الملتزمون الجدد:(رجولة وشهامة، أم جهل وتنطع؟!)
قبل زمن ليس ببعيد، الصدمة بعد الزواج كانت تحدث للعوام فقط، أو الناس المختلفين ايديولوجيا بمعنى فتاة متحررة مع متدين أو العكس.
ذلك أن العوام يرسمون أحلاما خيالية، ويرفعون سقف الأحلام والأماني، ويجهلون الحقوق والواجبات.
أما المختلفين ايديولوجيا فالمسألة واضحة، الرجل اختار جسدا، والفتاة اختارت بنكا.
لكن أوساط المتدينين لم تعرف هذا إلا لماما، ذلك أن الجميع كان يعرف الحقوق والواجبات(ماله وماعليه)، والشرع يرسم لهما تلك الحدود، وبذا كان زواج الملتزمين هو الزواج السعيد الموفق.
لكن في وقتنا هذا، مع حديثي العهد بالتدين وكثرة التدين المغشوش في أيامنا هاته.
الصدمة أضحت صدمااات.
فالفتاة تتزوج وفي ذهنها أن الشاب المتدين يقف عند حدود الله، ولا يضيع ولا يهضم الحقوق الشرعية، فتفاجأ به يفعل ذلك وأكثر ، والمصيبة أنه يشرعن ما يفعل.
والشاب يتزوج وفي ذهنه فتاة قوامة صوامة، فيفاجأ فقط بالقشور المتمثلة بالجلباب والنقاب.
طيب نطرح السؤال، لماذا يحدث هذا؟!
الانحلال والتفلت والتمرد الذي نشاهده اليوم، جاء نتيجة الظلم والكبت والحبس الذي عاشته المرأة في الماضي، فكل فعل عنيف تقابله بالضرورة ردة فعل أعنف...
تزمت الرجل وظلمه للمرأة في الفترات السابقة،أدى إلى خروجها غير المبرر وتفلتها..
وكردة فعل على تفلت النساء، جنح الشباب المتدين مرة أخرى إلى أسلوب التشدد والتزمت الذي مارسه الأجداد عن *جهل* من قبل، فهل سنبقى ندور في رحى هذه الدائرة زمنا طويلا؟!
دائرة الفعل العنيف، ورد الفعل له؟!
ألا يوجد ميزان يضبط الأمور ويعدلها؟!
- بلى.
إنه ميزان الشريعة الحقة الذي ابتعدنا عنه للأسف الشديد وقمنا بتحكيم أهواءنا، ولم نكتف بذلك، بل قمنا بلي أعناق النصوص لتناسب تلك الأهواء.
وهذا كله لأن الشاب نشأ ودرج على رؤية المنكرات والمحرمات والانحلال، وقرأ منشورات يذم فيها شباب الفيس الأولياء ويتهمونهم بالدياثة.
فقرر بطلنا التصرف بالخشونة والرجولة والفحولة، والغيرة *المرضية* التي أملتها عليه الأعراف والتقاليد،
لذا أول ما يتزوج يشترط على زوجه النقاب والجلباب، والتوقف عن العمل والمكوث بالبيت، فإذا وافقت على شروطه وقبلت الزواج منه، تمادى في سلوكاته، ورسم لها سجنا لا تخرج عن حدوده، فهي ممنوعة من زيارة الجارات والصديقات، والأعمام والأخوال، ويحق لها مرة كل شهرين زيارة الوالدين.
فقطعها من جذورها، ورحمها، ومنعها صلة الأرحام.وكل ذلك بداعي الغيرة والرجولة.
تطيع الزوجة أمر زوجها في تلك الأمور، ثم تضيق عليها نفسها، ويغرقها الروتين وينسيها الروحانيات والإيمانيات والثقافة، وربما أنسيت الأبجدية العربية، فتسأله الذهاب إلى المساجد فيمنعها ويجتزئ أحكام الشرع، فيقول أن صلاتها في بيتها خير، فيحرمها بذلك الخير كله، والإصلاح في الأرض مع أخواتها، والإيمان الذي يتجدد بالتلاقي والتنافس ولقاء الأخوات.
لذلك غالبا ما تشتكي الفتيات من الخطاب الصادقين (من حديثي العهد بالتدين)، على الأقل في المرحلة الأولى من مسيرتهم في البحث عن زوجة، فيحمل الشاب عريضة(محظورات) على الفتاة توقيعها،( تبدأ بممنوع...وتنتهي بممنوع).
لذلك ذكرت أن تلك هي المرحلة الأولى، لأن ولا فتاة عاقلة تقبل بتلك الشروط المجحفة.
وهنا تبدأ المرحلة الثانية بالنسبة للشاب المتدين الذي تعرض للرفض أكثر من مرة، وهذه المرحلة يتصرف فيها الشاب بذكاء، فيستعمل التقية، ويخفي قائمة شروطه التعجيزية حتى يتزوج (ومبعد ساهل).
لا يبرر أبدا للشباب ما نراه من مظاهر انحلال وتفلت، وليس مسوغا لهم ليتطرفوا، ويعبثوا بأحكام الدين، فيقوموا بحبس المرأة والتضييق عليها بمنعها من أبسط حقوقها الشرعية.
يا اخوان لأننا منعنا النساء بيوت الله، لجأن للأضرحة.
ولأننا منعناهم من دروس العلم لدى المشايخ، لجأن لدروس الفنانات والمسلسلات.
ولأننا منعناهم من الفسحة المشروعة، لجأن للأسواق والتسكع في الطرقات..
ولأننا منعناهم التلاقي، غاب التناصح ، وكثر الفساد.
أمتنا ضاعت بين افراط وتفريط
(( ولا حل إلا بالفهم الصحيح للإسلام، فلا إفراط ولا تفريط))
أما واقع المجتمع الجزائري، فمنقسم إلى قسمين لا وسط بينهما، دياثة حد الخنا، وتشدد وغيرة حد الاختناق.
وقد قال بهذا الواقع، وقرره الكثير من العلماء والمفكرين، واقرأوا إن شئتم لمالك بن نبي وعلي عزت بيجوفيتش وعبد الكريم بكار ووو... فقد شخصوا المشكلة بدقة.
ختاما:
الزواج سفينة كي تُبحر تحتاج ربانا يفهم جيدا جدا القوامة الرشيدة، و يعطي مساحة للمرأة كي تمارس شخصيتها.
و مساعد قبطان يطيع أوامر القائد المعقولة.
و حين تأتي الأمواج العاتية، مرة يتسامح القبطان و يتغاضى، لكي تسير السفينة، و مرة المساعد.
كل ذلك في كنف من الاحترام و المودة و مراعاة شخصية كل منهما.
#خواطر_سريعة_مرتجلة
#شمس_الهمة
كيف للمرأة أن تربي جيلا وهي حبيسة المنزل لا تعلم شيئا عن معارك الحياة
كيف تربي جيلا قويا وهي لا تعرف كيف هي أحوال الدنيا وتقلباتها
الوظيفة وغيرها من أي دور تأخذه المرأة خارج بيتها، برأيي واجب شرعي في زمن أصبح فيه لزاما أن ننهض بأمتنا، وحتى نفعل ذلك يجب أن نفعل دور المرأة في المجتمع
ربما ما يحكمنا في هذه المسألة وغيرها تمثلات تسربت إلى أذهاننا من تجارب الآخرين، وأصبحت توجهنا إقداما وإحجاما، وكأننا نريد الشيء المأمونة نتائجه، فلا نلتفت إلى أننا بذلك نحرم أنفسنا من نعمة الاختيار واتخاذ القرار