الاثنين، 18 نوفمبر 2019

لماذا تنشرون قوائم الكتب التي قرأتموها؟!

لماذا تنشرون قوائم الكتب التي قرأتموها؟!

كاتب مصري مشهور من جيل الشباب كنت أتابعه، فأقرأ ما تخط أنامله، فقد كان له أسلوب بديع في الكتابة.
وجدته ذات يوم قد كتب مقالا، يستصغر فيه أولئك الذين ينشرون قوائم الكتب التي قرأوها مع نهاية كل سنة.
قال أن هذا سلوك طفولي، ومباهاة في غير لازمة، ويدل على أن أولئك الشباب مبتدئون في عالم الكتب، وأن تلك الطريقة لم تكن يوما طريقة ذوي العقول والأفهام، ولا طريقة المفكرين والعظماء والكتاب.
وقال أنها طريقة فوضوية، وأن الإنسان لا يستطيع قراءة كل الكتب التي يرغبها، ولا الإحاطة بجميع الفنون والآداب التي يريدها، ولو مكث على هذا الدهر كله، و راح يستشهد ببيت الشعر القائل:
 العلم بحر لا ساحل له *** قل أن يصل الكادح فيه آخره
وأن القارئ الحقيقي هو من يقرأ الكتاب فيهضمه، وليس من يلتهم العديد فيُنسِيَه.
وذكر في مقاله العجيب ذاك أقوالا محدثة غريبة، واستشهد بمقولات عجيبة.
فذكر أن فلانة وهي كاتبة غربية مشهورة، قالت أنها لا تقرأ كثيرا ولها عشر سنوات قرأت فيها كتابا واحدا فقط.
وذكر أن فلان الكاتب المشهور أيضا يقرأ كتابا في السنة ولربما أعاد قراءته عشر مرات في تلك السنة.
وذكر أن الفيلسوف الفلاني قال أنه قرأ ثلاثة كتب فقط في حياته كلها.
فعجبت لمقاله ذاك، وعجبت لاستشهاداته الشاذة المنكرة، ثم فهمت أنها موضة محدثة، وكاتبنا الشاب اختار أن يعتنق ذلك التوجه، لأنه يوحي بالعظمة، ويدل على العمق والعبقرية ولا شك.
((وكم أعجب من أولئك الذين يعتنقون كل توجه فكري لأنه صار موضة الأيام.
فتجد الناس مكثت دهرا تقرأ كتب التنمية البشرية لأنها موضة العصر، ومهووسين حد النخاع بقوانينها ومبادئها، ثم يأتي كتاب مارك مانسون فن اللامبالاة وغيره من الكتب فيقلب هذا التوجه الفكري على رؤوس معتنقيه، ويهدمه، ويقوض أسسه، ويأخذ منه موقف العكس والنقيض.
فتجد بعض شبابنا الذي كان مؤمنا بموضة التنمية البشرية، يودعها ويكفر بها ليعتنق مبادئ اللامبالاة، ويتشرب توجه فكر مارك مانسون، فإذا حدثته عن ضرورة الجد والاجتهاد للتميز ، اكفهر وجهه وغضب وزمجر، وضحك ساخرا من أقوالك، معتبرا أن الحياة قصيرة ويجب أن نعيشها بدون ضغط، وتفكير في الوقت، ونترك السفينة تبحر بنا في بحر الحياة من دون تجديف أو تخطيط)).
قرأت كلامه ذاك فاستغربت، ورحت أستجمع شتات أفكاري للرد، ثم ارتأيت أن أقرأ التعليقات قبل ذلك، فوجدت فتاة وقد وضعت (لقطة شاشة) لذلك الكاتب، قبل سنة يضع قائمته من الكتب التي قرأها لينتفع بها الشباب.(قبل سنة فقط كان يفعلها، واليوم يزجر من يقوم بها) فسبحان مقلب القلوب، وعجبا لزمان يصبح فيه الرجل مؤمنا ويمسي كافرا(مؤمنا أو كافرا بفكرة أقصد).
صدمت لوهلة حين رأيت قائمته لكتب السنة الفارطة، ورغبت مع ذلك في رد أنشر فيه وجهة نظري، وأوضح فيه مراحل القراءة وكيفياتها، فصدمت كرة أخرى حين ألفيته قد حذف منشوره كله بسبب الفضيحة(لقطة الشاشة التي وثقت لعهد طفولته).

**************
أولا كلنا شباب وعليه فجميعنا مبتدئ في عالم الكتب والقراءة، ودعكم من كذبة الطفولة المعهودة والسؤال الأسطوري الذي كان يطرح علينا فنجيب من فورنا بأكبر كذبة عرفها التاريخ(هوايتي المطالعة).
فكلنا يعلم حال المنطقة العربية، وكلنا يعلم علاقتنا المقطوعة مع الكتب، وتصنيفنا الأخير ضمن دول العالم.

ثانيا: فلنتفق أن أهم شيء يجب أن يلقنه أي شاب يلج هذا العالم أن يبدأ بالقراءة عن دينه وتاريخه فتتشكل له القاعدة الصلبة التي يرتكز عليها، والأرضية التي يستطيع الوقوف عليها والانطلاق منها.
فلا يعقل أن تقرأ الأدب الروسي وأنت تجهل تماما الأدب العربي!!
أو تقرأ جميع كتب العصر الفكتوري، بينما لا تعلم شيئا عن العصر الأموي أو العباسي!!

ثالثا:
كل البدايات في القراءة تكون فوضوية وتنافسية واستكشافية.
فنقرأ دون برنامج أو هدف مسطر
وهذه المرحلة مهمة للجميع، فعلى كل فرد أن تكون له نظرة شاملة لكل العلوم والفنون في البداية،
فيكون قد اطلع كثيرا في مختلف المجالات، وتشكلت له نظرة عامة يستطيع من خلالها التمييز والنقاش ويكون ملما بأساطين وعمالقة الفكر والأدب والنهضة، فيكتشف الجيد والردئ، ويمكنه التمييز بين الغث والسمين.
وهذه المرحلة ضرورية جدا لجميع الناس على اختلافهم، والتنويع مطلوب فقد روي عن يحي بن خالد بن برمك أنه قال يوما لولده:«خذوا من كل شيء طرفا، فإن من جهل شيئا عاداه.».
وهذه المرحلة مر بها جميع العلماء والعظماء والكتاب والمفكرين، فلا يعقل أن تكون شابا تمتلك موهبة الكتابة، فتعتمد فقط قراءة الروايات على حساب العلوم والفنون الأخرى، معتقدا أن قراءة الروايات وحدها ستجعل منك روائيا عظيما، فتكسبك اللغة، والأسلوب وصناعة الحبكة والتشويق.
لكن هل هذا كاف ليصنع منك روائيا عظيما، وأنت لم تقرأ الفنون الأخرى؟!
كيف ستكتب رواية سياسية وأنت لا تملك اطلاعا واسعا؟!
وكيف ستكتب رواية فلسفية وأنت لم تقرأ الفلسفة يوما؟!
هل حقا تعتقد أن كتابة رواية أمر سهل وسطحي للغاية؟!
وأنت لما تفقه العالم والثقافة الحقيقية بعد!!

رابعا:
ثم تأتي المرحلة الثانية لمن يريد اتقان فن ما، وهي مرحلة التخصص في القراءة، فيقرأ الشخص في المجال الذي سطره لنفسه بدون اغراءات العناوين أو اقتراحات الآخرين لأنه يعرف جيدا مايريد.
وأفضل وصفة ذكرها الدكتور عبد الكريم بكار ألا وهي أن تقرأ 50٪ في التخصص الذي تود أن تبرع فيه و50٪ تقسمها مرتين(25 ٪ للعلوم الشرعية، و25٪ الأخرى كتب منوعة).
وهذه المرحلة ليست مهمة لجميع الناس، انما تخص فقط من يريد التميز في مجال ما.
وعادة فئة النوابغ والمتميزين دائما ما تكون ضئيلة بالنسبة للسواد الأعظم من البشر فتكون نسبة هؤلاء 25 ٪ ونسبة الأشخاص العاديين 75٪.
لذا فلندع الناس تقرأ ما تريد، من دون فرض طريقة أو طقس معين، اللهم إلا من بعض التوجيه، لتكون القراءة واعية، وتصبح مثمرة.


خامسا:
القراءة طرائق متعددة وأنواع مختلفة، فهنالك القراءة للتسلية، وهنالك القراءة لمجرد التثقيف، وهنالك القراءة الواعية والتي تعقبها القراءة المثمرة.
أما بالنسبة لطرقها فهنالك القراءة السريعة، والقراءة المتأنية.
وقد لا أبالغ إن ذكرت لكم أن كتبا كثيرة صنفت في طرائق القراءة، فقد ثبت أن لكل طريقة فوائدها.
هنالك من يأخذ بالنصيحة الذهبية لعلي عزت بيجوفيتش حين يقول:«القراءة المبالغ فيها لا تجعلنا أذكياء، بعض الناس يبتلعون الكتب و هم يفعلون ذلك بدون فاصل للتفكير، و هو ضروري لكي يُهضم المقروء و يُبني و يُتبني و يُفهم. عندما يتحدث اليك الناس يخرجون من أفواههم قطعاً من هيجل و هايديجر أو ماركس في حالة أولية غير مصاغة جيدا، عند القراءة فإن المساهمة الشخصية ضرورية مثلما هو ضروري للنحلة العمل الداخلي و الزمن، لكي تحول الرحيق الأزهار المتجمعة الي عسل”
أما الدكتور عبد الكريم بكار فيقول أنه ليس نهما للكتب، ولا يقرأ الكثير منها، إنه يقرأ باعتدال، ويقرأ ليكتب ويؤلف.
وكلاهما يعتمد الطريقة المتأنية.

لكن نأخذ مثالين آخرين مغايران تماما للمثالين السابقين مثال الشيخ سلمان العودة الذي كتب في كتابه زنزانة:
«قلت مرة لشيخي : قرأت الكتاب ولم يعلق شيء منه بذاكرتي؟
مد لي تمرة و قال : امضغها، ثم سألني هل كبرت الآن؟ قلت : لا، قال : ولكن هذه التمرة تقسمت في جسدك فصارت لحما و عظما و عصبا و جلدا و شعرا وظفرا وخلايا!
أدركت ان كتابا أقرؤه يتقسم، فيعزز لغتي، ويزيد معرفتي، ويهذب أخلاقي، ويرقي أسلوبي في الكتابة والحديث ولو لم أشعر.»
ويقول سيوران:« هل أتذكر كل الكتب التي قرأتها؟! قطعا: لا، ولكن ما أعلمه أن تلك الكتب هي من شكلتني».

لكل هدفه من القراءة وعليه تتحدد طريقته وأسلوبه.

هنالك من يقرأ للاستجمام والترويح عن النفس فيعتمد القراءة المتأنية
وهناك من يقرأ ليؤلف ويصنف أو يلخص أو يشرح ويمحص وهذا يعتمد القراءة المتأنية أيضا.

لكننا كعرب متخلفين بسنوات ضوئية عن ركب العالم، وكما يعمد بعضنا للاستجمام بقراءة كتاب بين كل فترة وفترة، يحتاج آخرون لالتهام الكتب والعب من المعارف، واستكشاف المجاهيل، فيعمد القراءة السريعة وهنالك مراكز في الغرب تعلم فنيات القراءة السريعة ولها قواعد وتمارين خاصة.

ولنتفق على أن القراءة ضرورة وليست هواية، ضرورة وحاجة مهمة تماما كحاجتنا إلى الماء والهواء، وعلينا أن نعمل جاهدين لتنفيذ أول أمر رباني تلقاه رسولنا الكريم ألا وهو «إقرأ»، وعلينا التفكير في وسائل لتصبح القراءة سلوكا يوميا ونمط حياة لدى العرب والمسلمين.

وأفضل وسيلة لذلك هي مجموعات القراءة، ونشر اقتباسات ومراجعات الكتب، وكذا التنافس والمشاركة، ونشر قوائم القراءة.
وهذه الأخيرة تنشر الهمة، والتنافس على الخيرات، وتبصرنا بكتب كنا نجهلها، وبعناوين وأشخاص لم نكن نعرفهم، ولو لم تكن لها من فائدة سوى نشر عدوى القراءة بين الشباب لكفى.
أما مسألة الدخول في النوايا وأننا نفاخر ونرائي ونتباهى، فأقول أن الفخر كان ولا زال من شيم العرب، وأنه حق لنا أخيرا أن نفخر بأننا صرنا نقرأ، ولو لم تكن المباهاة مطلوبة لكانت في هذا الموضع بالذات مطلوبة ومرغوبة، وأتذكر هنا قصة أبي دجانة حين اعتصب عصابة حمراء وجعل ينشد الشعر ويتبختر في مشيته وسط صفوف المشركين، فما كان من رسولنا الكريم إلا الإعجاب به فقال عليه الصلاة والسلام:((إنها مشية يبغضها الله إلا في مثل هذا الموطن))
وقد كنا فيما مضى لا نسمع إلا أخبار السوء، ولا ترى أعيننا سوى مناظر الجهر بالمعاصي، وكان وقتها يقال للصىالحين الذين كانوا يخفون أعمالهم الصالحة، ماذا قدمتم للمجتمع؟! وحين صاروا يظهرونها قالوا لهم: رياء وسمعة!! ألا ما الحيلة فيهم!!

صحيح أن البعض مسخوها بصور القهوة والشكولاطة مع كتاب أو رواية، لكن ما شأننا نحن بهم، فمن راقب الناس مات هما، والمهم عندي أنهم منشغلون بتصوير المباح عن الوقوع في الحرام.

ونذكر هنا قصة ابن تيمية مع قوم من التتار ، حيث يقال أنه مر وهو في جماعة من أصحابه على قوم من التتار وهم يشربون الخمر، فأراد أصحابه أن ينهوهم فقال: دعوهم، هؤلاء إذا سكروا سلم الناس من شرهم، وإذا أفاقوا أفسدوا.

بقلم شمس الهمة

ليتني فتاة عادية



وقفة مع رواية ليتني امرأة عادية:
- ترددت كثيرا قبل كتابة هذه المراجعة، وان كنت قرأت الرواية منذ سنوات، ولكنها مكثت بذاكرتي للأبد، حتى صادفت منشورا حولها بالمجموعة.
إن من عادتي حين أقرأ شيئا فاسدا أن أطويه ولا أرويه، ذلك أن هذه الأعمال لا تستحق الوقوف عندها أصلا، ناهيك عن أن ذكرها ولو بالنقد هو دعاية مجانية لأصحابها، ولطالما عجبت من سلوك بعض العاطفيين المتحمسين حين يطرح عمل من هذه الأعمال، فيبادر فورا إلى التعليق ، لا على المضمون بنقاش واقناع، ولكن تهجما على الناشر أو الكاتب، وهذا مما يرجوه هؤلاء ويحبذونه، ويسعون إليه، لكننا بغباءنا نسهم دوما برفع منشورات التفاهة والمجون ومنشورات الإلحاد وإثارة الشبهات، بينما الواجب أن نميط الباطل بالسكوت عنه، ودواء الأهمال الإهمال، أو أن نناقش صاحب المنشور وننصحه في الخاص بدل أن نسهم برفع المنشور ليراه كل الناس.
ومن جهة أخرى لا أعرف حقا كيف يهنأ بال بعضهم وقد نشر رواية ماجنة أو تحوي شبهات فاسدة، وهو  يعلم أنه مسؤول عن كل كلمة وكل حركة من حركاته، وأن جمهور الفيس لا يضم فقط الناضجين كما يحسب، فالعقول والأفهام تتفاوت وكذلك السن، فقد لا تكترث أنت لما تنشر، بينما  قد يتلقف مراهق أو طفل ذلك ويتحدد عليه مسار حياته من بعد ذلك.
- ثانيا: ما أود قوله أن الرواية حقا لا تستحق القراءة، وأنا لا أدعو الفتيات لقراءتها، بل أدعوهن لتجنب قراءة هكذا أعمال ولهكذا أسماء.
- ‏قد تقول قائلة وما أكثر ما قيل لي ذلك: ولماذا قرأتها أنت، وتمنعين غيرك من فعل ذلك؟!
وقد تقول احداهن أنا أقرأ كل شيء، ولكل الناس لكنني لا أتأثر، وأستطيع التمييز.
سأجيب أنني لم أتعمد قراءة هذا النوع من الروايات، ولم أبحث عنه، كل ماهنالك أنني كغيري من القراء، كنت أجرب قراءة الشائع في مجموعات القراءة، والذي يلقى اقبالا كبيرا لديهم، فأصادف ذلك العنوان في أي مجموعة ألجها، مما يشكل لدي فضولا للاطلاع، ولم يكن يدر بخلدي أنه ماجن أو سيء، وإلا والله لم أكن لأقترب منه، فأنا أيضا أخاف على نفسي، ولا أعد نفسي ناضجة أو محصنة ضد خواطر شياطين الإنس والجن أو الشبهات التي يبثونها في تلك الكتب والروايات.
ولا يحسبن المرء نفسه قوية ومحصنة مهما بلغ من العلم أو الايمان.
ف“كل مؤلف تقرأ له، يترك في تفكيرك مسارب وأخاديد، فلا تقرأ إلا لمن تعرفه بعمق التفكير، وصدق التعبير، وحرارة القلم، واستقامة الضمير”مصطفى السباعي.
بالاضافة أنني لست مضطرة لالتقاط الحق من ركام الباطل بالمناقيش، فليس هناك من هو أخسر ممن يترك النبع ويرتشف من المستنقعات!!
- ثالثا:
مضمون الرواية سيء وفاسد ومفسد، فتاة تعتبر نفسها غير عادية، والنصف الأول من الرواية تنتقد فيه الكاتبة كل بنات جنسها اللواتي حصرن كل آمالهن وأحلامهن برجل، وتقول أن مجتمعنا يجعل حياة المرأة متعلقة به وتبني سعادتها وأحلامها عليه.
في حين يتمحور النصف الثاني للرواية كله حول الرجل، وعلاقتها به، وتقلبات شعورها نحوه.
‏فأي تناقض هذا؟!
‏الاختلاف أنها تريد الحرية و التمرد، كيف؟ في العلاقة مع الرجل !!!!! ‏
تقول احدى قارئات الرواية:
"تمنيت أن أرى أديبةً... كاتبةً... مفكرةً... عالمةً... مبدعة... ولكنني وللأسف لم أر إلا فتاة كل همها الخروج من تقاليدها المجتمعية لتكون مثل الفتيات الشقراوات اللواتي يطللن عليها في الجزء الآخر من الأرض..
نظرتها كانت قاصرة وظالمةً للمرأة تماماً كنظرة مجتمعها.
عدمت الحيل فنظرت إلى الجانب الأسوء من النموذج الأبعد.
لا أستطيع أن ألقي اللوم على الكاتبة لأنها تعيش في مجتمع مغلق... مجتمعها فرض عليها هذا التّفكير بدون أن يقصد... وكان الظلام الذي يفرضه عليها يجعلها تظن أن أي جُرم يضيء هو الشّمس وأنه منبع الضوء الأبديّ... حتى لو كان ذلك الجرم كوكباً مظلماً أضاءته أنوار وسائل الإعلام الأخاذة وبهارجه المزيفة"
رابعا:
كثيرات قرأن الرواية وانقسمت البنات في ذلك إلى فريقين:
الفريق الأول: هو الفريق الأكبر نسبيا، وإلا لما كانت الرواية نالت تلك الشهرة فقارئات هذا الفريق تأثرن كثيرا بالرواية حد الجنون، وقلن أنها لامستهن في الوجدان، وترجمت الكثير من مشاعرهن، وكتبتهن بين السطور.
الفريق الثاني: فتيات ناضجات مستقيمات وأغلبهن دينات، صنفن الرواية من أسوأ ما قرأن في حياتهن، واعتبرنها من العبث والمراهقة المتأخرة، ومجرد قيء يبعث على الغثيان من فتاة مكبوتة من بيئة منغلقة.
خامسا وأخيرا:
شخصيا أعتبر هذه الرواية ورواية ثانية لكاتبة خليجية أخرى من أصدق ما قرأت، (مع خبث وفساد المضمون)، وأعتبر هاتين الروايتين مرجعا لعلماء النفس والشرع والاجتماع لدراسة أسباب انحراف البنات في المنطقة العربية، وأتمنى حقا لو يتم تدارس تلكم الروايات في مجالس العلماء وطلبة العلم وربما تقريرها ضمن المقررات الدراسية لتخصصات علم النفس والشريعة والاجتماع.
ذلك أنهن نجحن في ترجمة أحاسيس المرأة العربية المضطهدة، ونقل شعورها، ومعاناتها.
هؤلاء الكاتبات كن المتفهمات الأكثر صدقا مع المرأة، والأكثر شفافية في عكس آلامها وقضاياها، وبالتالي سيكن هن البوصلة. وهذا أحد أسباب انتشار أعمالهن كانتشار النار في الهشيم.
قد تقلن لي كيف، ولماذا، ونحن كبنات لم نشعر ولم نحس بذلك، سأقول لكن ببساطة، لأن الذي يحس بلهيب الجمرة هو من داس برجله عليها.
هؤلاء الكاتبات كن صادقات في نقل معاناتهن ومشاعرهن وآلامهن، لأنهن عانين فعلا في تلك البيئات المنغلقة التي يكثر فيها التزمت ويؤدي إلى الكبت فالتمرد أو الانفجار.وهذا سبب تشترك فيه جميع البنات اللاتي التحقن بصفوف المدارس التغريبية والعلمانية، ولعلي أذكر هنا الكاتبة نوال السعداوي التي قال عنها الدكتور محمد العوضي أنه قرأ مذكراتها فاكتشف مكمن علتها، وأن شخصية جدها المتسلط الظالم، وتقاليد بيئتها المتزمتة والمتخلفة كانتا السبب الرئيس فيما أصبحت عليه بعد ذلك.
ولعلي أذكر هنا مقولة الشيخ الغزالي رحمه الله ((إن انتشار الكفر في العالم يحمل نصف أوزاره متدينون بغضوا الله إلى خلقه بسوء صنيعهم وسوء كلامهم))
ولعلي أنقل هنا بعض الاقتباسات التي تترجم بعضا من المعاناة التي عاشتها الكاتبة:
-” انطفأت الشعلة بداخلي وأصبحت معطلة، شمرتُ عن ساعدي وبدأت أهرب من البكاء والاكتئاب بأعمال المنزل، حتى تشوهت أظافري وتمزق جلدي من المنظفات.“
- ”تمنيت أني امراة لا شيء يثير اهتمامها أكثر من إعداد وجبات جديدة واختراع وصفات سرية تميز أطباقها عن الأخريات، امرأة ترى في حياتها الفارغة نوعاً من الترف والدلال. تقضي وقتها بالتسوق ومتابعة المسلسلات الدرامية، امرأة تختار أن ترهق أقدامها بالتنقل من محل ملابس لآخر ، بحثاً عن مقاس يناسب شحمها بدلاً عن ممارسة الرياضة رغم أن التعب واحد.“
 “_يولد رجالنا للعيش وتولد نساؤنا للانتظار انتظار الفرص الحب الحياة”
- ”واذا كنت امرأه قد أشقاها الانتظار، وأردت التحرر من هذا النمط المتوارث من الحياة، عوقبت "بالنــــــبـــــــــــذ "
-” لا أريد أن أكون كائناً معطلاً لا ينتج إلا الأطباق الدسمة.“
- ”امرأة كهذه يهابُها الجبناء من الرجال وتغار منها الفارغات من النساء، ليست مغرية للصداقة ولا للحب، وحيدة تثير شفقة الآخرين الذين يرون امرأة دون رجل؛ لاشيء.!!
- ”لا أحد يشعر بوجع الصبيّه العزباء التي دائما مايُستخف بأحزانها وهمومها“.
- ”بقائي عزباء طيلة هذه المدة لم ينقص من مالهم أو أعمارهم شيئا، لكنهم لا يزالون يتصرفون كما لو أنني أقف حاجزا بينهم وبين الانشغال بالحياة، وصرت محور حديث مجالس النساء، والقضية التي تسبب لهن الأرق وأولهن أمي.“
- لا تتحدث عن الملل وأنت لم تجرب البقاء بين أربع جدران، لأيام طويلة فقط لأنك سافرت قبل شهرين ويفترض أن يستمر شعورك بالفرح لمدى العمر.
- لا تتحدث عن الألم وأنت لم تجرب شعور أن تتعطل حياتك من أجل شخص لا يعرفك، وقد يكون في الطرف الآخر من العالم يعيش حياته كما يشتهي ويرغب.
- لا تتحدث عن الشعور بالوجع وأنت لم تجرب أن تتجاوز سن الثلاثين ‏دون ارتباط شرعي وتعامل كالأطفال الذين لا يتركون وحدهم.
- كنت أرى في حياتي البائسة شكلا طبيعيا للعيش، وكأنها إرادة الله، وليس لي الحق في رفضها أو التصرف بها، في كل مرة أشعر  بعدم الرضى أستغفر الله بإسراف وكأنني اقترفت ذنبا.
- لست جاحدة لنعم الله غارقة بها من رأسي حتى أخمص قدمي، منزل آمن، أسرة طيبة، غرفة أكون بها حرة، هاتف وكمبيوتر محمول، وشهادة جامعية تزين الحائط، وبعض الفساتين والمجوهرات، لا ينقصني شيء سوى أن أعود الفتاة التي كنتها، أن أعود للطمأنينة والفراغ!!
- ”هذا الاختلاف مرهق، يدفعني كل يوم لاستبدال شخصيتي بأخرى، كما أفعل مع ملابسي، مضطرة دائما لاقتصاص آرائي وكلماتي حتى تناسب من حولي، مضطرة للكذب والخداع كما أفعل الآن في هذا المكان.“
- ‏
هذه الاقتباسات تضع الإصبع على الجرح، وتبين مكمن الخلل عند هذه الفتاة، وكل فتاة أخرى انتهجت نفس الطريق، هنا يظهر جليا أن الفراغ وتقزيم دور الفتاة وحصر خياراتها في الأكل والنوم والشرب والزواج، وتقييد حريتها بالمطلق واختزالها في المنزل والغرفة بالتحديد.
فهاهي ذي في اقتباس آخر تقول:
”أقصى درجات الاستقلال لصبية مثلي هي غرفة نوم بسرير واحد وخزانة واحدة وتلفاز حيث لا سلطة لأحد علي ، فأكون حرة حتى تطأ قدماي خارج الغرفة، لأعود أسيرة حائرة بين ارضاء والدتي والآخرين، ودائما ما أهمش نفسي لأفوز برضاهم.„
تعليق:
كنت قد كتبت قبل خمس سنوات أو أكثر مقالا بعنوان” هل يقتصر دور المرأة في الزوجة والأم؟“ آخذ منه هذا الاقتباس:
((حقيقة واقع مر وجاهلية حديثة ووأد البنات المعاصر ففي الجاهلية كانت الموؤدة سرعان ما تموت تحت التراب!!!!! أما الآن فتظل الموؤدة حية تعاني ظلم الأهل لها! فأصبح الوأد الجديد أشد قسوة من الوأد القديم!!!!! ففضلاً عن الأمراض النفسية و الإنحرافات السلوكيه التى ستصيب الفتاة نتيجة عطلها فسوف تذبل زهرة عمرها وسيتلاشى حلمها بطفل تلاعبه وتكتحل عينها بروئيته....ضف الى ذلك تقبع حبيسة الجدران كل حياتها محكوم عليها بالمؤبد لا لشيئ سوى لأنها أنثى... وطبعاً الفتاة هنا مغلوبة على امرها لاتريد أن تعق والدها وتفضل الصمت الذي يصرخ بألمها وحسرتها من التوجه لشكوى تطالب فيه بحقها في عمل أو تسد به ثغرة نقص في مجتمعها ...!!! لأنهآ مآزالت تلك النظرة القاصرة للبنت.. عزلوهآ في منطقه محصوره وأفق ضيق من الناحيه الحياتيه والفكريه .. وجعلوا مجموعه من الأوصياء يقومون عليها .. ويقررون عنهآ .. وحصروا حريتها وقراراتها فقط في النوم والأكل والشرب ..؟!! تلك هي أبشع طرق الوأد))
اقتباس آخر عن مدارس البنات السعودية الصارمة هناك التي قالت عنها:”المدارس التي من المفروض أن تنشئ محاربات لا تنحني ظهورهن أمام أحد غير الله، على عكس هذا كانت تنشئ سربا من الكائنات التي ترى نفسها كتلة من الفتنة ينبغي لها أن تتعفن بين الجدران“.
وفي هئا المقام أتذكر اقتباسا للشيخ الألباني يقول فيه:((وإني لأعتقد أن مثل هذا التشديد على المرأة، لا يمكن أن يخرج لنا جيلاً من النساء، يستطعن أن يقمن بالواجبات الملقاة على عاتقهن ، في كل البلاد والأحوال، مع أزواجهن وغيرهم.....كالقيام على خدمة الضيوف، وإطعامهم، والخروج في الغزو، يسقين العطشى، ويداوين الجرحى، وينقلن القتلى، وربما باشرن القتال بأنفسهن عند الضرورة، فهل يمكن للنسوة اللاتي ربين على الخوف من الوقوع في المعصية -إذا صلت أو حجت مكشوفة الوجه والكفين- أن يباشرن مثل هذه الأعمال وهن منقبات و متقفزات؟
”أبي الرجل الطيب الذي تقوس ظهره كي يمنحني أنا واخوتي سقفا ودفئا، وخبزا وماء، الرجل الذي يحرص على أن يغلق باب المنزل بإحكام قبل أن يضع رأسه على المخدة وينام، كي يتأكد من سلامتنا من اللصوص والقتلة نسي أن يغلق باب قلبي ويحتفظ بالمفتاح ليسلمه لأول رجل يطرق الباب من أجلي، لا يعلم أبي أن اللصوص والمجرمين ليسوا في الشوارع فقط، انهم بيننا يظهرون بهيئة الملائكة والفرسان والنبلاء، يستهدفون قلوب الجميلات.
لا يعلم أبي أن الحب لم يعد يتسلل من شقوق النوافذ والأبواب، كل شيء صار يقدم جاهزا بضغطة زر.“
تعليق:
هذا الاقتباس مؤلم حقيقة للآباء الذين يشقون ويتعبون ولكنهم لا يربون ولا يعرفون أساسيات التربية ولا ركائزها ولا كيفياتها، إنهم يكتفون بإغلاق النوافذ والأبواب المؤدية إلى المحظور بحسب تفكيرهم، فيما يتناسون أن كل ذلك التزمت والمراقبة والتجسس لن يصنع طاهرة عفيفة، اضافة إلى أنها وسائل أكل عليها الدهر والشرب، فلم تعد تجدي في وقتنا المفتوح على كل شيء.
الكثير حين يقرأ الرواية سيعيبها،(كما كنت أفعل دوما بنظرة متعالية من منطلق تربتي الدينية)، لكن لن تجد أحدا يتفهم السبب وراء تفلتهن وتمردهن، ستجد فقط الألسنة الجاهزة لتوزيع الأحكام والاتهام، وما أسهل فعل ذلك، وما أكثر ما نفعله.
لن تجد التعاطف معهن ولا الانصاف لمعاناتهن ولا لأسئلتهن وحيرتهن المبثوثة بين السطور.
ولن تجد تحليلا لنفسياتهن، ولا دراسة لأسباب انتكاساتهن.
لن تجد أحدا يعتبرهن ضحايا، ستجد فقط من يصنفهن ضمن أعداء الدين والأمة.(وإن كن بأعمالهن هكذا).
لن يعتبر هؤلاء من الأبناء(وإن أخطؤوا)، انما سيصنفون فور ضمن الأعداء، في تبرؤ تام منهم على عكس منهاج التبي صلى الله عليه وسلم حين تعامل مع كفار قريش، أو عصاة المسلمين، كان دوما يعتبر قريشا أهله، وهؤلاء المخطؤون أبناء.
إنك لن تجد نظرة الرحمة ونظرة الانسان. ولا نظرة المربي أو المشفق على حالهن.
قرأت كتابا قيما كاملا حول تلك الروايات وصاحباتها، لم يفعل فيها صاحبها شيئا سوى الإشارة إلى مواطن الفساد، بينما أهمل ذكر منبع الداء.
وكتب كثيرة ألفت حول التبرج والسفور وقضايا المرأة تناولت كل تلكم المشكلات بفوقية وسطحية ولم تسع لفهم المرأة وفهم طبيعتها واحتياجاتها واعتبرت هواجسها أمرا مرعبا.
حتى أن الكتب المؤلفة لعقد من الزمان حول المرأة، تناول المسائل العتيقة المعروفة لدى الجميع فذكر الدكتور عبد الكريم بكار:((نظرت فيما كتب حول المرأة المسلمة عبر الخمسين سنة الماضية فوجدت أن 80% منه يركز على كيفية صونها والحفاظ عليها وبالتحديد حول حجابها وشروط عملها خارج المنزل واختلاطها بالرجال اﻷجانب. أما ال 20% فإنه يركز على تنمية المرأة!
في نظري كان الواجب هو العكس تماما فنحن في حاجة إلى اﻷفكار واﻷدبيات والمبادرات التي تساعد المرأة على أن تكون أما ممتازة وداعية مؤثرة ورائدة في العمل الخيري....
طبعاً معظم الكتابات كانت بأقلام الرجال أو بأقلام نساء يرددن ما يقوله الرجال مع أنه في نظري لا يفهم المرأة إلا المرأة.
كلي أمل أن تتغير هذه الصورة الباهتة.))
والكثير من كتبنا ومؤلفاتنا (خصوصا المؤلفات السعودية والخليجية، حتى أنني عزمت على أن لا أقرأ للخليحيين لأن مؤلفاتهم لم تقنعني يوما) التي تتناول القضايا المعاصرة كقضايا المرأة والتبرج والتمرد والإلحاد لم تخرج عن نمط ردات الفعل العاطفية.
فتجد كتابا كاملا عن الإلحاد، وحين تقرأه تكتشف أن الكاتب ذكر الأسباب والمسببات والنتائج وربطها كلها بالقوى الغربية والماسونية والأيادي العلمانية، والغزو الثقافي، وحين تكمل الكتاب وتطويه، تحس أنه لم يشف غليلك، لم يكن مقنعا لك بالشكل الكافي، وتحس أن هنالك حلقة مفقودة.
ذلك أن هؤلاء الكتاب غير منصفين سواء أدركوا ذلك أم لم يدركوه، وتناولنا للقضايا المعاصرة لا يزال سطحيا جدا، ستجد أولئك الكتاب وخصوصا الخليجيين يتناولون في كتبهم أو بحثهم كل شيء، لكنهم لن يتناولوا السبب الأول لذلك ألا وهو *نحن*، لا يوجد اعتراف بالقصور أو التقصير
لن يتنالوا في مؤلفاتهم منظوماتنا الدينية، قصورنا الفكري والمعرفي، سوء تطبيقنا لإسلامنا، وتغييب بعض النصوص الدينية على حساب بعضها الآخر.
التشدد، ضعف الخطاب الديني، وضعف الأهلية لدى البعض ممن يتقلدون تلكم المؤسسات.
وكل هذا يؤدي إلى ضعف الاحتواء، احتواء شبابنا وأبناءنا وتقبل أسئلتهم و أخطائهم، وتبديد حيرتهم.
فلماذا نسعى بأنفسنا إلى طرد شبابنا وبناتنا إلى منظومات فكرية أخرى، في حين أننا قادرون على احتوائهم واحتوائهن في منظومتنا نحن؟!
وأننا إذا لم نسع على نحو جاد لإصلاح شأن أبناءنا من أفق مبادئنا ومنطلقاتنا ورؤانا، فإن غيرنا سينجز المهمة وفق ما يراه، وعلينا آنذاك ألا نلوم إلا أنفسنا.
بقلمي شمس الهمة

ما هي العربية التي تحبونها؟

ما هي العربية التي تحبونها؟!

كما هو معروف أننا ابتعدنا كثيرا عن قواعد لغتنا الأم، ونقاط القوة والجمال فيها، فصرنا لا نتذوق كلام الأولين لأننا ببساطة لا نفهمه، ولا نتقنه.
فصار الكتاب العرب المعاصرون يكتبون بدون إلمام ولا اتقان، ولمس هذا جميع الفنون من نثر و شعر
فاختل الوزن والنظام، وفسد الذوق العام.

لدرجة أن شيخ العربية أبو فهر محمد محمود شاكر قال:((فمنذ وقت طويل، لم نعد نملك في أذواقنا عبقرية اللغة العربية، يمكننا أن نستبنط من موازنة أدبية نتيجة عادلة حكيمة.))

ويقول الطنطاوي ذات الشيء تقريبا عن شعر الحداثة وكتابات الكتاب المعاصرين.

لكن كمبتدئين في هذا العالم قرأنا للرافعي والمنفلوطي وغيرهما
وقرأنا لأدهم الشرقاوي والعتوم وأحلام مستغانمي ومي زيادة وغسان وغيرهم.
لكن الجميع حين يقرأ للرافعي يحس بالصعوبة والارهاق فيلتفت لكتابات أحلام مستغانمي وغسان فيجد السهولة والبساطة والجمال وانسياب الحرف متزامنا مع دفق الشعور ودقة الوصف.

لكنك ان أثنيت على فنيات وأسلوب هؤلاء المعاصرين تقابلك وجهات نظر معاكسة وعدم اعتراف بأي جمالية في طريقة كتابة هؤلاء بينما يتم الثناء فقط على الرافعي والمنفلوطي وووو

شخصيا حين قرأت للرافعي ستة مؤلفات لم ترقني سوى ثلاثيته(وحي القلم) لقد كانت العمل الخالد المجمع عليه من جميع القراء بالجمال، في حين لم ترقني كتبه الأخرى التي قرأت، وأصابتني بالارهاق والملل.

لم أكن أعرف لماذا، ولم أكن أجرؤ على قول أنها لم ترقني مثل سلسلة وحي القلم، حتى وقعت على مقال للشيخ الطنطاوي قال فيه أنه كان منبهرا لفترة بالرافعي ثم زال ذلك الانبهار بعد أن وقع على كتب المنفلوطي لأنه وجد في كتب الأخير بساطة الكلمة ودفق الاحساس في مقابل التكلف الذي كان متبعا في كتابات الرافعي. فقال عنه:((وعلى رأيي أن الرافعي قد بدلته الأيام، فلم أعد أستحسن من الأساليب إلا ما قارب الطبع وبعد عن الصنعة)).
ثم قال أنه مالبث أن زال انبهاره بالمنفلوطي حين قرأ رفائيل للزيات فوجده كنزا من كنوز النثر.

لأعترف أن كلام الطنطاوي أراحني قليلا، فأن تحس أنك بعيد جدا عن لغتك الأم ولا تحسن تذوق ما يجمع عليه الناس، يشعرك وكأن اللسان استعجم، وأن ذوقك كاسد فاسد.

غير أن القراءة لبعض الكتاب المعاصرين(الروائيين بالتحديد)، الذين ذكرت أسماء بعضهم وأتحفظ عن ذكر أسماء البعض الآخرين بسبب فساد مضامين ما يكتبون، لطالما أبهرني وسحرني واجتذبني بقوة، ذلك أن طريقة السرد والوصف رائعة، اضافة إلى رصد الأحاسيس والمشاعر والانفعلات البشرية بدقة لامتناهية، ولم أكن أعرف الفرق بين كتاباتهم وكتابات الأدباء الكبار حتى وقعت على اعتراف من الشيخ سلمان العودة قال فيه:((قراءة تلك الروايات على مافيها من مجون صارخ، عودني سهولة التعبير، وتجنب الضغط على الحروف أوالتفاصح، والتنطع في المخارج كما كان يوصي به أئمة اللغة كأبي عمرو بن العلاء والأصمعي)).
ولعلي أضيف هنا أن الزخرفة اللفظية، والاهتمام بالمحسنات البديعية لطالما كان سمة في عصور التراجع.
وبهذا ارتحت قليلا أيضا، لكنني لا أزال أحبو وأتعثر وأتعرف على كتاب جدد وأساليب وطرائق جديدة.

- أنتم ما رأيكم؟!
- ‏وأي أسلوب تحبذونه؟!
- ‏وأي كاتب تعتقدون أنه فاتنا الكثير لأننا لم نقرأ له؟!

#شموسة


كلام عن الصداقة

كلام عن الصداقة:

يجمع الخبراء والعارفون على أن الصديق لا يسمى صديقا حتى يجرب، وأن الانسان لا يعرف شخصا ما رجلا كان أو امرأة حتى يمتحنه عند الشدائد أو المواقف، وأن ما يظهر من الناس في البدايات دائما جميل، ولكن الجميع يتغير بعدها.
ولذلك كانت هنالك قواعد اتفق عليها العارفون لمعرفة الأشخاص لخصها سيدنا عمر بن الخطاب في جملة من أبلغ ما قيل، وفي معناها أنك لن تعرف المرء حتى تبايعه أو تشتري منه أو تستدين أو العكس، أو تشاركه في عمل أو تجارة، والثانية أن تصاهره ، والثالثة أن تسافر معه، ويشمل ذلك أن تساكنه الغرفة الجامعية أو غرفة مشتركة في العمرة أو الحج.
وأذكر في هذا الصدد ما قاله الشيخ الطنطاوي رحمه الله في كتابه "مع الناس"، أنه كان له صديق لم ير منه إلا كل جميل لأزيد من ثلاثين سنة، ثم قدر الله أن يسافر معه، ويشتركا بنفس الغرفة فقال أنه ظهرت  بينهما اختلافات بحجم الاختلاف بين المشرق والمغرب.
ليلة واحدة في غرفة مشتركة كشفت الكثير.
ولعل بعضهم يضيف عامل الأيام وما يعتري الناس من فقر أو غنى تجعل الأشخاص يتغيرون ويتبدلون أيضا.
غير أن هذا كله ليس ما أود قوله، فليس بجديد علي ولا أظنه بجديد على من خبر الحياة.
قصة اليوم علمتني شيئا آخر، لا يصنف مع ماذكرت آنفا.
إنها قصة روتها لي احداهن عن صديقتها، ولغرابتها وغرابة النفس والطباع البشرية وجدتني أكتب عنها.
هي قصة لصديقتين حميمتين جدا في كلية الطب، قضيا معا سبع سنوات كاملة في صحبة عايشا معها الحلو والمر وتجاوزاه معا.
كانت الفتاة (أ) تحدثني عن جمال أخلاق صديقتها(ب)، ونقاء سريرتها وحبها الكبير لها فكانت الفتاة (ب) تدافع عنها في غيبتها، ولا تقبل أحدا يتكلم عنها بسوء حتى عرف عنها ذلك بين جميع الصديقات، وغبطنها على صديقة مثلها.
قالت الفتاة (أ) أنها لم تكن مشتركة مع الفتاة (ب) بنفس الغرفة، وحدث في السنة الثالثة أن اضطرا لتشارك نفس الغرفة الجامعية، فكان أن حذرهما الجميع أنهما سيخسران صداقتهما، فتشارك غرفة يمكن المرء من اكتشاف عيوب صاحبه، ولربما أدى ذلك الاكتشاف والاختلاف إلى المشاكل فالتنافر والتباغض.
تقول الفتاة(أ) أنها كانت خائفة جدا من هذه الخطوة، مخافة أن تخسر صديقتها للأبد كما حدث مع كثيرات.
لكن لم يكن أمامها حل آخر، فقد اضطرتهن الظروف لذلك.
مضى الأمر على خير، ولم يحدث بينهما ما كان يحدث عادة بين الشركاء الجدد، وتوطدت صداقتهما أكثر فأكثر.
كانت السماء صافية، والعصافير تزقزق، والأجواء رائعة بينهما طوال ثلاث سنوات أخريات مضافات للسنوات الثلاث الأول، وبهذا تمت لهما ست سنوات كاملة من الألفة والمحبة.
ما حدث في السنة السابعة قلب كل الموازين، وكل ما تعارفه الناس في باب الصداقة، وتحولت العقدة المتينة إلى خيوط بالية انفصمت عراها إلى الأبد.
ذلك أن الفتاة(ب) تشاركت الغرفة الجامعية مع أخرى لظروف خارجة عن إرادتها، وكذا أصبحت الفتاة (أ) تتشارك غرفتها مع فتاة أخرى.
تقول الفتاة(أ) أن صديقتها بدأت تتغير عليها بالتدريج، ثم حدث بينهما خلاف بسيط كما يحدث بين جميع الأصدقاء، لكن الخلاف أصبح عداوة، ولم تفلح الفتيات في اقناع الفتاة (ب) بالصلح رغم صغر المشكلة وتفاهتها، والأعجب أنها الطرف الظالم في المشكلة حسب الشهود.
حدثتني تلك الفتاة بصدمة وحزن عميق فهي لم تتوقع يوما أن تفترق عن توأم روحها لانسجامهما وحبهما العميق تحاه بعضهما.
حدث ما حدث وتفرق شمل الصديقتان، وفشلت كل المساعي لجمعهن ثانية، واستمرت الأيام من جديد.
تقول الفتاة (أ) أنها بعد بحث وترو، و تفكير وتأمل وصلت إلى نتيجة حللت بها شخصية صديقتها فهي بها أعرف.
قالت أن صديقتها تلك هي الوحيدة لأم مطلقة، تحبان بعضهما وتخافان على بعضهما البعض فليس لهن في الدنيا أحد، وكانتا تهتمان ببعضهما أيضا.
وكانت شخصية الفتاة(ب) انطوائية، وعدوانية أحيانا مع الآخرين، ولا يعرف جمال شخصيتها إلا المقربون.
لكنها تقول أنها شخصية هشة، ضائعة، وضعيفة بحيث يلزم عليها دائما أن تسند نفسها بشخص ما فتحبه وتخلص له والأعجب أنها تذوب في شخصيته وتتبعه مثل ظله.
وما حدث معي تقول الفتاة(أ) أن تلك الفتاة كانت مجرد ظل، أو انعكاس لنفسي، أما الفتاة حقيقة فلم تكن موجودة، لقد ذابت تماما فصارت هي( أنا) الأخرى.
وما حدث بعدها أنها حين تقاسمت الغرفة مع شريكة أخرى، لعبت معها نفس الدور تماما، فأحبتها وأخلصت لها، وأصبحت مثل ظلها، لقد ذابت مجددا في شخصية صديقتها الجديدة.
#شموسة



تلك البرامج تلوث الفكر

تلك البرامج التلفزيونية تلوث الفكر!!

في أحد نقاشاتي مع ذلك الأمريكي، كنت أتعمد لغة الانتقاص منهم لكسر نبرة الغرور والتسيد المعتادة، واظهار أننا نعلم عنهم أكثر ما يعلمون عنا(كشعوب ومواطنين لا أقصد الساسة والخبراء طبعا)، فنشرت ذات مرة صورا لكافة مشاهير الإعلام لديهم كأوبرا وينفري وبرنامجها الشهير، والدكتور phil والدكتور OZ، ستيف هارفي وغيرهم الكثير.
وكذا الكثير من أشهر الطباخين كإمريل لاغاسي والمتألقة مارثا ستيوارت وغيرهم.
فكرت أنني سأحرجه اذا بينت له معرفتي بهؤلاء في مقابل أن أطلب منه المثل لأظهر عجزه وجهله.
حقيقة انطباعه الأول كان الدهشة بعض الشيء، فقد كان يتوقع أن المسلمين يرفضون الآخر جملة وتفصيلا، وأنهم متقوقعون على أنفسهم، لكنه فوجئ بالعكس.

ثم علق بكلام آخر لا أنساه، قال أنه لا يتابع تلك الحصص والبرامج، وأنه حينما تضيق نفسه قليلا ويجد فسحة في وقته المزدحم فإنه يشاهد توم وجيري والكلاسيك كارتون.

قال بالحرف أن تلك الحصص والبرامج تلوث الفكر، وتسمم العقل، وتوجه الفرد وفق ماتريد.
وأن العقل لن يكون بكامل حريته إلا اذا أعرض عنها والتفت للكتب، وقال أنه مكتف بالكتب ومدمن على القراءة.
حقيقة خجلت من نفسي يومها، فقد كنت مدمنة لبرامج التلفزيون وكنت قد هجرت مكتبة الوالد لسنوات بسبب جاذبية الفضائيات آنذاك، وكانت تلك معلومة جديدة علي تماما، قضيت أشهرا أتأمل كنهها وأتأكد حقيقتها التي ثبتت مع الأيام.

#شموسة




نعمة اليوتيوب

نعمة اليوتيوب:

الأسبوع الفائت واجهتني مشكلة تعطل آلة الغسيل، اخوتي الذكور كانوا غائبين عن البيت ما بين عمل بعيد ودراسة في الجامعة.
ووالدي كان مشغولا جدا لأمر ما، فلم يكن متفرغا لإصلاحها.
لذا ألجأتني الضرورة للبحث عن سبب الخلل بنفسي، اعتقدت أنه عطل يسير بسبب التكلس فاقتنيت مزيل الكلس، لكن الأمر لم ينفع.
لذا رحت أبحث في اليوتيوب فوجدت عدة مقاطع لمشكلات تم اصلاحها بسرعة.
قمت بتحميل ما أحتاجه من فيديوهات ورحت أعيد المشاهدة كل مرة لترسيخ الأمر.
ثم قررت المغامرة، والمحاولة على طريقتهم، وفعلا تمت العملية بنجاح وتم إصلاح الغسالة.
وأتذكر أيضا الصائفة الفائتة، اضطرني ظرف ما أنا ووالدتي فغبنا عن البيت أسبوعا وتركنا فقط الذكور لوحدهم في المنزل لأول مرة رفقة والدي.
اعتمدوا طيلة أسبوع كامل على النواشف، ولم يقوموا بتحضير أي شيء.
وفي يوم الجمعة آخر الأسبوع حين عدنا في المساء فوجئنا بصحن كسكس كبير في الثلاجة.
خمنت والدتي أن بعض جاراتنا بعثت بها لاخوتي، وحين عاد أخي سألته عمن جلب لهم الكسكسي.
فأجاب أن لا أحد، وأنه من قام بتحضيره.
لم نأخذ كلامه على محمل الجد طبعا، واعتبرناه مزحا.
لكنه أخذ يؤكد ويعيد ويحلف ويزيد.
قال أنهم هِلكوا من النواشف.
وكان المعتاد عندنا ككل الجزائريين تحضير المسكسي بيوم الجمعة، فاشتهاه وقام بتحضيره
فسألته والدتي قائلة: ومنذ متى تجيد تحضير الكسكسي، ومتى تعلمت ذلك؟
فأخبرها أنه كان يلاحظ العملية حين نقوم بها، فاكتسب الخبرة.
لكن والدتي لم تقتنع بذلك، فهي تعرف أنه لا ينتبه الينا البتة حين نقوم بعملية الطبخ، ناهيك عن أنهم في الخارج طيلة الوقت.
فأقر أنه كان يمزح، وقال لي أنه شاهد العملية في اليوتيوب، وطبقها بحذافيرها. هههههه
***********
أقول هذه المواقع بحر من الكنوز إن أجدنا استخدامها.

مشروع أصبوحة



مشروع أصبوحة:
كلنا تقريبا يعرف على الأقل أن مشروع أصبوحة لصناعة القراء، شخصيا هذا ما كنت أعرفه منذ انطلاق المشروع، ولأن برنامجهم مسطر بعناية، ويقتضي القراءة اليومية ووضع المراجعة كل يوم، دفعني هذا إلى تأجيل الالتحاق بهم كل مرة وأنا أشاهد كل يوم منشورات الأصدقاء على الفيس بوك.
إلى أن نصحني الاخوة بالمجموعة )عشاق الكتب_ الجزائر)، بالالتحاق بالمشروع، وحين قرأت شروط الالتحاق أجلت الانضمام كرة أخرى بسبب المسنجر، فعادة كي أكمل قراءة كتاب أغلق الفيس بوك بسبب ضغط رسائل الصديقات، ولأنني حين أقرأ أحبذ أن لا تلهيني وسائل التواصل الاجتماعي، ناهيك أنني لا أملك المسنجر وأكرهه جداا.
سبب آخر كان يثنيني عن الالتحاق ألا وهو اعتمادي برنامجا للقراءة المتخصصة حيث سطرت لنفسي برنامجا يضم 90٪ فقط قصص وروايات لحاجة في نفسي، ومشروع أصبوحة لا يساعدني في هذا الأمر فهو مشروع صناعة قارئ وليس كاتب، ويعتمد في برنامجه على 99٪ من الكتب المنوعة فقط، وان كان يضم رواية أو روايتين (لا أعلم بالتحديد).
والكتب المبرمجة للقراءة متواجدة برف أصبوحة وأنت لك حق الاختيار مابين الكتب الفكرية أو الدينية أو الأدبية أو غيرها.
لكن ما كنت أجهله أن لديهم خيارا آخر يتيح لك البقاء على برنامجك الشخصي في القراءة، ألا وهو ميزة (الاختيار الحر)، فتختار كتابا من رف أصبوحة وحين تنهيه يحق لك انتقاء ماتشاء وتحسب لك نقاط الاختيار الحر أيضا.، والءمر الآخر أنه يمكنك الالتحاق بدون مسنجر (وهذا ما أراحني كثيرا).
قرأت بعد ذلك عن تجربة احداهن بعد سنة من الالتحاق بأصبوحة، حيث ذكرت بأنها لم تكن تقرأ بسبب ضياع وقتها على الفيس بوك، وحين التحقت بأصبوحة التزمت بالورد اليومي المقدر بست صفحات في اليوم، وحين أكملت سنة مع المشروع أصبحت تقرأ كتابين في اليوم.
هذه التجربة حفزتني للانضمام مؤخرا، وكنت خائفة من عدم الالتزام لأن وقتي يتحكم به الآخرون إلا أنا، فيقتطعون منه ما يشاؤون، ويتحكمون به كما يرغبون، وليست لدي القدرة على الاعتراض فالمسؤوليات عادة تفرض عليك هذا.
لكنني غامرت بغية اكتشاف حسنات التجربة على الأقل، لذلك أصبحت عضوة في المشروع، واكتشفت أن الالتزام معهم سهل وميسر ويعلم الانضباط.
ناهيك أن المشروع وفكرة المشروع تناسب جدا رواد وسائل التواصل الاجتماعي، وتعتبر أنجع دواء لشتات وضياع الأوقات التي تسببت به هذه المواقع للجميع.
ففكرة المشروع ابداعية ورائدة وسباقة، لا أدري حقا كيف اهتدى صاحبها (Ahmed AlShammari) إلى هاته الفكرة العبقرية.
فكرة المشروع:
برنامج أصبوحة وكأنه جاء كخلاص لأولئك الشباب الذين يعانون ادمان الفيس، وتشتت وتسرب أوقاتهم فيه، لذا ابتكر صاحبه طريقة ميسرة وناجعة لمن التزم بها، ناهيك أنها تطبيق حرفي لوصية الرسول صلى الله عليه وسلم التي تقول:((أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل)).
ففكرة أصبوحة تعتمد القراءة المنهجية المتأنية، اختيار كتاب، وقراءة ست صفحات منه على الأقل في اليوم، وكتابة أطروحة صغيرة لما فهمته من تلك الصفحات.
حتى أن قائدتي بالفريق تسمي ما نقرأه في اليوم بالورد اليومي، وهي مسؤولة عن جمع نقاط أطروحاتنا وتنبيهنا بالاشارة اليومية لوضع وردنا اليومي من القراءة.
لفظة الورد اليومي هزتني كثيرا، كوننا نعتمدها في قراءة القرآن الكريم، ولكم تمنيت أن يخرج علينا أحد الأفاضل الملمين بعلم القرآن الكريم بهكذا مشروع(صفحات معينة من القرآن نقرأها+تفسيرها+ ونستخرج منها فائدة أو اعجازا أو مناسبة أو صورة بلاغية) تخيلوا معي لو تم لنا هذا الأمر، كم من فائدة سنجنيها، وكيف سينقلب حال الأمة بعدها؟
لعمري أن فكرة أصبوحة أثبتت فاعليتها ونجاعتها، ولا يدرك ما أقول إلا سفراءها وأعضاؤها الذين خبروا أثرها وعرفوا الآلاف الذين التحقوا بها، إنها خلية نحل بمعنى الكلمة.
أصبوحة كانت فكرة طالب بكلية طب الأسنان، عراقي اسمه أحمد الشمري في سنته الرابعة ويدرس بجامعة في الأردن، وانطلاقة المشروع ومهده كان دولة الأردن، ثم توسع ليصبح مشروع أمة.
فأي فكرة هذه؟
وأي همة؟
وأي قبول وضع له في الأرض وبين الشباب؟
ماشاء الله، تبارك الرحمن، فاللهم زد وبارك
أصبوحة الآن بفضل الله أكبر مشروع عربي لصناعة القراء، وهو يعتمد على فكرة التطوع فقط، فكل القادة بالمشروع كانوا سفراء من قبل وتمت ترقيتهم ليصبحوا قادة مسؤولين عن مجموعة من السفراء، وكلمة سفير هنا يقصد بها (القارئ الجديد المنضم حديثا للمشروع).
ولعلي أذكر طرفة حول الموضوع، هي أنني عضوة بمجموعة للقراءة لصبايا من دولة شقيقة للأردن، وكلما حدثتهم عن مشروع أصبوحة، أجدهن يجهلنه تماما فيسألنني(شو هي أصبوحة؟!، وما معنى أطروحة؟!)
بالرغم أن المشروع عملاق جداا، ولا تجد مجموعة قراءة لا تعرفه، خصوصا عندنا بالجزائر
فقد تغرس بذرة بكل مكان، لكن الحصاد قد يأتيك من أقاصي الأرض.
ولعل آخر ما أختم به، الرجاء من الجميع بأن يجربوا الالتحاق بهذا المشروع.
ورجاء آخر أن تقوموا بنشر فكرة المشروع بين أصدقائكم وأحبابكم، أبنائكم وتلاميذكم.
ولعلي هنا أذكر تجربتي الشخصية في هذا الأمر والتي تكللت بالنجاح بفضل الله، حيث أنني روجت لبرنامج أصبوحة في مدينتي النائمة، وكان أن تم إنشاء ناد للقراءة يعتمد كثيرا على أساسيات فكرة أصبوحة.
كم أتمنى حقا لو يقوم كل فرد منا بنقل تجربته إلى حيه وقريته ومدينته.
وتذكروا:
«الثورة بلا مثقف قد تسقط نظاما ولكنها لا تحقق نهضة، إن الثورة التي لا تسبقها ثورة ثقافية هي ثورة تمشي على رأسها، وهذا ما نلاحظه اليوم في وطننا العربي، كل تجارب الإنسانية قديما وحديثا تشير إلى هذه الحقيقة.» ياسين حسن
أعتقد أن الثقافة هي التي ستصنع لنا المجتمع الراقي الذي نبغيه.
#بقلم#شمس_الهمة

لا تتركوا الأمهات وحيدات

لا تتركوا الأمهات وحيدات:

حين كنا صغارا، نتحلق جميعنا حول التلفاز في الصالة الرئيسية، شاعرين بدفء أسري لاجتماعنا، ولقرب المدفأة من كل غرف البيت، والتي كانت تبعث بحرارة تعم كل أرجاء المنزل الصغير.

في حين كان والدي يقبع بغرفة مكتبه المظلمة إلا من ضوء خافت ينبع من مصباح صغير على مكتبه، عاكفا على تصحيح الأوراق، أو كتابة المذكرات التي غالبا ما كان يكورها بين يديه ويرمي بها في سلة قريبة، ليعيد كتابة أخرى.

أما والدتي فكانت تقبع في الرواق على هيدورة بجانب المدفأة، وكانت غالبا ما تضع لنا حبات الفول السوداني فوقها لتصبح مقرمشة، في حين كانت تقوم بتقليبها، ثم تعكف على حياكة كنزة أو شال صوفي لأحدنا.

كان مكانها استراتيجيا جدا، فهي ترى وتسمع كل حركاتنا وسكناتنا، وكذا حركات والدي فيشعرها ذلك ويشعرنا نحن أيضا بالقرب.
والدتي لم تحب التلفاز يوما، ولا بهارج الدنيا وزينتها، فكانت أغلب الأوقات وحيدة، مبتلاة بمرض التأمل والتفكير، تهرب من الوحدة والحزن الدفين إلى أعمال المنزل أو حياكة الملابس، وكان الدمع عندها عادة تبكي في فرح وفي أحزان.

والدتي شخص رقيق حساس جدا، لدرجة أنها تبكي دوما في قصصها الأيتام، وتحس بكبار السن وتذكرهم دوما، وتعطف على الصغار، وحتى الحيوانات والحشرات.

قلبها فياض بالرحمة والمحبة فلو دخلت ذبابة غرفتها، تفتح الأبواب والنوافذ على مصراعيها لتعود تلك الذبابة إلى النظام البيئي.
وقد حصل هذا أمام عيني مرة، فلقد كنا بالسيارة، وحدث أن دخلت نحلة وكنا قد أغلقنا النوافذ، فبقيت تطن وتدور وتدور، ففتحت والدتي نافذتها الجانبية، وساعدتها على الخروج بحركة من يديها، وخاطبتها قائلة:(لعلك تنقذينني من حر جهنم كما أنقذتك).

كنت الوحيدة من بين اخوتي التي تتسلل من مكانها لتفقد أمي، خصوصا إن كان الكرتون يضم قصة حزينة تدفعني بشدة بالاحساس بوالدتي، وكذا ان كان الكرتون مضحكا، فنستغرق في ضحكات متواصلة، أندم عليها أيضا، وأحس بتأنيب الضمير، فأذهب لتفقد والدتي.

كنت أرغب بمواساتها، ومشاركة أفكارها، وكان أملي ادخال السرور على قلبها، لكنني كنت أفشل في ذلك فشلا ذريعا، وينقلب الأمر إلى الضد من ذلك، فأسبب لها القلق والحزن.
كانت تستغرب مجيئي في غمرة انشغال اخوتي وانغماسهم، فتحاول معرفة السبب، فتأخذ في سؤالي، علها تفهم سبب سلوكي الغريب ذاك.
وكنت أنا لا أجد شيئا أدفعها به إلى البوح ومشاركتي ما يقض مضجعها ويسكن تفكيرها.
كانت تدفعني إلى الكلام، فأشاركها قصة الكرتون المحزنة تلك، وكان ذلك رغبة في جرها لكلام آخر، فكانت أسئلتي لها من قبيل( ماما لماذا هذا العالم سيء، لماذا هنالك فقد، وأيتام، وحروب، وفقر؟)
وعيوني تختزن دمعات توشك على الانفلات، وغصة في حلقي تحسها والدتي أثناء كلامي.

لكن والدتي لم تفهم يوما سبب ذلك السلوك، وكان ذلك يؤرقها ويحزنها أكثر، فلطالما سمعتها تردد لوالدي (طفلتنا هذه هشة جدا، ليست مثل بقية اخوتها، أنا خائفة عليها).

كبرنا وتفرق اخوتي ما بين عمل ودراسة، وأضحت والدتي أكثر وحدة عن ذي قبل، خصوصا مؤخرا مع أحداث الحراك، وانغماس والدي الكبير مع هاتفه خائضا حروبا وسجالات وجدالات لا يعرف أحد متى ستنتهي، وإن وضع هاتفه أدار الدفة إلى قناة الجزيرة وأشباهها.

كبرت أنا أيضا، ولا زلت كلما انغمست مع وسائل التواصل الاجتماعي، أشعر بعدها بتأنيب الضمير، ولا أرتاح إلا اذا وجدتها رفقة والدي يتجاذبان أطراف الحديث عن مستقبل الأيام، وذكريات الزمان.

اتركوا هذه الأجهزة قليلا، دونكم أمهاتكم، قبلوا أرجلهن، ودلكوا أقدامهن، فهناك تقبع رائحة الجنة.

#شموسة


انها كنز


إنها كنزي:
لا أحد يعلم أنني من هواة اكتشاف الكنوز، وكثيرة هي الكنوز التي اكتشفتها في هذا العالم.
وبحمد الله عدد ما جمعت من الكنوز يفوق ما صادفت من غير ذلك.
وبفضل الله لم أواجه المشكلات ولا الأشخاص السيئين ولا أتذكرهم ولا أتذكر أي حادثة بذلك.
ذلك أن لي نفسا تشبه النحلة، لا تحب أن تقع إلا على طيب
وفي هذا العالم الأزرق كل صويحباتي أعدهن كنوزا.
ولعل آثر كنز عندي أخفيه عن الجميع.
هل بسبب الأنا؟ هل مخافة أن يتشاركه معي غيري، أم لأنه أثمن شيء، فأنا أحفظه وأصونه عن الأعين.
انها صديقة من بلاد القبائل.كاتبة وشاعرة بلغة موليير، وخبيرة تنمية بشرية.
كيف عرفتني أو كيف عرفتها؟
صدقا بالصدفة؟
لا ليست بالصدفة، ولا أؤمن بعالم الصدف
انها هدية من الله لي.
كنز وضعه الله مقابل عيني.
هذه الصديقة يا جماعة، حطمت كل ما تعارف عليه الناس.
لم تكتف بأنها أحبت حروفي وثرثراتي.
بل كانت تشجعني وتثني علي.
وكثيرا ما عرضت علي المال وهي مجرد معلمة، بغية نشر كتابي الأول.
لقد حاولت معي كل الطرق لتحقيق هذا الأمر، ولازالت إلى اليوم مستعدة لتحقيقه.
طيب لماذا؟ وما الفائدة التي ستجنيها؟
لقد قالت لي بالحرف أريد ادخال السعادة لقلبك، أريد مساعدة أحدهم لتحقيق حلمه، أريد مشاركة السعادة مع شخص يحلم.
انها ببساطة مثال لما كان يفعله الصحابي مع أخيه المسلم، يضع التمرة في فم أخيه، فيتحسس حلاوتها في فمه.
انها كنز عثرت عليه وحدي، انها كنزي أنا فقط.
هل أحببتها لأجل المال؟ لا، قطعا.
ولكن أن تجد شخصا مؤمنا بك، أو على الأقل يقوم بتشجيعك في محيط، يحسسك أنك لا شيء كل يوم، في محيط يقتل آدميتك، فتقتنع أنك مش بنادم.
هذا والله ما لا أنساه لها، وهي من الأشخاص الذين تقابلهم لمرة في حياتك، فيسكنون ذاكرتك إلى الأبد.
ومع ذلك لي 11شهرا لم أسأل عنها ولا مرة، هي من يبادر بالاطمئنان علي كل مرة، ولكن ولا مرة قمت بذلك وبادرت.
أتراني أسوء خلق الله؟
ولم تغيرت هكذا؟
ولم أصبحت بهذا البرود والجمود؟
أدور في فلك مظلم هو (الأنا).
ما أقساني، وما أشد برودي
أحتاج دعواتكن حبيباتي
#شموسة

العيد

 تلك اللحظات الحرجة قبيل يوم العيد، ذلك التعب، والضغط، تلك الأمور التي أنجزت نصفها والنصف الآخر ينتظر منك اتمامه حالا، ذلك التوتر، وتلك الأع...