الجمعة، 14 ديسمبر 2018

هلال الشهر الفضيل

همسة!!
---------
اليوم وعلى النقيض لعاداتي اليومية، شغلت التلفاز!!
أحمد الله أنني لم أنس زر التشغيل!!
ماعلينا!!
اليوم هو يوم ترقب هلال شهر رمضان المبارك، وكلفت من قبل الوالد بمتابعة المستجدات حول هلال الشهر الفضيل.
مكثت ساعة ونصف الساعة متسمرة في مكاني، أقلب القنوات المعنية بالأمر، وأخص بالذكر القناة الرسمية السعودية والاخبارية وقناة العربية، كوننا نقتدي بالسعودية حال اتفاقنا معها دبلوماسيا، ونختلف معها حتى لو حدث ورأينا هلال الشهر الفضيل في عز النهار في دولتنا الموقرة!!
وأنا أقلب القنوات، أصابني الفتور والملل والإعياء، وكذا المغص والغثيان حتى أوشكت على الإقياء.
قناة العربية تتناول الأخبار الرياضية، أما الجزيرة فتعرض بثا مباشرا حول القضية الفلسطينية.
الإخبارية السعودية تقدم حصة عن أنواع التمور، وأيها أجود وألذ عند الفطور.
أما القناة الرسمية لدولة آل سعود، فتعرض مسلسلا دراميا، فمرة يبكي أصحابه ومرة يضحكون، اضافة إلى مشاهد التبرج والمجون، وأنا بين ذلك كله في شبه حيرة وجنون.
حتى ترقب رؤية هلال الشهر الفضيل لا توحدنا!!
أين ذهب شعار((رمضان يجمعنا))؟!
وأين تعظيم شعائر الله؟!
حينها تحسرت على أيام الزمن الغابر مع قناة اليتيمة، على الأقل لدينا لجنة مشايخ كنا نعتبرهم في عهد الصبا، يبعثون على الملل والنعاس، لكن على الأقل كانوا يشعروننا، بأهمية الاجتماع، وأهمية اليوم، وأهمية الشعيرة الدينية، والحماس لترقب أخبار هلال الشهر الفضيل.
اليوم لم يعد أحد يهتم.
وتلك القنوات وما تعرضه تشي بالأهواء المتعددة لأفراد الشعب الواحد ، وربما الأسرة الواحدة.‏
إن تلك الاختلافات في هذا التوقيت الهام، تعكس ملامحَ من حقيقتنا، إنها تعبر عن فرديتنا وفَوْضَانا تعبيراً لا لَبْسَ فيه من خلال التشرذم والتفرق الذي ساهمنا جميعا في تضخمه.
فهلا عظمنا شعائر الله!!
وهلا اتحدنا يوما على الأقل!!
#شموسة.

النشر الإلكتروني

لماذا نحن متخلفون عن الركب؟!
لماذا لا توجد منصات جزائرية للنشر الإلكتروني(تدعم الشباب) على غرار موقع عصير الكتب الشهير، وموقع حروف منثورة مثلا؟!
في مصر توجد الكثير من مواقع النشر الإلكتروني المجانية والتي ساهمت بشكل كبير في التعريف بالكتاب الجدد.
أكثر الكتاب شهرة كان الفضل بعد الله لدور النشر الإلكتروني تلك.
دعاء عبد الرحمن، رانيا الطنوبي، محبوبة محمد سلامة، منى سلامة وغيرهن كثيرات_كل أولئك الكاتبات الملتزمات اشتهرن لأن قلمهن وأفكارهن فرضت نفسها لدى الجمهور، وكوَّنَ قاعدة جماهيرية عريضة من المتابعين والقراء أهلتهن فيما بعد للنشر الورقي، فتخاطفت عليهن دور النشر بعدما ضمنت رواج سوق كتاباتهن لدى فئة الشباب وخصوصا المراهقين.
دور النشر الإلكتروني تلك تشارك الآن في معارض خاصة بها تدعى (معرض الكتاب الإلكتروني). وبعضها انتقلت لمرحلة النشر الورقي لمن برز لديها من تلك الأقلام.
فكرة بسيطة، بسواعد متطوعين، حققوا الريادة، وبعد ذلك الربح المادي.
أنا جربت التعامل مع أكثر من دار نشر، ولأنها صارت مشهورة ولازالت تعمل بالمجان، فالطلب عليها كبير، والضغط هائل جدا، لدرجة يمكنك انتظار أن ينشروا لك كتابا بعد تقديم طلبك بسنة أو سنتين.
ولأن هذا الإشكال واجه الأستاذة دعاء عبد الرحمن، فقد قام زوجها الأستاذ المحامي(أسامة الوحش) بتأسيس دار للنشر الإلكتروني تحت مسمى(مشاعر غالية) دعما لزوجته وأمثالها من الكتاب الجدد، وقد كان لي شرف التعامل معهما ونُشِرَ لي كتابان في موقع مشاعر غالية.(رغم أن الخدمة المقدمة غير متقنة نوعا ما) ورغم ذلك تشارك الدار في معارض الكتب المختلفة.
موقع حروف منثورة يقدم لك المراجعة اللغوية والتعريف بك في عدة منصات أهمها calaméo, Goodreads, Google play
اقترحت الأمر قبلا على الأستاذين" زاوي" القائمين على صفحة الجزائر تقرأ قبل شروعهم في النشر الورقي، راقتهم الفكرة لكنهم لم يعملوا بها، وآثروا النشر الورقي.
هنالك محاولات وتجارب فردية جزائرية لكن لم يكتب لها النجاح، على غرار تجربة الأستاذ الكاتب مصطفى بحر(الجزائري يقرأ ويكتب) وذلك لتملص بعض المتطوعين على التصميم والتنسيق،  والذي تسبب في تأخر نشر كتابي الى الآن لمدة تعدت السنتين.
النشر الورقي ليس مهمة سهلة في خضم الأوضاع الاقتصادية الجزائرية التي نعيشها، ضف اليه سلوك المواطن الجزائري الذي لا يمتلك ثقافة القراءة ناهيك عن انفاق ماله على الكتب.
كما أن كل من نشر كتابه ورقيا وجب عليه ترويج بضاعته بنفسه والا كان الكساد من نصيبه ونصيب الدار ربما.
النشر الإلكتروني هو الحل، والذي يمكن الكاتب من التعلم من أخطائه، واكتساب قاعدة جماهيرية ومتابعين.
والأقلام التي تفرض نفسها وفكرها، ستحلق عاليا، ويكتب لها النجاح، وبالتالي ستكون مؤهلة للانتقال إلى مرحلة النشر الورقي عن جدارة واستحقاق.
ألا هل من متبن للفكرة؟!
# شموسة




متى يولد فينا المُثَقَّفُ-المُثَقِّف؟ <>||

متى يولد فينا المُثَقَّفُ-المُثَقِّف؟ <>||
عند التّأمّل نجد بأنّنا، خاصّة وعامّة، مثقّفين وأميّين في العالم العربيّ والإسلاميّ، كلّنا بدرجات متفاوتة، نتيجة عصور الانحطاط، ضحيّة الذّهنيّات والعقليّات الّتي أفرزتها هذه العصور.
فمثقّف عصر الانحطاط ليس هو مثقّف عصر النّهوض مثلا. ليس مثقّف عصر الانحطاط إلّا « مُثَقَّفا »، اسم مفعول يقع عليه الفعل، إمّا فردا ناطقا باسم ثقافته، وشاعرا متغنّيا بأمجادها، وفقيها متحوطا ّلحماية بيضتها، وفيلسوفا منظّرا لنهوضها، وثائرا مستبدّا على استبدادها، وما إلى غير ذلك.
لم يولد بعد « المُثَقِّفُ » فينا، اسم الفاعل هذا، الفرد الّذي يصدر من ثقافته ليسبر أغوار المجهول، ويكتشف أحيازا ثقافيّة أخرى، ويتلمّس طرائق جديدة في الوجود، حتّى إذا استوعب روح العصر، عمد إلى تثقيف مجتمعه تثقيفا يوسّع آفاق نظره، ويعيّن إمكانات التّمفصل مع العوالم الخارجيّة وسبل الاستفادة منها.
ما أحوج الثّقافة العربيّة الإسلاميّة اليوم إلى « مُثَقَّفين-مُثَقِّفين »، ينهلون من روح التّراث ومن روح العصر من أجل تخليص الفضاء العربيّ والإسلاميّ من سطوة الجمود الّتي استحكمت فيه حلقاته؛ ينبذون الشّموليّة كمنهجيّة في التّفكير، يُعيّنون مواطن الفصل بين الحرّيّة والهدم، ويوسّعون آفاق الإدراك لدى الفرد العربيّ والمسلم، حتّى يتبيّن له أنّ العالم أوسع من أن يخضعه عقل إنسانيّ إلى فكرة واحدة، ونظام واحد، حتّى وإن كان هذا العقل إسلاميّا.

فن صناعة الأبطال والقدوات

قالت "جولدا مائير" - رئيسة وزراء إسرائيل عندما حذروها بأن عقيدة المسلمين تنص على حرب قادمة بين المسلمين واليهود سوف ينتصر فيها المسلمون عند اقتراب الساعة فقالت: أعرف ذلك، ولكن هؤلاء المسلمين ليسوا من نراهم الآن، ولن يتحقق ذلك إلا إذا رأينا المصلين في صلاة الفجر مثلما يكونون في صلاة الجمعة.
وقال موشي دايان أن العرب لايقرؤون واذا قرأو لا يفهمون واذا فهموا لايطبقون..
لماذا ياترى ينبهنا العدو إلى نقاط بالغة الأهمية يمكنها رفعنا الى عليين لنحقق بها النصر المبين؟!
لماذا ينبهوننا لصلاة الفجر والقراءة رغم ادراكهم بخطورة مآل ذلك عليهم في حال انتبهنا لذلك؟!
لأنهم ببساطة يعرفون أننا لا نعتبر، وذاكرتنا أضعف من ذاكرة الفيل، سرعان ماننسى لنقع في نفس الفخاخ التي لم نكد نخرج منها بعد.
نقرأ الحديث الشريف"لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين" ولكننا نلدغ مرات ومرات بدون اعتبار.

أسلوب صناعة الأبطال الوهميين وجعلهم قدوات ليس جديدا، بل أسلوب قديم اتبعه أعداء الإسلام بهدف تسليط الضوء على أشخاص دون غيرهم( واعين بذلك أو غير واعين) يبدو من الخارج أنهم أبطال، حتى يحطموا الرموز الحقيقية، ويجعلون رموزا كاريكاتورية(عرائس قاراقوز توجه من بعيد) تخدم مصالحهم.

وهكذا نجد أن أسلوب الصهاينة ظل يمكر بهاته الطريقة حينا من الدهر وبنفس السيناريو، غير أننا في سبات عن هذا كله للأسف الشديد ...

لذلك لايجب أن ننساق وراء العاطفة وأن نحكم العقل ولو قليلا ونتعظ بالتجارب السابقة حتى لايكرر التاريخ نفسه...
يعني ليس بالضرورة أن لاتكون المؤامرة مكشوفة للعلن، قد تحاك أمامك وأنت تبحث عن خيوط وتفسيرات أخرى أعمق وأدق.
ويحضرني في هذا السياق القصة التالية:
ذهب شرلوك هولمز والدكتور واتسون في رحلة كشفية... تناولا العشا ثم استلقيا في الخيمةوغطّ الإثنان في نوم عميق.
بعد عدة ساعات، استيقظ هولمز، وأيقظ صاحبه: واتسون، انظر إلى السماء وقل لي ماذا ترى؟
نظر واتسون إلى الأعلى وقال: أرى الملايين من النجوم.
رد عليه هولمز: وماذا يخبرك ذلك؟
فكر واتسون قليلا ثم قال: فلكيا، يخبرني هذا أنه ربما هناك ملايين المجرات، وربما مليارات الكواكب...
من ناحية علم التنجيم، يخبرني أن زحل في برج الأسد..
من ناحية الوقت، يخبرني الأمر أننا في الساعة الثالثة إلا ربعا تقريبا..
دينيا، يخبرني الأمر عن قدرة الله الخارقة..
مناخيا، يبدو أننا سنستمتع بيوم جميل مشرق غدا..
وأنت ماذا يخبرك الأمر يا هولمز؟
سكت هولمز قليلا ثم قال: واتسون أيها الغبي، أحدهم سرق الخيمة!
****
الكثير من نقاشات المثقفين عندنا هي نسخة طبق الأصل من هذا الحوار.
والخيمة مسروقة. 

خربشات للترفيه من طفولتي


#للترفيه_ولا_للتجريح:
#خربشات_ليست_للقراءة:
"كنا نعيش بحي منعزل يضم الأساتذة فقط، وكان قبالة حينا إكمالية لتلاميذ المتوسط، وخلف السكنات لجهة الشرق مدرستان ابتدائيتان لا تبعدان كثيرا عن بعضهما أما جهة الغرب والشمال فلم يكن هنالك سوى الفراغ.
كنا في عزلة تامة، فيما عدا ما كان وراء الابتدائية من سكنات خاصة تسمى (لاكناب)، يقطن بها المصريون والسوريون، كانوا لايسمحون لأطفالهم بالخروج إلا نادرا، وكنا في بعض المرات نخرق القوانين، و نذهب عندهم، ونتحلق حول بركة مياه صغيرة نتفرج على الزغلال(صغير الضفادع) وهو يسبح في الماء برشاقة، كنا نحسبه صغير السمك، وكانت أقصى أمانينا أن نظفر بواحدة من تلك الكائنات الرشيقة الزلقة، ولكن عبثا كنا نحاول.
كان آباؤنا وأمهاتنا صارمين في هذا الجانب، وموسوسي نظافة، يعنون كثيرا بالمظاهر فكنت أسمع الأمهات يصرخن على أطفالهن (أووووه، ميكخوب، ميكخوب)، والدتي كانت مختلفة عنهن، بينما كان أبي من ذلك الصنف، فرغم كراته وامتعاظه لتلك اللفظة الفرنسية(ميكخوب)، غير أنه كان يلفظها بالعربية الفصحى( احذروا الميكروبات والجراثيم)!!
كانوا متفقين على أن تلك هي التربية الصحيحة، وكنا كأطفال متفقين على التمرد، وكسر القوانين، فكل ممنوع مرغوب.
كانت سكنات حينا متلاصقة ببعضها في شكل حدوة الفرس فالحي مغلق بالكامل تقريبا إلا المساحة التي تطل على الإكمالية التي كان جميع أولئك الأساتذة يدرسون بها.
كان للإكمالية بابان، باب صغير يطل على حينا، يدخل منه الأساتذة ويخرجون، وباب عريض آخر في جهة أخرى بعيدة يدخل منه التلاميذ.
تلك المساحة التي تطل على سور الإكمالية الممتد بالطول كانت تشكل خطرا على الساكنين وتهديدا حقيقيا على الأطفال والقاطنين، فقد كانت مرتعا للسكارى في الليل البهيم، وممشى للغرباء عن الحي والمتسكعين، لدرجة جعلت أولئك الأساتذة يفكرون ببناء سور حتى تغلق حدوة الفرس وينعم القاطنون وأبناؤهم بالأمان.
ولكن كالعادة اتفق الأساتذة على أن لا يتفقوا، ويقال" يجتمع أهل الباطل بسهولة على قضية ما ويتحدون، ولكن من الصعب أن يجتمع المثقفون على أمر، فغرور الواحد منهم يمنعهم من ذلك الاتحاد".
كانت المنطقة خطرة للغاية، فكل يوم تسمع بخبر قتل أو اختطاف أو اعتداء بالأسلحة البيضاء، وحتى السرقات كانت سلوكا يوميا لهؤلاء.
لم يكن لنا بتلك المدينة أقرباء، مما جعل والدي يفرط في الخوف علينا والتشديد والتضييق على أماكن وفترات لعبنا.
كان لا ينفك يحذرنا من الغرباء، ويوصينا أن لا نرد عليهم، أو نقبل منهم شيئا، وكان يقوم بتدريبنا على كيفية الانسحاب من محادثة أولئك ويعلمنا كيف نطلب النجدة، وكيف نخطط لهروب ماكر في حال تعرضنا لخطر ما.
كان اخوتي يستمعون للكلام بالأذن اليمنى ويدعونه ببساطة يخرج من الأذن اليسرى، فكأطفال كانوا يميلون للمغامرة وخرق القوانين دوما.
أما بالنسبة لي فقد كنت "نية" أمشى مثل المسطرة، وأطيع الأوامر طاعة عمياء، اضافة إلى الخوف المغروس غرسا والذي امتدت جذوره إلى الأعماق، والضعف الذي كان السمة البارزة في شخصيتي، والذي فاقم من حالة البارانويا عندي.
وفي مساء أحد الأيام، اجتمع بعض الأساتذة "الملتحين"من غير حينا، عند باب الإكمالية ضمن الساحة، حول صينية من الشاي والمسمن والبغرير والحلوى، وأخذوا يتبادلون الأخبار والنكات ويستمتعون، وفجأة هبت رياح مفاجئة أغلقت ذلك الباب الذي كان يفتح من الخارج فقط، وكان عبارة عن شباك يصف ويكشف ما وراءه.
كنت وصديقاتي نشكل جمهور مشجعات لفريق كرة القدم من الذكور، وعند سماعنا لخبطة الريح القوية للباب الحديدي، انتبهنا من غفلتنا تلك لوهلة، توقف الصبيان عن اللعب، والتففنا حول بعضنا البعض وتوجهت أنظارنا إلى ذلك الباب وأولئك الأساتذة.
كنت أحب المتدينين وأصحاب اللحى بالفطرة، إلا أن حبي ذاك لم يشفع لهم ذلك اليوم .
حينها همس القائد الذي بداخلي إلى المجموعة وقلت لهم:" حولوا أنظاركم عنهم، وتظاهروا بالانشغال، فسيطلبون منكم المساعدة وفتح الباب".
فسألني البعض ببراءة الأطفال:" وماذا في ذلك؟! مساكين لازم نعاونوهم".
لأرد بلهجة المحقق كونان:"والدي حذرنا من الغرباء، هذا العالم سيء بما يكفي لتتوقفوا عن اظهار طيبتكم والغباء، أولا سيطلبون منا التقدم لفتح الباب، واذا لم نستجب فسيقومون بإغرائنا ببعض الحلوى، وان لم نستجب لهم فسيقومون بإغرائنا بالمال، فإذا ضعفنا واستجبنا، قاموا باختطافنا."( علم كبير هههه).
هذه السياسة المتبعة للمختطفين دوما، أبي يقول هذا لي كل يوم.
نظرات تائهة وحائرة، وأسماع مرهفة، كانت مخيلات أولئك الأطفال تتأرجح بين الشك واليقين...
ولم نلبث سوى لحظة قصيرة، واذا بأولئك الأساتذة يستصرخون طلبا للمساعدة، ولكن الأطفال كانوا تحت تأثير كلماتي، فلم يجرؤ أحد منهم على مساعدة هؤلاء، وحين لاحظ أولئك الأساتذة أننا لا نستجيب قاموا بحمل قطع الحلوى وكؤوس الشاي عربون محبة وهدية لمن يقوم بفتح الباب.
ولكن عبثا كانوا يحاولون...
هنا قلت لشلة الأطفال أن المرحلة الأخيرة ستكون الأغراء بالمال.
-ألم أقل لكم؟! إنها أساليب المختطفين.
نداءات متكررة لنا ونحن متسمرون بأماكننا، وحين فشلت مساعيهم نطقوا بالجملة المطلوبة(ارواحوا، هاكم ميادورو، ألف فرانك)
ما من جريمة كاملة!!
سقط القناع!!
اهربوا!!
كلمات وتحليل عبقري كانا كافيان لتشتيت جمهور الأطفال، وإصابتهم بالذعر والخوف، ليلوذوا بعدها جميعا إلى مساكنهم، هذا والأساتذة مشدوهين من سلوكنا المبهم آنذاك.
أما الموقف الثاني، فحدث حينما كان عمري خمس سنوات ونصف، كنت كالعادة مع أخي الصغير وشلة الأطفال نلعب "الغميضى"، وحدث أن ذهبت لأختبئ وراء سور الإكمالية عند الزاوية تماما، ففوجئت بعشرات الأوراق النقدية من فئة " العشرين ألف" الحمراء، تعوم ببركة كبيرة من مياه الأمطار، وبجانب البركة أعقاب سجائر، وحقيبة ظهر نصف مفتوحة تحوي أموالا أيضا، صخور يجلس عليها مدمنو الكحول، قارورات خمر فارغة مهشمة، فالمكان معروف بأنه مرتع لمدمني الكحول أثناء الليل.
حينها ناديت كل شلة الأطفال، وأخبرتهم عن الكنز الذي وجدته، فاندفع الأطفال يحاولون جمع ما يستطيعون تجميعه، فصرخت بهم أن تلك الأموال لا تجوز، لأنها "مال الحرام"، وأن أصحابها من السكارى سوف يعودون حتما لاسترجاعها، وإذا لم يجدوها فسوف يقومون بلي أعناقنا وذبحنا دون رحمة.
الأطفال هذه المرة كانوا صبيانا وبنات أيضا، وبعضهم كان أكبر مني، ومع ذلك اقتنع الجميع بما ذكرته، ودب الخوف في قلوب الجميع.
قفلنا راجعين فالتقينا بأحد الأطفال الذي يكبرنا قليلا كان اسمه"نذير"، طفل جريء شجاع، وحاد الذكاء.
كان يكبر جميع أولاد الحي، لذلك أحطنا به جميعنا، وبلهجة هامسة وكلمات سريعة ومختلطة، كان جميعنا يتكلم دون أن يصغي أحد منا للآخر، حاول نذير تهدئتنا، وأمرني بأن أنوب عنهم في الكلام، فقمت بإخباره بالأمر بأدق التفاصيل، ولم أنسى ذكر تحليلاتي الغبية *عفوا*أقصد العبقرية حول الأمر.
أمرني نذير أن أدله على المكان، فذهبنا جميعا مرة ثانية، وحين تأكد له الأمر ، أثنى على حنكتي وبراعتي وثمن موقفي القاضي بأن نترك الأموال على حالها، وننصرف لمنازلنا حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا.
ذهب الجميع إلى منازلهم، وحين عودة آبائنا على الساعة الحادية عشر، أخبر كل فرد فينا أباه، وكنت أنا قد أخبرت والدي فلم يصدق الخبر، واعتبره خيال أطفال، ولكنه لم يملك إلا الذهاب والتحقق من الأمر، وحين خرج من المنزل وجد جميع الأساتذة يتكلمون بالأمر، ويستعدون للتوجه نحو المكان، وقد سال لعابهم جميعا رغبة بالمال.
خيبة كبيرة كانت بانتظارهم، فلم يعد لتلك الأموال وجود، مجرد بركة ضحلة وأوحال.
الأساتذة اعتبروا أن الأمر مجرد خيال أطفال، وعزموا على عدم تصديق ترهاتنا مجددا، أب واحد من أولئك الآباء كان يصدق ما نقول، ورغم ذلك كان يومها يدعم موقف الأساتذة ذاك، ويهزأ من خيال الأطفال، لقد كان والد نذير.
ففي غمرة حماستنا وسذاجتنا كأطفال، لم نذكر لآباءنا آخر تفصيل مهم، وهو أننا التقينا نذيرا، وأنه أشار إلينا بالعودة إلى منازلنا والاختباء حتى عودة آباءنا، وأوهمنا أنه سيغادر المكان مثلنا.
شخصيا لم أنتبه لذلك الأمر، ولم أذكره لوالدي حينها، اعتقدنا جميعا أن السكارى عادوا وأخذوا أموالهم.
فقط حين كبرت، ومرت سنوات طوال على الحادثة، أعدت سرد التفاصيل كاملة على والدي فاستنتج أن نذير هو من أخذ الأموال، في حين كان غائبا عني ذلك تماما.لم يخطر ببالي أبدا أن نذير كان قد خدعنا جميعا.
وليومنا هذا يسخر اخوتي من سذاجتي بسبب تلك القصة"الدراهم تاع السكايرية" ههههه.
ورغم كل ذلك، كان والدي ليقول نفس الكلام(هي أموال حرام، فربما هي مسروقة ولذا لا يجوز لنا التمتع بها).
موقف آخر أتذكره، وهو أنني لم أكن لآكل شيئا قدمه لي شخص غريب.
مرة ونحن نلعب كالعادة، خرجت احدى النساء من منزل جيراننا كانت عمة صديقتي "فضيلة" ، وقدمت لنا كيسا مملوءا بالحلوى، والكوجاك، ومكعبات السكر، وحين أولت ظهرها، وعزم الجميع على الشروع في الاستمتاع بقطع الحلوى المهداة، همست لهم كما يفعل المحققون، بأن تلك الحلوى تحوي سما قاتلا ربما، فنحن لا نعرف صاحبتها، وأشرت عليهم بأن نقوم بدفنها في التراب.
وبحركة سريعة امتثل كالعادة أولئك الأتباع دون نقاش، والأعجب أن صديقتي فضيلة كانت تطبق الأمر مثل الجميع، رغم أن تلك المرأة كانت عمتها الحنون!!
مرت دقائق على دفننا تلك الجثامين اللذيذة الحلوة، ولكن نفسي ظلت تنازعني عليها، والشيطان يحثني على اخراجها من مرقدها ذاك مجددا والاستمتاع بأكلها ومصها.
خفت أن أضعف ببساطة، فالنفس الأمارة بالسوء تنازعني من أجلها، ولعابي سال على إثر مرآها.
لذلك أشرت عليهم بأن نقوم بإخراجها، ومن ثم تفتيها بالحجر، ثم إلقاءها في الهواء كما يفعل الكوريون مع رماد جثامين موتاهم.
- ربما وجدها أحد الأطفال الأصغر منا سنا، فأكلها، فنكون قد تسببنا جميعنا بموته(كان هذا السبب الظاهر الذي ذكرته، بينما أخفيت أن السبب هو ولعي بها واشتهاؤها).
كانت تلك بعضا من قصص بطولاتي الخالدة، وقد تعجبون اذا قلت لكم أن السذاجة وضيق التفكير لازماني مدة طويلة، ولا أزال إلى يومنا هذا أقوم بأفعال غبية بلهاء قد لا تخطر على عاقل.
منها أن البارانويا ظلت تلازمني في مواقف شتى، أذكر أنني حين كنت في الطريق إلى الثانوية مع صديقتي، صادفتنا امرأة عجوز خرجت من ضريح لولي صالح، بعد أن أوقدت فيه الشموع، ووضعت الزيارة(بعض القطع النقدية)، أذكر أنها تقدمت نحونا وقدمت لنا قطعتين كبيرتين من خبز الفطير، قائلة أنها "صدقة" ثم ابتعدت عنا مولية ظهرها.
حينها قمت بتقبيل قطعة الخبز، ووضعها بركن بارز من حائط ابتدائية، وطلبت من صديقتي ذات الفعل فاستغربت أيما استغراب.
شرحت لها أننا لا نعرف تلك العجوز، اضافة إلى خروجها من ضريح الشرك ذاك.
استسلمت صديقتي لرغبتي مكرهة، ولزمت الصمت طول الطريق مع تحجر مقلتيها بالدموع.
لم تقل صديقتي شيئا، ولم تقدم لي موعظة، غير أن ملامح وجهها وعبراتها قالا الكثير.
لقد عبرا عن خيبتها بي، وعن اتسامي بالتكبر، وازدراء الناس واحتقار العجائز والضعفاء.
موقف جعلني أراجع حساباتي بعدها، وكان ذلك الموقف حجرة زاوية في تغييري لبعض عاداتي آنذاك.
لكن رغم ذلك لم ينتهي مسلسل البارانويا لدي، ففي موقف آخر كنت فيه فتاة ناضجة تبلغ السادسة عشر من عمرها، حضرت حفل زفاف خالي رفقة الكثير من أبناء وبنات أخوالي الآخرين.
كان خالي من أرباب المال، وكان مما سمعنا أثناء التحضيرات لزفافه، أن خالي الذي يكبره امتعض من قائمة الأصدقاء المدعوين، قال أن الكثير منهم يتعاطى الكيف، وسيرغبون بشرب الخمر يوم الزفاف،
منع خالي أخاه الأصغر من إقامة الحفل في قاعة الحفلات، وأقيم زفافه بسطح مبنى من أربع طوابق كان قيد الإنشاء.
احتفلت العائلة في منزل آخر، بينما اقتيد الشباب والبنات لذلك المبنى لمساعدة القائمين على الطبخ، والتحضيرات المختلفة، ‏ولأن الوليمة كانت فخمة، والمدعوون كانوا من أرباب المال اللاهثين وراءه، لدرجة تمنعهم من المكوث بحفل أكثر من نصف ساعة، اضافة أن الحفل لم يكن يرقى لتطلعاتهم، فقد غادر الجميع سراعا، وانفض الجمع باكرا، أما الأكل فقد اكتفوا منه بلقيمات كنت شخصيا سأعدها تذوقا لمعرفة كمية البهارات والملح.
انصرف الجميع وهرع الأطفال إلى موائد الطعام مثل قطط الشوارع الضالة، يلتهمون أفخاض الدجاج على طريقة توم وجيري، ويحتفلون بقارورات البيبسي على طريقة مدمني الكحول، بينما شرع ابن خالي المراهق يصرخ فيهم (مجاعة، تقول قاع ماشفتوش الماكلة).
لتنتهره جدتي وزوجة خالي ( خليهم ياكلو، دراري ما يعرفوش)، وبينما ألقيا نظرة شاملة على صنوف الأطعمة الفاخرة التي لم تمس، خطرت ببالهما أن يقوما بتجميعها للطاهية ومعاونيها ويأخذا نصيبهما أيضا.
لذلك أمرتنا جدتي بإحضار علب مناسبة، لنضع بها الأطباق التي لم تمس(حرام...نعمة).
ذهبت جدتي وزوجة خالي وتركوا المهمة لشباب وبنات العائلة، ولكن نفسي عافت ذلك، وقلت للجميع بأن هؤلاء المدعوون مدمنو "كيف" وقد رأيت بعض الأطباق تحوي "الكيف" ، فدهش الجميع مما ذكرت وسألوني هل رأيت ذلك بعيني؟! فأجبت:أن نعم.
كنت أتمتع بمكانة كبيرة بين جميع أقاربنا، ذلك أنني كنت بنظر الجميع تلك الهادئة المؤدبة التي لم يجربوا عليها كذبا قط، لذا عاف الجميع ذلك الأكل إثر تصديقهم المطلق لكلماتي، وتعاونا جميعنا لكبه في الزبالة.
لم يسألني أحد يومها أين تلك الأطباق التي رأيت بها "الكيف" ، وكيف هو شكل الكيف، وهل سبق لك رؤيته من قبل أصلا؟!
لقد كان لكلماتي ذلك التأثير السحري أينما ذهبت، فلقد عافت أنفسهم جميعا ذلك الطعام.
قد يتسائل القارئ ماذا رأيت حقا حتى خيل إلي أنني رأيت الكيف وأنا التي كنت تحت تأثير كلمات خالي الذي وعد بردع أي سلوك مشين قد يسئ إلى الحفل من قبل هؤلاء.
ذلك الذي ظننته "كيفا" لم يكن سوى أعواد القرفة وقد تضخم حجمها بسبب السوائل، وقد عمدت الطاهية إلى تركها في بعض أطباق "الحلو".
لم أكن إلى ذلك الحين قد رأيت أعواد القرفة من قبل ههههه...لقد بدت لي في غلظتها تلك، مثل السجائر الكوبية التي نشاهدها في المسلسلات المصرية، أما عن تشبيهها بالكيف فأنا عن نفسي لا أعرف.
كل ما أعرفه أن جميع المذكور أعلاه جعل مني شخصا غير ذي فائدة، يسهل خداعه بسهولة لذلك كانوا يخافون علي أكثر من خوفهم على أصغر فرد في الأسرة، ويقومون يحمايتي بشكل مبالغ فيه.
على ذلك صرت لا أستغرب كيف صبرت الشعوب على حكام بلهاء ومجانين، ومخرفين وحتى مقعدين نصف ميتين.
#شموسة

ماذا يقرأ الوزير (جمال ولد عباس)؟!

ماذا يقرأ الوزير (جمال ولد عباس)؟!


قبل أيام قليلة شاهدت فيديو للوزير جمال ولد عباس تسأله صحفية عن عنوان آخر كتاب قرأه، فرد عليها قائلا:
"الأمير"، لترد عليه الصحافية التي يبدو أنها لم تسمع جيدا أو ربما لم تسمع أصلا بهذا الكتاب في حياتها وبالتالي لم يسبق لها قراءته ربما.
-انعم....واش؟!
-‏الأمير...الأمير
توجهت إلى التعليقات الكثيرة وأخذت أقرأ، فاذا بي أفجع لكمية الجهل لدى المعلقين.
فالكثير من التعليقات فندت أن الوزير يقرأ، وأنه كاذب، وأن أمثاله لا يفتحون الكتب وووو .
لدرجة جعلتني أعقد المقارنة بين ولد العباس وجمهور المعلقين، لأصل إلى نتيجة مفادها أن ولد عباس يقرأ، بينما غالبية الحشد الذي علق على المنشور شباب لا يقرؤون.
فولد عباس ولا شك لا يقرأ، ولكن اذا قرأ فسيقرأ كتبا من ذلك النوع لأنها تضمن له البقاء، وترشده لمزيد من السيطرة والتحكم على أمثال ذلك الحشد.
فكتاب الأمير لمن قرأه هو مجموعة وصايا جعلت خصيصا لأمثال ولد عباس كي يتمكنوا من البقاء طويلا على كراسيهم، بالسيطرة على الشعوب الجاهلة بشتى الوسائل الممكنة.
جعلني هذا الموقف أتأمل حالنا مع حكامنا، فقد كنت أعتقد أننا نتقاسم الجهل مع حكامنا مناصفة، إلا أنني بت متأكدة أننا أسوء منهم بكثير.
فلكي تكون قائدا في مجتمع ما عليك أن تملك القوة أو المال أو العلم.
يكفي أن تملك عنصرا واحدا من ضمن ماذكرت لتكون قائدا.
فالشعوب الجبانة ستنقاد لمن يملك القوة.
والشعوب الفقيرة ستنقاد لمن يملك المال.
أما الشعوب الجاهلة فستنقاد لمن يتفوق عليها، لذلك يحرص الطغاة على إبقاء الشعوب أمية جاهلة.
#شموسة

ثقافة البلكونات

ثقافة البلكونات:

الجزائريون فوضويون... لا يملكون ثقافة الورد والتزيين...شرفاتنا قبيحة...المقعرات الهوائية تشوه المنظر العام..

هذا كان تقريرا صحفيا بقناة جزائرية، وكثيرا ما شاهدنا تقارير مماثلة، تجعل دوما من الغرب أنموذجا، وتقوم بجلد الذات إلى أقصى حد ، من دون آراء مختصين أو مهندسين أو خبراء.
ومن دون ذكر البدائل والحلول المرجوة.

والملام هنا ليس المواطن البسيط برأيي الشخصي، ولكن الملام هو الحكومة والمهندس الذي صمم تلك العمارات من دون الأخذ بعين الاعتبار لثقافة بلده وخصوصياته، واحتياجات مجتمعه.

فتصميم شرفات الجزائريين في الغالب ضيق حيث تمثل الشرفات معرضا للملابس المغسولة، وأخرى بها إزار ممزق، اسود لونه، واهترأ قماشه، جراء الحر والمطر...وبعضها مغطاة بـ"الباش"
الشرفة، هاته المساحة في كل مشروع، واشتراطها على المهندسين رغم عدم جدواها لدى المواطنين والأسر الجزائرية، بناء على ثقافة الحشمة التي تمنع الأسرة من الجلوس في مكان مفتوح!!
هذه الثقافة تحولت مع الزمن، ليتفنن المواطن في تغيير الشرفات، كل حسب احتياجاته، فمنهم من يضيفه إلى الغرفة(بسبب ضيق المساحة)، ويحوله إلى نافذة.
لأن القائمين على تلك المشاريع، لم يراعوا ببساطة خصوصة المجتمع الجزائري، فمجتمع يعرف بكثرة عدد أفراده، حيث يبلغ المتوسط لدى الأسرة الواحدة ستة أفراد، لا يمكنك تقييده بمساحة هي أشبه بالزنازين الإنفرداية.
فنحن نلاحظ كثيرا لدى أشقائنا العرب كيفية تصميم شقق العمارات واتساعها، في مقابل تلك السياسة المنتهجة في بلادنا، التي جعلتها أشبه بعلب الكبريت.
ومنهم من يغلق الشرفة كليا بالزجاج العاكس، دون الدخول في موضوع الأقفاص الحديدية (التي تشكل خطرا حقيقيا اذا حدث زلزال، أو شبت نيران حارقة).
الأقفاص الحديدية التي أصبحت من ضروريات كل عمارة جزائرية، بسبب انعدام الأمن والأمان، وبسبب انعدام ثقافة حارس العمارة، أو مايصطلح عليه لدى أشقائنا العرب ب(بواب العمارة).

أما عن نشر الغسيل فلا يوجد تصميم لعمارة في الجزائر، مخصص لها مكان لنشر الملابس غير الشرفة؟
فمتوسط عدد أفراد الأسرة الغربية غالبا مكون من ثلاثة أفراد، يستعملون عادة آلة الغسيل التي تتكفل بتجفيف الملابس، لذا لا تعرض ملابسهم على الشرفات. 
وأسر غربية أخرى تبعث بالملابس للغسالات العمومية التي تقوم بعملية الغسيل والتجفيف والكوي وتبعث بها لأصحابها.
اذن لا مجال للمقارنة بين الغربي والجزائري هنا.

أما المقعرات الهوائية التي تشوه منظر العمارات، فلا يوجد لها بدائل في الجزائر، وإذا وجدت فالجزائري البسيط لا يعرفها.
والمواطن الغربي لا يستعمل المقعرات الهوائية لأن الغالبية يستعملون (الأونتان) لاستقبال المحطات الوطنية التي قد تصل لمئة قناة(لذا لديهم اكتفاء ذاتي من القنوات ولا يشاهدون ثقافات أخرى كما نفعل نحن).

لذا فالحل الأنسب برأيي هو الاستقاء من المعمار الإسلامي وفن الهندسة الإسلامية، حيث نجد المشربية بديلا للشرفات المعاصرة.

والمشربيات عنصر معماري يتمثّل في بروز الغرف في الطابق الأول أو ما فوقه، يمتد فوق الشارع أو داخل فناء المبنى.

لقد قدّمت المشربيّة الحل لهذه المشاكل، حيث أنها تدخل كميّات كبيرة من الضوء غير المباشر، وتمنع الإشعاع الشمسي المباشر، المصحوب بدرجات حرارة عالية من الدخول عبر فتحاتها، وبالتالي قدّمت المشربيّة إنارة ذات كفاءة عالية دون زيادة درجات الحرارة في الداخل، ونظراً لزيادة مساحة الفتحات في الجدار، فقد ساهمت المشربية بزيادة تدفّق الهواء بنسبة عالية، وبالتالي زيادة التهوية والتبريد للغرف. 

وبالإضافة لتأثيراتها الفيزيائيّة، توفّر المشربيّة الخصوصيّة للسكان، مع السماح لهم في الوقت ذاته بالنظر إلى الخارج من خلالها.

وتكمن روعة هذا العنصر المعماري في تكامل وظيفته مع قيمته الاجتماعيّة والجماليّة، حيث أضافت المشربيات قيمة جماليّة إلى الشارع الذي تطل عليه النوافذ، دون المساس بخصوصيّة الفراغات المعماريّة خلف هذه المشربيات.

ما أحوجنا للمهندس المسلم!!
لذا حين نتكلم عن موضوع ما يلزم دراسة المجتمعات وتوفير ما يناسبها.
فإذا أردنا تغيير هذه الثقافة إلى الأفضل، يجب مراعاة خصوصية مجتمعنا وقيمنا أولا، لا استنساخ التجارب الغربية التي تناسب أقواما دون أقوام.

#شمس_الهمة


العيد

 تلك اللحظات الحرجة قبيل يوم العيد، ذلك التعب، والضغط، تلك الأمور التي أنجزت نصفها والنصف الآخر ينتظر منك اتمامه حالا، ذلك التوتر، وتلك الأع...