن البلهاء، لم تكن تعرف أن الأسئلة كانت لذلك السبب.
وأول سؤال سأله اياها بعد نقاش ديني كان:- ماهي نواقض الوضوء؟!
صديقتنا استحت من الاجابة، وغيرت الموضوع ثم فرت من أمامه.
تلاها بعد ذلك أسئلة عن معنى التوحيد، وأسئلة أخرى كثيرة.
حين أخبرتنا بذلك، انفرطنا من الضحك، معقول!!
وتم وضع اللقب كختم تعريفي له، وصار كلمة السر بيننا.
الظاهر أنه مدخلي متلبس في ثياب الأناقة، فقد كان أنيقا، جذابا، ووسيما أيضا.
(الألقاب ليست لللاستهزاء، ولست مسؤولة عنها، فلا ترهقوني بتعليقات بلا طعمة)
على هذا أصبحت فرصة الحصول على عريس مسلم مستقيم، ضربا من الخيال، وحلما من الأحلام.
فقد تم شطب الجميع تقريبا من اللائحة ولم يتبق سوى أدهم بطل الروايات.
قبل أن أتحدث عنا كبنات، يجب التنويه في البداية أننا كصديقات لم نكن جميعنا أترابا، فقد صادقنا بعد ذلك فتيات من مستويات مختلفة.
شلة البنات في البداية كانت تحوي فتاتين ملتزمتين فقط، فصديقاتنا الأخريات كن يرتدين السراويل، يضفن الشباب على الفيس بوك، يستمعن الى الأغاني، ويدمن مشاهدة المسلسلات التركية.لكنهن للأمانة كن بعيدات عن العلاقات المحرمة.
تعاهدنا بعدها على التناصح، واستطعنا اقناعهن بترك لبس السراويل، وحذف الحسابات التي تحوي أصدقاء ذكور، وأن نلتفت للدراسة فقط، ثم سجلنا بمدرسة قرآنية وعزمنا على اغتنام السبع سنين لحفظ القرآن.
- احدى صديقاتنا لم تكن تحيط بأدنى المعلومات في دينها، ثم وفجأة قررت ارتداء الجلباب، وقالت أنها ارتدته حتى يعصمها من عادة قبيحة في عائلتها الكبيرة وأبناء عمومتها وأخوالها، فقد كانت لديهم عادة السلام بالتقبيل وكانت تشمئز من ذلك وتريد تغييره.
صديقتنا هذه عكفت على تعلم أوامر ربها، وكرهت الدراسة وكانت تحلم بتكوين أسرة، وكانت لا تخفي رغبتها تلك أمام جميع صديقاتها.حتى أنها توقفت عن الدراسة في السنة الثالثة.
الشيء الجميل أنها تزوجت من ذلك السلفي الذي وخزته بقلم في ظهره، نعم الشخص الذي حلفت أن لا تتزوجه حتى لو كان الرجل الوحيد في الكون.
والسبب أنها بعد قراءاتها صارت تميل للفكر السلفي، وأخينا استبشر خيرا بمجرد رؤيته للجلباب، فتقصى أمرها من أصدقائه الذين سألوا عنها زميلاتهم.
أخينا نضج بعد ذلك وأصبح سلفيا على الجادة، ناقش كثيرا طوال تلك السنون، وقرأ كثيرا، وكان الأول على الدفعة.
- صديقة أخرى تغير سلوكها في السنة الأخيرة، حذفت حسابها الذي كان يجمعنا بها، وأنشأت حسابا آخر لا نعرفه.
كانت من "الشرفة" الأشراف يعني، ولديها أخت بلغت الأربعين ولم تتزوج بسبب أنهم كانوا يرفضون تزويج بناتهم للعرب الآخرين، ورغم أن والدها شخص جامعي مثقف، الا أنهم ألمحوا لها أنهم لن يقبلوا تزويجها من عربي، الا اذا كان غريبا عن مدينتها، لذا فرسالتهم المبطنة كانت أن اختاري لنفسك زوجا بعيدا لا يعرف الناس في مدينتهم أصله وفصله.
كانت كثيرة القراءة، وترتاد مجموعات مناقشات الكتب، لذلك عمدت على التعرف على عضو انسجمت معه في الأفكار، ولربما يعزمان على الزواج.
- صديقة أخرى من بلدية متخلفة، وأهلها يعيشون بعقلية الخمسينات، يأتيها كل مرة خطاب كثيرون لا يحملون شهادة ولم يكملوا التعليم، أمها كانت تضغط عليها كثيرا لتوافق وإلا (حصلت في راسها)، فإما أن تقبلي بمول الكاميون، وإما أن تقبلي بمول الغنم، أو صاحب التراكتور.( هذه المهن شريفة وليس هذا الأمر للسخرية، انما السبب الرئيس المستوى الفكري والتعليمي).
تلك الصديقة كانت تعاني لوحدها تلك الضغوط، كانت فتاة ناضجة عاقلة وجميلة أيضا.
لكنها ارتكبت بعد ذاك غلطة عمرها، فقد قررت في السنة الأخيرة أن تتزوج عن طريق النت، هكذا عشوائيا تعرفت على أحدهم وبعثت له بيانتها كاملة، فما كان منه إلا أن بعث صديقه ليكلم أخاها، ويطلب موعدا، ثم مالبث أن أخلف موعده ذاك، وسبب لها مشكلة كبيرة، فبدأ التحقيق والسين والجيم، حتى اكتشف أخوها الأمر برمته، وقام بضربها وتحطيم هاتفها والتهديد بإطلاع والده.
وحين أخبرتنا بفعلتها صعقنا من الأمر، وطلبنا منها الاعتراف بالخطأ والتوبة ومصارحة أخيها بمخاوفها وضغط والدتها لعل وعسى يتفهم الأمر، وفعلا سامحها شقيقها وأخذ منها عهدا أن لا تعود لمثلها، وأنه سيكون الى جانبها دوما.
- لا أدردش: تزوج مع فتاة تعرف اليها عن طريق الدردشة، لأننا سألناها وثبت لنا ذلك.
- ‏غوغل خطب صديقة نعرفها فرفض أهلها بحجة أنها صغيرة، فقام بحظرها من على صفحته، ثم خطب ممرضة.
- صديقتنا لمياء الحسناء، عقب خطبة أبو زبيدة لها في السنة الأولى، لم تستطع مفاتحة والديها في الأمر، رغم أن كلاهما جامعي مثقف، فقدت الشهية إلى الطعام، وضعف جسمها، وكثر شرودها، فاكتشفت الأم بفطرتها أن هنالك أمرا ما، صارحتها الفتاة لكن الأم رفضت الفكرة قائلة(ماشي مازال الحال على هاد الموضوع؟!) ونسيت أو تناست أنها حين كانت بمثل سنها كان لها فتاة بعمر السنتين، وأخرى في بطنها.
ظل أبو زبيدة يلاحقها، ويبعث لها العصائر وقت الحر، ويدفع المال اذا كانا بنفس الحافلة، لكنها كانت تشمئز من تلك الأفعال وتعتبرها تجاوزات.
صرنا نعمل بعد ذلك مع أبو زبيدة، واكتشفنا أنه طيب مع الجميع، ولا يضع حدودا في تعاملاته مع البنات، لذلك صارت صديقتنا تنفر من سلوكاته كثيرا.
وصارت تعقد مقارنة بينه وبين (نواقض الوضوء)، فيبدو لها أبو زبيدة مميعا والآخر متشددا
أبو زبيدة كالنساء، والآخر مكتمل الرجولة والغيرة.
وصار تفكيرها متأرجحا بين القبول بأحدهما أو شطب كليهما.
مع أنها للأمانة تنام عن صلاة الفجر، فلها سلوك الخفافيش الدراسة بالليل، والنوم في النهار، وقد عجزنا معها لتغيير عادتها تلك.
- كل يوم تصديرة كي الخالات: تغير كثيرا، عملنا معه فلمسنا تغييرا في هندامه، ورجولة في أقواله وأفعاله، تعاملاته مع المرضى من الأطفال والعجائز كانت مذهلة، كان في قمة الانسانية.
- تبقى أدهم بطل الروايات، كان مطمح الجميع، ومحط أنظار كل الفتيات ملتزمات ومتبرجات.
فالمرأة تمقت الرجل الذي يركض خلف كل النساء، بينما يطمحن للرجل العزوف العيوف الذي يركض خلف هموم أمته، وتركض كل البنات خلفه.
حاولت بعضنا أن تقنعنا بأن نحاول لفت انتباهه، لأنه عملة نادرة، وفرصة لا تتكرر، فغضبنا جداا من تفكير بعض البنات اللواتي يحاولن إفساد الشاب الملتزم.
وأن لو كان الأمر بلفت الانتباه لكان فراره من محاولة لفت انتباه أحد، هو ما جعله محط أنظار واعجاب الجميع.
وأن محاولة اغواء المتدين أكثر جرما من فعلها مع غيره.
ولأن أدهم كان نسيجا وحده، والأول على دفعته، ومحط أنظار الجميع، فقد توفي بعد ذلك في مصلاه وهو يناجي ربه.
فالعين حق وهي تدخل الجمل القدر وتدخل الرجل القبر.
مات أدهم فرصتنا الوحيدة،  لقد كان ملاكا يمشي فوق الأرض، ولعله بات ليلته تلك مناجيا ربه أن ينجيه من القرية الظالم أهلها.
توفي وقد أقيمت له خيمة عزاء بقلب كل فتاة عرفته متبرجة كانت أو محجبة.
نحن الآن أنا وصديقتي لمياء بالسنة السابعة، نحافظ على قلوبنا من العبث، وعلى أنفسنا من المداصرة والاختلاط، وقد فقدنا الأمل تماما بخصوص موضوع الفوز بعريس موافق لشروط المسلم الحق.
#تمت
بقلمي شمس الهمة

العيد

 تلك اللحظات الحرجة قبيل يوم العيد، ذلك التعب، والضغط، تلك الأمور التي أنجزت نصفها والنصف الآخر ينتظر منك اتمامه حالا، ذلك التوتر، وتلك الأع...