التعلق العاطفي:
الكثير من قصص البنات التي وصلتني في الصراحة مؤلمة جدا، ولم أملك وقتها طريقة أخفف بها ألمهن، ولكن في عزلتي مؤخرا ساق الله إلي قنوات يوتيوب تجيب عن كل تساؤلاتكن..وترشدكن خطوة خطوة للتعامل الصحيح، وأعتبر أن اكتشافي هاته القنوات فتحا وفضلا من الله..فلولاه ماعرفت هذه القنوات..
غالب مشكلات البنات كانت عن التعلق العاطفي، ويقال ان نسبة 90٪ من المشكلات، تطرحها الإناث فقط، أما الرجال غالبا، فلا يعانون من مشكلات العلاقات بقدر البنات..
قصص حقيقية وصلتني، لفتيات في عمر الزهور يعانين بسبب خيانة الشريك.
قصص واقعية مأساوية كثيرة، لفتيات لاقين نفس المصير ألا وهو انتهاء قصة حب طويلة أو قصيرة، خلفت ضحايا يردن شنقن أنفسهن، أو بقايا نساء انطفأت حياتهن وكل مباهجهن، وأصبحن أسيرات للحزن والدموع، وسجينات في سجن ذاكرة لا ترحم.
”بضع دقائق من جرعة حب"أقصد الحب المزعوم" دمرتّ الأسر ، أغرقت العالم كلهّ في جنون دائم، شيعتّ جنائز القلوب بين الشباب، و قضت على مستقبل العديد ، التهمتْ أحلاما ، فتحتْ أبواب الإدمان و القتل والمكر ، دفنتْ في مقبرتها آلاف البنات ، امتصت دماء المراهقات و بهذا تقضي على المجتمعات بأسرها.“
قال أحد الكتاب عن مآسي الحب:
”منذ متى أصبح الحب مقدسا لهذه الدرجة التي تجعلنا منعزلين عن الواقع و نغض الطرف عن مخططات الغرب على منطقتنا، اليهود عملوا على مشروعين متوازيين لإفساد البشر هما إفراغ القلب من روحانيته ثم شحنه بالشهوات، وكذا إفراغ العقل من المبادئ وملؤه بالمغالطات، فإن شعر الإنسان بالقرف من عوالم الجنس الحيوانية، دفعوه إلى عوالم الحب المخدرة. الذي قلب مبادئ الشاب من الصراع بين الخير و الشر إلى قصص الحب الهائمة .... يا ترى ما مصير هكذا جيل يبقى طوال سنوات حياته راكضا وراء من يحبه. إذن هي حرب كبيرة يجب على المجتمع كله إدراكها وفهمها الفهم الصحيح لدرء مفاسدها ومخاطرها.“
لا أدري حقا كيف انقلب الأمر ؟! ففي الزمن الماضي، كان الرجال أكثر من يعاني، فوصلتنا أشعارهم وبكائياتهم على محبوباتهم...ولم تصلنا أشعار النساء وقصص عذاباتهن إلا فيما ندر..
ربما مرد ذلك إلى كون الرجل كما قال الجاحظ:
” تحب المرأة اربعين سنة، وتقوى على كتمان ذلك، وتبغض يوما واحدا فيظهر ذلك بوجهها ولسانها..
والرجل يبغض أربعين سنة، فيقوى على كتمان ذلك، وإن أحب يوما واحدا شهدت جوارحه“.
أو أن الأمر يعود كون المرأة العربية الحرة، كانت عزيزة صعبة المنال، في زمن الأسلاف، في مقابل سهولة الفتيات وهشاشتهن في زماننا المعاصر؟“
فكل القصص التي وصلتنا عن محبوبات هؤلاء أنهن كن عفيفات حييات متمنعات..ومتى ما كانت المرأة متمنعة أذلت الرجل وأخضعته وجعلته يطاردها، ويهيم بها في قصائده، ذلك أنه لم ينل منها كلمة ولا لمسة...فالرجل في الأصل مطارد..ويعشق لعبة الصيد والمطاردة..والصياد لا تغريه الفريسة السهلة..فمتى ما حصل على فربسة سهلة ازدراها...وذهب يطارد غيرها..فكل التحدي عند الرجل في المطاردة، وعلى مر التاريخ كان طبع الرجل ولا يزال ..أنه يعشق المطاردة ويعشق التحديات...وعذابه في سبيل أنثى صعبة محبب إليه..لذلك يشتهر تعبير أن( الرجل يعشق معذبته)، يعشق الرجل من لا ترد على رسائله، من لا تظهر له حبها، من لا تتنازل وتتساهل..
أما عن التعلق فيقول علماء النفس أن الفتاة تتعلق في مدة قصيرة لا تتجاوز (15 يوما)، بينما لا يتعلق الرجل ولا يحب بسهولة...
أما الكلام المعسول، وقصائد الغزل في البدايات فليست -في الغالب- حبا كما تتوهم الأنثى، إنما استدراجا لها، ليحصل على مبتغاه.
فالحب أفعال لا أقوال..وإلا كنا لنصدق مذيع النشرة حين يقول لنا دوما أنه يحبنا!!
ولأن الأمر في غاية الخطورة ألفت أحلام مستغانمي كتابها(نسيان com)؛ وأقرت أن الحب في الوطن العربي تسبب بكوارث كثيرة. وقالت: لم يعلمونا كيف نحصن أنفسنا وقلوبنا من الحب، وقد كذبت في هذه، فديننا وشرعنا علمنا كيف نحصن أنفسنا، لكن أحلام ومثيلات أحلام، ومسلسلات التلفزيون، روجت وأججت لمشاعر الحب عند الشباب، وغرست مفاهيم شوهاء عن كون "الهوى سلطان"، وأن القلب ليس عليه سلطان، وأن الوقوع في الحب ليس اختيار، وأننا لا نملك شيئا أمام سطوة الحب ووو..الكثير من هذا الكلام.
لا تكمن الكوارث هنا في حالات تضييع الشرف، الانتحار، والجنون والأمراض النفسية التي قد تصيب الفتاة جراء صدمة الحب فقط..إنما تتعداه لمشكلات أخطر وهي انطفاء الفتاة وانعدام الفاعلية وتضييع الفرص الحقيقية، وتضييع الحاضر والمستقبل..ذلك أن التعلق يتسبب بحالة وهاء نفسي يفقد المرء معها ثقته بنفسه، وقوته وعزمه، ويستسلم للحزن والاكتئاب..
أمام هذا الوضع الخطير ظهر مدونون كثر ومشاهير يحذرون اليوم من الحب، والعلاقات عموما، وينادون بما أمر به الشرع (خطبة وزواج وفقط)، قد تستغربون لو قلت لكم أن غالب هؤلاء (غير ملتزمين)، أشخاص عانوا خيبات الحب ومرارة التعلق، فكرسوا أنفسهم للتوعية بشأن الأمر، ولعلي أذكر اسمين بارزين في المجال(رضوى الشربيني، وسعد الرفاعي) وأسماء أخرى كثيرة جدا، جداا
اكتشف هؤلاء أخيرا أن تلك الحالات ليست حبا، بل مجرد تعلق فقط..
واكتشفوا أيضا أن الحب وحده لا يكفي، وسردوا قصصا كثيرة لأشخاص كثر عاشوا قصة حب جميلة، وانتهى بهم الأمر إلى الطلاق، ذلك ان الحب وحده لا يكفي، والزواج والحياة السعيدة، معادلة يلزم تحقق وتوفر كل شروطها كي تنجح، والحب أحد أركان هذه المعادلة وليس كلها، وبه أو بدونه تنجح مؤسسة الزواج إن توفرت على الشروط الأخرى..
ما تقوم به رضوى الشربيني وسعد الرفاعي وغيرهما مهم جدا وضروري، وقد أسهموا بشكل فعال في توعية الشباب، وانتشالهم من دوامة التعلق..ولعل هذا يحيلنا لسنن التدرج الكونية، فمن عاش الجاهلية، وتاب منها..كان خطابه أقرب للشباب من غيره وأكثر تأثيرا..
لكن الخطورة في تصدر هؤلاء لهذا الملف، أن هؤلاء حين يتفهمون مشكلات الفتيات، ومشكلات هذا الجيل، يصبحون هم البوصلة.
ورغم أني اخترت نموذجين معتدلين يميلان قليلا نحو التدين، ويستشهدان بالآيات، ويدعوان الفتيات إلى العودة إلى الله، والإيمان، لأن مرض العشق من أسوأ وأخطر أنواع الابتلاءات، ويدرك هؤلاء جيدا أن كل نصائحهم، محض محاولات، وأن اللجوء إلى الله هو المخرج الوحيد والمنقذ من هذا الابتلاء.
فرضوى وإن كانت نموذجا مؤمنا جدا وغير معادية لأحكام الدين، قد يصدر منها الخطأ وإن كنت أراه ليس بتلك الخطورة-مقارنة بآخرين- حين تتبنى ردة فعل عكسية، فتقوم بتحريض البنات على العلم والتعلم والشغل، وهذا جيد في حال لم نجعله الأصل في الأمور كما تفعل رضوى..نعم هنالك ضرورة ملحة أن تتسلح الفتاة بالدين والعلم والمهارات، على أن لا تكون عائقا لها في مستقبل أيامها ومع أسرتها..
أما الأستاذ سعد الرفاعي فشخص مؤمن أيضا، لكن يخشى على متابعيه من قضية خطيرة، غالبا لا يتفطن لها المتابع، لأنه يتكلم في تخصصه (فن العلاقات)، فلا يتعداه..لكن رغم ذلك استنتجت منه أنه قرآني، فقد كان يكرر كل مرة أنه يعتمد على القرآن وحده، ولا يعتمد على أقوال الرجال..
والخطر الأكبر في متصدرين آخرين، يخلطون الغث بالسمين، فيمزجون فن العلاقات، بخزعبلات قانون الجذب والبرمجة العصبية وغيرها من الأمور الشركية..
ليس هذا فحسب بل رأيت ممن تكلم في هذا المجال، نساء *عاهرات* معروفات بالفسق والمجون والخلاعة..
وإذ يتكلم جميع هؤلاء نفس الكلام في فن العلاقات، ويطرحون الحيل النفسية، والأساليب الذكية للتعامل مع الجنس الآخر، وكيفية تقوية الفتاة، وأن لا تصبح سهلة المنال..
فإن هذا المزج وهذا التخليط وهذا التصدر من هؤلاء في غياب المرشدين النفسيين والتربويين الحقيقيين...لهو أخطر على الأجيال إن لم ننتبه للأمر ونوليه العناية اللازمة، فنحتوي الشباب بدل عبارات التشفي واللوم والعتاب وخطاب المعجمة الفوقية..
فإن نحن لم ننجح في كسب فتياتنا، واحتواءهن، لجأن إلى متصدري الخطوط الأخرى..
.......يتبع