الأحد، 27 سبتمبر 2020

الأدب والطب طه حسين

 

الأدب والطب طه حسين

وكنا نعجب فيما مضى بطائفة من الكتاب المجودين في الغرب لم يتهيئوا للأدب عن عمير ولم يجعلوه الحياتهم غاية ، وإنما أنفقوا جهدهم كله في درس الطب والتخصص فيه ، وفرض الأدب نفسه عليهم فرضا ، فبرزوا فيه أي تبريز ، ثم رأينا هذه الظاهرة نفسها تمس بعض أطبائنا فينشأ منهم شاعر بارع كالدكتور إبراهيم ناجي رحمه الله ، وينشأ منهم الكاتب المتفوق الذي يتاح له من صفاء الذوق ونفاذ البصيرة وسعة العلم والفقه بأسرار الحياة ، فيخرج في اللغة العربية كتبا أقل ما توصف به أنها تجمع بين الروعة والمتعة، وتغني حاجتنا إلى القراءة التي تلذ القلب والذوق والعقل جميعا كالدكتور محمد كامل حسين.

وكاتبنا هذا يمضي في هذه الطريق ثابت الخطو،وما أشك في أنه سيبلغ من الأصالة والرصانة والتفوق ما بلغ الذين سبقوه.


وهذه ظاهرة جديدة في أدبنا العربي الحديث، إن دلت على شيء فإنما تدل على أن سلطان الأدب العربي ما زال قويًّا، وقدرته على الاستئثار بالقلوب والنفوس ما زالت نافذة، وعلى أن جذوة الأدب يذكيها ويقويها أن تجاور العلم في بعض القلوب والعقول فتستمد منه قوة وأيدًا ومضاءً قلما يظفر بها الذين يفرغون لتنميق الكلام ويُصرفون عن حقائق العلم صرفًا. وأي فنون العلم أجدر أن يفقه الناس بالحياة ومشكلاتها وما تكلف الأحياء من ألوان العناء من الطب؛ فالطبيب يخالط الإنسان مخالطة لا تُتاح لغيره من أصحاب العلم، يخالطه صحيحًا ويخالطه عليلًا، ويبلو ألم جسمه وآلام نفسه أصدق البلاء وأعمقه، ويفتح له ذلك أبوابًا من التفكير تنتهي به أحيانًا إلى الفلسفة العليا، وتنتهي به أحيانًا أخرى إلى الأدب الرفيع الذي يحسن فيه الانسجام بين الحس الدقيق والشعور الرقيق والذوق المرهف والعقل المفكر، وتتيح له ذلك كله قدرة على التصوير الفني لحياة الناس وما يزدحم فيها من الألم والأمل، ومن السخط والرضى، ومن الحزن والسرور، قلما يُتاح لغيره من الناس.


وربما منحه قدرة أخرى على فهم الملكات الإنسانية، وردِّ أعماله وما يختلف عليه من الأحداث وما يكون لهذه الأحداث من تأثير فيه إلى أصولها ومصادرها التي أنشأتها وصوَّرتها تصويرًا لا يُحسن فهمه إلا من يعرف دقائق النفس والجسم جميعًا، وما يكون بينهما من توافق أحيانًا ومن تخالف أحيانًا أخرى، وإذا أُتيح الفن الأدبي للطبيب امتاز أدبه بالدقة والصدق وتجنب الألفاظ العامة المبهمة، والعبارات التي تبهر الأسماع ولكنها لا تصل إلى القلوب ولا تُحصل في العقول شيئًا.


وقد أُتيح لكاتبنا من هذا كله الشيء الكثير؛ فهو لا يحب التزيُّد في القول ولا يألف تبهرج الكلام، ولن تجد عنده كلمةً قلقةً عن موضعها أو عبارة إلا وهي تؤدي بالضبط ما أرادها على تأديته من المعاني.


هو طبيب حين يكتب يضع يده على معناه كما يضع يده على ما يُشخِّص من العلل حين يفحص مرضاه، وينقل إلينا خواطره كما يصوِّر أوصاف العلل وكما يصف لها ما ينبغي من الدواء.


وله بعد ذلك خصلة تميزه من غيره من كُتَّاب الشباب؛ فالميل إلى تصوير الحياة الاجتماعية ظاهر عند أدبائنا من الشباب تختلف حظوظهم منه ويختلف توفيقهم فيه. ولكن كاتبنا لا يميل إلى تصوير الحياة الاجتماعية وما فيها من الآمال والآلام فحسب، ولكنه يُحسن تصوير الجماعات ويعرض عليك صورها كأنك تراها.


فلم أرَ تصويرًا لشارع أو ميدان تختلط فيه جماعات الناس على تبايُن أشكالهم وأعمالهم وألوان نشاطهم كما أرى عند هذا الكاتب الشاب.


ثُمَّ لا يمنعه ذلك من أن يفرُغ للفرد فيُحسن فهمه وتصويره في دقة نادرة، كل هذه الخصال تبشِّر بأن كاتبنا جدير أن يبلغ من فنه ما يريد، ولكني أتمنى عليه شيئين؛ أحدهما: ألا ينقاد للأدب ولا يمكِّنه من أن يشغله عن الطب أو يستأثر بحياته كلها؛ فالأدب يجود ويرقى ويمتاز بقدر ما يجد عند الأديب من مقاومة له وامتناع على مغرياته وانصراف عنه بين حين وحين.


وما أشك في أن عنايته بالطب حين تتصل وتَقْوَى ستمنح أدبه غزارة إلى غزارته وثروة إلى ثروته، وستزيد جذوته ذكاءً وقوةً ومضاءً.


والثاني: أن يرفُق باللغة العربية الفصحى ويبسُط سلطانها شيئًا ما على أشخاصه حين يقص كما يبسُط سلطانها على نفسه؛ فهو مفصح إذا تحدث، فإذا أَنطَق أشخاصه أنطقهم بالعامية كما يتحدث بعضهم إلى بعض في واقع الأمر حين يلتقون ويديرون بينهم ألوان الحوار.


وما أكثر ما يخطئ الشباب من أدبائنا حين يظنون أن تصوير الواقع من الحياة يفرض عليهم أن يُنْطِقوا الناس في الكتب بما تجري به ألسنتهم في أحاديث الشوارع والأندية، فأخَصُّ ما يمتاز به الفن الرفيع هو أنه يرقى بالواقع من الحياة درجات دون أن يقصر في أدائه وتصويره.


والأديب الحق ليس مسجِّلًا لكلام الناس على علَّاته كما يسجله الفونغراف، كما أن المصور الحق ليس مسجِّلًا لواقع الأشياء على علَّاتها كما يصورها الفوتغراف، وإنما الفرق بين الأديب والمصور وبين هاتَيْن الأداتَيْن من أدوات التسجيل أنهما يصوران الحقائق ويضيفان إليها شيئًا من ذات نفسَيْهما هو الذي يبلغ بها أعماق الضمائر والقلوب، ويتيح لها أن تبلغ الأديب والمصور من نفوس الناس ما يريدان، وإلا فما يمنع الكاتب من أن يصطنع أداة من هذه الأدوات التي تسجل ألفاظ الناس، ثُمَّ يُضيف إلى أصواتهم صوته بلغتهم التي يتكلم بها هو حين يتحدث إليهم، ثُمَّ يعرض عليهم ذلك كما يعرض تسجيل الأصوات لا يتهيأ له ولا يتألق فيه.


ليصدقني الشباب من أدبائنا أن من الحق عليهم لمواهبهم وأدبهم أن يتمعَّنوا فهم المذاهب الأدبية أكثر مما يفعلون، وألَّا يخدعوا أنفسهم بظواهر الأشياء فيُفسدوا مواهبهم ويُفسدوا أدبهم أيضًا.


أمَّا بعدُ، فإني أهنئ كاتبنا الأديب بجهده هذا الخصب، وأتمنى أن أقرأ له بعد قليل كتبًا أخرى ممتعة إمتاع هذَيْن الكتابَيْن وتمتاز عنهما مع ذلك بصفاء اللغة وإشراقها وجمالها الذي لم تبلغه العامية، وما أرى أنها ستبلغه في وقتٍ قريبٍ أو بعيد.

الجمعة، 7 أغسطس 2020

لماذا لا تستطيع النساء الجمع بين الأشياء؟

 


لماذا لا تستطيع النساء الجمع بين الأشياء:
(اعترافات امرأة تأذت من أفكار النسوية)

- إنني أخطو هنا على أرض وعرة، ملغومة بالقوالب النمطية، لكن بعد أعوام من النقاشات والملاحظات، أصبحتُ أؤمن بأن الرجال والنساء يستجيبون بشكل مختلف تماماً، لا أعتقد أن الآباء يحبون أطفالهم بقدر أقل من الأمهات، لكن يبدو أن الرجال أكثر ميلاً إلى اختيار وظيفتهم على حساب عائلاتهم، في حين يبدو أن النساء أكثر ميلاً إلى اختيار عائلاتهن على حساب وظائفهن.

- ‏لا يزال الرجال ملتزمين اجتماعياً باعتقاد أن واجبهم العائلي الأساسي هو أن يكونوا المعيلين؛ بينما تلتزم النساء باعتقاد أن واجبهن العائلي الأساسي هو أن يكن مقدمات الرعاية.

- ‏إذا شعرت النساء بعمق، بأن رفض الترقية التي تنطوي على مزيد من السفر، على سبيل المثال، هو التصرف الصحيح الذي ينبغي القيام به، فإنهنّ سيواصلن القيام بذلك.

- في نهاية المطاف، يتعين على المجتمع أن يتغير، وأن يقدّر الخيارات التي تُقدِّم الأسرة على العمل بقدر ما يُقدّر الخيارات التي تُقدِّم العمل على الأسرة، إذا قدّرنا تلك الخيارات بالفعل، فإننا سنُقدّر الناس الذين يتخذونها؛ وإذا قدّرنا الناس الذين يتخذونها، فإننا سنبذل كل ما في وسعنا لتوظيفهم وحمايتهم؛ وإذا فعلنا كل ما في وسعنا للسماح لهم بالجمع بين العمل، والأسرة بالتساوي مع مرور الوقت، فإن الخيارات سوف تصبح أكثر سهولة.

 - في كتابها Midlife Crisis at 30، تستذكر ماري مالين الأيام التي كانت تعمل فيها كمساعد للرئيس بوش ومستشار نائب الرئيس تشيني:

“حتى عندما كانت الضغوط هائلة ـ في تلك الأيام التي كنت أبكي فيها في السيارة وأنا في طريقي إلى العمل أسأل نفسي “لماذا أقوم بهذا العمل؟” ـ كنت أعرف دوماً إجابة ذاك السؤال: أنا أؤمن بهذا الرئيس”.

لكن ماتالين تتابع لتصف خيارها بالاستقالة بكلمات تشبه إلى حدٍّ غير عادي، التوضيح الذي أخبرتُه للعديد من الناس منذ مغادرتي وزارة الخارجية:

“سألت نفسي أخيراً: “من الذي يحتاجني أكثر؟” وعندها أدركت أنه قد حان الوقت ليقوم أحد ما غيري بهذا العمل. فأنا لا غنى عني بالنسبة إلى أطفالي، ولكنني لا أقارب حتى أن أكون أمرًا لا غنى عنه بالنسبة إلى البيت الأبيض”.

- وجود شريك داعم قد يكون شرطاً ضرورياً إذا كانت النساء سيتمكنّ من الجمع بين الأشياء كلها، ولكنه ليس كافياً، إذا شعرت النساء بعمق، بأن رفض الترقية التي تنطوي على مزيد من السفر، على سبيل المثال، هو التصرف الصحيح الذي ينبغي القيام به، فإنهنّ سيواصلن القيام بذلك.

- في نهاية المطاف، يتعين على المجتمع أن يتغير، وأن يقدّر الخيارات التي تُقدِّم الأسرة على العمل بقدر ما يُقدّر الخيارات التي تُقدِّم العمل على الأسرة، إذا قدّرنا تلك الخيارات بالفعل، فإننا سنُقدّر الناس الذين يتخذونها؛ وإذا قدّرنا الناس الذين يتخذونها، فإننا سنبذل كل ما في وسعنا لتوظيفهم وحمايتهم؛ وإذا فعلنا كل ما في وسعنا للسماح لهم بالجمع بين العمل، والأسرة بالتساوي مع مرور الوقت، فإن الخيارات سوف تصبح أكثر سهولة.

 - على النساء اليافعات أن يتوخين الحذر من العبارة التي تؤكد أنه “بوسعك أن تجمعي بين كل شيء؛ ولكن ليس دفعة واحدة

- أهم مسألة تتعلق بالتسلسل هي وقت إنجاب الأطفال، كانت العديد من القيادات النسائية العليا في الجيل الذي سبقني ـ مادلين أولبرايت، وهيلاري كلينتون، وروث بدر جينسبرج، وساندرا داي أوكونور، وباتريشيا وولد، ونانيرل كوهان ـ قد أنجبن أطفالهن في العشرينات وأوائل الثلاثينات من أعمارهن، كما كانت العادة في الخمسينيات، وحتى السبعينيات من القرن العشرين.

الطفل الذي يولد عندما تكون أمّه في الخامسة والعشرين من العمر، سوف ينهي المدرسة الثانوية عندما تكون أمّهُ في الثالثة والأربعين، وهي لا يزال لديها الوقت الكافي والطاقة للتقدم، مع الانغماس بدوام كامل في مهنتها.

- أنجبت طفلي الأول في سن 38 (وعددتُ نفسي محظوظة) والثاني في سن الـ 40، وهذا يعني أنني سأكون في الـ 58 عندما سيغادر ولداي المنزل علاوة على ذلك، يعني هذا أن العديد من أفضل فرص العمل ستتزامن مع سنوات مراهقة الأولاد على وجه التحديد، عندما يكون وجود الآباء إلى جانب أطفالهم على نفس القدر، من أهمية تواجدهم معهم في سنين طفولتهم الأولى، كما ينصح آباء متمرسون.

- لقد أسهمت النساء في تكوين صنم الحياة أحادية البعد، ولو بحكم الضرورة. إن الجيل الرائد من الحركات النسوية كن يحجبن حياتهن الشخصية عن شخصياتهن المهنية ليضمنّ عدم تعرضهن للتمييز أبداً بسبب افتقارهن إلى الالتزام بعملهن.

-بيد أن في يومنا هذا، يمكن للنساء في السلطة، بل وينبغي عليهن، أن يغيرن هذه البيئة، رغم أن التغيير ليس سهلاً. عندما أصبحت عميداً لكلية وودرو ويلسون في عام 2002، قررتُ أن إحدى مزايا العمل كامرأة في السلطة، هي أنني أستطيع أن أساعد في تغيير الأعراف من خلال التحدث عمداً عن أطفالي، ورغبتي في الحياة المتوازنة. وهكذا..

-بعد بضعة أشهر من ذلك، أتت عدة أستاذات مساعدات إلى مكتبي، وكن منزعجات إلى حد كبير. فقالت إحداهن: “يتعين عليك أن تتوقفي عن التحدث عن أطفالك.” “أنت لا تظهرين الوقار الذي يتوقعه الناس من عميد الكلية، مما يلحق بك ضررا، لأنك أول عميد امرأة للكلية”. قلت لهم إنني أقوم بذلك عمداً وواصلت فعل ذلك، ولكن من المثير للاهتمام ألا تبدو الوالدية والوقار على أنهما ينسجمان معاً.

- إن السعي إلى تحقيق حياة أكثر توازناً ليست قضية خاصة بالمرأة؛ بل إن التوازن سيكون أفضل بالنسبة لنا جميعاً. 
-----------------------
كاتبة المقال: آن ماري سلوتر هي رئيس مؤسسة أمريكا الجديدة، وتشغل كرسي برت ج. كيرستيتر ’66 كأستاذ السياسة، والشؤون الدولية، بجامعة برينستون. شغلت سابقاً منصب مدير تخطيط السياسات في وزارة الخارجية الأمريكية، وعميد كلية وودرو ويلسون للشؤون العامة والدولية في برنستون.
🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸

لمن يريد قراءة المقال كاملا:
https://atharah.com/why-women-still-cant-have-it-all/
 
رابط المقالpdf:

https://atharah.com/wp-content/uploads/2020/05/pdf-7-2.pdf

المعريفة زمن كورونا

 


المعريفة زمن كورونا:


ابن جارنا شاب في أواسط العشرينيات، أصيب بفيروس كورونا، وعليه دخل إلى المشفى لتلقي العلاج اللازم، الشاب مكث عدة أيام بالمشفى، كان يشاهد فيها الأطباء ينقلون جثمانين في اليوم، لدرجة أصابته بالرعب، فاتصل  بأخيه المقيم بالعاصمة، والذي يشغل وظيفة مرموقة، تخول له (المعريفة)، وبإشارة منه تم إخراج أخيه من المستشفى، وإرجاعه لحضن عائلته التي لم يسلم منها أحد من فيروس كورونا -بسببه-

العائلة كلها مريضة بالكورونا، ولم يجدوا حتى من يبتاع لهم الخبز.(ربي يشفيهم).


بعد أنباء فراره من المشفى، زارتهم لجنة تحقيق، ورفضت الأم وبناتها فتح الباب لهم، قائلين أن ابنهم غير موجود.

الشاب مكث قرابة الشهر يعاني من حمى شديدة وآلام مبرحة، وهو في طريقه إلى التعافي -بفضل الله وحده-

قبل يومين صار يخرج بسيارته ويشتري المستلزمات، وصار أصدقاؤه يعودونه على أساس أنه مريض(انفلونزا فقط). فهو لم يخبرهم بحقيقة مرضه.

بالأمس سيارة شرطة تخطب في الناس أن الزموا بيوتكم بمكبرات الصوت، وحين وصولها أمام بيت (الشاب المريض)، والذي يعرفونه جيدا- ركنوا سيارتهم فقلت في نفسي سيأخذونه أو يقومون بفرض غرامة مالية، أو على الأقل سيفرقون الجمع.

لكن حماة الوطن جلسوا لشرب الشاي، والمشاركة في مأدبة الكسكسي بالرايب التي كانت أمام المريض وأصدقائه.

قال الشرطي (راكم مزهيين الحالة، طعام بالرايب وقااع)!!

طبعا مخي مركى404😵

وأنا أتلصص عليهم من نافذة البلكونة، زارني خاطر شرير، أن أقوم بتصويرهم وهم فرحون بتناول الكسكسي بالرايب.

دروك هادوا غاشي🙈


عقل للبيع

 عقل للبيع!!


بوكتيوبر عربية كنت أتابعها، فمراجعاتها للكتب متفردة، ولديها حس نقدي لافت، فهي فتاة ذكية جداا، محجبة وطالبة متفوقة بكلية طب الأسنان.

قناتها للكتب وعن الكتب فقط، ومراجعاتها في القمة.

لفتني أنها حين تقرأ كتبا دينية، لا تسلم بكل المكتوب فيها، فهي تنتقد وتناقش بعض الجزئيات بمهارة فائقة، وهذا أمر غير مذموم فكل يؤخذ من كلامه ويرد.

تابعت لها مراجعات انتقدت فيها الشيخ علي الطنطاوي في جزئية محددة.

فيديو آخر انتقدت فيه الشيخ ابراهيم السكران في جزئية معينة.

فيديوهات أخرى كثيرة مماثلة.

حقيقة راقني حسها النقدي، وآراؤها المستقلة المتوازنة بعيدا عن التسليم المطلق.


لكن!!


تابعت لها مراجعات أخرى حول الكتب والروايات الغربية، فوجدت أن ذلك العقل النقدي اختفى تماما، وظهر بدلا منه كائن مستسلم لكل ما يقول به الغربي، ليس هذا فحسب انما كائن منبهر، تابع، وكأنها منومة مغناطيسيا، كائن سلم عقله تماما.

ولست هنا أفتري أو أتجنى عليها، ولي على ذلك شواهد كثيرة.

فقد تابعت مراجعتها لرواية (طعام، صلاة، حب) فوجدت انبهارا بالرواية، وانتظرت ملاحظات ذكية حولها كما عودتنا في مراجعاتها للكتب الدينية، فلم أفز بشيء، والرواية لمن قرأها يعرف تماما أنها تجسد الشقاء والضياع الذي يعاني منه الإنسان في الحضارة المادية، الرواية تبحث فيها صاحبتها التي لم يكن ينقصها شيء، وكانت تعاني اكتئابا مزمنا، وفراغا رهيبا لا تجد شيئا يملأه.

لدرجة جعلتها تسافر حول العالم بحثا عما ينقصها من روحانية، وسكينة.

وبالنهاية تخرج علينا بأن الحياة ملذات ومتع كالبهائم، طعام، جنس، وتمارين اليوغا الوثنية التي تسميها صلاة.

ليس هذا الكتاب الوحيد الذي حكمت على الفتاة بسببه، فالكثير الكثير من مراجعاتها للكتب الغربية لا تخرج عن نمط الانبهار بدون حد أدنى من الحس النقدي المطلوب.

فمراجعتها لرواية غاتسبي العظيم كانت مجرد الانبهار فقط، والرواية وإن أحدثت ضجة عالمية، وتم التهليل لها على أنها من الروائع، غير أنك حين تقرأها لا تجدها تحمل قيمة أخلاقية، أو فكرة فلسفية، فهي مجرد وصف لحقبة تاريخية معينة في حياة الأمريكيين والتي تجسد انحطاط المنظومة الأخلاقية عندهم.


حينها تذكرت اقتباسا يشخص الأمر بدقة، يقول فيه صاحبه:


”أشفق على من يقول: لن أسلم عقلي لرجال الدين، وهو منبهر بشقاشق الفلاسفة التي لا يفهم منها شيئاً! هل قال لك أحد: سلم عقلك؟! لكنك غافل في الحالين!“


ختاما:

عدو نفسه من ينكب على الأدب الغربي فلا يميز فيه بين النافع والضار.

والأحرى بوصف القطيع من استسلم للتيار التغريبي الجارف الذي تسانده وسائل الإعلام بكل قوة .. ‏أما من ثبت فهو أولى بوصف الاستقلال.

      

#شمس_الهمة

فيلم في سبع سنين:(وجهة نظر شخصية)

 فيلم في سبع سنين:(وجهة نظر شخصية)


العام الماضي خرجت علينا قناة الجزيرة بفيلم تصويري بعنوان (في سبع سنين)، وتلا ذلك العرض مباشرة ردود فعل غاضبة من دعاة ومشايخ كثر، وانتشر خبر الفيلم انتشار النار في الهشيم.

لم يتح لي برنامجي المضغوط وقتها مشاهدة الفيلم، رغم أن فضولا كبيرا انتابني بشأنه بسبب ردود الفعل الكثيرة التي كانت تصادفني طيلة أشهر عقب الفيلم.

بالأمس تابعت الفيلم من دون خلفية مسبقة، فقد نسيت تماما ردود الفعل حوله.

كردة فعل أولية أصدقكم القول أني انبهرت كثيرا بالفيلم، بالسيناريو، بالإخراج، بالإضاءة والأهم بالفكرة التي يحملها الفيلم والرسالة التي يود إيصالها.

انفعلت كثيرا، بكيت وحزنت كثيرا، وغضبت أيضا.

تعاطفت مع الضحايا-كما أسميهم أنا- وانفطر قلبي شفقة عليهم، وعلى حالهم.

أحاسيس كثيرة انتابتني، خوف، قلق، صدمة....

الخوف على مستقبل أبناءنا والأجيال التي ستأتي، الخوف من سلوكاتنا التي قد تفتن المسلمين من حولنا...ووو مشاعر كثيرة متضاربة.

عدت لردود الأفعال، كي أقيم تجربتي وانطباعي، وآخذ زوايا مختلفة للموضوع.

فوجدت ردات فعل عنيفة، وغاضبة، واتهامات وتخوين(الجزيرة تروج للإلحاد، المنتج ماسوني، والمخرج عميل، ومقدم البرنامج بيدق، ووو) 

 

*********

طبعا الفيلم باختصار يرصد ظاهرة الإلحاد لدى الشباب، بعد فشل الثورة المصرية والربيع العربي كما يسمونه، وعرض الفيلم نماذج لشباب ألحدوا ، وآخرين جنحوا للعمل المسلح، بسبب صدمتهم بمشايخ، ودعاة، وكذا صدمتهم بمجزرة رابعة وتبرير الكثيرين للظلم.

 والصدمة والتساؤل الأكبر كان(لماذا يقف الناس مع الظلم؟

ولماذا لم ينصرنا الله ونحن على حق؟!).


تابعت الكثير من الردود، راقني منها القليل، كرد الأستاذ فاضل سليمان الموفق جدا.


لكن ردود الفعل للأسف في غالبها لم تكن موفقة، فنحن اعتدنا الردود العاطفية، الآنية، الغاضبة، والغير مدروسة، والغير منصفة للأسف.


”أصبح الرد مهمة مقدسة، لا أحد يلوم أو يتهم من يقوم بهذه المهمة، لا يلوم أحد أولئك الذين يدافعون، حتى لو كانوا قد فهموا ما قيل بالمقلوب، فهناك دوما نية ناصعة البياض في قلوبهم، ستبرر لهم كل ما يفعلونه، اللوم والعتاب فقط على من يقدم فكرة مختلفة، يكشف المستور، أو يقدم تساؤلا.“


أول نقطة لم ترقني هي الاتهام والتخوين الذي بات حاضرا في كل خطاباتنا، لا أحد يحسن الظن، لا أحد يلتمس الأعذار، ولا أحد يعزو ضعف المادة المعروضة لجهل الصحفيين، أو تقصيرهم، أو نقص الخبرة أو الكفاءة، أو انعدام الثقافة الشرعية اللازمة.

الكل اعتبر الفيلم والقائمين عليه أعداء الدين، المروجين للإلحاد، الذين حتما هنالك جهة دفعت لهم الكثير من الأموال في مظروف.


النقطة الثانية:

العجلة في الرد، والغضب، وانعدام الأناة تجعلنا لا نبارح نمط ردات الفعل العاطفية المندفعة.


النقطة الثالثة:

الغالبية - وأنا أؤيدهم في هذه النقطة- ركزت على مشاهد معينة كانت تدعو للإلحاد كمشهد الفتاة التي نزعت الحجاب وترددت بشأن الخروج حاسرة الرأس إلى الشارع، والموسيقى التصويرية الرومنسية المصاحبة للقطة نزع الحجاب، فتم تصوير المشهد وكأنها خارجة من الظلمات إلى النور، لأن المشهد يصور المكان مظلما والخارج مضيئا.

وهذا قد يكون متعمدا، وقد لا يكون كذلك، فالمكان الذي تم تصوير المشهد به كان عمارة، ومعروف أن الداخل مظلم، والخارج مضيء (بداهة يعني).

لكن الجميع تجاهل مشاهد ردات فعل مقدم البرنامج، حين يصرح له هؤلاء بإلحادهم، والموسيقى التصويرية التي تمثل قمة الصدمة والانهيار والإحباط، بالإضافة لمشهد المقدم وهو يخبط رأسه بالجدار كتعبير عن الحسرة والصدمة على هؤلاء الشباب.

طبعا جميل هو النقد البناء، وتقديم ملاحظات وتوجيهات وانتقادات بناءة تسهم في تلافي الأخطاء مستقبلا، لكن من غير المقبول الحكم على العمل كلية واعتباره معاديا للإسلام، والتركيز على السلبيات، وعدم الإنصاف.


النقطة الرابعة:

لا أدري حقا هل يجهل أولئك الرافضون للفيلم جملة وتفصيلا، بأنهم ساهموا بانتشاره كانتشار النار في الهشيم، والترويج له على أوسع نطاق؟!

فإذا كانوا يعتبرونه خطرا حقيقيا بسبب ترويجه للإلحاد، فلماذا يسهمون بنشره بهذه الطريقة؟


النقطة الخامسة:

المغالاة في الردود، وركوب موجات الترندات.

لا أحد اكتفى برد أخيه في الموضوع -وكأن الرد فرض عين يأثم الفرد الواحد بتركه- كان يلزم أن يرد الجميع، ، كي يثبتوا للناس *غيرتهم* على الدين!!

حتى أن أحد الدكاترة المحسوبين على الوسط الإسلامي قام برد مستفيض بخمسة أجزاء، مدة كل فيديو ساعتين ونصف!! (يا شيخ)!!

هل من المعقول أن يترك الناس مشاهدة الفيلم الأصلي الذي لا يزيد عن خمسين دقيقة، ليشاهدوا فيديوهاتك الخمسة حول الفيلم؟!

احسبها بالعقل والمنطق، (مستحيل شيخي)، حتى لو بلغ علمك عنان السماء.


النقطة السادسة:

أنكر البعض أن ما يحاول الفيديو ايصاله، هو ظاهرة، مستمرين بسياسة النعام، ودفن الرؤوس بالرمال(نحن بخير، وشبابنا بخير، لا داعي لهذا التهويل، ووو).

النقطة السابعة:

لا أحد استفاد من الفيلم، واستثمر فيه إلا القليل.

الشخص الوحيد الذي استفدت منه شخصيا، هو الأستاذ فاضل سليمان، الذي لم يجنح للرد المنفعل والغاضب، والإكتفاء بالشكوى والانتقاد، بل قام بتوجيه رسائل تربوية، اجتماعية، رائعة لمختلف الشرائح، ابتداء من الدعاة والعلماء، إلى الآباء والمربين، انتهاء برسائل إلى صناع الأفلام، فكانت مداخلاته بحق دروسا رائعة، ومثالا يحتذى.


ختاما:

الفيلم دق ناقوس الخطر فحسب، وتناول باحترافية كبيرة المشاكل النفسية والاجتماعية التي تؤرق الشباب، ولفت الأنظار لمواقف المشايخ والدعاة والمربين، لينتبهوا أكثر لمواقفهم، ونتائجها وتأثيراتها على الشباب.

وسواء اختلفنا مع المادة المعروضة كلها، أو بعضها فما من داع للتهويل والتضخيم.

وكأننا مصابون بوسواس قهري، شعورنا الدائم بأننا مهددون، يجعلنا ننتفض ونغضب ونشرع في رمي السهام.

سنظل متيقظين نقاوم النوم، وأقلامنا وألسنتنا مشهرة دائما، لا تُغمد... تحسبا لأي هجوم من أي مكان.. 

أتساءل متى يأتي ذلك اليوم الذي ننتقل فيه من خانة ردات الفعل، إلى خانة العمل والإنجاز بمخططات وأفكار متزنة ومدروسة وعقلانية.

متى سيأتي ذلك اليوم الذي نكون فيه صانعي أفلام مؤثرين، بدل مهرجانات الردود وعبارات التنديد والشجب؟


#شمس_الهمة

التحرش الإلكتروني هل يبرر أيضا؟! (متلازمة لوم الضحية، Blaming the victim):

 

التحرش الإلكتروني هل يبرر أيضا؟!
(متلازمة لوم الضحية، Blaming the victim):

التحرش هذا الموضوع الذي يتربع على رأس هرم الترندات هذه الأيام، حرب طاحنة، ومعارك شرسة وساخنة.
لم أكن شخصيا أعتقد أن هذا الأمر يختلف حوله اثنان، أو يتناطح عليه عنزان.
لطالما اعتقدت أن التحرش خسة ونذالة، وسلوك دنيء، ولا يوجد ما يبرره.
ولطالما اعتقدت أيضا أن التبرج تحرش، لا ينبغي إنكاره.

تابعت عديد المنشورات، وقرأت آلاف التعليقات، وكلما قرأت لفريق اعتقدت أن الحق معهم، فإذا قرأت لخصومهم اعتقدت أن الحق معهم وحدهم.
وصرت أتأرجح بين الفريقين مثل كرة تنس يتقاذفها لاعبان.
ثم ابتعدت عن ذلك كله، لأريح دماغي لبعض الوقت من حمى الماجريات والترندات.
وإذ منحت عقلي ودماغي بعض الفسحة والراحة بالابتعاد، زارتني خواطر تصب في ذات الموضوع، فحرمتني الراحة والهدوء مجددا، وأثارت لدي ألف سؤال وسؤال.

التحرش الإلكتروني:

إذا كان أنصار تبرير التحرش بلباس المرأة وتبرجها، واعتباره من أهم الأسباب، وهذا يبدو إلى الآن أمرا منطقيا بالنسبة لي شخصيا.
فلماذا إذن يوجد هنالك ما يسمى بالتحرش الإلكتروني؟ علما أن المُتَحرَشَ بهن كاتبات لا يضعن صورهن ولسن متبرجات- وهن لا يخضعن بالقول-؟
ولماذا كلما أرادت إحداهن التبليغ أوالتنبيه إلى الموضوع اتهمت في أخلاقها وحياءها، وقيل دوما أنها طريقة مكشوفة لتسول الإهتمام، وتسول المعجبين؟!
لماذا نلوم ونحاكم الضحية دوما؟!

ذكرت أكثر من كاتبة أنها تتعرض للتحرش الإلكتروني والمضايقات العلنية في التعليقات، أو غير المعلنة في الخاص من قبل فئات متنوعة من المجتمع، فلا يشمل التحرش والتطفل بالرسائل والغزل، فئة الذكور من العوام فقط، لأن الجهل وانعدام الثقافة والتربية غالب على هذه الفئة.
إنما يشمل التحرش فئات مثقفة من النخب من صحفيين وكتاب وأدباء، إلى دكاترة الجامعة...وطلاب العلم الشرعي وووو.........القائمة تطول.
يترك أحدهم زوجته المدفونة في المطبخ بين غسيل وطبيخ، ويأتي لكاتبة المقالات والمدونة، فيتغزل بها في الرسائل، ويثني على كتاباتها وأدبها، وحروفها، بل قد يصل الأمر بأحدهم فيدبج قصيدة شعرية من ألف بيت لأجلها.
فهل تبرجت الحروف هنا؟
وهل تبرج المقال، ووجب عليه الحجاب الشرعي؟!

في مجموعة لطلبة الشريعة، نشرت فتاة أنها تعاني وصويحباتها من التحرش الإلكتروني، والغزل والتطفل بالرسائل، عقب كل ظهور بريء لأنثى تنشر مقالا أو استفسارا أو تكتب تعليقا.
توجهت لقراءة التعليقات، فصدمت بهجومات وسخرية، واتهامات.
(كاين البلوك، تحبوا تزيدو عليها، تبحثون عن جلب الانتباه، من المؤكد أنكن تخضعن بالقول، طريقة مكشوفة لتسول الإعجاب وووو).

لا يوجد مروءة إطلاقا، ولا يوجد رجولة وغيرة على أعراض المسلمات، والأنكى أن ذلك المتحرش يقرأ التعليقات، ويشاهد ردود الفعل والتبريرات ، فيزداد وقاحة وجرأة.

فتاة أخرى تنشط في مجموعة مدينتها، وهي مدينة من 40000 نسمة، لكن الناس فيها يعرفون بعضهم، لأن بينهم رحما، ونسبا.
قالت أن أي فتاة تنشر في المجموعة تتعرض للتحرش الإلكتروني، والأنكى أن المتحرش لا يعرف إن كانت صاحبة الحساب أخته أو زوجته أو ابنته(أقسم بالله)، فغالب فتيات المدينة ينشطن بحسابات وهمية لا يعلمها أفراد الأسرة من الرجال، ولا يعلم المتحرش أن التي يخاطبها قد تكون طفلة صغيرة، أو امرأة ناضجة في عمر جدته، بل تحكي قصص من الواقع عمن كان طيلة خمس سنوات يغازل حسابا فيسبوكيا اعتقد أنه لفتاة، وتفاجأ في النهاية، أنه حساب لصديقه المقرب كان يتلاعب به كل تلك المدة!!

ما يثير حنقي ليس وجود هذه الفئات في المجتمع فحسب، فكل المجتمعات فيها النبيل والخسيس، والصالح والطالح ووو.

ما يثير حنقي دوما هو متلازمة لوم الضحية، ومحاولة إخراسها كلما تكلمت أو تبرمت، أو اشتكت وانتقدت.
وليت الأمر يتوقف عند محاولة إخراسها فحسب، بل يتعداه لربط شنيع، وقناعة راسخة، وتهمة جاهزة، أن كل امرأة تتعرض للتحرش فالخلل لا محالة بها، فهي إما فاجرة، أو لعوب، أو تخضع بالقول!!

الرجل دائما قديس، طاهر وبريء ، لا أحد يلوم أشباه الرجال، لا أحد ينتقد الرجال، لا أحد يقدم لهم الدروس، أو يعرفهم بالواجبات، لا أحد يقوم بنشر سلسلة من الفيديوهات تتناول أخطاءهم، فالواجبات للمرأة، والوعظ للمرأة، والاتهام واللوم من نصيب المرأة، فما أتعسك وأشقاك في بلادي أيتها المرأة!!

ذلك أننا تتعودنا على هذه الديباجة، وهذا يفسر انزعاج الرجال وتململهم في حالة نقد النساء لهم.

متلازمة لوم الضحية(Blaming the victim):

هكذا يبرر المصاب بـ الظاهرة المسماة في علم النفس بظاهرة تقليل الاستياء (discomfort reduction) فعله المشين!
وهي ظاهرة نفسية تدفع بالأشخاص إلى إلقاء اللوم على الضحية (المجني عليه) في محاولة يائسة لإسكات صوت الضمير والهروب من الشعور بالذنب.

تعبير "لوم الضحية" سنه الطبيب النفسي ويليام رايان، في كتاب ألفه بالعنوان نفسه سنة 1971، ناقش فيه السلوك العنصري والذكوري والسلطوي والطبقي لدى بعض الأشخاص الذين يلومون ضحايا العنصرية من السود، أو النساء اللاتي يتعرضن للتحرش والاغتصاب، أو الفئات الضعيفة كالفقراء والمستعبدين أو حتى الأطفال. وأوضح في كتابه أن المجتمعات التي تلجأ إلى لوم الضحية تعاني من تخلف إنساني، وقهر، وسلوك سلطوي ناشئ عن رغبة في التقرب للأقوى نظرا لإحساس الفرد بالضعف، أو الرغبة في التخلص من الشعور بالذنب الجمعي الذي يلحق بمجموعة بشرية يقوم أحد أفرادها بالاعتداء على مجموعة بشرية أخرى بدافع عنصري أو طائفي أو جنسي.

وعن هذا ذكر الدكتور ماجد عرسان الكيلاني في كتابه(هكذا ظهر جيل صلاح الدين)، أن نفرا غير قليل من الفقهاء والمفكرين والمؤرخين- في الماضي والحاضر- استعملوا منهج المحاكمة والإدانة في معالجة الإفرازات السلبية لعدة ظواهر اجتماعية، دون أن يجرؤوا على مواجهة الحقيقة التي تقول أن آثار غياب العدل واستفحال الظلم الاجتماعي  اللذين برزت  مضاعفاتهما في أمثال هذه الظواهر السلبية المزمنة في المجتمعات الإسلامية هي السبب الرئيس في كل ذلك.

ختاما:
سواء كتبتِ  بالبند العريض، (لا أضيف الرجال)، أو جعلت اسم حسابك (أم فلان)، أو كتبت لا أستقبل الرسائل، أو جعلت ديدنك التعامل بالبلوك، فلن يتوقف هؤلاء، للأسف حكم القوي على الضعيف، وهم يتكاثرون كل يوم كخلايا السرطان.
مما يؤكد أن هذا الأمر يحتاج وقفة جادة، وقوانين رادعة، ومعاقبة فورية.
هذه الظاهرة(متلازمة لوم الضحية) خطر على المجتمعات الإنسانية، والمشكلة الكبرى أن هذه الشخصية السلطوية التي تلوم الضحية دوما، أصبحت عنواناً للشخصية *السوية* وأن فعلها يصب في مسار الفعل السوي الدال على الرجولة، واستقامة الفطرة!!

#شمس_الهمة

الملتزمون الجدد:(رجولة وشهامة، أم جهل وتنطع؟!)

 

الملتزمون الجدد:(رجولة وشهامة، أم جهل وتنطع؟!)

قبل زمن ليس ببعيد، الصدمة بعد الزواج كانت تحدث للعوام فقط، أو الناس المختلفين ايديولوجيا بمعنى فتاة متحررة مع متدين أو العكس.
ذلك أن العوام يرسمون أحلاما خيالية، ويرفعون سقف الأحلام والأماني، ويجهلون الحقوق والواجبات.
أما المختلفين ايديولوجيا فالمسألة واضحة، الرجل اختار جسدا، والفتاة اختارت بنكا.

لكن أوساط المتدينين لم تعرف هذا إلا لماما، ذلك أن الجميع كان يعرف الحقوق والواجبات(ماله وماعليه)، والشرع يرسم لهما تلك الحدود، وبذا كان زواج الملتزمين هو الزواج السعيد الموفق.

لكن في وقتنا هذا، مع حديثي العهد بالتدين وكثرة التدين المغشوش في أيامنا هاته.
الصدمة أضحت صدمااات.
فالفتاة تتزوج وفي ذهنها أن الشاب المتدين يقف عند حدود الله، ولا يضيع ولا يهضم الحقوق الشرعية، فتفاجأ به يفعل ذلك وأكثر ، والمصيبة أنه يشرعن ما يفعل.
والشاب يتزوج وفي ذهنه فتاة قوامة صوامة، فيفاجأ فقط بالقشور المتمثلة بالجلباب والنقاب.

طيب نطرح السؤال، لماذا يحدث هذا؟!
الانحلال والتفلت والتمرد الذي نشاهده اليوم، جاء نتيجة الظلم والكبت والحبس الذي عاشته المرأة في الماضي، فكل فعل عنيف تقابله بالضرورة ردة فعل أعنف...
تزمت الرجل وظلمه للمرأة في الفترات السابقة،أدى إلى خروجها غير المبرر وتفلتها..

‏وكردة فعل على تفلت النساء، جنح الشباب المتدين مرة أخرى إلى أسلوب التشدد والتزمت الذي مارسه الأجداد عن *جهل* من قبل، فهل سنبقى ندور في رحى هذه الدائرة زمنا طويلا؟!
دائرة الفعل العنيف، ورد الفعل له؟!

ألا يوجد ميزان يضبط الأمور ويعدلها؟!
- بلى.
إنه ميزان الشريعة الحقة الذي ابتعدنا عنه للأسف الشديد وقمنا بتحكيم أهواءنا، ولم نكتف بذلك، بل قمنا بلي أعناق النصوص لتناسب تلك الأهواء.
وهذا كله لأن الشاب نشأ ودرج على رؤية المنكرات والمحرمات والانحلال، وقرأ منشورات يذم فيها شباب الفيس الأولياء ويتهمونهم بالدياثة.
فقرر بطلنا التصرف بالخشونة والرجولة والفحولة، والغيرة *المرضية* التي أملتها عليه الأعراف والتقاليد،
لذا أول ما يتزوج يشترط على زوجه النقاب والجلباب، والتوقف عن العمل والمكوث بالبيت، فإذا وافقت على شروطه وقبلت الزواج منه، تمادى في سلوكاته، ورسم لها سجنا لا تخرج عن حدوده، فهي ممنوعة من زيارة الجارات والصديقات، والأعمام والأخوال، ويحق لها مرة كل شهرين زيارة الوالدين.
فقطعها من جذورها، ورحمها، ومنعها صلة الأرحام.وكل ذلك بداعي الغيرة والرجولة.

تطيع الزوجة أمر زوجها في تلك الأمور، ثم تضيق عليها نفسها، ويغرقها الروتين وينسيها الروحانيات والإيمانيات والثقافة، وربما أنسيت الأبجدية العربية، فتسأله الذهاب إلى المساجد فيمنعها ويجتزئ أحكام الشرع، فيقول أن صلاتها في بيتها خير، فيحرمها بذلك الخير كله، والإصلاح في الأرض مع أخواتها، والإيمان الذي يتجدد بالتلاقي والتنافس ولقاء الأخوات.

لذلك غالبا ما تشتكي الفتيات من الخطاب الصادقين (من حديثي العهد بالتدين)، على الأقل في المرحلة الأولى من مسيرتهم في البحث عن زوجة، فيحمل الشاب عريضة(محظورات) على الفتاة توقيعها،( تبدأ بممنوع...وتنتهي بممنوع).
لذلك ذكرت أن تلك هي المرحلة الأولى، لأن ولا فتاة عاقلة تقبل بتلك الشروط المجحفة.
وهنا تبدأ المرحلة الثانية بالنسبة للشاب المتدين الذي تعرض للرفض أكثر من مرة، وهذه المرحلة يتصرف فيها الشاب بذكاء، فيستعمل التقية، ويخفي قائمة شروطه التعجيزية حتى يتزوج (ومبعد ساهل).

لا يبرر أبدا للشباب ما نراه من مظاهر انحلال وتفلت، وليس مسوغا لهم ليتطرفوا، ويعبثوا بأحكام الدين، فيقوموا بحبس المرأة والتضييق عليها بمنعها من أبسط حقوقها الشرعية.

يا اخوان لأننا منعنا النساء بيوت الله، لجأن للأضرحة.
ولأننا منعناهم من دروس العلم لدى المشايخ، لجأن لدروس الفنانات والمسلسلات.
ولأننا منعناهم من الفسحة المشروعة، لجأن للأسواق والتسكع في الطرقات..
ولأننا منعناهم التلاقي، غاب التناصح ، وكثر الفساد.
أمتنا ضاعت بين افراط وتفريط

(( ولا حل إلا بالفهم الصحيح للإسلام، فلا إفراط ولا تفريط))
أما واقع المجتمع الجزائري، فمنقسم إلى قسمين لا وسط بينهما، دياثة حد الخنا، وتشدد وغيرة حد الاختناق.
وقد قال بهذا الواقع، وقرره الكثير من العلماء والمفكرين، واقرأوا إن شئتم لمالك بن نبي وعلي عزت بيجوفيتش وعبد الكريم بكار ووو... فقد شخصوا المشكلة بدقة.

ختاما:

الزواج سفينة كي تُبحر تحتاج ربانا يفهم جيدا جدا القوامة الرشيدة، و يعطي مساحة للمرأة كي تمارس شخصيتها.
و مساعد قبطان يطيع أوامر القائد المعقولة.
و حين تأتي الأمواج العاتية، مرة يتسامح القبطان و يتغاضى، لكي تسير السفينة، و مرة المساعد.
كل ذلك في كنف من الاحترام و المودة و مراعاة شخصية كل منهما.

#خواطر_سريعة_مرتجلة
#شمس_الهمة

العيد

 تلك اللحظات الحرجة قبيل يوم العيد، ذلك التعب، والضغط، تلك الأمور التي أنجزت نصفها والنصف الآخر ينتظر منك اتمامه حالا، ذلك التوتر، وتلك الأع...