الاثنين، 29 يوليو 2019

كيف تكسب الشخصية القوية؟!


كيف تكتسب الشخصية القوية؟!

قريبة لي أخبرتني أن أختها تود الحديث معي بأمر خاص، وقالت أنها تريد رقم هاتفي، أو لقائي شخصيا( ولأني شديدة الفضول ذهبت بي الظنون كل مذهب، صحيح أنني تعودت على الخيبات وما عدت أنتظر أمرا مفرحا في دنيا البؤس هذه، خصوصا من بني البشر، فالعربي حين يحتاجك لأمر فاعلم أنه أمر يخصه ولا يخصك، لكن لا بأس بمعرفة ماذا تريد، ولا بأس أن يسخرك الله لقضاء حوائج الناس).
 التقيتها فعرضت علي مشروعا مربحا - على حد زعمها - لإحدى الشركات العالمية، كنا في مناسبة عائلية، لذلك انفردت بي كما ينفرد الذئب بفريسة سهلة، في ركن بعيد عن الأعين والألسن والآذان المتلصصة، كانت تتحدث همسا وكأنها تخطط لجريمة، أو تسعى لوضع قنابل موقوتة أسفل المبنى، هكذا أحسست، وهكذا بدا شكلها وهي تتكلم، ثم تصمت وتتحسس الموجودات من حولنا.
حدثتني كثيرا عن ضرورة العمل بدل *الفيد* اللي راه قاتلني على حسب تعبيرها.
وقالت أن الله خلقنا للعمل، وليس للأكل والشرب والنوم كالبهائم( الواضح أنها تعلم جيدا من أختها أنني لا أفعل شيئا سوى الأكل والشرب والنوم، الواضح أنني بدوت لها إنسانة بائسة ليس لها طموح).
حدثتني عن الذهب، والملايين التي تنتظر، والمستقبل الذي يشرع جميع أبوابه.
حدثتني عن الفنادق الفخمة بخمسة نجوم، وعن الأسفار والرحلات حول العالم.
حدثتني كثيرا حتى تمنيت أن تصمت، وترحل لتدعني أنهي قراءة الفصل الأخير من رواية خيالية قتلني الفضول بشأن معرفة ما إذا كان البطلان سيتزوجان في النهاية - فهذا هو الجزء المحبب لدى جميع الفتيات ولدي أيضا- 😌.
رفضت إعطائي أبسط التفاصيل حول هذه الشركة، ورفضت إعطائي موقعها على الفيس بوك، بل رفضت إعطائي حتى اسمها.
قالت أن علي إضافتها على قائمة الأصدقاء في الفيس بوك، وستتولى بعد ذلك تزويدي بأي شيء أريد.
لم أكن متحمسة جدا، فشخصيا لا أجيد التعامل على الأنترنت، ناهيك أن أمارس التجارة أو التسويق الإلكتروني، لكنني لم أشأ مقاطعتها أو نقاشها، أولا لأنها كانت معرفة سطحية، وكان ذلك لقاءنا الأول والأخير، فلم أكن سألتقيها بعد ذلك.
أضفتها لقائمة الأصدقاء في الحين، ثم وفي الليل فوجئت بها تلقي السلام(متحمسة ماشاء الله!!)، وتبعث لي بروابط منتقاة تتكلم عن الشركة، وأنها شركة تعود لدولة مسلمة هي ماليزيا، وأن الناس كانت تتخوف منها ومن مثيلاتها في البداية، ووصل بهم الأمر إلى تحريمها، ثم اكتشفوا *حسب زعمها*، أنهم كانوا جهالا وعديمي الخبرة، وأن الشيخ شمسو أفتى بجواز التعامل معها ووووو.
وفي الأخير نصحتني بأن لا أطلع على مصادر أخرى تقول غير هذا الكلام(يا حبيبي!!)،
فهؤلاء *بزعمها*جهال، وحساد وعديمو خبرة كما أفهمتني😑.
لم أجبها حينها، ولكنني رغبت في الاطلاع على الأمر، كي أجد حجة للاعتذار بأدب.
وحين بحثت صعقت لبشاعة الأمر، شركات وهمية تعتمد نظام التسويق الشبكي أو الهرمي، أفتى فيها العلماء بفتاوى قاطعة ولايوجد من أفتى بجواز التعامل معها سوى الشيخ شمسو، ضحايا بالآلاف، وأناس خسرت مافوقها وما تحتها.
بحثت كثيرا ونوعت المصادر فوجدت إجماعا بأنها شركات احتيال، تستغل سذاجة الناس واحتياجهم وفاقتهم.

***************
النقطة الأولى المهمة التي أود التحدث عنها هو التحذير من هذه الشركات، وأن أصحابها يلتحقون بدورات تدريبية وكورسات مكثفة لتعلم (الهف والخداع والتحايل).
الفئة التي يستهدفونها هي فئة السذج (النية)، والأغبياء والطماعين.
أكثر كلامهم متشابه، وهو أن يعزف على وترك الحساس( فقرك، مرضك، طموحك وأحلامك).
وينتا دير لافونير؟!
وينتا تتزوج؟!
أمك خاصها عمرة، دوك تموت وهي في قلبها.
ووووووو الكثير من هذا الكلام.

*************
النقطة الثانية هي فضفضة ارتجالية وتنفيس عن الغضب، والحزن، وطلب للنصح.
- صدمتي بما وجدت كانت أقل بكثير من صدمتي بالفتاة وأختها، فعادة أحسن الظن بالناس، وأتعامل بطيبة مع الجميع، خلق بعض الناس لتوزيع الأحكام المسبقة على الناس، وبالتالي تصنيفهم في خانة الأعداء أو الأشخاص غير المحببين من أول نظرة، لكنني لست من هذا النوع، فمنذ طفولتي أحب جميع الناس وجميع الألوان، وجميع الأصناف، لم يكن لدي بالمطلق تلك الأحكام المسبقة، فكل الناس بنظري طيبون ويستحقون الحب والاحترام من أول فرصة.
قريبتي تلك كانت قريبة لقلبي، ولم تر مني إلا كل خير.
الغريب أنها إختارتني أنا بالذات لأكون الضحية القادمة وما أكثر ضحاياهم.
لا أدري حقا ما الذي جذبها في شخصي حتى هيأ لها أنني إنسانة غبية بلهاء وبائسة يسهل خداعها، وبالتالي اعتبرتني فريسة سهلة ؟!
أهي طيبتي الزائدة؟!
أم إحسان ظني؟!
أم تبسمي في وجهها؟!
أم ليونة واحترام أبديهما لجميع الناس؟!
أم نظرات عيني الذابلة والتي لا تقوى على النظر المباشر أمام محدثي؟!
لا أدري حقا لماذا يمتلك الناس مظاهر توحي بالقسوة، ونظرات كفيلة بإرعابك، بينما لا أمتلك شيئا من ذلك؟!
أمنية أن أصبح تلك القوية، فهل سيتحقق هذا يوما؟!

*************
لم أشأ أن أرد على رسالتها وأخبرها برأيي الصريح حول الموضوع، فالفتاة تعمل أستاذة، وتفرق جيدا بين الحلال والحرام، لذا فإن أي فعل تقوم به سيكون غير قابل للنقاش والجدال.
إضافة أن داء الخجل منعني من مصارحتها، ناهيك عن تمثل دور الناصحة أو الواعظة.
تركت طلبها معلقا لعدة أسابيع، لأفاجأ برسائلها اللحوحة اليوم، استجمعت شجاعتي وصارحتها بحقيقة ما وجدت، وبكونه قناعة يعسر الخوض فيها.
لكنتي اكتشفت أنني لا أجيد المواجهة حتى مع الفيس بوك، كانت تمطرني بوابل من الرسائل في حين اكتفيت بسطرين يتيمين، لطالما عرفت بردودي وتعليقاتي القوية والمفحمة، لكنها بهتت أمامها، هل كان بسبب معرفتي بها، أم بسبب الخجل، أم بسبب معرفتي أنها ليست من النوع الذي يقتنع، حقيقة لا أعلم.
لكن ما أعلمه أن رسائلها مزجت بين الجرأة والوقاحة، لقد كانت تقول(ني خايفة يجي نهار وتندمي، أنا بغيتلك الخير، لا تصدقي كل ما يقال على الفيس واليوتيوب من معلومات وووو)، يا شيخة!!
الأمر كان سهلا نوعا ما على الفيس بوك، فلو التقيتها بالواقع لتلعثمت ونسيت جل ما أود قوله.
لا أدري حقا هل أنا مصابة بانفصام الشخصية، تماما كتلك الكاتبة من رواية Nim's Island
التي تزج ببطلها في مغامرات شتى، وجل رواياتها من نوع التحدي والمغامرة.
رواياتها كانت تتكلم عن الشجاعة والمغامرة والإقدام، في حين كانت الكاتبة تعاني من فوبيا الخروج من المنزل، تخاف الليل والحشرات والناس والأماكن العامة.
لست مريضة فصام ولله الحمد، لككني اكتشفت أنني مجرد ثرثارة إلكترونية، وفي الواقع كتلة خجل مبتسمة.
فنحن نكتب عن الشجاعة لأننا غير ذلك، ويكتب  البعض عن الحب لأنه غير موجود في عالمهم، ويكتب البعض عن الأمان لأنهم يفتقدونه.
بالنهاية الكاتب يكتب عن الأمور التي يفتقدها في الواقع.
ما أجمل العالم الافتراضي، وما أقبح الواقع!!
ما أجمل أسماءنا المستعارة، وتسترنا خلفها وتترسنا بها، وما أقبح حقيقتنا!!
*************
أريد عناوين كتب لتطوير الشخصية، وتكون من قبيل:
- كيف ترعب خصمك من نظرة؟!
- ‏أو كتاب كيف تجعل عينك تفيض بالحمرة ؟!
- ‏أو كتاب كيف تكسب مظهرا كمظهر سيف النار؟!
- ‏أو كيف تغضب مثل كورابيكا، وتكسب عيونا تلتهب كجمرة؟!

#شمس الهمة

الجمعة، 12 يوليو 2019

الفتاة القارئة حتما لا تجيد الطبخ!!

الفتاة القارئة حتما لا تجيد الطبخ!!
الفتاة المثقفة، القارئة، أو الكاتبة لا تجيد الطبخ!!
هذه الفكرة أصابتني بالتخمة من كثرة ترداد الشباب لها، وخصوصا أنها باتت رائجة جدا في أوساط المثقفين، فحقيقة مادفعني لكتابة هذه السطور، أنني وجدت هذا الموضوع متناقشا فيه بين طلبة الطب تحديدا.
أولا مغالطة كبيرة أن يظن شباب اليوم أن المرأة المثقفة أو الكاتبة أو القارئة لا تجيد فنون الطبخ أو فنون معاملة الزوج أو فنون العشرة الزوجية ومتطلباتها مع حماتها، أو أخوات زوجها وأقاربه.
لا أدري لم يربط الشباب بين العلم والفكر وسعة عقل المرأة بنقصانها في فن الطبخ والتدابير المنزلية والخياطة والكروشي وووو؟! حقا لا أدري من أين جاءهم هذا الربط الغريب؟!
لا أدري حقا لماذا المرأة الذكية والمثقفة القارئة أو الكاتبة بنظرهم متمردة بالضرورة، وشرسة، ولا تجيد شيئا سوى الثرثرة.
سيدي المرأة القارئة ليس مفروضا عليها أن تبسط لكم أطباقها وتعدد لكم طبخاتها وتصورها لكم على الفيس لتقتنعوا أنها طباخة ماهرة، وتنفع لتكون أما وزوجة وربة بيت ممتازة.
المرأة فطريا وغزيريا تميل إلى الطبخ والمطبخ والتزين والتطيب والحلي والجواهر( أو من ينشأ في الحلية، وهو في الخصام غير مبين)
فتراها وهي طفلة صغيرة تطعم دميتها، دبدوبها وعرائسها، وتزين لهم البيت وتضع له ديكورا ولمسة خاصة بها.
والمرأة القارئة أو المثقفة ليست بدعا من النساء حتى لا تتعلم الطبخ أو غيره، وثقافتها تدفعها دفعا للتميز في هذا المجال لأنها تقرأ بالضرورة عن سيكولوحية الرجل وأن الأكل باب من الأبواب لخطف قلبه ونيل مرضاته.
وقبل ذلك هي تدرك أن تعلمها الطبخ هو جزء يسير لبر والديها وإسعاد أمها وأبيها، حتى أنني صادقت فتاة على الفيس بوك وتحدثنا عن موضوع العجن والخبز، فقالت أنها تعجن يوميا لأن والديها يضعان (طقم الأسنان) والخبز الذي يشترى من السوق يؤذيهما، لذا فإنها تدرس بالجامعة وتعجن يوميا شفقة وبرا بهما، وكم أثر موقفها ذاك في أيما تأثير، وحزنت أن الفتاة الجزائرية متهمة دوما ومن بين تلك الأحكام المسبقة أنها لا تجيد الطبخ، كم أحزن حقا للتعميم الجائر، وتلك الأحكام السطحية.
وسأضيف أن المرأة القارئة والمثقفة والذكية متميزة بالضرورة وتحب التميز في عدة فنون ولعلها تتفوق على كثيرات ممن عقلهن محدود ولم يقرأن كتابا بحياتهن، ولعل المثقفة تحرص أيما حرص على تعلم فن الطبخ الصحي، لحماية زوجها وأطفالها من مخاطر الأكل السريع والمعلب، بصفة لا تدركها ولا تعيها أخريات ممن يخيل اليكم أنهن خلقن للبيت والزوج فقط.
فقد تقرأ كتب ابن النفيس، وتجيد تحضير الرفيس.
وقد تقرأ كتبا لدوستويفسكي وتجيد معها تحضير الكسكسي.
ببساطة لا متناهية قد تنهي قراءة سيرة أبو منصور الحاجب وتذهب بعدها لتعد المحاجب.
هي قادرة على إنهاء الإخوة كامارازوف، وبعدها تنتقل لإعداد البوزلوف.
بإمكانها إن كانت مهندسة أن تصمم مبنى على طريقة زها حديد، وبذات الوقت تعد أطباقا من قناة أم وليد.
بإمكانها ببساطة التهام كتب ابراهيم السكران، لتقوم من فورها لتعد البرزڨان.
أنا أؤمن أن القراءة والتثقيف للفتاة، هو أهم ألف مرة من تعلمها للجلي والطبخ وكيف تدقّ الثوم بطريقة عصرية حسب قناة فتافيت، لكن مهما وصل درجة العلم و التعلم عند الجنسين (الرجل و المرأة)تبقى الأدوار الفطرية هي أدوارهما في الحياة..
إن المرأة المثقفة تدرك مع الوقت، أن جزءا من كونها أنثى كاملة هو العناية بأهل بيتها لأنه تعبير عن حبها لهم
***********
هذا أولا.
أما عن الطبخ والأكل وثقافة البطون، وهذه الفكرة التي تمجد هذا الأمر وتعطيه الأولوية على الدين والفكر والعقل، فهذا برأيي قصور في الفكر، وضعف في الهمة، لدى شبابنا المعاصر المتدينين منهم و العوام لأنني وجدت الفكرة رائجة بشكل فضيع.
أولوية الأولويات يا سيدي هو خلق المرأة ودينها وسعة عقلها وتعدد مداركها وكثرة مطالعاتها.
فإن ظفر المسلم بهكذا امرأة وجعل هذه الأمور من أولوياته ضمن خط حياة مستقيم يبتدئ في الحياة الدنيا بمودة وسكينة وتفاهم، فإنجاب ذرية مستقيمة، ولعل الأخطر أنه يحدد نهايتك ومآلك في الحياة الآخرة.
الزواج يا سيدي لم يجعل للأكل والإنجاب وإلا فهذا تزاوج ولم يحقق معنى كلمة زواج.
هو تزاوج كما تتزاوج الأنعام، وكل الكائنات، فأكل ونوم وشرب.
ثم هل سمعنا قط عن أحد من السلف سأل مخطوبته أو أهلها هل تجيد الطبخ والنفخ والأكلة الفلانية والوصفة العلانية؟!
هل تعلم يا سيدي أن أمنا عائشة رضي الله عنها، كانت تعجن العجين وتنام جنبه؟!
فقد ثبت في حادثة الإفك أن الرسول صلى الله عليه وسلم سأل خادمة السيدة عائشة عن أخلاقها فقال:
"أي بريرة، هل رأيت من شيء يريبك من عائشة؟" فقالت بريرة: والذي بعثك بالحق، إن ما رأيت عليها أمرًا قط أغمضه عليها أكثر من أنها جارية حديثة السن تنام عن عجين أهلها، فتأتي الداجن (الدواجن) فتأكله.
وهل تعرف يا سيدي أن أسماء بنت أبي بكر تزوجت بالزبير واشتغلت بسياسة فرسه، وسقي الماء، والخرز والعجن، ولكنها لم تحسن الخبز، وكانت لها جارات من الأنصار يخبزن لها، وكن نسوة صدق.
صدقا أصبحنا أمة الأكل والنوم، وما يؤيد هذا كتاب چينيس للأرقام القياسية الشاهد على منجزاتنا التي اختزلناها في حجم أطباقنا، فمن أكبر صحن كبسة إلى أكبر حبة كبة إلى..........والقائمة طويلة.
ولعل هذه المقولة تلخص الأمر وتشرحه:
((الإنسان نصفان ، نصف أعلى ونصف أسفل ، النصف الأعلى فيه العقل والقلب (العلم والإيمان) والنصف الأدنى فيه البطن والفرْج (الشهوات) ... فإن تحرّك النصف الأعلى هدأ النصف الأسفل، وإن اشتغل النصف الأدنى تعطّل النصف الأعلى !
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شيخنا عبد الرحمن السنوسي حفظه الله نقلًا عن شيخه
عبد الرّزاق عفيفي رحمه الله
*****************
ولعلي أذكر في الأخير أن الشباب الجزائري يحب المرأة الذكية والمثقفة، لكنه لا يقترب منها ولا يتزوجها.
إنه لا يريد مواصفات زوجة، إنه يريد مواصفات تنطبق على نعجة، فيتزوج أخونا فإذا به يجد بدل النعجة كبشا أقرنا.
فلا هو حظي بالمودة والسكينة، ولا بالأطفال النجباء الفاتحين، ولا بالأكلة الطيبة الهنيئة المريئة.
بقلمي شمس الهمة

العيد

 تلك اللحظات الحرجة قبيل يوم العيد، ذلك التعب، والضغط، تلك الأمور التي أنجزت نصفها والنصف الآخر ينتظر منك اتمامه حالا، ذلك التوتر، وتلك الأع...