السبت، 1 يناير 2022

معارك الجنسين من الغرب هذه المرة:

 معارك الجنسين من الغرب هذه المرة:


قرأت رواية اجنبية كلاسيكية من الادب الفكتوري(far from the madding crowd)، ورحت ابحث كالعادة عن الفيلم لمشاهدته..

في أحد مشاهد الفيلم، وجدت تعليقات الأجانب، فدخلت أقرأ..فإذا بي أجد معارك طاحنة بين الذكور والإناث..

تقول الفتيات أن بطل الفيلم رجل حقيقي خشن، وهو نموذج الرجل الذي تبحث عنه كل امرأة وتتمناه، ففيه من معالم الرجولة الكثير الذي انقرض في زماننا..

ترد فتاة أخرى هذه النماذج انقرضت من واقعنا

تعلق أخرى هذه النماذج غير موجودة في واقعنا، أصبحت موجودة فقط في عالم الخيال.

تقول أخرى آمل أن يكون هنالك بقية باقية من الرجال الحقيقيين أمثاله..

ويقول الرجال:

لكن الفيمينست لا يحبون هذا..

ترد عليه فتاة: ليست كل النساء فيمينست

يرد عليها الفيمينست ليست مجرد أقوال، انها تطبيقاتكن على أرض الواقع

ويقول آخر: كل الفتيات أحببن هذه الشخصية، لكنهن في الواقع يكرهون ويرفضون أمثاله.

ووووو المزيد من هذه التعليقات، صورت بعضها فقط..

(المهم خليتهم مدابزين فالتعليقات😂)


لا تعرف هؤلاء الفتيات، ولا هؤلاء الشباب أن الاختلاط بين الجنسين، وعقلية المرأة القوية المستغنية

هي التي جعلت الفوارق بين الجنسين تتماهى لتنتج مسوخا بشرية..

ولا تعرف الأنثى أن صناعة الرجال الحقيقيين، انما تتم في محاضن النساء، فالأنثى هي الأم وهي الأخت وهي الزوجة..


جعلني كل هذا أفرح، أفرح بشريعة الإسلام، وأتفاءل بمستقبل جميل، البشرية تعيش شقاء كبيرا وانتكاسا للفطرة والمفاهيم، والإسلام هو الحل..

ألا ليت شعري لو ان كاتبتنا الملتزمات، وكتابنا الملتزمون يكتبون روايات عالمية، تعيد معاني الرجولة، والأنوثة الحقيقيين، والاستقامة، وكذا معاني وسر الحياة والأخلاق والقيم النبيلة..


#شمس_الهمة

الصداقة والوحدة

 بينما يحتفل الناس بالأصحاب، ويحتفي الأشخاص بالتوائم،  بالمراكز بالأماكن.

أجدني وحيدة وغريبة، أحتفل كل عام بغربتي ووحدتي.

كل الأماكن تلفظني، وكل من عرفتهم ابتعدوا عني.

ليس لي صديقة حميمة أبثها همي، ولا مؤنسة تخفف عني.

أحتفل كل يوم بظلام الليل الذي يخفيني، أدمن الهروب والاختباء.

فكوابيسي لا تكون في الليل، بل تبدأ عندما أستيقظ، أما أثناء النوم فلا شيء يحول بيني وبين السعادة، أومن على الدوام بعظمة النوم في حل مشاكلي المستحيلة التي لا يمكن لغير القدر أن يساعدني على التخلص منها.

أجد راحتي وعزائي بالادمان على النوم، أعشقه، أكثر منه، ننام فتنهض أجسادنا، لتعيش حياتها المستقلة، وكما نجرها نحن أثناء الصحو، تجرنا أثناء النوم، إلى عوالم أخرى، وإلا فلماذا نصحو متعبين في بعض الأيام؟

أسير في طريق الحياة كالشارد الهيمان، أنشد الراحة ولا أجد الظل، وأفيض المحبة ولا أجد الحبيب، وألبس الناس ولا أجد الدفء، وأعالج العيش ولا أدرك الغاية، 

تماما كالآلة تنتجها الآلة، ويستهلكها العمل فهي تخدم غيرها بالتسخير، وتميت نفسها بالدؤوب

 ‏لا يربطني بالمستقبل رابط أمل ولا ولد.

في الواقع حرمت قسرا من الصداقات، فأصبحت حقا أفر منها، لا أجيد التعامل مع كل شخص يقترب مني، وإلا كان مصيره الاحتراق تماما كمن يقرب الشمس.

فلم تسميت بالشمس، ولكل امرئ من اسمه نصيب؟!

أرغب دائما في البعد، أن يحبني الجميع من بعيد، لأن لدي شعورا أن الاقتراب سيفقدني من أحب.

غرببة وغربة الأفكار قاتلة، وشعور أن كل الأماكن والعوالم تلفظك، أنك لا تنتمي لأي منها شعور مؤلم.

قيل:

أتعرف ما معنى أن تكون وحيدا؟

الأمر أشبه بأن يكون الجميع معك، واقفين بصفك، وفرحين بصحبتك 

لكنك فقط لست معك

أعني غائب عن الوعي

كأن تمل روحك الدائرية جسدك المستطيل لأنه لم يفلح يوما في احتوائها بالشكل الكافي

ومع ذلك لم أستغرب يوما نقصان عدد أصدقائي

كوني لا أنتمي لأي فكر ولا لأي تيار ولا لأي منهم

فأنا دائمة الصمت، متبرمة وغير قابلة للتشكيل

فرد لا يجيد شيئا سوى مراقبة الأشياء من بعيد

مثلي لم تخلق للصداقات، أو اللقاءات، مثلي عاشت وتعيش وحيدة وربما ستموت وحيدة أيضا

يحتفل العالم من حولي بالضحكات والبسمات وأحتفل دوما بأنهار من الدموع.

#حروف_بنكهة_الدموع،

 انهالت علي حين قرأت نصا بديعا عن الصداقة، فنكأ جراحا كانت هامدة.

 ‏وعرفني حقيقة وحدتي.

 ‏لله ما أجمل نصك يا مريم

 ‏لله ما أجمل شعور الحب ومشاعر الصداقة

 ‏لله ما أبشع أن يعيش المرء وحيدا، ويموت وحيدا

حجر صغير

 

حجر صغير:

كان الوقت عقب صلاة الفجر، سارعت منال ووالدها الخطى حتى لا يتأخرا عن الحافلة المتجهة إلى وهران، نسمات الفجر المنعشة داعبت وجنتيها الدافئتين، وجعلتها تسرح في تأمل المنازل عبر الطريق، كان الظلام حالكا إلا من بعض أعمدة إنارة خافتة تمتد متباعدة عبر الطريق، أما المنازل فكانت مظلمة على ساكنيها، ككل مرة تسافر فيها منال وقت الفجر، كانت تقوم بعد المنازل الممتدة عبر الطريق، خمسون، ستون، سبعون منزلا، لا يوجد بها إضاءة مما يدلل أن أصحابها نيام، ومما يثبت توقعاتها صوت الشخير المدوي لأناس يغطون في نوم عميق.
شعرت بخيبة أمل كبيرة، وتنهدت بأسى:
- إلى متى يا الله! قالت والحسرة تملأ قلبها الصغير.
ثم لاحظت إضاءة خافتة من أحد المنازل، سارعت الخطى للاقتراب أكثر لإلقاء السلام على جدران ذلك المنزل، ثم خيبة أمل مجددا، إنها إضاءة مرآب، شخص ما يخرج سيارته، إنها قطعا لأب كادح يلهث خلف لقمة العيش بينما ينام أولاده وبناته عن صلاة الفجر.
صعدت عينيها نحو السماء، داعية الله أن يوقظ الأمة من سباتها، بعدها تغير شعورها من الإحساس بالخيبة والشفقة على الناس، ودب شعور خفي بالاستعلاء في قلبها الصغير، تعثرت بحجر صغير أدمى رجلها.
- انتبهي أكثر، يقول والدها محذرا
الظلام حالك، والطريق غير معبدة، تحسسي مكان خطواتك.
انتبهت فورا بعد الوجع الذي سببه الحجر الصغير برجلها، إنها إشارة لي من الله، كانت مرهفة جدا وتؤول كل مصيبة تحدث معها على أنها تنبيه من الله، جعلها ذاك تعيد التفكير مليا وتتأمل حياتها، وشعور التميز الذي أحست به قبل برهة، فعوقبت لأجله بحجر صغير، وتنهدت بأسى" علمني يا الله" فلم أفهم رسالتك إلي.

منال فتاة في السادسة عشر من العمر، متوسطة الطول، ممشوقة القوام، بعيون عسلية ذابلة، كانت تمتاز برهافة الحس، تبكي على أتفه الأسباب، كان منظر صرصور كفيلا بارعابها والتسبب باغماءة فورية لها..
عكسها تماما كانت أختها الكبرى زينب فتاة قوية، واثقة، ومتفوقة دراسيا أيضا، مما أهلها للدراسة بكلية الطب بوهران.
وصلا إلى محطة الحافلات، استقلا أول حافلة متوجهة إلى كلية الطب بوهران، لقد كانت الزيارة بطلب من زينب، لأن الكلية تقيم فعاليات دينية بمناسبة المولد النبوي الشريف، تتخللها محاضرات عديد المشايخ، ولعل ضيف الشرف كان الشيخ "بريكسي" أشهر مشايخ بالغرب الجزائري، ولم يكن والد منال وزينب ليفوت هذا الحدث، وارتأى أن يصطحب معه منال، ناهيك أنها كانت أول زيارة لها إلى الجامعة.وكان إلى ذلك يهدف للقاء المشايخ واستشارتهم في المشكلة العويصة التي يعانيها مع ابنه.
*********
كانت زينب مشغولة بالدراسة، و استغلت ساعة فراغ ، استقبلت فيها منال بالأحضان، عرفتها بالجامعة، ثم الإقامة، أخذتها إلى الغرفة لترتاح، ثم انطلقتا مجددا كل منهما نحو وجهة معينة، زينب نحو قاعة الدروس، لكنها قبل ذلك أوصلت شقيقتها منال لقاعة المحاضرات.

في جناح الفتيات، ابتدأت الفعاليات، وتناوب المشايخ على قاعة المحاضرات، بينما وصلت منال متأخرة إلى القاعة.
دلفت منال من الباب الخلفي بهدوء، فوجدت ثلاث مشايخ يتصدرون القاعة، والمدرجات تكاد تكون خاوية من البنات، اللواتي توزعن بشكل غير منتظم، وغير متراص، فالكراسي الفارغة بين كل مجموعة مكونة من بنتين أو ثلاثة كانت تشي بعدم الانسجام واللحمة التي يريدها الله بين عباده.
وفور جلوس منال، تكلم الشيخ عن وجوب رص الصف، وأعاد النظام للمدرجات، لدرجة أربكت منال، وأحست وكأن الشيخ يمتلك "الحاسة السابعة"، حاسة تخول له سماع ما تتحدث به النفوس في سرها.
مرت ساعات الصباح الأربع بين محاضرات التزكية والدعوة إلى الله، والوعظ والإرشاد.
ثم توقفت الفعاليات وقت الغداء، لتستأنف بعد صلاة الظهر من جديد.
***********
ابتدأت الفعاليات، محاضرات، دروس، لدكاترة ومشايخ وأستاذات يحضرون بالتناوب.
كان كل شيء عاديا، خاملا، والمدرج هادئا هدوء الأموات، وكأن الطالبات اتفقن اتفاقا غير معلن على أخذ قيلولة مريحة، حتى قدم داعية شاب في الأربعين من عمره، متوسط الطول، يرتدي السواد، وله بطن بارزة قليلا من وراء قميصه، يرتدي حذاء مدببا من الأمام، اعتنى بتلميعه جيدا.

جلس، وحيا الطالبات، ثم عرف نفسه على أنه طبيب، ويعمل في حقل الدعوة إلى الله،
كان مظهره يوحي بحدة العقل العلمي وحوافه القاطعة، لكن ما إن يبتدئ الكلام، حتى تحس برفيف فراشة يدف في المكان.وألق ملون يشع قريبا منك.
كان أسلوبه الدعوي متميزا، فقد كان يستعمل القصص كثيرا، وطريقته الهادئة في الكلام كانت تشد السامع إليه.
كان الشيخ يحكي القصص، ويطرح الأسئلة لإشراك الأخوات، وكثيرا ما طرح أسئلة تتعلق بصحابي أو صحابية، طالبا نبذة عنه، لكن أزيد من خمسمائة طالبة كن يجهلن تاريخ الأمة، وأعيان الصحابة بشكل مخجل ولافت شكل صدمة لدى منال، التي كانت ترفع يدها كل مرة للإجابة، لكن الشيخ كان يؤخرها لحين تأكده أن فتاة أخرى لن تجيب.
منال كان لديها رصيد تاريخي وشرعي ممتاز، وقد أبهرت جمهور الأخوات بإجاباتها الدقيقة المفصلة.

نحى الشيخ ورقة كانت أمامه جانبا...ازدرد كأسا من الماء..اقترب من الميكروفون..وشرع يتحدث بصوت هادئ:
«يقول أحد من السلف:
سهرت ليلة مع أبي وحولنا نِيام
فقلت: لم يقم من هؤلاء من يصلي ركعتين !
فقال :
يا بني لو نمتَ لكان خيرًا لك من وقوعك في الخلق.»

ويقول «ابن القيم»: إذا فتح الله عليك فى قيام الليل فلا تزدرى النائمين، وإذا فتح الله عليك فى باب الصيام فلا تزدرى المفطرين، وإذا فتح الله عليك فى باب الجهاد فلا تزدرى القاعدين، فرُب قائم ومفطر وقاعد أقرب إلى الله منك، وأن تبيت نائماً وتصبح نادماً، خير لك من أن تبيت قائماً وتصبح معجباً، فإن المعجب لا يصعد له عمل.

فركت منال عينيها الناعستين، عدلت جلستها، وحملقت في الشيخ بانتباه..والدهشة تعلو محياها، وعرفت على الفور رسالة الله لها من وراء ذلك الحجر الصغير الذي أدمى رجلها..

انتقل الشيخ بالحديث إلى الواقع الدعوي، وحكى قصصا من الواقع عايش تفاصيلها.
تسمرت الأجساد، خشع الأثير، تجمدت ذرات الفضاء، وطفق الترقب ينسج خيوطه على رؤوس الحاضرات..
تنهد المحاضر، ازدرد شربة ماء من قارورة أمامه، ثم توجه ببصره نحو جمهور الأخوات، وأخذ يسرد تفاصيل حكاية حقيقة حدثت معه فقال:
‏كان لي زميل يدعى عبد القادر، كنت أحقر صلاتي مع صلاته، وصومي مقارنة بصيامه،كان شابا وسيما، ذكيا، متفوقا، ومجتهدا في العبادة من صلاة وقيام وتلاوة قرآن.
‏كان ملتزما جدا، ومتشددا على نفسه والناس، وكثيرا ما لامني على استسهالي لبعض الأمور الشرعية.
مرت أيام الجامعة بحلوها ومرها، تخرجنا ومضى كل منا في دروب الحياة، بعضهم أكمل التخصص، بعضهم آثر العمل، كثيرون تزوجوا، وأصبح لدى كثير منهم أطفال.
إلا عبد القادر مكث سبع سنوات بطالا، يبحث عن الوظيفة، ولا يجدها، كلما طرق بابا أغلق في وجهه، لم يكن يجد حتى ثمن مشاوير التاكسي، أو ثمن فنجان قهوة يخوله الاستراحة باحدى المقاهي بعد عناء البحث عن وظيفة.
مر بأيام عصيبة جعلته يعتقد أن لا رابط يربطه بالمستقبل، لا رابط أمل ولا ولد.
كنت وإياه وبعض الأصدقاء على تواصل دائم، ثم بدأ يسحب نفسه عن مجموعتنا تدريجيا، وأصبح وحيدا كئيبا منعزلا عن الناس.

ثم وفي أحد الأيام نزل علينا خبر كالصاعقة، لم نتوقعه أبدا، ولم نحسب له حسابا من قبل، عبد القادر ألحد، كفر بوجود الله.

اجتمعت والشلة، وتباحثنا الأمر، وتكهنا الأسباب، وقررنا مساعدته وانتشاله مما هو فيه، لكنه كان يرفض صحبتنا، ويصرخ في وجوهنا، وانفجر بغضب كما تنفجر القنبلة، وألقى علينا بكلام كفري، لا أدري يومها هل ألقى كلاما فيه معنى، أو دلوا فيه ماء؟

كان يرفض كل اتصالاتنا ومحاولاتنا، ويقول لكل من تسول له نفسه محادثته (لا أريد الحديث عن الله، إذا كنت تريد لقائي لهذا السبب انس الأمر)

لذلك هجره الأصدقاء واستمروا بعيش حياتهم بعيدا عنه، لقد أدوا واجب النصيحة لكنه أبى الاستماع.

لكني لم أتركه، طلبت مقابلته ذات يوم في مقهى شعبي، وحين قدم ذهلت لحاله.
‏لقد سقط بجانبي على الكرسي كما يسقط كيس من العظام على الأرض، ثم أدرك حيرتي فقال:
- ‏لعلك ظننتني خارجا من المستشفى، أو مبعوثا من القبر، ‏إنما هو جسم يذوب في نار من الهم لا تخبو، وروح تزهق في حشرجة من الكرب لا تنقطع..

وحكى لي يومها معاناته في البحث عن وظيفة، كيف أن اصدقاءه توظفوا وتزوجوا، حكى عن وفاة والدته التي لم يجدوا المال الكافي لعلاجها، والتي خلفت وفاتها ندوبا في الروح لن تشفى..وألما وإحساسا بالعجز...كره معه الحياة كلها..

استمرت مجالسنا، وكنت فيها المستمع فقط، لم أكن ارغب بالكلام، ولا النصيحة، أردت مواساته، وفهم معاناته كي أتمكن بعدها من مساعدته..

وفعلا، تم الأمر بنجاح، وعاد صديقي أخيرا إلى رحاب الإيمان، وحسن إسلامه، وأناب لخالقه بتوبة صادقة فقبله الله، وحاشاه حاشاه أن يرد عبدا عاد إليه..

ثم توجه الداعية الشاب بسؤاله إلى البنات...
- قد تسألونني ما السر  الذي جعله يعود؟! ماهي الوصفة التي اتبعتها؟!
من يمكنها التكهن؟

صاحت الفتيات:” السر في فنجان القهوة، فنجان القهوة“
استغرب الداعية إجاباتهن، واستغربت منال أيضا في سرها، وطلب الشيخ إيضاحا، فقلن له أنه وضع شيئا بالقهوة!!
- سحر مثلا!!
أجاب الشيخ باستغراب..وتفطن أن الفتيات لم يفهمن القصة ربما...
سخرت منال من سذاجة البنات في سرها، ثم رفعت يدها تستأذن لسؤال الشيخ..فأذن لها الشيخ بالكلام.
سألته منال قائلة:
- هل يمكن أن تدلنا على المدخل الذي دخلت منه لشخص صديقك، فأثرت به وأعدته باذن الله إلى الطريق؟!
أجابها الشيخ:
- لا يمكنني ذلك، فالطبيب معروف، وهذا التفصيل الصغير لو ذكرته، سيعرفه الناس منه...
أضافت منال سؤالا آخر:
- طيب شيخنا، فهمنا أنك اتبعت أسلوب اللين والشفقة معه رغبة في الإصلاح، ‏لكن شيخنا جلوسك اليومي معه في المقهى، يترتب عليه أن يدفع ثمن قهوتك أحيانا، فهل كنت تشربها؟!
‏فنحن إذ نسمع مواعظ الشيوخ، علمنا ان الملحد لا يجوز تزويجه، ولا إلقاء السلام عليه، لا نبيعه ولا نشتري منه، ولا نأكل من كسب يديه..
هب أن الملحد أخوك، أو أبوك، كيف تتعامل معه؟
وهل تأكل من كسب يديه؟
لذلك غالبا لا يستعمل الناس أسلوب الإصلاح، ويرون أن الهجر هو الحل الأمثل..
قالت ذلك السؤال وعقلها كان مشغولا بأخيها الذي ألحد مؤخرا، وكيف كانوا يتعاملون معه طيلة ثلاث سنوات بأسلوب الهجر فزاده ذلك قسوة وابتعادا وكرها للإسلام وأهله..

أنصت الشيخ باهتمام لسؤال منال، وأثنى عليها واعتبره سؤالا ذكيا بالغ الأهمية..
وراح يشرح لمنال والحاضرات أن أسلوب الهجر لا يستعمل كبداية، وأنه يلزم اتباع أسلوب الإصلاح في البداية، والصبر على الناس، وفهمهم..
ثم أضاف قائلا:
“- أرى أن السبب وراء الإلحاد في العالم الإسلامي، هي مشاكل نفسية، تؤدي الى زعزعة ثقة هذا الذي ألحد بالله، ثم بعد أن يلحد، يلجأ إلى تدعيم الضلال الذي يعيش فيه بالعلم والأدلة العلمية..
- أرى وبكل وضوح أن الإلحاد أزمة نفسية يمر بها الملحد، ومعالجة هذه المشكلة لا يتأتى إلا بعلاج أزمته النفسية، فإذا أردت الحديث مع ملحد لا تندفع لمحاولة إقناعه بوجود الله سبحانه وتعالى بالحجة والأدلة، والأفضل أن تسأله عن حاله ونفسيته ومشاكله، وتفتح له قلبك حتى تضع يدك على "الأزمة النفسية التي أدت الى ذلك"، ثم تعالجها ، وقتها سيبكي ويعود الى ربه...
- الإيمان بوجود الله فطرة إنسانية طبيعية، لا يفقدها إلا من تعرض إلى ظروف غير طبيعية.

بعد المحاضرة، عاد والد منال إلى مدينته محزونا، قلقا، وطعم الخيبة عالق بحلقه، ذلك أنه لم يتسن له لقاء الشيخ« بريكسي» والحديث معه لأنه غادر مبكرا لظرف ما..
في الحافلة لم تكف منال عن الثرثرة بحماس، وكانت مثل آلة تسجيل تعيد سرد تفاصيل اليوم بدقة لا متناهية...عن قصة الحجر الصغير..وعن قصة الطبيب..
وحين أنهت كلامها، وجدت الدموع تترقرق من عيون والدها..
لقد حصل على مبتغاه من الرحلة هو الآخر...

#شمس_الهمة



الاثنين، 6 ديسمبر 2021

يحدث في بلد العميان (قصة)

 يحدث في بلد العميان:


عاد سالما من ايطاليا التي أنهكها الوباء، عاد وجثث الموتى لا تفارق مخيلته وتفكيره.

وصل إلى منزله، مكث مدة الحجر اللازمة، كان لا ينزع الكمامة حين ينزل إلى الشارع، وكذلك القفازات، يترك دائما مسافة الأمان اللازمة بينه وبين الناس، كان لا يكف عن توعية الناس، وسرد قصص الوباء، لكن لا أحد كان يأخذ الأمر على محمل الجد.

ثم ماذا حدث؟

اعتبره الناس حاملا للفيروس، وأشاعوا ذلك بين الناس، ورفضوا الاقتراب من بقالة أخيه، قاطعها الجميع، وكسدت بضائعه، ولم يجد ما يقوت به عياله.

أما أخوه الآخر فكان يبيع الخضروات، وتمت مقاطعته هو الآخر، تاركين أولاده يتضورون جوعا.

وكل ذلك بسبب المثقف الواعي العائد من ايطاليا.


كانت امرأة مثقفة وواعية، موسوسة نظافة، وتحرص على أخذ التدابير اللازمة، تتابع مختلف النشرات والأخبار لدرجة جعلتها مهووسة وخائفة على زوجها وأطفالها، تلقى زوجها اتصالا بأن عائلة أخيه الأكبر كلها تعاني المرض، كانوا مصابين بالكورونا، ويخفون الأمر، قالوا له أن الجدة تحتضر ويلزمه الحضور فورا.

لم يجد بدا من الذهاب لإلقاء النظرة الأخيرة على والدته المسنة، ارتدت زوجته الكمامة والقفازات، ورفضت الضيافة المقدمة بأدب، فلم تأكل أو تشرب شيئا، وحين غادرت المكان رفقة زوجها، أمر صاحب الدار أن ينظف مكانها جيدا، ثم أردف قائلا:( لقد رفضت نزع الكمامة، هذا يعني أنها مصابة بالفيروس).

أصبح الصحيح المعافى متهما، والمريض الحامل للفيروس بريئا غير متهم.


قال "عادل" في منشور على الفيس بوك أنه في حال إصابته بالفيروس فلن يخفي أمر إصابته. فهذا أمر عادي، والمرض ليس فضيحة.

- لماذا يخفي الجميع خبر الإصابة؟ هل هذا هو الوعي؟!(تساءل قائلا).

بعد أيام أصيب بالفيروس، واحتاج سيارة تقله إلى مركز التحاليل، طلب من ابنته أن تهاتف صديقه(فلان) ليقلهم إلى ذلك المكان.

قامت ابنته بالمطلوب، هاتفت العم (فلان)، وأخبرته حقيقة المرض، فاعتذر بأدب وتحجج بشتى الأمور.

هاتفت أصدقاءه واحدا بعد الآخر، رفض الجميع أن يقله.

هنا توجه "عادل" لصفحته على الفيس بوك، وكتب منشورا يقول:( تبا للأطباء، لقد قالوا أنني أصبحت مصابا بالفيروس، وحين أجريت التحليل النهائي، وجدوه سالبا، وقالوا أنها انفلونزا موسمية فقط، فالحمد لله من قبل ومن بعد).


يقول أحدهم: كان ممرضا، يناديه الناس من أجل الحقن، فالمستشفى لا يستقبلهم هناك بسبب الوباء، اشتكى لي أن الناس الذين يتصلون به يوميا مصابون بالفيروس، لكنهم لا يخبرونه الحقيقة، وأنهم إلى ذلك لا يرتدون الكمامة، ولا يتخذون الإجراءات اللازمة، وأن إحداهن ظلت تسعل أمامه.

سأله الفتى إن كان يرفض أن يتعامل مع هؤلاء المرضى، فأجابه بالنفي، معتبرا أن ما يقوم به عمل انساني، لكنه ينشد الحقيقة فقط، ليحتاط لنفسه.

في المساء هاتفه الفتى راجيا منه أن يزور والدته المسنة المصابة بالفيروس، من أجل الحقن، أجابه بأنه قادم، وأنه سيكون أمام بيته خلال عشرة دقائق.

مرت عشر دقائق، عشرون، ثلاثون، ساعة كاملة من الانتظار

هاتفه ثانية(الهاتف مغلق أو خارج مجال التغطية).


من الصعب العيش بمثالية وسط الحمقى والجهال، ومن يفعل ذلك لا شك سيغدو أحمقا بنظرهم، وسينتظره نفس المصير الذي حدث للمبصر في بلد العميان.


#خواطر_زمن_الوباء


الثلاثاء، 30 نوفمبر 2021

في العلاقة الزوجية لازم تقسم يومك إلى أربع مساحات

 


في العلاقة الزوجية لازم تقسم يومك إلى أربع مساحات

- مساحة العمل خط أحمر(لا يوجد اتصالات ولا كلام حب ولا تواصل إلا للضرورة القصوى).للمرأة والرجل على حد سواء.

- ‏مساحة هواياتي وأصدقائي، لي حقي كاملا فيها.

- ال‏مساحة العائلية الخاصة(أبوي، أمي، إخواني، أهلي).

- ‏مساحة الأصحاب والأصدقاء.

- ‏مساحة (أنا وانتي) مساحة ثابتة، متنفس بعد التعب، والإرهاق، والمشاكل، وهكذا يتجدد الحب ويتجدد الشغف ولا تفقد العلاقة رونقها.

تأتي العلاقة العاطفية من بعد تعب، ارهاق، شغل...تسحب المشاعر السلبية، وتعطينا طاقات متجددة، طاقات كلها حب...نظريةالخميس...عندنا 55 خميس في العام...نفرح كل مرة بإطلالة يوم الخميس



الحب باق إلى يوم القيامة، لكن العلاقات متغيرة، فإذا أنا اختزلت الحب في الشخص المقابل ، أنا لن أحب أبدا

لكن الحب فيني أنا، أنا اللي أحب وأنا اللي أختار

أكثر الأشخاص بينكسروا ليه؟

لأنهم يظنون لما يروح الشخص اللي احنا متعلقين فيه، الحب راح معاه

ده غلط.

الحب باق موجود لكن لأنها مسألة تعود، حيروح حيجي غيرو


أشياء كثيرة تروح قيمتها بالطلب، ومن قيمة الشخص اللي بيطلب


#مراجعة فيلم(three Idiots):

 


#مراجعة فيلم(three Idiots):

الحياة سباق، هكذا كان دكتور الجامعة يحفز الطلاب.

- من أول من صعد إلى سطح القمر؟

- يجيبونه: نيل أرمسترونغ

- من هو الشخص الثاني

- ‏لا توجد إجابة

- دعكم من هذا، لا يهم، الحياة لا تعترف سوى بأصحاب المراكز الأولى.

إن لم تكن في المركز الأول سيسحقونك، لا أحد يعترف بك..

المسلسل ناقش هذه الفكرة على عقول الطلاب، ونتائجها ومآلاتها الكثيرة (التنافس المحموم يولد الضغط، والضغط يولد الانفجار) 

المنظومة التعليمية التي تعتمد هذا المبدأ فاشلة، وغالب دول العالم الثالث تنتهج هذا النهج.

التعليم من أجل النتيجة وليس لأجل التثقيف والتنوير والتطوير...

الغالبية شاهدت الفيلم، وكثيرون عبروا عن إشادتهم به.

كون الفيلم ترجم ما يشعر به طلاب جامعات -البلدان المتخلفة- من ظلم(حقرة) من طرف دكاترة الجامعة، طريقة تلقين وإلقاء المقررات، وجفافها وعدم الاستمتاع بالمعلومة...

لكن من جهة أخرى لم أجد أحدا يلتفت للرسائل السلبية الأخرى في المسلسل والتي قد تقتل الرغبة في التعلم أيضا...

فشخصيا حين تابعت الفيلم وجدت أننا كشعوب متخلفة نشترك جميعا في طريقة التعليم البدائية التي تعتمد وتركز على المجموع(النتيجة)، بدل التركيز على الإبداع واحترام تفاوت القدرات والمدارك والعقول.

لذا فالفيلم نوه لذلك وشخص المشكلة بدقة وبراعة وإبداااع.

لكن التشخيص شيء والحل شيء آخر تماما.

فبرأيي الشخصي، لقد وفقوا في تشخيص مشكلات التعليم بدول العالم الثالث.

لكنهم لم يوفقوا في طرح الحلول.

والحل المعتمد من قبل كاتب النص يتمثل في التمرد...طرف النقيض...ردة الفعل العكسية المتطرفة.

ففي بداية الفيلم نلاحظ المبالغة في احترام القوانين والتقيد بها والتزام الجدية، لدرجة الطاعة العمياء التي تسحق الإرادة وتشلها، وتقضي على روح المبادرة والإبداع.

لكن كردة فعل على هذا لجأ كاتب النص لنقيض الأمر ألا وهو المياعة والهيافة والتسيب، واللامبالاة..ويظهر ذلك من خلال التمرد على القوانين والتمرد على الأستاذ في مشاهد مبتذلة جداا

التبول على جدران الجامعة...شرب الخمر...مصاحبة البنات...اللامبالاة وعدم الاهتمام بالنظافة والاتيكيت والنظام وووو.

وهذه الأخيرة مضرة بالمجتمعات أيضا..

فشرب الخمر والسهر في الليل ووو لا يمكن لهم أن ينتجوا إنسانا متعلما مثقفا ناجحا...بل إنسانا فاشلا تماما ومضيعا لشبابه.

الجد المبالغ به مضر وكذلك اللامبالاة والهيافة مضرة.

إتباع القوانين بشكل آلي مثل مسطرة مضر، ولكن العيش سبهللا بدون قوانين فوضى مضرة أيضا..

#1001_movie


#شمس_الهمة

مراجعة المسلسل التركي رغم الأحزان:

 

مراجعة المسلسل التركي رغم الأحزان:
(قراءة في فكرة زمن العلمنة الناعمة)

يقول أحد الكتاب: كل القصص قد حكيت من قبل ، و الكاتب الشجاع ليس من يجد قصة جديدة بل من يجد طريقة جديدة في سرد قصة قديمة ، و لو تمكن من فعل هذا لصار نتاجه بمثابة تحفته الموعودة ( الماستر بيس). ينبغي علينا دوما ان نجد طرقا جديدة للقص(الكاتب الإيراني شهريار مندانيبور مؤلف الرواية الشهيرة: (قصة حب إيرانية تحت مقص الرقيب)

كلنا شاهد أفلاما ومسلسلات تتحدث عن فتاة فقيرة مسكينة، تعيش أوضاعا مزرية، وبعد بلوغها سن الثامن عشر، تكتشف أنها ابنة أحد الأثرياء، وأنه تم اختطافها عند ولادتها من قبل شخص سيء.
لطالما شاهدنا أفلاما ومسلسلات تعيد هذه القصة وتكررها بأساليب مختلفة، ولعل أشهر من يلوك هذه الفكرة ولا يجيد غيرها هم كتاب الشعوب المتخلفة التي ابتعد عنها التفكير والإبداع لإنتاج قصص وأعمال إبداعية مغايرة (المكسيك، فنزويلا، الهند وتركيا وغيرهم كثير...)

ورغم إعادة إنتاج هذه القصة بنسخ مختلفة قليلا، إلا أن جمهورها لا يزال كبيرا، وغالبا تدر على أصحابها إيرادات لا بأس بها...فكلنا نتشوق للحظة النهاية، لحظة اكتشاف الفتاة لوالديها الحقيقيين، لحظة اجتماع الأسرة المشتتة من جديد في ضمة دافئة بين الأب أو الأم والفتاة.
لحظة الحضن الدافئ، والعاطفة الأبوية الصادقة، تجعلنا دوما نبكي ونتأثر ونتفاعل معها.

لكن رغم ذلك نادرا ما نشاهد نموذجا متفردا يعيد إنتاج القصة بطريقة إبداعية تشدنا، فغالب الأعمال تركز على الثراء، وانتشال الفتاة من حياة الفقر، وأنها الوريثة الوحيدة لأسرة غنية، من دون خروج عن هذا القالب.

لكن قصتنا اليوم مختلفة تماما، قصة المسلسل دراما تحاكي حقبة تاريخية عاشتها تركيا زمن التسعينات...
زمن حكم الجنرالات العلمانيين المعادين للدين والإسلام ومظاهره كالحجاب والآذان والصلاة...

الحبكة والعقدة:

روووعة القصة تكمن في روعة الحبكة والتشويق وكثرة الأحداث وكذا التفاصيل الصغيرة.
قصة تجعلك ترى بأم عينك خيوط القدر، وهي تنسج وفق مراد الله وحكمته...قصة تجسد العدالة الإلهية، وسنن الله في الكون...وكيف تحوط عناية الله عباده المؤمنين المخلصين.
(لا توجد لقاءات عبثية في الحياة، كل إنسان تصادفه هو إما اختبار أو عقوبة أو هدية من السماء)

تبدأ قصتنا مع فتاة قروية إسمها (إليف) حلمها أن تصبح طبيبة، لكن والدها يزوجها دون رضاها بزوج غني مدلل...
والدة الفتاة تسهل هربها إلى إسطنبول، وتمنحها بعض المال، مع وررقة صغيرة عليها اسم رجل قالت أنه سيساعدها...
خارج حدود القرية تصادف الفتاة ضابطا شابا كان يخدم بالقرية يدعى(عزيز)، يجد أنها ملاحقة فيساعدها في الهرب إلى إسطنبول بعد أن يعرف قصتها.

تذهب الفتاة إلى العنوان المطلوب، فتفاجأ أنه سكن عسكري يضم ضباطا برتبة كبيرة...تسأل الحراس عن الاسم المكتوب في القصاصة والذي كان(قدرت كاراي)، فيخبرونها أنها وصلت للعنوان الصحيح، لكن القوانين لا تسمح لها بالدخول لأنها محجبة...تستغرب الأمر وتنتظر عند الباب الخارجي إلى أن يصل الجنرال قدرت كاراي في سيارته الخاصة، وحين تتحدث معه ويعرف قصتها، يقوم بطردها شر طردة، ويقول أنه لا يعرفها ولا والدتها ولا يشرفه معرفة (هيك أشكال) يقصد المحجبات.

تتابع الحلقات أين تجد (إليف) سكنا للبنات، تسكن به، وتبدأ مسيرتها في دراسة الطب...لتلتقي هناك بمديرة الجامعة الدكتورة (رنا كاراي) والتي يتصادف أنها أخت الجنرال (قدرت كاراي).
رنا كاراي كانت تكره المحجبات أيضا، وكل ما يمت بصلة إلى الإسلام، مثل أخيها تماما.
تناضل (إليف) وصديقاتها المحجبات عن الحجاب، وأحقية ارتداءه بالجامعة، وأحقية الدراسة..
وينشأ حقد وضغينة ومعارك بينها وبين الدكتورة (رنا كاراي) بسبب الحجاب.

مشهد آخر يقودنا إلى حياة رنا كاراي الخاصة، رنا كاراي التي تحتفظ بثياب طفلة صغيرة في صندوق صغير، تقوم كل يوم بإخراجها من الصندوق وشمها وضمها والبكاء فترة طويلة...لأنها لم تحظ بضم ابنتها فقد توفيت عقب ولادتها مباشرة.

ويقودنا مشهد ذكريات رنا كاراي إلى قصة زواجها من المحامي (ابراهيم)، وكيف تركها بدون تبرير
وأخلف وعده وهي حامل وبأمس الحاجة إليه.
المحامي ابراهيم كان شخصا متدينا وقتها، والجنرال قدرت كاراي كان ضد زواج شقيقته من شخص ملتزم...لذا عارض زواجها، لكنها تزوجت رغما عنه.
وحين فشل زواجها وتخلى عنها زوجها بعد مدة...كرهت رنا كاراي كل المتدينين، وكرهت معه المنظومة الإسلامية برمتها.

تتابع الأحداث و يستمر التشويق، وتتعرض والدة إليف (غير الحقيقية)إلى مرض شديد في السجن تضطر معه لإخبار إليف أنها ليست ابنتها الحقيقية، وأنها متبناة، وأن لا أحد يعرف والديها الحقيقيين سوى الاسم الذي كان مكتوبا بالقصاصة (قدرت كاراي) فهو من أوصى بالطفلة إلى ضيعة(قرية)مجهولة وأغدق على أصحابها المال حتى يكفلوا الطفلة من دون أن يفتشوا في ماضيها أو عن والديها.

المحامي ابراهيم يخرج من السجن، ويضطر للظهور في حياة (رنا كاراي) مجددا، ولكن للأسف ليس كحبيب، إنما كخصم وعدو لدود، فقد أخذ على عاتقه مهمة الدفاع عن المحجبات وضرورة حصولهن على التعليم الجامعي مثل غيرهن.

المحامي ابراهيم، ويا لروعة الأقدار وجمال ما تخبئه عناية الله، كان دوما مع (إليف) وصديقاتها المحجبات، كان يرعاهن ويأويهن في منزل البنات ويقدم لهن خدمات وتوجيهات كثيرة...خصوصا إليف لتميزها عن الجميع بصلابتها ونضالها وحرصها على نيل حقوقها دون التفريط بمبادئها.

بعدها تكتشف رنا كاراي الحقيقة والسر المخبأ من 18 سنة، تكتشف أن ابنتها لا تزال حية، وتكتشف أن ابراهيم لم يتخل عنها إنما أجبر لفعل ذلك تحت التهديد، فقد أجبره الجنرال قدرت كاراي على التخلي عن رنا كاراي وإن لم يفعل قتلها بدون رحمة.

يعود الزوجان ليقابلا بعضهما، ويقرران البحث معا عن ابنتهما وفلذة كبدهما...ولا يعلمان أن القدر وضع الفتاة أمام ناظريهما مجددا.

نعم إليف كانت ابنتهما، وكانا يقابلانها كل يوم دون أن يعرفا أنها ابنتهما، فعناية الله ساقت لهما ابنتهما بعد 18 سنة.

يستعمل الجنرال قدرت كاراي قوته وسطوته ونفوذه، ويلجأ إلى تهديدهما مرة أخرى، أنه في حال عادا للاجتماع معا رفقة ابنتهما فسيقتل الجميع، وهكذا يقوم الزوجان بحماية ابنتهما من بعيد فقط، ودون إخبارها أنهما أبويها الحقيقيان.

الجانب الرومنسي من القصة:

لطالما نفرت من القصص الرومنسية واعتقدت بيني وبين نفسي أنها مجرد تخدير وتغييب للعقول، وأن الأجدر بالكتاب الملتزمين أن يتجنبوا الكتابة عن مسائل الحب لأننا طيلة عقد من الزمان أتخمنا منها، ولم نقرأ أو نشاهد سواها..وأن الأولى كتابة أعمال هادفة تناقش قضايا مجتمعية دون التطرق لمسائل الحب.

لكن عقب قراءة أعمال إسلامية ملتزمة، وجدت كيف يمكن توظيف الرومانسية بطريقة إيجابية تخدم القيم والدين وتقوم بتوجيه عاطفة الحب توجيها صحيحا سليما بدل معاداته معاداة شاملة.

وبالفعل فقد نجح كاتب القصة في استغلال الجانب الرومنسي وتجييره لخدمة القضية الأساسية في المسلسل.
فقد وقع الضابط (عزيز) ابن الجنرال (نزار)، الرجل الثاني في البطش بالإسلاميين واليد اليمنى للجنرال قدرت كاراي، وقع في حب القروية المحجبة (إليف).
وكان عليهما النضال ضد الجميع، للحفاظ على حبهما وزواجهما.
فزواج ضابط شهير من محجبة، كان سيكون بمثابة الفضيحة المدوية للجنرال نزار الذي كافح طيلة مسيرته في الجيش، لمنع الإسلام والقضاء على الحجاب والدين.

الأحداث السياسية:
من فرط واقعيتها بدت حقيقية إلى أبعد حد.
فالكاتب اقتبس من تاريخ ليس ببعيد، وكل ما كتب بالمسلسل حدث مثله في تركيا وتونس والجزائر.
واضطر القائمون على المسلسل كتابة عبارة (أن الأشخاص والأحداث في المسلسل، محض خيال وإن تشابهت مع الواقع)، تجنبا لأي ملاحقات أو مساءلات قضائية.

المسلسل عميييق جدا، ويصور بدقة كواليس الإطاحة بالإسلاميين وكيفية اختراق الأحزاب والتنظيمات الإسلامية، وكذا يكشف بدقة صناعة الإرهاب والمظاهرات والثورات في مختبرات الأنظمة الشمولية، واستغلال التفجيرات الإرهابية للإطاحة بالإسلاميين.(تماما كما حدث عندنا بالجزائر، وكيف تم اختراق حزب الفيس الإسلامي).

المخابرات متواجدة في الجامعات، شخصية الشاب (ضياء)، والشابة المحجبة (سراب).
كيف يتغلغلون داخل البيت الإسلامي، وكيف يوجهون الطلاب الملتزمين، وكيف يصنعون الأحداث، ويقومون بالأعمال المتطرفة وكذا التفجيرات الإرهابية ويلصقونها بالملتزمين.

الجيش وكواليس المؤسسة العسكرية حكاية أخرى مشوقة:

المشاهد التي تم عرضها في المسلسل تشبه إلى حد كبير ما يحدث في مؤسسة الجيش عندنا بالجزائر.
مؤخرا وعقب الأحداث الأخيرة وحكاية *النوفمبرية الباديسية* وما أشيع أنه صراع أجنحة في مؤسسة الجيش..جناح الوطنيين الشرفاء، وجناح العصابة والعلمانيين الذين عتوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد.

- جناح العلمانيين ممثل بالجنرال قدرت كاراي، وذراعه اليمنى الجنرال (نزار) ويا لغرائب الصدف، فالجنرال (نزار) عندنا بالجزائر كان رمزا للإرهاب والبطش بالإسلاميين.
- جناح الوطنيين الشرفاء ممثلا بالجنرال (صبري)، وكذا الضباط الشرفاء مثل الرائد شاهين والضابط عمار وغيرهما ممن كانوا يصلون خفية عن الأعين في المخازن والأقبية داخل مؤسسة الجيش حتى لا يتم اكتشافهم.
وهذا يحيلنا لتجربتنا في الجزائر التي لم تخل من الشرفاء والوطنيين منهم من فر خارج الوطن ك(النقيب شوشان، الملازم حبيب سويدية صاحب كتاب الحرب القذرة...وغيرهم كثير)، ومنهم من قضى نحبه، ومنهم من ينتظر...

الرأس المدبر والذي يحكم من خلف الكواليس:
كان يوجه الجنرالات ويعادي الحكومة ويتحكم بها، شخص لا يظهر في الصور ويحرك خيوط اللعبة من بعيد، يأخذ أوامره من جهات خارجية مشبوهة، ومنظمات عالمية، يشبه تماما (مدين توفيق) الذي لم يعرف الناس صورة وجهه ولا اسمه ردحا من الزمان، رغم أنه كان الرجل الأول بالجزائر والحاكم الفعلي لها.

خطة مؤمن آل فرعون:
الإسلاميون بتركيا يشهد لهم بالفطنة والتعقل وقوة الشكيمة، لا يشبهون الإسلاميين العرب في سذاجتهم، والذين لم يفيدوا من التجارب السابقة للأسف، ولا يحسنون قراءة الواقع، ولا يعرفون دهاليز وأروقة السياسة.
تركيا أسسوا لحزب سياسي اسلامي عقلاني مرن، ودخلوا على إثره السجون، وعذبوا وتعرضوا للإعدامات، ضحوا بأنفسهم لكنهم لم يضحوا بالشعب مثلما حصل بالجزائر، ففور ظهور بوادر حرب أهلية في تركيا سارع أربكان للاستقالة ليحفظ البلاد والعباد.
وأسس حزبا آخر بخلفية غير إسلامية يديره هو من خلف الكواليس، ظاهره علماني، وحقيقته عكس ذلك، وذلك للتغلغل داخل مفاصل الدولة.
في المسلسل يظهر نضال الجنرالات الوطنيين والشرفاء، واستخدامهم الهدوء، المرونة والحيلة، في مواجهة التيار العلماني المتحكم.
الجنرال صبري تفطن لطيبة الضابط عزيز وصدقه ووطنيته، وكذا عداءه لأبيه بسبب وقوف الأخير في وجه زواجه من فتاة محجبة..ونجح في استمالته إلى جانب تيار الشرفاء، وفضح أمامه شناعة أعمال أبيه، وطلب منه أن يكون عينا لهم على أبيه وكذا عينا على الجنرال (قدرت كاراي) لقربه منه...وبالفعل كان خير عون لهم.

من يقتل من؟!
ما حدث في تركيا أتاتورك يشبه تماما ما حدث في تونس والجزائر.
تتشابه مع تونس في منع الحجاب...
وتتشابه مع الجزائر في عقلية الجنرالات وتحكمهم بالبلاد، ومنع الصلاة، ومظاهر التدين ووو
وكذا التقتيل والعمليات الٱرهابية..
وهذا المشهد يشبه كثيرا ما عانته الجزائر في فترة العشرية السوداء.

مشهد بيقطع القلب:
الرائد شاهين:(وهو يخاطب ضابط يريد الانتحار لأنهم سرحوه من الجيش بسبب تهمة الصلاة في القبو، وكذا منعوه من الوظائف الحكومية، فاضطر لبيع الخضر في عربة متنقلة، ومع هذا كانت الشرطة كل مرة تقوم بإهانته، وإسقاط عربته على الأرض).

الرائد شاهين:
- ضاط مراد، نحنا حاربنا سوا، مو متذكر أنو انت اللي حميتني، وأنقذتني من الكمين؟
الضابط مراد:
- هديك الأيام راحت، ماضي وانتهى
كانت الأمور سهلة والعدو معروف
هلأ ما بتعرف مين العدو ومين الصديق
نفس الأشخاص اللي علقولي الأوسمة، شالولي الرتب بعدين!!
ما عاد عندي ثقة بحدا، قلي بمين بدي أوثق هلأ؟
الرائد شاهين:
- ثيق بربك، وبالناس اللي بتآمن فيك
خلي ايمانك بالله قوي.
انتهى المشهد.

وفي مشهد آخر يعقد مجلس للأمن القومي يترأسه الجنرال قدرت كاراي، ويستدعى لحضوره كل الجنرالات والضباط المهمين كالجنرال صبري والضابط عزيز.
فيقول الجنرال صبري للضابط عزيز :" حين تسمع كلمة أمن قومي يتبادر إلى ذهنك حرب مع دولة أجنبية معادية، ولكن يا للأسف هذا المجلس انعقد لمحاربة المؤمنين من أبناء هذا الشعب "!!

مشهد آخر يتحدى فيه الضباط (الشرفاء)الجنرال قدرت بعدما أغلق مسجدا قريبا من ثكنة عسكرية كان بعض الضباط يصلون فيه الجمع خلسة.
لكن الجنرال قدرت قام بتشميعه...فاندفع هؤلاء الضباط الشرفاء للصلاة جهارا أمام مقر (قدرت كاراي)
غير آبهين بما سينالهم من تعذيب أو إعدام.
حينها قال الضابط صبري جملة بالغة الروووعة:
"تقدر تحط قفل على باب الجامع بس مستحيل تحط قفل على إيمان الناس يا قدرت" الضابط صبري الحلقة64.

زمن العلمنة الناعمة وعدم مصادمة الجمهور:

في نهاية مسيرة الماريشال قدرت كاراي، كان الشعب قد استيقظ، وسئم حكم العسكر، وبدأ الإلتزام ينتشر انتشار النار في الهشيم..في أوساط العامة، وكذلك بين ضباط الجيش.
لذلك قرر الجنرالات التضحية بالماريشال (قدرت كاراي)، وقاموا بفضح ممارساته السابقة، وبدأوا عهدا جديدا، قالوا فيه سنقوم بالتضييق على المتدينين في المسجد والشارع والجامعة ثم نبعث لهم (الرجل المنقذ) الذي يدافع عن الحجاب والمحجبات، والصلاة، ووو...فيلتف الشعب حوله...فيصنعون منه بطلا مناضلا ...ثم يزجون به في السجن لبضعة أسابيع أو أشهر كي يظهروا أنه معاد للدولة...وأنه إرهابي رجعي..
بعد أشهر تتم محاكمته، وتكون الأدلة ضده ضعيفة، فيطلقون سراحه..
أثناء تواجده بالسجن...تعرف على المحامي(ابراهيم)، هذا المحامي شخص حر، نبيل وشريف، ومعروف بالتزامه، أمضى كل شبابه وكهولته متنقلا بين السجون وذلك بسبب نضاله ضد العلمانية...
مع اقتراب نهاية المسلسل كانت نهاية الماريشال (قدرت كاراي)، وتم الإفراج عن (البطل المنقذ)، ومن ثم ترأسه لحزب سياسي، فتقليده منصبا مهما.
وكذا تم أخيرا الإفراج عن المحامي ابراهيم...
(البطل المنقذ) طلب مقابلة المحامي ابراهيم كي يقنعه بالعمل معه (لطالما احتمى الذئاب بالوطنيين والشرفاء، وجعلوهم واجهة لأعمالهم)، ودار بينهما هذا الحوار:

- البطل المنقذ: محامي ابراهيم انت انظلمت كتير من الجنرال قدرت كاراي، ومثلما بتعرف انتهى زمن الظلم، انتهى زمن الجنرال (قدرت كاراي) ورح نعيش بتركيا جديدة ويكون المستقبل إلنا....احنا بنتمنى إنك تعمل معنا.
فيجيبه المحامي ابراهيم بوقار ، وبصيغة تهكمية مملوءة بالشك قائلا:
- أنا بحترم كتير الجنرال قدرت كاراي، هو على الأقل كان واضح بعداءه لنا...لكن يا خوفي رح نعيش بزمن فيه ذئاب متلبسة بوجهين، ما رح نعرف نكون معها ولا ضدها.وهل هي بتعمل معنا ولا ضدنا.
انتهى المشهد.

شخصية البطل المنقذ بالمسلسل أداها ممثل بنفس مواصفات أردوغان...نفس الوجه تقريبا، نفس الشارب...نفس الحركات...وحتى نفس النضال....ونفس المنصب الذي تقلده عقب خروجه من السجن..
البطل المنقذ الذي سرق نضال الإسلاميين الشرفاء الحقيقيين...والذي يعمل في العلن على الشعبوية وكسب الجمهور واستغلال العاطفة الدينية...أما في الخفاء فيخطط لعلمانية ناعمة غير مصادمة للجمهور.
وهذا هو الأخطر في الموضوع...تركيا صنعت من قبل بطلا وهميا هو أتاتورك...فهل تعيد الكرة مع أردوغان ونحن في غفلة عن هذا؟!
قرأت مقال الدكتور عبد الكريم الدخين عن أردوغان والعلمنة الناعمة، فقلت أنها ربما محض تحليلات سياسية.....ثم شاهدت المسلسل فجعلني أراجع وأتأمل وجهة نظر الدخين. وحين كنت قد أنهيت كتابة المقال، وجدت لغطا حول أردوغان بسبب إحياءه لذكرى العلماني المقبور أتاتورك، (هذا والله أعلم)
مقال الشيخ عبد الكريم الدخين:
((هو الإشكالية ليست بعلمانية ‍اردوغان التي نستفيد منها وما زلنا ، وليس بنوعية علمانيته وهي الانجلوساكسونية ، ولا بطبيعة تحركاته ومنطلقاته وأهدافه ، المشكلة الكبرى هي في عدم إدراك جماعتنا لعلمانيته وإحسان الظن بها مما يسهل تجذرها داخل المنظومة الإسلامية وهم مازالوا غارقين في عسل الوهم بتدرجه ..

نحن وعينا مشكلة العلمانية لأنها جاءت ومعها أسلحة الاستعمار ، وفرضتها الدول الوظيفية وريثة المستعمر ، ولأنها فرضت بالقوة من قبل عالم نشاهده ينهش من لحمنا ويرتوي من دمائنا ، بينما قبل كثير منا كثير من مضامين الليبرالية لأنها جاءت عبر نافذة الفقهاء أمثال جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده وجيلهما وتلاميذهم ..
الفرض بالقوة لم ينجح ، بينما الانبثاق من الداخل وعبر مؤسسات الداخل نجح إلى حد كبير ..
وكثير من المفكرين حاليًا يتداولون فرضية الإصلاح من الداخل والإصلاح عندهم العلمنة ، كثير منهم استوعبوا إشكالية رفض العلمنة من العقل الإسلامي ، وبدأوا بالفعل بالتنظير في كيفية إيجاد جذور للعلمنة من داخل المكون الفقهي ، وسيجدون حمير يركبونهم من الفقهاء بلاشك ، وأخشى كل الخشية أن التجربة ال‍اردوغانية التي يطبل لها بعض السذج بكل مافيها ستكون أول درجة يركب عليها العلماني ليصل لظهر الفقيه المغفل))انتهى كلام الشيخ.

لست مع شيطنة كل إسلامي على الساحة كما يفعل المداخلة، لكني أبقي عقلي مفتوحا على كامل الاحتمالات، ودائما أحتفظ بنسبة 1٪ للشك.
وقد كتبت مقالا من قبل عن أردوغان منذ سنوات، وطلبت عدم تقديسه أو تجريحه لأن كلا الفعلين مذمومين عندي..

بإسقاط أحداث المسلسل على واقعنا الجزائري فإن نفس السيناريو يحدث أمام أعيننا...انتهى زمن العصابة...وحل محله زمن الباديسية النوفمبرية....استعملوا أشخاصا شرفاء للمهمة....وحين استتب الوضع ألقوا بهم في سلة المهملات...لا وجود لباديسية نوفمبرية...النظام جدد نفسه بنفسه...استعمل شعارات دينية وعاطفية...تظاهر بعداءه لفرنسا والفرنسية...للزواف والعلمانية...لا يرغبون الآن بمصادمة الجمهور...
العلمنة الناعمة هي الحل وهي البديل الأمثل...

فإذا كان ذلك صحيحًا، فإن أي شخص يحاول مجرد طرح الفكرة للمناقشة، يقابل بالصد والهجوم، فالإسلاميون العرب لا زالوا عاطفيين، وهم دوما آخر من يعلم، بل هم كالذى يغمض عينيه ولا يريد لأحد أن يوقظه، وإذا فعل فالويل له.

مشهد علق بذاكرتي من المسلسل:
إليف تتحدى مديرة الجامعة الجديدة بكل ثبات وثقة، حين قالت لها الأخيرة:(احنا ما رح نخلي المحجبات بدولتنا، تركيا علمانية ورح تبقى علمانية)
فردت عليها إليف: أنا مؤمنة بالله، ومتأكدة أن المستقبل رح يتغير ويكون إلنا، واللي حضرتك بتعتقدي أنو الحقيقة المطلقة، رح يجي يوم وبتعرفي أنو مانو هيك، وأنو كلو ظلم بظلم.
ذكرتني هذه الجملة بواقع تركيا اليوم، وكيف أصبحت الجامعة تعج بالمحجبات...
ذكرني هذا بنهاية الظلم وإن طال أمد الليل الحالك...
وذكرني كذلك بمقولة في مسلسل (أصحاب الكهف) تقول:" الحقيقة التي تخشون النطق بها في الظلام، ستصدعون بها يوما ما على شرفات المنازل".
ويقال أيضا:”الفكرة التي تعتبر جريمة اجتماعية في عصر ما، تصبح دينا في العصر التالي“

#شمس_الهمة

العيد

 تلك اللحظات الحرجة قبيل يوم العيد، ذلك التعب، والضغط، تلك الأمور التي أنجزت نصفها والنصف الآخر ينتظر منك اتمامه حالا، ذلك التوتر، وتلك الأع...