الخميس، 7 مايو 2020

تبحث عن الإبداع العربي

تبحث عن الإبداع العربي🔎:

يشاهد الكثير منا أفلاما كثيرة، لكن الغالب على تلكم الأفلام التكرار والعبث بالسيناريو الأصلي، وإنتاج نسخ معادة ومكررة تقريبا، فتجد نفس فكرة الفيلم لدى الأمريكان، الكوريين، بوليوود، وحتى الأتراك مؤخرا، لكن نادرا ما نعثر على قصة نادرة، لم تكرر ولم نسمع أو نقرأ مثلها من قبل.
وعن هذا قال أحد نقاد الغرب أن هنالك 55قصة أصلية فقط حول العالم، لكن هذا الرقم يقول الدكتور أحمد خالد توفيق-رحمه الله- ليس دقيقا ربما.

وقال أحد الكتاب: كل القصص قد حكيت من قبل ، و الكاتب الشجاع ليس من يجد قصة جديدة بل من يجد طريقة جديدة في سرد قصة قديمة ، و لو تمكن من فعل هذا لصار نتاجه بمثابة تحفته الموعودة ( الماستر بيس). ينبغي علينا دوما ان نجد طرقا جديدة للقص(الكاتب الإيراني شهريار مندانيبور مؤلف الرواية الشهيرة: (قصة حب إيرانية تحت مقص الرقيب)

ولأنني عضوة بمجموعة تعنى بالأفلام، كثيرا ما تمر بي ملخصات تروقني لفكرة فيلم ما، غالبا ما أحتفظ بالملخص والعنوان لمشاهدتها وقت الفراغ، ولكن الأغلب أنني أنسى العناوين بعد ذلك، كوني لم أشاهدها في الحين.
وفي هذا المقال سأتناول ثلاثة أفكار راقتني جدا، وسكنت بخلايا ذاكرتي إلى الأبد.
الفيلم الأول:
فيلم رعب: يحكي قصة شاب كان يعاني آلاما في الظهر والكتفين، زار عدة أطباء وعمل الأشعة لكن بدون جدوى، لم يعرف سببا لألمه.
في احدى المرات وهو يصور نفسه، وجد في الصورة امرأة فوق أكتافه.
ينظر إلى المرآة لا يجدها،
يعود ليلتقط الصور يجدها فوق أكتافه..( كانت تظهر له فقط في الصور )
عودة بالذاكرة للخلف(فلاش باك )، ليدرك أنه دهس هذه المرأة بالسيارة.
ما جعل روحها بعد ما ماتت تضل متعلقة في رقبته!

فكرة الفيلم شبيهة جدا بفلسفتنا الإسلامية، وأن حقوق الغير سنحملها على ظهورنا يوم القيامة.
وهي شبيهة جدا بقصة واقعية حدثت مع صديق (جدي لوالدتي)، القصة كما تخبرنا والدتي أن صديق جدي مرض مرض الموت فاستدعى جدي إمام المدينة آنذاك، وأسر له بأن أكتافه وظهره يؤلمانه جدا، وأنه حين ينام يرى نفسه كل ليلة يحمل كيسا من التراب على أكتافه، ليستيقظ في الصباح على ألام مبرحة في ظهره وأكتافه.
صديق جدي أسر له أنه كان يعرف سبب علته، وهو أنه كان لسنوات (يحول الحدود)، حدود الأرض، فيضيف لأرضه شبرا من أرض غيره، شبر فقط!! تخيلوا😱
واعترف أنه عمل ذلك الفعل مع أرض جدي، وآخرين يشتركون معه بنفس الحدود.
طبعا جدي سامحه، وطلب منه أن يستدعي أصحاب الحقوق ويستسمحهم أو يعيد لهم حقوقهم المغتصبة وان كانت فقط مجرد شبر!!
فمن أين استقى ذلك الغربي فكرة الفيلم، بينما هي شيء أصيل معروف في موروثنا وشريعتنا؟!

***********
الفيلم الثاني:
فكرته نادرة وعبقرية جداا، وهي عن السرقات الأدبية.
قبل أن أتطرق لفكرة الفيلم، سأتحدث أن الفكرة راودتني قبل ذلك.
ذلك أن لدي مدونة شخصية، أكتب فيها كل شيء، ولا أحد يعلم بأمرها، لذلك لا يوجد جمهور ولا متابعون ولا تعليقات، لكن يوجد بضع مشاهدات للمنشورات والمقالات التي أكتبها، وتوجد خاصية اسمها مصادر حركة الزيارات للمدونة، تتيح لك معرفة موطن من يتابعك.
والغريب أن مصدر حركة الزيارات لمدونتي كانت دولتي (ألمانيا وتركيا)، وبشكل يومي.
لذا رحت أتخيل شخصية المتابع، فأتوقع تارة أنه كاتب أو كاتبة، وجد في مدونتي مادة خام لبعض رواياته، وأنه نفس الشخص، ويقطن بتركيا لكنه يعمل بألمانيا، ثم رحت أتخيل أنه يقوم بسرقة كل ما أكتب، ثم تتصاعد الأحداث ليكتب روايته الخالدة والتي هي بالأصل قصة حياتي، وينجح نجاحا باهرا، ويكرم في الملتقيات الفكرية، والفضائيات، ثم يتم تكريمه من طرف أردوغان شخصيا.
يصل خبره للمنطقة العربية، وأقرأ أنا روايته، لأفاجأ بفصول حياتي مسطرة في طياتها.
الكاتب في قمة الانتشاء، وأنا في قمة الحزن والقهر، لأنني لا أستطيع الظهور علانية، ولا الدفاع عن كتاباتي وأفكاري، ورحت أبحث عن خاتمة تليق بهذه القصة الدراماتيكية التي نسجتها تخيلاتي السقيمة الحالمة هههه.
ما علينا...
بحت لشقيقتي بهواجسي، وطلبت منها مساعدتي بتخيل خاتمة للقصة، فإذا بها تفاجئني بأن هنالك فيلما يتناول شيئا مشابها.
الفيلم  هو أحد أفلام السينما الأمريكية ، والذي يقدم دراما ممتعة وفكرة غير متكررة عن قضية الانتحال الأدبي أو اللصوص الأدبية.
قصة الفيلم تبدأ مع كاتب شاب له زوجة وطفلة تموت بين أحضانهما، ليدخل الكاتب الشاب ليلتها دوامة من الحزن والاكتئاب جعلته يكتب روايته الخالدة ليلة وفاة طفلته، ثم يقدمها لزوجته التي كانت تعزم على قضاء فترة راحة لدى أسرتها، في سفر بعيد بالقطار، أين تقوم بنسيان الحقيبة التي تحوي مسودة الرواية.
بعد عودتها يسألها الزوج عن المسودة فتكتشف أنها أضاعتها بالقطار، تنتاب الزوج نوبة غضب وهيستيريا حزنا على روايته، لدرجة يفقد معها زوجته إلى الأبد.
ينتهي ذلك الفصل وتلك الحقبة الزمنية، ويشيخ أبطالها، ثم تأخذنا الأحداث لكاتب شاب فشلت كل أعماله الروائية.
يتزوج الكاتب الشاب، ويذهب لفرنسا لقضاء عطلة رفقة زوجته، ويقوما باقتناء حقيبة جلدية عتيقة من احدى حوانيت باريس.
وحين عودتهما يتفحص الزوج الحقيبة، ذات الجيوب الكثيرة، ثم يجد مسودة رواية عتيقة بدون اسم ولا توقيع.
يقوم سرا بقراءتها، فينبهر بالقصة والأسلوب، ثم تتوالى الأحداث التي تدفعه لسرقتها، وارفاق اسمه معها، ثم عرضها على دور النشر الذين انبهروا بها، وأشادوا بصاحبها.
 يذيع صيته، وينتشر اسمه، ويتم تكريمه في المحافل.
بعدها يلتقي الكاتب الشاب الكاتب الأصلي للرواية وهو شيخ في الستين، ويحدث بينهما نقاش ولوم وعتاب، ينتهي بغضب الشيخ مع وعد منه للكاتب الشاب أنه لن يقوم بفضحه فما عادت الدنيا تساوي عنده شيئا لأنه قدس الكلمات والحروف على حساب علاقته مع زوجته فخسر كل شيء.
يعيش بعدها الكاتب الشاب عمرا طويلا حتى يصير شيخا.
في نهاية الفيلم تقوم صحفية متسترة بحوار ذكي مع الكاتب السارق، فتكتشف أنه فقد زوجته بسبب تلك السرقة  وأنه وحيد وطيلة ثلاثين سنة ينام بالحبوب المنومة لأن تأنيب الضمير لم يفارقه يوما بعدها.
وهذا كان الجزاء المستحق جراء فعلته تلك.
ولعل رسالة الفيلم الرئيسية هي أهمية الصدق والأمانة في الفن والأدب، واذا لم يتوفر ذلك فإن هنالك عواقب وخيمة لا بد من مواجهتها.

************
الفكرة الثالثة:

هي فكرة رواية فرانكشتاين، شخصيا لم أطالع الرواية بعد لأنني لست من هواة أدب الرعب والفنتازيا والخيال العلمي، إلا أن قراءتي لسيرة الكاتبة، وسبب كتابتها للرواية جعلاني أنبهر بكم الإبداع الموجود.
خصوصا أن الكاتبة ماري شيلي كتبت الرواية وهي لم تتجاوز سن الثامنة عشر.
فكرة الرواية تقول أن شخصا يدعى فيكتور فرانكشتاين قام بلملمة بعض أجزاء من جثث الموتى، وبث فيها الحياة عن طريق الصواعق مشكلا مسخا مخيفا ازداد بشاعة يوم أن دبت فيه الحياة ليصبح عملاقا بشعا ترتعد منه الفرائس.
بعدها يقوم المسخ بالانقلاب على صاحبه بأبشع انتقام.
الدكتور الذي لم يتخيل أبدا أن المسخ المشوه الذي أنشأه وسواه سينقلب ويتمرد عليه.
هذه الفكرة سابقة جدا لزمانها، وقد ألهمت الكثير من الكتاب وشركات الأفلام للكتابة عن محاولة محاكاة الخالق، مع أن الخلق شأن الله وحده، ونحن اذا حاولنا التشبه مع الخالق في وظيفته نقع في مطبات لا تحمد عقباها، من ذلك محاولة البعض صناعة روبوتات لديها القدرة على التفكير واتخاذ القرار، وغالبا ما نراها في العديد من الأفلام تنقلب على الانسان.
ما بهرني حقا في الفكرة ليس ما كتبت أعلاه، فالرواية تحمل عدة جوانب فلسفية من بينها أن الكاتبة ماري شيلي كانت (مجدفة)، متمردة، وتستهين بالقيم والدين والذات الالهية، وتجاهر بذلك.
تتزوج بكاتب يغذي تلك الأفكار أكثر برأسها، فهو مجدف أكثر منها.
تتوالى الأحداث لتكتشف أن حياتها خدعة كبيرة، فزوجها العاشق، كاذب سكير وأخلاقه رديئة، اضافة أنه كان متزوجا من قبل وله أطفال، لكنه لم يخبرها بذلك.
يشكل لها الأمر صدمة، ثم يقنعها بفلسفاته الباطلة، لتستمرئ كذبه وخيانته هي الأخرى.
ثم تنتحر زوجته الأولى، ويفقد زوجها كل أمواله، ويطاردهما الدائنون، هنالك تتبدى لها أخلاق زوجها، وضنك الحياة التي جلبتها لهما فلسفتهما.
وتدخل الكاتبة في نوبة اكتئاب، بعد اكتشاف بشاعة الانسان حين يتخلى عن أوامر الخالق.
وتكتب روايتها التي ترمز أن الله يخلق الخلق لعبادته، لكنهم يتمردون على الخالق ليصبحوا مسوخا بشرية.
فالرواية تبحث فى موضوعات أصل الشر والإرادة الحرة وخروج المخلوق عن طاعة الخالق.

خاتمة:
أتسائل لماذا جزء الابداع بدماغنا معطل؟
هكذا أفكار وان حوت موعظة وعبرة إلا أنها تتغلغل بهدوء وتؤثر أكثر من المواعظ المباشرة.
- شاركونا أفكارا ابداعية مرت بكم.

#شموسة



للنقاش:لماذا يدفعون بالشخصيات الشبابية المؤثرة لمجال السياسة؟!

للنقاش:لماذا يدفعون بالشخصيات الشبابية المؤثرة لمجال السياسة؟!

كثيرا ما رأينا شخصية مؤثرة في مجالها سواء مجال الدعوة إلى الله، أو مجال الفن، أو مجال النشاط الجمعوي، وتفاعل الناس وخصوصا الشباب والمراهقين مع تلك الشخصية وأطروحاتها ايجابا.
فاكتسبت تلك الشخصية جمهورا من المتابعين، والمحبين.
ثم وبدون سابق انذار تم جر تلك الشخصية لحلبة السياسة، فتخلت عن دورها التوعوي الإصلاحي تماما واشتغلت بحديث السياسة، وخطاب التهييج تارة والتحريض تارة أخرى، وفي أحسن الأحوال خطابات حماسية جوفاء لا تسمن ولا تغني من جوع.

لطفي دوبل كانون كان شخصية مؤثرة في المراهقين برسالاته التوعوية الاجتماعية وان كانت الوسيلة المستخدمة (أغاني الراب)، وان كان البعض لا يتفق مع الوسيلة إلا أننا نعترف بتأثير أغانيه على فئة معينة، فتناولت أطروحاته مواضيع اجتماعية، ورسائل توعوية وتربوية من قبيل ،عقوق الوالدين، والحرقة وغيرها.
أنس تينا أيضا كانت له فيديوهات رااائعة توعوية واصلاحية، تسلط الضوء على نقاط سلبية في مجتمعنا وتحاول تغييرها عن طريق الفن الساخر.
شخص آخر أعرفه كانت له مسيرة نضالية في النشاط الجمعوي، ثم تخلى عن ذلك كله وتم جره إلى حلبة السياسة.
وغير هذه النماذج كثير، غير أن هذا ما حضرني من أسماء حاليا.

ماالذي يدفع بشخص صاحب رسالة اصلاحية يسد ثغرة هامة في مجتمعه، للتخلي عنها والركض خلف وهم النضال السياسي ليس عبر عمل حقيقي على أرض الواقع، ولكن عبر جعجعات من دون طحين؟!

ولا أقصد أبدا التزهيد في مجال النضال السياسي، أو تغييب الشباب عن السياسة بالكلية، انما لكل مجاله واختصاصه.
وللنضال السياسي بكل أشكاله أشخاصه الذين يلزم أن يسدوا هذا الثغر
ولا ننسى أن تاريخ الانسانية حافل بفنانين ومثقفين وأدباء استعملوا أقلامهم في هذا المجال، وبعضهم استعمل الرمزية كالقصص التي تحدثت على لسان الحيوانات، وهذا كله خوفا من الدكتاتور، واسهاما منهم بالواجب التوعوي الذي مارسته البشرية عبر عقود.

الأديب الكبير دوستويفسكي قال أنه دفع دفعا للولوج إلى عالم السياسة حتى حكم عليه بالإعدام، وكان مصيره السجن في سيبيريا لعدة سنوات.
وعن هذا اعترف أنه أخطأ، ثم وجه بوصة النضال عبر الكتابة الأدبية النهضوية التي كانت أنجع وأنفع.

وعن هذا يقول طوني صبغيني في كتابه (العيش كصورة):

“اليوم لم يعد من الضروري أن نقرأ وأن نكوّن آراء حقيقية تجاه القضايا المهمة وأن ننشط على أرض الواقع، لكي نوصف بأننا "ناشطون"، يكفى أن ننقر بضعة أزرار على الفايسبوك، لكي نبدو كأن كل هاجسنا في الحياة، هو إنقاذ العالم. على الفايسبوك، الجميع ناشط لكن قلة قليلة هي من تحارب فعليا على أرض الواقع”

أعتقد أن هنالك توجها ما أو أشخاصا ما يقومون بتشتيت جهود الشباب المؤثر، بتغييبهم عن مسرح الاصلاح الحقيقي الذي كانوا أبطاله، بمسرح آخر يوفرونه لهم، وتقدم لهم بروفات جاهزة.
جل الشباب الذين كانوا مؤثرين حقا، ومصلحين حقا، تم جرهم لحلبة السياسة والخطابات الحماسية الجوفاء.
فهل وعى أولئك الشباب أن هنالك من يقوم باستخدامهم واستغلالهم وتعطيل دورهم الحقيقي؟
ولنا مثل في جمعية العلماء المسلمين فقد قام المستعمر بذات الشيء حين زين لهم مجال السياسة ليثنيهم عن دورهم الخطير ورسالتهم الحقيقية.

هي خواطر وتساؤلات مبعثرة وتائهة، طرحتها لأنها تؤرقني ولم أجد لها جوابا.

اليكم الخط.

#شموسة

صواب المطالبة لمثله بالحديث عن كل ظلم وزور وبهتان، بل بعض الظلم أوضح من أن يعلق عليه احد، ولو سكت جملة اهل الأرض فلن يغير من حقيقته.
كيف نطالب إنسان ينتظر النظام منه الزلة حتى يزج به في ظلمات السجون ولن ينفعه حينها أحد وسيتوقف خير كثير ونفع كان يجريه الله على يديه.
مطالبة رشدي او غيره بأن يفعل ما فعل العز او غيره مطالبة خيالية، فلا زماننا مثل زمانه ولا المكان ولا الرتبة ولا شيء مما كان للعز بن عبد السلام يشبه حال من ذكرت.
من أكبر الأخطاء التي وقع فيها بعض المتصدرين شيوخا وغيرهم بمصر وغيرها أنهم استجابوا لمطالب الجمهور والعامة في الكلام الذي يعتبرونه هم حقا وشجاعة وقولة حق عند سلطان جائر، وغفلوا عن وظيفتهم هم في سوق الناس بمعيار العقل والشرع لا ان تفرض عليهم أخلاقيات ومعايير الجماهير التي تشكل كثير منها في يومنا هذا عبر وسائل التواصل والإعلام، حتى أصبح لها سلطة ونفوذ يخشى من مخالفته وربما أصبح من اللازم اعتبار ذلك - أي سلطة الجماهير والعامة - ضمن مصاديق السلطان الجائر الذي يجب أن تقال أمامه كلمة الحق.
العاقل يصنع المستطاع ويعمل في دائرة الممكن بالنسبة له، فإذا تهور لأي سبب كان فذاك شأنه وعمله ومسؤوليته، وكثير من الخلط يقع عندما لا ندرك الفرق بين دائرة الممكن ودائرة المطلوب والمرغوب وهي دائرة واسعة.

الخاص للخواص


الخاص للخواص(الحلقة1):
(العائلة والأقارب)
أتذكر أول يوم أنشأت فيه حسابا على الفيس، وأتذكر جيدا نصائح الوالد( لا للشات، لا لرد السلام، احذري من حساب رجل يدعي أنه أنثى، لا للصور الفاتنة ووو)، باختصار مجموعة توصيات ضمن ميثاق الشرف الذي لابد من التعهد بما جاء فيه، لفتاة من المفروض أنها ناضجة😇.
وأتذكر أيضا أول منشور لي على الفيس، لم يكن لي أصدقاء، ولم أكن عضوة ضمن مجموعة، لكنني مع ذلك كتبت منشورا (وأحمد الله أن أحدا لم يراه)
كان أول منشور لي على الفيس ( أغيثوا غزة، ولو بالدعاء)😑.ولايزال المنشور موجودا إلى يومنا هذا للذكرى(معليش كامل نغلطوا😂).
لا أدري حين كتبته لمن كان موجها، ومن من الممكن أن يراه ويقرأه، على الأرجح أنني ظننت وقتها أن جامعة الدول العربية ستقرأ المنشور، وكذا هيئة الأمم المتحدة😇وسيسارعون من فورهم لتنفيذ وصيتي😑وردع العدوان الإسرائيلي الغاشم عن أرض غزة الأبية.
بدأت بإضافة كل أفراد العائلة الصغيرة، وكذا المقربين من العائلة الكبيرة، بنات الأعمام والأخوال
الأعمام الشباب، والأخوال الشبان.
كان الأمر جميلا جدا في البداية، ثم تحول إلى.................... كااابوس😨
البداية كانت مع الوالد حفظه الله، كنت أستيقظ كل يوم لأجد اشعارا لذيذا باللون الأحمر، فأتحمس لفتحه، فإذا بالوالد قد أشار اليك رفقة تسعة عشر آخرين.
وحين أفتح الفيس ويرى والدي النقطة الخضراء معلنة عن وجودي، يناديني من الغرفة المقابلة، أن ادعميني لردع هذا العلماني الجاهل، أو ذلك الفرنكوفيلي المتحذلق.كان لزاما علي الدخول في حروب وسجالات يومية رفقة الوالد الكريم، وإلا اعتبرت ابنة تافهة لا تهتم لأمر المسلمين.
أختي الكبرى لا تكبرني سوى بسنتين، ولكن من (يكبرك بليلة فاتك بحيلة)هكذا يقول المثل الشعبي، لذا كانت لا تتورع عن الإشارة إلي في كل خاطرة لغوية، أو معلومة تاريخية، هي تعتقد أنني جاهلة تماما وتقع على عاتقها مسؤولية توعيتي وشرف تعليمي.
أخي الذي يصغرني بسنتين، لم يكن يتوانى عن مراقبة حسابي، ومن قام بالجمجمة لي فيه، ولا يتوانى عن الإشارة لي ولأختاي في الملصقات الدعوية، ومنشورات الدرر السلفية، ومواضيع ومقالات تجريحية عن الاخوان المفلسين، والدعاة المغرضين(حسب اعتقاده هو طبعا).
ومن فترة لأخرى يتأكد من الرسائل الصادرة والواردة، بموجب ما تحتمه عليه الغيرة والحمية والرجولة،
هو يعتقد أن كل الإناث ضعيفات، أمام ألاعيب الذئاب البشرية، و تلزمهن الرقابة إلى الممات.
بنات الأخوال والأعمام، لا يتركنك لثانية، لماذا لا تردين على الرسائل؟! لماذا دخلت ولم تسلمي؟! البارحة مكثت حتى التاسعة ليلا، من المعروف عنك أنك تنامين على الثامنة والنصف، لقد سهرت لأول مرة، قضيت وقتا طويلا على الفيس، لاشك أنك كنت تكلمين أحدهم😱
هذا ناهيك عن ثرثراتهن اليومية السخيفة عن فلانة خطبت ولم تخبرنا، وفلان تزوج فلانة وتركنا😥ووو
أحاديث البنات التي لاتنتهي.
الأخوال والأعمام كانوا الأفضل، لم يكونوا ثقلاء البتة، أغلبيتهم في انشغال دائم، إما عمل أو دراسة أو متابعة مباريات الريال والبارصا.
لكن رغم ذلك كان أحد الأخوال الشباب القريب إلى قلبي، يطلب مني مشاركة صوره عن رحلته إلى تركيا، وكذا تايلند، كان شابا أعزب خلوقا وسيما لا ينقصه شيء، لكنه كان يتمنى رؤية تعليقات من صديقاتي الحسناوات على صوره، لا بأس، كلنا ذلك الشخص الذي يبحث عن الاهتمام، ويتوق لنيل الإعجاب.😊
لكن خاااال كأنو تو ماتش شوي😌
يا إلهي لا أحتمل كل هذا، بعضا من الثقة، بعضا من التقدير، بعضا من الخصوصية، وبعضا من الهدوء والراحة.
ما بال العالم!!
يبدو أنني الوحيدة العاقلة هنا، الوحيدة التي لا يوجد عندها فضول بخصوص الآخرين، ولا حب تملك أو تحكم أو سيطرة!!
لذلك فررت من ذلك الحساب، تركته مهجورا، وعزمت أن أفتح حسابا آخر لأتمتع ببعض الهدوء والراحة
ولأنطلق في عالم حر لا يقيدني فيه أحد بقيد.
لم أضف إلى حسابي الجديد سوى أخوين.
انهم اخوتي الذين يصغرونني، لكنهم لا يقرأون البتة، وغالب أحاديثهم مزحات، وتبادل للنكات، إنهم لا يعرفون مسمى الجدية، لذلك لم أكن أتوانى أنا الأخرى عن الإشارة لهم في كل موضوع يضم نصائح عن الحياة، والدراسة، والقراءة ووو
لا شك أنهم يحتاجون اليها(أقول في نفسي)، وأنا أقوم بواجبي التوعوي😊
وحين لا يقومون بالتعليق عليها، أبعثها ببساطة على الخاص، لا بد أنهم نسوا ذلك، الانسان مجبول على النسيان، ولو😌
أبعثها في الخاص وكلي فخر(لا شك أنني أخت رااائعة😍)
لكن، مهلا..... لحظة!!
لقد
لقد
/
/
قاموا بحظري!
أنا الآن موجودة في قائمة البلوك، يا للزمان العجيب، هذا الجيل لا يمتلك أدنى ذوق!!
إنهم قليلوا التهذيب ولاشك!!
#بقلمي_شمس_الهمة

الاثنين، 18 نوفمبر 2019

لماذا تنشرون قوائم الكتب التي قرأتموها؟!

لماذا تنشرون قوائم الكتب التي قرأتموها؟!

كاتب مصري مشهور من جيل الشباب كنت أتابعه، فأقرأ ما تخط أنامله، فقد كان له أسلوب بديع في الكتابة.
وجدته ذات يوم قد كتب مقالا، يستصغر فيه أولئك الذين ينشرون قوائم الكتب التي قرأوها مع نهاية كل سنة.
قال أن هذا سلوك طفولي، ومباهاة في غير لازمة، ويدل على أن أولئك الشباب مبتدئون في عالم الكتب، وأن تلك الطريقة لم تكن يوما طريقة ذوي العقول والأفهام، ولا طريقة المفكرين والعظماء والكتاب.
وقال أنها طريقة فوضوية، وأن الإنسان لا يستطيع قراءة كل الكتب التي يرغبها، ولا الإحاطة بجميع الفنون والآداب التي يريدها، ولو مكث على هذا الدهر كله، و راح يستشهد ببيت الشعر القائل:
 العلم بحر لا ساحل له *** قل أن يصل الكادح فيه آخره
وأن القارئ الحقيقي هو من يقرأ الكتاب فيهضمه، وليس من يلتهم العديد فيُنسِيَه.
وذكر في مقاله العجيب ذاك أقوالا محدثة غريبة، واستشهد بمقولات عجيبة.
فذكر أن فلانة وهي كاتبة غربية مشهورة، قالت أنها لا تقرأ كثيرا ولها عشر سنوات قرأت فيها كتابا واحدا فقط.
وذكر أن فلان الكاتب المشهور أيضا يقرأ كتابا في السنة ولربما أعاد قراءته عشر مرات في تلك السنة.
وذكر أن الفيلسوف الفلاني قال أنه قرأ ثلاثة كتب فقط في حياته كلها.
فعجبت لمقاله ذاك، وعجبت لاستشهاداته الشاذة المنكرة، ثم فهمت أنها موضة محدثة، وكاتبنا الشاب اختار أن يعتنق ذلك التوجه، لأنه يوحي بالعظمة، ويدل على العمق والعبقرية ولا شك.
((وكم أعجب من أولئك الذين يعتنقون كل توجه فكري لأنه صار موضة الأيام.
فتجد الناس مكثت دهرا تقرأ كتب التنمية البشرية لأنها موضة العصر، ومهووسين حد النخاع بقوانينها ومبادئها، ثم يأتي كتاب مارك مانسون فن اللامبالاة وغيره من الكتب فيقلب هذا التوجه الفكري على رؤوس معتنقيه، ويهدمه، ويقوض أسسه، ويأخذ منه موقف العكس والنقيض.
فتجد بعض شبابنا الذي كان مؤمنا بموضة التنمية البشرية، يودعها ويكفر بها ليعتنق مبادئ اللامبالاة، ويتشرب توجه فكر مارك مانسون، فإذا حدثته عن ضرورة الجد والاجتهاد للتميز ، اكفهر وجهه وغضب وزمجر، وضحك ساخرا من أقوالك، معتبرا أن الحياة قصيرة ويجب أن نعيشها بدون ضغط، وتفكير في الوقت، ونترك السفينة تبحر بنا في بحر الحياة من دون تجديف أو تخطيط)).
قرأت كلامه ذاك فاستغربت، ورحت أستجمع شتات أفكاري للرد، ثم ارتأيت أن أقرأ التعليقات قبل ذلك، فوجدت فتاة وقد وضعت (لقطة شاشة) لذلك الكاتب، قبل سنة يضع قائمته من الكتب التي قرأها لينتفع بها الشباب.(قبل سنة فقط كان يفعلها، واليوم يزجر من يقوم بها) فسبحان مقلب القلوب، وعجبا لزمان يصبح فيه الرجل مؤمنا ويمسي كافرا(مؤمنا أو كافرا بفكرة أقصد).
صدمت لوهلة حين رأيت قائمته لكتب السنة الفارطة، ورغبت مع ذلك في رد أنشر فيه وجهة نظري، وأوضح فيه مراحل القراءة وكيفياتها، فصدمت كرة أخرى حين ألفيته قد حذف منشوره كله بسبب الفضيحة(لقطة الشاشة التي وثقت لعهد طفولته).

**************
أولا كلنا شباب وعليه فجميعنا مبتدئ في عالم الكتب والقراءة، ودعكم من كذبة الطفولة المعهودة والسؤال الأسطوري الذي كان يطرح علينا فنجيب من فورنا بأكبر كذبة عرفها التاريخ(هوايتي المطالعة).
فكلنا يعلم حال المنطقة العربية، وكلنا يعلم علاقتنا المقطوعة مع الكتب، وتصنيفنا الأخير ضمن دول العالم.

ثانيا: فلنتفق أن أهم شيء يجب أن يلقنه أي شاب يلج هذا العالم أن يبدأ بالقراءة عن دينه وتاريخه فتتشكل له القاعدة الصلبة التي يرتكز عليها، والأرضية التي يستطيع الوقوف عليها والانطلاق منها.
فلا يعقل أن تقرأ الأدب الروسي وأنت تجهل تماما الأدب العربي!!
أو تقرأ جميع كتب العصر الفكتوري، بينما لا تعلم شيئا عن العصر الأموي أو العباسي!!

ثالثا:
كل البدايات في القراءة تكون فوضوية وتنافسية واستكشافية.
فنقرأ دون برنامج أو هدف مسطر
وهذه المرحلة مهمة للجميع، فعلى كل فرد أن تكون له نظرة شاملة لكل العلوم والفنون في البداية،
فيكون قد اطلع كثيرا في مختلف المجالات، وتشكلت له نظرة عامة يستطيع من خلالها التمييز والنقاش ويكون ملما بأساطين وعمالقة الفكر والأدب والنهضة، فيكتشف الجيد والردئ، ويمكنه التمييز بين الغث والسمين.
وهذه المرحلة ضرورية جدا لجميع الناس على اختلافهم، والتنويع مطلوب فقد روي عن يحي بن خالد بن برمك أنه قال يوما لولده:«خذوا من كل شيء طرفا، فإن من جهل شيئا عاداه.».
وهذه المرحلة مر بها جميع العلماء والعظماء والكتاب والمفكرين، فلا يعقل أن تكون شابا تمتلك موهبة الكتابة، فتعتمد فقط قراءة الروايات على حساب العلوم والفنون الأخرى، معتقدا أن قراءة الروايات وحدها ستجعل منك روائيا عظيما، فتكسبك اللغة، والأسلوب وصناعة الحبكة والتشويق.
لكن هل هذا كاف ليصنع منك روائيا عظيما، وأنت لم تقرأ الفنون الأخرى؟!
كيف ستكتب رواية سياسية وأنت لا تملك اطلاعا واسعا؟!
وكيف ستكتب رواية فلسفية وأنت لم تقرأ الفلسفة يوما؟!
هل حقا تعتقد أن كتابة رواية أمر سهل وسطحي للغاية؟!
وأنت لما تفقه العالم والثقافة الحقيقية بعد!!

رابعا:
ثم تأتي المرحلة الثانية لمن يريد اتقان فن ما، وهي مرحلة التخصص في القراءة، فيقرأ الشخص في المجال الذي سطره لنفسه بدون اغراءات العناوين أو اقتراحات الآخرين لأنه يعرف جيدا مايريد.
وأفضل وصفة ذكرها الدكتور عبد الكريم بكار ألا وهي أن تقرأ 50٪ في التخصص الذي تود أن تبرع فيه و50٪ تقسمها مرتين(25 ٪ للعلوم الشرعية، و25٪ الأخرى كتب منوعة).
وهذه المرحلة ليست مهمة لجميع الناس، انما تخص فقط من يريد التميز في مجال ما.
وعادة فئة النوابغ والمتميزين دائما ما تكون ضئيلة بالنسبة للسواد الأعظم من البشر فتكون نسبة هؤلاء 25 ٪ ونسبة الأشخاص العاديين 75٪.
لذا فلندع الناس تقرأ ما تريد، من دون فرض طريقة أو طقس معين، اللهم إلا من بعض التوجيه، لتكون القراءة واعية، وتصبح مثمرة.


خامسا:
القراءة طرائق متعددة وأنواع مختلفة، فهنالك القراءة للتسلية، وهنالك القراءة لمجرد التثقيف، وهنالك القراءة الواعية والتي تعقبها القراءة المثمرة.
أما بالنسبة لطرقها فهنالك القراءة السريعة، والقراءة المتأنية.
وقد لا أبالغ إن ذكرت لكم أن كتبا كثيرة صنفت في طرائق القراءة، فقد ثبت أن لكل طريقة فوائدها.
هنالك من يأخذ بالنصيحة الذهبية لعلي عزت بيجوفيتش حين يقول:«القراءة المبالغ فيها لا تجعلنا أذكياء، بعض الناس يبتلعون الكتب و هم يفعلون ذلك بدون فاصل للتفكير، و هو ضروري لكي يُهضم المقروء و يُبني و يُتبني و يُفهم. عندما يتحدث اليك الناس يخرجون من أفواههم قطعاً من هيجل و هايديجر أو ماركس في حالة أولية غير مصاغة جيدا، عند القراءة فإن المساهمة الشخصية ضرورية مثلما هو ضروري للنحلة العمل الداخلي و الزمن، لكي تحول الرحيق الأزهار المتجمعة الي عسل”
أما الدكتور عبد الكريم بكار فيقول أنه ليس نهما للكتب، ولا يقرأ الكثير منها، إنه يقرأ باعتدال، ويقرأ ليكتب ويؤلف.
وكلاهما يعتمد الطريقة المتأنية.

لكن نأخذ مثالين آخرين مغايران تماما للمثالين السابقين مثال الشيخ سلمان العودة الذي كتب في كتابه زنزانة:
«قلت مرة لشيخي : قرأت الكتاب ولم يعلق شيء منه بذاكرتي؟
مد لي تمرة و قال : امضغها، ثم سألني هل كبرت الآن؟ قلت : لا، قال : ولكن هذه التمرة تقسمت في جسدك فصارت لحما و عظما و عصبا و جلدا و شعرا وظفرا وخلايا!
أدركت ان كتابا أقرؤه يتقسم، فيعزز لغتي، ويزيد معرفتي، ويهذب أخلاقي، ويرقي أسلوبي في الكتابة والحديث ولو لم أشعر.»
ويقول سيوران:« هل أتذكر كل الكتب التي قرأتها؟! قطعا: لا، ولكن ما أعلمه أن تلك الكتب هي من شكلتني».

لكل هدفه من القراءة وعليه تتحدد طريقته وأسلوبه.

هنالك من يقرأ للاستجمام والترويح عن النفس فيعتمد القراءة المتأنية
وهناك من يقرأ ليؤلف ويصنف أو يلخص أو يشرح ويمحص وهذا يعتمد القراءة المتأنية أيضا.

لكننا كعرب متخلفين بسنوات ضوئية عن ركب العالم، وكما يعمد بعضنا للاستجمام بقراءة كتاب بين كل فترة وفترة، يحتاج آخرون لالتهام الكتب والعب من المعارف، واستكشاف المجاهيل، فيعمد القراءة السريعة وهنالك مراكز في الغرب تعلم فنيات القراءة السريعة ولها قواعد وتمارين خاصة.

ولنتفق على أن القراءة ضرورة وليست هواية، ضرورة وحاجة مهمة تماما كحاجتنا إلى الماء والهواء، وعلينا أن نعمل جاهدين لتنفيذ أول أمر رباني تلقاه رسولنا الكريم ألا وهو «إقرأ»، وعلينا التفكير في وسائل لتصبح القراءة سلوكا يوميا ونمط حياة لدى العرب والمسلمين.

وأفضل وسيلة لذلك هي مجموعات القراءة، ونشر اقتباسات ومراجعات الكتب، وكذا التنافس والمشاركة، ونشر قوائم القراءة.
وهذه الأخيرة تنشر الهمة، والتنافس على الخيرات، وتبصرنا بكتب كنا نجهلها، وبعناوين وأشخاص لم نكن نعرفهم، ولو لم تكن لها من فائدة سوى نشر عدوى القراءة بين الشباب لكفى.
أما مسألة الدخول في النوايا وأننا نفاخر ونرائي ونتباهى، فأقول أن الفخر كان ولا زال من شيم العرب، وأنه حق لنا أخيرا أن نفخر بأننا صرنا نقرأ، ولو لم تكن المباهاة مطلوبة لكانت في هذا الموضع بالذات مطلوبة ومرغوبة، وأتذكر هنا قصة أبي دجانة حين اعتصب عصابة حمراء وجعل ينشد الشعر ويتبختر في مشيته وسط صفوف المشركين، فما كان من رسولنا الكريم إلا الإعجاب به فقال عليه الصلاة والسلام:((إنها مشية يبغضها الله إلا في مثل هذا الموطن))
وقد كنا فيما مضى لا نسمع إلا أخبار السوء، ولا ترى أعيننا سوى مناظر الجهر بالمعاصي، وكان وقتها يقال للصىالحين الذين كانوا يخفون أعمالهم الصالحة، ماذا قدمتم للمجتمع؟! وحين صاروا يظهرونها قالوا لهم: رياء وسمعة!! ألا ما الحيلة فيهم!!

صحيح أن البعض مسخوها بصور القهوة والشكولاطة مع كتاب أو رواية، لكن ما شأننا نحن بهم، فمن راقب الناس مات هما، والمهم عندي أنهم منشغلون بتصوير المباح عن الوقوع في الحرام.

ونذكر هنا قصة ابن تيمية مع قوم من التتار ، حيث يقال أنه مر وهو في جماعة من أصحابه على قوم من التتار وهم يشربون الخمر، فأراد أصحابه أن ينهوهم فقال: دعوهم، هؤلاء إذا سكروا سلم الناس من شرهم، وإذا أفاقوا أفسدوا.

بقلم شمس الهمة

ليتني فتاة عادية



وقفة مع رواية ليتني امرأة عادية:
- ترددت كثيرا قبل كتابة هذه المراجعة، وان كنت قرأت الرواية منذ سنوات، ولكنها مكثت بذاكرتي للأبد، حتى صادفت منشورا حولها بالمجموعة.
إن من عادتي حين أقرأ شيئا فاسدا أن أطويه ولا أرويه، ذلك أن هذه الأعمال لا تستحق الوقوف عندها أصلا، ناهيك عن أن ذكرها ولو بالنقد هو دعاية مجانية لأصحابها، ولطالما عجبت من سلوك بعض العاطفيين المتحمسين حين يطرح عمل من هذه الأعمال، فيبادر فورا إلى التعليق ، لا على المضمون بنقاش واقناع، ولكن تهجما على الناشر أو الكاتب، وهذا مما يرجوه هؤلاء ويحبذونه، ويسعون إليه، لكننا بغباءنا نسهم دوما برفع منشورات التفاهة والمجون ومنشورات الإلحاد وإثارة الشبهات، بينما الواجب أن نميط الباطل بالسكوت عنه، ودواء الأهمال الإهمال، أو أن نناقش صاحب المنشور وننصحه في الخاص بدل أن نسهم برفع المنشور ليراه كل الناس.
ومن جهة أخرى لا أعرف حقا كيف يهنأ بال بعضهم وقد نشر رواية ماجنة أو تحوي شبهات فاسدة، وهو  يعلم أنه مسؤول عن كل كلمة وكل حركة من حركاته، وأن جمهور الفيس لا يضم فقط الناضجين كما يحسب، فالعقول والأفهام تتفاوت وكذلك السن، فقد لا تكترث أنت لما تنشر، بينما  قد يتلقف مراهق أو طفل ذلك ويتحدد عليه مسار حياته من بعد ذلك.
- ثانيا: ما أود قوله أن الرواية حقا لا تستحق القراءة، وأنا لا أدعو الفتيات لقراءتها، بل أدعوهن لتجنب قراءة هكذا أعمال ولهكذا أسماء.
- ‏قد تقول قائلة وما أكثر ما قيل لي ذلك: ولماذا قرأتها أنت، وتمنعين غيرك من فعل ذلك؟!
وقد تقول احداهن أنا أقرأ كل شيء، ولكل الناس لكنني لا أتأثر، وأستطيع التمييز.
سأجيب أنني لم أتعمد قراءة هذا النوع من الروايات، ولم أبحث عنه، كل ماهنالك أنني كغيري من القراء، كنت أجرب قراءة الشائع في مجموعات القراءة، والذي يلقى اقبالا كبيرا لديهم، فأصادف ذلك العنوان في أي مجموعة ألجها، مما يشكل لدي فضولا للاطلاع، ولم يكن يدر بخلدي أنه ماجن أو سيء، وإلا والله لم أكن لأقترب منه، فأنا أيضا أخاف على نفسي، ولا أعد نفسي ناضجة أو محصنة ضد خواطر شياطين الإنس والجن أو الشبهات التي يبثونها في تلك الكتب والروايات.
ولا يحسبن المرء نفسه قوية ومحصنة مهما بلغ من العلم أو الايمان.
ف“كل مؤلف تقرأ له، يترك في تفكيرك مسارب وأخاديد، فلا تقرأ إلا لمن تعرفه بعمق التفكير، وصدق التعبير، وحرارة القلم، واستقامة الضمير”مصطفى السباعي.
بالاضافة أنني لست مضطرة لالتقاط الحق من ركام الباطل بالمناقيش، فليس هناك من هو أخسر ممن يترك النبع ويرتشف من المستنقعات!!
- ثالثا:
مضمون الرواية سيء وفاسد ومفسد، فتاة تعتبر نفسها غير عادية، والنصف الأول من الرواية تنتقد فيه الكاتبة كل بنات جنسها اللواتي حصرن كل آمالهن وأحلامهن برجل، وتقول أن مجتمعنا يجعل حياة المرأة متعلقة به وتبني سعادتها وأحلامها عليه.
في حين يتمحور النصف الثاني للرواية كله حول الرجل، وعلاقتها به، وتقلبات شعورها نحوه.
‏فأي تناقض هذا؟!
‏الاختلاف أنها تريد الحرية و التمرد، كيف؟ في العلاقة مع الرجل !!!!! ‏
تقول احدى قارئات الرواية:
"تمنيت أن أرى أديبةً... كاتبةً... مفكرةً... عالمةً... مبدعة... ولكنني وللأسف لم أر إلا فتاة كل همها الخروج من تقاليدها المجتمعية لتكون مثل الفتيات الشقراوات اللواتي يطللن عليها في الجزء الآخر من الأرض..
نظرتها كانت قاصرة وظالمةً للمرأة تماماً كنظرة مجتمعها.
عدمت الحيل فنظرت إلى الجانب الأسوء من النموذج الأبعد.
لا أستطيع أن ألقي اللوم على الكاتبة لأنها تعيش في مجتمع مغلق... مجتمعها فرض عليها هذا التّفكير بدون أن يقصد... وكان الظلام الذي يفرضه عليها يجعلها تظن أن أي جُرم يضيء هو الشّمس وأنه منبع الضوء الأبديّ... حتى لو كان ذلك الجرم كوكباً مظلماً أضاءته أنوار وسائل الإعلام الأخاذة وبهارجه المزيفة"
رابعا:
كثيرات قرأن الرواية وانقسمت البنات في ذلك إلى فريقين:
الفريق الأول: هو الفريق الأكبر نسبيا، وإلا لما كانت الرواية نالت تلك الشهرة فقارئات هذا الفريق تأثرن كثيرا بالرواية حد الجنون، وقلن أنها لامستهن في الوجدان، وترجمت الكثير من مشاعرهن، وكتبتهن بين السطور.
الفريق الثاني: فتيات ناضجات مستقيمات وأغلبهن دينات، صنفن الرواية من أسوأ ما قرأن في حياتهن، واعتبرنها من العبث والمراهقة المتأخرة، ومجرد قيء يبعث على الغثيان من فتاة مكبوتة من بيئة منغلقة.
خامسا وأخيرا:
شخصيا أعتبر هذه الرواية ورواية ثانية لكاتبة خليجية أخرى من أصدق ما قرأت، (مع خبث وفساد المضمون)، وأعتبر هاتين الروايتين مرجعا لعلماء النفس والشرع والاجتماع لدراسة أسباب انحراف البنات في المنطقة العربية، وأتمنى حقا لو يتم تدارس تلكم الروايات في مجالس العلماء وطلبة العلم وربما تقريرها ضمن المقررات الدراسية لتخصصات علم النفس والشريعة والاجتماع.
ذلك أنهن نجحن في ترجمة أحاسيس المرأة العربية المضطهدة، ونقل شعورها، ومعاناتها.
هؤلاء الكاتبات كن المتفهمات الأكثر صدقا مع المرأة، والأكثر شفافية في عكس آلامها وقضاياها، وبالتالي سيكن هن البوصلة. وهذا أحد أسباب انتشار أعمالهن كانتشار النار في الهشيم.
قد تقلن لي كيف، ولماذا، ونحن كبنات لم نشعر ولم نحس بذلك، سأقول لكن ببساطة، لأن الذي يحس بلهيب الجمرة هو من داس برجله عليها.
هؤلاء الكاتبات كن صادقات في نقل معاناتهن ومشاعرهن وآلامهن، لأنهن عانين فعلا في تلك البيئات المنغلقة التي يكثر فيها التزمت ويؤدي إلى الكبت فالتمرد أو الانفجار.وهذا سبب تشترك فيه جميع البنات اللاتي التحقن بصفوف المدارس التغريبية والعلمانية، ولعلي أذكر هنا الكاتبة نوال السعداوي التي قال عنها الدكتور محمد العوضي أنه قرأ مذكراتها فاكتشف مكمن علتها، وأن شخصية جدها المتسلط الظالم، وتقاليد بيئتها المتزمتة والمتخلفة كانتا السبب الرئيس فيما أصبحت عليه بعد ذلك.
ولعلي أذكر هنا مقولة الشيخ الغزالي رحمه الله ((إن انتشار الكفر في العالم يحمل نصف أوزاره متدينون بغضوا الله إلى خلقه بسوء صنيعهم وسوء كلامهم))
ولعلي أنقل هنا بعض الاقتباسات التي تترجم بعضا من المعاناة التي عاشتها الكاتبة:
-” انطفأت الشعلة بداخلي وأصبحت معطلة، شمرتُ عن ساعدي وبدأت أهرب من البكاء والاكتئاب بأعمال المنزل، حتى تشوهت أظافري وتمزق جلدي من المنظفات.“
- ”تمنيت أني امراة لا شيء يثير اهتمامها أكثر من إعداد وجبات جديدة واختراع وصفات سرية تميز أطباقها عن الأخريات، امرأة ترى في حياتها الفارغة نوعاً من الترف والدلال. تقضي وقتها بالتسوق ومتابعة المسلسلات الدرامية، امرأة تختار أن ترهق أقدامها بالتنقل من محل ملابس لآخر ، بحثاً عن مقاس يناسب شحمها بدلاً عن ممارسة الرياضة رغم أن التعب واحد.“
 “_يولد رجالنا للعيش وتولد نساؤنا للانتظار انتظار الفرص الحب الحياة”
- ”واذا كنت امرأه قد أشقاها الانتظار، وأردت التحرر من هذا النمط المتوارث من الحياة، عوقبت "بالنــــــبـــــــــــذ "
-” لا أريد أن أكون كائناً معطلاً لا ينتج إلا الأطباق الدسمة.“
- ”امرأة كهذه يهابُها الجبناء من الرجال وتغار منها الفارغات من النساء، ليست مغرية للصداقة ولا للحب، وحيدة تثير شفقة الآخرين الذين يرون امرأة دون رجل؛ لاشيء.!!
- ”لا أحد يشعر بوجع الصبيّه العزباء التي دائما مايُستخف بأحزانها وهمومها“.
- ”بقائي عزباء طيلة هذه المدة لم ينقص من مالهم أو أعمارهم شيئا، لكنهم لا يزالون يتصرفون كما لو أنني أقف حاجزا بينهم وبين الانشغال بالحياة، وصرت محور حديث مجالس النساء، والقضية التي تسبب لهن الأرق وأولهن أمي.“
- لا تتحدث عن الملل وأنت لم تجرب البقاء بين أربع جدران، لأيام طويلة فقط لأنك سافرت قبل شهرين ويفترض أن يستمر شعورك بالفرح لمدى العمر.
- لا تتحدث عن الألم وأنت لم تجرب شعور أن تتعطل حياتك من أجل شخص لا يعرفك، وقد يكون في الطرف الآخر من العالم يعيش حياته كما يشتهي ويرغب.
- لا تتحدث عن الشعور بالوجع وأنت لم تجرب أن تتجاوز سن الثلاثين ‏دون ارتباط شرعي وتعامل كالأطفال الذين لا يتركون وحدهم.
- كنت أرى في حياتي البائسة شكلا طبيعيا للعيش، وكأنها إرادة الله، وليس لي الحق في رفضها أو التصرف بها، في كل مرة أشعر  بعدم الرضى أستغفر الله بإسراف وكأنني اقترفت ذنبا.
- لست جاحدة لنعم الله غارقة بها من رأسي حتى أخمص قدمي، منزل آمن، أسرة طيبة، غرفة أكون بها حرة، هاتف وكمبيوتر محمول، وشهادة جامعية تزين الحائط، وبعض الفساتين والمجوهرات، لا ينقصني شيء سوى أن أعود الفتاة التي كنتها، أن أعود للطمأنينة والفراغ!!
- ”هذا الاختلاف مرهق، يدفعني كل يوم لاستبدال شخصيتي بأخرى، كما أفعل مع ملابسي، مضطرة دائما لاقتصاص آرائي وكلماتي حتى تناسب من حولي، مضطرة للكذب والخداع كما أفعل الآن في هذا المكان.“
- ‏
هذه الاقتباسات تضع الإصبع على الجرح، وتبين مكمن الخلل عند هذه الفتاة، وكل فتاة أخرى انتهجت نفس الطريق، هنا يظهر جليا أن الفراغ وتقزيم دور الفتاة وحصر خياراتها في الأكل والنوم والشرب والزواج، وتقييد حريتها بالمطلق واختزالها في المنزل والغرفة بالتحديد.
فهاهي ذي في اقتباس آخر تقول:
”أقصى درجات الاستقلال لصبية مثلي هي غرفة نوم بسرير واحد وخزانة واحدة وتلفاز حيث لا سلطة لأحد علي ، فأكون حرة حتى تطأ قدماي خارج الغرفة، لأعود أسيرة حائرة بين ارضاء والدتي والآخرين، ودائما ما أهمش نفسي لأفوز برضاهم.„
تعليق:
كنت قد كتبت قبل خمس سنوات أو أكثر مقالا بعنوان” هل يقتصر دور المرأة في الزوجة والأم؟“ آخذ منه هذا الاقتباس:
((حقيقة واقع مر وجاهلية حديثة ووأد البنات المعاصر ففي الجاهلية كانت الموؤدة سرعان ما تموت تحت التراب!!!!! أما الآن فتظل الموؤدة حية تعاني ظلم الأهل لها! فأصبح الوأد الجديد أشد قسوة من الوأد القديم!!!!! ففضلاً عن الأمراض النفسية و الإنحرافات السلوكيه التى ستصيب الفتاة نتيجة عطلها فسوف تذبل زهرة عمرها وسيتلاشى حلمها بطفل تلاعبه وتكتحل عينها بروئيته....ضف الى ذلك تقبع حبيسة الجدران كل حياتها محكوم عليها بالمؤبد لا لشيئ سوى لأنها أنثى... وطبعاً الفتاة هنا مغلوبة على امرها لاتريد أن تعق والدها وتفضل الصمت الذي يصرخ بألمها وحسرتها من التوجه لشكوى تطالب فيه بحقها في عمل أو تسد به ثغرة نقص في مجتمعها ...!!! لأنهآ مآزالت تلك النظرة القاصرة للبنت.. عزلوهآ في منطقه محصوره وأفق ضيق من الناحيه الحياتيه والفكريه .. وجعلوا مجموعه من الأوصياء يقومون عليها .. ويقررون عنهآ .. وحصروا حريتها وقراراتها فقط في النوم والأكل والشرب ..؟!! تلك هي أبشع طرق الوأد))
اقتباس آخر عن مدارس البنات السعودية الصارمة هناك التي قالت عنها:”المدارس التي من المفروض أن تنشئ محاربات لا تنحني ظهورهن أمام أحد غير الله، على عكس هذا كانت تنشئ سربا من الكائنات التي ترى نفسها كتلة من الفتنة ينبغي لها أن تتعفن بين الجدران“.
وفي هئا المقام أتذكر اقتباسا للشيخ الألباني يقول فيه:((وإني لأعتقد أن مثل هذا التشديد على المرأة، لا يمكن أن يخرج لنا جيلاً من النساء، يستطعن أن يقمن بالواجبات الملقاة على عاتقهن ، في كل البلاد والأحوال، مع أزواجهن وغيرهم.....كالقيام على خدمة الضيوف، وإطعامهم، والخروج في الغزو، يسقين العطشى، ويداوين الجرحى، وينقلن القتلى، وربما باشرن القتال بأنفسهن عند الضرورة، فهل يمكن للنسوة اللاتي ربين على الخوف من الوقوع في المعصية -إذا صلت أو حجت مكشوفة الوجه والكفين- أن يباشرن مثل هذه الأعمال وهن منقبات و متقفزات؟
”أبي الرجل الطيب الذي تقوس ظهره كي يمنحني أنا واخوتي سقفا ودفئا، وخبزا وماء، الرجل الذي يحرص على أن يغلق باب المنزل بإحكام قبل أن يضع رأسه على المخدة وينام، كي يتأكد من سلامتنا من اللصوص والقتلة نسي أن يغلق باب قلبي ويحتفظ بالمفتاح ليسلمه لأول رجل يطرق الباب من أجلي، لا يعلم أبي أن اللصوص والمجرمين ليسوا في الشوارع فقط، انهم بيننا يظهرون بهيئة الملائكة والفرسان والنبلاء، يستهدفون قلوب الجميلات.
لا يعلم أبي أن الحب لم يعد يتسلل من شقوق النوافذ والأبواب، كل شيء صار يقدم جاهزا بضغطة زر.“
تعليق:
هذا الاقتباس مؤلم حقيقة للآباء الذين يشقون ويتعبون ولكنهم لا يربون ولا يعرفون أساسيات التربية ولا ركائزها ولا كيفياتها، إنهم يكتفون بإغلاق النوافذ والأبواب المؤدية إلى المحظور بحسب تفكيرهم، فيما يتناسون أن كل ذلك التزمت والمراقبة والتجسس لن يصنع طاهرة عفيفة، اضافة إلى أنها وسائل أكل عليها الدهر والشرب، فلم تعد تجدي في وقتنا المفتوح على كل شيء.
الكثير حين يقرأ الرواية سيعيبها،(كما كنت أفعل دوما بنظرة متعالية من منطلق تربتي الدينية)، لكن لن تجد أحدا يتفهم السبب وراء تفلتهن وتمردهن، ستجد فقط الألسنة الجاهزة لتوزيع الأحكام والاتهام، وما أسهل فعل ذلك، وما أكثر ما نفعله.
لن تجد التعاطف معهن ولا الانصاف لمعاناتهن ولا لأسئلتهن وحيرتهن المبثوثة بين السطور.
ولن تجد تحليلا لنفسياتهن، ولا دراسة لأسباب انتكاساتهن.
لن تجد أحدا يعتبرهن ضحايا، ستجد فقط من يصنفهن ضمن أعداء الدين والأمة.(وإن كن بأعمالهن هكذا).
لن يعتبر هؤلاء من الأبناء(وإن أخطؤوا)، انما سيصنفون فور ضمن الأعداء، في تبرؤ تام منهم على عكس منهاج التبي صلى الله عليه وسلم حين تعامل مع كفار قريش، أو عصاة المسلمين، كان دوما يعتبر قريشا أهله، وهؤلاء المخطؤون أبناء.
إنك لن تجد نظرة الرحمة ونظرة الانسان. ولا نظرة المربي أو المشفق على حالهن.
قرأت كتابا قيما كاملا حول تلك الروايات وصاحباتها، لم يفعل فيها صاحبها شيئا سوى الإشارة إلى مواطن الفساد، بينما أهمل ذكر منبع الداء.
وكتب كثيرة ألفت حول التبرج والسفور وقضايا المرأة تناولت كل تلكم المشكلات بفوقية وسطحية ولم تسع لفهم المرأة وفهم طبيعتها واحتياجاتها واعتبرت هواجسها أمرا مرعبا.
حتى أن الكتب المؤلفة لعقد من الزمان حول المرأة، تناول المسائل العتيقة المعروفة لدى الجميع فذكر الدكتور عبد الكريم بكار:((نظرت فيما كتب حول المرأة المسلمة عبر الخمسين سنة الماضية فوجدت أن 80% منه يركز على كيفية صونها والحفاظ عليها وبالتحديد حول حجابها وشروط عملها خارج المنزل واختلاطها بالرجال اﻷجانب. أما ال 20% فإنه يركز على تنمية المرأة!
في نظري كان الواجب هو العكس تماما فنحن في حاجة إلى اﻷفكار واﻷدبيات والمبادرات التي تساعد المرأة على أن تكون أما ممتازة وداعية مؤثرة ورائدة في العمل الخيري....
طبعاً معظم الكتابات كانت بأقلام الرجال أو بأقلام نساء يرددن ما يقوله الرجال مع أنه في نظري لا يفهم المرأة إلا المرأة.
كلي أمل أن تتغير هذه الصورة الباهتة.))
والكثير من كتبنا ومؤلفاتنا (خصوصا المؤلفات السعودية والخليجية، حتى أنني عزمت على أن لا أقرأ للخليحيين لأن مؤلفاتهم لم تقنعني يوما) التي تتناول القضايا المعاصرة كقضايا المرأة والتبرج والتمرد والإلحاد لم تخرج عن نمط ردات الفعل العاطفية.
فتجد كتابا كاملا عن الإلحاد، وحين تقرأه تكتشف أن الكاتب ذكر الأسباب والمسببات والنتائج وربطها كلها بالقوى الغربية والماسونية والأيادي العلمانية، والغزو الثقافي، وحين تكمل الكتاب وتطويه، تحس أنه لم يشف غليلك، لم يكن مقنعا لك بالشكل الكافي، وتحس أن هنالك حلقة مفقودة.
ذلك أن هؤلاء الكتاب غير منصفين سواء أدركوا ذلك أم لم يدركوه، وتناولنا للقضايا المعاصرة لا يزال سطحيا جدا، ستجد أولئك الكتاب وخصوصا الخليجيين يتناولون في كتبهم أو بحثهم كل شيء، لكنهم لن يتناولوا السبب الأول لذلك ألا وهو *نحن*، لا يوجد اعتراف بالقصور أو التقصير
لن يتنالوا في مؤلفاتهم منظوماتنا الدينية، قصورنا الفكري والمعرفي، سوء تطبيقنا لإسلامنا، وتغييب بعض النصوص الدينية على حساب بعضها الآخر.
التشدد، ضعف الخطاب الديني، وضعف الأهلية لدى البعض ممن يتقلدون تلكم المؤسسات.
وكل هذا يؤدي إلى ضعف الاحتواء، احتواء شبابنا وأبناءنا وتقبل أسئلتهم و أخطائهم، وتبديد حيرتهم.
فلماذا نسعى بأنفسنا إلى طرد شبابنا وبناتنا إلى منظومات فكرية أخرى، في حين أننا قادرون على احتوائهم واحتوائهن في منظومتنا نحن؟!
وأننا إذا لم نسع على نحو جاد لإصلاح شأن أبناءنا من أفق مبادئنا ومنطلقاتنا ورؤانا، فإن غيرنا سينجز المهمة وفق ما يراه، وعلينا آنذاك ألا نلوم إلا أنفسنا.
بقلمي شمس الهمة

ما هي العربية التي تحبونها؟

ما هي العربية التي تحبونها؟!

كما هو معروف أننا ابتعدنا كثيرا عن قواعد لغتنا الأم، ونقاط القوة والجمال فيها، فصرنا لا نتذوق كلام الأولين لأننا ببساطة لا نفهمه، ولا نتقنه.
فصار الكتاب العرب المعاصرون يكتبون بدون إلمام ولا اتقان، ولمس هذا جميع الفنون من نثر و شعر
فاختل الوزن والنظام، وفسد الذوق العام.

لدرجة أن شيخ العربية أبو فهر محمد محمود شاكر قال:((فمنذ وقت طويل، لم نعد نملك في أذواقنا عبقرية اللغة العربية، يمكننا أن نستبنط من موازنة أدبية نتيجة عادلة حكيمة.))

ويقول الطنطاوي ذات الشيء تقريبا عن شعر الحداثة وكتابات الكتاب المعاصرين.

لكن كمبتدئين في هذا العالم قرأنا للرافعي والمنفلوطي وغيرهما
وقرأنا لأدهم الشرقاوي والعتوم وأحلام مستغانمي ومي زيادة وغسان وغيرهم.
لكن الجميع حين يقرأ للرافعي يحس بالصعوبة والارهاق فيلتفت لكتابات أحلام مستغانمي وغسان فيجد السهولة والبساطة والجمال وانسياب الحرف متزامنا مع دفق الشعور ودقة الوصف.

لكنك ان أثنيت على فنيات وأسلوب هؤلاء المعاصرين تقابلك وجهات نظر معاكسة وعدم اعتراف بأي جمالية في طريقة كتابة هؤلاء بينما يتم الثناء فقط على الرافعي والمنفلوطي وووو

شخصيا حين قرأت للرافعي ستة مؤلفات لم ترقني سوى ثلاثيته(وحي القلم) لقد كانت العمل الخالد المجمع عليه من جميع القراء بالجمال، في حين لم ترقني كتبه الأخرى التي قرأت، وأصابتني بالارهاق والملل.

لم أكن أعرف لماذا، ولم أكن أجرؤ على قول أنها لم ترقني مثل سلسلة وحي القلم، حتى وقعت على مقال للشيخ الطنطاوي قال فيه أنه كان منبهرا لفترة بالرافعي ثم زال ذلك الانبهار بعد أن وقع على كتب المنفلوطي لأنه وجد في كتب الأخير بساطة الكلمة ودفق الاحساس في مقابل التكلف الذي كان متبعا في كتابات الرافعي. فقال عنه:((وعلى رأيي أن الرافعي قد بدلته الأيام، فلم أعد أستحسن من الأساليب إلا ما قارب الطبع وبعد عن الصنعة)).
ثم قال أنه مالبث أن زال انبهاره بالمنفلوطي حين قرأ رفائيل للزيات فوجده كنزا من كنوز النثر.

لأعترف أن كلام الطنطاوي أراحني قليلا، فأن تحس أنك بعيد جدا عن لغتك الأم ولا تحسن تذوق ما يجمع عليه الناس، يشعرك وكأن اللسان استعجم، وأن ذوقك كاسد فاسد.

غير أن القراءة لبعض الكتاب المعاصرين(الروائيين بالتحديد)، الذين ذكرت أسماء بعضهم وأتحفظ عن ذكر أسماء البعض الآخرين بسبب فساد مضامين ما يكتبون، لطالما أبهرني وسحرني واجتذبني بقوة، ذلك أن طريقة السرد والوصف رائعة، اضافة إلى رصد الأحاسيس والمشاعر والانفعلات البشرية بدقة لامتناهية، ولم أكن أعرف الفرق بين كتاباتهم وكتابات الأدباء الكبار حتى وقعت على اعتراف من الشيخ سلمان العودة قال فيه:((قراءة تلك الروايات على مافيها من مجون صارخ، عودني سهولة التعبير، وتجنب الضغط على الحروف أوالتفاصح، والتنطع في المخارج كما كان يوصي به أئمة اللغة كأبي عمرو بن العلاء والأصمعي)).
ولعلي أضيف هنا أن الزخرفة اللفظية، والاهتمام بالمحسنات البديعية لطالما كان سمة في عصور التراجع.
وبهذا ارتحت قليلا أيضا، لكنني لا أزال أحبو وأتعثر وأتعرف على كتاب جدد وأساليب وطرائق جديدة.

- أنتم ما رأيكم؟!
- ‏وأي أسلوب تحبذونه؟!
- ‏وأي كاتب تعتقدون أنه فاتنا الكثير لأننا لم نقرأ له؟!

#شموسة


كلام عن الصداقة

كلام عن الصداقة:

يجمع الخبراء والعارفون على أن الصديق لا يسمى صديقا حتى يجرب، وأن الانسان لا يعرف شخصا ما رجلا كان أو امرأة حتى يمتحنه عند الشدائد أو المواقف، وأن ما يظهر من الناس في البدايات دائما جميل، ولكن الجميع يتغير بعدها.
ولذلك كانت هنالك قواعد اتفق عليها العارفون لمعرفة الأشخاص لخصها سيدنا عمر بن الخطاب في جملة من أبلغ ما قيل، وفي معناها أنك لن تعرف المرء حتى تبايعه أو تشتري منه أو تستدين أو العكس، أو تشاركه في عمل أو تجارة، والثانية أن تصاهره ، والثالثة أن تسافر معه، ويشمل ذلك أن تساكنه الغرفة الجامعية أو غرفة مشتركة في العمرة أو الحج.
وأذكر في هذا الصدد ما قاله الشيخ الطنطاوي رحمه الله في كتابه "مع الناس"، أنه كان له صديق لم ير منه إلا كل جميل لأزيد من ثلاثين سنة، ثم قدر الله أن يسافر معه، ويشتركا بنفس الغرفة فقال أنه ظهرت  بينهما اختلافات بحجم الاختلاف بين المشرق والمغرب.
ليلة واحدة في غرفة مشتركة كشفت الكثير.
ولعل بعضهم يضيف عامل الأيام وما يعتري الناس من فقر أو غنى تجعل الأشخاص يتغيرون ويتبدلون أيضا.
غير أن هذا كله ليس ما أود قوله، فليس بجديد علي ولا أظنه بجديد على من خبر الحياة.
قصة اليوم علمتني شيئا آخر، لا يصنف مع ماذكرت آنفا.
إنها قصة روتها لي احداهن عن صديقتها، ولغرابتها وغرابة النفس والطباع البشرية وجدتني أكتب عنها.
هي قصة لصديقتين حميمتين جدا في كلية الطب، قضيا معا سبع سنوات كاملة في صحبة عايشا معها الحلو والمر وتجاوزاه معا.
كانت الفتاة (أ) تحدثني عن جمال أخلاق صديقتها(ب)، ونقاء سريرتها وحبها الكبير لها فكانت الفتاة (ب) تدافع عنها في غيبتها، ولا تقبل أحدا يتكلم عنها بسوء حتى عرف عنها ذلك بين جميع الصديقات، وغبطنها على صديقة مثلها.
قالت الفتاة (أ) أنها لم تكن مشتركة مع الفتاة (ب) بنفس الغرفة، وحدث في السنة الثالثة أن اضطرا لتشارك نفس الغرفة الجامعية، فكان أن حذرهما الجميع أنهما سيخسران صداقتهما، فتشارك غرفة يمكن المرء من اكتشاف عيوب صاحبه، ولربما أدى ذلك الاكتشاف والاختلاف إلى المشاكل فالتنافر والتباغض.
تقول الفتاة(أ) أنها كانت خائفة جدا من هذه الخطوة، مخافة أن تخسر صديقتها للأبد كما حدث مع كثيرات.
لكن لم يكن أمامها حل آخر، فقد اضطرتهن الظروف لذلك.
مضى الأمر على خير، ولم يحدث بينهما ما كان يحدث عادة بين الشركاء الجدد، وتوطدت صداقتهما أكثر فأكثر.
كانت السماء صافية، والعصافير تزقزق، والأجواء رائعة بينهما طوال ثلاث سنوات أخريات مضافات للسنوات الثلاث الأول، وبهذا تمت لهما ست سنوات كاملة من الألفة والمحبة.
ما حدث في السنة السابعة قلب كل الموازين، وكل ما تعارفه الناس في باب الصداقة، وتحولت العقدة المتينة إلى خيوط بالية انفصمت عراها إلى الأبد.
ذلك أن الفتاة(ب) تشاركت الغرفة الجامعية مع أخرى لظروف خارجة عن إرادتها، وكذا أصبحت الفتاة (أ) تتشارك غرفتها مع فتاة أخرى.
تقول الفتاة(أ) أن صديقتها بدأت تتغير عليها بالتدريج، ثم حدث بينهما خلاف بسيط كما يحدث بين جميع الأصدقاء، لكن الخلاف أصبح عداوة، ولم تفلح الفتيات في اقناع الفتاة (ب) بالصلح رغم صغر المشكلة وتفاهتها، والأعجب أنها الطرف الظالم في المشكلة حسب الشهود.
حدثتني تلك الفتاة بصدمة وحزن عميق فهي لم تتوقع يوما أن تفترق عن توأم روحها لانسجامهما وحبهما العميق تحاه بعضهما.
حدث ما حدث وتفرق شمل الصديقتان، وفشلت كل المساعي لجمعهن ثانية، واستمرت الأيام من جديد.
تقول الفتاة (أ) أنها بعد بحث وترو، و تفكير وتأمل وصلت إلى نتيجة حللت بها شخصية صديقتها فهي بها أعرف.
قالت أن صديقتها تلك هي الوحيدة لأم مطلقة، تحبان بعضهما وتخافان على بعضهما البعض فليس لهن في الدنيا أحد، وكانتا تهتمان ببعضهما أيضا.
وكانت شخصية الفتاة(ب) انطوائية، وعدوانية أحيانا مع الآخرين، ولا يعرف جمال شخصيتها إلا المقربون.
لكنها تقول أنها شخصية هشة، ضائعة، وضعيفة بحيث يلزم عليها دائما أن تسند نفسها بشخص ما فتحبه وتخلص له والأعجب أنها تذوب في شخصيته وتتبعه مثل ظله.
وما حدث معي تقول الفتاة(أ) أن تلك الفتاة كانت مجرد ظل، أو انعكاس لنفسي، أما الفتاة حقيقة فلم تكن موجودة، لقد ذابت تماما فصارت هي( أنا) الأخرى.
وما حدث بعدها أنها حين تقاسمت الغرفة مع شريكة أخرى، لعبت معها نفس الدور تماما، فأحبتها وأخلصت لها، وأصبحت مثل ظلها، لقد ذابت مجددا في شخصية صديقتها الجديدة.
#شموسة



العيد

 تلك اللحظات الحرجة قبيل يوم العيد، ذلك التعب، والضغط، تلك الأمور التي أنجزت نصفها والنصف الآخر ينتظر منك اتمامه حالا، ذلك التوتر، وتلك الأع...