الأحد، 18 فبراير 2018

هاتفي في وضع الصامت

هزاز !!
طبعا بسبب سياسة التعريب المفروضة في البيت من قبل الوالد، تعريب للحواسيب وللهواتف أيضا..
نظام الويندوز معرب، الوورد معرب ووو...
صرنا في البيت بدون شعور وتلقائيا نستعمل مفردات عربية...
بداية الأسبوع الحالي نسيت هاتفي في وضع الصامت..
التاسعة صباحا يرن خالي في هاتفي ولا مجيب...
استمر يتصل لثلاث مرات حتى اكتشفت والدتي الأمر لترد على أخيها:
الخال: صباح الخير، وين راكم مالصباح راني نعيط؟!
ماما: صباح النور، السموحة منك، آمال نساتو صامت اليوم.
الخال: شاوالا؟!
ماما: آمال نساتو صامت
(طبعا خالي الكبير هدا ماشي قاري)
الخال: عاودي واش قلتي، مافهمتش؟!
(ماما تغير المصطلح بمصطلح أكثر غرابة بالنسبة لخالي)
ماما: قتلك آمال نساتو *هزاز*.
الخال: شاوالا ؟!
ماما: هزاز ، التلفون كان هزاز
الخال: مافهمت والو
أتدخل أنا هامسة لأمي
- ماما، قوليلو نساتو سيلونص
الخال: آه دوك فهمت عمبالي حاجة دونجي...المهم كيراكم؟!
الآن يتندر علينا أبناء وبنات الأخوال في العائلة الكبيرة،
- عمتو عاودي خبرينا واش بيه تلفونكم هداك اليوم؟!
ماما: كان هزاز
لتنطلق الضحكات والقهقهات بشكل هيستيري..
عمتو الله يخليك عاودي قوليها؟!
الآن جاري الاختباء من أفراد العائلة الكبيرة.
لن ينسوا ولن يتناسوا الأمر...
سيختفي اسمي ليحل محله الهزاز
وين راها الهزاز ماجاتش معاك؟!
آه، أيتها االعربية، كم أصبحت غريبة بين قومك!!
# بقلمي: #شمس_الهمة

من صنع ذلك المخنث؟!

من صنع ذلك المخنث؟!

التقيتها صدفة في الشارع، حينما زرت عمتي، عجوز في السبعين من العمر أو تزيد عليها قليلا، قصيرة القامة ، جميلة المحيا، كانت تتصبب عرقا، ووجهها تشوبه حمرة قانية، قد عصر عصرا لفرط الجهد المبذول.
كانت تحمل كيسين ثقيلين تتمايل معهما يمنة ويسرة.
سألتني أن أساعدها في حمل الأثقال، عفوا أقصد في حمل الأكياس...فسارعت منتشية كفتاة يعتمد عليها أخيرا في شيء ذا قيمة.
قبلت جبينها، وسألتها عن الوجهة، فتبين أنها جارة عمتي ، وأن منزلها يبعد عنا بضع خطوات...
أصرت علي أن تحمل هي كيسا وأنا كيس، ولكنني رفضت وكابرت ، فكيف يعقل أن تقدر هي على حملهما مسافة طويلة، بينما تعجز مثلي عن ذلك لبضع خطوات متبقية!!
استلمت الكيسين وأحسست أنني بقوة "جون سينا" وليتني ما فعلت، فقد عاد الي الاحساس بأنني فتاة مسكينة. لبثت مدة من الزمن أحاول حلحلتهما من الأرض، واستطعت ذلك بعد جهد جهيد، وحرج شديد...وفقرات عمودي الفقري تعاني التهديد..
تأملت لوهلة محتوى الكيسين، يبدو أنه مؤونة شهر كامل، مضافا اليه رأس بقرة أو ثور كبير ربما ( البوزلوف)!!
سألتها مستغربة:
- الحاجة ماعندكش ولاد؟!
أجابت بشيء من الخجل، يغلفه يأس وقنوط ومرارة.
- لا لا يا بنتي، عندي خمسة ذكور وبنتين…وزوجي توفاه الله.
- وين راهم، علاش الحاجة انتي اللي تقضي ، خدامين؟!
- لا لا يا بنتي، ولاد دروك قاع كيف كيف، كيلو بطاطا ما يجيبوهش، يا حسراااه، الرجال كانوا بكري، ولاد دروك ما يحمو ما يبردو.
وصلنا للعنوان المطلوب، قبلتها مجددا وأغدقت علي هي دعوات مباركات أنستني آلام الظهر و الفقرات.
قفلت راجعة و زفراتي تلعن أشباه الرجال، واستنفرت خلايا دماغي، تستحثني و تغدق علي بالخواطر والأفكار لكتابة موضوع عن تخنث هؤلاء ولا مبالاتهم...
حدثت عمتي بشأنها، فوجدت لدى العمة خبرها.
قالت عمتي لا تحكمي على الأشياء من ظاهرها،
ولو أنك نظرت الى مبتدأها لأدركت حقيقة منتهاها.
ثم استطردت عمتي تقول عن جارتها تلك:
ذلك المخنث تربى في حجرها، هي من كانت تغطيه صغيرا ليستمتع بسباته مثل دب الكوالا صباحا، بينما تبعث ابنتها الصغيرة لابتياع الخبز مع أول خيوط الصباح.
يستنكر الزوج ويمتعض قليلا، ويسألها لماذا لا تكلف تلك السباع الممددة على الفراش بدل قطته المدللة...لكنها تدافع عنهم كل مرة بعذر أقبح من غيره.
تكبر الفتاتان ولا تزال مهمتهما التسكع في الأسواق، أما البنين فما بين بلايستيشن أو تمدد في الفراش والتمتع بمشاهدة أفلام الأكشن!!
يثور صبر الزوج مجددا، فتسكته الزوجة فورا، فالشيطان قد وجد لها مبررا.
- خليهم يشرو باش يشوفوهم لي جان ويتزوجو !!
توفي الزوج، وتزوجت البنات، وهكذا انتهى بها الحال!!
عدت للمنزل، وكعادتي فتحت موضوعها مع أخي، فحدثني هو الآخر عن مثيلتها فقال:
كوني أبيع الأواني المنزلية، جاءت جارتي الخمسينية ، امرأة عاملة، ذات عينين غائرتين، وهالات سوداء أسفل عيونها مثل دب الباندا، ووجه عليه ذبول الدنيا كلها، رسم عليه الزمن خطوط الغم والهم.
قال أنها ابتاعت خزانة بلاستيكية، دفعت ثمنها، وقفلت راجعة لمنزلها، وأودعتها عنده لحين حضور من يحملها.
قال أخي: كان الزوج خارجا، يضع رجلا على رجل، ويطالع الجريدة الفرنسية، والابن أقصد "السبع" لم يمض على دخوله منزله سوى ربع ساعة...
لذلك توقعت أن يكون أحدهما هو المعني الذي سيستلم الخزانة، لكنني فوجئت بقدوم ابنتيها بدلا من ذلك تحت نظرات الأب وإقراره.
فقد جاءت فتاة في عمر السابعة عشر مع أخرى تقارب الثلاثين لتقاسم حمل الخزانة الكبيرة والثقيلة نوعا ما.
يقول أخي: 
(( وكم كان ذلك قاسيا ومخجلا للغاية)).
يتابع أخي حكايته عنها فيقول:
عادت إلي مجددا، وسألتني اذا كنت أعرف سكنا للإيجار، قالت بأن سكناها بالكراء وتزيد عن عشر سنوات، ولكن صاحبها عاد إلى الوطن وينوي السكن بها.
قالت أنها لا تنام الليل، وأنها لم تذق طعم النوم لمدة تزيد عن ثلاثة أيام متتالية، وأنها تحمل هم ايجاد مسكن يأويها وأبنائها!!
استغرب أخي ثقل الهموم التي تحملها، في مقابل أريحية زوجها!!
هذه الأدوار انعكست بسبب الحريات التي تقدم للمرأة، ووقوف القانون معها.
وهي التي استغلت ضعف زوجها وطيبته وكراهيته للمشاكل فقامت بإلغائه وكانت تحاول في كل مرة إرغامه على التنازل عن رأيه، فقط لمجرد تقليد الأخريات والظهور بمظهر المرأة العصرية المتمدنة.
فظلمت نفسها, بتعويدها لزوجها القيام بكل المهام المنوطة به في الأصل، كالتسوق وشراء مستلزمات البيت، من أثاث وثياب للأولاد وأخذهم للمدارس والطبيب، إلى غير ذلك من الأمور، وكل ذلك بحجة التحضر والمدنية وتقليد الأخريات.
وأصبحت تكثر من الخروج إلى الأسواق، فتعلمت الجرأة والتسلط ، وأضحت تعصر الرجل من هذا المدخل الذي قصّر فيه...وتهمله وتلغيه 
وساعدتها في ذلك القوانين الوضعية التي أصبحت تساند المرأة في تسلطها وتجعلها تكسر قوة الرجل وهيبته، فهي ملاذ وقوة لها تهدد به الرجل متى احتاجت ذلك ويقف عاجزا أمام قوة النظام الذي يسلب إرادته حتى وإن كان محقا. 
أما تلك العاملة التي لا تسد ثغرا، ولا يحتاج عملها أحدا، فأصبحت العصمة المالية بيدها، واخشوشنت أخلاقها، فسيطرت على زوجها وأولادها، فصرنا نرى أولئك الأشباه من حولها.
(( على نفسها جنت براقش))
العبرة:
الزوج على ما عودتيه، والابن على ماربيتيه
الزوج اذا وجد من يريحه من هم الأولاد سيستريح، من يريد التعب؟!
وهذا موجود حتى لدى الغرب الكافر، فما نراه في الدول الاسكندنافية، حيث صار الرجل هو المسؤول عن التربية وخدمة البيت والمرأة تعمل!!
وهذه البلدان عرفت على أنها أرض الفايكينغ المتوحشين، صار شبابها ورجالها مجبرون على مرافقة المرأة في كل مكان و القانون يجبرهم على عدم التضييق عليها.
في كتاب الرجال من المريخ والنساء من الزهرة، ورواية ( وقالت لي) للكاتبة دعاء عبد الرحمن نجد:
الرجل اذا وجد امرأة قوية مستغنية، لن يحس برجولته معها ولن يكون معطاء.
أما اذا أحس بضعفها واحتياجها فسيبذل لها الغالي
 والنفيس.

طالب أطفالك بالقيام بنصيبهم من الأعمال المنزلية..
في النهاية لن يكون ما تفعله من أجل أطفالك هو الءي يجعلهم أفرادا ناجحين..وإنما سيجعلهم كذلك ما علمتهم أن يفعلوه بأنفسهم...(آن لاندرز) من كتاب مميز بالأصفر.


# بقلمي: شمس_الهمة

" حموات متصابيات"

" حموات متصابيات"
الصائفة الفائتة شهدت حفلات زفاف لأكثر من تسعة أفراد من أقاربي، كان من بينها ثلاث زيجات لقريبات لي...
باختصار ، تزوج كل أفراد القبيلة من الشباب، وكعادة كل قبيلة سيتبقى نصب تذكاري شامخ، يتحدى الزمن والآفات، معلم تاريخي صامد ، صمود المساكين -عفوا- أقصد صمود الشامخين...
البداية كانت بزفاف "ايمان" ابنة خالتي ، شابة عصرية في التاسعة عشر من العمر، نحيلة مثل عود خيزران وزادتها فترة الخطوبة نحولا حتى لكأنها تكاد تختفي...
الثانية كانت "مريم" ابنة الخال، شابة في أواسط العشرينيات، هي مثال للمرأة التقليدية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، جسم ممتلئ، وطاقة وحيوية، اضافة لإلمامها بكل نشاطات المرأة الماكثة.
الثالثة كانت صديقتي "أميرة" ابنة الجيران، شابة جامعية في الثالثة والعشرين من العمر، جمعت بين رقة العود، والقدرة على القيام بكل الأعمال المنزلية منها والتقليدية، فجمعت بين الأصالة والمعاصرة.
تألقت كل تلكن العرائس في يوم عرسهن، فكان يوما مشهودا، فرحة وزغاريد ودموع، والأهم كان جهازا تعجز عن حمله مائة ناقة لقافلة قريش!!
فناهيك عن" الفوخ والزوخ" والموسيقى الصاخبة والمفرقعات النارية، و"دعوة الشر" من مريض أو عاجز أو تلميذ يذاكر..
ناهيك عن كل ذلك، ديون تترك الآباء على" الحديدة"...
جاء اليوم الموعود، وخرجت البنات يرفلن في زينتهن، والصبايا من حولهن يكدن يشهقن، وعيونهن وقلوبهن تقول:" يا ليتنا مكانهن، إنهن ذوات حظ عظيم"
**********
بعد شهر من الزفاف:
حسرة ودموع، وشكاوى من كل نوع!!
نبدأ مع "ايمان": قالت بأن حماتها تركت لها المطبخ، وكل أمور البيت وغسلت نهائيا بصابون ديتول اليدين..
قالت بأنها، تتأنق، وتتبرج، وتتمكيج...واضافة إلى هذا تطلب منها أن تسشور لها شعرها كل يوم...ولاهم لها سوى التنقل من عرس إلى عرس!!
قلت لها غبية، ونصحتها بوصفة طبية، لو أنك حرقت لها شعرها من أول مرة، لما تجرأت عليك ، أو عاودت الكرة.
أما "مريم" فكانت قضيتها قضية، قالت لم يضرني شغل البيت، ولا المطبخ، ولكن حماتي وابنتها، كل يوم في مطرح، زوجي في الجيش، وأنا وحدي في البيت، لم أجد من أكلمه، وألفيت من يومي أمقته، فلا أنيس لوحدتي، والبيت موحش مثل مقبرة ..
فحماتي تحب "التحواس"، وتنتقل طول النهار والمساء من بيت إلى بيت، ومن دكان إلى آخر، حتى أنها تحفظ الدكاكين والشوارع، أحسن من نظام تحديد المواقع!!
فقال لها والدها: أيا بنية الزمي بيت والدك حتى تحل القضية.
أما صديقتي "أميرة"، فقد أنشأ لها زوجها "يوسف" حسابا على الفيس بوك، أسماه *أميرة يوسف*.
فانهالت عليها الاضافات، وطلبات الصداقة، وغبطتها البنات على "يوسف" وتلك الرومانسية منه واللطافة.
واذا بها بعد شهر تشكو حماتها أيضا، قالت بأن أيامها الجميلة مع "يوسف" انتهت يوم انتهاء اجازته، ورجوعه إلى الجيش مقر خدمته..
وبدأت معاناتها مع حماتها المصون، التي تترك لها كل الصحون، وأعمال البيت ، والمطبخ، وترتيب الصالون.
أما هي فمنهمكة مع الحاسوب والتلفون، فهذا منتدى وهذا فيس بوك، فما هذا الزمان، وما هذا الجنون؟!
عجائز في أرذل العمر، على الدنيا يتكالبن، وللصغيرات يحسدن ويقلدن، ولم يعلمن أن العمر انقضى، وأنهن يجب أن يرصن ويرزن، ويكن لأحفادهن نعم الحضن، وليعملن لآخرتهن، ويا ليتهن يجهزن لأنفسهن الكفن.
#بقلمي : #شمس_الهمة

حيوانات تشبه الإنسان، أم إنسان يشبه الحيوانات؟!

حيوانات تشبه الإنسان، أم إنسان يشبه الحيوانات؟!

طوال مراحل حياتي كلها، كان لابد من وجود قط في المنزل..
تناوب على منزلنا عدد معتبر من القطط، ولأن أول قط اقتنيناه كان من طرفي بعدما وجدته شريدا يموء من الجوع، فقد أحببت القطط حبا جما...ودرست بعض تصرفاتها وطباعها، فقد لاحظت أن كل قط يتطبع بطباع صاحبه، فمثلا أول قط تربى على يدي، كان جبانا مثلي..
وقط آخر رباه أخي المشاكس ، كان مشاكسا مثله تماما.
وتقول والدتي داعمة ما توصلت اليه، بأن والدها "الطالب"-تعني الإمام- أي جدي، كان يُعنَى كثيرا بحيواناته من أبقار وأغنام وأحصنة وكلاب وووو...
قالت بأن جدتي كانت تُحَضِّر الكسكس كل ليلة، فتُحضِّر وجبة العائلة اليومية، كما تصنع وجبة مساوية للكلاب..
وقالت أن جدي كان يوصيهم بالرفق بالحيوان، ويذكرهم بأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الباب..
فلا يسمح لهم بضربها، ولا بتجويعها، ولا حتى بنبزها بالألقاب أو تعييرها...
وحدث ذات يوم أنه سمع أحد أبنائه يقسو على أحد الحمير ويعيرها، فغضب منه غضبا شديدا، ووبخه على ذلك.
وفي الليل جلس جدي يحدثهم عن الحيوانات، فأخبرهم عن قبيلة كانت تجاورهم، وكيف أن كل أفرادها كانوا يُعرَفون بالقسوة على الدواب ، كما عرفوا بالقسوة على النساء أيضا...
كانوا يقومون بتجويع الخيل والبغال وتحميلها مالا تطيق، ولم يكتفوا بذلك، بل كانوا يضربونها ضربا مبرحا، وتقول أن من صفاتهم أيضا أنهم يعيرون دوابهم بمفردات قاسية مثل الكيدار للحصان أو الحمار، والمناقير: على البقر، والمفقورة: على دابة من الدواب لا أعلمها)
ولأن هذا سلوكهم مع الحيوانات، فقد كانوا يعاملون زوجاتهم وأبنائهم بهذه المعاملة أيضا، وينبزونهم بألقاب شتى)
أما اللعن فحدث ولا حرج، وقد نهى الشرع الحكيم عن اللعن مطلقًا لكل من لا يستحق اللعن، حتى إنه نهى عن لعن الدواب.
♦ فقد أخرج الإمام مسلم من حديث عمران بن حصين رضي الله عنه قال: "بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره، وامرأة من الأنصار على ناقةٍ، فضجرت [1]، فلعنتها، فسمع ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ((خذوا ما عليها ودعوها؛ فإنها ملعونة))، قال عمران: فكأني أراها الآن تمشي في الناس ما يعرض لها أحد".
وكان نتاج ذلك كله غضب الله عليهم، فقد كانوا يتخبطون من فقر إلى فقر أشد منهم، ومن مصيبة إلى أخرى، وتفشت بينهم الأمراض الكثيرة...وكثيرا ما كانوا يسألون أنفسهم لماذا نحن فقراء دون غيرنا؟! و تناسوا أن لو رحموا مخلوقات الله، لرحمهم رب تلك المخلوقات، وأغدق عليهم من فضله.
وتضيف والدتي عن أبقار عمها وأغنامه، أنها كانت كثيرا ما ترعى فتتعدى حدود الآخرين وتنهب مزروعاتهم، وحصل أن غضب صاحب حق ذات مرة، وصاح في صاحب الأبقار "عم الوالدة" قائلا:
كي نتوما كي زوايلكم!!
وتستطرد أمي أن عبارته دقيقة وصائبة جدا، فقد كان "عمها" لا يتوانى عن أكل حقوق الغير، وكانت أغنامه وأبقاره تفعل السلوك ذاته!!
أما خالتي فحدثتنا قائلة:" كنت في بيت والدي صبية رقيقة العود، بسبب الخير الوفير، فقد كنت أعمل ليل نهار، من حلب للأبقار، إلى تجفيف الفواكه في مواسمها، إلى غير ذلك من متطلبات الوفرة آنذاك...
ثم تزوجت لدى قوم لا تجد معهم ما يسد رمقك من الجوع، فكنت أتناول وأنا عروس وجبة واحدة في اليوم، ورغم ذلك تقول خالتي بأنها امتلأت، وحملت لحما -أي سمنت-، وذلك لانعدام أي نشاط تمارسه، لانعدام الوفرة التي تتطلبه.
وقالت أيضا: كان قوم زوجي شداد غلاظ، وكانوا بخلاء حد البخل...
لديهم أراض ودواب أكثر من والدي، إلا أن شيئا من أثر النعمة أو البركة لا يظهر عندهم...
قالت بأن الوجبة اليومية لها، كانت قطعة من خبز الشعير، ولو سقط منه مقدار ذرة في الأرض، لرأيت القطط والدجاج والكلاب تسبقك اليه..
وكان لديهم كلب نحيف تبدو عظامه، أسفل جلده، وتفاجأت بأن أحدا منهم لم يكن ليتذكر أن يعطيه حصته اليومية، وتساءلت مع نفسها ترى ماذا يأكل لكي يعيش ومتى؟!
فرثت لحاله، وسألت حماتها، فأجابتها الأخيرة أن من ألقاب الكلب مصطلح" القانع" وأنه لا يأكل مثل الانسان، ويكتفي بلعق الأرض أو الاكتفاء بقطعة خبز بحجم الجوز من كريم!!
وتتذكر خالتي الأمر بحسرة كبيرة، والدموع تترقرق في عينيها، وكيف أنها كانت تقتسم حصتها مع ذلك الكلب، لأنها كانت جائعة مثله، لذلك أحست بمعاناته.
وليس هذا فحسب، فقد قالت خالتي بأن أولئك القوم كانوا لا يطعمون الدواب ولا يسقونها أيضا، فأي قوم كانوا؟!
كما أن أبقارهم تقول خالتي، كن اثنا عشر بقرة، لكنهن بقرات عجاف، قد هزلن، ويبس منهن الضرع، وقالت أن مقدار ما كان ينتج عنهن من حليب لا يكفي لإرواء ظمأ شخص واحد، فما بالك بأسرة عدد أفرادها يقارب عدد الجنود في ثكنة عسكرية!!
فقدت اعتادت خالتي في أسرتها أن بقرة واحدة من أبقار والدها كانت تدر الحليب ثلاث مرات في اليوم.
وزيادة إلى البخل والقسوة، تقول أن كل أفراد تلك الأسرة خاملون كسلاء، ولا يحبون العمل ولا يجتهدون.
وذلك بسبب وهن أجسامهم بسبب التقتير، والبخل، وعدم ايفاء أجسادهم الحق الكامل في طعام جيد.
وتستطرد بأن حتى حيواناتهم كانت كسولة وواهنة أيضا،
كما أن تلك الحيوانات كانت لا يسمع لها حس أبدا، فلا مواء قطط، ولا نباح كلاب، ولا ثغاء أغنام.
وبرغم كل الجوع الذي تعانيه تلك الحيوانات فقد كانت تستسلم للنوم بدل تكبد مشقة البحث عن طريدة تسد بها جوعها.
فترى القط الكسول واهنا، معرضا عن مطاردة الفئران الكثيرة التي تحوم حوله، فأي قط هذا؟!
فهل تعكس الحيوانات شخصية أصحابها؟
آخر التقارير اللّافتة حول هذا الموضوع ورد في مجلّة العلوم الأميركية، ومفاده أن أنواع الحيوانات الأليفة تعكس شخصية من يقتنيها.

وهناك بعض الحيوانات مثل الخيل والكلاب والقردة تملك شيئاً من الذكاء، ويمكن إخضاعها للتربية إلى درجة ما. والمربي يستطيع أن يعلمها قسطاً من الصفات.
ولهذا السبب فان التربية مؤثرة إلى درجة ما في الحيوانات الراقية.
عدت بذاكرتي إلى قصة الصحابي الجليل أبي هريرة رضي الله عنه وكلنا يعلم سبب تسميته بهذا اللقب، وكلنا يعلم مدى رعاية ديننا الإسلامي للحيوانات والطيور، فديننا يعنى بشؤون الحياة كافة وبما فيها هذا الباب، فعن ابن مسعود رضي عنه قال: "كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فانطلق لحاجته، فرأينا حُمرة معها فرخان فأخذنا فرخيها، فجاءت الحمرة ترفرف على رأس رسول الله ورأس أصحابه، فقال صلى الله عليه وسلم: "من فجع هذه بولدها؟ ردوا ولدها إليها".
((عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي بِطَرِيقٍ اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْعَطَشُ فَوَجَدَ بِئْرًا فَنَزَلَ فِيهَا فَشَرِبَ ثُمَّ خَرَجَ فَإِذَا كَلْبٌ يَلْهَثُ يَأْكُلُ الثَّرَى مِنْ الْعَطَشِ فَقَالَ الرَّجُلُ لَقَدْ بَلَغَ هَذَا الْكَلْبَ مِنْ الْعَطَشِ مِثْلُ الَّذِي كَانَ بَلَغَ مِنِّي فَنَزَلَ الْبِئْرَ فَمَلَأَ خُفَّهُ مَاءً ثُمَّ أَمْسَكَهُ بِفِيهِ حَتَّى رَقِيَ فَسَقَى الْكَلْبَ فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَإِنَّ لَنَا فِي هَذِهِ الْبَهَائِمِ لَأَجْرًا فَقَالَ فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ ))
فمتى يعود المسلم مسلما بحق، في تعاملاته مع الإنسان وحتى الحيوان؟!
#بقلمي: # شمس_الهمة

يموتو على الحديدة ( قصة فاتن والمقدادي)

 (قصة فاتن والمقدادي):

قريبتي "فاتن" امرأة أربعينية، فارعة الطول مثل العارضات.. وذات جمال غربي، مثل نجمات هوليود، فهي تشبه كثيرا الممثلة "أنجيلينا جولي" وكأنها احدى توائمها الأربعين في هذا العالم...
تنتمي لأسرة فقيرة من أب طاعن في السن، متزوج باثنتين، كانت أمها الزوجة الثانية..
تزوجت في سن صغيرة جدا ، من رجل يدعى "المقدادي"، كان يكبرها بعشرين سنة أو يزيد، ذميم الوجه، وأرمل من زوجتين سابقتين، الأولى توفيت بعد وضع حملها الأول فتركت له ابنا، والثانية توفيت بمرض السل وتركت له بنتا وولدا...
"فاتن" قبلت بالزواج هربا من فقر مدقع، نحو رجل ثري ثراء فاحشا يُسرِع...
اهتم بها "المقدادي" وأحبها حبا جما، فقد كانت فاتنة الجمال ، وآية من آيات السحر والخيال...
كان لها مثل أبي زرع لأم زرع، صيغها حليا فهي في أذنيها وعنقها تتدلى…
أحبها فأحبت نفسها، وعظّمها فعظمت في عين نفسها، لا يقبح لها قولا ولا يرد، بل يقبله منها ويود...
كانت عنده تتصبح، فلا يرهقها ببكور أو تحضير فطور...
ويأتيها بمن يخدمها، متى أرادت وبكل سرور...
كثيرا ما شاهدتها تحمل من المال بدل الدنانير، الملايين في محفظتها، كانت تبدي ذلك للجميع ولا تخفيه...
وكانت إلى ذلك تتقلب في النعم، وتتباهى بين النساء في الولائم والأعراس ...
كان جميع النسوة يرقبن حلولها كشمس بعد ليلة كحلاء...أو نجمة ساطعة في سماء سوداء...
بقصتها الغربية "الكوب كاسكيت"، كان تعرف بذاك النعت، إضافة إلى ملابسها الأنيقة التي دلت على حسن البخت...
مضت الأيام الجميلة ، وفاتن ليس لها في المجامع سوى سيرة " المقدادي"، وكيف تحبه وتحب من يحبه، قالت أنها تفضله على الوالدين، وأنه على قلبها أعز من الولدين-فلذات أكبادها-.
وكان لها أخ تصله وتوده، وتكرم وفادته وتبره، وساعدها زوجها فكان يكرم أخاها ويسبغ عليه من الهدايا أثمنها ، حبا في زوجته ورحمها..
دار الزمن دورته، وافتقر "المقدادي" وتلاشت ثروته...
وأضحى فقيرا من يومه، ويجتهد ليجد قوت عياله...
أدبرت عنه الدنيا والأصدقاء، ولم يجد منهم سندا ، ولا دينا أو سلفا..
شكت "فاتن" إلى أخيها سوء الحال فأجابها إجابة حسود، حطمت لها الآمال، وقال لها بكل غل وتعال:
"بغيته من لرض"!!
وتعني في القصد : تمنيته يسوَّى بالأرض"!!
تتالت الأحداث، وتعاقبت المشاكل، وزاد ضيق الحال...
وأضحت "فاتن" كمن استيقظ من حلم جميل على واقع كابوس أليم..
جاءت يوما إلى والدتي تشكو كرهها "للمقدادي"، وأنها تريد الطلاق وتطلبه، وتتعجب كيف قبلت بمثله، وأين كان عقلها، ولماذا لم تجد آنذاك من ينصحها؟!
قالت أنها باتت تراه في صورة شيطان، اذا أقبل أو أدبر..
وأنها تخاصمه أشهرا، ولا تكلمه إلا أياما في السنة...
وأنها فتشت في قلبها عن سر هذا التغير، والتبدل، فوقع تفكيرها على مكايد النساء، وأن عينا أصابتها ، أو سحرا أمَضَّها...
كانت والدتي تعرف فاتن وزوجها جيدا، فكلاهما من أقرب الأقربين...أطرقت سمعها، وأطالت انتباهها...وحين أنهت " فاتن" كلامها...وجهت لها والدتي جوابها:
- "فاتن" ليس بك عين أو سحر، أنت لم تحبي "المقدادي" يوما..
- كيف؟! سألتها فاتن وقد صعقت من الجواب.
- كيف، وأنا التي كنت أفضله على والدي، وأولادي، ونفسي التي بين جنبي؟!
- لقد أحببت أمواله، لم تحبي شخصه، وعندما اختفت الأموال، ظهر منك الجفاء والنكران...
أطرقت "فاتن" رأسها إلى الأرض، ولبثت مليا تفكر، وتستعيد ما مضى وتتذكر...
واذ بها بعد برهة ، تقر وتستغفر، وتنيب إلى ربها ، وتعود لحب زوجها، وتتعهده بالوفاء والصبر.
ولأن هذه القصة حقيقية، لا أصدق من تقول بحب زوجها الثري، إلا اذا رأيت منها ما يثبت قولها، في حال افتقر..
حدثتني صديقة سلفية عن مدى حبها لزوجها، فكانت لا تفوت مناسبة إلا وحدثتنا عنه وعن حبه وكريم خصاله وأخلاقه..
إلى أن اكتشفتُ من خلال حديثها اليومي عنه أنه فاحش الثراء..
كانت لا تفوت مناسبة لتقول "بأنها ملكة متوجة على عرش قلبه" وأنها حبيبته ومدللته..
وكانت البنات يغبطنها عليه، ويتمنين مثله زوجا مستقبليا لهن..
سألتها ذات مرة هل تصلين في المسجد؟!
قالت: لا يسمح لي فهو شديد الغيرة علي.
فقلت: فهل ترتادين مدرسة قرآنية؟!
فقالت: يا للأسف تلك فقط أمنية...وهو لا يسمح لي خشية الأذية.
قلت: فهل تحضرين دروس العلم أو المحاضرات الدينية؟!
فقالت: لا...ولكنه وعدني اذا صرت عجوزا وصارت ابنتي صبية؟!
قلت محدثة نفسي: ترى أهي ملكة متوجة أو جارية و محضية؟!
فكيف لمن كان هذا حالها، أن تنجب وتربي ابنها ليصبح أمل الأمة وفارسها؟!
ستتخلى عنه يوما اذا ما تبدلت القضية، فأضحى بعد غناه فقيرا منسيا...
وسيبدو لها رجلا ظالما وجبارا عتيا...
فهو شكاك وغيور ولا يتيح لها بعضا من الحرية...
أو أنه بدوره سيتنكر لها ولحبها، ويتزوج عليها الثانية والثالثة والرابعة ويكون ذلك حتما مقضيا...
((غير أن هذا فقط استقراء ورأي من فتاة بشرية، وكل أملي ودعواتي لها بطول الحب والود ، وأن تستمر القضية...فكل هذا وذاك مكتوب ومسطر من رب البرية))
بقلمي: شمس الهمة

العيد

 تلك اللحظات الحرجة قبيل يوم العيد، ذلك التعب، والضغط، تلك الأمور التي أنجزت نصفها والنصف الآخر ينتظر منك اتمامه حالا، ذلك التوتر، وتلك الأع...