شعبة آداب:
قال لنا أستاذ العلوم الطبيعية عن يومياته في الثانوية والجامعة بحسرة، أنه درس البيولوجيا، ولم يؤهله معدله لدراسة الطب رغم تفوقه واجتهاده قائلا:
" يتم اختيارنا على أساس المعدل الجيد، حيث تتم غربلة طلاب المتوسط ويميز الرديء من الجيد، فيبعث أصحاب المعدلات المتفوقة قسرا أو اختيارا الى شعبة العلوم، بينما يتبقى أصحاب المعدلات الضعيفة ليصنفوا جبرا ضمن شعبة الآداب، ولا يكون بينهم إلا متفوق أو اثنان كأقل تقدير.
في الثانوية، كنا نحن طلبة العلوم النوابغ، الأكثر تخلقا، وأدبا، الأحسن هنداما، حتى أقسامنا كانت الأنظف.
كان منهاجنا مكثفا وساعات الراحة نادرة، ندرس كل المواد بما فيها الأدبية بإسهاب.
ليس لنا وقت للهو أو اللعب أو إثارة المشكلات، فجل وقتنا للدراسة والجد والاجتهاد.
أما الأدبيون فحدث ولا حرج، أقسامهم متسخة مغبرة، فوضى عارمة، ساعات دراسة قليلة، قلة احترام للأساتذة، منهاج مخفف، ومواد أقل بكثير من الشعبة العلمية.
طلاب الآداب أشكالهم وتسريحاتهم غريبة، كثيرو المشاكل، يصاحبون الفتيات، يدخنون السجائر، وهلم جرا..
في الجامعة :
يقول أستاذي، كنا نخرج من فصل البيولوجيا منهكين من كثرة المعادلات، والكيمياء والفيزياء والرياضيات، حتى أنا لا نقوى على التحدث لبعضنا، والرأس يكاد ينفجر من كثرة التلقي.
أما طلبة شعبة الآداب، فيستطرد أستاذي قائلا :كنا إذا توجهنا الى المطعم، نكون متعبين، أما هم "الأدبيون" فهائجون، ولكم أن تتخيلوا المشكلات، فهذا يسب ذاك بدون سبب، وآخر يطلب من القائم على "الريسطو" مضاعفة الوجبات، ومعارك بالسكاكين، ومختلف الأسلحة البيضاء!!
"كنا نسميهم آنذاك :الثيران الاسبانية الهائجة"
*********
وأتذكر في هذا المعرض صورة فيسبوكية تقول:
اذا جبت الباك بمعدل:15_17 يعطوك طبيب
واذا جبت 13_14 يعطوك أستاذ يتقاضى أكثر من الطبيب
واذا جبت 11_12 يعطوك علوم سياسية تحكم في الاستاذ والطبيب
واذا جبت 10 يعطوك إمام تفتيلهم كامل
واذا ماجبتش الباك تولي رئيس جمهورية تحكم في الجزائر كومبلي..
هذه هي كرة التحطيم في الجزائر!!
"هذا زمن الشقلبة اذا رأيت أناسا تركوا المشي على أرجلهم، ويمشون على أيديهم فلا تستغرب، أولئك يحاولون التأقلم!!
********
لهذا صرنا نرى اليوم من هؤلاء الخريجين، الصحفي الفاشل والفيلسوف الملحد، والإمام الجاهل.
يدرس بشعبة الآداب ثم تراه يتفلسف لدرجة الإلحاد، وهو لا يفقه شيئا من الفلسفة !!!
أو يدرس ثلاث سنوات شريعة، ويأتي ليقولك يجوز ولايجوز!!!
من هنا فقط، نعرف كيف نبغت الصحافة الصفراء، غير الملمة حتى بأبسط قواعد اللغة العربية!!!
يجب أن يرجع الاعتبار لشعبة الآداب، فهي التي تُكَوِنُ القادة، وتصنع الدعاة، لكنها سياسة متعمدة تحاك على الأدب والشرع حتى لا تقوم لنا قائمة.
أتذكر كلام سلال حين قال: الناس يهتموا بالرياضيات واحنا نهتموا غير بالشعر!!
*******
بغض النظر عن صحة وجهة نظر أستاذي، إلا أن الموضوع يستحق فعلا أن نلتفت إليه قليلا، فهو يعكس خلفية فكرية مختلة وغير متوازنة سواء المتمثلة بالسياسة الفاشلة للمنظومة التربوية، أو تلك النظرة الدونية للمجتمع حيث تجد الآباء والأمهات يأنفون دوما من الفروع الإنسانية ويلهثون خلف الفروع التكنولوجية والتقنية، وأول ما يشب الشاب يدفعونه إليهما.
العلوم الإنسانية و علوم النفس و الفلسفة و العلوم الإقتصادية و العلوم السياسية هي العلوم المهملة التي تستطيع أن تنهض بأمتنا.
فلماذا نحتقر شعبة الآداب والعلوم الشرعية والإنسانية، بينما لا نفتأ نزاحم محبي العلو على نخبوية مجوفة على حرف الدال ذاك؟!
#بقلمي:#شمس_الهمة
محمد رفيق يجب تغيير نظام النجاح في الامتحانات لمرحلة المتوسط و رفع معدل القبول الى 12 و ارسال كل الضعفاء الى التكوين المهني . المجال الحرفي مهمل ايضا و هذا بسبب امتلاء الثانويات بتلاميذ لا فائدة منهم فيها.
********٪
ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻲ ﻓﻲ ﺩﻭﻝ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻳﺆﺩﻱ ﺍﻟى ﻣﻔﺎﺭﻗﺎﺕ ﻣﺪﻫﺸﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﺮﻳﺠﻴﻦ !!
ﻓﻄﻼﺏ ﺍﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍلأولى ﻣﻦ ﺍلأﺫﻛﻴﺎﺀ ﻳﺬﻫﺒﻮﻥ إﻟﻲ ﻛﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﻄﺐ ﻭﺍﻟﻬﻨﺪﺳﺔ ..
ﻭﺧﺮﻳﺠﻮ ﺍﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻳﺬﻫﺒﻮﻥ ﺍﻟﻲ ﻛﻠﻴﺎﺕ ﺍﻵﺩﺍﺏ ﻭ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ والإدارة .. ﻭﺑﺬﻟﻚ ﻳﺪﻳﺮﻭﻥ ﺷﺆﻭﻥ ﺧﺮﻳﺠﻲ ﺍﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍلأولى..
ﻭﺧﺮﻳﺠﻮ ﺍﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻳﺼﺒﺤﻮﻥ ﺳﺎﺳﺔ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﻭ ﻳﺤﻜﻤﻮﻥ ﺧﺮﻳﺠﻲ ﺍﻟﺪﺭﺟﺘﻴﻦ ﺍلأولى ﻭ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ..
البقية ﻳﻠﺘﺤﻘﻮﻥ ﺑﺎﻟﺠﻴﺶ ﻭ ﻳﺘﺤﻜﻤﻮﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺎﺳﺔ , ﻳﻄﻴﺤﻮﻥ ﺑﻬﻢ ﻣﻦ ﻣﻮﺍﻗﻌﻬم أﻭ ﻳﻘﺘﻠﻮﻧﻬﻢ ﺇﻥ أﺭﺍﺩﻭﺍ ..
أﻣﺎ ﺍﻟﻤﺪﻫﺶ ﺣﻘﺎً ﻓﻬﻮ أﻥ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻟﻢ ﻳﺪﺧﻠﻮﺍ ﺍﻟﻤﺪﺍﺭﺱ ﺃﺻﻼ ﻳﺼﺒﺤﻮﻥ ﺷﻴﻮﺧﺎً ﻳﺄﺗﻤﺮ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﺑﺄﻣﺮﻫﻢ
******
من المؤسف في حاضرنا اليوم -وكلنا ضعيف- أن الذكي الفطن يُذهَب إلى غير العلم الشرعي، والذي يكون على نقص أو بلاهة، هذا يُخرَج إلى طلب العلم، فذاك الذكي الحصيف النبيه يُصرَف إلى غيره، وهذا يُصرف إلى طلب العلم، وهذه بليّلة متلبّسون بها وواقعون فيها.
الشيخ عبدالفتاح أبو غدة،بتصرف يسير (لؤي)
عُهد إلي في أحد الفصول الدراسية تدريس مادة الحديث من كتاب سبل السلام للصنعاني....إنهم طلاب لم يجدوا مكانًا لهم في كليات الجامعة فسجلوا في قسم الدراسات الإسلامية، بل صرحوا بذلك، فقد قلت لهم مرة لما ضجرت من عدم فهمهم وعدم تجاوبهم: ما الذي أتى بكم إلى هذا القسم؟ فما راعني إلا أن قالوا: لم نجد مكانًا في الجامعة إلا في هذا القسم"
(رحلتي في التعليم والإعلام، محمد بن موسى الشريف، مركز إبصار للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى: 1438هـ-2017م، ص43، 44.)