السبت، 1 يناير 2022

حب الزعامة سلوك متأصل لدى الرجال:

 حب الزعامة سلوك متأصل لدى الرجال:

(كيف السبيل للقضاء على فيروس حب الظهور؟!)


كمتابعة ومراقبة من بعيد لمجموعات مدينتي، قلت سابقا أن النخب كانت في سبات، ولم يستفد أحد مما تحمله رؤوسهم سوى الحلاق، وذكرت أيضا أنني اكتشفت صعوبة جمع المثقفين والنخب تحت راية واحدة.

يقال أنك تستطيع جمع أهل الباطل بسهولة لكن من الصعب جمع المثقفين فغرور الواحد منهم يدفعه إلى رفض الخضوع لمثقف آخر، إنها نقطة سلبية تجعل المثقفين أغبى من الحمقى الذين تجمعهم التفاهات والهراء المتداول.


أكبر تحد قبل بداية أي مشروع أو عمل ميداني:


حين سئل الأستاذ أحمد الشقيري عن أصعب تحد، وعائق، واجهه قبل انتشار برنامجه خواطر(هل كان المال، أم الدعم، أم ايجاد الأفكار)، أجاب قائلا:( تكوين فريق عمل)، كان أكثر شيء فشلت فيه مرات كثيرة، وشكل أكبر عائق حقيقي، وعقبة كأداء وأول ماتم الأمر نجح المشروع برمته.


ذكرت هذا الأمر لأخي المراهق، حين كان يود تأسيس ناد علمي ثقافي في الثانوية، وكان يومها في سنته الأولى من التعليم الثانوي، وضع شقيقي هذا الأمر نصب عينيه، وصمم أن ينجح في أصعب مهمة ألا وهي تأسيس فريق متكامل منسجم ومتفاهم، وبالفعل واجه مشكلات عدة تمثلت في حب الزعامة الذي يميز الذكور، والأنا، وحب الظهور، وعدم تقبل طرف لآخر وووو.

لذلك اضطر أخي عن التنازل عن رئاسة النادي، وإجراء انتخابات نزيهة لأولئك الراغبين في الزعامة.

وهذا القرار اتخذه بعدما قرأ فصلا من كتاب دايل كارنيجي ذكر فيه قصة لمدير شركة تنازل لشريكه عن اسمها في مقابل بقاء الشراكة التي خدمت الطرفين لعقود طويلة.

فنكران الذات لأجل المصلحة العليا فن لا يقدر عليه المصابون بفيروس حب الظهور.

وفعلا تم لأخي ما أراد، فكان هو النائب وصديقه المدير، لكنه كان مديرا شكليا فقط، أما الإدارة الحقيقية فكانت لشقيقي، الذي كان الجميع يلجأ إليه، بما فيهم رئيس النادي.


نجاحي بعد محاولات كثيرة في جمع المثقفين، تحت راية مجموعة واحدة لم يكن كافيا...فبعد مدة لاحظت داء عضالا يسري في رجالات المدينة الفاعلين، ملتزمين ومثقفين...إنه داء حب الزعامة..

صارت مجموعات المدينة، بؤرا للفتنة، والغيبة والنميمة، وصار هؤلاء العاملون ينالون من بعضهم البعض، بإنشاء تحالفات، وافتعال حروب وعداوات..

وانتشرت الفرقة كسوس ينخر تلك الجهود، وتفرقت السواعد التي جمعها حب الخير، وانقسمت الجمعيات إلى نصفين...

والعجيب في الموضوع أن هؤلاء النخب، كانوا كفاءات حقيقية ونادرة، مثقفون، عاملون، وبعضهم من الملتزمين..

كنت وأنا أراقب من بعيد أشعر بالغثيان لذلك الوضع، وأرثى للحال التي وصلنا إليها..ولم أكن أرى في هؤلاء سوى بضعة أطفال غير ناضجين..

لم يتقبل عقلي ذلك السلوك، ولم أعرف له سببا أو تشخيصا ناهيك أنني قطعت الأمل بوجود حل لتلك الأزمة...

رحت أبحث وأقرأ وأسأل في مجموعات القراءة عن كتب أو مقالات تتكلم عن داء حب الزعامة لدى الرجال، فلم أحر جوابا..


الأمر الثاني الذي وقفت حائرة أمامه، كان انتقاد العاملين في المدينة، وهمزهم ولمزهم..والنيل من أعراضهم، ليس ذلك فحسب، إنما كانوا يشيعون الأكاذيب حولهم، فتنتشر ويصدقها الناس، ولكني إذ درست سير العظماء، لم أصدق ما كان يشاع عن هؤلاء رغم عدم معرفتي بهم.. 

فكما قالت الأديبة الجميلة مريم خنطوط:

”يبدو لي هذا كالحقيقة الممتدّة في الزّمان والمكان؛

كلّ من تصدّرَ للقيامِ بأمرٍ رفيعٍ ينفع الله به، لابدّ أن تحتشد حوله فيالقٌ من النّاسِ لا همّ لهم إلاّ أن يروه قاعدا كما هم قاعدون، لا تشتدّ عزائهم إلاّ في توهينة والفتّ في همّته والطّعن في خلقه وعرضه ونواياه وتخذيل النّاس عنه، يعاديه بعضهم حسدا وبعضهم منافسة وصراعا، والبعضُ الآخر يعادي لمجرّد العداء؛ كأنّه قد وجدَ شيئا ينشغل به وحسبه ذاك.

ومَن كان عاقلا، انشغلَ بالغاية في غيرِ التفاتٍ إلى الرّدّ على كذبة هذا وافتراء ذاك وطعن أولئك، فإنّما غايتهم أن يعيقوه عن بلوغها، ولا يعيقه شيء كانشغاله بهم عنها.“


تأملت سير العظماء والمصلحين، وعدت بذاكراتي للتراجم والسير التي قرأتها، لكن لم أهتد للطريقة التي كانوا يستعملونها في تأليف الرجال...

كل الكتب كانت تكتب أن ذلك أول تحد قاموا به ونجحوا فيه، لكن لم أعرف الطريق الموصلة إليه..ولا الوصفة التي اتبعها هؤلاء..


شعرت بالعجز، فكل تلك الكتب التي التهمتها، لم أفد منها في الواقع..

ما فائدة العلم إذا عجزنا عن توظيفه في واقعنا؟!

ما فائدة العلم إذا أبقيناه حبيس عقولنا، ولم ننتفع به لتحسين حياتنا وتربية ذواتنا والتطبيق الفعلي على أرض الواقع؟!


وحين فشلت في عملية البحث تلك، قررت أن أجمع اقتباسات بسيطة لما قرأته، علها تفي بالغرض..

وحين جمعت بعض الاقتباسات، رحت أنشرها تباعا في المجموعة...


كنت أنشر وحسب، لإحساسي بالعجز، أنشر وأمضي، وأترك الأمر لله...وللأمانة لم أتوقع لبضع كلمات أن تحدث التغيير...فقد وصلت لمرحلة اليأس مع تلك العقول، ولم أصل لدواء لتلك العلة التي استحكمت بالنخب، وتغلغلت بالنفوس، ونكتت على القلوب.


لكن بعد فترة، والله شهيد على ما أقوله، رأيت أثر تلك الكلمات، والفضل لله وحده..

رأيت عودة الترابط والتلاحم من جديد، ومشاعر الأخوة، وإصلاح ذات البين، والعمل المشترك..


تذكرت هنا ماذكره الدكتور خيري العمري عن قوة الكلمات:


“في عالم لم يعد يؤمن بشيء، لا أزال أؤمن بقوة الكلمات...

في عالم لم يعد يؤمن بالمعجزات، لا أزال أؤمن بقدرة الكلمة على صنع المعجزات.. بل إنني أؤمن أن اختياره -عز وجل- للكلمة لتكون وعاء المعجزة الأخيرة للرسالة الخاتمة، يحوي دلالة عميقة على ما أؤمن به من قوة الكلمات..”


الاقتباسات التي استخدمتها:


سئل الشيخ العلامة الجزائري عبد الحميد بن باديس مؤسس فقيل له:

 لماذا لم تؤلف الكتب ؟ فأجاب :

فقال: كنت منشغلاً بتأليف الرجال.


تأليف القلوب هو أول وأعظم خطوة في طريق الإصلاح.

وهو فعل الأنبياء والعظماء والمصلحين على مر التاريخ.


كي لا تجهل الأمة معاني الترقيع...إذا أتت على هذه الدنيا معاني التمزيق.


الرجل الناجح يصنع مجد أمة كاملة .

والجاهل يضيع أمة بأكملها.


إن صلاح الأمم والشعوب بحاجة إلى أفراد عظماء يتلاحمون فيما بينهم، ليصنعوا كيانا فتيا صلبا، والخطر كل الخطر أن يتراجع أصحاب المواهب والقدرات والإمكانات، ليرضوا بلعب دور صغير في الحياة، تاركين الساحة لمن هم أقل منهم لقيادة الدفة.


الرجل الحكيم يجب أن يكون ماهرا في نزع أشواك العصبية والانغلاق والتحزب.

وأسلافنا كانوا بارعين في نبذ الفرقة ، فإذا قلبت نظرك في صفحات التاريخ, ستجد أن العظماء كانوا دائما بارعين في بناء الجسور التي توصلهم لغيرهم

 

إن مثل الرجل العظيم كمثل المغناطيس، هذا تنجذب إليه المعادن لقوة جاذبيته، وذاك يلتف حوله  الرجال الكمل لقوة شخصيته، وعلو همته، وكمال مروءته.

إن العظيم الحق هو من تطلبه الرئاسة، ويقدمها إليه الخيرة من الرجال.


#شمس_الهمة


عن عشق الكرة

 أتذكر تلك الأيام جيدا، حين كان عمري(15 سنة)، وبعد إلحاح كبير من جدتي لوالدي، سمح لي أخيرا بمرافقتها إلى مدينة أخرى غير مدينتي..

إلى مدينة غليزان حيث كان أخوالي الشباب متغربين للعمل هناك.

قررت جدتي الذهاب لخدمتهم فهي تعرف أن الشباب لا يحسنون الاعتناء بأنفسهم كثيرا..وقلب الأم لا يمكن أن يهنأ، وهي تعرف أن أبناءها مشتاقون لحساء ساخن بدل النواشف كل يوم..

وهي إلى ذلك كانت تستوحش هناك بمفردها، فتصطحب كل مرة فتاة من العائلة تؤنسها وتساعدها في جلي الصحون.

كان ذلك أول تغرب لي بعيدا عن أسرتي الصغيرة، كنت حتى ذلك الحين أعيش في قوقعة تم تعقيمها جيدا، ولم أكن أريد لأي شيء في العالم أن يسحبني من قوقعتي تلك، أو يتجرأ فيقتحمها.

وصلت لبيت أخوالي صباحا، كانوا يستعدون للذهاب إلى أعمالهم، وحين ذهبوا تفقدت الغرف فإذا بالفوضى تعم المكان، كان المطبخ مليئا عن آخره بكراتين عملاقة لأدوات كهربائية وكهرومنزلية..

حوض المطبخ مكدس بأطباق متسخة، علل الخال الأصغر بأنهم ينظفون يوميا، وأن الأوسط هو المسؤول عن هذه الفوضى، كونه لا يغسل الأواني حين يأتي دوره...وكنت أضحك في سري من مشاكساتهم تلك..

وكانت إحدى الغرف ممتلئة في وسطها بالملابس حتى السطح، كبحر ألقى بأحشائه إلى الشاطئ، لدرجة قلت فيها لجدتي أين سننام اليوم، كل الغرف شاغرة، فضحكت جدتي ملء شدقيها من كلماتي تلك...وقالت لا تخافي سننظف هذه الفوضى..

قال خالي أن البيت صار نظيفا، رحبا، عبقا بروائح العطور والزهور، وكذا أشهى الطبخات.. قال أنه استحال ربيعا، بعد أن نثر مجيئنا الورود في غرفه وباحاته..

هي ذي الأنثى، يملأ حضورها المكان إشراقا، والبيت سكينة وبهجة..ودفئا..وتنتشر لمسات الرقة والأنوثة فتزيد المكان سحرا..

كاتوا فرحين جدا بمقدمي بينهم، وكانوا يتناوبون على تدليلي تارة، ومشاكستي تارة أخرى..

لكن وبعد مرور ثلاثة أيام تكورت على نفسي وأخذت في البكاء، لأني اشتقت إلى أسرتي، فلم أكن قد فارقت منزلنا قبل ذلك اليوم..

لكن جدتي وبختني بشدة، واعتبرت تصرفي ذاك تصرف أطفال صغار..فكتمت بذلك دموعي، وصرخت في سري (ماما متى تأتي لتنقذيني من هذا المكان؟!).

بعدها تغير الحال، فقد أنساني الأنس بأخوالي أبي وأمي وكل عائلتي، فلم أعد أسأل عنهم أو أهاتفهم حتى..

لقد أبهجني أخوالي الشباب، وأخذوا بلبي وقلبي..

كان بينهم حب عجيب، ومشاكسات لا تنتهي، وأخوة حميمة يندر وجود مثلها بين الناس.

كانوا يتوقون للعودة من العمل بفارغ الصبر، فقط كي يقضوا الوقت كاملا رفقتنا..

فيغمروننا بالحب والأحضان، يقبلون جدتي في جبينها، ينامون في حجرها، وأحيانا يأتي الواحد منهم من وراءها ويغمض عينيها، ويومئ لي أن أسألها عن اسمه، حتى يعرف إن كان أحب واحد إلى قلبها...

الخال الأكبر كان مولعا بكرة القدم، والاستيديوهات التحليلية، وكان يقتني جريدة الهداف يوميا، فيتكوم أطنان منها فوق الثلاجة..

الأوسط كان كسولا عن ممارسة مهام البيت، لكنه كوميدي بطريقة عجيبة، إضافة أنه كان يحب الطعام ومشتقاته، وحين يساعد جدتي بحمل الأطباق إلى طاولة الطعام، يقوم بأكل كل حصص اللحم في طريقه إلى غرفة الطعام...فيغضب أخوالي ويضحكون من فعله ذاك...ويقولون لجدتي أن لا تكلفه بتلك المهمة، فهو لا يؤتمن على الطعام..

وكان إلى ذلك شخصا كثير النسيان، كل يوم يعدني بإحضار كعكعة( آيس كريم)، من النوع الفاخر ودجاجتين لأنه علم بحبي الشديد لهما...وكنت أنا أنتظر بلهفة، وكان هو كل يوم يخلف وعده، وكانت جدتي تلومه على سلوكه ذاك، (حرام عليك واش راك دير للطفلة).

الخال الأصغر، كان يناديني شهريار، لأني كنت أقص عليهم قصصا من التراث عن أيام العرب و(الكرم، والجود، والوفاء والبطولة وووو)

وكنت أنا أغضب لذلك، وأصحح له كل يوم، الأميرة اسمها (شهرزاد، شهرزاد)، الملك الرجل هو من كان يسمى شهريار..

فيعجبه ذاك، ولا يمل من ترديد شهرياااار، وذلك لمشاكستي..

أما علاقتهم بكرة القدم فعجيبة، كانوا يتابعون المباريات العالمية، ويشجعون بحماسة وعنفوان..

يتحلق ثلاثتهم أمام التلفاز، ويتفاعلون مع المباريات، ويصرخون بكل قوة حين تكون هنالك أهداف..

لدرجة أنهم هتفوا ذات مرة حين سجل أحد الأهداف، حتى رجت الأرض تحت أقدامنا من صراخهم ذاك..ثم سمعنا صوت جرس الباب، وكانوا هم منغمسين تماما مع اللعبة، فطلبوا مني تفقد الطارق..

ارتديت خماري وهرولت مسرعة مع الدرج، وحين فتحت شباك الباب، وجدت رجلا ستينيا يقف بالباب فسألته ماذا يريد؟

فقال:( شكاين عندكم؟! زلزلة، ولا قارورة غاز ولا واش هاد الحية اللي سمعناها؟!)

فأجبته بخجل: ( لا لا عمو مكاين والو، هادوك اخوالي راهم يتفرجوا فالماتش وينفعلو حبتين😅)

فرد بابتسامة دافئة بعد أن عادت إليه الروح: ( آه، تسما هكا، أيا الحمد لله، ربي يفرح لي جان، بلغيلهم السلام).

هكذا ببساطة، ذهب فرحا لأن أحدا لم يصب بأذى، ذهب وابتسامة حنون ترتسم على محياه..

وعدت أنا حائرة من سلوكه ذاك...

كيف لم يغضب؟ كيف لم يمتعض، كيف لم يزمجر؟

كيف لم يلعن هؤلاء، أو يلعن كرة القدم، أو يصفهم بالتفاهة على الأقل؟

لقد اكتفى بابتسامة أبوية دافئة، متفهما لعنفوان هؤلاء الشباب..

أتخيل شخصا آخر ممن ينصبون نفسهم من حملة المدافعين عن الدين والقيم، ماذا كان سيفعل؟

تخيلت ما تم غرسه في أذهاننا طوال سنوات عن التفاهة، وجلد منفوخ، و عن شباب مضيع للأمة ووو

ثم قارنت ذلك مع حنو ذلك الشيخ وابتسامته الدافئة وحبه الخير وشفقته على شباب المسلمين...وصرت كما كرة التنس، يتقاذفني خاطران ويتعاركان بذهني، ثم فازت الابتسامة الحانية المشفقة على خطاب الوعظ المتعالي..


هوسهم بالكرة جعلهم يعاملونني مثل الدمية، اشترى لي أحدهم قميصا للفريق الذي يفضله، واشترى لي آخر بدلة كاملة...وحملني أحدهم وراءه في دراجته وطاف بي شوارع المدينة...

وكانوا إذا انتصر فريقهم المفضل، يحملونني كما يحمل اللاعبون مدربهم، ويطيرونني في الهواء، 

فأحس أنا بالحبور والحب.


 وكنت وقتها فتاة زاهدة يحسب الناظر إلي أن رابعة العدوية بعثت من جديد...

فتاة تدمن الكتب، وتحمل هموم العالم فوق رأسها، تمشي بوقار الشيوخ، وتسمح للدمع أن يترقرق بسخاء.

في بداية مقدمي كان الشعور بالاستعلاء يدب في أوصال نفسي الصغيرة، على ضعفاء النفوس هؤلاء، الذين يستسلمون لمشاهدة المباريات، ولا ينهون النفس عن الاستكثار من المباحات.

وكنا إذ نجتمع في السهرة أمام التلفاز، يطلبون مني أن أقص عليهم من تلك الحكايات التي قرأتها، أو سمعتها من الدعاة، وكنت أحدثهم عن عذاب القبر، وقصص حسن الخاتمة، وكذا سوء الخاتمة...

وكانوا ينصتون إلي باهتمام كبير دون سخرية، أو مقاطعة..


وحين أطلت المكث بينهم، صرت أقارن حياتنا الكئيبة الراكدة وروتينها الممل، والكبت الذي يجعلك تتكلم همسا، بحياة الفرح والسرور، والعفوية والبهجة التي كان يصنعها هؤلاء..

صرت أقارن إخوتي الذي زهدوا في مشاهدة مباريات كرة القدم في سن صغير جدا، فقتلوا طفولتهم وشبابهم، وأحرقوا زهرة أيامهم، لبسوا عباءة المشيخة مبكرا، يمشون بوقار الشيوخ، لم يأخذوا حظهم من التجربة والخطأ والحماسة...

كانت تلك التربية الدينية التقليدية لجيل كامل، تقتل الطاقة في الشباب، تجعلهم مجرد روبوتات تمشي بلغة الأوامر، يخطط لحياتها وأحلامها بالقلم والمسطرة.


«تماما كما تفعل مدارسنا، تقوم برحلة للمتفوقين، ينصحونهم بأن يظلوا صامتين مؤدبين طوال الرحلة، كي يشكرهم سائق الحافلة في نهاية الرحلة على هدوءهم...

شاركت في الكثير من تلكم الرحلات طيلة ست سنوات، وفي السنوات الست تلك لم نستمتع ولا بواحدة..»


كنت إذ أقضي اليوم بسعادة وسرور، أحس في نهاية اليوم بتأنيب الضمير، وأستغفر الله بإسراف، ثم أتسلل قبيل أذان الفجر إلى الطابق السفلي، أتوضأ وأبث حيرتي إلى الله، فقد تعودت أن أقول كل ما بقلبي لله وحده، أتحدث معه بكل شيء، وعن كل شيء، وأحس أنه يسمعني ويفهمني، ولا يسخر من أسئلتي وإن كانت سخيفة وغبية...


تساءلت عن دور الغربة الساذجة الذي كنا نتقمصه، عن الورع البارد...عن العيش على الهامش، وانعدام التأثير...عن جدوى وجودنا...وعن واجبنا الدعوي، وأثر بصمتنا على الناس..

هل نحن حقا أهل للتأثير؟

لماذا ينفر منا الناس؟

ولماذا لا نستطيع التأثير؟

وكيف كانت الجواري والإماء، والشباب والشيوخ، يتركون ديارهم وأوطانهم ويسحرون بأخلاق المسلمين، فيختارون هذا الدين، وينضمون تحت لواءه؟

لماذا اختفى كل ذلك؟

ولماذا لا يسحر بنا المقربون؟

لماذا تتعامل المنظومة التقليدية مع الشباب بقالب الطهرانية و الملائكية، الذي يصعب معه تقبل بشريتنا وطبيعة احتياجاتنا كبشر؟!

لماذا فتنت أنا وسحرت بهم، بينما نعجز كملتزمين عن فعل ذلك؟!


ثم اكتشفت بعدها أننا كنا نخدر ضمائرنا بهاحس الغربة، فيما لا يستحق.

وأن الذي قرر العيش على الهامش، فلا يسأل عن التأثير والتغيير.

ثم أدركت أخيرا أنهم استمالوني وسحروني، بسبب كمية الحب الصادق الذي يحملونه بين جوانحهم لي..وعرفت بعد ذلك أن من يحمل شعور الاستعلاء الخفي بقلبه لا يمكن له كسب الآخرين.


#شمس_الهمة








الأنثى الكاتبة

 الأنثى الكاتبة:


حين تكتب الأنثى، الأمر مختلف، مرعب، شاق، وهو أشبه بخروج الروح من الجسد.

رأسمال الأنثى حياءها، خجلها المستتر، مشاعرها المكنونة التي لا يعلم عنها أحد..

لكن حين تكتب، تصبح مشاعرها مشاعا، تمنح الكثير من ملامحها للنص المكتوب...

حين تكتب الأنثى، فهي تتحدى ذاتها، تتعارك معها، وتطرح الخجل مؤقتا بعد معارك ضارية..


وهذ لعمري أمر شاق، فالجرأة في الكتابة تسبب الألم للكاتبة...لا أقصد هنا تناول المواضيع المسكوت عنها (الطابوهات الثلاث) كما تفعل بعض الكاتبات للأسف...إنما مواضيع عادية جدا، لكن الزمن، المجتمع، والناس لا يتقبلون أن يكون للأنثى رأي حيالها، وعليه يحكمون على الكاتبة الشجاعة بقلة الحياء والاسترجال ربما...بينما لا يعدو الأمر كونها رجلة في الحديث وحسب.


أن تمنح الكاتبة النص بعضا من ملامحها، شاق أيضا، الكتاب هم أكثر الناس شفافية، لذلك تصلنا أفكارهم وتؤثر بنا..

لكن الكاتبة إذ تفعل ذلك، تشعر بالتكشف، وبأنها حاسرة الرأس، وبأنها صارت كتابا مفتوحا للجميع...

غالبا لا يستشعر القراء ذلك، وقد لا يرونه، لكن الكاتبة تراه كما لو كان تحت عدسة مكبرة.

لذلك غالبا تتألم المرأة الكاتبة، عقب كل نص أو قصة تكتبها، وقد تغلق حسابها، مباشرة بعد كتابة نص ما.


الأمر الثاني الذي تعانيه الكاتبة الأنثى، الاتهام، وتأويل النصوص والقصص التي تكتبها، وإسقاطها على حياتها الشخصية.

فمن تكتب قصصا عن الحب، تتلقى دوما أسئلة من قبيل ” أنت المقصودة بالقصة؟ لا شك أنك تعانين مشكلة عاطفية؟ هل القصة شخصية؟! وهلم جرا.

لا يعرف هؤلاء أن الكاتب يجيد تقمص الأدوار، فحتى وإن كتب بلسان المتكلم، فذلك لأن هذا الأسلوب أدعى للتأثير على القراء، وليس بالضرورة قصة حقيقية أو شخصية.

ولا يعرف هؤلاء أيضا أن الكاتب يكتب أشياء كثيرة يفتقدها في واقعه، كي يعيش حياة موازية يتخفف بها من ثقل الواقع المؤلم الذي يعيشه.


الأمر الثالث هو المعاناة مع الجمهور من الجنسين، ولعلي لا أتحدث هنا عن الأذية التي تلحق الكاتبة من بنات جنسها، كي لا أسهب في الموضوع، إنما سأكتفي بتناول الأذية التي تتلقاها من جنس الرجال.


- هنالك جمهور راق ومحترم، يضيف للكاتبة الكثير من النصح والتوجيه والثناء لتكمل الطريق دون خوف، وهذا يحتاجه الناس جميعا، بالأخص من يتصدر لمخاطبة الناس، سواء بالتأليف أو الكتابة على وسائل التواصل الاجتماعي..


- جمهور آخر من النخب المثقفة علميا وأدبيا ودينيا أيضا، لكنه جمهور مؤذ، يترك الدكتور أو البروفيسور أو الشاعر أو الأديب زوجته المدفونة في المطبخ، ويأتي لمغازلة الكاتبات على وسائل التواصل، وقد يدبج الواحد منهم قصيدة لأجلها..بينما في الحياة الواقعية يكره هؤلاء المرأة الطموحة والناجحة والمثقفة، وقد يدفن طموح زوجته، وموهبتها، ثم يحتقرها وينظر لغيرها من الناجحات..


- ‏معجبون آخرون يظل الواحد منهم وراء الكاتبة أو الشاعرة، ويهيم بها إعجابا وحبا، حتى تقبل به وترضى به زوجا، 

وحين يحصل على مراده، وتوافق عليه، تبدأ مرحلة محاولته لتغييرها...لا تكتبي، لا تعملي، لا تتصدري، أشعر بالغيرة وووو...وحين تتغير المسكينة لأجله، وتتخلى عن شغفها ودورها، وكينونتها وشخصيتها، يمل منها، لأنها ما عادت تلك الشخصية التي سحرته من قبل، ماعادت هي نفسها، بل تحولت لنسخة مشابهة لكل النسوة التي كان يراهن ولم يملأن قلبه وعقله.


- معجبون آخرون متسرعون، يحكم على الكاتبة من منشور أو اثنين، ويستعجل التقرب من الكاتبة وخطبتها، هؤلاء غالبا تخاف منهم الكاتبة، ذلك أن طلبًا كهذا بناء على قراءة منشور أو اثنين، فيه من التسرع و الجهل مافيه ولو صدُقت النية.

ولأن الكاتبة معتادة على جمهور من هذا النوع، جمهور يسرع في إظهار انبهاره وإعجابه وتقديسه، ثم لا يلبث مع الأيام أن يتحول لشخص مصدوم بهذا الكاتب، وكيف أنه خيب آماله لأنه كتب موضوعا أو اثنين لا تتناسب ورؤية الأخير، حتى وإن كان الأخير مخطئا في حكمه وفهمه للمسألة المكتوبة.


- المعجبون الحقيقيون الصادقون يراقبون عن كثب كل المنشورات والقصص والمقالات، ثم يقول بثقة (هذه هي فتاة الأحلام) التي أرتضيها زوجة وأما لأطفالي...لكن المشكلة هنا بالكاتبة، الكاتبة شخص حساس، غالبا لديها تجارب وخيبات..إضافة للعاطفة التي تتحكم بمشاعرها...تتمنى الكاتبة أن تُخْتَار لعقلها وفكرها، وحين يتم لها ذلك، تقول في نفسها، لا يريدني لذاتي، إنما أعجبته الحروف، ولو قرأ لمن هي أفضل مني لاختارها قطعا وفضلها علي..مشاعر الغيرة، تتسبب لها بالإحباط وانعدام التقدير للذات، وتلك المقارنة التي قامت بها غالبا غير صحيحة، فلكل كاتبة جمهورها الخاص، وتوليفتها السحرية الخاصة بها...وبذا تعتبر الكاتبة أنها لا تستحق الحب، فتدمر العلاقة في البداية عن غير وعي.


- ‏المعجبون الحالمون هذه الشرذمة من البشر لا تمتلك الوعي والنضج الكافيين، فهو يحكم على الكاتبة من خلال ما يقرأ، فيرسم صورة مثالية بعيدة عن الواقع، فيتخيل الكاتبة فاتنة الجمال، وبشرا لا يخطئ، ولا يمنح نفسه فرصة التعارف الجيد في فترة الخطبة، ويكتفي بالمعرفة الأولية التي جمعها عنها من كتاباتها...بعضهم يفاجأ بالشكل حين يخطب، ويصدم، ويرفض الفتاة مخلفا عندها شعورا سيئا، إن كانت الكاتبة واعية وناضجة غالبا لا تتأثر لأنها تعلم هذا مسبقا، ولأنها تعرف نفسها جيدا، ولأن المفروض أن تتكلم مع الخاطب أن لا يتوقع جمالا فتانا ..وهكذا تسهل الأمر عليه وعلى نفسها..


وغالبا من يصدم لشكل الفتاة، يكون شخصا غير ناضج، رسم له مخياله صورة خيالية ساحرة..وإلا فالانسان الناضج يبحث عن الدين والأخلاق، وإذ يقدم على الرؤية لا يكون هنالك سقف عال من التوقعات بخصوص الشكل، ويذهب وهو مستعد لذلك..وإن حصل العكس ولم يتم القبول بين الطرفين، يعرف الطرفان أن الله لم يكتب لهما الحياة معا، وأن عند الله العوض.


 ‏بعضهم الآخر يصدم بعد الزواج بشخصيتها التي لم تناسب شخصيته ربما...فيقول ليست هذه من أردت الارتباط بها..لأنه ببساطة توقع(الكمال) أن الكاتبة شخص كامل ، منزه، لا يخطئ.


نقطة أخرى تحدثت عنها الكاتبة المتألقة أميرة طاهر..أن الأنثى الكاتبة إذا لم تجد السند والدعم من الأب أو الزوج فستتعرض للاستغلال من قبل الوسط الثقافي "العفن"، فمن يعدها بتبني كتاباتها وترويجها، وإيصالها للجمهور..يفعل ذلك لحاجة في نفسه..ويستغل تعامل الفتاة معه..ليوقعها في شباكه..

وآخر يمدح وينفخ في الفتاة الكاتبة..حتى يجعل منها "عظيمة الزمان" بينما قد تكون مبتدئة جدا..وتقع هي في شرك هذا الوهم..في حين يستغلها الأخير في مخططات خبيثة كنشر الفساد..والروايات الماجنة وقصص الحب الخاوية..وقد يملي عليها ما تكتب..ويضع لها الخطوط العريضة التي لا ينبغي تجاوزها..ويلغي شخصيتها ومبادئها..وتقع هي فريسة للتنازلات..

وما أكثر ما رأينا هذا في واقع الساحة الأدبية العربية..


هذا والله أعلم


ملاحظة: النص كتبته منذ سنتين، بطلب من إحدى الكاتبات، ولم أنشره من قبل.


#شمس_الهمة

المأموم بضرب الإمام

 

قال أحدهم والعهدة على الرواي:
كنا نعمل بمجمع صناعي، في صحراء منقطعة عن الناس والبشر، بعيدون عن الأهل والصحب والخلان.
لا نفعل شيئا طوال الأسبوع، سوى الركض في عجلة دوارة، تطحننا الحياة والأعمال طحنا.
حين نعود إلى مهاجعنا، نعود وقد نال منا التعب، والسأم والفراغ، لننام فورا..
حياة بلا جدوى، فارغة تماما، عمل، وأكل ثم نوم.ثم عمل فأكل ثم نوم..
وكنا آخر الأسبوع نذهب إلى أحد المساجد لصلاة الجمعة..
وحدث أن جلسنا مرة نستمع لدرس الجمعة وخطبة الجمعة..
فإذا بالإمام يتناول ماذا قال العالم المبتدع فلان، وماذا فعلت الفرقة كذا
وأخذ يعدد معاركه، وحربه على أمثال هؤلاء.
وأنهم ضالون مضلون مجرحون..
استمرت الخطبة والدرس على هذا النحو..
ثم قمنا إلى الصلاة..
وحين سلمنا وجلسنا نتلو الأذكار.
وإذ بنا نسمع شوشرة وجلبة..
ثم رأينا أحد المصلين ينزع حزامه، وينهال ضربا بالسوط على الإمام، ويصيح:
((كل الأسبوع مطحونين بالشقاء والتعب والشغل، ننتظر الجمع بفارغ الصبر لموعظة أو أحاديث ترقق القلب، فإذا بك تتحدث عن معاركك مع فلان، وطائفة فلان، وفصيل فلان، فأوغرت صدورنا وتسببت بمزيد قسوة لقلوبنا!!
ماذا استفدت أنا منك؟ ومن معاركك الشخصية؟!
ولماذا تحدثني عن فلان وعلان؟))
ثم انفض الجمع، وقد كانوا في سرهم يباركون فعلته التي فعل.

الزواج بطالبة العلم الطموحة(عبد الكريم الدخين)

 الزواج بطالبة علم:


س: - أرى أن طالبة العلم إذا تزوجت تضيع وتصير انسانة ثانية. وشرايك بكل صراحة؟ أهم شي عندهم يزوجونها ولا يهمهم طموحها وشو الأنسب لها.

ج: - غير صحيح بإطلاقه ، هناك طالبات علم أزواجهن أعانوهن جدا ، ولنذكر مثلا د. فوز كردي المهتمة بنقد الفلسفات الشرقية ، والتي تذكر أن زوجها خير معين وغيرها ..

وهناك من تتزوج فتضيع في أعمال المنزل وتربية الأبناء وهذا الأغلب ، وبرأيي طالبات العلم اللواتي عندهن همة وطموح يتزوجن من يقدرهن أو يفكرن جديًا بخيار الزوجة الثانية حتى تتخف من أعباء ‍الزواج وتناله ولا تحرم من الأبناء .. وححاول تكون آخر إجابة في هذه المواضيع .

عبد الكريم الدخين

*********



س: -كيف ترى ‍الزواج لطالب العلم من طالبة العلم المشتغلة به، بمعني انها تعمل بالجامعة وجل وقتها بالمذاكرة والمطالعة في كتب الأصول ؟

ج: -غياب الرجل وانشغاله يعوضه وجود الأولاد بالنسبة للمرأة هذا الغالب ، غياب المرأة بالنسبة للرجل لا يعوضها أحد .. لذا نصيحتي للمنشغلة دائمًا أن تتزوج منشغل مثلها أو تقبل بأن تكون زوجة ثانية .

عبد الكريم الدخين

********


س: -السلام عليكم أستاذي..ألا تعتقد أن لدور المرأة في الأسرة سبب كبير لتوقفها عن طلب العلم وضعفها فيه كما تفضلت؟ أقصد من ناحية العمل الواجب عليها+ نظرة زوجها لها. الخوف يملؤني من أن أتزوج رجلا ينتقص من طموحي، ويضحك على رغباتي، كما يفعل والدي الآن :)


ج: -باختصار تحتاجين إما لرجل متفهم جدًا لرغبتك في طلبك العلم ، وإما للتنازل عن بعض رغباتك لأجل طلب العلم مثل القبول ب‍الزواج من متزوج ..

وهذه حلول للأسف قليل من توفق لها من النساء .

عبد الكريم الدخين

*******


س: -برأيك ما الأفضل أن تتفرغ طالبة العلم للعلم مع التدريس أو تتزوج ؟ كنت أرفض تماماً لكن إذا تكرر الموضوع أعيد التفكير ولو قررت أجزم لا أستطيع فأرجع للرفض ، ما الأصلح ؟ مع أن الحياة سعيدة .

ج: -‍الزواج لا بد منه ، تركه بالكلية أمر سيؤثر عليك سلبًا ، ولكن العبرة باختيار الزوج ، والهدف من ‍الزواج ، برأيي المرأة التي تريد الاهتمام بعالمها الخاص تحتاج للتخفف من أعباء الزوجية مع الاستفادة من إيحابياتها ، لذلك أقترح أن تأخذ زوجًا يعينها على طلب العلم ويتفهمها جيدا ، ولا يتطلب كثيرًا وهذا يندر ، أو تقبل بأن تكون زوجة ثانية ..

وعمومًا ‍الزواج معضلة في هذا الزمن حتى للرجل ، فهو يمثل تحديا صعبًا والله المستعان .

عبد الكريم الدخين

*******


ج: -هناك نوع من النساء الأنسب لهن أن يتزوجن من معدد ، وأقصد بهن النساء صاحبات الطموحات العملية والعلمية اللواتي يردن الانتفاع ب‍الزواج والأولاد ولا يردنه تقييدا لهن ..


وأذكر أن الدكتور عبدالرحمن ذاكر الهاشمي وهو استشاري نفسي تحدث عن هذا الأمر بإسهاب في تسجيل له لا يحضرني .

عبد الكريم الدخين



فأثابكم غما بغم لكيلا تحزنوا:

 


فأثابكم غما بغم لكيلا تحزنوا:



القصة الأولى:

امرأة خمسينية لديها سبعة أولاد، تخاصمت وزوجها، ووصل الأمر بينهما لاستحالة العودة كما السابق، وأخذا يفكران بالانفصال، والأولاد ضائعون شاردون مصدومون، لهذه النهاية المأساوية لعشرة دامت أكثر من عشرين عاما.

فشلت كل المساعي للإصلاح بينهما، وركب الشيطان رأس كل منهما، وصمما على موقفيهما..رغم أن الخلاف كان بسيطا، ولا يستحق.

تلك الغيوم الكئيبة حلت بسماء ذلك البيت الهانئ كلعنة..وامتد الخلاف لأسابيع، ثم لأشهر..

بعدها أصيب الابن البكر صاحب العشرين ربيعا بمرض السكري(عافانا الله وإياكم).

فنسي الزوجان خلافاتهما، واتحدا لمعالجة ابنهما ودعمه والتخفيف عنه، وعادت علاقتهما أحسن مما كانت عليه من قبل.


القصة الثانية:

كان بشير صائغا مشهورا، ثريا فاحش الثراء، وكان يعتبر "سفيان"، العامل لديه، ذراعه اليمنى ومستودع أسراره.

لكن الأخير غادر إلى مدينة وهران بلا رجعة، وقطع كل الاتصالات التي تربطه برئيسه في العمل" بشير"

بشير استغرب الأمر، وأرسل عيونه ليأتوه بالخبر اليقين، وكان أن أخبروه أنه صار صائغا حرا، بفيلا ضخمة وسيارة فاخرة.

كان الأمر بمثابة الصدمة لبشير، لذا قرر التحقق من الحسابات والأموال، فجلب محاسبه ومعاونيه، فوجدوا أن "سفيان" كان يختلس غراما فقط من كل قطعة من الأساور التي كانوا يبعونها للناس.

وحين دققوا الحسابات وجدوه قد اختلس ما قيمته (700 مليون سنتيم).

ثارت ثائرة بشير، وراح يرغي ويزبد، ويحلف بأغلظ الأيمان أنه سينتقم لنفسه بقتل سفيان بيديه إن مكنه الله منه، وأنه يرحب بالسجن لأجل ذلك.

بشير كان له زوجة وأطفال، وزوجته كانت تموت في اليوم ألف ميتة وهي ترى زوجها يتهدد ويتوعد.

كانت ترى الترمل رأي العين، واليتم والحرمان يفغر فاه لالتهام أبناءها..

بعد يومين زار "الكنترول“ محل بشير على حين غرة، بشير كان غاضبا، لذا حصلت مشادات بينه وبين الكنترول، فأشار عليه بمطرقة صغيرة كانت بيده كتهديد، وذلك أمام مرآى ومسمع من الناس.

الكنترول اعتبر هذا تجاوزا صارخا، وطلب الشرطة، التي حققت في الأمر وزج به في السجن لمدة شهرين كاملين.

في السجن عرف بشير عالما آخر كان يجهله تماما، النوم مصفوفين كأعواد الكبريت في مساحة ضيقة على الأرض في عز الشتاء والصقيع..

الاعتداءات المتكررة من المساجين ضد بعضهم البعض..

السرقات، الغنف اللفظي، الفحش في القول..

انعدام وسائل الراحة والنظافة الشخصية..

و......هلم جرا..

لم يعرف بشير لم يحدث معه كل هذا؟!

وظل قانطا، حزينا يفكر ويعيد حساباته..

بعد حياة السجن تلك، قرر بشير تفويض أمر صديقه المختلس إلى الله، وأنه لن يوسخ يديه ويرتكب جريمة، فيدخل السجن بسببه..

وحين سألته زوجته، لماذا تغير موقفك؟ وقد كنت من قبل مصمما على قتله.

أجابها قائلا: لقد أخذت الدرس في السجن، ولن أعود لذلك المكان.

السجن كان درسا من الله لي، هل ستصبر لمدة شهرين؟! فكيف بالمؤبد؟!

{ فأثابكم غما بغم لكيلا تحزنوا على ما فاتكم ولا ما أصابكم والله خبير بما تعملون}


#شمس_الهمة

في غزل الشمس

 في غزل الشمس☀:


تلك شمس باهت بها **** الأرض شمس السماء

**********

أنا الشمس في جو العلـوم مـنـيرة **** ولكن عيبي أن مطلعي الـغـرب

**********

و(شمسُ همّتكم )يا صاحبي سطعت **** فليسَ يبدو هنا نجمٌ ولا قمرُ

**********

والشمس في أعلى السماء محلــّها ----- أنــّى سيهوي القرصُ للانفاق 

**********

ويظل وجه الشمس رانيـــا*** للنور حتى في عزّ المسـاء

المعري

*********

وقد سار ذكري في البلاد فمن لهم*** بإخفاء شمس ضوءها متكامل البهاء

*********

والشمس لو وقفت في الفلكِ دائمة ً لَمَلَّهَا النَّاسُ مِنْ عُجْمٍ وَمِنَ عَرَبِ 

*****"***

وكن كالشمس تطلع كل يوم***ولا تك في زيارته هلالا

*********

انظر إلى الشمس فوق النيل غاربة***واعجب لما بعدها من حمرة الشفق

غابت وأبدت شعاعا منه يخلفها***كأنما احترقت بالماء في الغرق

*********

إني، إذا خفي الرجال وجدتني***كالشمس لا تخفى بكل مكان

 (يعده بعضهم افخر بيت قالته العرب)

 ‏*********

كالشمس في كبد السماء محلها***وشعاعها في سائر الآفاق

*********

كالشمس في كبد السماء وضوؤها***يغشى البلاد مشارقا ومغاربا

********

الشمس منذ الصبح تحرق نفسها*** حتى الغروب وكل ذلك للبشر

لكنهم لا يذكرون جميلها***منها التضجر والتغزل بالقمر


العيد

 تلك اللحظات الحرجة قبيل يوم العيد، ذلك التعب، والضغط، تلك الأمور التي أنجزت نصفها والنصف الآخر ينتظر منك اتمامه حالا، ذلك التوتر، وتلك الأع...